عنك
25-07-2009, 04:36 AM
ولدت في حي الشرق بفريج المطبة عام 1927 وبيت العائلة كان من 13 غرفة إحداها «دار الچيل»
حمد الحقان: عملت تباباً مع جدي وعندما عثر على الدانة حصلت على 10 روبيات من التاجر الذي اشتراها
http://www.kuwait-history.net/vb/up/uploads/24848553120090725.jpg
انتقلنا إلى قرية الفنطاس القديمة منذ صغري وعملت بالزراعة وعشت في البيوت الطينية وكانت حياة جميلة
في سنة الهدامة الأولى عام 1934 شاهدت الأمطار الغزيرة وعندما بدأ بيتنا يتساقط طلب منا جدي أن نذهب إلى عمارة ملا حسين لشراء الجندل والباريه
ضللت الطريق في الصحراء عندما كنت أنقل الخضار بالوانيت من مزارع الفنطاس لتوصيله إلى الكويت لأن الطرق كانت ترابية وغير محددة
والدي كان مسؤولاً عن توزيع التموين في الفنطاس القديمة وموقع بيتنا فيها كان محل ديوانية الصيادين
أنا المواطن الكويتي الوحيد الذي يجلس في دكانه حتى الآن وقد أسسته بـ 1000 روبية أعطاني إياها مزعل الصلال
زرعنا الخضراوات بجميع أنواعها وكنا نحفر الآبار ونطويها بالصخر من قاعدتها حتى لا تنهار الرمال بداخلها فتسدها
الفنطاس القديمة كانت قرية ساحلية جنوب الكويت، وكان هذا الساحل يعرف بالقصور، مجموعة من العائلات الكويتية سكنوا هذه القرى الممتدة من الفنطاس حتى قرية الشعيبة القديمة، وشتان الفرق بين الفنطاس ذات البيوت الطينية القديمة والفنطاس المدينة الحديثة ذات العمارات والڤلل، فقد تطورت المنطقة تطورا كبيرا مع بداية النهضة الحديثة، ومن العائلات الكويتية القديمة التي سكنت الفنطاس عائلة الحقان التي انتقلت اليها من سكنها وبيوتها في مدينة الكويت منذ سنوات عدة قبل اكتشاف النفط. وبنى آل الحقان بيوتهم في الفنطاس وأسسوا فيها المزارع، وحفروا فيها الآبار والعيون ذات الماء العذب، ويروي لنا العم حمد سعد الحقان ما شاهده في قرية الفنطاس من مزارع وآبار، وكذلك الاعمال التي كان يزاولها السكان في ذلك الزمن، بدأ العم حمد الحقان حياته تبابا مع والده واعمامه نواخذة الغوص، وكانوا اصحاب سفن يغوصون بها في الهيران للبحث عن اللؤلؤ، الحصابي والدانات. وبعد العمل في البحر اشتغل بالزراعة في مزارع العائلة مع والده واخوانه في الفنطاس، كما كان يقوم بنقل الخضار بواسطة اللوري والوانيت الى سوق الكويت، وهو يحدثنا عن الليلة التي تاه خلالها في الصحراء وهو يحمل الخضار وعن الرجل الذي كان بجانبه في تلك الليلة. والده واعمامه من نواخذة الغوص وملاك السفن وقد حدثنا العم حمد الحقان عن الدانة التي حصل عليها عمه والعشر روبيات التي حصل عليها هو. ومن هو التاجر البحريني الذي اشترى تلك الدانة، سوالف من الماضي وقصص وحكايات طريفة يرويها لنا العم حمد سعد محمد الحقان، وهو المواطن الكويتي الوحيد الذي يدير دكانه في الفنطاس حتى الآن فإلى التفاصيل:
يقول العم حمد سعد محمد الحقان ولدت في الكويت بالحي الشرقي بفريج المطبة وذلك عام 1927، ومنطقة المطبة سكن قديم للكويتيين وقد سكنها القلاليف ومجموعة من الخياطين وعائلات كويتية اخرى، واذكر منها عبدالوهاب القطامي وعائلة العسق وعائلة بن دوخي والرشدان وعبدالرحمن الخراز وعائلة المسبحي والحلابيج.
والمطبة كان فيها مجموعة دكاكين تقريبا عشرة دكاكين واذكر مبارك الهدهود وابراهيم بهبود ومحمد مدوه وعندهم جالبوت كبيرة للغوص والبحث عن اللؤلؤ.
وفي براحة المطبة كنت ألعب مع الزملاء وابناء الفريج الألعاب الشعبية ياما حلت محلول والهول والتيلة، واذكر ممن كنت ألعب معهم ابناء المجيبل والمنصور وابناء الخراز وابناء النصف سعود ومحمود والشاوي ابورجا العتيبي وأولاده سالم ومحمد، والشاوي مجموعة اغنام يسرح بها رجل متخصص منذ الصباح ويعود مساء.
وكل بيت كان فيه ماعز (السخلة) أو نعجة وأذكر ان عائلتنا كان تودع عددا من الماعز عند أحد الرعاة الا انه باعهم لواحد من سكان الميدان الشرقي وسلمهم للشاوي، وفي السنة الثانية الأهل فوجئوا بالماعز تدخل عليهم في البيت فتعجبوا من ذلك، وبيت العائلة في المطبة يتكون من ثلاث عشرة غرفة، وكان باسم الاخوان محمد وعبدالله واحمد الحقان.
ايام الغوص اذا ذهب الرجال للغوص تبقى النساء وكبار السن فكان جدي محمد يعطي جدتي مبلغا للصرف على البيت، وكانت المرأة مسؤولة عن البيت واول الموسم جدي كان يشتري العيش والسكر والشاي والدهن العداني والمواد الغذائية، وكانت لهذه المواد غرفة خاصة تحفظ فيها نسميها «دار الچيل».
واذكر طبخ الروبيان ويفرشون الحصير والمنقور وينشرون الروبيان حتى يجف وينشف وبعد ذلك يقشر ويوضع في اليجلة والقواطي، وكان جدي قبل الذهاب الى الغوص يجهز البيت بالمواد الغذائية.
والجدة كانت تشرف على البيت وكل يوم اثنتان من زوجات الاولاد تتوليان عملية الطبخ والتنظيف وخبز الرقاق وكان عندنا «تنور» واحدى اخوات جدي محمد من امه كانت تخبز فيه اسمها هيلة (أم محبوب).
وبعد ان انكسر الغوص وتقاسم الاخوان كل واحد اخذ حصته وذهب كل منهم بسفينته الصغيرة الى الغوص، وباعوا السنابيك الكبيرة ومما اذكر عندما كنت تبابا صنعوا سفينة سنبوك للغوص اسمها «ابوحنيك»، النوخذة عبدالله الحقان وحصل على حصباه من هير «عويرضات» وكانوا ايضا يذهبون للهيرات القريبة وايضا هير البلداني، واحد المواطنين قال ان «البلداني» للحقان لو اعطوهم ورقة فيه فالنواخذة من عائلة الحقان كانوا دائما يغوصون في هير البلداني وهناك هيرات تابعة للبلداني ومنها هير قمرة وعارض يوسف وجلب وساقة العودة، وساقة العارض والخواليف في البلداني وحزاز، جميعها تابعة للبلداني وكان النوخذة عبدالله الحقان في السنبوك ابوحنيك عندما حصلوا على «الدانة».
في تلك السنة كنت اول مرة تبابا، ووقتها علم اهل البحرين الطواويش بالدانة، مثل ابناء السو والزياني والقصيبي، واذكر الذي اشترى الدانة اعطى لكل تباب عشر روبيات وكان عددنا اثنين انا وجاسم بالسنبوك وسالم وخالي مبارك كانوا تبابة في مطيران عائلة الحقان يملكون سفنا للغوص.
ابوحنيك ومطيران، وجالبوت اسمها بنت الحصان واذا انتهى الموسم يسحبون هذه السفن الى الارض اليابسة مقابل ديوان العسعوسي في الشرق، ما عدا «الشرع» يخزنونها في البيت ويوم رفع هذه السفن يطبخون ويعملون عزيمة للجميع.
ويكمل العم حمد الحقان: عملت تبابا ثلاث سنوات وبعد ذلك انكسر الغوص عام 1936 وعمي سلمان توفي اثناء رحلة قنص، فقالت جدتي رحمها الله لا اريد ان اسكن في هذا البيت فخرجنا نحن عائلة الحقان الى الفنطاس منذ عام 1937 واستقر بنا الحال فيها واتخذناها سكنا دائما، طبعا كنا نذهب الى الفنطاس قبل ذلك ولنا فيها مزارع قديمة.
قرية الفنطاس
ويكمل العم حمد الحقان: والدي محمد مكث في بيت شرق، اما نحن فسكنا في الفنطاس حسب رغبة جدتي في بيوتنا القديمة، مع اعمامي، وايام التموين اثناء الحرب العالمية الثانية عين ابوي محمد الحقان اميرا على الفنطاس ومسؤولا عن توزيع التموين على اهل الفنطاس وعريب دار الذين يحضرون عندنا واذكر انهم كانوا «ينوخون» جمالهم في البراحة، وقد رفع والدي علم الكويت على ديوانيته، وكان موقعها قرب ساحل البحر حاليا ديوانية الصيادين والبيت خلفها واستقرت الاسرة في الفنطاس، مع من فيها من سكان.
عائلة الحقان باعوا بيت شرق جدي عبدالله وعمي احمد وبعدهم جدي محمد باع البيت واشترى بيت خزام في المرقاب وعمي عبدالله اشترى بيت ابوسطيح في براحة الماص.
عمي احمد بعد ذلك اشترى بيتا في الفنطاس وسكن معنا، مزارعنا القديمة دفنت بسبب العوامل الجوية وهي مزارع قديمة واشتراها المرحوم احمد الاستاد.
بيت الحقان الموجود بالشرق تحول إلى مدرسة النجاح بعدما اشتراه حجي أحمد الاستاذ وراشد الحقان أخبرني ان المخطط في البلدية يوجد فيه اسم مقبرة الحقان في الشرق نسبة لعائلة الحقان الكبيرة. ونعود للفنطاس، حيث المزرعة الكبيرة التي كان فيها عين ماء واحدة جنوبا والثانية شمالا.
أما المزارع الأخيرة في المهبولة فقد حفرنا فيها عين ماء ومع بداية انتشار المكائن وضعنا عليها ماكينتين لسحب الماء، ومعي أخي وخدام يساعدانني، وزرعنا الخضراوات بجميع انواعها وكانت عندي سيارة وانيت نجمع الخضراوات وأضعها في الوانيت وبعد صلاة الفجر اتحرك من الفنطاس إلى سوق الكويت وقد تعلمت قيادة السيارة مع محمد ناصر الحمدان ومما اذكر في البداية كنت أذهب معه لنقل السمك وكنت أقود السيارة واذكر أني ضللت الطريق في إحدى الليالي ولم أعرف الطريق وكان محمد نائما بجانبي فأيقظته قائلا: «قم يا محمد ضعت ما أعرف الطريق» فقال محمد الفارس «حمد ضاع ما عرف الطريق»، وانا قلت نرجع إلى شرق، ضعت لأن الطريق كان رمليا (غير معبد) في ذلك الوقت.
وكانت قرية الفنطاس حلوة وجميلة وفيها المزارع وعيون الماء، وكنت أسوق السيارة بين المزارع وأذكر في يوم من الأيام ذهبت بالسيارة اللوري الى براحة حمود الناصر البدر بالقبلة، الشيء العجيب اني ذهبت لتقديم «التراي» الاختبار وقد اشتريت سيارة وانيت.
السيد عبدالوهاب الفاحص قال يا ابن حقان لك ثمانية وعشرين يوما أخاف انك تدعم أو تصدم أحدا، لكن هذا لك عشرة أيام زيادة روح تدرب وتعال عند مكتب الغانم وأذكر أن يوسف بوغيث كان عنده دكان في سوق بن دعيج وضعت الأوراق عنده ولكنه سافر الى البحرين وذهبت الى السيد عبدالوهاب وقلت له اليوم موعدي لكن الأوراق عند بوغيث فقال يعني أسجل وأوقع على بالطوك (المعطف).
