عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 17-11-2013, 02:55 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي القبس

الكاميرا البشرية: أيوب حسين الأيوب (1 - 2)

لم يكن التصوير الفوتوغرافي في كويت الماضي متوافراً حتى أصبحت الصور الفوتوغرافية القديمة جزءاً من المقتنيات التراثية التاريخية، ولكن الله سبحانه وتعالى سخَّر للكويت وأهلها من يوثق لهم صوراً تكاد تكون حيَّة تحمل عبق الماضي الجميل وتذكرهم به وكأنه رأي العين. كما تصور لمثلي ومن بعدي ما لم نتذكره، حيث انتقلت من القبلة بعد التوسع العمراني وعمري لم يتجاوز السنتين، فعوضني الفنان أيوب حسين برسوماته ما لم أدركه بالمعايشة المباشرة فأدركته بالصورة.
ولد المربي الفاضل الأستاذ أيوب حسين الأيوب القناعي في حي القناعات، بمنطقة الشرق في الكويت عام 1350 هـ - 1932م.
تلقى المربي الفاضل العلم في مدرسة الإرشاد، وكانت كُتَّاباً بين أعوام 1937 - 1941 على أيدي الملا محمد، والملا يوسف حمادة، والملا يعقوب محمود الناصر، والملا راشد بوغنام، والملا فهد المزيد. وفي المدرسة المباركية عن كل من الأساتذة: سيد عمر عاصم، جاسم حسن المشاري، عبدالعزيز الدوسري، عبدالرحمن بورويح، خالد المسلم، الملا راشد السيف، محمد زكريا، صالح عبدالملك، عبدالمجيد محمد، خالد الغربللي، يوسف العمر، مسعود الخزرجي، وسيد هاشم الحنيان، وتجرح في قسم المعلمين بها عام 1949.
وعمل بالتدريس فور تخرجه، حيث عُين مدرساً بمدرسة الصباح، التي افتتحت في العام نفسه، وقد ظل مدرساً أحد عشر عاماً، تنقل خلالها في مدارس الصباح والصديق وابن زيدون، ثم عُينَ وكيلاً لمدرسة عبدالعزيز الرشيد بحولي. وبعد عامين عُينَ ناظراً لمدرسة الصباح الابتدائية، ثم مدرسة ابن زويدون، حيث ظل ناظراً لمدة سبعة عشر عاماً، كما قضى سنة في مكتب تفتيش التربية الفنية للإشراف على تأسيس متحف الكويت، ثم تقاعد عام 1979 بعد أن قضى في مهنة التعليم نحو ثلاثين عاماً.
وكان من زملائه في التعليم الأساتذة: أحمد مهنا، راشد إدريس، يوسف عبيد، المرحوم محمد الجسار، المرحوم عبداللطيف الخميس، المرحوم صالح شهاب، عبدالله الجاسم، سليمان الحداد، عبدالمجيد السالم، وفاضل خلف.
كانت هذه الثلاثون عاماً رحلة شائقة، جمع فيها المربي الفاضل بين العلم ومواصلة التعليم بالقراءة والاطلاع والبحث والتنقيب، رحلة يُحلقُ فيها بين الحين والحين في سماء الفن والإبداع. رحلة كانت كلها - وما زالت - خيراً، وبركة، فقد تخرجت على يديه أجيال في محراب العلم أمثال: عيسى المزيدي، محمود بستان، عبدالعزيز شهاب، عبدالرحيم سيد عمر، علي الموسى، وأبناء الشيخ خزعل، كما أخرج خلالها للمكتبة العربية مجموعة من الدراسات الجادة حول الحياة الكويتية في عصره وقبل عصره، في ميادين التربية والتعليم، والحياة الاجتماعية، والأدب الشعبي، والتراث الشعبي. فقد تناول في هذه المؤلفات مدارس التعليم الأهلي وأعلامه من المربين الرواد، ومناهج هذا التعليم، وأساليبه ووسائله، وكل ما يرتبط به من قضايا ومشكلات.
كما تناول الحياة الاجتماعية في الكويت قديماً، فصوّر أساليب حياة الآباء والأجداد، وما كان شائعاً من مهن وحرف وعادات ومناسبات. وتحدث عن اللهجة الكويتية، عارضاً كثيراً من مفرداتها وما تحمله من معان وإيحاءات، وقد تمثل كل ذلك في المؤلفات التالية:
- مع الأطفال في الماضي.
- مع ذكرياتنا الكويتية.
- مختارات شعبية من اللهجة الكويتية.
- حولي قرية الأنس والتسلي.
وللمربي الفاضل نشاط إبداعي في مجال آخر، هو مجال الفن التشكيلي، فقد رسم نحو ستمائة لوحة زيتية بأحجام مختلفة، وجميعها من واقع التراث الكويتي، بكل صوره وأشكاله، وقد حرص المربي الفاضل في لوحاته على الالتزام بالمفاهيم الإسلامية، من حيث البعد عما حرمه الله سبحانه وتعالى من تمثيل لما فيه روح.
ويعد في هذا المضمار من الرعيل الأول، الذي مهّد الطريق للأجيال اللاحقة، وقد شارك في كثير من معارض الفن التشكيلي في الكويت وخارجها، وعمل متطوعاً في محو الأمية، وانتدب للتدريس في القوات المسلحة، ولم يزل عطاء المربي الفاضل متجدداً متصلاً، في خدمة تراث الكويت وفنها الأصيل حتى أواخر حياته.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.


د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس