تاريخ الكويت

تاريخ الكويت (http://www.kuwait-history.net/vb/index.php)
-   البحوث والمؤلفات (http://www.kuwait-history.net/vb/forumdisplay.php?f=87)
-   -   مبارك الصباح وخزعل الكعبي - دراسة مقارنة للدكتور عبدالله الهاجري (http://www.kuwait-history.net/vb/showthread.php?t=13524)

AHMAD 31-10-2018 11:48 PM

مبارك الصباح وخزعل الكعبي - دراسة مقارنة للدكتور عبدالله الهاجري
 
مبارك الصباح وخزعل الكعبي (1896- 1915) م عوامل النجاح وتداعيات الانهيار - (دراسة مقارنة)

[justify]استاذ دكتور عبدالله محمـد الهــاجري
رئيس قسم التاريخ والاثار – كلية الآداب
مجلة حوليات كلية الآداب – مجلس النشر العلمي – جامعة الكويت 2013




مقدمة :


يعتبر أمير الكويت الشيخ مبارك الصباح ( 1896- 1915 ) م والشيخ خزعل أمير المحمرة (1897- 1925) م من الشخصيات الجديرة بالبحث والدراسة ، فكل من الشخصيتين لهما مكانة مرموقة في عالم السياسة والحكم في إمارتيهما ، وقد ساعدت الظروف الدولية التي احاطت بهما في بلورة سياستهما ومكانتهما ، خاصة في مرحلة تدافعت فيها الأطماع الدولية بالمنطقة من جانب الكثير من القوى والتي كان على رأسها بريطانيا وروسيا وألمانيا ، بجانب بعض الصرعات الإقليمية الأخرى (الدولة الفارسية و الدولة العثمانية) .

ونظراً للدور التاريخي الذي لعبة كل من الشيخين في التكوين السياسي لمنطقة الخليج العربي ، والتشابه في ظروف وملابسات تولى الحكم وتعرضهما لنفس الضغوط الدولية ، حاولنا من خلال هذه الدراسة المقارنة أن نكشف دور وواقع تعامل كل منهما مع هذه الضغوط وكيف كانت نتائجها على السياسة الخارجية لإمارتيهما وما أدت إليه ، بجانب محاولة رصدنا للعلاقة التي قامت بين الكويت وعربستان في هذه الفترة المنوط بها الدراسة ( 1896- 1915) م ومسارها وأثرها على الإمارتين.

كما تبرز الدراسة حقيقة أن التكوين السياسي وطبيعة الحكم المستقر وعدم وجود صراعات قبيلة في الكويت تحت قيادة الشيخ مبارك الصباح ، استطاعت الاستقرار وترسيخ دعائم الحكم كإمارة مستقلة ، في المقابل نرى أن ما ساعد على ضياع عربستان في نهاية الأمر هو الصراع القبلي والنزاع على الحكم والتردد في اتخاذ بعض القرارات السياسية من قبل الشيخ خزعل ، ومن ثم ضياع الحكم العربي بها في سنة 1925م .


ولقد كان اختيارنا لشخصية الشيخ مبارك والشيخ خزعل في هذه الفترة بالذات لها شقين :

الشق الأول
: هو أن هذه الفترة من عمر الإمارتين كانت هي الحاسمة ،فمبارك استطاع أن يخلصها من الأخطار في ظل تعقيدات الصراع والضغوط على كافة الجوانب الدولية والإقليمية والداخلية واستطاع أن يكون صورة واضحة عما يجري، في حين فشل خزعل في استخدام الممكن والمتاح للوصول بإمارتة إلى بر الأمان.
الشق الثاني : أن هذه الفترة الحاسمة من عمر الإمارتين كانت هي الفترة التي من خلالها تبلورت السياسة الخارجية لأغلب دول المنطقة وإماراتها فما بين زوال قوى ونشأة أخرى كانت السياسة الدولية تأخذ شكل تكتلات استطاعت الكويت فيها ضمان قدر معقول من الأمان لنفسها في حين فشلت عربستان أن تجد لنفسها موقعاً أو دوراً يحافظ على استقلالها ويحفظ سيادتها.



إمارة الكويت والاستقرار السياسي منذ النشأة :


لا يختلف المؤرخون فى أن مؤسسى الكويت الحديثة هم العتوب ، الذين ترجع أصولهم إلى قبيلة عنزه المنحدرة من جزيرة العرب ، وللعتوب ثلاث فروع رئيسية هى (آل الصباح ، وآل خليفة ، والجلاهمـة)( 1).
وبالنسبة لعتوب الكويت واستقرارهم في الإمارة نجد أن التواريخ الموضوعة لازالت موضع نقاش واختلاف( 2) غير أن ما يجمع عليه أغلب المؤرخين أن آل صباح أول من مارسوا سلطة حقيقية على المكان واتخذوها مقراً وسكناً وبنوا بها البيوت( 3) وكان ذلك في عهد صباح الأول ( 4)عام 1613م كما تشير ميمونة الصباح إلى ذلك مستندة إلى أدلة وقرائن تبرهن على صحة ما توصلت إليه( 5).
والحقيقة أن إشكالية تحديد تاريخ الاستقرار على الرغم من أهميتة (6) إلا أنه لا يعوقنا كثيراً عندما نحاول التعرف على الملامح الاجتماعية المبكرة للمجتمع الكويتي الجديد وهويته ، والتي اتسمت منذ البداية بأنه مجتمع تجاري إبتعد عن العصبية القبلية أو السياسية بمعناها المفهوم(7) خاصة بعد أن اتصلت بهذا المجتمع الجديد هجرات مختلفة على شكل أفراد وقبائل ، بعضها استقر وبعضها الآخر كان يمارس حياته الرعوية في حدود سلطة شيخها وتحت سيطرتة .

لذا ومن هذا المنطلق فإننا نستطيع أن نقرر وبناء على ما ذكرته المصادر المختلفة أن حكم الشيخ الشيخ صباح الأول الذي جاء إختيارة عن طريق التراضي باتفاق القبائل الموجودة التي كان أهمها (آل صباح - آل خليفة - الجلاهمة)(8)، مثل أول نماذج السلطة المدنية في الكويت ، وأكد على عدم وجود أي صراع داخلي على الحكم في المراحل الأولى( 9).
و في ظل حكم آل الصباح سارت الإمارة نحو المزيد من الاستقرار والتطور بعد أن استطاعوا المحافظة على كيانها وتماسك التكوينات الاجتماعية بها ، الأمر الذي جعل لخصوصية التطور السياسيى والاقتصادي والاجتماعي للمجتمع في البدايات الأولي أثرا كبيرا في ترسيخ مفهوم الحكم المشترك القائم على الشورى كما يذكر الرشيد والقناعي (10 ).
وقد تولى حكم الكويت عدد من شيوخ آل صباح (صباح الأول - مبارك الأول بن صباح بن جابر - عبد الله الأول بن صباح بن جابر فى النصف الثاني من القرن الثامن عشر حتى 1811م - جابر بن عبد الله الصباح 1811 – 1849 م - صباح بن جابر الصباح 1849 – 1866 م - عبد الله الثاني بن صباح 1866 – 1892 م - محمد بن صباح 1892 – 1896 م ) وصولا للشيخ مبارك مبارك الثاني بن صباح 1896 – 1915 م والذي يعتبر مؤسس وباني الكويت الحديثة(11 ) .

ولاشك أن فترة حكم الشيخ مبارك كانت فترة حاسمة في تاريخ الإمارة فخلال هذه الفترة كان مبارك حاكماً مطلقاً بل لقد كان هو في حقيقة الأمر الدولة بكل ما تمثلة من سلطات ، خاصة وهو يواجه خلال فترة حكمة هذه واقعاً دولياً يموج بالتغيرات والخلافات والمطامع والتهديدات التي طالت وهددت إمارته ووجودها.


إمارة عربستان:



تقع عربستان إلى الجنوب الشرقي من العراق محتلة القسم الشمالي الشرقي من الوطن العربي بين خطي طول48-51 شرقاً ، وخطي عرض 30-33 شمالاً( 12) وهي تشكل منطقة حاجزة بين (آسيا العربية والقسم غير العربي من قارة آسيا) ، و تعتبر عربستان أحد المناطق العربية التي سلبها الفرس عنوة ، وقد لعبت دوراً رئيسياً في التجارة بما تحتلة من هذا الموقع الاستراتيجي من الناحية الجغرافية والبشرية والاقتصادية والتاريخية ، كما أن جميع الدلائل الحضارية والأثرية التي تم اكتشافها في المنطقة تشير بوضوح إلى أثر الحضارة العراقية القديمة سواء من ناحية اللغة أو الكتابة أو العمران( 13)، وقد ظل العرب في إقليم عربستان في واقع الأمر مستقلين عن بلاد فارس يتنازعون فيما بينهم ويتفاعلون مع العالم الخارجي استنادا إلى مصلحتهم ومنفعتهم .


وقد كانت قبيلة بني كعب( 14) والتي ظهرت بقوة على مسرح الأحداث السياسية في منطقة الخليج العربي منذ منتصف القرن السابع عشر، من أهم القوى السياسية التي لعبت دوراً فعالاً في إمارة عربستان ، وتذكر المصادر أن بنوكعب التي ترجع أصولها إلى نجد نزلوا المنطقة منذ عهد الافشار( 15) ثم انتقلوا إلى مدينة ( قبان) بشط العرب ، ليتمكنوا عام 1747 م من الاستيلاء على (مدينة الدورق) في أعقاب مقتل نادرشاه (1736- 1747) ومن ثم أُبدلت تسميتها إلى (الفلاحية)(16).
وبدخول بني كعب الفلاحية أخذت قوتها تنمو وتتوسع جهة الشمال والشرق ، ونجح الكعبيون في إقامة إمارة قوية - وإن تذبذب ولائها بين العثمانيين والفرس( 17) - ، وقد كان القسم الجنوبي من الإقليم يدخل ضمن نطاق الأراضي الفارسية بسكانه العرب أما القسم الشمالي فسكنته بعض القبائل المختلفة كالبختيارية وغيرهم .
وبالنسبة للأحواز(الأهواز) أو الناصرية فتقع إلى الشمال الشرقي من المحمرة ( 18) والتي كان للخلاف الذي أثارة بني كعب بين الدولة العثمانية والفارسية أثر كبير في ظهورها كأحد القوى الإقليمية بمنطقة شمال شط العرب عام 1812م( 19) ، حين إستطاع شيخ قبيلة البوكاسب ( مرداو بن على بن كاسب) بأن يقيم على مصب نهر الكارون لتنفصل بعدها المحمرة ويستقر قسم (البوكاسب) فيها ، وبالتالي كل قواها السياسية ، بعدما ظل قسم (البوناصر) في الفلاحية ومن ثم تتطورالأحداث ويصبح الطرفان خصمان وينشأ بينهما صراع سلطة ونفوذ .
وبعد أن انقسم الكعبيون إلى قسمين (البو ناصر والبوكاسب) أخذ الصراع أبعاد الصدام والتفاعل خاصة بعد أن استقر قسم المحمرة وعبادان وتألف من عشائر (المحسن والدريس(20 ) والنصار(21 )) ، أما قسم الفلاحية ( الدورق ) فقد تألف من عشائر ( مقدم ) (العساكرة) وغيرهما، الأمر الذي برز معه حدة التباينات على أسس مناطقية وقبلية بين الطرفين ، بما جعل كل قبيلة تبلور سياستها الداخلية والخارجية بما يتوافق مع مصالحها الشخصية ومناطق نفوذها ومصادر دخلها وليس مصالح الإمارة كوحدة سياسية حتى أن الكثير من القبائل آثرت الانشقاق كما حدث عام 1839م ، حيث أعلن رؤساء قبائل (آل كثير) و(مهاوي) و (ربيعه) إستقلالهم.
وإن كان هذا الانشقاق لم يقتصر على بطون القبائل الكبرى (كالبوناصر والبوكاسب) بل إنقسمت القبيلة الواحدة على نفسها ونشأ صراع فيما بين أفرادها وهو ما مثلة صراع (البوناصر) التي انشق أفرادها على أنفسهم عام 1849 وثار نزاع على السلطة والحكم(22) إذ أعلن الشيخ حداد بن فارس رئيس قبيلة آل كثير استقلالها وكذلك فعل الشيخ مهاوي رئيس قبيلة بني طرف والشيخ طلال رئيس قبيلة ربيعة .




يتبع[/justify]

AHMAD 05-11-2018 10:17 PM

[justify] وكما هو الحال من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر فقد كانت سيطرة السلطة المركزية بطهران على العرب ضعيفة ونتيجة لذلك كانت القبائل العربية بعيده عن سيطرتها من ناحية السلطة الفعلية والالتزامات السياسية فاستطاع زعماء القبائل بموجب هذا الوضع تثبيت انفسهم في أماكن تواجدهم كحكام أصحاب سلطة فعلية.
وتعتبر (بنو كعب) النواة التي جذبت حولها الكيان العربي الحديث في المنطقة بعيداً عن الحكم الفارسي خاصة في حوض نهر الكارون(23 ) بعد أن نجح الكعبيون في تكوين أسطول بحري ضخم ساعدهم في مد نفوذهم على المناطق المجاورة(24 ).

وفي العام1837م هاجمت الدولة العثمانية المحمرة ودمرتها مما حدا بالدولة الفارسية التدخل ، وان استمرت هذه الصدامات إلى أن تم عقد مؤتمر عام1847م عرف آنذاك باسم " أرضروم الثانية" ، اشترك فيه كل من روسيا وبريطانيا بالإضافة إلى ممثلي الدولتين (فارس والعثمانيين) .
والحقيقة أن هذا المؤتمر أعتبر بمثابة ضربة قاصمة للوضع والتركيبة السكانية والقبلية في عربستان- على الرغم من عدم اعتراف العرب الساكنين في عربستان ببنود المعاهدة( 25) ، فعلى إثره خصصت المحمرة وعبادان وبعض المناطق للدولة الفارسية وألحقت السليمانية وتوابعها بالدولة العثمانية .

ولا شك أن الانشقاقات القبلية كانت أحد أهم أسباب التدخل الخارجي خاصة من فارس والدولة العثمانية ،فقد حاولت السلطات العثمانية بالتعاون مع البريطانيين التحرك ضد هذه الانشقاقات لإحتوائها وإضعافها ، وقد جاءت الحملة العثمانية - البريطانية المشتركة إلى الإمارة عام 1763 م لكي تحقق الهدوء نوعاً ما غير أنها انتهت بالفشل ، لتتوجه بعدها بعامين حملة عسكرية أكثر تنظيماً من قبل السلطات الفارسية 1765 م ممارسة سياسة تدميرية عنيفة تجاه القبائل العربية الأمر الذي أدى لهجرة الكثير من السكان في ( قبان) واللجوء إلى قرية الفلاحية وإن لم تحقق الحملة هدفها أيضاً ، ليتلوها حملة أخرى في يونيو من نفس العام بين العثمانيين والبريطانيين وفشلت كذلك ( 26).

والغريب أن شيوخ القبائل العربية وعلى الرغم من الصراع الدائر بينهم وبين الدولة الفارسية فشلوا في التوصل لاندماج أو تعايش سلمي فيما بينها ليثور نزاع وحرب طاحنة بين قبائل آل ( بو ناصر) في الفلاحية ، الأمرالذي لم يبقي معه إلا مدينة المحمرة( 27) التي ظلت كوحدة سياسية محافظة على كيان سياسي واضح بعد ان بقيت عناصرها المتنفذة وقوتها الحقيقية ممثلة في شيوخ المحيسن ( المطور – ألبو فرحان – الهلالات – البغلانية – منيعات – بيت غانم – ألبو محسن – الشريفات – العطب – النصار – الدريس – أل عريض – العيدان – بيت كنعان)( 28) تحت حكم الشيخ جابرالمرداو( 1819 – 1881 ) م ومن بعدة إبناه مزعل ( 1881 – 1897 ) م وخزعل ( 1897 – 1925) م( 29) .



الصراعات الفارسية وطبيعة العلاقات بين إمارة الكويت وعربستان قبل تولى مبارك وخزعل الحكم

لعبت الجغرافيا والسياسية دوراً مهماً في طبيعية العلاقات السياسة والاقتصادية والاجتماعية بين الكويت وعربستان فبحكم الجوار كانت الكويت تتأثر بما يحدث في عربستان والعكس .
ولا شك أن الأحوال المضطربة داخليا وغير المستقرة خارجياً في فارس منذ أواخر القرن السابع عشر ومطلع القرن الثامن عشر مهدت سبيل النمو والاستقرار للكويت( 30) و أتاحت المجال واسعا أمامها لتصبح أحد أهم الأماكن التجارية بمنطقة الخليج العربي(31 )
وفي النصف الثاني من القرن الثامن عشر (1757 م) كان الحكم في فارس قد آل إلى كريم خان (1760 – 1779) م الذي بسط نفوذه على أنحاء البلاد - فيما عدا المناطق البعيدة المتطرفة عن مركز الدولة في (شيراز) - فكانت هناك مناطق لا تخضع له خضوعا كاملا "كعربستان"( 32) خاصة بعد أن رفضت الكثير من القبائل العربية التعاون معه وسببت له الكثير من المشاكل(33 ) .


وقد شهدت الكويت صرعاً عنيفاً مع عربستان منذ القرن الثامن عشر وذلك منذ وقعة الزبارة عام 1782م والتي تكبدت فيها قبائل كعب خسائر كبيرة الأمر الذي عمق الخلاف بدرجة كبيرة وأدى أن تصبح الكويت هدفاً عسكرياً للكعبيين الذين قصدوها في العام 1783م بأسطول ضخم فشل في الاستيلاء عليها فيما عرف آنذاك بموقعة الرقة ( 34).

وفي العام 1827م قام الشيخ جابر الصباح بشن هجوم على الكعبيين أثناء مساعدتة لعزيز أغا متسلم البصرة(35 ) ، ليعود ويكرر هذا الهجوم على المحمرة عام 1837م أثناء مساعدتة لرضا باشا(36 ).
وقد مثلت هذه الصدامات أهم مراحل الصراع العسكري بين الطرفين التي حل محلها إبان عهد الشيخ عبد الله الثاني الصباح ( 1866 – 1892) م فترة سلم وصفاء ، سبقها في العام 1841م لجوء الشيخ ثامر شيخ بني كعب للكويت بعد أن طرد منها( 37) .
ومن ثم و بعد أن بدأت المحمرة تظهر ككيان سياسي وتمكن الشيخ جابر المرداو من بسط نفوذه في ربوعها وعلى قبائلها جاءت العلاقات بين الشيخ عبدالله الثاني الصباح والشيخ جابر المرداو لتعكس لنا صورة مرحلة جديدة سادت فيها علاقات ودية حتى أن عربستان إستعانت بالكويت في صراعها مع بعض القبائل المتمردة في عام 1886م ( 38) واستطاع الشيخ عبد الله الصباح هزيمة قبائل النصار بعد أن إحتل حصونهم في القصبة وأرغمهم على تقديم ما قطعوة من أموال للشيخ جابر المرداو عام 1869 م ( 39)، لتستمر هذه العلاقات الطيبة إبان تولى الشيخ مزعل الحكم في الفترة من ( 1881 – 1897 ) م .

[/justify]

AHMAD 05-11-2018 10:22 PM

[justify]
مبارك وخزعل والتطلع للحكم


أملى الوضع السياسي العام في منطقة الخليج العربي، خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر على شيوخ الكويت أن يكونوا أكثر حذراً في تحركاتهم السياسية إذ إن الدولة العثمانية كانت قد بدأت بالفعل مرحلة الانهيار التدريجي السريع ، كما ظهرت بريطانيا كأحد القوى المطلقة والمؤثرة في سياسات المنطقة خاصة بعد ربطها عدد من الامارات باتفاقيات مباشرة ، ثم كانت ألمانيا هذا الوافد الجديد والإمبراطورية الحديثة في أوروبا تتطلع لوضع قدم لها يدعم ظهورها كقوة لها شأنها في أوربا ، بجانب التحركات الروسية الناشطة والطامحه بدورها للوصول إلى مياه الخليج الدافئة(40 ).

وكما هو معروف فقد ولد الشيخ مبارك في العام 1844م وكان الثالث في أبناء الشيخ صباح فاحتضنة جدة منذ أن كان في الخامسة من عمرة وجاء له بمعلم لتحفيظ القرآن وتعليمه بعض علوم الدين(41 ) ولم يبلغ الشيخ مبارك الرابعة عشرة من عمرة إلا وكان قد أتقن الفروسية الأمر الذي جعله يختص في حياة إخوانة بعملية الحكم بين بدو الكويت ومن ثم وفي عهد أخية حاكم الكويت الشيخ محمد(42 ) (1892 – 1896 ) م تم بعثة إلى الصحراء للاستفادة من جهودة فتولى مسؤولية حفظ الأمن هناك لينجح إلى حد كبير في تكوين صدقات وطيدة مع شيوخ القبائل البدوية وهو الأمر الذي عزاة البعض من أن الشيخ مبارك الصباح وبعد أن تأكد من التفاف القبائل حوله عزم على الانفراد بالحكم( 43).
علي الجهة الأخرى مثل الشيخ جابر أمير المحمرة( 44) الذي تولى الرئاسة بعد أخية عهداً حاسماً في تاريخ عربستان فعد المؤسس الحقيقي لإمارة المحمرة ، خاصة أنه وبعد أن حصل على إعتراف الشاه باستقلاله الذاتي فكر في نقل مقر الإمارة من المحمرة إلى الفيلية عام 1865 ليكون في مقر أكثر خصوصية ومركزية لممارسة سلطتة في الحكم( 45) ، وقد استمر حكم الشيخ جابر على المحمرة حوالى نصف قرن قضاها في تدعيم استقلاله وبناء كيانه السياسى لتوافيه المنية عام 1881م ومن ثم تنتقل الإمارة إلى إبنة الشيخ مزعل ( 1881 – 1897 ) م والذي تمثل مدة حكمة فترة إنتقالية اتسمت بالنزاع والصراع السياسي الحاد بين القبائل التي يحكمها ليأتي بعده الشيخ خزعل الذي ظل على حكم الإمارة حتى العام 1925 وهو نفس العام الذي شهد سقوط الإمارة تحت الحكم الفارسي .

ولد الشيخ خزعل في العام 1862م في قرية "كوت الزين" التابعة لقضاء أبي الخصيب وكان خامس أخوتة ، نشأ وتعلم في المحمرة على ايدي بعض شيوخ النجف وتدرب على الفروسية وكان عوناً لأبية وأخية في الكثير من الحروب المستمرة مع بعض القبائل والعشائر هناك( 46) كما أتقن الانجليزية والفارسية( 47) وقد برز دور الشيخ خزعل في السنوات الأخيرة من حكم أخية حيث انيطت به بعض المهام كما أصبح قائدا للجيش( 48) الذي ولاة عليه أخوة مزعل بعد أن كثر إنشقاق القبائل على حكمة وأراد الاستفادة من قدرات خزعل العسكرية وتأديب هذه القبائل ، إلا أن التضييق عليه من جانب أخية كان أحد أهم الأسباب التي رواها المؤرخون والتي أدت لاغتيالة لمزعل حتي أن لوريمر يذكر أن هذه القبائل كان لها دور واضح في عملية تعيين خزعل وجاء بضغط منها ( قبيلة المحيسن عامة وفرع الدريس من قبيلة بني كعب) بما يعكس لنا مدى تغلغل النفوذ القبلي الواضح في سياسة الحكم (49 )



يتبع[/justify]

AHMAD 27-11-2018 09:38 AM

[justify]مبارك وأزمة الحكم الدوافع والأسباب ( 1896 ) م

قد يكون الشيخ مبارك ومن خلال تمرسة وخبرتة في الحروب وتواجدة المستمر في البادية وتعاملة مع رؤساء القبائل ، ومواجهتة المحاولات المتكررة للبعض لزعزعة الاستقرار أو فرض نفوذ ما ، جعله ملامساً وعن قرب طبيعة الأمور وسير الأحداث(50) خاصة صراع (نجد والأحساء بين آل سعود وبين آل رشيد أمراء جبل شمر) – فقد كانت هذه الصراعات تدور بالقرب من حدود الكويت وتؤثر بشكل أو بآخر على قبائلها بل أن بعض رعايا آل صباح من القبائل كانوا هدفاً لمرمى نيرانها .

وإبان تولى الشيخ محمد الحكم (1892 ) م كان الشيخ جراح مشاركاً لة وبقوة في إدارة الأمور، بل يكاد بعض المؤرخين يتناولان فترة حكمة بأنها حكم مشترك بينة وبين أخية الشيخ جراح ، حتى أن تولية الشيخ مبارك لحفظ الأمن في البادية أعتبرها البعض محاولة منهما لاقصاءة وإضعافة عن أي منصب ذو طبيعة قد تؤهله لتولي الحكم كما يشير أبو حاكمة (51 ) .

وقد يكون هذا التكهن خاضع بصورة كبيرة لتفسير شخصي ، فمن المعروف أن الشيخ محمد وباتفاق الكثير من المؤرخين كان طيب النفس محباً للكويت وأهلها(52 ) لذا فمن غير الواضح أن يكون عمل في الخفاء على إبعاد الشيخ مبارك عن أي مشاركة فعلية في الحكم خاصة وأن تطور الأحداث تقول غير ذلك ، فمبارك كان قائد الجيش والممسك بزمام الأمور في البادية فكيف يكون بعيداً عن أي ترتيبات مصيرية وهو بالفعل أحد أهم أركان الإمارة والمشارك الفعلي لرسم السياسات العامة لها بامتلاكة أحد أهم مصادر القوة المطلقة وهو الجيش .
إن أزمة الحكم التي نشأت بين الشيخ مبارك وأخوية خضعت لتحليلات عدة من جانب المؤرخين والكتاب فما بين الخلافات المالية والطموحات الشخصية كانت تدور أغلب هذه التفسيرات التي تناولت أزمة الحكم .
فيتناول عبد العزيز الرشيد الخلاف ويرجعه لطموح مبارك وطبيعتة العسكرية ( 53) ، أما يوسف القناعي فيرى أن الخلافات المالية فقط هي التي حكمت العلاقة بين مبارك وأخوية( 54) ، كذلك يرجعه أبو حاكمة للخلافات المالية المتكررة - وتدخلات يوسف الابراهيم، في شؤون الحكم (55 ) - والتي قد يكون مبارك خشي منها على تقويض حكم آل صباح( 56) - خاصة أن أبو حاكمة يشير أن يوسف الابراهيم كان يعمل من أجل هذا بالاتفاق مع بعض الحكومات الاجنبية(57 ) .
في حين يذكر حسين خزعل في أسباب الخلاف أن الشيخ مبارك كان محباً للمجد ، وأن أخوية الشيخين محمد وجراح كانا لا يعيرانه الانتباة الازم في الكثير من القضايا التي تتعلق بالإمارة بجانب أن يوسف الابراهيم كان هو السلطة الفعلية والذي كان الشيخ مبارك يرى أن ذلك إضعافاً لأل الصباح ، بجانب أن مبارك كان يرى ضرورة التوسع البري للكويت حتى لا ينحصر جل نشاطها وآمالها فقط في البحر وهو ما كان يخالفة فيه أخوية مع مطالبة مبارك بحقوقة الموروثة من أبية( 58) .


ويبدوا أن الدوافع الحقيقية لعملية الاغتيال ستظل تخضع للمزيد من التحليل والتفسير، وإن كانت هذه التفسيرات تميل بنا نحو محاولة رؤيتها من جانب آخر يتعدي الجانب المحلى للأزمة.
فمبارك الذي عاش حياتة في الصحراء بين الغزو والصراعات العسكرية كان ملامساً وعن قرب التغير الحقيقي للأوضاع الداخلية والخارجية للمنطقة ولم يكن في أي وقت من الأوقات بعيداً عن الحكم حتى أن أبو حاكمة نفسه أقر بذلك حين ذكر (أن الشيخ محمد أشرك في الحكم معه أخواة جراح ومبارك ، كما كلف الشيخ مبارك في العام 1893م بالتوجة إلى الأحساء إثر الاضطرابات التي حدثت هناك مما ينفي الشك حول عدم قيام الشيخ محمد بمحاولات تأمين الإمارة من الصرعات الإقليمية الدائرة أو تأمين وضع الكويت على المستوى الخارجي ، وتنفي كذلك بعض الرويات التي حاولت وصف الشيخ محمد بضعف الإرادة فقد كانت الكويت في خلال فترة الشيخ محمد تنعم بالكثير من الاستقرار الداخلي(59 ) وليس معني عدم وجود حروب أو مناوشات أو صرعات إقليمية لم تدخل فيها الكويت أن يكون هذا دليل على ضعف حاكمها أو حتى وجود خلاف بين الشيخ محمد وبين بعض القبائل كما ذكر البعض( 60) ، خاصة وأن مبارك ورث الإمارة من بعده وهي مستقرة سياسياً ومتقدمة إقتصادياً بالمقارنة ببلدان الجوار(61).

وإذا ما نحينا جانباً ما كتبة مؤرخينا الأوائل من دوافع وأسباب(62) نرى أن التفسير الأقرب لما قام به مبارك الصباح يحمل دوافع اتخذت طابع إقليمي وسياسي( 63) بجانب الدوافع الشخصية – إذا لم نهمل قلق بريطانيا من رفض الشيخ محمد في العام 1895م عرضها بإقامة علاقات تحالف معه(64) ، كذلك إذا ما صح الكلام عن تدخلات يوسف الابراهيم والذي قد تكون خلقت قبول عام لفكرة إضعاف الإمارة لمصلحة أطراف خارجية ، الأمر الذي سهل من تقبل فكرة تغيير الحكم ونشوء تيار قوي لدعم هذه الفكرة مع كل ما تحمله من مخاطر معنويه وسياسية على الإمارة ، كما أن مبارك ومن كان يؤيدة بلا شك كان مقدراً لردود الفعل فمن غير المعقول أن يكون قد حسم أمرة بإزاحة طرفي الحكم بدون أن يتدبر أمر ملحقاته وما سيؤدي إليه خاصة من قبل أفراد الأسرة الحاكمة ، حتى أن احتمال فشل العملية لم يخطر على بال الشيخ مبارك الذي بالتأكيد قد إمتلك من الوسائل ما يضمن له تنفيذ عملية هادئة تخلو تماماً من الاخطاء .
ونستطيع أن نقرأ وجهة النظر هذه فيما تناولتة تقارير وكتابات المؤرخين الأجانب ، فلم تهمل التقاريرالأوربية وممثلي القنصليات عملية الاستيلاء على الحكم ففي 27 مايو1896 من نفس العام أرسل القنصل البريطاني في بغداد تقريراً إلى سفارتة في القسطنطينية جاء فيه " وردنا أن الشيخ مبارك قد قتل أخوية ويقال أن مسببات القتل رفض الشيخ محمد تقديم الأموال له"( 65) ، كما تابعت القنصلية الروسية باهتمام هذه الأزمة فأشار ماشكوف(66 ) عقد اجتماع سري بين بعض شيوخ آل الصباح وبعض أعيان الكويت في 16 مايو 1896م وزعم بأن المجتمعين وافقوا على قيام الشيخ مبارك بالانقلاب( 67).
كذلك أرجعت بعض التقارير القنصلية(68)سبب الإطاحة بالشيخ محمد إلى اتصالاته الوثيقة مع الإنجليز(69) ، كما أن القنصلية الفرنسية قد أبلغت بهذا النبأ في 26 مايو1896م بتقرير عن طريق القنصلية الفرنسية في بغداد جاء فيه" وأخيراً انفجرت المشاكل في الكويت"(70) ومن ثم وفي 4 يونيو من نفس العام أرسل القنصل الفرنسي إلى سفارتة في القسطنطينية يشير لوجود قلق في البصرة من هذا الانقلاب ، كما أبلغ القنصل الألماني حكومتة بالأمر مفترضاً تورط الأمير محمد بن رشيد أمير حائل (71) .
أما الدولة العثمانية فقد اتهمت بريطانيا بأنها تقف وراء هذا الانقلاب(72) ، رسخها سريان شائعات في دوائر القصر عامي 1895 – 1896 مفادها أن الشيخ مبارك الصباح لدية خطط ليشكل تكتلا عربياً في المناطق التي يطالب بها العثمانيين ( الكويت قطر – بجانب ابن رشيد بنجد – والبحرين ) كما تناولت بعض الدوائر الألمانية أنباء عن مثل هذه الشكوك(73) ، أما لوريمر فيلخص عملية الاغتيال بقوله "حدثت ثورة داخلية في الكويت انتهت بتولى الشيخ مبارك الحكم الأمر الذي أدى لعداء بينه وبين أفراد أسرتة وسبب عدم إستقرار له"(74).
والحقيقة أن أزمة الحكم هذه نجح مبارك في إدارتها والقفز على نتائجها السلبية بسرعة خاصة عدم إهمالة واحتوائة خطر أبناء أخوية الشيخ محمد وجراح (75) ، أما يوسف الابراهيم فأوعز إلى بعض الوجهاء الكويتيين لمحاولة إثنائة عن إثارة المتاعب(76)، كما إستغل صداقتة بالشيخ خزعل ليطلب منه التوسط في هذا الأمر والذي تؤكد المصادر المحلية أن الوساطة كادت أن تنجح لولا أن عاجلت المنية يوسف الابراهيم(77) .
وبالنسبة للجانب القضائي وبعد أن كتب حمدي باشا متسلم البصرة وهو أحد أعداء مبارك (78) للبابا العالي باسطنبول إثر تلقيه شكوى من أولاد الشيخين (محمد وجراح) يحاول فيها تأليب الباب العالي على الشيخ مبارك ، سارع مبارك ليكتب إلى رجب باشا مشير بغداد لوقف التحرك في هذه القضيه (79) كما طعن بالمستندات التي كانت مع أولاد أخويه مدعياً أنها مزورة (80) .
كذلك قام بإعطاء معلومات غير صحيحية للعثمانيين في شأن القضية ليستطيع في النهاية أن يحتوى هذا التصعيد القضائي نحوة.

[/justify]

AHMAD 27-11-2018 10:01 AM

[justify]الشيخ خزعل على خطى الشيخ مبارك وتغيير الحكم في عربستان 1897 م


إن كانت المصادر المحلية قد وصفت بالتفصيل عملية الاغتيال التي قام بها الشيخ مبارك والتي لم يشر فيها من قريب أو بعيد لدور ما للشيخ خزعل على الرغم من أنهم كانوا أصدقاء مقربون(81) إلا أن عملية الاغتيال التي راح ضحيتها الشيخ مزعل 1897 م خضعت لعدد من الرؤى والتفسيرات المتضاربة .
فقد ذكر البعض أن الشيخ مزعل قتل على رصيف الميناء في "الفلاحية" بعد فترة وجيزة من نزولة من قاربه إلى البر وهو يطارد سفينة جاءت لهذا الغرض(82) ، وقد قدمت الراويات البريطانية تقريراً أشارت إلى أن طلقات قاتله أطلقت على الشيخ عبر نهر صغير قرب الرصيف من قبل ثلاثة عبيد بالتعاقب أو من قبل أشخاص مجهولين ، وقد روى أحد شيوخ المحيسن أنه عندما سقط مزعل على الأرض أطلق النار جميع من لدية بندقية وأنه قد قتل حوالي اثني عشر شخصاً آخرين(83) .
وانتشرت كذلك شائعات تفيد بأن قائد حرس القصر الشيخ "عبد الله" ومساعداه شاركا في المؤامرة ، كما أشار البعض انه وبعد إطلاق النار أدار الشيخ "عبد الله" ومساعدة بنادقهما باتجاه عبيد المقتول الذين كانوا قد اسرعوا للنجدة فقتلا خمسة عشر منهم (84)
و فسرت الوثائق البريطانية الحادثة دون إشارة لدور واضح للشيخ خزعل فيها ، بعد أن بادرنائب القنصل البريطاني بعد علمة بالاغتيال لنفي مشاركة الشيخ خزعل وأشار بالقول "أنه من المشكوك فيه أن يكون مساهما فعلا في المؤامرة على الرغم من أنه كان عارفا بها"(85) .
وأشير أن الشيخ سلمان ابن عم خزعل - كان ينتظر بالقرب من مكان الحادث مع جماعة من الرجال حتى إذا ما فشلت المحاولة يقوم هو ومن معه بعملية إعادة النظام ، إلا أنه وبعد نجاح العملية عاد خزعل إلى القصر وتسلم السلطة(86) .
وتناول البعض بالقول البعض أن خزعل كان نائماً أثناء تنفيذ عملية الاغتيال وقد جيء به من مضجعة لاستلام زمام الأمر(87) و يبدوا أن عملية إغتيال مزعل كانت واسعه النطاق خاصة بعد أن أشير كذلك لدور لزعماء شيوخ المحيسن بجانب أقارب لمزعل اتهموا أنهم متورطين بها (88).
وتأسيسا على ذلك سرت شائعات تحدثت أن الشيوخ انزعجوا من علاقات مزعل مع السلطة المركزية الفارسية(89)، إذ كانوا دائما شديدي اليقظة لأي تهديد لاستقلالهم واعتقدوا أن مثل هذه السياسة من المحتمل أن تضر وبالتالي قد تقوض امتيازات العرب في إقليم عربستان(90)، أما البعض فيرى أن عدم رضاء بريطانيا على الشيخ مزعل في الفترة الأخيرة خاصة معارضتة لبعض المصالح لها في نهر الكارون والملاحة به كانت أحد أهم الدوافع التي ساعدت في التسريع بعملية الاغتيال وتشجيعها(91).
والغريب أن طهران بعد عملية الاغتيال أبدت سرورها حتى أن مظفر الدين شاه (1896 – 1906 ) م أرسل لخزعل ببعض الهدايا(92) الأمر الذي يدعم بعض الأقوال التي سرت حول دسائس ومؤامرات الحكومة الفارسية(93) .
وإن كان خزعل لم يسلم من المؤامرات والدسائس نفسها عليه ، فقد تعرض لعملية إغتيال دبرها بعض أولاد أخ الشيخ مزعل مع رئيس قبيلة الدريس ورئيسا قبيلة مقدم ومن أمراء المشعشعين(94) إلا أن المؤامرة فشلت ( 95) .


وقد يكون لنا الحق في التساؤل هل هناك رابط بين عملية إغتيال الشيخ مزعل و نجاح الشيخ مبارك في تولى الحكم بعد مقتل أخوية ، وذلك على إعتبار أن الشيخين مبارك وخزعل كانا يمران بنفس الظروف والضغوط المتشابهة من أخويهما .

إن المصادر التاريخية تذكر لنا محاولات مزعل لاحتواء الصراع بين الشيخ مبارك ويوسف الابراهيم ، كما أن مبارك الصباح نفسه كان ما يزال يعاني من صراعات خارجية وتوابع ما قام به ومن المستبعد أن يتورط في أمر كهذا - على الرغم من عدم معارضتة - كما أن المصادر الأجنبية ذاتها لم تتحدث عن صلة مباشرة للشيخ مبارك بهذا الأمر(96) .
وإذا تركنا جانبا أشكال التوافق والعلاقة المباشر التي جمعت مبارك وخزعل ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال كذلك أن نهمل أن الشيخ مزعل كان يتمتع بعلاقة جيدة مع مبارك ، وعلى أية حال فإن كل ما إستندت عليه تفسيرات مضي خزعل في عملية الاغتيال لا تتجاوز نجاح صديقة وحليفة السياسي ومماثلة الشيخ مبارك الصباح في إعتلاء كرسي الحكم عبر عملية الانقلاب التي قام بها 1896م ، وسواء كان الشيخ خزعل مشاركاً مشاركة فعلية في عملية الاغتيال أم كان فقط من خطط لها إلا أنه سرعان ما أخذ يدعم من سلطتة خاصة تأكيدة للبريطانيين حرصه على الالتزام التام بمصالحهم في الامارة(97)لإزالة اي بوادر للمعارضة منهم.
[/justify]

AHMAD 08-12-2018 12:55 PM

[justify]تطور الأوضاع السياسية في الكويت وعربستان (استقرار الحكم مرهون باستقرار الوضع الداخلي)[/justify]

[justify]
بدأ مبارك التعامل مع الوضع الجديد وتطور الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية بمنتهى الحذر(98)، وبدون إنتظار بدأ في استغلال التوترات القائمة في المنطقة بين مختاف القوى لاكتساب المزيد من الضمانات وتأمين قدر من الأمن له ولإمارتة خاصة من الجانب البريطاني الأقوى.
كذلك خزعل راح يقوي ارتباطة بالبريطانيين فأرسل أربعه رجال ليتمركزوا كحرس لحماية نيابة القنصلية البريطانية بعد توليه الحكم مباشرة برفقة رسالة فحواها "باستطاعة القنصل البريطاني الاعتماد عليه في المحافظة على النظام والقانون"(99) .
كما أشارت بعض التقارير أن خزعل الذي خشي تصاعد المعارضة بعد عملية الاغتيال وحدوث إضطرابات كان دائماً يبث رسائله للبريطانيين بأن يعتبروه من ضمن مصالحهم الخاصة بالمنطقة والتي يهمهم الحفاظ عليها (100).
ولاشك أن الباحث في مسير وتطور الأحداث في عربستان لابد أن يستوقفة كم الصراعات القبلية فهذا الأمر قد يمثل فارقاً مهما لفهم أسباب ودوافع الحكم وعملية الاستقرار من عدمة .

فالناظر من جهة للتركيبة الداخلية للقبائل العربية وغيرها في عربستان ووضع الكويت وقبائلها من جهة أخرى يجد أن التوافق والاستقرار في الكويت كان أقوى وأكثر وضوحاً ولم يكن هناك مثل هذا الصراع القبلي على الرغم من أن القبيلة كانت هي الأساس الذي سار من خلالة تطورالمجتمع في الجانبين .
كما بدا واضحا أن الكويت أفراداً وقبائل ومجموعات ولائهم يرتبط دائماً بإمارتهم فلم يكن هناك صراع في أي وقت من الأوقات على تولى السلطة أو الحكم بين أفراد المجتمع(101) ، كما أن ولاء حكام الكويت أنفسهم لم يكن لأي جهة معينة ، وباستثناء الإدعاءات العثمانية لم يكن هناك عبء وضغط خارجي عليهم يجبرهم علي قبول أي سلطة خارجية .
وأن استدعت الظروف في بعض الأحيان أن يكون هناك نوع العلاقة الاسمية بين الكويت وبين بعض القوى (وإن لم تتجاوز مظاهر هذا الادعاء تواجد مؤسسات أو سلطات عسكرية حقيقة تباشر مهامها) ، خاصة إذا ما علمنا أن حكام الكويت كانوا دائما يرون أن استقرار إمارتهم لم يكن مرهون باستقرارالأوضاع الدولية فقط بل أيضاً الأوضاع الإقليمية والصراعات الحدودية في المنطقة بجانب العامل الأهم وهو استقرار الوضع الداخلي للإمارة.
وإن لم يغب عن بالنا حضور النموذج السعودي وسقوط دولتة السعودية الأولى ( 1744-1818) و الثانية ( 1824- 1891) ، فإن مبارك والذي كان يعد الأمير عبد العزيز لإرجاع سلطة أبائة الضائعة في الرياض ، لم يهمل أثر هذا التحالف المعلن بينه وبين الأمير الشاب خاصة أن مبارك كان يضع نصب عينية أثر هذا التحالف على أل رشيد في حائل ونجد واستقرار أوضاع الإمارة وقبائلها الحدودية بجانب تقوية وضعة في أي مفاوضات مستقبلية مع أطراف دولية وخارجية .

أما بالنسبة لعربستان فقدكانت الخطوط كلها تتلاقى لتجعل من الصدامات القبلية أحد أهم وأبرز الصور الواضحة للإمارة ، فقد كان لتشابك الوضع القبلي والصراع الدائم على الحكم وعدم الاستقرار أثر كبير في شكل وتركيبة المجتمع والسلطة فقد كان على الشيخ خزعل أن يكون أعلى سلطة تنفيذية ، كما يتوجب عليه أن يكون شيخاً لقبائل الإمارة قبل أن يكون أميراً أو حاكماً عليها وهو الأمر الذي كان يجد فيه صعوبة خاصة مع الانشقاقات القبلية المتكررة عليه .

كذلك ما يلفت النظر أن النزاع الحاد الذي كان يدب بين الحين والأخر في صفوف أمراء وشيوخ القبائل والمناطق في عربستان كان يؤثر بلا شك في عملية توزيع الولاء واستقرار السلطة المركزية لخزعل.
وفي المقابل لم تذكر لنا المصادر المحلية أو العربية أو غيرها وجود صراع بين القبائل المختلفة في الكويت أو بين شيخ الكويت وبين أحد رؤساء القبائل من رعاياه الأمر الذي يعكس لنا أن المجتمع القبلي هناك تفاعل مبكراً واندمج مع النظام الحاكم وإن كان لا يزال قائما على البنية القبلية كمبدأ تنظيمي.

لذا يمكن القول أن الاستقرار بالنسبة للشيخ خزعل في عربستان كان مرهون باستقرار الأوضاع الداخلية وهو ما لم يكن متحققاً على أرض الواقع وبالتالي يمكن حصر أوجة الاختلاف بين الوضعين الداخليين للكويت الذي كان على رأسة مبارك و عربستان الذي كان على رأسة خزعل في أمرين:

الأول : ففي حين نجد أن سلطة الحكم في الكويت قد استقرت رسميا في مركز شيخها واستمد المجتمع سلطته من سلطة شيخ الإمارة ، نجد أن الاندماج القومي في عربستان بني على ولاء كل قبيلة لشيخها ولم ينجح شيخ مشايخ هذه القبائل والمفترض في شخص خزعل في الحلول محل القبلية السياسية للعشيرة لتحقيق إندماج أكبر.

الثاني : أن القبيلة السياسية في الكويت تكيفت وبنجاح مع المعطيات سواء السياسية أو الاقتصادية بما جعل مفهوم المواطنة والولاء عند الكويتيين محصور في ولائهم للإمارة وشيخها ، على عكس وضع المجتمع الداخلي في عربستان الذي إنعدم فيه التحديد الرسمي لمفهوم الدولة وظل الولاء دائما للقبيلة بشكلها السياسي.
[/justify]

AHMAD 08-12-2018 01:11 PM

[justify]استقرار الوضع الداخلي في الكويت يتيح لمبارك حرية سياسة في معالجة الأخطار [/justify]

[justify]
أتاح تميز التركيبه الاجتماعيه للمجتمع الكويتي بالبساطة في تعامل الأفراد فيما بينهم وعدم ظهور أية صراعات اجتماعية أو ثورات داخلية أو عنف اجتماعي أو سياسي لمبارك معالجة الأوضاع السياسية وترتيبها دون أي ضغوط داخلية ، فبعد أن عاهد الرعايا على إقامة العدل والسعي في الإصلاح (102) عمل مبارك على إستعادة الأمن فكان المسؤول عن الحالة الأمنية وإدارة الشؤون الداخلية والخارجية ومتصرفاً في واردات وصادرات الإمارة.

كذلك تذكر المصادر أن مبارك كان يفتح خزائنة لرعاياه ويمدهم بالمال لمساعدتهم في تجارتهم ،كما كان يبيعهم قسماً من تموره في البصرة مع إمهالهم القيمة في حالة الركود ، أو عدم القدرة على الدفع ، في حين نجد أن خزعل لم يكن يرى أي غضاضة في أن يأخذ أحد شيوخ القبائل كرهينة عنده في مقابل المال الذي على قبيلتة ، الأمر الذي جعل الحنق عليه من قبل رؤساء وأبناء القبائل يتزايد في الكثير من الأحيان ويترجم لرفض علني لسلطتة بل وإعلان الحرب عليه(103).

ولا ينكر أحد أن مبارك حاول كذلك ترك الحرية للسكان في إدارة بعض أمور حياتهم الداخلية متدخلاً بما تقتضية المصالح فكان في الكثير من الأحيان يراقب الأسواق ومشاكل الأهالي ويعاقب الخارجين أو من يحاول الخروج على النظم المتبعة ، كما كان يتدخل لضمان بعض حاجات التجار الخارجية خاصة إذا علمنا أن دخل الكويت من تجارة الؤلؤ في عام واحد مثلا 1906-1907م بلغ 1347000 روبية وهو رقم ضخم بالنسبة للوضع الاقتصادي العام في المنطقة(104) ، كما أشارات مصادر أخرى أن دخل الكويت بلغ في بداية القرن العشرين حوالي 23 مليون روبية (105).

كذلك كان مبارك لا يتواني عن إخراج قوات عسكرية لمتابعة وتأمين القوافل التجارية وضمان سلامة الطرق داخل حدود إمارته أو بالقرب منها، كما حدث إبان هجوم بعض اللصوص على أحد التجار قرب الجهرة (106)، الأمر الذي يعكس أن مبارك كان حريصاً على تأمين كل ما يمت بصله لإقتصاد الإمارة ، وعلى الرغم من تدخلة هذا إلا أن هذا التدخل لم يؤثر على النشاط الاقتصادي أو يسبب له إرباك أو خوف (107)، على الرغم من أنه مارس سلطة مطلقة في المجال السياسي (108) .

كما شجع الشيخ مبارك تصنيع السفن الكبيرة ، لنقل البضائع بين إمارته وبين الموانئ المختلفة خاصة في الهند ، و في الكثير من الأحيان كان يتوسط لحل المشاكل والخلافات التي تنشأ بين التجار وبعضهم ويحميهم حتى من تجاوز التدخلات البريطانية(109) .
ولم يهمل مبارك الضغوط المجتمعية التي كانت تتحرك نحو ضرورة السير نحو تطور مجتمعي خاصة الحركات التي قادها التجار ، فقد كان إنشاء المدرسة المباركية أحد أهم الأعمال على المستوى الاجتماعي لأهالى الكويت في عام 1911م وهي أول المدارس الحكومية(110) كما ذكر أنه تكفل بتوفير الأموال لها وتعيين المدرسين ، وفي المجال الصحي كان أول مستوصف طبى في الكويت فى عهده ، حيث ظهرت فكرته عندما تأسست الجمعية الخيريه 1913م وقد تبرع لها مبارك بمبلغ خمسة آلاف روبية ، كما أسست أول مستشفى عام 1913م (111)، كما أن مبارك كثيراً ماكان يشرح للوجهاء بعض أمور السياسية التي إضطرته لاتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية كما حدث في مشكلة تجار الؤلؤ حين أشار له بالقول "أنني لم أمنع الغواصين من الخروج هذا العام إلا للمصلحة العامة وإنكم جميعاً تعلمون بأن الخطر محدق بنا"(112) ، وبالنسبة للجيش في الكويت فعلى الرغم من أنه لم يكن نظامياً بالمعنى المفهوم إلا أنه توافر له ما يتوافر للجيوش النظامية في ذلك الوقت من عقيدة قتالية قوية وتموين وإدارة مركزية وتشكيلات قتالية تتحرك وفق نظم وخطط موضوعة من قبل قادة التشكيلات(113) .
والحقيقة ان هذا كله قد يكون راجعاً بشكل مباشر أن مبارك والذي حصل من قبل على دعم قبائل الكويت ومبايعة الأهالى وافراد الأسرة الحاكمة لم يكن يعاني من انشقاقات قبيلة أو ثورات داخلية أو صراع على السلطة (114).

وإن كان المصادر التاريخية تذكر أن خزعل كان أحد أهم أمراء عربستان إلا أن النشاط المجتمعي له يكاد يكون غير واضح المعالم ، فلم تذكر لنا المصادر أن خزعل ساهم في إنشاء مدارس أو مستشفيات أو إرساء أي مؤسسات لها طابع حكومي ، وما كان يبدوا أكثر وضوحا في التطور السياسي لعربستان هو أن الاتجاه السياسي لخزعل ومحاولة إخضاعة القبائل وصراعاته المتكررة معها وجباية الضرائب كان يطغي على أي دور مجتمعي، على الرغم من أن خزعل استطاع إخضاع العديد من المناطق ،وإن لم يحصل على ولائها بالكامل كما حدث مع قبيلة الباوية كمثال على الخضوع دون ولاء ، فقد أرغمها خزعل على الخضوع إلا أنها ظلت تناوئة(115) ، وكذلك الكثير من القبائل التي كانت تخضع لخزعل تجنباً لتنكيلة بهم ، بما غيب الاستقرار وأوجد نوعاً من التفكك في الوسط القبلي الذي كان يحكمة مقارنة بما كان في الكويت.[/justify]

AHMAD 08-12-2018 01:15 PM

[justify]سياسة خزعل وسلطة الدولة الفارسية[/justify]
[justify]
سعى خزعل في أن يضفي نوعاً الاستقلال على إمارتة ويركز المزيد من السلطات في يدة مستعيناً بمن يساعده في إدارة الشؤون كـ ( الحاج محمد على)(116)، الذي ذُكر أنه كان يمثل الوجود الفارسي إبان حكم الشيخ خزعل(117) – بما دعم الأقوال التي تناولت دور ما للدولة الفارسية في وصول خزعل للحكم (118).

كما كان خزعل يترك مهام الحكم لبعض مساعدية وأبنائة كما حدث في عام 1904 م بتعيين ابنة الكبير الشيخ حاسب وليا للعهد وفي 1906م حاكماً للمحمرة ليعود وينحية عنها في 1921م ويعهد بها إلى ابنة الآخر الشيخ عبد الحميد (119)، أما الأحكام فقد كانت تجرى في وفقاً للعرف والتقاليد ، كما أن مدينة المحمرة التي أصبحت ذات ثقل إقتصادي وإداري أهلها لأن تكون القاعدة الفعلية لصناعة السياسة العربية في إقليم عربستان ، والتي كانت تحوي دار المعتمد الفارسي الأمر الذي كان يضع علامات إستفهام كثيرة حول مدى قدرة ونفوذ الدولة الفارسية في التأثير على القرار السياسي للشيخ خزعلبل واستقلال خزعل ذاته عن النفوذ الفارسي في ظل وجود مؤسسة قويه لطهران في مركز إمارته .
كذلك ومن المهم وفي إستعراضنا لوضع خزعل في مدينة المحمرة أن نذكر أنها كانت مقسمة لثلاث أقسام "المحمرة (المدينة) – الفيلية – الخزعلية" الأمر الذي يحملنا على القول أن خزعل كان يعاني الانتقال من مركزية المكان الواحد إلى تعدد المراكز السيادية، حتى أنه اضطر في بعض الأحيان لتوطين بعض الأفراد كما حدث في العام 1905م في القصبة حيث قام بتوطين حوالى 1500 من مهاجرى قبيلة عيدان القادمة من الأراضي التركية لخلق عملية توازن قبلي وضمان إستقرار بعض مدن إمارته عندما حاولت قبيلة بني كعب من فرع النصار العودة للظهور في هذه المنطقة(120)، بخلاف مبارك الذي كان يتخذ مدينة الكويت مكان مركزي لإدارة شؤون الإمارة ، موطداً طبيعة الكتلة الحاكمة التى تقود الدولة في مكان واحد.

والحقيقة كذلك أن خزعل وفيما يبدوا لم يكن كذلك مستعداً لقطع علاقته مع فارس أو التخلص من الولاء لها خاصة وهي توفر له ميزات مادية لا يمكن الاستغناء عنها بجانب دعمها المباشر له(121) خاصة صراعه مع بعض القبائل كبني طرف (بالحويزة) التي لم تعترف بسلطته عليها (122) .
الأمر الذي يمكن تفسيره بقبول ضمني من خزعل بوجود سلطة مباشرة وفعليه من الدولة الفارسية ، حتى أنه في بعض المرات كان لا يستطيع الإقدام على أي عمل دون الرجوع لسلطتها ، كما حدث حين فشل في الحصول على أمواله التي دفعها نيابة عن بني طرف مسارعاً بطلب إذن عام 1903م من الحكومة الفارسية بمهاجمة هذه القبائل ، بل أنه لم يكتفي بهذا الإذن المدعم ببعض الخيالة من حكومة فارس في 1904م و بل طلب أيضاً دعم من القبائل البختيارية التي أرسلت له 100 فارس(123) ، الأمر الذي أوجد نوعاً من الحقد لدي القبائل العربية على خزعل وسياسته ، بجانب استعداء القبائل على بعضها.
[/justify]

AHMAD 08-12-2018 01:22 PM

[justify][justify]مبارك وصنع الاستقرار (إتفاقية الحماية والاستفادة من الجانب البريطاني)[/justify]


نتيجة للتطورات المتصاعدة وتغير التحالفات الإقليمية كانت رغبة مبارك في تأمين وضعه ووضع الإمارة تزداد بصورة واضحة في مجمل تحركاته السياسية على المستوى الخارجي ، خاصة بعد أن تنامى إلى مسامعه أن قنصل البصرة أرسل للسفير البريطاني في الدولة العثمانية يقول " وجود الشيخ مبارك على رأس السلطة لا يضمن المصالح البريطانية"(124) ، الأمر الذي جعله يبادر بمقابلة المقيم السياسي البريطاني في بوشهر الكولونيل مالكوم ويجري مفاوضات معه أبدى فيها رغبتة في المزيد من التقارب بل وطلب الحماية البريطانية(125).
والحقيقة أن بريطانيا التي كان يهمها في المقام الأول أن يبقى طريق الخليج مفتوحاً للهند(126) ، حَيت هذه الخطوة وأبدت ترحيباً كبيراً بها ، خاصة (مالكوم) الذي أكد لمبارك أن بريطانيا لا تعترف بالسيادة العثمانيةعلى الكويت و أن إعلان الحماية أمر ستتخذة عندما تقتضي الحاجة(127)

وقد يكون التساؤل هنا ، هل محاولة مبارك الارتباط ببريطانيا وطلب الحماية كان ذات دوافع شخصية أم هناك تفسيرات أخرى ، والحقيقة أن هذا التسويغ ومحاولة البعض إظهار مبارك بطلبه الحماية بأنه كان لدوافع شخصية يدحضة النظر بعمق لمجريات الأحداث ، فقد كان طلب مبارك الحماية أمراً يحتمة الواقع وتطور الأحداث المتلاحق والصدام المتوقع بين القوى الكبرى فما بين الاندفاع العثماني والتحرك الروسي والألماني وبعض الأخطار الإقليمية الأخرى من القوى المحلية كابن رشيد حاكم حائل الذي صار قوة مهددة له في الجنوب ، كان مبارك يرسم سياستة الخارجية في ظل هذه الأخطار ويبحث عما يؤمن له ولإمارته وضع مستقر في ظل كل هذه التهديدات، ومن المحتمل كذلك أن مبارك كان يضع نصب عينيه سيطرة آل رشيد على نجد ودخولهم الرياض وإلحاقها بحائل (128) فضلاً عن التهديد الذي يواجهه من الشمال بنزاع دائم بينه وبين شيوخ المنطقة ومتسلمي البصرة .

لذا وبعد أن وصل موظفي مركز الحجر الصحي طلب مبارك مقابلة المقيم السياسي البريطاني في الخليج وأبلغه برغبته في وضع الكويت تحت الحماية البريطانية ، وبعد أن كان التوجه لقبـول الحمايـة محصوراً بالسلطات البريطانيـة برئاسـة مـالكولم جـون ميـد(129)كانت السلطات البريطانية المركزية وعلى رأسها سولزبري وزير الخارجية ، وفيما يبدوا تنظر لما سيترتب عليه أمر التحرك العثماني الحثيث نحو الكويت وآثره على نفوذها في المنطقة ، كذلك نجح مبارك في بث بذور الشك و تسريب أنباء أنه في حالة عدم حصوله على اتفاق الحماية مع بريطانيا فإنه سيضطر إلى الاتفاق مع الدولة العثمانية وربما أيضا فرنساً (130) لتسارع الحكومة البريطانية لاتخاذ الخطوات الحاسمة تجاه هذا الأمر (131)، ومن ثم يستقر عقد الاتفاقية في 23 يناير 1899 (132).

وقد كان نجاح الشيخ مبارك في الحصول على الحماية البريطانية عام 1898م وهو الحليف المقرب من الشيخ خزعل أمراً جوهرياً في تدعيم واستقرار وتطور الوضع السياسيى للكويت والتي إستطاع مبارك من خلالها دعم قدراته في مواجَهة الأخطار أمنت له ولإمارته في هذا الوقت قدر كبير من الاستقرار على المستوى الداخلي والخارجي .
[/justify]

AHMAD 08-12-2018 01:30 PM

[justify][justify]فشل خزعل في الحصول على إتفاقية حماية مع الجانب البريطاني.[/justify]

إذا كان نجاح مبارك في الحصول على إتفاقية الحماية مع بريطانياً أمراً يضاف له على المستوى الشخصي كحاكم ، فقد كان طبيعياً أن تشهد المرحلة التالية للاتفاقية تحركاً حثيثاً من جانب الشيخ خزعل الذي كان على علم مسبق بتحركات الشيخ مبارك في هذا الاتجاة (133) للحصول على اتفاقية مماثلة تدعم موقفة خاصة تجاه فارس أو تحد من التحركات الروسية وغيرها (كالحشود العثمانية في البصرة)(134).

غير أن بريطانيا والتي كانت غير راغبة في هذا الأمر رأت فيما يبدوا أن سياسة الدعم التي وفرتها لمبارك تتماشي بقدر كبير مع أهدافها والحفاظ على مصالحها في المنطقة خاصة وأن أغلب الأخطار والصراعات تتركز على الكويت(135) الأمر الذي لا يعطي نفس الدوافع لعقد اتفاقية مماثلة مع الشيخ خزعل.

وبدا من الواضح أن الساسة البريطانيون وفيما يتعلق بعربستان وخزعل لم يكن يرون ما يستدعي الاعتراف الصريح باستقلالهم عن الدولة الفارسية ، وهو ما يفسرة قول مالكوم جون ميد " ينبغي على شيخ المحمرة وبوصفة أحد الرعايا الفارسيين أن يعرف أن الحكومة البريطانية لا تستطيع أن تعدة بضمانات لاستقلالة" (136).

و يبدو أن خزعل لم يكن يريد أن يخالف هذا التوجة البريطاني أو يخرج عنه ، لأنه يدرك سلفاً أن مبارك قد كسب دعمهم ، فإذا لم يكسب هو كذلك هذا الدعم فإن وجودة كقوة إقليمية في المنطقة ستتقلص كثيراً لو انقلب عليهم.

ولا يستطيع أحد أن ينكر أن خزعل في بعض المرات كان يحسن إستخدام أوراق الضغط لذا فلم ييأس من تكرار طلب عقد حماية مع بريطانيا عام 1902م مطالباً إياهم بأن يعامل على النسق الذي تعاملوا به مع الشيخ مبارك وإمارته وإن كان في هذه المرة يملك أوارق ضغط جديدة لوح بها في الافق كامتياز نفط دارسي(137) ، الأمر الذي جعل بريطانيا تجد نفسها مضطرة لتقديم بعض الضمانات المشروطة له في 7 كانون 1902م حيث أرسل السفير البريطاني آرثر هاردنج في طهران رسالة جاء فيها" حماية بريطانيا للمحمرة من أي هجوم بحرى تقوم به دولة أجنبية مهما كانت حجة التدخل ، وما زلتم مخلصين للشاه وتعملون بمشورتنا" كما أكدت الرسالة في طيها على توارث الحكم في أسرة الشيخ خزعل بعربستان(138) ، وإذا كانت هذه الضمانات حافظت على وضع جيد لعربستان والشيخ خزعل إلا أنها ظلت مشروطة بإخلاصه للشاه وأن يتصرف طبقاً لتعليماتها.

وقد تكون هذه الضمانات المشروطة كذلك والتي قبل بها خزعل هدفت في الأساس للحفاظ على مصالح بريطانيا في هذا الوقت وترضية مؤقتة لخزعل ، خاصة أن الأحداث لاحقاً وضحت تخلي البريطانيين عنه في موضوع الجمارك والذي من المشكوك فيه أن تكون سمحت بهذه النهاية غير المرضية لخزعل وإجباره على القبول بفرض جمارك فارسيه على إمارته دون أن يكون هناك تسويات خفيه قد عقدتها مع بعض الأطراف الأخرى لا سيما الجانب الروسي ، خاصة إذا ما علمنا أن خزعل هدد البريطانيين أنفسهم في أحد المرات من أنه إذا ما فرض الفرس جمارك على العرب فإنه سيفقد سلطتة على أفراد قبيلتة ولعله سيقتل أو يجبر على الاستقالة(139).

لكن خزعل الذي راح يعمل متأخراً في محاولة الانسلاخ عن السياسات الفارسية لم يكن يملك غير هذه الضمانات منخفضة الأسقف ليتحرك من خلالها ، وهو يعتقد أن باستطاعته المحافظة على التوازن بالنسبة للمنطقة الشماليه من الخليج ، وإن كان يدرك في نفس الوقت أن أي خطوات غير محسوبة ستؤدي به للإنجرار في صرعات عسكرية من المشكوك أن تقدم له بريطانيا فيها أي مساعدة عسكرية مباشرة .

ومن المحتمل كذلك أن الضغوط الفارسية كانت بإيعاز من روسيا وهو ما عبر عنه خزعل صراحة ، فلم تكن الشائعات التي سرت في العام 1901م عن نيه لدي حكومة الشاه في وضع جمارك عربستان تحت الإدارة المباشرة لها ما يبررها إلا وجود سند قوى يدعم موقف الفرس تجاه الاعتراضات البريطانيه ، الأمر الذي اعتبر ضربة قاصمة لنفوذ خزعل في إمارته وبين قبائلها، خاصة إذا ما علمنا أن عربستان كان لها حاكم عام فارسي معين من قبل حكومة طهران ، كذلك رضاء خزعل نفسه في أن يكون أحد موظفي الشاه بعد أن صدر فرمان في 1902م إعتبر فيه خزعل مديراً لجمارك عربستان بإشراف وزارة الجمارك الفارسية (140) ، لكن فيما يبدوا وفي صفقات غير معلنه وافق الجانب الفارسي في العام 1903م على تخفيف الضغط عن الشيخ خزعل ، فتلقى ضماناً من الشاه له ولرعاياه بحق الملكية في المحمرة والفلاحية وهنديان(141).

في المقابل كان من الواضح أن مبارك يرصد هذه التطورات والتي قد يكون ربما رأى أنها مهددة له وإن رغب في عدم التدخل فيها بشكل مباشر ، فكان يتابع وبقلق كبير محاولات الفرس التحرش بالسفن الكويتية والتي أدت بالفعل لإستيلائهم على سفن صغيرة عام 1904 من خلال إعتراضها بباخرتهم الجمركية مظفري ، كما أن مبارك قد يكون أجبر الجانب البريطاني على التدخل في عام 1905م للضغط على السلطات الفارسية لضمان وضع أفضل للرعايا الكويتيين بعد أن شهدت بعض التضييق عليهم من قبل الحكومة الفارسية هناك(142).

[/justify]

AHMAD 27-12-2018 08:39 PM

[justify]
الضغوط العثمانية وآثرها تطور السياسية الخارجية للشيخ مبارك والشيخ خزعل


قد يكون استغلال شيوخ الكويت قبل تولى الشيخ مبارك الحكم وعلاقتهم بالدولة العثمانية لتحقيق بعض المصالح التي تتعلق بصراع القبائل والتحالفات المختلفة ، له أثر كبير في تطور السياسة الخارجية للكويت تجاه الدولة العثمانية في عهد الشيخ مبارك ، خاصة إذا ماعلمنا أن الكويت في بعض الفترات اعتبرت أن قوة بني كعب وقوة عرب بوشهر بمثابة تهديد لنموها وتجارتها ، الأمر الذي كان يضطرها لإقامة علاقات ودية مع متسلم البصرة في بعض الأحيان (143)
ومع تزايد الصراع الاستعمارى في الخليج العربي بدا واضحاً أن مبارك وعلى خطى سابقية كان عليه أن يتعاطى مع طبيعة الصراع العثماني بنوع من المرونة(144).

فقد كان العثمانيون في البداية يدركون أن محاولة فرض واقع جديد على الكويت سيجعل مبارك يتوجه للقوى الخارجية ، ما جعلها غير راغبة في القيام بأي خطوات إستباقية والتظاهر بموقف حيادي ، وإن تخلله بعض الضغوط غيرالمباشرة لتضييق الخناق ، فعندما تعرضت الكويت عام 1897 -1898 م لموقف عدائي من شيخ الدوحة في قطر لم تتوارد أنباء أن العثمانيين كانوا يساندون هذه التوجة (145).
إلا أنهم كانوا فيما يبدوا يحاولون جس نبض الشيخ مبارك بعد أن نما إلى علمهم رفضة الصعود لظهر سفينة بريطانية بما قد يكون فُسر من قبلهم بأنه نوايا طيبه منه تجاههم(146).

غير أن الوضع تغير كما يذكر لوريمر بعد ان علم العثمانيين بأمر الاتفاقية فقد سارعوا بإرسال فرقة عسكرية لميناء الكويت لتتولى الإشراف عليه(147)، ليسارع مبارك في المقابل لحث بريطانيا للضغط على العثمانيين واحتواء الأمر قبل أن يستفحل ، وإيصال رسالة مفادها أنه غير مستعد لقبول أي تغير في حالة الكويت الراهنة وكذلك غير مستعد لإجراء أي تنازلات إقليمية لأي قوة أجنبية على أراضيه - باستثناء بريطانيا بالطبع والمرتبط معها باتفاقية حماية.

وفي العام1901 م وفي الوقت الذي كانت بعض القبائل التابعه لأل رشيد تغير على أطراف الكويت كان مبارك منشغلاً في تسيير جيش لمواجهتها ووقف هذه التهديدات ، مرسلاً للشيخ خزعل يخبرة بهذا التحرك (148) ،وإن لم يطلب منه مساعادات عسكرية ، لكن بعد حدوث معركة الصريف 1901 م والتي يمكن القول أن مبارك خاضها بالرغم من معرضة بريطانيا (149) والتي عاد منها محملاً بقدراً كبيراً من الحنق عليهم ، حاولت الدولة العثمانية استغلال الموقف وعرض قبول حامية عثمانية عليه ، غير أن مبارك رفض (150).
وفي عام 1902 حاول العثمانيين تطبيق ما عزموا من إرسال حامية عسكرية لـ( صفوان وأم قصروجزيرة بوبيان) في نفس الوقت الذي كان ابن رشيد يتحرك فيه عسكرياً وبإيعاز منهم للضغط على مبارك ، الأمر الذي جعل لوريمر يفسر ما يحدث بأنه إتجاه قوى وجدي لدمج الكويت مع البصرة من قبل العثمانيين(151) .
والعجيب في الأمر أن العثمانيين أنفسهم كانوا يتخوفون من قوة مبارك المتزايدة وهم يرون الحشود الكويتية الضخمة في الجهراء والتي ارتابوا من أن تكون مقدمة للهجوم على القوات العثمانية في منطقة الزبير داخل ولاية البصرة(152)

في الجهة المقابلة لم تكن علاقة الشيخ خزعل مع العثمانيين يسودها استقرار، فعلى الرغم من وجود قدر من التفاهم المبنى على المصالح بين الشيخ خزعل وبين ولاة البصرة إلا أن خزعل ورث تركة محملة بالمصاعب ، خاصة وأن العثمانيين كانوا يتحركون من منطلق قوة وبسط نفوذ فقد كانت السلطات العثمانية تجمع العوائد عن شحنات السفن الداخلة في أعالى نهر المحمرة ، كما أعلنت السلطات العثمانية أنها تلقت أوامر بأن تعامل ميناء المحمرة كأرض تركية (153).

ولا شك أن القبائل العربية خاصة في شمال عربستان تحديداَ من العام 1896- 1898 م كان لها دور واضح في رسم سياسات خزعل تجاه العثمانيين خاصة باتصال هذه القبائل ببطون لها في البصرة وغيرها ، إذا لم نهمل كذلك عمليات التوطين التي كان يقوم بها خزعل لبعض القبائل التركية ، الأمر الذي حدا بالبعض لوصف الوضع هناك في هذه الفترة بالقول "بأنه كان فوضوياً تحت حكم القبائل العربية"(154) .

أما الجنوب والذي إذداد إتساعاً باندماج منطقة الفلاحية في مشيخة المحيسن فقد عمل خزعل على تأييد المصالح البريطانية وممثلي بريطانيا فيه بشكل واضح ، وهو الأمر الذي كان يتصادم بلا شك مع النفوذ العثماني ، وإن ظل جنوب عربستان الذي يحكمة خزعل بعيداً عن الاضطراب غير أن المشاكل كانت تهدد الاستقرار فيه من حين لاخر خاصة صراعة المتكرر مع قبائل البختيارية المجاورة"(155) والتي ظهرت بوضوح خلال الفترة من (1908 – 1914 ) م على الرغم من وجود اتفاقية بين خزعل والخانات البختياريين منذ 1908 م ، إلا أنها وفيما يبدوا قد هدأت الأمور جزئياً ولم تسو القضايا العالقة بينهم.

فضلا عن ذلك كانت هذه الأوضاع تضطر خزعل أن يبحث عن شخصية ليستعين بها لحماية مصالحة في الجانب العراقي وقد كان خزعل يرى في شخص السيد طالب النقيب 1871- 1929(156) أحد الدعائم القوية له هناك (157) .

وبعد 1908 م بدأ العثمانيين يزيدون من التوتر لخزعل في إمارته ، خاصة إبان محاولات حزب الاتحاد والترقي الحاكم في الدولة العثمانية بسط النفوذ والسيطرة على المناطق التي كانت تابعه له والقضاء على كل نفوذ من شأنه أن يحد من سلطة الولاة التابعين للدولة .

فقد كان الحزب ذي صبغة القومية التركية ينتهج بعد سقوط السلطان عبد الحميد سياسة التتريك خاصة على العرب ومناطقهم(158) الأمر الذي تعرض معه خزعل لسياسة تعسفية وحملات صحفية عنيفة ، من قبل صانعي السياسة العثمانيين الذين كانوا يرون وجوب إتخاذ تدابير حاسمة تجاه القبائل العربية في الخليج وإرغام شيوخها بالقوة على إعلان ولائهم للدولة(159).
وإن كان الشيخ مبارك والشيخ خزعل وطالب النقيب قد تعرضوا ثلاثتهم لهجوم من بعض الصحف العربية التي نعتتهم بأنهم يعملون في السر على إضعاف نفوذ دولة الخلافة(160)، فقد كان هذا له مايبررة خاصة تجاه خزعل الذي كان يرى دوراً له في تنسيق السياسات مع البريطانيين على حساب العراق الطامح للجلوس على عرشه ، كذلك و في مايو ١٩١٠ م امتناع خزعل عن تسليم متهمين تطاردهم السلطات العثمانية ، مما دعا إسطنبول إلى طلب تدخل حكومة فارس لاتخاذ التدابير اللازمة (161) وهو ما يعكس أن العثمانيين كانوا لا يرون خزعل حاكم مستقل بالمنطقة .

كما أن بريطانيا قد تكون قد عقدت صفقات خاصة مع خزعل ومنته بأماني غير متحققة على أرض الواقع لنراه يغامر متجاهلاً وبشكل غير مقبول اللوضع الداخلي لإمارته مسارعاً بوضع جميع ممتلكاته ومقدراتة وأتباعه بإمرة البريطانيين بمجرد أن لاحت الحرب العالمية(162)وقد ذكر الرشيد أن العصيان الذي حدث على خزعل إثر مساعدتة الإنجليز كان قويا لدرجة إعلانهم الجهاد عليهً(163) .
ومن خلال ما مر يمكن إجمال القول أن عربستان وشيخها خزعل مع الدولة العثمانية كانت تخضع لتشابكات متعددة وإن بدا ظاهرها أنها مبنية على أساس المصالح ، إلا أنهافي الكثير من الأحيان ترجمت لصدامات بين الطرفين خاصة بين المحمرة والبصرة ، فقد كان خزعل يمتلك أراضى واسعه على الجانب الغربي من شط العرب ، ومن أكبر موردي التمور ويهمة في المقام الأول الحفاظ على هذه المصالح في حين كان الموظفون العثمانييون يرون أن زيادة نفوذ خزعل يضر بهم كأصحاب سلطة بالمنطقة (164).

[/justify]

AHMAD 27-12-2018 08:45 PM

[justify] كذلك لا يمكن إهمال أنه ليس ثمة عشيرة أو قبيلة في عربستان إلا ولها أصل في العراق(165) ما يحمل على القول أن عشائر عربستان لعبت دورا تقليديا في حياة الولاية السياسية وبقيت مصدر إزعاج مستمر خاصة للباب العالي في اسطنبول ، وإن كان أحد الولاة هددوا في (1909 – 1910 م) بضرب المحمرة وتدميرها ، إلا أنه وفي حقيقة الأمر كان يعلم بعدم قدرته على تحقيق ما هدد به(166).

كذلك نرى أن مبارك الذي فضل معالجة الضغوط العثمانية بقدر من التوازن وعدم الاندفاع بين الرفض تارة والقبول تارة آخرى ، هو ما جعل الصراع أخف حدة ، ولم يتعدى محاولات فرض النفوذ ، والتي يقابلها إلتفاف مبارك عليها ، حتى أنه دائما ما كان يذكر " لو أنهم أخلصوا لي لأخلصت لهم"(167) كذلك كان يذكر " الوالد إذا قسا في تربية ولدة لا يخرج بذلك عن كونه والدة"(168) ، كما أن مبارك كان يتعامل من منطلق أن إمارته ليست خاضعة للعثمانين ويتحرك في استقلالية بعيداً عن فلك سياستهم حتى أنه كان يقاضيهم كما حدث في أمر الحاميات العسكرية في بوبيان وأم قصر وصفوان(169)الأمر الذي يعكس أنه لم يكن يعول كثيراً على هذه الضغوط في ظل اتفاقية الحماية ، حتى تجاوبة في بعض المرات لم يكن يتعدى المناورة كي يتفادي تأليبهم لبعض القوى كابن رشيد وغيره من القبائل التابعه له على حدوده ، مع العلم بأن مبارك حاول أكثر من مرة إدخال البريطانيين في معادلة توازن القوى معهم ونجح في ذلك .

كما أن الشيخ مبارك وعلى خلاف خزعل لم يكن يعول كذلك على الاجتماعات التي كانت تعقد في كل من (البصرة والكويت والمحمرة) بينه وبين الشيخ خزعل وطالب النقيب كما حدث عام 1909م(170) ، حيث حضر الثلاثة مؤتمراً في الفيلية كان سعدون باشا وبعض زعماء العشائر في العراق من حضوره ، وقد تباحثوا في أمر عرض الخلافة على عباس حلمي خديوي مصر أثناء زيارته إلى مكة(171) .

وما يدعو للنظر كذلك أن مبارك الذي أدرك حقيقة الامتعاض العثماني بادر بالإلتحاق بجميعة الاتحاد والترقي بعد الانقلاب على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وتقوية تيار القومية العربية وكذلك حث خزعل للدخول فيه(172) ، إلا أنه وفيما يبدوا لم يكن السياسيين العثمانيين يقبلون بتغير سياستهم نحو عربستان ، فقد انقلب الوالي الجديد على الشيخ خزعل الذي كان منشغلا في هذا الوقت بالحد من تعديات قبيلة البختيارية على حدودة الشمالية في أواخر1910م ، الأمر الذي كان يعقد الأمور كثيراً بالنسبة لخزعل وطريقة تعاملة مع السياسات العثمانية تجاه إمارته.

وحتى بعد أن تم نقل سليمان نظيف لم تكن علاقة الشيخ خزعل بالولاة الجدد على مايرام ، ليلجأ في مؤتمر الفيلية عام 1913 م لتنسيق السياسات بينه وبين الشيخ مبارك وطالب النقيب ليخفف من الضغوط العثمانية عليه (173) ، وقد كان مقرراً عقد مؤتمر أخر في العام 1914 بالكويت وجهت الدعوة فيه للشريف حسين والأمير عبد العزيز آل سعود غير أنه لم يكتب له النجاح .
كما أن مبارك الذي لم يكن يرى مصلحتة في زعامة فردية تعلي من شأنه وتهز أركان إمارته ، لم يكن يفكر كذلك في لعب دور سياسي في العراق.

كذلك لم يكن مبارك راغباً بقوة في المشاركة الفعلية بقوات عسكرية ضد العثمانيين بتحالفه مع بريطانيا ، على الرغم من تأييده الضمني لها ، وهو ما يعكسه قولة حين بدر من بعض أهالى الكويت رفض للمشاركة في أي عمل ضد قوات العثمانيين " إني أغار على ديني وعلى دولتي ولا أحب من يتعرض لهما بسوء غير أني اتفقت مع الانجليز على أمر فيه نفع لي ولبلدي (174)
وهذا هو ما قد يكون نجاح معه مبارك في إبقاء العلاقة بينه وبين الدولة العثمانية في إطار محدد ما بين الرفض تارة والقبول تارة أخرى دون أن يؤثر هذا على وضع إمارته واستقلاليتها .


[/justify]


الساعة الآن 09:39 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت