عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 24-09-2013, 02:46 PM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

النوخذة صار بحاراً
كتب بدر ناصر الحميدي :


الكويت حلوة بأهلها، حلوة بجمالها، وحلوة بعطائها، الكويت منارة تشع منها المروءة والطيبة والمحبة بين أهلها، الكل يساعد بعضه بعضا، ويستر عليه ويعينه في كل الأمور التي يحتاجها، سواء المعيشية أو التجارية أو غيرها. كانت الحياة حلوة بين أطياف المجتمع، لا توجد فوارق او انشقاقات، كنا لا نفكر او ننظر إذا كان جارنا حضريا او قبليا او شيعيا او سنيا، يلعب بعضنا مع بعض ونتسامر، ولم نفكر يوما بالفرقة فيما بيننا. كانت هذه حياة الكويتيين القديمة، وللاسف تغيّرت الحالة وانقلبت، واوصبحنا نعيش في وقت يكثر فيه النفاق والدجل والتشهير بالناس والتسابق الى نشر الفضائح، حتى اصبح غسيلنا يُنشر خارج بيتنا الكبير الكويت.

والسؤال: لماذا تغيّرت النفوس وانحدرت القيم فيما بيننا؟ لماذا اختلفنا عن نهج آبائنا وأجدادنا؟ ولماذا الصراعات والتصعيد؟ ولماذا أصبحت النفوس تشتعل بالحقد والحسد؟! سؤال مهم.
من وجهة نظري أن السبب الرئيسي الأول هو الحكومة، ويأتي بعدها مجلس الأمة لسبب مهم جداً، وهو أنهم هم من يتخذ القرار وبيدهم السلطتان، التنفيذية والتشريعية!
الحكومات منذ بداية التسعينات لديها الكثير من الإخفاقات التي أثرت في مسيرة التطورات والتنمية البشرية، مما ساعد على تدهور الأحوال، ولم تكن على المستوى المطلوب في معالجة تداعيات الغزو الغاشم، مما أثر في المجتمع الكويتي، وغابت المشاعر الوطنية التي كنا بأمسّ الحاجة إليها بعد تلاحم الشعب بأكمله خلال الغزو الغاشم تجاه شرعيته وحكامه.

كنا نحتاج الى مراجعة دقيقة عن اسباب حصول هذه الكارثة، كنا نحتاج الى ترتيب البيت وإصلاحه بعد الدمار، كنا بحاجة إلى وضع أولويات بديهية لمعالجة التركيبة السكانية ومعالجة غير محددي الجنسية، كنا بحاجة إلى تنمية دور الشباب وتهيئتهم لقيادة مؤسسات الدولة، كنا بحاجة الى مشاركة المرأة الحقيقية في تنمية المجتمع وتطويره، كنا بحاجة الى تشجيع العمل الحر، سواء عن طريق المشاريع الصغيرة للشباب أو المشاريع الكبيرة التي تهيئ فرص العمل لأبنائها بدلا من تكديسهم في القطاع العام، كنا بحاجة الى تعديل وتطوير نهج العمل التربوي والاقتصادي والتنموي والرياضي، كنا بحاجة الى تنمية المال العام والمحافظة عليه من سراقه، كل هذه الأمور كان بالإمكان تطبيقها وتحقيقها على الواقع، لكن للأسف كنا نطبق مقولة «الهون أكبر ما يكون».
والأمر الآخر الذي أدى الى هذه الحالة هو المشرع، مجلس الأمة، عندما غيّر نهج الديموقراطية من مشرع ومراقب الى مجلس خدمات، واستنزاف المال العام وتخطي القوانين.

هذه العوامل كلها أدت الى وصول الكويت الى ما وصلت إليه الآن! في عدم وجود قرار حاسم من الحكومات المتعاقبة في معالجة الأمور التي نتجت من تداعيات الغزو، ولم تكن مجالس الأمة المتعاقبة كذلك قادرة على فهم العمل الديموقراطي وتطبيق الدستور وترتيب أولوياته!

إذاً غياب الروح الوطنية والعبث بالتركيبة السكانية واختيار القياديين والمستشارين والمجالس الحكومية على معيار الترضية والمحاصصة وليس على قياس الخبرة والكفاءة، أوصلنا الى هذا الوضع.
هذه هي الأسباب الرئيسية فيما نحن فيه الآن، وما نعانيه من غياب القرار في تعديل الأمور ووضع حد للتناحر ومحاربة الفساد! ونهب خيرات البلد عن طريق المخامط!
والله إني مللت من كثر ما كتبت.. ولا أحد يسمع!

واخترت بعض أبيات من قصيدة أهل الكويت لأخي فهد عثمان السعيد:
«تغيّر وقتنا يا حيف وصار النوخذة بحار.. وشالوا الفيش على ما ميش طوفوا كل فتايلها
هوانا صار دوق حتى حمام الدار هم ما طار.. دموع تهل وشالوا الزل وتم كلن يخايلها».
وسلامتكم.
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس