المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقابلة ناصر الكفيف العجمي - القبس


الأديب
08-11-2008, 12:00 PM
القبس 15/08/2008
ناصر الكفيف: جدّي وضع الدبس في الماء ليسقي المحاربين


http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2008/08/15/c4578852-855e-47aa-b78b-7d756e1a40a3_main.jpg

•• الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، الا ان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة ••

في مستهل لقائنا مع ناصر عبدالله الكفيف العجمي قال:
سُمي جدنا بالكفيف لأنه اصيب بمرض الجدري عام 1932 الذي انتشر كوباء، وقدرت ضحاياه بأكثر من ثلاثة آلاف شخص، ضرب الجدري بعيني جدي ففقد البصر وأصبح كفيفا لا يرى بعد ان اجتاح المدينة داخل السور مخترقا اسوارها الخارجية، وقد سمى الكويتيون تلك السنة «بسنة الجدري» لكثرة الوفيات والاصابات، وأكثر الذين اصيبوا خارج السور هم اهل الصبيحية.

وقال: ولدت بالعريفجان وهو موضع غني بالآبار والمزارع ولكثرة العرفج سمي الموضع بهذا الاسم.

وذكر موقف والده سنة الجهراء في عام 1920 كان يسقي الشيخ سالم بن المبارك الصباح حاكم البلاد من فبراير 1917 الى ان توفي في 1921: كان قائدا وفارسا شجاعا قاد معركة الجهراء وحقق الانتصار بماء البئر ولما علم انه مالح ولا يصلح للشرب، كان يمرس التمر ويضع دبسه فيه حتى يحلى وتخف ملوحته، ويبدأ الشيخ بشر به ومعه الشيخ عبدالله الجابر الصباح.

وأضاف: كان والدي رحمه يسقي المحاربين الذين عند المزاغيل جمع «مزغل» وهو ثقب في اعلى القصر يستحدث لغرض دفاعي، حيث تدخل فيه فوهة المدفع او البندقية. والدي لم يعمل في الدوائر الحكومية انما قضى حياته بين الحلال (الماشية والابل) يتنقل في براري الكويت من برقان الى وارة وعريفجان، وكل العدان والظهر والشعيبة.

وقال: انا من بعده استورثت الحلال وانتقلت من شمال الكويت الى جنوبها مرات طوال العام بحثا عن الاعشاب والمياه، في اي بقعة نجدها نحط رحالنا، وكانت الذئاب تهاب من البدوي، فإذا لم يجد الماء حضر 10 امتار ليحصل عليه، والبدوي حضر الارض من العبدلي الى الوفرة فأصبحت هذه الاراضي غنية بالآبار، وحلالنا لا يعرف العطش ولا الضباع، البدوي يعرف الارض وموقعها واسمها من نباتها لكل بقعة نبتة مشهورة فيها، وحتى الليل نعرف مواقعنا بالنجوم نستدل الى توجهاتنا ومسيرنا، خصوصا بنجمة السهيل التي نضعها امام اعيننا ونسير حتى نصل الى حلالنا، حياتنا بين الاعشاب وراحة البال، وغذاء طبيعي طازج ومعرفة النجوم، نضع الجدي على حاجبنا اليمنى نصل الى خيامنا في حالة الضياع، ومع اتجاه الريح نعرف اين نحن، وحتى مواقيت الصلاة نعرفها بدقة تامة اكثر من الاذان، بالشمس وظلنا وخطواتنا نعرف الظهر من العصر، واتجاه القبلة بكومة الرمل واتجاه الرياح الشمالية تكون الكومة ورمالها جهة الجنوب والعكس نعرف الشروق والغروب والقبلة، هذا علم البدوي في البراري بالفطرة ووراثة الآباء والاجداد.


أماكن كويتية
قال كفيف: أنت الآن يا جاسم جالس تحت بيت الشعر في منطقة «أم نقا» شمال البلاد في الطريق الى البصرة، وسميت بهذا الاسم لنقاء جوها، وعلى الرغم من أنها لا تخلو من الرمال والكثبان فإنها نقية، وها نحن البدو اصحاب الحلال نعيش على هذه الرمال الكثيفة وبين الاعشاب.

وأشار الى جهة الشمال قائلا: أمامك يا جاسم منطقة «بحيث» وهي عبارة عن مجموعة من الآبار تبعد سبعة كيلو مترات عن الحدود العراقية.. آبار البحيث كانت موردا للمخكرة وهم رعاة من بدو العراق كانوا يجلبون الاحطاب والالبان، وحتى المسافرين من الزبير والبصرة يمرون بهذه الأرض، وانت الآن قبالة جزيرة وربة وآبارها صالحة للشرب، وسميت بذلك لسهولة البحث عن الماء فيها، وكنا نقول لا داعي للبحث ولا تسأل فتجد الماء مكتشفا أمامك.

وقال: انا منذ عام 1962 في هذه المنطقة بين ام نقا والبحيث مع الابل، بدأت بناقة بيضاء اشتريتها بـ 25 دينارا والرزق علي الله تعالى تكاثرت، وفي الربيع «ننطنخ» أي في افضل حالتنا مع الإبل الأنثى، وانا تأبلت أي اتخذت واقتنيت، وانا ايضا من الجمل من الذكور، والجمل كلمة اصلها (الجميل) أي الشحم المذاب، ودائما نقول «استجمل البعير» أي صار جملا وحتى كلمة البعير تقال للجمل والناقة، ولا نتنازل عن البعير، لأنه أثر تأثيرا في حياة الانسان العربي وتاريخه خاصة البدو منه حصلنا على اللحم والألبان والأوبار.

وأضاف: ومن الاماكن الكويتية التي عشت فيها أم العيش فيها خبرة غنية بالماء وفيها أناس يقدمون ويضيفون الرحالة والكشاته والرعاة بالعيش (الرز) فسميت ام العيش، ومن الاماكن التي عرفتها «الحنابية» موضع آبار في شمال الكويت في الطريق الى البصرة، ومنطقة «الزقلة» أيضا بالشمال تتجمع فيها المياه والعشب الذي يصلح لرعي الابل.


ألعاب البر
وتحدث الكفيف عن احب ذكرياته التي قضاها مع الالعاب المتعددة الي كانت تناسب الكبير والصغير البنت وولد منها: لعبة أعظيم ساري التي جمعت الصبيان، ويلقي أحدهم في ليلة مظلمة عظمة صغيرة من عظام النعجة، والكل يتفرق للبحث عنها والجميع يركضون للفوز بها.

وذكر لعبة الهول التي تحتاج الي مجهود واسع وساحة كبيرة. وينقسم اللاعبون الى قسمين وتبدأ الدقشة (أي الهجوم) والفائز الذي يصل الهدف يصبح «هول».

وقال: لا ملا ولا مطوع ولا مدرسة كل ما تعلمناه هو مع البعارين، وفي الليل نجتمع في بيت الشعر المقسوم الى نصفين يسمى «قاطع» جزء للرجال والآخر للنساء.


أنواع الإبل
وقال الكفيف: الإبل العربية متشابهة في أشكالها وألوانها، ولكن تقسمت تبعا للقبائل التي تربيها او تقتنيها، فهناك إبل للركوب تمتاز بخفة وزنها وكبر صدرها وصغر سنامها، ونوع آخر من الإبل ذات الأرجل القصيرة ورأس كبير، هذه الابل تستخدم في نقل الأمتعة، وللحراثة واستخراج المياه من الآبار.

وإبل السباق (الهجن) تمتاز برشاقة الجسم وخفة الوزن وسرعة الحركة، وهناك نوع يسمى العربي، وآخر يسمى الرشايدي، ويوجد في السودان نوع يسمى المجاهيم وتتميز هذه الابل بلونها الأسود، وتنتشر في بادية نجد ومشهورة بإنتاجها العالي من اللبن.

وذكر ان فصل الصيف يقل عدد الابل عندها في الكويت وفي فصل الربيع يزداد، والجودية من الابل التي تتواجد دائما قرب مصادر المياه، وهي سهلة الرعي والخوار هي صبّورة على الظمأ لونها الأحمر الخفيف، واللون الأبيض تسمى (المغاتير) لها انتاج من اللبن أعلى من كل الإبل.

وقال: أفضل الأنواع «وضحا» وهي ناقة بيضاء سعرها الآن حوالي 80000 دينار، وبعضها في المملكة العربية السعودية يصل سعرها إلى 240000 دينار، وأنا اعتبر المشتري اذا اختار الناقة البيضاء الجميلة كأنه خطب بنتا جميلة مزيونة بين بنات الفريج، هذه البيضاء لو ضاعت أو بعتها ترجع إلى مرباها وأرضها حتى لو بعد سنوات تعتبر وفية مخلصة لأرضها وصاحبها.

وقال: أنا اشتريت ناقة «وضحا» أصلها عراقية من منطقة الظفير وضاعت مني ودخلت العراق وبعد البحث عنها وجدتها في مرباها، في منطقة أم نقا فقدت واحدة من النوق ووجدتها في الناصرية عند مربيها الاصلي بواسطة دليل يعرف أقلام الابل واثرها.


وسم على الرقبة
وذكر العلامة التي توضع على رقاب الابل، ولكل صاحب ابل له علامة تسمى «الوسم» توضع الوسمة بالكي بعد ان يصنعها الحداد. قال: أنا وسمي علامة + وهلال، ولا يستطيع أحد ان يغير الوسم، فيعتبر ماركة لصاحبه.


الوبر للعباءات.. والخيام
وعن استخدامات الوبر، قال: يستخدم في صنع الملابس والاغطية، ونسج العباءات، ويخلط وبر الجمل مع شعر الماعز لصناعة الخيام، وفي صناعة العقل والشمائل وبعض المنسوجات اليدوية، وأجود أنواع الوبر هو من الابل الصغيرة لنعومته، وكلما كبرت الابل ازدادت خشونة الوبر، والحزي (الكيس) أفضل أنواعه من الوبر، وجلد الجمل تصنع منه قرب للماء، وقلات لحفظ التمر، والقلة الحضرية داخل السور تصنع من جريد النخل.


اللحم في الصومال والسودان
واضاف: كنا في الماضي نعتمد على لحوم الابل، وفي السنوات الأخيرة تناقصت أهمية هذه اللحوم بسبب عزوف مربي الابل عن تربيتها، ولكن الصومال والسودان هما إلى الآن اللذان يصدران لحوم الابل.

وقال الكفيف: ما زلنا نأكل لحم الحاشي وعمره سنتان ويعتبر من ألذها واطيبها وأقواها غذاء، وأمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالوضوء بعد اكله، ولحمه خال من الكوليسترول، واذا بلغ سن الابل ما بين 4 و5 سنوات يكون اللحم مقبولا، ونحن في الكويت نفضل ما بين 4 و 6 أشهر، وان معدل الابل في تناقص مستمر نتيجة الاستفادة من لحمه في هذه الأعمار القصيرة، لذا علينا بذبح الابل الكبيرة في السن.

وذكر الكفيف ان صفات لحم الابل تمتاز بمحتوى عالٍ من الماء، ودهن الأبيض، ولونه أحمر إلى بني، ولحوم الابل شبيهة بلحوم الأبقار، وكما قال لنا أحد الابناء وهو متخصص في التغذية انها تحتوي على 75% من البروتين، ومن أكلها لا يولد له داء، وعليك بالحاشي يكون وزنه 177 كيلو غراماً أو الصغير الذي يبلغ وزنه 120 كيلو غراماً.


بول الناقة
ومن خلال تجربته مع الابل، قال: مريض نعرفه اقترض للعلاج في لندن مبلغاً من المال من عبدالله الدبوس (ابو سليمان)، وبعد أشهر قالوا له لا علاج لك عندنا، رجعوا به الينا في البر، فطلبت منه ان يشرب بول «وزر» الناقة مرات مع اضافة حليبها إليه فشفي من المرض الخبيث، واتذكر اسمه عبدالله معجب العويد، وكانت البدوية تغسل شعرها ببول الناقة حتى وصل طوله أكثر من متر، وهو علاج للاسهال ولمجاري البول نحن في البراري لا نعرف الشامبو ولا الصابون، غير بول الناقة، ونبات الشنان بطبخه وطحنه صابون للملابس، والجعده والشيح وبهذران واذا كسر أي جزء من عظامنا ذهبنا إلى المجبر (الطبيب الشعبي) عبدالعالي العتيبي كان أفضل من الاميركاني، والآن ابنه موجود في العنيزة يداوي المرضى.