عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 26-04-2009, 06:12 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي مجلس 1971 ساهم في إقرار قانون المحكمة الدستورية

كان أبرز نتائج هذه الانتخابات على حركة القوميين العرب، ظهور تيار راديكالي بين صفوف شبابها أدخل الحركة في مأزق مع التجار وأدى إلى انقسام القاعدة في حركة القوميين العرب، وذلك عندما عقد الراديكاليون مؤتمرا في أكتوبر 68 فصلوا فيه قيادة أحمد الخطيب للحركة، والتزموا بالكفاح المسلح والماركسية اللينينية . لكن ما حدث بعد ذلك من تصفية حركة القوميين العرب لنفسها وتحولها إلى منظمات قطرية، أدى إلى ظهور حركة التقدميين الديموقراطيين في الكويت 1969 من رحم حركة القوميين العرب، وكان د. أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس قادة الهرم لهذه الحركة، وتحولت القيادة الراديكالية إلى منظمات يسارية أخرى.
ووصف السيد عبد الله النيباري هذه الحركة بأنها حركة ديموقراطية تقدمية قابلة للتطور المستقبلي، وتسعى إلى تحقيق أهدافها عن طريق النضال السياسي والعمل البرلماني. وحددت الحركة أهدافها في تحقيق السيادة السياسية الكاملة والتخلف عن النفوذ الاقتصادي الأجنبي بتصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للإمبريالية، وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية .
ومنذ ذلك التاريخ حل اسم التقدميين الديموقراطيين محل اسم القوميين العرب الذين خاضوا الانتخابات 1963 باسم نواب الشعب، وخاضوا انتخابات المجلس الثالث في 23/1/1971 تحت هذا المسمى أيضا.
غُيّب سامي المنيس عن مجلس الأمة الثاني هو وكثيرون من تنظيمه، وكانوا مرشحين للفوز في انتخابات هذا المجلس، لكنهم لم يكفوا عن نضالهم السياسي من خارج المجلس ضد ما حدث في انتخابات 1967، ورأوا فيها قتلاً للديموقراطية. وانعكس ما حدث على مجموعة القوميين العرب في الكويت ككل، إذ رأت فئة منهم ضرورة النضال المسلح ضد ما جرى في انتخابات 1967 وانفصلت عن المجموعة الأم، وكانوا في معظمهم من الشباب الراديكالي، لكن سامي المنيس ومعه عبد الله النيباري وأحمد الخطيب... بقوا متمسكين بالنضال السياسي من أجل تحقيق الديموقراطية ورفضوا اللجوء إلى الكفاح المسلح بكل أشكاله . وأصبح اسم هذه المجموعة "مجموعة التقدميين الديموقراطيين" أو جماعة الطليعة التي يتزعمها د. أحمد الخطيب ومعه عبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي. وكان لهم برنامجهم الديموقراطي الوطني الذي يسعى إلى التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الكويت، وخاضوا انتخابات مجلس الأمة الثالث في 23 يناير 1971 على أساس البرنامج الوطني، وحققوا نجاحهم المتوقع والمنشود، إذ فاز كل من أحمد الخطيب وعبد الله النيباري وسامي المنيس وأحمد النفيسي في هذه الانتخابات، ورفع هؤلاء لواء المعارضة للمشاركة النفطية والمناداة بوجود جهاز وطني يقوم بعمليات إنتاج النفط وتسويقه وضرورة تأميم الغــاز.
كأي جماعة سياسية منظمة، خاض التقدميون الديموقراطيون الذين يعد سامي أحد رموزهم، انتخابات مجلس الأمة الثالث في يناير 1971 وفق برنامج سياسي طرحوه على المواطنين قبل موعد الانتخابات بسنة كاملة. وقد طرحت الجماعة برنامجها في يناير 1970 بعنوان "برنامج العمل الوطني الديموقراطي" الذي أعلنه نواب الشعب (التقدميون الديموقراطيون) في يناير 1970، ليتلاءم مع مرحلة التحرير الوطني الديموقراطي ضد معسكر الخصم الرئيس المتمثل في الإمبريالية العالمية وإسرائيل والرجعية العربية وإيران، إضافة إلى الشركات الاحتكارية الأجنبية، وليلائم القوى الوطنية التقدمية التي حددها البرنامج بأنها تتكون من الطبقة العاملة وشرائح الطبقة المتوسطة والموظفين والمدرسين والمهنيين وصغار التجار وبعض العناصر الإصلاحية ذات التوحد الوطني من البرجوازية الكبيرة .

برنامج المعارضة
1- دعا البرنامج إلى وحدة العمل الوطني في الكويت. وقد جاء في الحديث عن هذا الهدف: نرى من الضرورة في ضوء فهمنا للمرحلة الراهنة. أن يواصل العمل الوطني مسيرته، وأن تنهض قواه الوطنية من كبوتها.. ولن يتم ذلك إلا في التوجه نحو تكتيل القوى الوطنية ووحدة العمل الوطني .
ومن دون جدال، فإن العناصر والقوى الوطنية كافة تلتقي في رفضها للقوانين غير الديموقراطية، وتلتقي في رفضها للفساد والسرقات والممارسات التي زكمت روائحها الأنوف. وتلتقي أيضاً برفضها للتدهور الاقتصادي وتحكم الشركات الأجنبية، وتلتقي على إطلاق الحريات العامة، وتطهير الجهاز الإداري والتخطيط لمستقبل البلاد والاهتمام بالصناعة الوطنية والوقوف في وجه الشركات الأجنبية .
2 - كما دعا في المجال السياسي والديموقراطي إلى:
1 - إلغاء القوانين اللاديموقراطية كافة، وبالذات قوانين الصحافة والأندية والوظائف العامة.
2 – إشاعة الديموقراطية.
3 – عدم تعطيل الصحف.
4 – عدم تدخل السلطة التنفيذية في سير الانتخابات.
* وفي المجال الاقتصادي من أجل الحفاظ على الثروة النفطية، دعا البرنامج إلى:
1 – دعم شركة البترول الوطنية.
2 – إنشاء معامل جديدة لتكرير النفط وصناعة مشتقاته وصناعة بتروكيماويات.
3 – إجبار الشركات الأجنبية على احترام القوانين والضغط عليها لإعطاء العمال حقوقهم.
* وفي مجال التصنيع والمستوى المعيشي دعا البرنامج إلى:
1 – تشجيع الصناعات الوطنية.
2 – تصحيح جهاز الدولة المتضخم.
3 – إزالة الفوارق الفاحشة في الدخل.
3 – وضع حد لسياسة التبديد والإسراف.
4 – الحد من الاعتماد على السوق الغربي.
5 – التوسع في إنشاء بيوت ذوي الدخل المحدود.
6 – الاهتمام بأبناء البادية .
* كما اهتم البرنامج بالتعليم والفن والثقافة فدعا إلى:
1 – اعتماد سياسة تربوية مدروسة.
2 – إقامة جامعة عصرية غير خاضعة لرغبات المسؤولين.
3 – الاهتمام بالشباب ودعم مؤسساتهم.
4 – الاهتمام بالأدب والفن.
5 – مكافحة الاتجاهات الفكرية الاستعمارية والرجعية، مع مكافحة الخرافات والشعوذة.
6 – رعاية المسرح وتشجيع العاملين فيه.
* والتفت البرنامج إلى قضايا الخليج العربي وطالب بما يلي:
1 – محاربة الاستعمار بكل أشكاله.
2 – محاربة الأطماع الإيرانية التوسعية.
3 – رفض المشاريع الاستعمارية كافة.
4 – المطالبة بإطلاق الحريات العامة.
5 – إقامة الجبهة الوطنية العريضة على امتداد الخليج.
* وركز البرنامج على فلسطين فدعا إلى:
1 – دعم المقاومة الفلسطينية.
2 – رفض الحلول السلمية كافة ورفض مشروع الدولة الفلسطينية (على جزء من فلسطين).
3 – العمل من أجل إنجاح الوحدة الوطنية الفلسطينية.
4 – عدم التضييق على الفلسطينيين.
5 – محاربة التسلل الصهيوني إلى البلاد.
* أخذ البرنامج بعين الاعتبار الوحدة العربية والعمل على تحقيقها، فدعا إلى:
1 – العمل من أجل قيام وحدة عربية.
2 – الانفتاح على الأنظمة التقدمية العربية.
3 – دعم جميع أطراف حركة التحرر الوطني في البلاد المستَعمَرة.
4 – المباشرة بإقامة المؤسسات الاقتصادية العربية المشتركة لتحقيق التكامل الاقتصادي.
* أما في مجال السياسة الخارجية العالمية فدعا البرنامج إلى:
1 – مواجهة الاستعمار.
2 – تأييد حق الشعوب في تقرير المصير.
3 – محاربة أجهزة التجسس الاستعمارية والصهيونية والإيرانية كافة.
4 – التعامل مع الجميع على أساس الموقف من القضية العربية وبالذات قضية فلسطين والخليج العربي.
5 – رفض جميع المعاهدات والأحلاف الاستعمارية والعدوانية .
نجاح التقدميين الديموقراطيين

وعلى أساس هذا البرنامج ـ الذي تعمدنا إيجازه ـ والالتزام بما جاء فيه، خاضت حركة التقدميين الديموقراطيين انتخابات 23/1/1971 لمجلس الأمة وتمكنت نواتها البرلمانية الصلبة، المتمثلة في أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي أحمد المنيس وأحمد النفيسي التي نجحت في الانتخابات، من العمل ما وسعها على المناداة بتطبيق برنامج التقدميين الديموقراطيين الذي سبق ذكره، وتحقيق أهدافه المتمثلة في:

أهداف البرنامج
تحقيق السيادة الكاملة والتخلص من النفوذ الاقتصادي الأجنبي وتصفية مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والديموقراطية . وكان أبرز ما في مسيرة التقدميين الديموقراطيين في هذه المرحلة تأييد القاعدة العمالية لهم عندما دعا اتحاد عمال الكويت إلى انتخاب مرشحي الحركة .
كان أساس البرنامج الانتخابي الذي سبق ذكره لانتخابات 1971 برنامج حركة التقدميين الديموقراطيين الذي أكد أن:
1 – حركة التقدميين الديموقراطيين الكويتيين تنظيم سياسي طليعي يسترشد بالنظرية العلمية والفكر الثوري العربي.
2 – تؤمن الحركة بالنضال السياسي بمختلف وسائله.
3 – تعبر الحركة عن مصالح الجماهير الشعبية وقواها الوطنية، ومن أجل تحقيق كامل مهمات مرحلة التحرر الوطني الديموقراطي.
4 – تدعو إلى تصفية جميع مظاهر التبعية الاقتصادية للامبريالية.
5 – تدعو إلى ترسيخ الديموقراطية كنهج ثابت في الحياة العامة للكويت.
6 – تدعو إلى إجراء إصلاح تقدمي في الجهاز الإداري للدولة.
7 – تؤمن الحركة بمساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق والواجبات وممارسة الحقوق السياسية .

إنجاز المشاركة النفطية
استطاعت الحركة من خلال نوابها في مجلس الأمة الثالث 1971/1975، وبالتعاون مع النواب المستقلين، إنجاز موضوع المشاركة النفطية ومن ثم تأميم النفط، كما كان لها دورها في إقرار قانون المحكمة الدستورية . كان هذا هو الخط الذي سار عليه سامي المنيس بعد نجاحه في انتخابات مجلس الأمة الثالث 1971. وما يهمنا هنا هو نشاط سامي المنيس في هذا الفصل التشريعي الثالث ومتابعة أهم ما طرح من مناقشات واقتراحات. ولا بد من القول أن سامي المنيس انتخب أمين السر لمجلس الأمة في هذا الفصل التشريعي، كما انتخب مقررا للجنة العرائض والشكاوى، وهو أمر لا بد من الإشارة إليه كتعبير عن ثقة أعضاء المجلس به ووفق برنامج مجموعته التي نجحت في انتخابات 1971.

الفصل التشريعي الثالث
كان النفط واستعادة ملكيته للشعب والإشراف الوطني على إنتاجه وتكريره والاهتمام بأمر العاملين فيه عامة والعمال خاصة، أكثر ما اهتم به سامي في هذا الفصل التشريعي.
فكان أول تساؤلاته في الفصل التشريعي الثالث لدور الانعقاد الأول عن "سبب تأخير صرف الأعمال الإضافية للعمال، وكيف تصرف في وزارة ولا تصرف في أخرى؟". وكانت استجابة الوزارات سريعة لتساؤلات سامي عندما قامت بصرف هذه الأعمال الإضافية.
كان سامي فخوراً بالقوى العاملة في كل المجالات وبإنجازاتها، وكان يتابعها خطوة خطوة، فهو يفتخر بالقوى العاملة التي "استطاعت أن تحرز انتصاراً بإيجاد قانون العمل في قطاع النفط 1968، ثم صدور قانون معدل 1969". لكنه كان يرى ايضاً أن شركات النفط "تطفش" العمالة الكويتية، أي تجبرها على ترك العمل "فالقوى العاملة الوطنية لا تزيد عن 10% في شركات النفط، وتقوم هذه الشركات بتسليم أعمالها إلى المقاولين للتخلص من العناصر الوطنية" وهو تأكيد لما قاله بأنها "تطفش" العمالة الوطنية. وتساءل سامي عن دور الشركات النفطية الأجنبية "هل القوانين والتشريعات التي نصدرها غير مقبولة ومرفوضة من شركات النفط؟ وهل هذه الشركات حكومة خفية؟". وحتى يثبت سامي أقواله بعدم انصياع الشركات النفطية لتنفيذ القوانين كعادته في توجيه أي اتهام "أثار العريضة رقم 19 من رئيس اتحاد العمال حول رفض شركات النفط تنفيذ القانون 28/1969 بشأن العمل في قطاع النفط المحال إلى لجنة العرائض والشكاوى بتاريخ 15/3/1971".
رأى سامي أن "شركات النفط تريد تفسير القوانين كما تشاء" لا كما يجيء في نصوصها. ويشير سامي إلى ظاهرة لا تقل خطورة عن تقاعس شركات النفط عن تنفيذ القوانين، وهي أن خبراء الحكومة عاجزون أمام الشركات النفطية التي ترى أن قانون شركات النفط غير ملائم وغامض. فقد أعيد هذا القانون إلى مجلس الأمة مرتين من دون أن تأخذ به الشركات النفطية. وهنا تساءل سامي:
" متى يقف المجلس وتقف الحكومة أمام شركات النفط الاستعمارية؟" فالممارسات العملية لشركات النفط في نظر سامي هي ممارسات حكومات خفية، فهي لا تأبه بقوانين الشركات ولا بالقوانين الخاصة بالعمال.
يقف سامي أمام شركات النفط محارباً شرساً يريد انتزاع حقوق الوطن من بين مخالب لا تعترف بحكومات ولا نقابات، فنراه ينتقد الاتفاقية النفطية لأن "نصوصها ليست في مصلحة الكويت". ويستمر في كشف عيوب هذه الاتفاقية ورفضها هو ومجموعته المؤيدون له في مجلس الأمة والضغط من أجل إفشالها. كان يريد النفط ثروة وطنية قومية يستغلها الإنسان العربي في السراء والضراء، فهو يقف موقفاً لا لبس فيه في عام 1973 "ويحيى الدولة على وقفها ضخ نفط الكويت"، وذلك بعد حرب أكتوبر 1973 ضد العدو الصهيوني، وهو يُغلّب المصلحة القومية على المصلحة الوطنية ويرى في النفط سلاحاً عربياً يجب استخدامه عندما يكون ذلك في مصلحة رفعة الأمة وسمعتها واستعادة كرامتها. ويعد موقفه من شركات النفط امتداداً لموقفه في مجلس الأمة الأول عندما كان عضواً فيه، فهو ثابت في نقده امتيازات شركات النفط وثابت في ملاحظته تصرف الشركات النفطية وعدم تنفيذها للبنود التي تتفق فيها مع الحكومة...
ونظراً لما كان للمعارضة من تأثير واضح في استرداد الكويت لثروتها النفطية، فإننا نورد ملخصاً لهذا الموضوع: ففي سنة 1971 أصبحت التوجهات السياسية داخل مجلس الأمة تنادي بتحديد الانتاج في حدود 2.95 مليون برميل يومياً، في عام 1972 فُوض أحمد زكي اليماني من أقطار الخليج العربي للوصول إلى اتفاقيات مع شركات النفط العالمية الكبرى بخصوص المشاركة، وتسمى هذه اتفاقية المشاركة التي تبدأ في 1978 ترتفع إلى 30 في المائة 1979، و35 في المائة يناير 1980، و40 في المائة يناير 1981، وإلى 51 في المائة في 1982، وتستمر حتى نهاية مدة الامتياز، وهي في الكويت سنة 2025.

ضد اتفاقية المشاركة
شن الوطنيون في المجلس حملة عنيفة ضد اتفاقية المشاركة، ورفضها المجلس بعد أن ناقشها بين يناير ومارس 1973، ورأى أن تبدأ المشاركة بـ 51% على أن تصل إلى 100% في نهاية عقود الامتياز. كانت رموز المطالبة باسترجاع الثروة النفطية في مجلس 1971: علي الغانم، سالم المرزوق، عبد اللطيف الكاظمي، بدر المضف وناصر الساير، أما ممثلو التقدميين الديموقراطيين فكانوا: د. أحمد الخطيب، عبد الله النيباري، سامي المنيس وأحمد النفيسي، وقد طالبوا ببحث السياسة البترولية وتشكيل لجنة وطنية لدراسة موضوع البترول.
كانت الدعوة في مجلس الأمة إلى رفع نسبة المشاركة والوصول إلى التأميم ولهذا قدم أعضاء مجلس الأمة في 22/12/73 اقتراحاً بمشروع قانون لتأميم النفط في الكويت، وهم: يوسف المخلد، فلاح الحجرف، عبد العزيز المساعيد، فالح الصويلح، محمد الرشيد وعبد الكريم الجحيدلي. وعقد عبد الله النيباري مناظرة تلفزيونية عن المجلس مع السيد عبد الرحمن العتيقي عن الحكومة، وكان واضحاً توجه الرأي العام لرفض اتفاقية المشاركة.
وهنا تدخل رئيس مجلس الوزراء آنذاك المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح (1977/2006) وبعد اجتماعه مع مندوب شركة غلف أعلن أن محتوى اتفاقية المشاركة لا بد أن "يراجع لتأكيد حقوق الكويت المشروعة". وإثر ذلك سحبت الاتفاقية من مجلس الأمة بسبب توقع رفض المجلس لها.
بعد ذلك بشهور، وافق مجلس الأمة على اتفاقية المشاركة التي تقضي بأن يكون للحكومة 60% من العمليات والحقول البترولية للشركتين (غلف، وبي بي) ابتداء من 1/1/1974.
وقد امتنع النواب التقدميون الديموقراطيين الأربعة عن التصويت على هذه الاتفاقية، ووعدت الحكومة على لسان السيد عبد الرحمن العتيقي وزير المالية والنفط أنذاك، بالسعي للحصول على المزيد، بما فيه خير هذه البلاد ومصلحة شعبها الكريم. وعلل عبدالله النيباري امتناع ممثلي الحركة التقدمية الديموقراطية عن التصويت بغياب شرط الوصول للتملك النهائي. أما الدكتور أحمد الخطيب، فقد رأى في مناقشة الاتفاقية "نصراً للديموقراطية" لكن اتفاقية المشاركة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما أعلنت حكومة الكويت في 5/3/75 بعد الانتخابات أنها قررت تأميم نفط الكويت. وتم تصديق مجلس الأمة بالإجماع على اتفاقية التأميم في 18/3/76. وكان على حكومة الكويت أن تدفع 50،5 مليون دينار مقابل القيمة الدفترية للموجودات التي انتقلت ملكيتها للحكومة .
ظهرت آثار التعاون بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء برئاسة الشيخ جابر الأحمد الصباح آنذاك واضحة لمصلحة الوطن، فقد تمكنت الكويت من انتزاع ثروتها الوطنية من براثن الشركات النفطية العملاقة بأقل التعويضات عن الموجودات. لذا لا بد أن يُسجل نتائج هذا التعاون كنموذج بناء في تاريخ السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكان لإصرار مجلس الأمة على انتزاع هذا الحق وقدرة الحكومة على التفاوض بذكاء وحكمة الفضل الأكبر في الوصول إلى التأميم واسترداد الحقوق.
أظهر سامي في ذلك الفصل التشريعي اهتمامه الواسع بالوطن ومشكلاته وسياسات الدولة ووزاراتها، وكان موضوعياً في طرحه، يسعى إلى تحقيق الأفضل من خلال تساؤلاته ونقده بعيداً عن التجريح أو التشهير. وتناول أول ما تناول مناقشته الرد على الخطاب الأميري، وكان أول مطلب له "أن يتضمن الخطاب مساندة الكفاح المسلح مادياً وتخصيص دعم مالي للثورة الفلسطينية ووقف المعونة الأردنية".
