عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 07-05-2009, 02:27 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي مناقشات المجلس في السبعينات تميزت ببعديها العروبي والإقليمي

ارتفعت الأسعار في مدى سنتين بموجب التقرير المقدم إلى هذا المجلس من بعض الخبراء إلى 27 في المائة، أما السيد علي الغانم، أحد مقدمي الاستجواب، فقد أكد "احترامنا ومودتنا للسيد وزير التجارة والصناعة وتقديرنا لماضيه. وقانون التجارة الموجود حالياً فيه كثير من المواد القيمة لو طبقت لربما تفادينا كثيراً من الأخطاء وكثيراً من التلاعب الذي حصل في بعض الشركات. إلا أنني للأسف وجدت القانون لم يطبق ولم تعمل الوزارة على تطبيقه".
أما سامي المنيس، أحد مقدمي الاستجواب، فكان له تعقيب قال فيه "عندما يقدم الاستجواب فهو من أجل نصرة الحق وليس من أجل الهروب من قول كلمة الحق.. كنت أتمنى أن يفند الاستجواب من خلال النقاط الثلاث".
وكان تعقيب السيد الوزير حضارياً أيضاً عندما شكر السيدين عبدالله النيباري وعلي الغانم على ما قالاه، وأعلن أن الرخص التجارية كانت بناء على قرار أن لكل مواطن الحق في رخصة "وزعنا حوالي خمسين ألف رخصة وأنا أقول إنني أعطيت كل ذي حق حقه. وما زلت أعطي كل مواطن ما يطلب".
أما بالنسبة للأسعار، فأعلن السيد الوزير أنه "يمشي مع الدستور. دستورنا يقرر أن النظام الاقتصادي الحر هو نظام البلاد".
أما عن الموضوع الثالث، تأسيس الشركات، فقال "عندي ظاهرة صحية 100%.. إذا كانت الشركات ذات جدوى اقتصادية.. إذا كانت موافقة للقوانين فليس لي الحق أن أمنعها إطلاقاً. طبقت وزارة التجارة القانون بحذافيره" .
إن أهم ما في الاستجواب هو المظهر الحضاري والموضوعي في مناقشته، وهو أمر يحق لمجلس الأمة الكويتي أن يفتخر به، نظراً للمستوى الراقي الذي وصله النقاش في أروقة المجلس بين الأعضاء المنتخبين والوزراء. فلقد كان حسن النوايا واضحاً كما كان الالتزام بوصول رأي الشعب إلى الحكومة أكثر وضوحاً، كما كان رد الوزير قانونياً لجهة طبيعة النظام الاقتصادي في البلاد والقوانين المنظمة للشركات والرخص التجارية.
كان هذا أول استجواب برلماني شارك فيه سامي المنيس مع اثنين من زملائه وفقاً لما تتطلبه اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ولم يحدث أن شارك سامي قبل هذا في أي استجواب لأي وزير.
وقد أدى الاستجواب أثره، حيث قامت الحكومة بعد ذلك بزيادة الأجور لمواكبة الزيادة في أسعار السلع والمواد الغذائية وبدأ التفكير في نظام البطاقة التموينية للمرة الأولى منذ الاستقلال بعد ذلك الاستجواب.
لم يقف سامي مادحاً الخدمات العامة على سعتها وتوافرها، لكنه وقف مطالباً بتحديد الأهداف من هذه الخدمات ودورها في تنشئة المواطن الصالح، يريد خدمات ذات مردود وطني لا خدمات استهلاكية بلا معنى "بإنشاء مؤسسة استهلاكية تموينية كإحدى الخدمات التي تقدم للأسرة وتساعد المواطن على اقتناء المواد الضرورية التي لا ترهق ميزانية المواطن البسيط". ووضع بهذه الفكرة أساس مستقبل فلسفة الاستهلاك ومحاولة السيطرة عليها وتوجيهها وجهة نافعة وكان واضحاً أن سامي ينظر إلى الخدمات من زاويتين: الأولى أن تكون خدمات لها فلسفة محددة تؤدي إلى نتائج إيجابية في تنشئة المواطن، والثانية أن تكون من خلال مؤسسات منتظمة تعرف ما يريده المواطن البسيط وتقدم له ما يحتاجه.
كانت النظرة المستقبلية عند سامي لتقديم الخدمات واضحة، ونجدها اليوم متمثلة في اتحاد الجمعيات التعاونية، وفي مطالبات النواب المستمرة بتحديد الأسعار وفي نشاط البلدية المتمثل في الحد من التلاعب بالأسعار....
كان واضحاً في فكر سامي انشغاله بمستقبل أجيال الوطن الذي لم يرَه من خلال احتياطي الأجيال وحسب، ولكن من خلال "تنشئة مواطن مؤهل قادر على مواجهة الحياة بإيمان وعزيمة". فتراه يولي قضايا العمالة اهتماماً واسعاً من فكره ويلتفت إلى التدريب وضرورته في كل دورة انتخابية نجح فيها. وفي الفصل التشريعي الثالث في دور الانعقاد الأول وقف غاضباً في مجلس الأمة بسبب الفوضى في التدريب، إذ رأى في التدريب المهني "طامة كبرى لتعدد الجهات"... "الكل يدرب". وكعادته في إرساء فلسفة العمل من خلال المؤسسات، طالب بإنشاء "مؤسسة مهنية تشمل جميع التدريبات القائمة"، وهو مطلب تبناه في الفصل التشريعي الأول 63/65 ولم يكن قد تحقق في الفصل التشريعي الثالث 71/1975.
كان يريد مؤسسة مهنية مركزية تتولى التدريب في المجالات جميعاً ذات أهداف محددة، أبرزها "تأهيل كوادر فنية وإدارية كويتية" في سوق العمل الحكومي والخاص والمشترك. كان يريد عمالة فنية مدربة يستفيد منها الوطن وتجد فرص عمل لها في القطاع المشترك، أي القطاعين الحكومي والأهلي.
كان هناك في الكويت منذ عام 1954 الكلية الصناعية في الشويخ الصناعية، وقد انشئت لتكون نواة لتوفير الأيدي العاملة الفنية الوطنية لتسد فراغاً في سوق العمل، ولكن يبدو أن سامي لم يكن مقتنعاً في أوائل السبعينات بدور الكلية ولا بما حققته قياسا على عمرها الزمني وتكاليف إنتاجها، ونراه "يستفسر عن مسيرة هذه الكلية"، واضعاً الشك في استمرار وجودها ويدلل على ذلك بإعلانه "أن خريجي الكلية ما بين 1954 و1970 بلغ عددهم 589 خريجاً فقط، وهو عدد لا يساوي شيئاً بين أعداد العاملين ومن يحتاجهم سوق العمل".
أراد سامي من الكلية الصناعية معهداً مهنياً إدارياً يتخرج فيه "الفنيون الإداريون الذين يتولون مناصب القيادة الوسطى في المؤسسات". واستمر سامي في طرق هذا الباب، وما إن وافاه الأجل المحتوم حتى كانت الكلية الصناعية قد تحولت إلى "الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب" يحصل خريجوها على أعلى المؤهلات العلمية، وينتشرون في مختلف قطاعات الدولة، والقطاعين الخاص والمشترك.
أَولَى سامي أثناء وجوده في مجلس الأمة عضواً منتخباً في دورات عدة، نشاط وزارة الداخلية اهتمامه الخاص. فقد كان يؤمن أن الحياة لا تستقيم من دون توفر الأمن والأمان مهما بلغت درجات الرفاهية في العيش. وكان اهتمامه الأكبر موجهاً نحو الجريمة. وعند مناقشته لسياسة وزارة الداخلية في هذا الفصل طالب سامي "بمنع الجريمة ومكافحة الجاسوسية"، كما حدث في الفصل التشريعي السابق. "وسنّ القوانين، مع الاستعانة عند سنها بالجمعيات والنقابات المهنية"، وكان يطالب "بمحاربة الفساد من خلال سن قانون: من أين لك هذا؟".
وانتقل من الجريمة إلى حوادث المرور في دور الانعقاد الثاني في الفصل الثالث وذكر أن "عدد القتلى 145 والجرحى 2441 وفق بيانات وزارة الداخلية سنة 1970، ويرى في هذه الأرقام أمراً مخيفاً ويحمّل إدارة المرور المسؤولية منتقداً أساليبها وواصفاً إياها بالتخلف، محملاً إياها المسؤولية الأولى عن هذه الحوادث، وهو خط تبناه في الفصل التشريعي الأول، وظل مؤمناً بصحته ما لم يظهر عكس ما يؤمن به. ومن أجل تلافي هذا الأمر أو التقليل من خطره نادى "بضرورة وجود قانون أو قرار وزاري منظم لمدارس تعليم قيادة السيارات" التي تتولى تخريج السائقين، وقصد بذلك أن يكون التدريب على القيادة وفق قواعد أخلاقية وانضباطية وقانونية، كما رأى في ظاهرة تخلف المرور ما يشير إلى "أزمة بين المواطنين جميعاً ورجال الأمن بشكل عام ورجال المرور بشكل خاص". ويطالب سامي بحل هذه الأزمة من خلال معرفة أسبابها ونتائجها لأن في حلها كما رأى "مصلحة للبلد" وهو على حق في ذلك.
ومن المرور والجريمة، انتقل سامي في دور الانعقاد الرابع من هذا الفصل إلى مناقشة "الجنسية"، ومنحها في دولة الكويت، وأعلن "أن ما يزعجنا جميعاً ويقلق مستقبلنا في ظاهرة التجنيس عدم الوصول إلى حل علمي وجذري لموضوع الجنسية". ولا يكون الحل العلمي إلا من خلال وضع قانون محدد وقواعد ثابتة لمنح الجنسية. وحاول سامي أن يبدد قلقه هذا وتساءل في 10/12/1973 عن الذين "تقدموا طالبين الحصول على الجنسية الكويتية ولم يحصلوا عليها من بين العاملين في الوظائف المدنية في مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها. وما عدد سنوات خدمة هؤلاء في العمل". وكان لسامي رأي في الجنسية أعلنه في الفصل التشريعي الأول، ويرى في التجنيس ظاهرة مقلقة لمستقبل الوطن أو يريد معايير محددة لمنحها، تتوازى مع البرنامج الاقتصادي والخدماتي للدولة.
وأوجز سامي رأيه في نشاط وزارة الداخلية بعد كل ما عرضه، وأبدى عدم رضاه عن حالة الأمن والتي يعيشها الوطن، ولم يفته التنبيه إلى ظاهرة "التسلل الإيراني التي تؤثر تأثيراً مباشراً في حالة الأمن". وكان الالتفات إلى مقاومة التسلل الإيراني في برنامجه الانتخابي.
كان سامي حاملاً لهموم وطنه ومواطنيه، يطرح مشكلاتهم في مجلس الأمة، المؤسسة التشريعية التي يحتمي بها المواطنون، ولكن همه الدائم كان الصحافة والإعلام، فذلك غذاؤه وواقعه وحياته، وتوجه هذا الفصل، وفي دور الانعقاد الأول، أول ما توجه إلى الإذاعة والتلفاز وطالب "بفصل الإذاعة والتلفزيون عن الإعلام، وجعلهما هيئة مستقلة، على غرار ما هو حاصل في كثير من بلدان العالم، وعلى غرار ما هو حاصل الآن في وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
والتفت إلى الصحافة مطالباً بتعديل قانونها ووقف الإجراءات الإدارية التي رآها "سيفاً مصلتاً على الصحافة". وكان همه الدائم تعديل المادة 35 من القانون رقم 3/ 1961 والمعدلة بالقانون 29/1965، وما انفك يطالب بتعديلها مقترحاً مع آخرين من زملائه مشروعات القوانين لهذا التعديل.
نجح سامي وصحبه عندما أحال رئيس مجلس الأمة قانون المطبوعات إلى لجنة التعليم والثقافة والإرشاد في 9/5/1971 وبحثته في 22/5/1971 ووافقت على القانون بالإجماع وصدق عليه صاحب السمو أمير البلاد وعدلت المادة 35 والمعدلة بالقانون 29/65 وأصبحت كما يلي:
"لا يجوز تعطيل أي جريدة بعد ترخيصها إلا بموجب حكم نهائي صادر من محكمة الجنايات، ولا يجوز تعطليها أكثر من سنة".
ونجح سامي في رفع السيف المصلت على رقاب الصحافة، ذلك السيف الذي كثيراً ما شهرته واستخدمته الحكومة ضدها. وكانت مطالبته بإلغاء المادة 35 نابعة من أن هذه المادة تقف حاجزاً دون التطور الصحفي وتقدمه، وبقاؤها يعني "بقاء أمراض مختلفة". وكان النجاح في تعديل هذه المادة أمراً ليس بالهين عند أصحاب الأقلام الحرة وهو مظهر واضح من مظاهر التقدم الحضاري للدولة وسلطاتها.
خصصت الكويت في السنة المالية 1972 / 1973 مبلغ مائة ألف دينار كويتي كمنحة لتلفزيون دبي، واستغل سامي هذه الفرصة ليتساءل في دور الانعقاد الثاني من الفصل الثالث عن "السياسة الإعلامية في الخليج"، وقصد من وراء هذا التساؤل "أنه يريد هدفاً قيما وأساسياً لتلفزيون دبي وإلا فلا معنى لوجوده".
وتساءل "ما المردود من هذا الجهاز؟" وهو تساؤل يدخل في صميم فكر سامي المؤسساتي. فعقله كان رافضاً لكل ما هو غير مبرمج لتحقيق أهداف واضحة ومحددة، وكان صرف المال العام عنده لا بد أن يكون مقنعاً يعطي المردود المطلوب من صرفه، وتراه يطالب بـ "إعادة النظر في المصاريف الإعلامية لعام 1973/ 1974"، ويرى فيها مغالاة ولم يقتنع بها. وما إن يأتي دور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث حتى تبدو مظاهر بعض الارتياح في لهجة سامي المنيس نحو الصحافة والإعلام، فهو "يطلب التحديد وليس التعميم في النقد"، كما "يحيي الصحافة والصحافيين" من على منبر مجلس الأمة. وتزول بذلك النظرة السوداوية الى الإعلام وتحل محلها نظرة التفاؤل والاعتراف بأن هناك أعمالاً تستحق الإشادة، ربما كان ذلك بسبب نجاحه في تعديل المادة 35، التي رأى من خلال تعديلها توفير صحافة حرة تدافع عن تجربة الديموقراطية وانتشارها كمقوم أساسي لحياة المواطن.

ميزانية الدولة
كانت لسامي فلسفة للموافقة على إقرار الميزانية العامة للدولة، أو ميزانية أي وزارة أو مؤسسة حكومية، تقول "إننا إذا أقررنا الميزانية من دون محاسبة علمية دقيقة نكون قد أهملنا واجبنا الأساسي". أعلن ذلك في الفصل التشريعي الثالث وفي دور الانعقاد الرابع. وكان ذلك نهج سامي في كل مناقشاته للميزانية أو بنودها. يلتفت في مناقشة الميزانية أول ما يلتفت إلى موازنة منطقة الشعيبة الصناعية لعام 71/72، ويوافق سامي على ريعها، لكنه رأى "تناقضاً في الميزانية بشأن التثمين للعقار والبيوت"، وطالب بحل التناقض، وعند مناقشته للباب الثاني من ميزانية 1971/1972 اشار "إلى المحسوبية في شراء الأدوية لوزارة الصحة"، وهو أمر أشار إليه أكثر من مرة. كما انتقد "ظهور بعض الإنشاءات لفئات معينة من دون مراعاة لمصلحة الوطن". ذكر سامي أن ميزانية الباب الأول (خاص بالرواتب) في عام 71/72 "بلغت 153،227،100 دينار كويتي تنفق سنوياً على سبعين ألف موظف ومستخدم"، ولم يعارض سامي الرقم المذكور لكنه طالب "برفع إنتاجية الجهاز الإداري ليكون في مستوى الإنفاق"، ولم يتردد في الإشارة إلى "بعض مظاهر المحسوبية" موجهاً النقد لها.
كانت موازنة الباب الثاني في الميزانية 294،489،455 دينارا كويتيا، إلا أن سامي رأى في هذا الرقم استهتاراً في الصرف، وكان رأيه صرخة أثمرت في المستقبل، وفي نهاية المطاف نوقشت ميزانية الخطوط الجوية الكويتية كما نوقشت سياسة بنك التسليف والادخار، ولم يبد. سامي ملاحظات حول هذين الأمرين ذات بال. لكنه عند ذكر ديوان المحاسبة طالب "بعمل جدي لإيجاد المراكز الأساسية في الديوان ليجعل من جهازه الإداري جهازاً فعالاً". وكانت الاستجابة لمطلب سامي إيجابية، إذ سرعان ما تحول ديوان المحاسبة إلى مؤسسة رقابية على صرف الوزارات والمؤسسات الحكومية، ظهر أثرها في مستقبل مناقشات السياسات المالية للوزارات والمؤسسات الحكومية.
واستكمالاً لمناقشاته للمؤسسات المالية، تساءل سامي في دور الانعقاد الثاني عن "دور البنك المركزي في الاقتصاد الوطني والإشراف على أموال استثمارات البنوك وواقعها في الخارج، خصوصا أن 90% من أموال البنوك يتم استثمارها في الخارج"، وتساءل "هل من تعاون بين البنوك التجارية وخريجي ودارسي معهد المصارف الذي يشرف عليه البنك المركزي؟".
إن مناقشات سامي وتساؤلاته كانت على درجة من الأهمية، ولا بد منها، فمن دون هذه التساؤلات ما كان يمكن أن يثار التنبيه إلى محاسن ومساوئ المؤسسات التي يشير إليها وخطورتها. فمن ذا الذي كان يعلم أن 90% من أموال البنوك تستثمر خارج البلاد؟
كانت العمالة المدربة الفنية وضخها في سوق العمل شغل سامي الشاغل، لذا فهو يتساءل عن مصير دارسي معهد المصارف لما لوجودهم المتخصص من دور في رفع عمل المؤسسات المالية.

البلدية
التفت سامي في دور الانعقاد الرابع إلى البلدية ووضع أعمالها موضع النقد، من دون الانتقاص من دورها الرائد في نهضة الكويت الحديثة. ولفت الانتباه إلى تنفيذ قرارات المجلس البلدي التي رآها "تنفذ من جانب وتهمل من جانب آخر"، كما أشار إلى عدم المساواة في أنشطة البلدية، إذ هناك "تفاوت في النظافة في المناطق". ولم يغب عن باله أبداً في يوم من الأيام اهتمامه بالصحة العامة للمواطن فهو يريد "رقابة على المطاعم"، وأشار إلى "وجود تسممات عند التفتيش عليها". كما أشار إلى ما يحصل لبعض الألبان والأجبان والتأثير المدمر عند فسادها على صحة الإنسان. وطالب "بتنظيم الأرصفة في المناطق المختلفة".
أشار سامي إلى بعض المسائل التي يجب أن تزيد البلدية اهتمامها بها، لكنه لم يتنكر لدورها ولم ينقصها حقها ولا حقوق العاملين فيها، لذا نراه يوافق على ميزانية البلدية من دون تحفظ.

جامعة الكويت
سعى سامي ما وسعه السعي إلى جعل جامعة الكويت مؤسسة علمية أكاديمية يعتز بها كل مواطن، ولم يكن يخفي اعتزازه بهذا الصرح العلمي، ولا حرصه على تقدمه واحتلاله مركزاً متقدماً بين جامعات العالم. وحرصاً منه على تحقيق ذلك توجه برجاء من على منبر مجلس الأمة أن تكون هناك "طبيعة محددة لإدارة الجامعة واضحة المعالم في توسعها ومسؤولياتها". وأشار بخجل واستحياء إلى أن أسلوب الإدارة في الجامعة لا يريحه "لأنه يريد لجامعة الكويت هويتها الخاصة، فهو يرفض أن "تنقل جامعة الكويت ما يحصل حرفياً في الجامعات الأخرى".
وتراه هنا يلمس الجامعة برفق، فهي مؤسسة وليدة لم يكن عمرها يزيد على 5 سنوات عند حديثه عنها، وكان يريد لها التقدم والنجاح، لذا إشاراته مقرونة بالأمل والرجاء. وسامي يعرف أدب المخاطبة، فالجامعة مركز للعلم والعلماء ولا بد من مخاطبة أهلها بما يستحقون.

سامي وفلسطين
مع دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الثالث في 1971، كان الوضع متفجراً بين الأردن والمقاومة الفلسطينية إثر أحداث أيلول 1970، التي أثرت في العمل الفدائي الفلسطيني. وكان موقف سامي المنيس في مجلس الأمة واضحاً لا يحتمل المواربة أو المجاملة، فهو مع "الكفاح المسلح الفلسطيني ضد العدو الصهيوني"، وما كان له أن يؤيد طرفاً أو يتعاطف معه إذا "ما مس قدسية هذا الكفاح".
كما تحدث في هذا الفصل عن المعونة العربية للأردن التي أقرها مؤتمر قمة الخرطوم العربية بعد نكسة حزيران 1967 وكانت مخصصة لإعادة بناء الأردن وقواته. لكن سامي رأى أن هذه "المعونة ذهبت من أجل ضرب شعبنا العربي"، وتجلى ذلك "في المشاركة الأردنية الصهيونية للقضاء على الثورة الفلسطينية التي تخوض أشرف معركة".
كان سامي ملتزماً حتى العظم بتأييد الثورة الفلسطينية، وكان يود لو أن كل درهم عربي يذهب لمساندة هذه الثورة، ولم يكن يرى دور الثورة الفلسطينية في محاربة العدو الصهيوني وحسب، لكنه رأى فيها ثورة "تدافع عنا في الكويت وعن شرف الأمة العربية". وطالب بتحويل مبالغ المعونة الأردنية إلى الثورة الفلسطينية "لنرفع رأسنا".
ربما لم يتم تنفيذ مطلب سامي بتحويل المعونة الأردنية، لكن المؤكد والمعروف أن الكويت قدمت أضعاف المعونة الأردنية للثورة الفلسطينية ودعمها، ولا تزال تقدم حتى الآن. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن العلاقات بين الكويت والثورة الفلسطينية كانت علاقات مبكرة جداً. فقد شهدت ثورة 1936 في فلسطين تأييداً شعبياً في الكويت، مادياً ومعنوياً، شاركت فيه المرأة الكويتية. ومنذ عام 1936 حتى الآن كانت المسيرة مشتركة بين الشعبين، رغم ما أصابها من الشوائب إثر الغزو العراقي للكويت بعد 2/8/1990 التي رآها الشعب الكويتي وحكومته في تأييد قيادة الثورة الفلسطينية للغزو العراقي للكويت، رغم موقف كثير من الفلسطينيين المؤيد للكويت والرافض للغزو. ويسهل التدليل على موقف الثورة الفلسطينية المؤيد للغزو أو قل غير المؤيد للكويت من مواقف قيادة منظمة التحرير في مؤتمر القمة العربي في 11/8/1990 في القاهرة حيث لم تُدن الغزو وظهرت بمظهر المتخاذل في تأييدها للكويت، كما ظهر في موقف اتحاد العمال الفلسطيني أثناء انعقاد مؤتمر اتحاد العمال العرب في دمشق بعد الغزو، عندما أيد مندوب فلسطين موقف الوفد العراقي ضد موقف الوفد الكويتي ، وفي موقف اتحاد المعلمين الفلسطينيين الذي كان يحظى بتقدير الكويت ودعمها عندما لم يصدر عنه أي بيان مؤيد للكويت، وعندما ظهر بعض أعضاء لجنته التنفيذية على تلفاز العراق مؤيداً للغزو، وعندما اشتكى المرحوم جمعة ياسين من مراوغة أمين عام اتحاد المعلمين الفلسطينيين وعدم لقائه في تونس رغم ما بينهما من علاقات حميمة.
إلا أن الأمور بدأت في التحسن الآن خاصة بعد الاعتذار العلني للكويت الذي قدمه السيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عن موقف المنظمة أثناء الغزو العراقي. وانطلاقاً من تأييده للثورة الفلسطينية، التي رأى فيها ثورة تدافع عن الأمة، أحس سامي بأن شعوب الأمة العربية قادرة على تجاوز نكسة 1967 وتحقيق نصر مؤكد. لذا فهو يطالب بأن يسجل في مجلس الأمة في دور الانعقاد الأول أن "هزيمة 1967 لم تكن للإنسان العربي بل للأنظمة العربية لأن الشعب العربي لم يكن يحمل السلاح". وكانت نظرة سامي محقة، فقد تمكن الشعب العربي من رد الهزيمة في حرب أكتوبر 1973.
كانت أحداث أيلول 1970 في الأردن دامية ضد فصائل الثورة الفلسطينية، أدمت قلوب أبناء الأمة العربية، وشحنتها بالحقد ضد كل من تآمر على هذه الثورة. وكان وصفي التل رئيس وزراء الأردن أحد هؤلاء الذين أدانهم الشعب بالإساءة إلى الثورة وإلى الشعب الفلسطيني. ويشاء القدر أن يتعرض وصفي التل للاغتيال في فندق شيراتون في القاهرة 1971 بعد أحداث أيلول 1970 في الأردن. وهنا رأى سامي في مقتل وصفي التل "ردّ اعتبار أساسياً لكرامة الشعب الفلسطيني". ورأى في مقتله "مقتلا للجريمة الصهيونية والاستعمارية والإمبريالية".
ومن هذا المنطلق رفض سامي المنيس سعي حكومة الكويت للعمل على "إيجاد صيغة بين النظام الأردني والمقاومة الفلسطينية". وتشكك في دور الانعقاد الثاني للمجلس في مشروع المملكة المتحدة (بين الأردن والضفة) ورأى فيه "مشروعاً مشبوهاً.. مشروعاً لتصفية القضية الفلسطينية.. قضيتنا". و"مؤامرة على شعبنا، نستنكره ونستنكره". كان سامي المنيس ابناً للقضية الفلسطينية نذر نفسه للدفاع عنها وعن شعبها من دون تردد أو تقلب، إذ رأى فيها قضية حق عربي سلبه الاستعمار الصهيوني. ولم يتردد لحظة في تأييد كل ما هو فلسطيني. وكلما كان يمنح الشعب الفلسطيني منحة مالية من أي جهة، كان سامي يقول هل من مزيد لهذا الشعب؟ وكان أكثر ما يهز وجدانه أن يرى دعماً مالياً للفلسطينيين قد تراجع أو انتقص منه، ونراه في دورة الانعقاد الثاني "يطالب بإلحاق الطلبة الفلسطينيين بمدارس المنظمة إن أرادوا" ويعترض بحدة على "إنقاص الدعم الحكومي لمنظمة التحرير من مائتي ألف دينار إلى مائة وخمسين ألفاً".



المنيس و الخطيب في مجلس الأمة



سليمان العدساني



علي الثنيان الغانم
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس