المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوسف عبدالرزاق الهندي - القبس


AHMAD
06-04-2008, 01:20 AM
http://www.kuwait-history.net/vb/up/uploads/b42ba51883.jpg



جاسم عباس - القبس

الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي. «القبس» شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة..

في مستهل لقائنا مع الاستاذ يوسف عبدالرزاق الهندي ركز في حديثه على شجرة السدرة عند الكويتيين لما لها من مكانة مرموقة، فهي من اهم الاشجار التي وجدت عندنا في الكويت فقال:
السدرة لها القدرة على الصمود في هذا الجو الحار، وعلى مدار 365 يوما تجدها دائمة الخضرة، واوراقها وأغصانها ظلال، ولها ثمرة تسمى «النبق» (الكنار)، شجرة السدرة ذكرها الله سبحانه في القرآن الكريم، «في سدر مخضود» (سورة الواقعة) وآية في سورة (النجم: 14) «عند سدرة المنتهى»، و«اذ يغشى السدرة ما يغشى»، وفي سورة سبأ" «وأثْل وشيء من سدْر قليل».

سديرات الشرق
اضاف الهندي: الشرق حي من اكبر احياء الكويت القديمة، يقع بين البحر وساحة الصفاة موقعه شرق البلاد، فلذلك سمي «شرق»، وقديما كان حي الشرق مشهورا لوجود قصر دسمان والسفارة البريطانية والسينما الشرقية والنادي الشرقي ومدرستي النجاح التي تأسست عام 1948 والصباح ايضا في 1948، وفي الشرق اشجار السدر في بيوت مسكونة، وهناك ارض تقع خلف مخفر الشرق فيها سديرات، وهذه الارض غنية بالسدر وفيها مزارع كثيرة تسمى «حوط» جمع حوطة، وهي ارض تسور وتترك، فبعضها تزرع بالسدر وغرفة للأكل والجلوس، كانت تتخذ الحوطة للراحة والاستجمام، وبعضها مفتوحة، حيث يقوم الاولاد بصيد الطيور، وفي الشرق بالقرب من دوار دسمان توجد اشجار السدر ايضا تسمى «السدر الاربع»، وهذه السديرات كانت ملاذا للحبال الذي يصطاد الطيور تحتها بالفخاخ والصلاليب والشباك، واذا كثرت وسائل الصيد في هذه المنطقة «السدر الاربع» كنا نقول: «اختلط الحابل بالنابل».
وقال: انا منهم كنا ننتظر فصل الربيع فصل الحبال الذي مدته ثلاثة اشهر هي مارس، ابريل، مايو، «السدر الاربع» تكثر فيها الطيور، خصوصا الرماني اذا كثر على السديرات كثرت الطيور حوله، «السدر الاربع» يقف عليها طائر القحافي اول طيور الربيع، وكذلك «الحمامي»، واذا شاهدنا طائرا صغيرا كنا نسميه «الذبابي» نعتقد انه آخر الطيور ونهاية الموسم.
واضاف الهندي: سديرات الشرق تحمي الطيور من حرارة الشمس التي لا تغادر الكويت تبقى تحوم وتطير في اجواء حي الشرق، خصوصا اذا طلع نجم «المرزم» نشاهد طائري الهدهد والعقعق، وعلى ما اذكر يمكث النجم حوالي 15 يوما، وبعد هذا النجم نجد الطيور، خصوصا الصعو والحمامي على سديرات الشرق، وطائر السلاحي لا تجده الا على السدر الاربع في موسم الامطار والبرد.
وذكر الهندي اسماء طيور التي يشاهدها على سديرات الشرق الجذابة لها وهي: الهدهد، الزرزور، السمنة، الزعرة، الخضيري، إحميمج، ارهيز، القطا، ام سالم، الحمامي، القحافي، انزمه، رماني، ذبابي، فكاكه، قفصي، مردم، يكيكي، مطرق، القوبعة، الفاختة، حمروش، بصوة.

منافع السدرة
وقال: كما عرفت وشاهدت وجربت مع الاهل والاصدقاء ان هناك نوعا من السدر لا ينتفع به، ثمرته صغيرة ومغطى باشواك حادة وورقه لا يصلح للغسيل، فلذلك تسميه العرب واهل الكويت ايضا بـ «السدرة الضالة»، واما النوع الموجود في الشرق وبعض مناطق الكويت، فيسمى «العبري»، حيث لا شوك فيه الا القليل جداً، وثمرته «كنار» النبق صالحة للاكل واوراقه صالحة للغسول.
واضاف الهندي: اجود انواع الكنار كان على السدرات الاربع والسديرات خلف مخفر الشرق الحالي تعد اشد حلاوة ورائحة، واذا اكلت حبة واحدة تفوح رائحتها كما يفوح العطر.
ومن فوائد السدرة قال الهندي ايضاً: كانت المرأة الكويتية قديماً تجمع اوراق السدر الخضراء، وتنشرها ثم تقوم بدقها في هون من الخشب او النحاس الاصفر، وكانت يد الهون من القضيب المدبب طولها حوالي 20 سنتيمتراً، مسحوق السدر يستعمل في غسل الرأس وله رغوة عجيبة ورائحة طيبة، فمسحوقه يقضي على القمل وينعم الشعر.
اما فوائد السدرة فيعددها الهندي: ازهارها الصفراء تجف وتغليها مع الشاي، تساعد على تخفيف اوجاع الرأس والآلام العصبية، ولحاء السدرة يجفف وينقع في الماء ويعتبر علاجاً للامساك وللبواسير وضغط الدم وخفقان القلب، وايضا يستفاد من السدر بعد تجفيف اوراقه في غسل الملابس على البحر فكانت الكويتية تخلط المجفف مع الجص بدلا عن الصابون مستخدمة «المضرابة» وهي قطعة من الخشب بطول الذراع تضرب بها الملابس لتنظيفها، وكان السدر يوضع في طاسة وبعد غسل الملابس تقوم المرأة الكويتية القديمة بغسل رأسها، كما يستعمل مسحوق السدر في تغسيل الموتى.
وذكر يوسف الهندي فوائد اخرى قائلاً: كان الناس يستظلون تحت اغصانها ايام الصيف الحارة، كما يتخذون اخشاب السدرة وفروع اغصانها وقوداً، واوراقها الخضراء علفاً للاغنام والدواجن.
كما ذكر المناطق التي تكثر فيها هذه الاشجار ومنها: الجهراء وحولي، والفنطاس، والمنقف، والفنيطيس، وابو حليفة، وكرر ان كنار الشرق يختلف عن غيره في الشكل والطعم والرائحة.

أبو سدرة
وذكر الهندي مكاناً يقع جنوب مدينة الأحمدي غرب ساحل ميناء عبدالله بعشرة كيلومترات، وجاء اسم «تل أبوسدرة» نسبة الى وجود سدرة واحدة على هذا التل، وسدرة في منحدرة، وقال: الكويتيون يسمون ثمار السدرة «كنار» والمفرد «كنارة» والكلمة تختلف عن «كَنارة» وهي سباي عبارة عن ثلاثة أرماح تربط رؤوسها من طرف واحد ثم يتلى منها الصميل، والكلمة أصلها تركية بمعنى المكان الذي تعلق فيه «الذبيحة».

التبجيل.. الكراهة
قال: آباؤنا وأجدادنا كانوا يعتزون بهذه الشجرة المباركة (السدرة) التي ورد ذكرها في القرآن الكريم وهذا يدل على ما لها من تبجيل ومكانة وتوقير، وما لهذه الشجرة مكانة خاصة في نفوس أهل الكويت.
وأضاف: ونحن صغار لا نكسر أغصانها، ولا نوسخ تحتها، كنا نعشقها ونحبها وندرك قيمتها، لم تجد أحداً من أهل الديرة إلا ولديه الميل والرغبة إليها، لا يخلو فريج أو ساحة إلا والسدرة فيها، ابتهاج للنفس، السدرة معنا في الحياة، وعند غسل الموتى، والله سبحانه وتعالى سخر لنا وأعطانا هذا الطعام، وأما الكراهة في السدرة، فقال عنها الهندي: كان بعض الآباء يعتقدون ان الجن يسكنونها، وكان أهل الزار يجتمعون حولها، خصوصاً السدرات الأربع في الشرق، ولكل فرقة منهم «طنبورة» المكونة من الطبول وآلات وترية تسمى «طنبور» وأغلبهم كانوا يجتمعون يوم الخميس بعد صلاة العشاء، اعتقاداً منهم بأن للسدرة قدسية راسخة عندهم، وللسدرة حكايات شعبية كثيرة سواء انعكست على البعض أو لا يصدقها البعض الآخر.

المطبة
وقال الهندي: أنا ابن فريج المطبة في الحي الشرقي الذي يبدأ أوله من البهيته أمام قصر السيف ونهايته العاقول، أهلي ولدوا في حي المطبة الذي كان يمر السور الثاني فيه من أسوار الكويت الذي أنشئ عام 1811 وتهدمت أجزاء منه ورمم عام 1845 وبعده بني السور الثالث في عام 1920م. وللسور الثاني سبع بوابات التي كانت تسمى الواحدة «دروازة» وهي كلمة هندية وفارسية تعني: البوابة المفتوحة. وفي الكويت كل باب ضخم مفتوح يسمى ايضا دروازة، فهذا السور له بوابة في اول الحي الشرقي تعرف بدروازة ابن بطي، والثانية دروازة الكروية، ومن ثم دروازة العبد الرزاق، والشيخ، والسبعان، والفداغ، والبدر، وقد استحدثت في السور الثاني فتحات يقفز منها الاولاد والناس عرفت بالمطبة، قضيت عمري في هذا الفريج، وانشدت مع اخواني انشودة:
«كـ جا شا وينا شاوي المطبة
يصيح على أمه يبى أرطبه»
يضيف: وفي فريجنا مسجد اسسه شملان بن آل سيف عام 1893، ومن معالم المطبة دكان مبارك الهدهود وهو بائع المواد الغذائية وكان يؤجر «تريك المعاريس» ذلك المصباح الكبير يشتعل بواسطة (الكَاز) الكيروسين سمي بالمعاريس لانه من اهم لوازم ليلة الزواج كان يحمل في مقدمة زفة المعرس ليضيء الطريق، فكان هذا «التريك» غير متوافر في كل بيت يستعار او يؤجر، والنساء يزغردن عندما يشاهدن هذا التريك بعد والاسم لاتيني ELECTRIC، ومن معالم فريجنا محلات كثيرة كأنك في السوق، خصوصا محل هاشم والكندري لبيع الدوامة والبلبول وألعاب شعبية اخرى، وحضرة كبيرة تجمع فيها مياه الامطار، وبركة يصب فيها الكندري كانت وهذه البركة للسبيل، وحلاقنا حجي صفر وحسين ونداف المطبة حجي غلوم الكندري، وبائعة الباجيلا والنخي «ام عبدي»، اما مطاهر الفريج والشرق والكويت كلها، فكان جدي احمد الهندي الذي امتهن حرفة الختانة بكل خفة وسرعة، وكانت ادواته سهلة منها «مشطرة» وقطعة قماش.
وختم الهندي بذكر الجيران وسكان المطبة منهم ناصر وخالد النجدي، المذكور، الربيع، العصفور، العمران، بوحمد، المطيري، العوضي، الناهض، الطويل، التركيت، الايوب، جليجل، الخراز، الهدهود، جمال، الريس، سيد زاهد، حاجي علي الصراف صاحب البيت الكبير، شكر الله، وبالقرب من السدرات الاربع كان عباس قبازرد، والغانم، سيد يعقوب، الشيخ محمد الجابر، العدساني، عبدالرزاق بودي، سلطان السالم.