لم يرَ سامي خلاف حكام الخليج، الذي أشار إليه الخطاب الأميري، خلافاً شخصياً يستوجب توجيه نداء لهم، لكنه رأى فيه انه "صراع أنغلو أميركي ـ إيراني" يجب الالتفات إليه والتعامل معه بجدية وزارة الداخلية، وعندما جاء دور وزارة الداخلية ناقش الجريمة وأسبابها وخلص إلى القول إن "الفاعل مجهول" في جرائم البلد، "وحوادث المرور في تزايد"، وعزا ذلك إلى "الإدارة ومسؤولياتها وليس إلى الرعونة وحسب".
رأى سامي أن مجلس الأمة يناقش سياسة الحكومة من خلال الرد على الخطاب الأميري بشكل عام لكن الأعضاء "لا يستطيعون إضافة أكثر من السنة الماضية"، إلا أن ذلك لم يمنعه من التساؤل: "هل السياسة الخارجية تعبير عن الشعب وعن رغباته؟"، "وما موقف الكويت من الخليج العربي وإيران عندما احتُلت الجزر العربية؟". وفي استغراب لافت للنظر، يذكر سامي "أن التعامل الاقتصادي زاد مع إيران" بعد احتلال الجزر، وهي تحضر مؤتمر جدة (الإسلامي) أثناء حديثه عن الجزر، وهو هنا منسجم تماماً مع تطبيق برنامجه الانتخابي في مقاومة الاستعمار والتسلل الإيراني. وانتقل إلى الشأن الداخلي وتساءل: "ما أسباب حل المجلس البلدي 1972؟"، ويلاحظ "إعادة المادة 43 من مشروع قانون البلديات إلى اللجنة المختصة تخوفاً من عدم ترسيخ قواعد الديموقراطية". وأعلن سامي "أن أبناء الكويت يعيشون الاستغلال مقترناً بالاحتكار لسوق الكويت والأقلية التي تحتكره". لكنه يقرن هذا القول بالمثل العملي في السلوك الرسمي ويعلن أمام المجلس أن "مجلس الأمة منذ ثلاث سنوات يقف بحزم ويناشد الحكومة في شخص وزير التجارة، إعادة النظر في موضوع الأسعار ليرفع الاستغلال عن المواطن، لكن ذلك لم يحدث، فسياسة الحكومة، في نظره، أن تترك الباب مفتوحاً"، وهو أمر يرى فيه طريق الاستغلال، لذا نجده يعلن قائلاً: "يجب على وزارة التجارة، والحكومة جميعاً، أن تعيد النظر في سياستها بترك الباب مفتوحاً". كان منطقياً في طرحه فهو لا يتحدث من فراغ، إذ يطرح المشكلة التي يعاني منها المواطن لكنه يقرن المشكلة بحل يراه صالحاً. يضع يده على الداء ويصف الدواء أيضاً. من هنا جاء قبول سامي بين زملائه في المجلس واحترام الآخرين له.
تساءل سامي في دور الانعقاد الأول للمجلس الثالث عن: "الفلسفة أو السياسة التي ترسمها الدولة في خدماتها العامة للمواطنين، وإلى متى تستمر هذه الفوضى في الخدمات المعطاة للمقاولين، وفي انقطاع الكهرباء، وفي سياسة الإسكان، متى يمكن وضع سياسة اقتصادية حقيقية؟ إلى متى تستمر المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة وتنفيذ الإنشاءات دون مراعاة لمصلحة المواطن؟".
تساءل سامي كذلك عن الفلسفة التي تنتهجها الدولة من مفهوم الاستملاك (التثمين) و"هل هي محاولة لتوزيع الدخل؟ كيف تم صرف 750 مليون دينار؟ إنها كذبة كبرى لم تصرف، ولكنها ذهبت إلى جيوب أفراد قلائل"، والغريب أن هذه العبارة "أفراد قلائل" لا تزال تتردد حتى اليوم كنقد موجه ضد المنتفعين من أموال الدولة! واشتدت مطالبة سامي بالحد من الغلاء كلما كثرت شكاوى المواطنين من وطأته عليهم وتأثيره في حياتهم، وعندما لم يجد صدى عملياً من المسؤولين لمطالبته بالحد من الغلاء وارتفاع الأسعار، بعد أن تأكدت له صحة ارتفاعها استناداً إلى تقارير موضوعية تقدم باستجواب إلى وزير التجارة والصناعة في 19/3/1974 وتمت مناقشته خلال دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثالث.