بعد ذلك تقدمت للفحص وحصلت على الإجازة وكانت عندي سيارة وانيت أنقل الخضار وكذلك أنقل الركاب بعدما أصل إلى سوق الكويت خليفة الشايجي يتسلمه ويعطيني وصلا وبعد يومين اتسلم المقابل وأذكر عندما أردت حفر عين الماء أعطاني خليفة سبعة آلاف روبية وعين الماء نطويها بالصخر من قاعدتها، لكي لا تنهار الرمال وماؤها عذب.
ويسترسل العم حمد الحقان قائلا: أول سنة زرعت الطماطم في المزرعة وبعدما اكتملت وحفرت عين الماء وزرعت الطماطم البرد الشديد تسبب بموت الطماطم وأصبح لونها اسود.
وبعد فترة هجم علينا الدبا (الجراد الصغير) واكل الخضار والحمد لله هيئة الزراعة سددت لنا المصاريف.
وأذكر ان عبدالرسول كان يشتري خرجين وكان يجلس في سكة السويكة وهو مادة توضع بالفم ويستخدمها الكبار.. على ذكر المزارع فإن ملاكها كانوا عائلة الحقان والرومي والخالد والردهان والحمدان والمزيعل وفيها شجر السدر قديم والمزارع قديمة جدا في الفنطاس مزرعة السعيد والعميري والحميضي والسيد، وأهل الفنطاس كانت عندهم مزارع كثيرة، ومن ملاكها ايضا المزيعل والحمدان والحبيب ومجبل الفرج والمطاوعة وأذكر «سلسبيل» وهي عين ماء كبيرة مطوية، وعين البلداني، وأذكر أن عائلة الخالد حفرت عينا وكذلك ملا مزعل ومجبل الفرج، وأحسن عين ماء كانت البلداني.
أذكر هنا ان قرية الفنطاس كان اسمها العيون وقد اخبرني احمد بن سعيد انهم كانوا يحفرون بركة ماء للسيد عبدالقادر عند البنزين حاليا يقول اثناء الحفر وجدوا اثار عين ماء مطوية بالصخر وهذا يثبت ان الفنطاس القديمة بمزارعها عرفت بالفنطاس نسبة لفنطاس الماء (خزان الماء).
وأذكر أقدم دكان عند والدي واخي وكنت معهما، ومزعل الصلال اقترح علي أن نفتح دكانا فقلت ما عندي فلوس فقال عندي وكان عنده محل من البيت تابع للديوانية وأعطاني ألف روبية وفتحت الدكان واشتغلت فيه وبعد شهر حصلت على الف روبية أرباح فذهبت الى ملا مزعل وأعطيته الالف روبية التي اعطاني اياها.
منذ الخمسينيات وحتى يومنا هذا الدكان مفتوح وتحول العمل فيه الى محل لبيع الجملة ولكن البيع قليل بسبب وجود الجمعية التعاونية والمحلات الكثيرة وحاليا بعض الاصدقاء يحضرون عندي ونمضي بعض الوقت حتى صلاة الظهر وحاليا أنا المواطن الكويتي الوحيد الذي يجلس في دكانه.
ويمضي العم حمد الحقان في ذكرياته قائلا: بيوت قرية الفنطاس كانت مبنية من الطين والصخور لا تتجاوز بيوتها الخمسين بيتا بجوار ساحل البحر وجميعهم عائلات كويتية، هذا قديم الفنطاس، والسكان كانوا يعملون في البحر والزراعة وأذكر ان تثمين البيوت بدأ بالخمسينيات، وأما بيتنا فثمن في الستينيات ـ حدود الفنطاس شمالها بر وعند مسجد الصقر البيوت ومسجد الردهان والحمدان وبالقرب منه نخلة وكان خطيب المسجد اسمه حماد وبعده ملا مزعل وبعده ملا ضيف المزعل، وأذكر ان محمد الردهان كان يؤذن في المسجد وكذلك أبوخلف العديلة وأما محمد الردهان فهو المؤذن، وأما أقدم مدرس وأول من فتح المدرسة فهو المرحوم ملا مزعل الصلال كانت بناء قديما وبعد ذلك في المسجد وبعد ذلك في الديوانية وكنت واحدا من الذين تعلموا عند ملا مزعل الصلال ونحن الحقان أصحاب سفن ومزارع والوالد اشتغل فيها وكنت معه.
عائلة الحقان مثلما تقول في الكويت كانوا على (عدّانهم) أي على قوتهم وغناهم.
أكثر بيت الحقان أيام الهدامة الأولى عام 1934 أول ليالي شهر رمضان البيت كان فيه ثلاث غرف كبيرة كل واحد من رجال العائلة غرفة أمامها ليوان كبير أثناء نزول الأمطار سقط الليوان وتهدم.
وخرج جدي محمد ينادي على أخيه عبدالله وقال: البيت ما نستطيع السكن فيه من شدة المطر قول للعيال يروحون عمارة ملا حسين العبدالله يشترون بواري وجندل وأحضروا المواد وبدأوا بإقامة (برستي) عريش من البادية على شكل الكبر فزعة الحقان وبعد ذلك توقف المطر وبعد ذلك تم بناء الليوان.
وطبعا لا أنسى بعد العودة من الغوص حصولنا على الحصباة (الدانة) وكنا في السنبوك أبوحنيك استقبلتنا الوالدة والجدة وتجمع عدد كبير من النساء ومجموعة كبيرة من الأولاد والأمهات أحضروا النون ونثروه علينا فرحين مستأنسين بعودتنا من الغوص، وكان خيشتين (كيسين من المكسرات).
أذكر ان الأكل للغوص كانوا يعطونا عليجة ودرابيل وبثيث وعجين محلي وأما بالسفينة فكانوا يصطادون السمك بالقرقور والطباخ يطبخ للتبابة فقط عيش وسمك.
وتحدث العم حمد الحقان عن أولاد المطبة فقال: كنا أولادا صغارا نلعب في براحة المطبة نحترم الكبير ونعطف على الصغير ومما شاهدته عند الأولاد الذين كنت ألعب معهم، اذ أقبل جدي محمد قادما من بعيد كنا نقف ولا نلعب احتراما للرجل ومكانته وأيضا كان رحمه الله يضع الرمان في بشته من طرفها.
كان الاحترام والرحمة بين الناس وكان الغاصة يحضرون الهدية للأولاد (العوعو) نجم البحر نشوف الجميع مستانس ونلعب بالشارع وفي البيت بهذا العوعو.
جدي محمد كان نوخذة غوص وجدي عبدالله نوخذة وعنده شوكي اشتراه من الخليفة.
وكان في العام موسمان للغوص وخاصة اذا صادف موسم الغوص قبل رمضان، حيث كان النواخذة يذهبون للغوص وبعد ذلك يعودون ويصومون رمضان وبعد العيد يعودون للغوص ليتموا غوصهم.
وفي سنة واحدة خالي سالم حاول معي أن اذهب معهم للغوص حتى اقنعني بالسفر وكان بذلك الموسم الغوص غوصين واعطاني وزارين مع جدي عبدالله غصنا شهرين وبعد ذلك رجعنا الى الكويت وصمنا شهر رمضان وبعد العيد رجعوا الى الهيران يغوصون للبحث عن اللؤلؤ بقيادة النوخذة جدي عبدالله.
ولم أرجع معهم، ومن ذلك الوقت باشرت الزراعة وكنا نسحب الماء بأيدينا بالقرب وبعد ذلك ركبنا الماكينات.
ديوان عائلة الحقان
وخلال اللقاء قال ضيفنا ان عائلة الحقان من العائلات الكويتية الكبيرة وكان عندهم ديوان كبير في منطقة الشرق يحضره النواخذة وعامة الناس وكان له باب خاص، وايام الشتاء يذهب بعض رجال العائلة الى منطقة الصبية بواسطة السفن الصغيرة وينقلون شجر الحمض والعرفج ايام الربيع من بر قضي للنار والاغنام. شبوب للنار يخزن في غرفة خاصة وبعدما انتقلنا الى قرية الفنطاس تم فتح ديوان عائلة الحقان وهو من الديوانيات الكبيرة وكان يحضر الديوان رجالات من الفنطاس والمناطق المحيطة بها.
قرقور من النحاس
قال العم حمد الحقان في احدى السنوات كان خالي يوسف وعمي احميد في سفينة صغيرة من نوع شوعي وذهبنا الى غوص الردة، واخذ قرقورا من النوخذة راشد العمر، وكان القرقور مصنوعا من الصِّفِر (النحاس)، واثناء الغوص رموا القرقور في هير حــــولي، ولكن القرقور انقطع من الحبل، فرجعوا الى الكويت بدون القرقور وقال خالي يوسف وعمي احميد للوالد عبـــدالله قرقور راشد العمر انقطع بالبحر، فسألهما في اي مكان؟ فوصفــا له المكان الذي كانوا يغوصون فيه، وفي الموسم الثاني ايام الغوص والدي عبدالله خرج الى الغوص وتوجه الى نفس المكان الذي فقدنا فيه القرقور حسب الوصف وتوقفت السفينة وقال لأحد الغاصة انزل في هذا المكان وبالفعل وجدوا القرقور النحاس.
مدرسة ملا عيسى المطر من رصيد ذكرياته قال العم حمد الحقان: ان اول مدرسة التحقت فيها كانت مدرسة ملا عيسى المطر في الشرق بالقرب من بيت النصف وتعلمت قراءة القرآن الكريم واذا بدأ موسم الغوص اذهب مع النواخذة من عائلة الحقان ولمدة اربع سنوات ذهبت للغوص تبابا مع جدي محمد الحقان وهو من نواخذة الغوص الكبار ومن ملاك السفن وبعد العودة من الغوص ارجع الى المدرسة وقد تعلمت القراءة والكتابة.
قصيدة في رثاء عبدالله الحقان
قصيدة للشاعر مجبل بن صالح المجيبل
البارحة علم لفاني وصابني
وهلت دموع العين من فوق الأوجاني
على شريف راح ما عاد يرجع
جته المنايا وسط طهراني
والله انا منساه لو كان بالقبر
لا من ذكرته هلت الاعياني
ابكوا عليه وكل عذره تحزني
ولحد يلوم البيض في بن حقاني
يا رب تجبرهن بالصبر والعزا
يالله جعله في لذيذات الاجناني
يا الله انا طالبك ربي ترحمه
تدخله الجنة عن النيراني
يفوز بالجنة مع الحور كلهم
ما له امحاسب في تلقن الاذهاني
ما له من له صد يجن يعزه ويذكره
يطلبله الجنه مع الخلداني
يالبيض لا تنسن شريف يعزكم
اقروله الختمات فصحن ابقرآني
يومه على الدنيا تراهو يزوركم
الله يرحم مكرم الضيفاني
شيبانكم راحو والله يعوضكم
باللي بقا والله رفيع الشاني
من كان مسلم يطلب الله ويذكره
الله تراه امفرج الخزاني
ما يظلم المخلوق لا وقف يومه
يفرح الاطفال والشيباني
كم واحد لا مات يلقى اعماله
اعمال خير وترجح الميزاني
وكم واحد لا مات حطوه بالقبر
يشب قبره ويشتعل نيراني
يالله عسانا من اهل الخير والسعد
نفوز بالجنة مع الصبياني
بختم كلامي وصلوا على النبي
الرب واحد ما يجيله ثاني الزواج من العائلة
تحدث العم حمد عن عائلة الحقان واستعاد ذكريات زواجه فقال رغبت بالزواج وكنت اريد الزواج من فتاة من خارج بنات العائلة ولكن الوالدة غضبت وزعلت وقالت ما يجوز ان تتزوج وبناتنا موجودات وسمعت كلام الوالدة وتزوجت بنت عمي سلمان ام الاولاد، وكان عمي سلمان يسوق سيارة قديمة ابودفرة واذكر اننا خرجنا الى بر السرة وجمعنا فقعا كثيرا ما بين شجر العرفج وابوفطيرة. وهذا كان في الثلاثينيات.
منقول - الأنباء
حمد الحقان: عملت تباباً مع جدي وعندما عثر على الدانة حصلت على 10 روبيات من التاجر الذي اشتراها
http://www.kuwait-history.net/vb/up/uploads/24848553120090725.jpg
انتقلنا إلى قرية الفنطاس القديمة منذ صغري وعملت بالزراعة وعشت في البيوت الطينية وكانت حياة جميلة
في سنة الهدامة الأولى عام 1934 شاهدت الأمطار الغزيرة وعندما بدأ بيتنا يتساقط طلب منا جدي أن نذهب إلى عمارة ملا حسين لشراء الجندل والباريه
ضللت الطريق في الصحراء عندما كنت أنقل الخضار بالوانيت من مزارع الفنطاس لتوصيله إلى الكويت لأن الطرق كانت ترابية وغير محددة
والدي كان مسؤولاً عن توزيع التموين في الفنطاس القديمة وموقع بيتنا فيها كان محل ديوانية الصيادين
أنا المواطن الكويتي الوحيد الذي يجلس في دكانه حتى الآن وقد أسسته بـ 1000 روبية أعطاني إياها مزعل الصلال
زرعنا الخضراوات بجميع أنواعها وكنا نحفر الآبار ونطويها بالصخر من قاعدتها حتى لا تنهار الرمال بداخلها فتسدها
الفنطاس القديمة كانت قرية ساحلية جنوب الكويت، وكان هذا الساحل يعرف بالقصور، مجموعة من العائلات الكويتية سكنوا هذه القرى الممتدة من الفنطاس حتى قرية الشعيبة القديمة، وشتان الفرق بين الفنطاس ذات البيوت الطينية القديمة والفنطاس المدينة الحديثة ذات العمارات والڤلل، فقد تطورت المنطقة تطورا كبيرا مع بداية النهضة الحديثة، ومن العائلات الكويتية القديمة التي سكنت الفنطاس عائلة الحقان التي انتقلت اليها من سكنها وبيوتها في مدينة الكويت منذ سنوات عدة قبل اكتشاف النفط. وبنى آل الحقان بيوتهم في الفنطاس وأسسوا فيها المزارع، وحفروا فيها الآبار والعيون ذات الماء العذب، ويروي لنا العم حمد سعد الحقان ما شاهده في قرية الفنطاس من مزارع وآبار، وكذلك الاعمال التي كان يزاولها السكان في ذلك الزمن، بدأ العم حمد الحقان حياته تبابا مع والده واعمامه نواخذة الغوص، وكانوا اصحاب سفن يغوصون بها في الهيران للبحث عن اللؤلؤ، الحصابي والدانات. وبعد العمل في البحر اشتغل بالزراعة في مزارع العائلة مع والده واخوانه في الفنطاس، كما كان يقوم بنقل الخضار بواسطة اللوري والوانيت الى سوق الكويت، وهو يحدثنا عن الليلة التي تاه خلالها في الصحراء وهو يحمل الخضار وعن الرجل الذي كان بجانبه في تلك الليلة. والده واعمامه من نواخذة الغوص وملاك السفن وقد حدثنا العم حمد الحقان عن الدانة التي حصل عليها عمه والعشر روبيات التي حصل عليها هو. ومن هو التاجر البحريني الذي اشترى تلك الدانة، سوالف من الماضي وقصص وحكايات طريفة يرويها لنا العم حمد سعد محمد الحقان، وهو المواطن الكويتي الوحيد الذي يدير دكانه في الفنطاس حتى الآن فإلى التفاصيل:
يقول العم حمد سعد محمد الحقان ولدت في الكويت بالحي الشرقي بفريج المطبة وذلك عام 1927، ومنطقة المطبة سكن قديم للكويتيين وقد سكنها القلاليف ومجموعة من الخياطين وعائلات كويتية اخرى، واذكر منها عبدالوهاب القطامي وعائلة العسق وعائلة بن دوخي والرشدان وعبدالرحمن الخراز وعائلة المسبحي والحلابيج.
والمطبة كان فيها مجموعة دكاكين تقريبا عشرة دكاكين واذكر مبارك الهدهود وابراهيم بهبود ومحمد مدوه وعندهم جالبوت كبيرة للغوص والبحث عن اللؤلؤ.
وفي براحة المطبة كنت ألعب مع الزملاء وابناء الفريج الألعاب الشعبية ياما حلت محلول والهول والتيلة، واذكر ممن كنت ألعب معهم ابناء المجيبل والمنصور وابناء الخراز وابناء النصف سعود ومحمود والشاوي ابورجا العتيبي وأولاده سالم ومحمد، والشاوي مجموعة اغنام يسرح بها رجل متخصص منذ الصباح ويعود مساء.
وكل بيت كان فيه ماعز (السخلة) أو نعجة وأذكر ان عائلتنا كان تودع عددا من الماعز عند أحد الرعاة الا انه باعهم لواحد من سكان الميدان الشرقي وسلمهم للشاوي، وفي السنة الثانية الأهل فوجئوا بالماعز تدخل عليهم في البيت فتعجبوا من ذلك، وبيت العائلة في المطبة يتكون من ثلاث عشرة غرفة، وكان باسم الاخوان محمد وعبدالله واحمد الحقان.
ايام الغوص اذا ذهب الرجال للغوص تبقى النساء وكبار السن فكان جدي محمد يعطي جدتي مبلغا للصرف على البيت، وكانت المرأة مسؤولة عن البيت واول الموسم جدي كان يشتري العيش والسكر والشاي والدهن العداني والمواد الغذائية، وكانت لهذه المواد غرفة خاصة تحفظ فيها نسميها «دار الچيل».
واذكر طبخ الروبيان ويفرشون الحصير والمنقور وينشرون الروبيان حتى يجف وينشف وبعد ذلك يقشر ويوضع في اليجلة والقواطي، وكان جدي قبل الذهاب الى الغوص يجهز البيت بالمواد الغذائية.
والجدة كانت تشرف على البيت وكل يوم اثنتان من زوجات الاولاد تتوليان عملية الطبخ والتنظيف وخبز الرقاق وكان عندنا «تنور» واحدى اخوات جدي محمد من امه كانت تخبز فيه اسمها هيلة (أم محبوب).
وبعد ان انكسر الغوص وتقاسم الاخوان كل واحد اخذ حصته وذهب كل منهم بسفينته الصغيرة الى الغوص، وباعوا السنابيك الكبيرة ومما اذكر عندما كنت تبابا صنعوا سفينة سنبوك للغوص اسمها «ابوحنيك»، النوخذة عبدالله الحقان وحصل على حصباه من هير «عويرضات» وكانوا ايضا يذهبون للهيرات القريبة وايضا هير البلداني، واحد المواطنين قال ان «البلداني» للحقان لو اعطوهم ورقة فيه فالنواخذة من عائلة الحقان كانوا دائما يغوصون في هير البلداني وهناك هيرات تابعة للبلداني ومنها هير قمرة وعارض يوسف وجلب وساقة العودة، وساقة العارض والخواليف في البلداني وحزاز، جميعها تابعة للبلداني وكان النوخذة عبدالله الحقان في السنبوك ابوحنيك عندما حصلوا على «الدانة».
في تلك السنة كنت اول مرة تبابا، ووقتها علم اهل البحرين الطواويش بالدانة، مثل ابناء السو والزياني والقصيبي، واذكر الذي اشترى الدانة اعطى لكل تباب عشر روبيات وكان عددنا اثنين انا وجاسم بالسنبوك وسالم وخالي مبارك كانوا تبابة في مطيران عائلة الحقان يملكون سفنا للغوص.
ابوحنيك ومطيران، وجالبوت اسمها بنت الحصان واذا انتهى الموسم يسحبون هذه السفن الى الارض اليابسة مقابل ديوان العسعوسي في الشرق، ما عدا «الشرع» يخزنونها في البيت ويوم رفع هذه السفن يطبخون ويعملون عزيمة للجميع.
ويكمل العم حمد الحقان: عملت تبابا ثلاث سنوات وبعد ذلك انكسر الغوص عام 1936 وعمي سلمان توفي اثناء رحلة قنص، فقالت جدتي رحمها الله لا اريد ان اسكن في هذا البيت فخرجنا نحن عائلة الحقان الى الفنطاس منذ عام 1937 واستقر بنا الحال فيها واتخذناها سكنا دائما، طبعا كنا نذهب الى الفنطاس قبل ذلك ولنا فيها مزارع قديمة.
قرية الفنطاس
ويكمل العم حمد الحقان: والدي محمد مكث في بيت شرق، اما نحن فسكنا في الفنطاس حسب رغبة جدتي في بيوتنا القديمة، مع اعمامي، وايام التموين اثناء الحرب العالمية الثانية عين ابوي محمد الحقان اميرا على الفنطاس ومسؤولا عن توزيع التموين على اهل الفنطاس وعريب دار الذين يحضرون عندنا واذكر انهم كانوا «ينوخون» جمالهم في البراحة، وقد رفع والدي علم الكويت على ديوانيته، وكان موقعها قرب ساحل البحر حاليا ديوانية الصيادين والبيت خلفها واستقرت الاسرة في الفنطاس، مع من فيها من سكان.
عائلة الحقان باعوا بيت شرق جدي عبدالله وعمي احمد وبعدهم جدي محمد باع البيت واشترى بيت خزام في المرقاب وعمي عبدالله اشترى بيت ابوسطيح في براحة الماص.
عمي احمد بعد ذلك اشترى بيتا في الفنطاس وسكن معنا، مزارعنا القديمة دفنت بسبب العوامل الجوية وهي مزارع قديمة واشتراها المرحوم احمد الاستاد.
بيت الحقان الموجود بالشرق تحول إلى مدرسة النجاح بعدما اشتراه حجي أحمد الاستاذ وراشد الحقان أخبرني ان المخطط في البلدية يوجد فيه اسم مقبرة الحقان في الشرق نسبة لعائلة الحقان الكبيرة. ونعود للفنطاس، حيث المزرعة الكبيرة التي كان فيها عين ماء واحدة جنوبا والثانية شمالا.
أما المزارع الأخيرة في المهبولة فقد حفرنا فيها عين ماء ومع بداية انتشار المكائن وضعنا عليها ماكينتين لسحب الماء، ومعي أخي وخدام يساعدانني، وزرعنا الخضراوات بجميع انواعها وكانت عندي سيارة وانيت نجمع الخضراوات وأضعها في الوانيت وبعد صلاة الفجر اتحرك من الفنطاس إلى سوق الكويت وقد تعلمت قيادة السيارة مع محمد ناصر الحمدان ومما اذكر في البداية كنت أذهب معه لنقل السمك وكنت أقود السيارة واذكر أني ضللت الطريق في إحدى الليالي ولم أعرف الطريق وكان محمد نائما بجانبي فأيقظته قائلا: «قم يا محمد ضعت ما أعرف الطريق» فقال محمد الفارس «حمد ضاع ما عرف الطريق»، وانا قلت نرجع إلى شرق، ضعت لأن الطريق كان رمليا (غير معبد) في ذلك الوقت.
وكانت قرية الفنطاس حلوة وجميلة وفيها المزارع وعيون الماء، وكنت أسوق السيارة بين المزارع وأذكر في يوم من الأيام ذهبت بالسيارة اللوري الى براحة حمود الناصر البدر بالقبلة، الشيء العجيب اني ذهبت لتقديم «التراي» الاختبار وقد اشتريت سيارة وانيت.
السيد عبدالوهاب الفاحص قال يا ابن حقان لك ثمانية وعشرين يوما أخاف انك تدعم أو تصدم أحدا، لكن هذا لك عشرة أيام زيادة روح تدرب وتعال عند مكتب الغانم وأذكر أن يوسف بوغيث كان عنده دكان في سوق بن دعيج وضعت الأوراق عنده ولكنه سافر الى البحرين وذهبت الى السيد عبدالوهاب وقلت له اليوم موعدي لكن الأوراق عند بوغيث فقال يعني أسجل وأوقع على بالطوك (المعطف).
بعد ذلك تقدمت للفحص وحصلت على الإجازة وكانت عندي سيارة وانيت أنقل الخضار وكذلك أنقل الركاب بعدما أصل إلى سوق الكويت خليفة الشايجي يتسلمه ويعطيني وصلا وبعد يومين اتسلم المقابل وأذكر عندما أردت حفر عين الماء أعطاني خليفة سبعة آلاف روبية وعين الماء نطويها بالصخر من قاعدتها، لكي لا تنهار الرمال وماؤها عذب.
ويسترسل العم حمد الحقان قائلا: أول سنة زرعت الطماطم في المزرعة وبعدما اكتملت وحفرت عين الماء وزرعت الطماطم البرد الشديد تسبب بموت الطماطم وأصبح لونها اسود.
وبعد فترة هجم علينا الدبا (الجراد الصغير) واكل الخضار والحمد لله هيئة الزراعة سددت لنا المصاريف.
وأذكر ان عبدالرسول كان يشتري خرجين وكان يجلس في سكة السويكة وهو مادة توضع بالفم ويستخدمها الكبار.. على ذكر المزارع فإن ملاكها كانوا عائلة الحقان والرومي والخالد والردهان والحمدان والمزيعل وفيها شجر السدر قديم والمزارع قديمة جدا في الفنطاس مزرعة السعيد والعميري والحميضي والسيد، وأهل الفنطاس كانت عندهم مزارع كثيرة، ومن ملاكها ايضا المزيعل والحمدان والحبيب ومجبل الفرج والمطاوعة وأذكر «سلسبيل» وهي عين ماء كبيرة مطوية، وعين البلداني، وأذكر أن عائلة الخالد حفرت عينا وكذلك ملا مزعل ومجبل الفرج، وأحسن عين ماء كانت البلداني.
أذكر هنا ان قرية الفنطاس كان اسمها العيون وقد اخبرني احمد بن سعيد انهم كانوا يحفرون بركة ماء للسيد عبدالقادر عند البنزين حاليا يقول اثناء الحفر وجدوا اثار عين ماء مطوية بالصخر وهذا يثبت ان الفنطاس القديمة بمزارعها عرفت بالفنطاس نسبة لفنطاس الماء (خزان الماء).
وأذكر أقدم دكان عند والدي واخي وكنت معهما، ومزعل الصلال اقترح علي أن نفتح دكانا فقلت ما عندي فلوس فقال عندي وكان عنده محل من البيت تابع للديوانية وأعطاني ألف روبية وفتحت الدكان واشتغلت فيه وبعد شهر حصلت على الف روبية أرباح فذهبت الى ملا مزعل وأعطيته الالف روبية التي اعطاني اياها.
منذ الخمسينيات وحتى يومنا هذا الدكان مفتوح وتحول العمل فيه الى محل لبيع الجملة ولكن البيع قليل بسبب وجود الجمعية التعاونية والمحلات الكثيرة وحاليا بعض الاصدقاء يحضرون عندي ونمضي بعض الوقت حتى صلاة الظهر وحاليا أنا المواطن الكويتي الوحيد الذي يجلس في دكانه.
ويمضي العم حمد الحقان في ذكرياته قائلا: بيوت قرية الفنطاس كانت مبنية من الطين والصخور لا تتجاوز بيوتها الخمسين بيتا بجوار ساحل البحر وجميعهم عائلات كويتية، هذا قديم الفنطاس، والسكان كانوا يعملون في البحر والزراعة وأذكر ان تثمين البيوت بدأ بالخمسينيات، وأما بيتنا فثمن في الستينيات ـ حدود الفنطاس شمالها بر وعند مسجد الصقر البيوت ومسجد الردهان والحمدان وبالقرب منه نخلة وكان خطيب المسجد اسمه حماد وبعده ملا مزعل وبعده ملا ضيف المزعل، وأذكر ان محمد الردهان كان يؤذن في المسجد وكذلك أبوخلف العديلة وأما محمد الردهان فهو المؤذن، وأما أقدم مدرس وأول من فتح المدرسة فهو المرحوم ملا مزعل الصلال كانت بناء قديما وبعد ذلك في المسجد وبعد ذلك في الديوانية وكنت واحدا من الذين تعلموا عند ملا مزعل الصلال ونحن الحقان أصحاب سفن ومزارع والوالد اشتغل فيها وكنت معه.
عائلة الحقان مثلما تقول في الكويت كانوا على (عدّانهم) أي على قوتهم وغناهم.
أكثر بيت الحقان أيام الهدامة الأولى عام 1934 أول ليالي شهر رمضان البيت كان فيه ثلاث غرف كبيرة كل واحد من رجال العائلة غرفة أمامها ليوان كبير أثناء نزول الأمطار سقط الليوان وتهدم.
وخرج جدي محمد ينادي على أخيه عبدالله وقال: البيت ما نستطيع السكن فيه من شدة المطر قول للعيال يروحون عمارة ملا حسين العبدالله يشترون بواري وجندل وأحضروا المواد وبدأوا بإقامة (برستي) عريش من البادية على شكل الكبر فزعة الحقان وبعد ذلك توقف المطر وبعد ذلك تم بناء الليوان.
وطبعا لا أنسى بعد العودة من الغوص حصولنا على الحصباة (الدانة) وكنا في السنبوك أبوحنيك استقبلتنا الوالدة والجدة وتجمع عدد كبير من النساء ومجموعة كبيرة من الأولاد والأمهات أحضروا النون ونثروه علينا فرحين مستأنسين بعودتنا من الغوص، وكان خيشتين (كيسين من المكسرات).
أذكر ان الأكل للغوص كانوا يعطونا عليجة ودرابيل وبثيث وعجين محلي وأما بالسفينة فكانوا يصطادون السمك بالقرقور والطباخ يطبخ للتبابة فقط عيش وسمك.
وتحدث العم حمد الحقان عن أولاد المطبة فقال: كنا أولادا صغارا نلعب في براحة المطبة نحترم الكبير ونعطف على الصغير ومما شاهدته عند الأولاد الذين كنت ألعب معهم، اذ أقبل جدي محمد قادما من بعيد كنا نقف ولا نلعب احتراما للرجل ومكانته وأيضا كان رحمه الله يضع الرمان في بشته من طرفها.
كان الاحترام والرحمة بين الناس وكان الغاصة يحضرون الهدية للأولاد (العوعو) نجم البحر نشوف الجميع مستانس ونلعب بالشارع وفي البيت بهذا العوعو.
جدي محمد كان نوخذة غوص وجدي عبدالله نوخذة وعنده شوكي اشتراه من الخليفة.
وكان في العام موسمان للغوص وخاصة اذا صادف موسم الغوص قبل رمضان، حيث كان النواخذة يذهبون للغوص وبعد ذلك يعودون ويصومون رمضان وبعد العيد يعودون للغوص ليتموا غوصهم.
وفي سنة واحدة خالي سالم حاول معي أن اذهب معهم للغوص حتى اقنعني بالسفر وكان بذلك الموسم الغوص غوصين واعطاني وزارين مع جدي عبدالله غصنا شهرين وبعد ذلك رجعنا الى الكويت وصمنا شهر رمضان وبعد العيد رجعوا الى الهيران يغوصون للبحث عن اللؤلؤ بقيادة النوخذة جدي عبدالله.
ولم أرجع معهم، ومن ذلك الوقت باشرت الزراعة وكنا نسحب الماء بأيدينا بالقرب وبعد ذلك ركبنا الماكينات.
ديوان عائلة الحقان
وخلال اللقاء قال ضيفنا ان عائلة الحقان من العائلات الكويتية الكبيرة وكان عندهم ديوان كبير في منطقة الشرق يحضره النواخذة وعامة الناس وكان له باب خاص، وايام الشتاء يذهب بعض رجال العائلة الى منطقة الصبية بواسطة السفن الصغيرة وينقلون شجر الحمض والعرفج ايام الربيع من بر قضي للنار والاغنام. شبوب للنار يخزن في غرفة خاصة وبعدما انتقلنا الى قرية الفنطاس تم فتح ديوان عائلة الحقان وهو من الديوانيات الكبيرة وكان يحضر الديوان رجالات من الفنطاس والمناطق المحيطة بها.
قرقور من النحاس
قال العم حمد الحقان في احدى السنوات كان خالي يوسف وعمي احميد في سفينة صغيرة من نوع شوعي وذهبنا الى غوص الردة، واخذ قرقورا من النوخذة راشد العمر، وكان القرقور مصنوعا من الصِّفِر (النحاس)، واثناء الغوص رموا القرقور في هير حــــولي، ولكن القرقور انقطع من الحبل، فرجعوا الى الكويت بدون القرقور وقال خالي يوسف وعمي احميد للوالد عبـــدالله قرقور راشد العمر انقطع بالبحر، فسألهما في اي مكان؟ فوصفــا له المكان الذي كانوا يغوصون فيه، وفي الموسم الثاني ايام الغوص والدي عبدالله خرج الى الغوص وتوجه الى نفس المكان الذي فقدنا فيه القرقور حسب الوصف وتوقفت السفينة وقال لأحد الغاصة انزل في هذا المكان وبالفعل وجدوا القرقور النحاس.
مدرسة ملا عيسى المطر من رصيد ذكرياته قال العم حمد الحقان: ان اول مدرسة التحقت فيها كانت مدرسة ملا عيسى المطر في الشرق بالقرب من بيت النصف وتعلمت قراءة القرآن الكريم واذا بدأ موسم الغوص اذهب مع النواخذة من عائلة الحقان ولمدة اربع سنوات ذهبت للغوص تبابا مع جدي محمد الحقان وهو من نواخذة الغوص الكبار ومن ملاك السفن وبعد العودة من الغوص ارجع الى المدرسة وقد تعلمت القراءة والكتابة.
قصيدة في رثاء عبدالله الحقان
قصيدة للشاعر مجبل بن صالح المجيبل
البارحة علم لفاني وصابني
وهلت دموع العين من فوق الأوجاني
على شريف راح ما عاد يرجع
جته المنايا وسط طهراني
والله انا منساه لو كان بالقبر
لا من ذكرته هلت الاعياني
ابكوا عليه وكل عذره تحزني
ولحد يلوم البيض في بن حقاني
يا رب تجبرهن بالصبر والعزا
يالله جعله في لذيذات الاجناني
يا الله انا طالبك ربي ترحمه
تدخله الجنة عن النيراني
يفوز بالجنة مع الحور كلهم
ما له امحاسب في تلقن الاذهاني
ما له من له صد يجن يعزه ويذكره
يطلبله الجنه مع الخلداني
يالبيض لا تنسن شريف يعزكم
اقروله الختمات فصحن ابقرآني
يومه على الدنيا تراهو يزوركم
الله يرحم مكرم الضيفاني
شيبانكم راحو والله يعوضكم
باللي بقا والله رفيع الشاني
من كان مسلم يطلب الله ويذكره
الله تراه امفرج الخزاني
ما يظلم المخلوق لا وقف يومه
يفرح الاطفال والشيباني
كم واحد لا مات يلقى اعماله
اعمال خير وترجح الميزاني
وكم واحد لا مات حطوه بالقبر
يشب قبره ويشتعل نيراني
يالله عسانا من اهل الخير والسعد
نفوز بالجنة مع الصبياني
بختم كلامي وصلوا على النبي
الرب واحد ما يجيله ثاني الزواج من العائلة
تحدث العم حمد عن عائلة الحقان واستعاد ذكريات زواجه فقال رغبت بالزواج وكنت اريد الزواج من فتاة من خارج بنات العائلة ولكن الوالدة غضبت وزعلت وقالت ما يجوز ان تتزوج وبناتنا موجودات وسمعت كلام الوالدة وتزوجت بنت عمي سلمان ام الاولاد، وكان عمي سلمان يسوق سيارة قديمة ابودفرة واذكر اننا خرجنا الى بر السرة وجمعنا فقعا كثيرا ما بين شجر العرفج وابوفطيرة. وهذا كان في الثلاثينيات.
منقول - الأنباء