عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 19-03-2009, 09:21 PM
الصورة الرمزية الأديب
الأديب الأديب غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 448
افتراضي

جوانب من تاريخ ثالث حكام الكويت
سيرة... «جابر العيش»


يعد الشيخ جابر العيش بن عبد الله الصباح حاكم الكويت الثالث واحداً من أبرز الشخصيات السياسية التي عرفتها المنطقة في القرن التاسع عشر الميلادي فبحكمته وعلاقاته الطيبة بمعظم القوى الإقليمية والدولية في ذلك الوقت استطاع أن يمنح بلاده دفعة قوية لتتحول تلك البلدة الصغيرة إلى دولة مستقلة تتمتع باحترام الجميع ، وهو بذلك يكون قد وضع لبنة أساسية في ما أكمله حفيده أسد الجزيرة الشيخ مبارك الصباح بعد ذلك .

واليوم نكمل حديثنا عن سيرة الشيخ جابر العيش في الحلقة الثالثة والأخيرة من هذا الموضوع، وكنا قد وقفنا عن علاقاته بالقوى الإقليمية المحيطة بالكويت، وبدأنا بالأتراك أولاً ثم الإنكليز ثانياً....

3 - الدولة السعودية :
تولى الشيخ جابر العيش الحكم في نفس العام الذي توفي فيه الإمام سعود الكبير بن عبد العزيز آل سعود لتبدأ بعد وفاته الحملات المصرية لإسقاط الدولة السعودية الأولى ، والتي انتهت فعلاً بسقوط العاصمة الدرعية في يد إبراهيم باشا سنة 1233هـ .

وشهدت فترة حكم جابر العيش ضعف الدولة السعودية الأولى ثم سقوطها وتأسيس الإمام تركي بن عبد الله للدولة السعودية الثانية، وخلافة ابنه الإمام فيصل له ، ولم تكن للدولة في تلك الفترة أية مطامح باتجاه الكويت أو حتى التخوم الشمالية في العراق ، وبالتالي لم تحدث مصادمات بين الكويت وقوات النجديين كما حدث في فترة الشيخ عبد الله الأول .

ويبدو أن سقوط الدرعية أدى إلى لجوء أحد أمراء آل سعود إلى الكويت ، ويورد الحاتم قصيدة له دون توضيح اسم ذلك الأمير يشكو فيها من دورة الزمن، ويمدح جابر العيش بأبيات منها :

نشكي إلى من هو ذرا الخايفينا
هو سورنا ( جابر ) وللكسر جبّار
جيناك عن دار البلا نازحينا
ناصين دارك يا ذرا الجار لو جار

واستمرت العلاقة الطيبة بين جابر العيش وآل سعود حتى أن جابر رحب بنزول الإمام تركي بن عبد الله آل سعود في الصبيحية ( ماء جنوبي الكويت ) خلال حملة له لتعقب بعض القبائل الخارجة عليه سنة 1246هـ ( 1830م ) ، وقام جابر العيش بإهداء الإمام تركي بعض الهدايا، وأقام الأخير في الصبيحية أكثر من أربعين يوماً ثم قفل راجعاً إلى دياره .

ولجأ إلى الكويت سنة 1254هـ (1838 م ) القائد عمر بن عفيصان أمير الأحساء في عهد الإمام فيصل بن تركي آل سعود ، وذلك عندما احتل خورشيد باشا الرياض، وأرسل الإمام فيصل إلى مصر أسيراً ، وطلب من ابن عفيصان القدوم إليه، فما كان من الأخير إلا أن توجه إلى الكويت وأقام فيها حيث وجد الأمان لمدة ثلاث سنوات عاد بعدها إلى الرياض بعد رجوع الإمام فيصل إلى الحكم .

4 - المشيخات القبلية :
كانت الكويت عند تولي الشيخ جابر العيش للحكم محاطة بثلاث قوى قبلية هي : (بني خالد في الجنوب ، والمنتفق في الشمال ، وبني كعب في الشمال الشرقي ) ، وقد تعامل جابر العيش بحكمة مع القوى الثلاثة حتى استطاع تحجيم خطرها على بلده .

بالنسبة لبني خالد فإن علاقة الكويت بهم كانت على الدوام حسنة خاصة في بداية التأسيس ، ولم يشهد التاريخ الكويتي معارك أو أزمات بين الطرفين ويضاف إلى ذلك إلى أن جابر العيش تولى الحكم بعد سقوط إمارة بني خالد على يد القوات السعودية ، ورغم العودة المؤقتة للإمارة بعد سقوط الدولة السعودية الأولى لم يكتب لها النجاح بعد هزيمة آل عريعر في معركة الرضيمة سنة 1238هـ ( 1823م ).

أما المنتفق فقد ساعدت العلاقات المتميزة بين الشيخ جابر العيش والسلطة العثمانية في بغداد على توطيد العلاقات الكويتية بالمنتفق، وهذا ما نشهده من مساعدة الشيخ جابر العيش لجيش المنتفق المحاصر للزبير سنة 1249هـ ( 1833م ) ، وما يحمله شيوخ المنتفق من امتنان لطبيعة الاستقبال الذي لقيه راشد السعدون في الكويت، وما ترتب عليه من إهدائه ثلاثة أحواز من الفاو للشيخ جابر العيش، ورغم أن هذه العلاقات تأثرت بمحاولة بندر السعدون غزو الكويت سنة 1260هـ ( 1844م ) إلا أن الحكمة التي عالج بها جابر العيش الأزمة أدت إلى عودة العلاقات إلى ما كانت عليه من الودية .

وأخيراً فإن الشيخ جابر العيش ورث عن أبيه توتر العلاقات مع بني كعب منذ معركة الرقة البحرية بين الطرفين، واستمرت العلاقات متوترة بين الطرفين مع مشاركة الشيخ جابر العيش في المصادمات التركية مع بني كعب سنتي 1242 و1243هـ وفي استيلاء الأتراك على المحمرة سنة 1253هـ ( 1837م ) ولكن العلاقات ما لبثت أن تحسنت خاصة بعد لجوء ثامر بن غضبان شيخ بني كعب إلى الكويت مرتين كان آخرها في سنة 1257هـ ( 1841م ).

( السياسة الداخلية لجابر العيش ):
امتازت سياسة الشيخ جابر العيش الداخلية بالرفق تجاه رعيته، وحبه لأبناء وطنه، وحرصه عليهم ، ونستخلص ذلك من ذهابه لمحاربة قبيلة النصار في الأهواز ثأراً لقتلهم أحد الكويتيين إضافة إلى حادثة أخرى يذكرها الرشيد وملخصها أن أحد آل صباح ضمن نخيلاً لبعض المنتفق في البصرة لكنه لم يسلم لهم شيئاً ، فرفع صاحب الأرض المنتفقي الأمر إلى جابر العيش، وطالبه بأخذ حقه من ضامن الأرض ، فأخبره الشيخ جابر بأن الضامن مفلس، وليس في يده شيء .

وبعد فترة قصيرة قام تاجر من آل البدر الكويتيين بالسفر إلى سوق الشيوخ ، فقبض عليه هناك شيخ المنتفق، وصادر أمواله، وسجنه رداً على الحادثة السابقة مما دعا جابر العيش لتجهيز أسطوله البحري، وسار به، فاحتل مقاطعة زراعية تابعة للمنتفق في البصرة، وحاصرها حتى يتم إطلاق سراح التاجر الكويتي، وإعادة أمواله إليه الأمر الذي حدث فعلاً، وتمت الاستجابة لما طلبه جابر .
أما رفقه برعيته، فنتلمسه من قيامه بإلغاء ضريبة فرضها ابنه ( صباح ) علي الدكاكين في سوق الكويت دون علمه ، وذلك حال سماعه عنها حين اشتكى إليه أحد أصحاب الدكاكين من البسطاء الذين عجزوا عن دفع الضريبة .

وقد استدعى الشيخ جابر ابنه صباح، وأغلظ عليه القول لفرضه هذه الضريبة قائلاً له : ( إن لأهل الكويت علينا حقوقاً عظيمة ، ولو كان تحت يدي ثروة طائلة لقمت بحاجات الفقراء والمحتاجين منهم إلى أن يموتوا ).

وإلى جانب رفقه كان جابر العيش لا ينكر ما يقدمه أبناء شعبه من أعمال خيّرة لدعم حاكمهم ، وله في الرجال نظرة ثاقبة لا تخيب ، فيذكر الرشيد أن جابر العيش كان يعفي أموال وبضائع التاجر علي بن إبراهيم من كافة الرسوم مما أغاظ تاجراً آخر هو عبد اللطيف بن خميس، فعاتب جابر في ذلك ، ولكن الحاكم الرزين لم يزد على القول : ( سأنظر في الأمر ).

وبعد عشرة أيام بعث جابر خادمه إلى ابن خميس ينبئه بحاجته إلي قهوة لمجلسه ، فملأ التاجر وعاء صغيراً من البن، وأعطاه للخادم ثم أرسل جابر الخادم إلى ابن إبراهيم بنفس الطلب ، فما كان من الأخير إلا أن دعا بإحضار عدة دواب حمّلها بنحو ثمانية أكياس كبيرة مملوءة بالبن ، وأرسلها إلى الشيخ جابر.

وعندما وصل الطلبان وضع جابر الوعاء الأول فوق الأكياس الثمانية واستدعى المعترض ابن خميس ، فأراه الفارق بين ما قدمه هو وما قدمه ابن إبراهيم ليعرف سبب إعفاء الأخير من الضرائب، وما يستحقه من تكريم .

ويذكر الرشيد أيضاً حادثة أخرى من نفس النوع ، ومفادها أن جابر احتاج لمجموعة من البشوت لخدامه، ولمهاداة من يفد إليه من البدو ، فأرسل إلى تاجر كويتي يدعى فهد الفهيد يطلب منه ما يريد على سبيل القرض ، ولكن الفهيد خشي من طول مدة القرض، فأنكر وجود البشوت لديه ، ولما علم جابر العيش بذلك أسرها في نفسه منتظراً الفرصة المناسبة لمجازاة ذلك التاجر .
وبعد فترة قام أحد الأعراب بأخذ أموال للتاجر الفهيد ثم استطاع الأخير الظفر بالأعرابي، فرفع الأمر إلى جابر الذي قال له : ( من أنت ؟، ومن تكون؟ )، فقال : ( أنا فلان بن فلان ) ، فقال جابر : ( أنا لا أعرف أحداً من أهل الكويت هذا اسمه . نعم أعرف بهذا الاسم رجلاً من أهل الزبير أو الأحساء )، فأكثر التاجر الكلام يحاول التعريف بنفسه دون فائدة حتى قال له جابر منهياً الحديث : ( نحن لا نطالب إلا بأموال رعيتنا لا غير ) ، وانصرف التاجر، وهو يعرف أن تجاهل جابر العيش له ما هو إلا رد على فعلته السابقة .

الموارد الاقتصادية في عهده :
لم يكن للحاكم في زمن الشيخ جابر العيش موارد اقتصادية كثيرة بل كان بعض التجار من رعيته أثرى مالاً منه ، ويقرر الرشيد في تاريخه الموارد الاقتصادية التي كان يتحصل عليها جابر العيش في الآتي :

1- رسوم طفيفة يتقاضاها على بعض الأموال التي ترد الكويت .
2- ما رتبته له الحكومة العثمانية من التمر .
3- ما كان يجنيه من نخل آل الزهير ( الصوفية ) ، ومن الثلاثة الأحواز التي أهداه إياها راشد السعدون .
4- ما يتبرع به الكويتيون للقيام بما يحتاجه لإصلاح البلد وحمايتها من الأعداء أو لبعض حاجاته الضرورية .

ويذكر الميجور جورج بروكس في تقرير مؤرخ في أغسطس 182م ( صفر 1245هـ ) أن الواردات الكويتية تبلغ خمسة ملايين روبية بينما لا يتجاوز حجم صادرتها المائة ألف روبية أما النظام الضريبي فيها فيوضحه الرحالة ستوكويلر الذي زار الكويت سنة 1831 م ( 1246هـ ) أن الكويت تتقاضى رسماً جمركياً على الواردات قدره 2 % .

ويضيف الكابتن هنيل المقيم البريطاني في الخليج سنة 1257هـ (1841 م ) أن شيخ الكويت لا يحصّل الضرائب، والعوائد الجمركية سوى فرضه ضريبة صغيرة على سلع البدو الذين يأتون إلى مدينته أما ميناء الكويت فهو حر لا قيود فيه ، ويكاد الدخل الذي يحققه الشيخ لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال ( دولار ) في حين يذكر بيلي بعد أربع سنوات من وفاة الشيخ جابر العيش أن الضرائب التي يحصل عليها شيخ الكويت تصل إلى عشرين ألف ريال ، وهو ما يتوافق مع فرض الشيخ صباح بن جابر العيش الضرائب على التجار بالإضافة إلى اتساع الكويت وازدهارها، وزيادة عدد سكانها .

واهتم الشيخ جابر العيش في عهده بتسهيل التجارة، وتنظيم الأمور في أسواق الكويت، فعيّن ابنه دعيج مسئولا عن أمن هذه الأسواق ، وظل دعيج يتولى هذه المهمة حتى وفاته في عهد ابن أخيه الشيخ مبارك الصباح سنة 1329هـ (1911 م ).

شعر ابن مسلم فيه
يبدو ان جابر العيش لكرمه وهيبته كان مقصداً للشعراء، ووصلتنا عدة قصائد في مدحه من شعراء من خارج الكويت، وإذن فما قال شعراء الكويت أكثر، ولكنه ضاع مع الايام، وسبق أن نوهنا بما قاله الامير السعودي الذي لجأ للكويت، وما قاله ابن لعبون، ونعطي المساحة القادمة لما قاله محمد بن مسلم في جابر العيش.

ومحمد بن مسلم شاعر مشهور في الأحساء، ويكفي للتنويه إليه القول بأنه القائل الحقيقي لقصيدة (البارحة يوم الخلايق نياما) المنسوبة خطأ لنمر العدوان.

ولابن مسلم قصيدتان طويلتان في مدح الشيخ جابر العيش ، ونبدأ مع الأولى التي قالها الشاعر، وهو في الأحساء، ولم يسبق له الالتقاء بالشيخ، ومنها :

ألا يا بو حسين ان رمت نيّة
وزمّت بك عن الدار المطيّة
وجيت الدار في حال السلامة
أمانتك الثنا لي والتحية
على كل الجميع وخصّ ( جابر )
خليفة من غدا تحت المقابر
ومن علمه علا كل المنابر
بمعروفه وبرّه في الرعيّة
فتى ما شاخ مثله في البرايا
بسكّان المدن واهل القرايا
عسى وان حامت طيور المنايا
تحطّ الغير عن عمره فديّه
حكم باهل الكويت وصار رحمة
بوصله في أهل داره ورحمه
لراعي العايلة ما فيه رحمة
يجيه بعسكرٍ تسمع دويّه
إلى من قيل إرقى للطلايع
تكسّر عنه سكّان الجمايع
كأن المال في كفّه ودايع
وبيض الأريله عنده جنيّه
إلى فكّرت في كل العبادي
تسبّ شيوخها حضرٍ وبادي
سوى جابر وقومه في الودادي
تقاسموا المحبة بالسويّة
إلى من جا العصر نادوا عبيده
هلّم الى العشا ياللي يريده
تزيد مروّته ، الله يزيده
وفضل الله جزلٍ بالعطيّة
غفر زلاّت نفسه طيب خيمه
ونفسٍ في مساجيها كريمة
فتى يضحك إلى سوّى الوليمة
كأنّه معطيٍ فيها عطيّة
إلى من زاد ضيفه زاد جوده
ويوم الكون يظهر من وجوده
عباد الله على قولي شهوده
وعين الشمس ما هي بالغبيّة
وهو ما قصده بغير السماتي
وستر الحال عن أهل الشماتي
وتكسيه المحرمة والعباتي
وبرقا أو عباة دويرقية
إلى قالوا له البس ، قال لا لا
يعرفوني بلا ذاك الرجالا
تغير الخيل رثّات الجلالا
وكم جلٍّ حسن تحته بليّه
ينادي ( العيش ) يا جوعان عبده
ولا شيٍّ سوى ربّه يعبده
وربّ العرش لى من حبّ عبده
دفق في الما محبّته الشهيّة
ألا يا بو حسين قل له تراني
أحبّه بالذكر لو ما رآني
وما في القلب يظهره اللساني
إلى حلّ الذكر في مطرويّه
لـ ( عبد الله ) شابه في طبوعه
يبرّه في القصير وفي ربوعه
ثقيل الروز رزنٍ ما يروعه
رجيح الحرب الى شبّت ضويّه
فتى شرّع بكعب اقعد صفاها
وعقب اهدارها جرّت رغاها
خصال المجد بالدنيا شراها
بحكمه ردّت الديرة صبيّة
وهو شفّه من الدنيا ثلاثة :
حصان او مهرةٍ فيها عباثة
وقدرٍ فيه للجايع غياثه
وبيضا ما عداها قهوجيّة
وشفّه من طوال الروم ساجه
عريضٍ جنبها فيها لجاجة
إلى من صار له في الحرب حاجة
طعنها بآلة الحرب النضيّة
أنا جيت له من قبلٍ أشوفه
سواة العشب يطرب في وصوفه
إلا واهنيّ من قبّل كفوفه
وشافه بالنظر قبل المنيّة
عليّه نذر إن شفته بعيني
لاقبّل هامته والراحتيني
فالى حال القدر بينه وبيني
عليه تحيّتي بكرة وعشيّه

والقصيدة الأخرى لمحمد بن مسلم في مدح الشيخ جابر العيش قالها وهو في الثلاثينيات من عمره، وذلك لقوله في أحد أبياتها أنه في ( حرف اللام ) ، واللام تساوي عدد 30 بحساب الأبجد ، وهي طويلة، ومطلعها:

قال الذي عينه عن النوم حاربه
ولا لحلو الزاد كبده مقاربة
ومنها:

فـ سر يا نديبي باعتجالٍ وهمّة
بـ ( وشارٍ ) سبوقٍ يوصل البعد راكبه
ساجٍ صليحٍ كلّ ما فيه معجب
محروس بالله عن لقا كلّ نايبة
فـ الى ما تجاوز روس الامواج، وانتهى
كنّه عقابٍ طايرٍ في مواجبه
وتلفي بعون الله ربي وخالقي
دار ( الكويت ) اللي بالافاق ثاقبة
سقاها الحيا وسمٍ علاها، ومدّّها
ربي بعزٍّ دايمٍ يستلاذ به
رجال القنا . بحر الغنا . جود من عنا
إلى من شكا من شين الاوقات صايبه
( أبو صباحٍ ... جابر الجابر ) الذي
مدحه على جمل المراجل وهايبه
كريم ما قد فارق الضيف سيفه
وجهٍ يصيّب مع تفاريض صايبه
فـ ان قيل مثله بالملا .. قلت : لا .. حشا
للضيف ألطف من حبيبٍ لصاحبه
ومع ذا نديّ الكفّ بالبذل والعطا
كم معسرٍ نال الغنا من وهايبه
حرٍّ شجاعٍ في ضحى الكون نادر
إلى صاح داعي الحرب لبّى منادبه
بعزمٍ وحزمٍ واجتهادٍ وهمّة
لا أرشد الله بالملا من يحاربه
إلى حلّ يوم الحرب، واشتدّ عجّه
ومن عانه الله نال غاية مطالبه
فـ هناك ( ابو صباح ) مشير بالقنا
ويوصل مواصيلٍ على العين قاربة
فهذا بحقٍّ منه ذلٍّ وطايع
وهذاك مومٍ به، وهذاك ضاربه
مرحوم ( عبد الله ).. لنا خلّف الذي
عجزت هل الأشعار تحصي مناقبه
فلا تحسب ان اليوم بالناس مثله
ومن قال مثله .. ذاك اشافيه كاذبة
ومنين يوجد بالملا مثل ( جابر )
ولا طلع بالكون مثله يقاربه
قرمٍ سخي يكفي عن الغيث جوده
حرٍّ نجيبٍ زاكياتٍ مناسبه
أديبٍ لبيبٍ ذات حلمٍ وشيمة
نزهٍ عفيفٍ عالياتٍ مراتبه
نال المحامد كلّها، واستحازها
والجود والمعروف أعلا مناصبه
وهو نقمة الأعدا، ومأمول من غدا
يشكي الصدا .. مما قدا .. به ونال به
أبقاه ربي في سرورٍ ونعمة
ومجدٍ على رغم العدى يستجار .. به
ويديم سعده، ويفسح الله بعمره
أرجي الذي فضله على الخلق قاطبة

وفاته :
توفي الشيخ جابر العيش بن عبد الله الصباح سنة 1276هـ ، ( 1860م ) ،
وتولى الحكم بعده ولده الأكبر صباح ( وبه كان يكنّى )، وقد سبق لصباح أن أوكل إليه أبوه معظم أمور الحكم لما كبرت سنه قبيل وفاته .

ذريته:
كان للشيخ جابر العيش اثنا عشر ولداً ذكراً هم : ( صباح ، وعبد الله ، وخليفة ، وسلمان ، ومحمد ، ومقرن ، وعلي ، وحمود ، وجراح ، ومبارك ، وشملان ، ودعيج ).

هذا ما ذكره الرشيد في تاريخه، وتابعه في ذلك المؤرخون من بعده ، ولكن وثيقة حصر الإرث الخاصة بآل صباح، والصادرة عن قاضي الكويت سنة 1942م تذكر أن الشيخ جابر العيش عند وفاته لم يكن له من البنين والبنات سوى أولاده الثلاثة: ( صباح ، وعلي ، ودعيج ) ، ويبدو أن امتداد العمر بجابر، والأوبئة التي حدثت في عهده أدت إلى وفاة جميع أبنائه وبناته عدا هؤلاء الثلاثة .

__________________
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ

رد مع اقتباس