استجواب وزير التجارة والصناعة 1974
قدم الاستجواب الأعضاء: عبد الله النيباري، علي الغانم وسامي المنيس لوزير التجارة والصناعة بشأن ارتفاع الأسعار وتطبيق قانون الشركات والتراخيص التجارية والصناعية.
وجاء في الاستجواب:
بالنظر إلى تقصير وزارة التجارة والصناعة في واجبها، فقد أدى ذلك التقصير إلى الضرر بالمواطنين وبالاقتصاد الوطني، ويتمثل هذا التقصير في ما يلي:
1 – لم يقم وزير التجارة والصناعة بما تمليه عليه المسؤوليات الدستورية لمعالجة مشكلة الغلاء.
2 – "تهاونت وزارة التجارة والصناعة في تطبيق قانون الشركات والقوانين الأخرى، وقد أدى هذا التهاون إلى التلاعب في سوق الأسهم وفي الاكتتاب بأسهم الشركات الجديدة، مما أدى إلى استفادة نفر قليل على حساب المصلحة العامة".
3 – إن إعطاء التراخيص التجارية والصناعية يطبق بصورة فيها تمييز بين المواطنين ومحاباة لبعضهم، مما يعتبر مخالفة للدستور، كما أن الضرر يمتد ليمس المصلحة الوطنية عامة.
تحدث السيد عبد الله النيباري فتناول نقطتين:
1 – ممارسة حق الاستجواب مسألة يجب ألا يعتريها أي حرج لا من قبلنا كأعضاء ولا من الحكومة.
2 – نفى أن يصوَّر الاستجواب على أنه خلاف شخصي.
وفي أسلوب حضاري واضح، لم ينسَ النيباري ماضي وزير التجارة والصناعة السيد خالد العدساني في الكفاح من أجل الديموقراطية والحكم الدستوري التشريعي... "وعزاؤنا أننا نطبق عملياً ما أراد أن يغرسه هو فينا وفي المجتمع منذ 36 عاماً..."، "إننا نستجوب وزارة التجارة باعتبارها أو باعتبار الوزير ممثلاً للحكومة في هذا المجال".



سامي المنيس في مجلس الأمة



أحمد النفيسي



د. أحمد الخطيب



عبدالرحمن العتيقي



عبدالله النيباري
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس