عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 22-09-2011, 11:04 AM
الصورة الرمزية bo3azeez
bo3azeez bo3azeez غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: ديرة بو سالم
المشاركات: 461
افتراضي

السدرة (14) قلق خفي غامض يتحكم بحياة معظم زعماء العرب
لم يكن عملنا في الوكالة (كونا) مجرد تصيد للأخبار، بل كان في حقيقة الأمر أكثر من ذلك، كان استقصاء للعالم من حولنا وتعرفا على ما يحيط بنا، سواء تعلق الأمر بتغطية المؤتمرات أو متابعة تطورات القضايا والأحداث المحلية والعربية والعالمية أو لقاء رؤساء الدول من مختلف الجنسيات. وبسبب اهتمامي بالأمور السياسية، حرصت على إجراء المقابلات مع شخصيات عربية وأجنبية شخصياً، بصفتي مديرا لوكالة كونا، وكانت لي علاقات وصحبة مع الكثير من الشخصيات، واتخذت خلال ذلك قرارات صعبة أخذتها على مسؤوليتي بالكامل. ووجدت نفسي أتصادم مع رؤساء دول أحياناً كما سأروي.
بعض الناس ظن حين قبلت العمل في كونا أنني أصبحت في أحضان الحكومة. ولكن فكرة الوكالة التي رفضها مجلس الأمة حظيت باحترام الحكومة بالصيغة التي اقترحتها، وكانت تساعدني.

شخصيات ومصائر

الكثير من هذه التجارب، والشخصي منه بخاصة، لا يظهر في التقارير التي تبثها الوكالات عادة، ويظل في الذاكرة. وسأروي الآن قصصا هي بالنسبة لي أكثر كشفاً ودقة مما اعتاد الناس سماعه، فيها من الواقع ملامحه، ولكن فيها أيضاً من زاوية الرؤية الشخصية ملامح أكثر حيوية. هنا أجد نفسي في مكان الرسام الحامل لقماشة لوحته ليرسم ملامح شخصيات نشاهدها في المجال العام، ولكنه هنا يلتقط شيئا خاصا للشخصية وظروفها الزمانية والمكانية وسط عالم يموج كما عهدناه دائماً بالمتغيرات.
لم يكن مصادفة إذن أن التقي بشخصيات تقلبت مصائرها، بعضها مازال على قيد الحياة، وبعضها رحل عن عالمنا، بعضها يأسف الإنسان على غيابه وبعضها يتمنى لو لم يكن موجودا أصلا.

خلطة الإعلام

المكان الإعلامي العربي الذي وجدت نفسي فيه، عالمٌ ذو خصوصية، تختلط فيه عناصر سياسية ومخابراتية وتجارية ومعرفية، وبين كل هذا وذاك تجد نفسك في خضم الأمواج لا على الشاطئ، تستكشف ما حولك وما في نفسك، تمتحن خبرتك ومعرفتك، وتمتحن هذا العالم وتتعرف عليه.
وهو أيضاً عالم تواجه فيه واقعاً شاذا، تجد فيه الكثير من المرتزقة بأزياء الصحافيين حيث

تكتب غالبية هؤلاء، ونسبتها تقارب %65 كما قلت ذات يوم، في ضوء حجم المدفوعات، ولكل كلمة لديها سعر. وتجد فيه متعلمين يكتبون ولكنهم أميون إذا أردنا معرفة محتوى ما يكتبون. الأخطر من كل هؤلاء، ذلك النوع الذي يكتب ما لايؤمن به، فيظهر بلباس تقدمي بينما ممارساته عشائرية. ويكثر أمثال هؤلاء المرتزقة والأميين، ومن هناك لايقدمون جديداً لا في الفكر ولا في السياسة، بل يتحذلقون ويتلقطون ما يعود عليهم بالنفع ويبثونه بين الناس، يعزفون اللحن الذي يطلبه من يدفع، كما يقول مثل إنكليزي، وحين تكشفهم وتنتقدهم، يتطاولون عليك أنت الذي تعرف أن أسماءهم موجودة على قوائم دفع وزارات الإعلام الرسمية.

