[ندى الرفاعي]

محمد الرفاعي.. قاضٍ كويتي مخضرم


كان دمث الخلق متواضعاً وجريئاً في قول الحق



رجال القضاء في دولة الكويت لهم مكانتهم العالية ومنزلتهم الرفيعة في ميدان العدل في دولة الكويت، فالقضاء هو المرجع الاول لتحقيق العدالة بين افراد المجتمع بعد الله تبارك وتعالى، فبلاد ليس فيها قضاء عادل يحكم بالعدل والانصاف بين افراد المجتمع لا تسكن وليس لها قيمة بين البلدان.

هو واحد من رجال القضاء الكويتي المخضرمين الذين كانت لهم السمعة الطيبة والجرأة اللامتناهية في قول الحق ولو كان على ذوي القربى، يتمتع بأخلاق طيبة وهدوء متميز ولا يفرق في احكامه بين كبير وصغير وبين غني وفقير بل يهمه في المقام الاول احقاق الحق وازهاق الباطل، انه المرحوم السيد محمد السيد يوسف الرفاعي، اول رؤساء القضاء الاعلى في دولة الكويت وكان «يرحمه الله تعالى» احد اقطاب عائلة الرفاعي الكريمة واحد رجالها العاملين على خدمة الكويت، نشأ السيد الرفاعي في اسرة دينية عربية كويتية محترمة فتعلم القرآن الكريم واتم حفظه وهو في الثامنة من عمره، ثم اكمل المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية ثم درس القانون بكلية الحقوق في جامعة بغداد بجمهورية العراق الشقيقة، وعمل بعد تخرجه في عام 1959م في وظيفة حكومية في ديوان الموظفين حيث مكث فيه لمدة وجيزة، ثم تم ترشيحه ليكون قاضيا في محاكم الكويت من قبل المرحوم الدكتور عبدالرزاق السنهوري الذي استعانت به دولة الكويت لصياغة قوانينها والمحامي المرحوم الاستاذ حمد يوسف العيسى الذي كان يومها رئيسا لديوان الموظفين، فنزل عند رغبتهما ولبى مطلبهما وصار قاضياً في تاريخ 1959/6/17 وهو بذلك يكون اول قاض كويتي يحمل شهادة الحقوق.

ثم تدرج المرحوم السيد محمد يوسف الرفاعي في مناصب القضاء في الكويت حتى صار اول رئيس للمحكمة الدستورية في عام 1973م ثم رئيسا لمحكمة الاستئناف العليا واول رئيس للمجلس الاعلى للقضاء في عام 1979م، ثم اصبح رئيسا لمحكمة التمييز منذ عام 1991م حتى تقاعده في عام 2000م بعد اكثر من اربعين عاما قضاها على منصات القضاء وفي محراب العدالة، وكان «يرحمه الله» بالاضافة الى ذلك رئيسا للجنة صياغة واعداد مشروع القانون المدني المعمول به في دولة الكويت حاليا، كما ساهم في صياغة مشروع القانون المدني لمملكة البحرين الشقيقة وذلك بناءً على طلب وزارة العدل البحرينية، كما كان رئيساً للجنة مراجعة القانون المدني وقانون الجزاء في اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في الكويت، وله «يرحمه الله تعالى» الكثير من الانشطة العلمية وشارك في العديد من المؤتمرات واوصى المجلس الاعلى للقضاء بعد تقاعده بالاستفادة من خبراته لدى الجهات العليا.

عرف عن المرحوم السيد محمد يوسف الرفاعي دماثة اخلاقه وتواضعه الجم اللذين غرسا محبته في القلوب، كما كان وقورا مهابا ذا عقل رزين وحلم وأناة وسخاء وكرم، امتاز «عليه شآبيب الرحمة والرضوان» بالسكون والهدوء وحسن المعشر، وكان ايضا حريصا على رفع شأن القضاء الكويتي واعلاء منارته، كما كان يرنو الى مزيد من الاستقلالية للقضاء الكويتي ناصحا ابناءه واخوانه القضاة بالتحلي بالصبر في ممارسة العمل القضائي وبالعلم والحلم والمعرفة، كل هذه الصفات الكريمة كان يملكها المستشار الراحل السيد محمد يوسف الرفاعي الذي انتقل الى جوار ربه الكريم في يوم السبت 14 من ذي الحجة 1431هـ الموافق 2010/11/20م، رحم الله الفقيد الكريم واسكنه فسيح جناته، وبفقده خسر القضاء الكويتي احد شيوخه ومؤسسيه الاوائل، هذا واقترح هنا أنه من الواجب والعرفان ورد الجميل لهذا المواطن المحترم ان يتم تكريمه باطلاق اسمه على احدى قاعات محاكم التمييز التي قضى فيها جل عمره او على احدى المدارس او الشوارع في بلادي الغالية دولة الكويت، فهو من الرجال الذين يستحقون التكريم.

اللهم ارحمه وايانا برحمتك الواسعة بجاه عبدك ورسولك سيدنا المصطفى محمد «صلى الله عليه وآله وسلم» وآله الطيبين الطاهرين واصحابه الاخيار المنتجبين، قولوا آمين.

علي محمد المهدي
almahdi@alwatan.com.kw

http://alwatan.kuwait.tt/ArticleDeta...79&WriterId=46