عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-08-2011, 02:01 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

الأنباء - يوسف عبدالرحمن
  • بوصالح من الزمن الجميل ينتمي لأسرة وعائلة معروفة بدعم العلماء والدين رجلا ولا كل الرجال.. مثال للكرم والعلم والفكر والفقه واللغة والتاريخ
  • مكتبته تضم سبعة آلاف كتاب و670 مخطوطة نادرة ومؤلفات قيمة مثل «سبائك الذهب» لمؤلفه ابن رزق
ونحن في آخر شعبان وعلى أبواب شهر رمضان الفضيل ارتأيت ان اعرض على القراء الكرام شخصية غير عادية ورجلا ولا كل الرجال، له من الصفات ما يصعب حصره ووصفه، ومن الأخلاق ما تنوء به الكتب والمجلدات، فضيف الاستراحة ان أردته شيخ علم فهو كذلك، مثال للكرم والشهامة والمرؤة علم وتاج على الرؤوس وان أردته مفكرا وباحثا وعالما فلم تخطئه البتة.


إذا زرت منطقة ابوالحصانية وبالقرب من مسجد والدته هيا الابراهيم، طيب الله ثراها، يوجد منزله على ساحل البحر ولن تسأل احدا يدلك، فكل الطرق توصلك الى منبع الكرم والحفاوة وسنع الكويتيين.
العم بوصالح.. رجل من الزمن الجميل، فهو رجل بأمة، فما يقدمه يصعب حصره ففي المال والفكر والثقافة والأدب والفقه والتاريخ أنت أمام رجل كريم، عالم، حصيف، قليل الكلام، واسع المعرفة باللغة والأدب والشعر، ومن يقرأ مقدمة كتابه من خصائص القرآن يعرف انه أمام عالم فقيه يتقن اللغة العربية بنحوها ومتمكن من فهم خصائص القرآن والتوحيد، وتذيل كتبه دائما عبارة: هذا الكتاب من نشر المؤلف ولا يباع.
وكثيرا ما كان يذكر لي في حديثنا كتب مكتبة الصبيح في القاهرة وعبيد في دمشق وكيف كان يضعها في حقائب السفر الخاصة وليس عن طريق البريد.
العم بوصالح.. مطبق في حياته مقولة الشاعر:
انست بوحدتي ولزمت بيتي
وطاب لي الجلوس مع الكتاب

أكيد أن من يملك أكثر من سبعة آلاف كتاب و670 مخطوطة نادرة ومنزله على البحر يجلس ليقرأ ويستمتع وكل باحث عن المعلومة في الأدب والتاريخ والدين يلجأ للعم الشيخ محمد الصالح آل إبراهيم، لينهل من علم وأدب هذا الرجل الصامت والذي يضم مجلسه في ديوانه مساء الجمعة المفكر والباحث وطالب الحاجة والدعاة والمثقفين والعوام ونخب القوم وقياداته.
هناك في داره الواسعة المطلة على ساحل الفنطاس والعقيلة تستطيع ان تجلس في كنف العم الشيخ محمد الصالح آل إبراهيم الذي ينتمي الى أسرة وعائلة معروفة باهتمامها بدعم العلماء والدين، وأقولها بكل صدق وشفافية لم اذهب الى هذا الرمز الكبير في حاجة الا قضاها لي ولم اطلب معلومة إلا وجدتها عنده، وكم هي الصور التي يصعب حصرها وكتابتها عن هذا الرجل الكريم النزيه الذي ارتبط اسمه دائما بالعلم والكرم ونصرة المنكوب.
كنت دائما ولا ازال احرص على رؤيته والجلوس معه اما بعد صلاة الجمعة او زيارته في ديوانه مساء الجمعة لتناول الوجبة الفكرية وما لذ وطاب من الطعام، تعالوا في جولة للاستراحة في فكر هذا العالم الجهبذ.


المكتبة الخاصة
قلت له وهو جالس في ديوانه المختصر مع كتبه، عم ما قصة المكتبة الخاصة؟
فقال باسما: هذه المكتبة تكونت وتطورت وزاد عدد كتبها مع الزمن كما هو حال عاشق القراءة والكتاب، كان حب الكتب قد تملكني وكنت اشتري الكثير من الكتب، وكنت أول مكان اذهب إليه في البلاد التي أزورها هو المكتبات واشتري منها الكثير من الإصدارات حتى أثناء سفري الى أوروبا بالباخرة وكنت انزل في مصر لعدة ساعات ازور المكتبات ودور النشر واختار الكتب التي اريدها واطلب منهم إرسالها الى الكويت كما كنت حريصا دائما على زيارة المعارض ومنها معرض الكويت ومع الأيام ضاق البيت بهذه الكتب فنقلتها الى مبنى خاص بها أمام المنزل وخلال السنوات الأخيرة توقفت عن الشراء فقد ضاقت الأمكنة بالكتب ولم يعد هناك مكان لإضافة كتب جديدة وبالتالي لم اذهب الى ارض المعارض.
ولعلم القارئ الكريم ان هذه المكتبة الخاصة تضم أكثر من 7 آلاف كتاب و670 مخطوطة غير ان الاحتلال العراقي الغاشم أضر بهذه المكتبة حيث سرقت آلات الطباعة والتصوير الى جانب 30% من المخطوطات والكتب القيمة مثل كتاب سبائك الذهب لمؤلفه ابن رزق الذي كان يسكن الكويت وأيضا كتاب ابن بشر النجدي الذي يذكر الكويت والمواقع القديمة وكما هو معلوم لدينا ان العم بوصالح كان يتابع مزادات المخطوطات في الكويت وخارجها وكان يميل الى الكتب الأدبية المخطوطة.


عاشق الكتاب
شيخنا العم محمد الصالح آل ابراهيم.. محب للكتب والقراءة منذ نعومة أظفاره، أحب الكتب وقراءتها حتى قبل أن يتعلم القراءة والكتابة، كان يستمع إلى الأدباء والمفكرين والشعراء والخطباء وهم يتوافدون على ديوانهم ومع تعلم القراءة والكتابة زاد الاهتمام وتحول هذا الصغير النجيب إلى عاشق للكتاب فترك الأصحاب حتى في وقت اللعب من أجل أن يقرأ ما يقع في يده خاصة أن الكتب قليلة في الكويت القديمة.
وكان يستعين بطلب هذه الكتب الموجودة في المكتبات القليلة أو يشتريها من مكتبة الرويح ومكتبة الخارجي وكاظمة ومن محمد السيار وأحيانا بالمراسلة من مصر والعراق وكانت أسعار الكتب تتراوح ما بين نصف روبية وربية واحدة ولكن بعد الحرب الثانية ارتفعت لتصل الى 10 روبيات أو 20 روبية وما فوق.


هؤلاء تعلمت منهم
عندما يتحدث لك العم بوصالح.. تتمنى ألا يتوقف، يواصل: في فترة الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات كان هناك زخم للندوات الأدبية والشعرية وكان جمهورها مميزا، وكانت في الكويت أسماء لامعة كبيرة في عالم الثقافة والفكر وكنت أحضر هذه الندوات الجميلة لأن الكويت منذ القدم حفلت بأدباء متميزين ومفكرين لامعين، كانوا يأتون إلى ديواننا وكنت أزور بعضهم احيانا وتدور مناقشات أدبية ثرية ومن هؤلاء الرواد العظام الراحلين الاستاذ احمد بشر الرومي والباحث عبدالله الحاتم والشاعر عبدالله محمد الفرج والأديب عبدالله زكريا الانصاري وغيرهم.


عزوف الشباب
مرة سألته عن اسباب عزوف أولادنا وبناتنا عن الكتب فقال لي: الشباب في هذا العصر لهم عوامل جذب وانشغالات تزداد يوما بعد يوم، والعم بوصالح يتهم المعلمين بعدم القراءة والاهتمام بتوسيع ثقافتهم لانهم ملتزمون بحدود المنهج الدراسي وعلى حد معرفتهم كانوا ينظرون للحياة ونحن نعتب عليهم عدم بحثهم عن الثقافة والعلم خارج المنهج المدرسي وعادة ما يجلس من يهتم بالعلم والثقافة فيناقش الشعراء والادباء والمثقفين، وأنا شخصيا جلست وكان عمري لا يتجاوز 12 سنة ومنهم الشيخ احمد النبهاني الذي علم الاستاذ صالح العجيري علم الفلك وكنت أناقش الاديب عبدالله الصانع دائما.


الخيل
عندما أهداني كتابه القيم عن الخيل قال: ان للخيل تاريخا مهما في الوجود العربي فهي كانت حصون العرب لعدم وجود المدن والبيوت وكانوا يوازونها بأولادهم وأهلهم بل يؤثرونها عليهم، وقد اهتموا بها اهتماما عظيما وذكروها في اشعارهم ولها امثال كثيرة ولما جاء الاسلام اولى الخيل اهمية كبيرة ومنحها قدسية وذكرت في الكثير من الايات القرآنية حيث سماها القرآن «الخير» ولا يوجد عالم مشهور في اللغة العربية من القدماء الا وكتب عن الخيل واولهم أبوعبيدة والاصمعي وابن الاعرابي وغيرهم.


الشيخ والفضائيات
وبسؤاله عن الفضائيات اجاب كعادته بكل صراحة: لا أشاهد سوى التلفزيون الكويتي الرسمي، لكني اعتقد أن جرعة الثقافة به محدودة للغاية، الإعلام له تأثيره البالغ منذ الجاهلية، فالإعلام يقوم الآن بمنزلة التربية، لذا يجب أن ننتقي ما يقدم للناس، لكن ما يقدم من ثقافة في تلفزيون الكويت قليل للغاية ولا يتناسب مع أهمية ودور الإعلام، والتاريخ يذكر لنا قصة بليغة تؤكد كيف ان الاعلام يلعب دورا كبيرا إما في الاثارة والفتنة أو في وأدها.
هذه القصة كانت بين فرعي قبيلة بني عامر: عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة حين تنافسا على الزعامة، وكان الحكم بينهما لهرم بن قطبة الذي كان حكيما فطلب من كل واحد منهما ان ينحر عشرة من الإبل واطعام الناس وفي النهاية خاطب الناس من فرعي القبيلة فقال: كلاهما في المفاخرة سواء، كركبتي البعير، فقال واحد: أيهما اليمنى؟ فقال هرم: كلاهما يمنى، ولم يفضل أحدهما على الآخر درءا للفتنة.
وتمر السنوات ويلتقي عمر بن الخطاب بهرم فيسأله: لو طلبنا منك أن تفضل أحدهما على الآخر فمن تفضل؟ فقال يا أمير المؤمنين: لو قلتها لعادت ثانية، يقصد الفتنة، بين فرعي القبيلة، وهذا هو دور الإعلام.


نصيحته للشباب
عندما طلبت منه النصيحة للشباب الكويتي والعربي فقال: أنصح هذه الأجيال الشابة بتبني التفكير السليم والأسلوب الصحيح للحياة والتبصر الفكري كأدوات لعصرها، فالمهم ليس فقط القراءة في الكتب وإنما هناك ايضا تجارب الحياة التي يجب ان يتعرف عليها النشء سواء من الكتب أو غيرها، لكن لابد أن نضع هذه الاجيال الشابة على بداية الطريق الصحيح، والأمر يحتاج الى تضافر الدولة والاسرة، كما ان هذه الاجيال عليها بذل بعض الجهد في القراءة والبحث والتفكير.
ثورات الربيع العربي
وعن سؤاله عن ثورات الشباب، ابتسم ابو صالح وقال: ما هي ثورة شباب، هي متعددة الاصناف، فيها الكهول والنساء وانظر لشاشات التلفاز تجد كل الاعمار الشباب يبرز فيها ولكنها ليست خاصة بهم وحدهم فكل شاب وراشد أب وام والمجتمع ككل يتفاعل فقط نظرة لاجهزة الاعلام نعلم ان هذه الثورات خاصة بالشعوب.


وطني الاشم
جميلة جدا، قطعة ادبية، رسالة العم الشيخ محمد الصالح ال ابراهيم التي عنوانها: وطني الاشم، والتي كتبها في عام 1977 في 16 صفحة كالعقد الفريد من الفكر في العبارة والصياغة والتنبيه من مفكر عالم في امور الشريعة مالك لتجربة الحياة، ناصح لاهله وشعبه، آمل ان يكون وطنه قوي المدارك واضح المسالك،رفيع الهمة، مرهوب الطمأنينة، عربيا في نزعته، اسلاميا في عقيدته، انسانيا في نظرته.
ثم طبعها مرة ثانية بعنوان «أما آن لهذه الأمة أن تستيقظ»، كلتاهما والله تصلح وتنفع كل غيور على بلده، حريص على رفعة شأنه، محافظ على كيانه، واع لما يراد به، ملتزم بالحق، متمسك بالعهد، وللعلم فإنها طبعت في لبنان غير انه جمعها في تحفة ادبية غاية في الروعة باسم الرسائل، واتمنى على خريجي كلية الآداب الالتفات لها لاهميتها.
أنموذج من كتاباته الأدبية الشاملة

وطني الأشم:
قال الله تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ـ البقرة).
لقد حم القضاء، ونزل البلاء، ولا راد لما اراده الله تعالى فقد جار جارك واندفع كالسيل العرم، محطما كل موثق التزم به، وكل اتفاق وقع عليه، وكل عهد تعهد باحترامه، واستحوذ على ارضك، وجثم على صدرك ليقطع انفاسك. وعاث بك قتلا واسرا ونهبا وسلبا وحرقا، حتى رق لك العدو قبل الصديق، ووساك البعيد قبل القريب، واصبحت لقى في مهب الرياح، ترزح في قيود الذل، وتقبع تحت نير الاحتلال، وتعيش في ضنك وضيق وروع، وهلع، بعد عز شامخ، ورفاه وارف، وأمن مستتب.

لقد جرحت في كرامتك وجرحت في كيانك وجرحت في بنيك وبناتك وجرحت في ارضك وجرحت في كل شيء يتصل بك.
لقد استبيحت حقوقك، واستحلت حرماتك، وهتكت استارك، وان ابتلاءك لعظيم، وجرحك لعميق، ومصابك لجسيم.
ان ما وقع عليك من افظع وابشع ما وقع على الامم قبلك، لقد قتل ابناءك، وشرد شعبك، ونهبت دورك، وحرقت آبارك،وما مر عليك من ظلم وبغي لم يمر على شعب بأكمله بهذه الصورة الشنيعة، لقد كنت مصروعا بلا ذنب، محتلا بلا سبب، مهانا بلا جرم.
ان ما عمل بك يندى له الجبين، ويأباه الدين وتحرمه النفوس الابية ماذا دها جارك حتى عدا عليك وكأنه ضبع افرع في ضأن، يحثه جشع طافح، وطمع فاضح، فابتلعك بين عشية وضحاها، ظانا انك لقمة سائغة يتقوى بها، واذا به يغص بك فلا هو قادر على ازدرادك، ولا هو لافظك، ولم تخرج من فيه الا بعد ان قطعت شرايين بلعومة. (ذلك بما قدمت ايديكم وان الله ليس بظلام للعبيد) آل عمران.
لقد كان في عافية من ذلك، لو انه لم يغتر ولم يطغ، لقد طمع حيث لا مطمع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم اني اعوذ بك من طمع حيث لا مطمع وأعوذ بك من طمع يهدي الى طبع».
لقد هدت اركانك، وحطم كيانك واغتصبت ارضك، ولا جريرة لك الا طيبتك واحسانك وغفلتك، ألم تعن جارك في سالف الزمان حينما احتلت فارس البصرة في العهد العثماني، وكنت المبرز في ارجاعها، واعترافا بجهودك الكبيرة وتقديرا لتضحياتك العظيمة في تحريرها أهدت اليك الدولة العثمانية سيفا مرصعا بالجواهر، رمزا لشكرها على ما بذلت مقرونا بلقب القائمقامية تشريفا ليس الا، لا كما يخلط فيه كثير ممن كتب عن تأريخك. وفي حربه الأخيرة مع جارته، ألم تسنده وشقيقتك الكبرى بعد ان احتلت أرضه، وانهد ركنه، وكان عونكما هو الذي مكنه من الصمود، أهكذا يكون الجزاء..؟!

وطني الأشم:
لقد حوربت حربا لا هوادة فيها، افترسك فيها جار كنت تطمئن له، ولم يترك في جسدك لحما إلا ونهشه، ولا عظما الا وحاول كسره، ولكن ماذا كان لمن أوقع بك كل ذلك، ألم يعلم بأن الله يرى، وان القوة بيده سبحانه، وان النصر لمن اعتصم به، وتوكل عليه، ألم يعلم ان البغي يصرع صاحبه، ألم يفكر، ألم يقدر (انه فكر وقدر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر) المدثر.
ما الذي جناه من كل ما حدث الا تفتيتا لمكامن القوة في الأمة، وتحطيما للكويت وشعبه، وتحطيما للعراق وشعبه، أهكذا تكون البناة؟ ان بناء الأمم وتقويمها واصلاحها من أصعب ما يواجهه الرجال الأفذاذ، ولكن الهدم سهل على أصحاب الجهل والغرور.

وطني الأشم:
اعلم علم اليقين انه لولا لطف الله تعالى بك، وعنايته الخفية بأهلك، لضعت وبضياعك تضيع الأمة العربية، لأنه سيستشري فيها الظلم والفساد، ويعيث بها البغي والطغيان، وعند ذلك تتحطم قواها، وتسوء أحوالها وتنحرف مقاصدها فتصبح هشيما مركوما، فأحمد الله جلت قدرته، وتعالت حكمته، ان جعلك ركنها الأشد وعمودها الألد وطودها الثابت، وتيقن ان الله وحده هو الذي نصرك ولا أدل على ما نقول من ان العناية الإلهية هي التي نصرتك لا غيرها، إلا ان نشير الى ظاهرة حقيقية، لا يمتري فيها قائد حصيف، انه لم يخطئ تقرير لهيئات أركان دول عظمى في عصورنا الحديثة في معركة كبرى بأكثر من 15% وفي حربك مع الباغي كان الخطأ في تقدير تقرير هيئة أركان الدول العظمى عن الخسائر ما يزيد على 99.5% ما بلغته هيئات أركان تلك الدول من دراية وعلم، وخبرة في الأمور الحربية في عصرنا الحاضر.

ان ظاهرة نصرك لمعجزة في فصولها لمن تدبر، وان بقاءك مرفوع الرأس، موفور الكرامة، صلب الإرادة، بعد ان أريد تحطيمك وتدميرك، لدليل على عناية الله تعالى بك، ومن كان الله معه فالنصر حليفه (فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا) الجن.
ان لطف الله تعالى بك، ورحمته بأهلك، أخرجاك من هول الهاوية، الى القمة العالية، وكان جارك الذي أعنته وأمددته وأنقذته هو الذي اغتصب أرضك، واعتدى على شعبك، وبغى عليك، فرده الله جل وعلا خاسئا مدحورا، لم يبد حراكا ولم يظهر مقاومة، بل فر تباعا، وانخذل انجرارا، واندفع استسلاما، وما أراده لك حل به، وان من هاجموك سراعا قد انهزموا منك هرابى، بعد ان ملأوك سلاحا لم يستطيعوا ان يطلقوا منه مدفعا أو صاروخا يحفزهم الهلع، ويسرعهم الفزع، ويربكهم الجزع، يصدم بعضهم بعضا (كأنهم حمر مستنفرة، فرت من قسورة ـ المدثر)، استبسالا بالشرود، واندفاعا بالفرار، واهتماما بالهروب، وتركوك قائما بعد هجود طال، وكما كان دخولهم عليك عجبا غريبا، فكذلك خروجهم على تلك الصفة كان أعجب وأغرب.

وطني الأشم:
ان جارك العراق كان مكسور العين منذ ان سمي عراقا، وانه بجوره على حقوقك، وبغيه عليك، كسرت فقار ظهره، اما انت فقد دل اسمك على انك كويت فكويت (لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون) الروم.

وطني الأشم:
ما أحوجك في هذه الظروف الحرجة الى التبصر والاعتبار، والى التمعن والاتعاظ، وما اجدرك بالحذر الحازم والتنبه الدائم، واعلم ان جراحاتك لاتزال تقطر دما، وان الجروح في ظاهر الجسد سهل علاجها، ولكن الجرح الباطن يصعب علاجه، الا على النطاسي الماهر، فاصبر صبر أولي العزم وكن قواما بالحق ركينا في الشدائد.


أبوشميس يقول هذا عمنا وقدوتنا
بعد ان أدى الصلاة عقب الشروق معفرا رأسه بتراب ساحل أبوالحصانية، دنوت منه قائلا له: مبارك عليك الشهر الفضيل أباشميس.
فقال: أهلا وسهلا وعساكم من عواده.
قلت: أبا شميس الحبيب أتدري «الاستراحة» هذا الاسبوع عمن تتكلم؟
فقال غير مهتم: لا، كيفك يا بومتيح.
فقلت: عن عمنا الشيخ محمد الصالح الإبراهيم.
هنا طمر ووقف مبهورا مواصلا حديثه: قول الصج، والله راح تكتب عن عمنا بوصالح.
فقلت: نعم، لك تعليق؟
فقال: والله ونعم ومليون تحية حق عم الجميع عمنا وشيخنا بوصالح، هذا يبه من رجال الكويت الرواد الصالحين الطيبين (عيال بطنها) زين ما سويت.
انا كنت صغيرا أجلس هني في أبوالحصاني مع جدي سليمان المرشود ـ رحمه الله ـ وكان يثني على الشيخ وأفعاله وكرمه وأخلاقه، وكلما كبرت زاد اعجابي بهذا «الرمز القدوة» فوالله ما كان هناك أمر نحتاج فيه الى رأي إلا كان رأيه، عجيب هذا الشيخ الوقور يقدم بيمينه ما لا تعلم شماله، حكيم قليل الكلام، مؤثر في أهله وأصدقائه والمنطقة.
قلت: والله اجدت الوصف في عمنا أطال الله في عمره.
فقال: هو بحق جار محبوب ومجلسه له طعم وفائدة وسفرته منوعة ولا أقصد الأكل، يكفي ثقافاته وعلمه الواسع بأمور الدين والأدب والتاريخ وخصائص القرآن الكريم.
فقلت: وماذا عن مواقفه معك طيلة فترة الجيرة الطويلة؟
فقال: كلها خير، فهو خير معين لنا في دروب العمل الخيري.
وما قصده إنسان إلا وجد حاجته وزالت كربته.
فقلت: أتريد ان تختتم سطورك.
فقال: لا يا أخي الكريم، نحن في حضرة «أبوالإحسان» يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ان للمحسنين منازل، حتى المحسن الى أهله وأتباعه».
وهو على الدوام يشعرنا بأننا من أهله بتواضعه وتواصله معنا وسؤاله عنا، وقبول هديتنا.
فقلت: أباشميس تكرر كرمه وإحسانه كثيرا.
فقال: لم العجب، من لا يعرف الشيخ أبوصالح، لا يعرف الكرم، يخجلك بكرمه وهداياه الحاتمية.
فقلت: نعم اتفق معك لأول مرة في كل كلمة وزيادة، فهذا الرجل مبارك في كل شيء وهو يمثل جيل رجالات الكويت الأخيار.
قال أبوشميس: ربي يطيل عمره ويرزقه الفردوس الأعلى من الجنة على ما قدم لدينه ووطنه. قلت: اللهم آمين، ومع الأنبياء والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
__________________
رد مع اقتباس