عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 22-09-2011, 11:03 AM
الصورة الرمزية bo3azeez
bo3azeez bo3azeez غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: ديرة بو سالم
المشاركات: 461
افتراضي

السدرة (12)
نقلت رسائل الطبقجلي ورفعت الحاج سري وعبدالعزيز شهاب بعد إعدامهم
في عام 1961ايضا، كنت حينها في المستشفى الأميري، وقعت محاولة اغتيال الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد. وكان هناك ضباط قوميون في الجيش العراقي ضده من أمثال ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري وعبد العزيز شهاب. وفي شهر مارس أعلن العقيد عبد الوهاب الشواف الثورة على حكم عبد الكريم قاسم من الموصل، فرد على هذه الثورة بالقوة. كان قائد الحركة ناظم الطبقجلي لكنه لم يوفق، وقتل الشواف في مقر قيادته في الموصل، واعتقل الطبقجلي وعبد العزيز شهاب وقدموا للمحاكمة سراً، وليس علناً كما كان يجري الأمر في محكمة نشأت مع قيام ثورة تموز 1958 وسميت محكمة الشعب، وترأسها ابن أخت عبد الكريم قاسم العقيد فاضل المهداوي لمحاكمة مسؤولي النظام الملكي.


وحكم على قادة ثورة الشواف الثلاثة وعلى مجموعة كبيرة أخرى بالإعدام. فاتصل بي جاسم القطامي وقال لي: «أريدك.. ضروري جداً».
ذهبت إلى بيته، فبادرني بالقول: «لدي ثلاث رسائل كانت مبلولة ووضعتها في الشمس لتجف. هذه الرسائل من ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري وعبد العزيز شهاب، وتحمل وصاياهم قبل إعدامهم إلى أولادهم وإلى الأمة العربية، تحث على اعتناق مبدأ القومية العربية والوحدة العربية».
وسألني: «كيف نوصلها إلى الشام؟ هل تستطيع الذهاب بها إلى الشام؟»
قلت: «اعطني الرسائل، وسأخبر أهلي أنني ذاهب إلى البر».
أخذت الوصايا وحملت جواز سفري واتجهت إلى المطار، وهناك صادفت صديقا اسمه أنور الهنيدي في طريقه إلى الشام، فطلبت منه توصيل الأوراق في هذه الليلة، فوافق بلا تردد. اعطيته المغلف ورقم الهاتف الذي يجب أن يتصل به حين يصل. لم أقل له ما هي هذه الأوراق، لم أقل سوى أنها أوراق لتسجيل طلبة في الجامعة.
في الليلة نفسها أوصل الصديق الأوراق إلى هاني الهندي، فسلمها إلى عبد الحميد السراج، وحولها هذا إلى المسجد الأموي لتقرأ هناك، واتصل بالقاهرة وأرسل نسخا منها لتقرأ في مسجد الحسين.

على منبر الجمعة

وجلسنا في انتظار الاستماع إلى إذاعتي دمشق والقاهرة، وإذا بخطيب الجمعة في كلا المسجدين يتلو الوصايا. كانت عملية سريعة. وأحدثت قراءة وصايا قوميين في طريقهم إلى الإعدام اثراً واسعاً في العالم العربي. كانت مناشدة مؤثرة من رجال قوميين مؤمنين بوحدة أمتهم ومصيرها الواحد ضد دكتاتور بطش بالشعب العراقي اسمه عبد الكريم قاسم.
كانـت للقوميـين علاقات واسعـة ومتينـة على صعيد قـومي، وكانت لهم مراكز حساسـة. وأذكر أن خبر أول اغتيال سياسي يقع عـلى أرض الكويـت، وصلني قبل أيام قليلة من وقـوعه عن طريق أحد القوميين في سـوريا من الذين عملوا في رئاسة الجمهورية عند عبد الناصر التقيت بـه. فذكر لي أن حردان التكريتي سيقتل خـلال أيام. وبعد أقل من أسبوع شهدت إحـدى ردهات المستشفى الأميري عملية اغتياله في صباح يوم 13/3/1971، وعلى مسافـة قريبة من السفارة الأميركية.

مع الفلسطينيين

لم تكـن علاقتـي بالفلسطينيـين عـلاقة تبعيـة عمياء، كنت أتعـاطـف معهـم وأقـدر خدماتهم لنا في الكويت، ولكنني حافظت على موقف نقـدي كان ضروريـاً لمصلحة الشعـب الفلسطيني ذاته، وبخـاصة تجاه الظواهر السلبية التي اعتـرت العمل السياسي الفلسطيني منذ ان بدأ الكفاح المسلح.
لقد تسنت لي معرفة الشخصيات الفلسطينية المؤثرة منذ البداية، فهم كما قلت عاشوا وعملوا هنا، وكان بعضهم قريباً في وزارة الصحة وبعضهم سألتقي به في سياق مسؤولياتي في وكالة الأنباء الكويتية ثم الهلال الأحمر الكويتي.
أبدأ بأبو عمار الذي كان في عام 1970 قد أصبح رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحد معارفه عمل سكرتيراً في وزارة الصحة هو فريد أبو بكر، رحمه الله، أحد مؤسسي فتح، وعن طريقه التقيت بأبو عمار حين جاء الى الكويت ذات يوم.
كنت أتابع القضية الفلسطينية. ومن خلال متابعتي لاحظت بعض التحركات في الأردن. وفي ضوء معلومات تكونت لدي تشير الى أن الوضع في الأردن غير مستقر، وأن هناك استفزازات ترتكبها المنظمات الفلسطينية ضد الأردنيين، والملك حسين بخاصة، ارتأيت ان أقوم باتصالات لتجنيب الأخوة الفلسطينيين أي كوارث محتملة.

لقاء ابو عمار

وما أن جاءت فرصة وجود أبو عمار في الكويت حتى أبديت رغبتي بلقائه، وذهبت مع فريد أبو بكر الى مكان اقامته في السالمية.
كان هذا هو اللقاء الأول، ولم أتردد في تحذيره. قلت له:
«سوف تكون هجمة عليكم في الأردن. أنتم تتدخلون في شؤون أردنية، ومن الواجب أن تتجنبوا الاحتكاك بالأردنيين»
ضحك أبو عمار، وقال بصوت الواثق :
«لاتخف علينا، نحن قوة ضاربة، ولدينا قيادات تستطيع فعل أشياء كثيرة»
قلت :
«سيعتدون عليكم»
فقال بلهجة معتدا بنفسه:
«لا اطمئن.. أنا اعرف هذه الأمور أكثر منك»
أمام مثل هذه الردود، لم أجد ما أقول سوى:
«وفقكم الله»
اللقاء الثاني جاء خلال محاضرة في مدرسة الشعب الثانوية، وأمام حضور كبير، تحدث فيها أبو عمار عن دور منظمة التحرير الفلسطينية. وعندما انتهى طلبت الكلمة، وكررت تحذيري، وهذ المرة حول الظهور الاعلامي المبالغ فيه:
«يا أخ أبو عمار.. أريد أن اقول كلمة؛ أنت الآن رئيس تنظيم ثوري، ولكنك تتنقل من مكان الى مكان، ومن قصر الى آخر، ومن طيارة الى طيارة، هذه ليست مواصفات قائد ثوري مثل «الجنرال جياب». في فيتنام لم تظهر صورة له خلال الحرب على الفرنسيين، وحين سألوه ماذا يضايقك؟ أجاب «القردة والفئران، لقد أكلت كتبي»! لم ير أحد صورة له، وأنت تظهر في كل وسائل الاعلام مع أنك مستهدف أنت وجماعتك».
وأيضاً ضحك أبو عمار، ورفع من سقف ثقته بنفسه:
«أريد أن أطمئنك.. ورائي ثلاثة صفوف لا يظهر أشخاصها».

أخطاء وتجاوزات

هذه الاجابات وأمثالها شعرت أنها تحمل استخفافاً بـأي متحدث او محـذر أو حتى بمن لديه معلومات، وبدل أن تطمئنني زادت من قلقي على مصير الثورة الفلسطينية وهي تكاد تتحول الى ظاهرة اعلامية لفظية تخفي تحتها سيولا من الأخطاء والتجاوزات، والأهم أنها ترفض النقد حتى وان جاء من حريصين عليها. وتساءلت هل هناك شيء لا أفهمه وراء هذا الاستهتار في تناول قضايا بمثل هذه الخطورة؟ ولم يطل الزمن حتى كدت أقترب من الجواب. حدث هذا في لقـاء لي بأبو عمار بصفتي الاعلامية وكمسؤول عن الوكالة «كونـا» بعد أحـداث أيلـول الأسود الدامية بسنوات. رأيته في قصر دسمان، فذهبت لأسلم عليه، واذكر أن قضية ما كانت مثارة في ذلك الوقت لم أعد أتذكر ما هي تحديداً. أردت ان أنصحـه، فلم يعد لأي تحذير من معنى بعد ما سمعته يواجـه التحذيرات بالضحك وبعبارات طمأنة يثبت بعد ذلك أنها لا تقوم على أساس، قلت بلهجة الخبير العارف:
«أنت لا تعمل كما يجب. كل الذين حولك لا يقولون لك سوى أنك تسير في المسار الصحيح ولا أحد يعارضك»
وتجاهل أبو عمار جوهر ما قلت أو تغابى بالأحرى، ورد بقصة لاعلاقة لها باتهام صريح وجهته له:
«اتصلت بي امرأة لتخبرني أن بيتها دمر، فأمرت باعادة بنائه»!
قلت:
«هذا لا شيء.. يفترض أن تخفي نفسك وتعمل» كنت أتحدث من منطلق تجربة كل حركات التحرير في العالم، ولكن بدا لي انني كنت أمام شيء مختلف نهجاً وغاية وأنا أسمعه يرد: «لا.. من الضروري أن نشهر فلسطين».
وأصررت: «الثورية ليست بحمل السلاح ولكنها أسلوب عمل».
فقال بفظاظة: «شكراً.. ومع السلامة».
بهذه العقلية في الحوار، وفي طريقة إنهائه بأسلوب مهين، شعرت أن الرجل غارق في ذاته إلى درجة مخيفة. هو لا يجادل بقدر ما يتهرب ويراوغ، ولا يتلقى بقدر ما يهوى إصدار الأوامر حتى أوامر فرض طمأنينة لا محل لها في خضم كوارث بدأت تلم بالثورة الفلسطينية.
في السنوات اللاحقة أعطاني أبو عمار شهادة تكريم تسلمها ابني محمد بالنيابة عني في عام 1987. وحتى الآن لا أدري على أي شيء كان التكريم، اللهم إلا إذا كانت الغاية منها أن أكف عن التفكير بالقضية الفلسطينية محذراً أو ناصحاً، أو أتوقف عن إزعاجه بملاحظاتي أو أخبار وكالة «كونا» المستقلة وتحليلاتها بعد أن بدأنا نرى السفينة الفلسطينية ترتطم بصخور القاع أو تلقيها الرياح في مسارات غامضة وقبطانها مشغول بمشروعات غامضة لا أحد يعرفها أو يرسمها سواه.

أبو إياد والسوفيت

عرفت أيضاً أبو إياد، عن طريق فريد أبو بكر، حين طلب مني هذا الأخير إن كان بإمكاني ترتيب لقاء بينه وبين مسؤول في السفارة السوفييتية في الكويت لأنه بحاجة إلى المساعدة.
ومن دون أن أسأل عن طبيعة هذه المساعدة التي يطلبها أبو إياد رتبت اللقاء.
كنت على معرفة بجراح عظام اسمه تريبنكوف يسكن في مساكن الأطباء في الشويخ، واعتدت حين أزوره على رؤية أحد الدبلوماسيين من السفارة عنده. فطلبت منه ان يأتي إلى مكتب والدي بجوار فندق الشيراتون لأن صلاح خلف يريد أن يلتقي به.
اجتمعنا سوية. ودارت أحاديث متنوعة كان جوهرها طلب الأسلحة.
سأله الدبلوماسي مباشرة: «كم عدد الفدائيين الذين يتدربون في الكويت؟».
رد صلاح خلف: «اولا، لا يوجد فدائيون في الكويـت، وثانياً، حتى لو كان لهـم وجـود فلن أجيبك عن هذا السـؤال».
وأضاف: «انا سأسألك بصفتـك من السفـارة السوفيتية. أنـا أطلب مساعدتك.. أريد ان تمدونا بالسلاح».
أومأ الدبلوماسي: «أنا موافق».
خرجنا بعد هذا اللقاء القصير، ثم تواصلت الاتصالات بين أبو اياد وبين السوفيت. وسمعت لاحقاً أن الروس أمدوهم بالسلاح عن طريق بولندا.
في آخر لقاء لي بأبو اياد، وكان في أواخر الثمانينات، قلت له: «أود ان أحدثك بموضوع سبق وأن حدثت به فاروق القدومي ولم يصغ الي».

حكومة ثانية

وبسطت الموضوع:
«لا تعتبروا أنفسكم في الكويت حكومة ثانية. أنتم ضائعون. أنظر ماذا حدث لكم في الأردن ولبنان وسوريا عندما ضربوا المخيمات. أنتم الآن وضعكم حساس، ويفترض ألا تتدخلوا في شؤون الغير. لقد قبلنا بوجود هلالين، هلال أحمر فلسطيني بجوار هلال أحمر كويتي، وأنا ساعدتكم، ولكن لن نقبل بحكومتين وتدخلات في أمور سياسية وأمنية. أن يلقى مثلا القبض على فلسطيني جراء قضية، فتتدخلون وتخرجونه من المخفر. هذا لا يجوز».
من يتذكر تلك الأيام يعرف أنني كنت في حديثي أضع يدي على ظاهرة غريبة رافقت العمل الفلسطيني الرسمي؛ استغلال العاطفة الشائعة تجاه القضية الفلسطينية ومكانتها في النفوس استغلالا خاطئاً، ستقود في النهاية الى تشويه صورة فلسطين في المحيط الشعبي العربي قبل المحيط الرسمي. وأتساءل الآن في ضوء مجريات الأحداث اللاحقة: هل كان ما يجري عفويا أم كان أمراً مخططاً له؟
كان رد أبو اياد: «كلامـك صحيـح، ونحن نشكر لك كل ما تفضلت به، وسـوف أتـابع الموضـوع بنفسـي».
ثـم فاتـح عـوني بطـاش مدير مكتب فتح في الكويـت، وطلب منه أن لا يتدخلوا في الشـؤون الداخلية.
لم أكن أتردد في قول ملاحظاتي، أو ابداء رأي أو اقتراح فكرة، حين التقي بأحد ممن كانوا في نظـرنا رجال ثورة نعتبرها جزءا من حركة تحرير عربيـة واسعة. بل وكنت أشعر بالسعادة حين ألتقي بأحـدهم كما حدث حين طلب أحمد جبريل بوساطة أحد الأصدقـاء لقائي. لم أكن على معرفـة به، ولكنني رحبت باللقاء. وجاء الي مع ثلاثة أشخاص من مباحث الكويت كحرس له.
قلـت منذ البداية:
«لن أتحدث بحضور مخـابرات»
فطلب من مرافقيه الخروج. وبدأنا نتحدث. وكان مما قلته له:
«أريـد أن أعرف رأيـك بصفتك رئيس الجبهـة الشعبيـة، القيادة العامـة، ولك مركزك الثـوري والتنظيمي والنفوذ في سوريا، لماذا لا تدعون الى مؤتمر قمـة عربي يعقد في أحد مخيمات اللاجئين؟»
فكر جبريل قليلا ثم قال:
«هذه فكرة جيدة، ولكنهم لن يوافقوا»
قلت:
«حتى لو لم يوافقوا، سوف تستفيدون من هذه الدعوة اعلاميا»
«ان شاء الله.. خير»
كان هذا آخر عهدي به، وخرج ولم أره بعدها.

أوائل الستينات

في أوائل الستينات عرفت شخصيات فلسطينية أخرى، وفي مناسبات وظروف مختلفة، وأبرزها حين بدأ ترحيل من له نشاط بعثي في الكويت، مثل فاروق القدومي الذي أبعد بسبب بعثيته وليس بسبب أنه من فتح كما قال بعد ذلك. ومنهم طبيب العيون من غزة المرحوم د. زهير عواد. كان يسكن في الشويخ، وتربطني به صداقة، وكذلك أخوه الصيدلي ماجد عواد. وهذا الأخير رحمه الله كان سليط اللسان ينتقد الحكومة والكويتيين، فقرروا ابعاده. وعندما علم أنهم سيأتون لأخذه من منزله الى وزارة الداخلية، طمأنته وقلت ألا يخشى شيئا، وأخفيته في منزلي، وقلت له أنني سأتولى الموضوع.
اتصلت بوزير الداخلية، وقلت له انه طبيب في وزارة الصحة، ولايجوز أن تأخذوه الى الداخلية، فنصحني بالاتصال بعبد اللطيف الثويني وكان وكيل الداخلية. اتصلت به ورويت له القصة كاملة، وأن الطبيب موجود في منزلي، ولايجوز أن يسحب من قبل المباحث لأن هذا أمر غير طيب ويسيء الى سمعة الكويت. فقال الثويني:
«وأنت ما دخلك بالموضوع؟»
قلت:
«عمل معي في وزارة الصحة، وهو صديقي، ولن أقبل بإهانته»
«هل أنت مستعد لتوصيله إلى المطار؟»
أبديت استعدادي بالطبع:
«نعم.. في أي وقت»
«غداً إذن.. على طائرة بعد الظهر»
«ألن يأتينا أحد؟»
«لا.. اطمئن»
وعاد زهير عواد إلى بيته ليستعد للسفر.
في مابعد، وقبل عام 1967، تحدث بعض الفلسطينيين في الإذاعة كما أخبرني د. الغلاييني، وكان منهم زهير عواد الذي روى قصة إبعاده كاملة، وأشاد بي ذاكراً أن لي علاقة قوية بالفلسطينيين، ويجب تقدير مواقفي.
قصة الدبلوماسي السوفيتي لم تتوقف عنـد اللقاء الذي رتبته بينه وبين أبو إياد. عادت هـذه القصة إلى الضوء مـرة أخـرى، ولكن مع حادث مثير هذه المرة لم تنشر عنه الصحافة الكويتية شيئاً، ولا أحد عرف طرفاً منها.
ذات ليلة، ومن بيـتـه، اتصل بي الطبيب تريبنكوف الـذي كان يتردد عليه الدبلوماسي ذاك، وقال : «أريد مقابلتك اليوم.. في هـذه الليلة.. ضروري جداً»
وذهبت إليه، فوجدت الدبلوماسي عنده، وما أن دخلت حتى بادرني بطلب مساعدتي في معرفة مصير موظف لديهم في السفارة:
«لدينا موظف اسمه زاخاروف، خرج ولم يعـد، ولانعـرف عنـه شيئا»ً.
فنصحته أن يذهب إلى وزارة الداخلية ويسأل عنه، لأنني لا أستطيع مساعدته في هذا الموضـوع.
وتوقف حديث تلك الليلة عند هذا الحد، إلا أنني عرفت بعد شهر حين التقيت بالطبيب تريبنكوف القصة كاملة. وهذه هي روايته:
كـان زاخاروف يعمـل عنـدنا في السفارة مسـؤولا عن الأمن، واتضح لدينـا أن المخابرات الاميركية جندته. وعنـدما اكتشفت هذه المخـابرات أننـا كشفناه، نبهته بطريقـة مسرحيـة؛ إذ رأى وهو خارج من السفارة سيارة فولكسفاغن تظهر وراء زجاجها الخلفي مزهرية، فهـذا بمثابة تحـذير له أن أمره انكشف وعليه أن يهرب. وحين خرج وشاهد التحـذير، عاد إلى السفارة وأخذ بعض الوثـائق وجواز سفره، ثم أخرجوه من الكويت. إلى أين؟ لا أحد يعلم. وترك زاخاروف زوجته وابنته في الكويت، وتم ترحيلهما بعد ذلـك. وبعد مرور شـهر على هذا الحـادث نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية خبر هـروب زاخاروف من السفارة السوفيتيـة في الكويت إلى اميركا.
__________________
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت
*****************
فان تولوا فبالاشرار تنقاد
رد مع اقتباس