جولة آسيوية

لم يكن قد مرّ على تأسيس كونا سوى أربع سنوات حين سافرت مع سمو الأمير في جولة آسيوية في عام 1980. وهو عام لا ينسى مطلعه. فقد حفل بحروب وغزوات ستغير صورة منطقتنا والعالم من حولنا وسنعيش تداعياتها كما سنرى لعقود طويلة، مست محيطنا ومستنا مباشرة.
باكستان كانت محطتنا الأولى، وفي أول يوم وصلنا فيه إلى عاصمتها إسلام آباد أقاموا حفل عشاء على شرف الأمير الزائر. وخلال العشاء رويت للحاضرين من الباكستانيين أخباراً لم أكن أعرف أنها ستأخذني لألتقي وجها لوجه مع الجنرال ضياء الحق!
قلت لهم إن السوفيت حسب معلوماتي موجودون في أفغانستان، أدخلوا معهم ما لايقل عن 500 عنصر مخابراتي من الكي. جي. بي! واثارت هذه المعلومة اهتمام المضيفين، فسألوني كيف عرفت؟ قلت هي معلومات شخصية، ولــــم أزد على ذلك حرفـاً.
بعد العشاء ذهبنا إلى الفندق، فإذا بهاتف من مكتب الاستقبال يرنّ في غرفتي ويخبرني أن ضياء الحق يريد مقابلتي. دهشت بالطبع، وقلت لقريبي عبد الله السديراوي، وكان معي في الغرفة:

مع ضياء الحق

«ضياء الحق أرسل في طلبي، وأنـا لا معرفة لي بـه، ولا أعرف الموضوع الـذي يريدني من أجله!»
قال السديراوي:
«إنزل وشوف الموضوع»
نزلت من غرفتي، فوجدت ضابطاً في انتظاري. لم يكن الأمر مطمئناً، فالعسكر لا يؤمن جانبهم وبخاصة حين يحكمون بلداً تسمع عن غوامض تجري فيه وانقلابات لا أول لهــــا ولا آخر.
عدت إلى غرفتي وأخبرت السديراوي، وقلت له:
«اسمع.. أنا ذاهبٌ لمقابلة ضياء الحق وإذا لم أعد فأنت تعرف أين أنا»
ذهبت بصحبة الضابط إلى مقر الجنرال، وجلست في صالة لمدة ربع ساعة لا أعرف أين أنــــا ولمــــاذا جــــاءوا بي. ثم ظهر ضياء الحــــق من وراء حاجب وسلم عليّ وأنــــا مازلت مستغرباً. عندئذ قـــال بانكليزيـــة مبتورة باللهجـــة الباكستانيـــة:
«أخبرني أحد الوزراء أنك حدثته عن وجود عناصر الكي.جي. بي!»
أه.. فكرت بيني وبين نفسي، إذن وصله الخبر، هذا كل ما في الأمر.
قلت شاعراً بالارتياح:
«هل يعقل ياسيدي الرئيس أن يحتل السوفيت أفغانستان من دون أي تغطية من المخابرات؟»
هز رأسه وسألني:
«وكيف نأخذ معلومات عنهم؟»
«هذا ليس من شأني بل من شأنك أنت بصفتك رئيس المؤتمر الإسلامي.. أنت من يجب أن يتحرك»
هنا فاجأني بالقول:
هل تقبل تفويضاً مني لفتح الموضوع مع السوفيت؟
«بأي صفة؟»
لاذ الرئيس بالصمت ولم يرد، فتابعت:
«أنا لست بهذا المستوى، اعطني كتابا منكم.. وإلا فبأي صفة تريدني أن أذهب إليهم؟»
كان الجنرال خلال الحديث يفتح بين آونة وأخرى زراً من أزرار ردائه، كأنه يشعر بضيق في التنفس.
ثم انتقل إلى موضوع آخر:
«لدي خطاب سوف ألقيه في الأمم المتحدة، وأريد أن أعرف ما هي ملاحظاتك عن العالم الإسلامي»
قلت:
«أنا حاضر»
فمد يده إليّ ببطاقته الشخصية ورقم الفاكس الخاص به.
في اليوم التالي ذهبت مع الأمير لزيارة جبل يدعى ميريز، شديد البرودة يغطيه الضباب، وكنا في شهر سبتمبر. وهناك انتحى بي ضياء الحق جانباً، فملأتني الخشية من أن تظن جماعتي أن بيني وبينه شيئا خاصا.
قال وهو يشير إلى مناطق حولنا:
«أريد أن أهديك شيئاً»
شكرته وقلت:
«لا موجب للهدايا»
أصر:
«أريد أن أهديك أرضاً في ميريز»!
«لا أستطيع قبول هديتك حتى لا يظن في المستقبل أنني جاسوس لك»
ضحك، وقال:

رسالة إلى الأمير

«أطلب منك أن تخبر الأمير، بما أنه ذاهبٌ إلى الهند وسيلتقي بأنديرا غاندي، أن تذكره أن الهندوس يدخلون البقر إلى المساجد، ونحن لانستطيع اعتراض البقر لأنها مقدسة عندهم. إنهم يستفزوننا. يصلي المسلمون في المساجد وتدخل عليهم الأبقار والثيران..»
وعدته أن أحمل رسالته إلى الأمير، وقلت له:
«ولكنني لاأعلم إن كان الأمير سيتحدث حول هذا الموضوع أم لا»
وبالفعل نقلت الرسالة وما طلبه ضياء الحق، فوجدت لدى الأمير علما بالموضوع، وقال إنه سيناقشه مع أنديرا غاندي.
بعد ما يشبه هذه المغامرة الليلية في باكستان، التقيت بضياء الحق مرة أخرى في المؤتمر الإسلامي في الطائف. جاء اللقاء خلال الصلاة، وتصادف وجودي بجواره، ولاحظت أنه أطال الصلاة. حين انتهى سألته:
«لماذا أطلت الصلاة؟»
قال:
«أريد الجنة»
قلت مازحاً:
«الجنة.. دفعة واحدة!»

بذخ ملوك

ضحك، وربت على كتفي، وبعدها أرسل لي صورته وعليها إهداء «إلى صديقي العزيز».
واصلنا جولتنا، ودخلنا بنغلادش، وكانت هذه أول زيارة لي إلى بلد فيه هذا الفقر المدقع الذي يتجاوز خيال المتخيل. فقر واضح في العاصمة دكا، في طرقاتها وعلى ملامح الناس والأسواق. والغريب أن الرئيس مجيب الرحمن حين دعا جميع رؤساء التحرير وهبط ليستقبلنا، بدأت موسيقى الأبواق تعزف على إيقاع خطواته، وسار مبتهجاً كأنه إمبراطور من أيام زمان، يزهو وسط شعب يموت جوعاً فعلا لا مجازاً.
لم أنس هذا المشهد، ولذا ما إن اجتمع بنا مسؤول الإعلام مع بقية رؤساء التحرير، بادرته بالقول:
«ألاحظ أن نظامكم اشتراكي، ومع ذلك الناس يموتون من الجوع! أرجو المعذرة، فأنا أرى بذخا من فعل الملوك وليس من فعل قادة شعب فقير!»

تغيرت ملامح المسؤول الإعلامي، وسارع يقول بارتباك واضح:
«نتحدث في هذا الموضوع لاحقاً»
ولم يأت هذا الوقت اللاحق، فقد غادرنا إلى ماليزيا، وهناك في أول يوم دعانا السفيرالسعودي، وعرض علينا فيلماً وثائقيا عن الملك عبد العزيز بن سعود. بعد انتهاء الفيلم، ونحن على مائدة العشاء، جاءني محمد درويش العرادة وقال لي:
«الشيخ يريدك لأمر ضروري»
ذهبت إليه أستطلع الأمر، فقال لي ما أن شاهدني:
«علمت الآن أن العراق هجم على جزر إيرانية واحتلها، والوضع هناك ليس طبيعياً.. تحر الموضوع»
رجعت إلى الفندق وتحريت الموضوع، فقالوا لي أن هناك اشتباكات على الحدود العراقية- الإيرانية. أخبرت عبد اللطيف الحمد الذي كان معنا على مائدة العشاء، وطلبت أن ينقل الأخبار إلى الأمير. كان هذا في سبتمبر 1980، بداية الحرب العراقية- الإيرانية التي تواصلت طوال عقد كامل.
محطتنا الأخرى كانت جاكرتا في أندونيسيا. وخلال وجودنا على متن الطائرة، وكانت من نوع بوينغ 707، شاهدت رؤساء التحرير وبينهم فيصل المرزوق، ضابط يذهب مسرعا إلى حجرة الطيار ويخرج مسرعاً، وأحسست أن وضع الطائرة لم يكن طبيعياً. قال المرزوق:
«هناك شيء يحدث للطائرة.. ونحن برفقة الأمير»
ولم يكد يتم كلامه حتى هوت الطائرة، ثم عادت إلى الارتفاع، وظلت الحال هكذا بين هبوط وارتفاع إلى أن وصلنا مطار جاكرتا، وهناك كانت في انتظارنا سيارات الإسعاف والإطفاء، وكل هذا ونحن لانعلم مايحدث.
وواصلنا رحيلنا إلى سنغافورة، وهناك وجدنا طائرة كويتية جامبو جيت. وعدنا من رحلتنا الآسيوية ونحن مرتاحون، ولكن لنواجه عواصف أخرى بدأت تلم بمحيطنا القريب.

في العالم العربي

سانتقل الآن إلى قصص من عالمنا العربي، عالم تصيبني الدهشة الان، وأنا اتذكره في الثمانينات، وأتذكر معه كم كان زعماؤه يتماثلون مع زعماء رحلتنا الآسيوية، رغم اختلاف اللغة والبعد وخصوصية الجغرافية السياسية.
أربعة رؤساء التقيت بهم، أو أربعة مصائر، تكاد تلخص أوضاعنا إذا أردنا تلخيصاً بخطوط بسيطة. وكانت هذه اللقاءات في ظروف مختلفة، وتحت هاجس قضايا مختلفة. وكلها أعطتني تجربة ذات مغزى في تعامل رؤساء العالم الثالث عموما مع وسائل الإعلام. أنت لدى هؤلاء مرحبٌ بك إذا كنت من حملة المباخر والطبول، أما إذا كنت من حملة الرأي الآخر، فالنجوم أقرب إليك من المسؤولين الكبار في هذا العالم.
لست خبيراً نفسياً، ولكن لفت نظري تفضيل هؤلاء للإعلام الغربي رغم أنه لا يخدم إلا مصالح الأسياد القدامى، ولا يتوانى عن غرس بذور الفتنة والشقاق عندما تتاح له الفرصة. بينما نجدهم يحتفظون بنظرة شك إلى الإعلام في بلدانهم.

قلق خفي

إن ما أتذكره كسمة دائمة على وجوه هؤلاء الرؤساء هو القلق الذي يُخفى وراء شتى المظاهر الدبلوماسية، أو وراء التظاهر بأن كل شيء على ما يرام، قلق خفي غامض لا يجد تعبيره في كلماتهم، بل في حياة متقلبة راكدة تحيط بهم ويحيطونها بشتى التمويهات، ويستطيع أي إعلامي يمتلك أدنى حد من الحس السليم اكتشافها.
في عام 1980 ذاته حدثت مواجهة بيني وبين الرئيس السوداني جعفر نميري تصرف فيها تصرفا غامضا غير مفهوم، حين رفض الحديث إلا في موضوع واحد حدده هو، وأمام عدسات التلفزيون لا مع رئيس وكالة كونا، الذي يبدو أن فكرة مسبقة كانت لديه عن استقلاليتها عن أي تأثير رسمي.
كان في زيارة للكويت قادماً من باكستان، وهو يومها رئيس لجنة التضامن العربي. فأحببت أن أجري معه لقاء صحفياً، مع أنني شخصياً لا أتفق مع توجهاته السياسية،
ذهبت إلى مقر إقامته الرسمي في قصر السلام في الموعد المحدد وفي ذهني أن تتمحور الأسئلة التي سأوجهها حول عمل اللجنة التي يرأسها في رأب الصدع العربي وإصلاح العلاقات المتدهورة بين العديد من الدول العربية.

مع النميري

دخلت الحجرة المخصصة، فإذا بها تحتشد باستعدادات كاملة لتصوير المقابلة تلفزيونياً.
حضر الرئيس وصافحني، وأول سؤاله كان:
«ما هي طبيعة الأسئلة؟»
قلت:
«في ذهني إجراء مقابلة لوكالة الأنباء الكويتية، ولم أعلم أنه سيتم تصويرها تلفزيونياً».
وأعاد السؤال:
«ماهي طبيعة الأسئلة؟».
«يدور معظمها حول عمل لجنة التضامن..».
قاطعني: فاجأني ولم يترك لي فرصة إكمال جملتي:
«أنا أرفض الإجابة عن هذه الأسئلة»!
استغربت وقلت:
«يا سيـادة الرئيس، إن كنـت لست مرتــــاحـــاً للمقابلــــة، فيمكنك إلقـــاء بيـان عـن عمــل اللجنـــة التي ترأسها»
«ومن يضمن نشر ما أقوله؟»
نظرت حولي مشيراً إلى مسجلات الصوت وعدسات التصوير:
«هذه كلها تشهد أنني لن أضيف حرفاً واحداً ولن أشطب حرفاً مما ستقوله!».
توقعت أن يقبل العرض، إلا أن رد فعله ضاعف دهشتي:
«الآن لست مستعداً للحديث في موضوع التضامن العربي، لن أتحدث إلا عن العلاقات الكويتية- السودانية».
فشرحت:
«اسمح لي.. جئت لأسألك بصفتك مسؤول لجنة التضامن العربي، العلاقات الأخوية الجيدة بين الكويت والسودان بخير والحمد لله ولا يحتاج القــارئ أو المشاهد إلى معرفـــة أكثر مما هو ظاهر، ويمكن أن نتحدث عنها، ولكن المهم الآن التضامن العربي، توضيح من رئيس اللجنة حول ما وصلت إليه في عملها وإنجازاتها إن كانت أنجزت شيئاً»
رد النميري:
«أنا أقول ما في غير العلاقات الكويتية- السودانية»!
وأضاف بإصرار:
«أنا أرفض، ولن أتحدث إلا مع التلفزيون»!
هنا شعرت بأنه متوتر الأعصاب، واصبح الجو كله متوترا تبعاً لذلك، فقلت:
«لا.. هذا كلام لا يقال لي، أنا لست مندوب تلفزيون الكويت، هذا مندوب تلفزيون الكويت هناك وهو من يسألك عن العلاقات الكويتية- السودانية.. تعال يا أحمد عبد العال..».
اقترب عبد العال وجلس، وطلبت منه أن يمضي قدما في إجراء المقابلة معه، وخرجت، وأنا أردد بيني وبين نفسي «خليه يولي».
في الخارج التقيت ببعض مرافقي النميري، وبينهم الملحق الصحفي في السفارة السودانية الذي يبدو أنه سمع طرفاً مما جرى، فسألني:
«بو خالد.. أنت زعلان؟».
«والله.. لا أستطيع مقابلته، صعبٌ عليّ أن أقابله، خل التلفزيون يجري معه اللقاء. نحن وكالة أنباء حرة.. لا قيود عليها».
اعتذر الملحق الصحفي عن عدم تجاوب رئيسه ورفضه إجراء المقابلة حسب الاتفاق الأصلي، ورجاني ألا أعتبر الموضوع شخصياً، فأكدت له أن الموضوع ليس شخصياً إطلاقاً. ثم طلبت منه إذا أراد أن يخدمني توصيل رسالة إلى رئيسه.
سألني:
«ماهي؟»
قلت مشدداً على كل كلمة:
«أرجوك أن تبلغ الرئيس أو السفير على الأقل، قل له إن بو خالد يقول لك، أنت جئت هنا خادماً للشعب السوداني، وليس شعب السودان خادما لك»
رد الملحق الصحافي:
«والله العظيم سأقول له».
وبالفعل قام بإبلاغ رسالتي إلى أحد المسؤولين في الوفد، وأوصلها هذا إلى رئيسه، ولكن لم يمض على هذا الحادث أكثر من عشرة أيام، حتى نقلوا الملحق الصحفي من السفارة!.
__________________
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت
*****************
فان تولوا فبالاشرار تنقاد
رد مع اقتباس