عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 01-06-2009, 03:43 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي مداخلات المنيس ركزت على أزمة المناخ.. والمال العام

عاد سامي أحمد المنيس إلى مجلس الأمة السادس (1985 ـ 1986) عضواً منتخباً عن دائرة العديلية، كما عاد معه رفيق دربه د. أحمد الخطيب، و د. أحمد الربعي، وقد أظهرت نتائج انتخابات 1985 أنها لمصلحة المعارضة السياسية التي شملت ممثلي اليسار والقوميين وجماعة السلف وجماعة الإخوان المسلمين والشيعة من ذوي التوجه الثوري .
وكالعادة في كل فصل تشريعي، افتتح الفصل السادس بأمر من سمو أمير البلاد، وبدأ الافتتاح بالنطق السامي ثم تبعته قراءة الخطاب الأميري، وجرى تشكيل اللجان للمجلس المنتخب وفاز سامي المنيس بعضوية الشؤون الخارجية. وكالعادة أيضاً تألفت لجنة من المجلس للرد على الخطاب الأميري. وهنا بدأ نشاط سامي في هذا الفصل في دور انعقاده الأول، عندما طالب في مارس 1985 بتسجيل بعض النقاط على ما ورد في الخطاب الأميري. وكانت النقطة الأولى على حد تعبيره:
"إذا أردنا التعرف على العلل والمشاكل وبعض الظواهر السلبية نستطيع تحديد النقطتين التاليتين":

النقطة الأولى
"تتعلق بهيبة القانون الذي لم يعد محل احترام وقد أُهدر، وفيه تجاوزات".
وقد كان سامي محقاً، فحتى يومنا هذا كتبت بعض التعليقــات الصحفية الكويتية "أن هيبة القانون أُهدرت لمصلحة العشائرية".

النقطة الثانية
"تعددية التعديلات (في القانون) بهدف التوجه لقرار سياسي". ويضرب سامي مثلاً على ذلك أزمة المناخ 1983 التي حلت بسوق الكويت المالي، وما تلاها من تعقيدات مالية وديون صعبة وانهيارات وإفلاسات. ويقول: "استهدفت القوانين (التي صدرت بشأن الأزمة) حماية أشخاص على حساب الشعب، ولكن سبب إهدار الثروة البشرية ليس الإدارة العليا. فالإهدار هنا يمس مصيرنا".

التعدي على القانون
واستطرد في ذكر تعديلات القوانين وإصدارها لمصلحة المتنفذين، فقال "إن المخالفات البلدية بالملايين. لكن هذه المخالفات هي لحماية المتنفذين". وأشار سامي بلا مواربة إلى نفوذ أصحاب المصالح في مخالفة القوانين دون رادع أحياناً، وشرعنتها أحياناً أخرى. ولما لهذا النفوذ من أثر مدمر في المجتمع وقيمه. وتحدث سامي في مداخلاته عن الداء الذي يضر بالمجتمع، ورأى الدواء ـ ولو أنه لم يطرحه ـ في التخلص من سطوة المتنفذين على القانون.

الرد على الخطاب الأميري
وفي دور الانعقاد الثاني، أراد أن يتضمن الرد على الخطاب الأميري ملاحظات رآها مناسبة، فقد رأى أنه ليس من المهم "تشخيص الأوضاع القائمة، والأكثر أهمية في تصوري هو أن نترجم هذه الأفكار (التي وردت في خطاب صاحب السمو) إلى فعل، إلى عمل. ونتمنى ترجمة الأفكار في الميزانية القادمة". وعلق بقوله: "إلى متى سنبقى نقول كلاماً ونرى فعلاً آخر؟".
وفي التعليق على الرد على الخطاب الأميري، رأى سامي أن "نوعية التركيبة السكانية كان سببها طبيعة قوة العمل المتوافرة في الكويت، ويعود ذلك إلى أن القطاع الخاص يهتم بالربحية. لذا خلقنا مجتمع شرق آسيا. وإذا كان هناك حرص على التركيبة السكانية فينبغي أن يكون هناك حرص على قوة العمل، ففي الحكومة تبلغ العمالة مائة وتسعين ألفاً بينما تبلغ في القطاعين الخاص والمشترك أربعمائة وخمسين ألفاً". لكنه لا يذكر نسبة الكويتيين بين هؤلاء. في حين يذكر أن نسبة "الكويتيين في قطاع البنوك تبلغ 12 في المائة فقط". لكن يبدو أن أحلام سامي تحققت إذ ارتفعت هذه النسبة كثيراً الآن وفي طريقها إلى الزيادة.
كانت السياسة النفطية وشركات النفط الأجنبية وسياساتها وامتيازاتها الشغل الشاغل لسامي المنيس منذ انتخابه في الفصل التشريعي الأول 1963، وما انفك يناقش هذه السياسات ويظهر ضررها على الوطن والمواطنين، واستمر يطالب بسيطرة الوطن على ثرواته مع آخرين من زملائه في مجلس الأمة حتى تحقق لهم ذلك وأصبح النفط كويتياً من أوله إلى آخره، ولو أنه كان في حاجة إلى تزايد العمالة الكويتية فيه.
لذا نرى نقاشات سامي بشأن النفط تأخذ منحى جديداً في هذا الفصل وفي دور الانعقاد الأول 1985/1986. فنراه يذكر أن "مبيعات النفط 14.307.800.000 دينار بينما كان المبلغ 15.464.458.000 دينار في العام الذي سبقه أي أن المبيعات نقصت 1.156،658.000 دينار". في حين رأى أن "مبيعات المنتجات البترولية 1،672،190،000 دينار بزيادة 72 مليون دينار عن العام الماضي". ولا نرى له تعليقاً على هذه الأرقام لكنه أراد لفت الانتباه إليها.
التفت سامي، بعد أن ضمن عودة الثروة النفطية إلى أبناء الوطن، إلى الاهتمام بهذه الثروة ومصيرها، لذا نراه يولي المال العام اهتماماً واضحاً في هذا الفصل التشريعي، وكان تركيزه – رحمه الله – على مناقشة أبواب ميزانية الدولة مناقشة موضوعية هادفة، وطالب أول ما طالب بأن يكون "هناك تقرير أمام مجلس الأمة من اللجنة التشريعية الحاوي على الأسس التي أُقرت بموجبها أبواب الميزانية". وكان حريصاً على مناقشة تقرير ديوان المحاسبة عن كل وزارة أو مؤسسة. إذ كان يرى في دور ديوان المحاسبة الرقابي دوراً مكملاً لدور مجلس الأمة، وكان في نظره صمام الأمان لضبط الصرف في وزارات الدولة ومؤسساتها.
ومن مناقشة أبواب الميزانية الأول والثاني والثالث والرابع، انتقل إلى مناقشة ميزانيات الهيئات والوزارات، وبخاصة الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية وهيئة الإسكان في دور الانعقاد الأول من الفصل السادس. وما كان سامي ليناقش الميزانية إلا بعد قرار اللجنة التشريعية ومقارنته بما حدث من صرف في أبواب الميزانية، وما كان ليوافق على ميزانية إلا بعد تأكده من أداء ديوان المحاسبة لدوره الرقابي والتدقيقي على كل وزارة.
ومع اهتمامه بموازنة الدولة، التفت سامي في دور الانعقاد الثاني إلى طرح تساؤلات مالية بحتة، فقد ناقش باستفاضة هيئة الاستثمار والاحتياطي العام في الدولة "ورأى أن هذا الاحتياطي تجاوز 11،423،000،000 دينار في العام المالي 84/1985 وفي عام 1983 كان 11،760،000،000 وبلغت فوائد المبلغ في عام 84/1985 ما قيمته 452 مليون دينار، وهو مبلغ أقل من السنوات السابقة، حين بلغ 487 مليون دينار، 756 مليون دينار، 859 مليون دينار في السنوات 81/82، 82/83، 83/84 على التوالي".
استخدمت الدولة من الاحتياطي العام في سنتين 2،728،000،000 دينار، في ما سمي أزمة المناخ. ويعتقد سامي أن أخطر ما حدث هو السحب من الاحتياطي العام "خاصة إذا كان السحب من أجل إصلاح أخطاء فئة غرقت في الأرباح ثم ما لبثت أن غرقت في الخسائر". كان موقف سامي من السحب من الاحتياطي العام موقف المعارض وموقف الحريص على أموال الوطن والمواطنين.
التفت سامي إلى تقرير ديوان المحاسبة عن الاحتياطي العام ورأى أن التقرير "أشار إلى سحب 1،528،741،000 من احتياطي الأجيال القادمة"، وهو احتياطي لا يزال قائماً تضع الدولة فيه جزءاً من ايراداتها وتحافظ عليه من أجل أجيال الوطن القادمة والحرص على تمتعهم بثروات وطنهم جيلاً بعد جيل. "وكان هذا السحب من أجل المساهمة في زيادة رأسمال مؤسسة البترول الوطنية". ورغم أنه لم يرفض مبدأ السحب من أجل المساهمة في إنعاش مؤسسة وطنية، فإن التزامه بالقانون حتم عليه القول إن "سحب هذا المبلغ مخالف تماماً للمادة الثانية من القانون 54/1982. ويعلم المسؤولون في الهيئة أن هذا الأمر مخالف للقانون ومع ذلك يستمرون وسيناقشونه"، ويقصد بالهيئة هيئة الاستثمار. أشار سامي إلى أن المبلغ كان لشراء شركة سنتافي التي خسرت... ورأى في هذا السلوك المالي ممارسة غير مسؤولة من قبل الجهاز الحكومي. وكان ذلك في رأي سامي تخبطاً من هيئة الاستثمار. وأضاف كي يؤكد قناعته هذه ما نشر عن بيع حصة الهيئة في شركة وربة للتأمين التي بلغت أرباحها 1،295،000 دينار وتساءل لماذا تبيع الهيئة حصتها في الشركة وهي تربح؟.
قد ترد الهيئة بأن ذلك من أجل تنشيط القطاع الخاص، وإذا كان الأمر "كذلك فلماذا لا تنشط الدولة (والاستثمار من ايرادات الدولة وليس من القطاع الخاص) المطابع في القطاع الخاص بدلاً من وجود مطابع لوزارة الدفاع ووزارة التربية والخطوط الجوية الكويتية؟"، أما التخبط الثاني لهيئة الاستثمار الذي أورده سامي فكان في نظره "بيع حصة الهيئة العامة للاستثمار في بنك الكويت والشرق الأوسط".
يعدُّ نقاش سامي وتساؤلاته للهيئة العامة للاستثمار فصلاً جديداً في جرأته على كشف الحقائق، وحرصاً واضحاً على مصلحة الوطن، خصوصا أن هيئة الاستثمار مسؤولة عن جزء كبير من أموال الدولة.
انتقل سامي من الهيئة العامة للاستثمار إلى التعليق على أوضاع شركات الصرافة، وهو أمر مرتبط ارتباطاً مباشراً بأحوال المواطنين، ورأى "أن هذه الشركات، انطلاقاً من رأي البنك المركزي فيها، تعيش أوضاعاً حرجة ورديئة". كما أشار إلى أن وجود بعضها "يعمل على تخريب الاقتصاد لا سيما أن كثيراً من الأموال خرجت عن طريق هذه الشركات".
انتقل سامي في دور الانعقاد الثاني إلى الاستمرار في مناقشة الوضع المالي وسأل وزير المالية عن "أعمال صندوق صغار المستثمرين والمقاصة"، وعندما أجابه الوزير عن سؤاله، لاحظ سامي مغالطات بيّـنة في إجابة الوزير. ولم يجد من يدعم رأيه في هذه المغالطات إلا تقرير ديوان المحاسبة، ويبدو أنها كانت مثيرة وفاضحة لا تُحتمل، إذ نرى سامي يُستفز ويرد على الوزير قائلاً: "هناك احتمالان لوقوع مثل هذه المغالطات:
أن الوزير لا يعلم كالزوج المخدوع وهذا ما أستبعده.
أو أن الوزير يشارك في تضليل الرأي العام عن أعمال الصندوق وتضليل المجلس (مجلس الأمة) في مصداقيـة البيانات وهو أمر لا يجوز مروره مرور الكرام".
واستطرد مستشهداً بتقرير ديوان المحاسبة، فذكر المغالطة الأولى وهي قول الوزير إنه "لم يتجاوز الحد الأقصى لصرف معاملات المستفيد، ذلك الحد الذي حدده مجلس الوزراء". إلا أن سامي يرد عليه بقوله: "إن ديوان المحاسبة يقول هناك تجاوز (1900 مخالفة)". وينتقل إلى المغالطة الثانية وتتعلق بحق الصندوق في تحصيل واحد في المائة تقوم شركة المقاصة به". ويذكر سامي "أن ديوان المحاسبة أكد التقصير من ق.بل المقاصة في تحصيل هذا المبلغ". "وهناك مائتان واثنان وعشرون مليونا سكتت عنها شركة المقاصة".
رأى سامي في هذه التجاوزات المالية حقائق واضحة تتطلب مسؤولية وزير المالية عنها، ولا بد من طرح الاستجواب البرلماني اللازم ضد الوزير حتى نضع النقاط على الحروف. وهنا تظهر جرأة سامي في قول الحق وإبراز الحقيقة أمام وزير المالية الذي ربما كان أحد أصدقائه، لكنه أمام المال العام لا يراعي أحداً غير مصلحة الوطن.

أزمة المناخ
يبدو أن دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السادس كان حافلاً بالمشكلات المالية. ويعود ذلك إلى تداعيات أزمة المناخ التي هزت سوق الأوراق المالية الكويتي عام 1983. ويبدو أن سامي كان أكثر همه المال العام، والقتال من أجل الحفاظ عليه، أولَم يقاتل من أجل استخلاص ثروة الوطن النفطية من براثن الشركات الاستعمارية؟ وهو يقاتل بضراوة أكثر من أجل الحفاظ على الثروة النفطية وأموالها التي أصبحت تعود إلى الكويت وأهلها، وكان يرفض رفضا قاطعا أن تؤول الأموال إلى فئة معينة أو فئة متنفذة.
تصدى سامي للوضع المالي وانتقل من الخاص إلى العام، وهو في 8/7/1986 يناقش الواقع الاقتصادي للدولة كما جاء في تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية التابعة لمجلس الأمة. ولكنه اختلف مع اللجنة في معالجة الوضع الاقتصادي في الوطن، وكان اختلافه حول مديونية البنوك، إذ تقول اللجنة "واجهت البنوك الكويتية أوضاعاً غير عادية"، بينما تعود إلى القول "إن أوضاع البنوك جيدة جداً" وذلك في الصفحة الثانية من التقرير.
تأمل سامي في أرقام المديونية لدى البنوك بعد تداعيات أزمة المناخ، فأكد أن الديون غير المنتظمة 1303 ملايين دينار، وأن جملة المديونية لدى البنوك 1650 مليون دينار منها ألف وثلاثمائة مليون ديون صعبة. وذلك بسبب أزمة المناخ التي رأى فيها سامي "أزمة أخلاقية قبل أن تكون أزمة مالية". وعند وضعها في إطارها الطبيعي، كما يقول سامي "فإنه لا علاقة لها بالاقتصادات والأصول التجارية"، خصوصا "أن بعض أعضاء مجالس الإدارات تجاوزوا على القانون وعلى الأعراف الاقتصادية والعلاقات التجارية وبدأوا يدخلون في هذه الحلقة المشبوهة". ولا أحد يناقش أو يناقض صحة ما قاله سامي.
استسلم سامي للواقع ورأى أن "البلاء حلّ باقتصاد الوطن على يد فرسان المناخ، ولولا رحمة من ربك لهزت هذه الأزمة كيان الكويت الاقتصادي بطريقة أقرب إلى التدمير منها إلى الإضرار". لكن سامي يريد إصلاح ما أفسده "المناخيون" ولا يجد ملاذاً يحمي المال العام ويراقب حركته غير ديوان المحاسبة الذي كان واضحاً أنه وثق به كثيراً.
فيقترح على مجلس الأمة "أن يوصي ديوان المحاسبة بتقديم تقرير إلى المجلس كل ثلاثة أشهر، بشأن فحص ومراجعة حسابات صندوق ضمان حقوق الدائنين الملحق بوزارة المالية، على أن يشمل الفحص إيرادات الصندوق المذكور.
تظــل أزمة المناخ وتداعياتها ملمحاً بارزاً في تاريخ الكويت المالي والاقتصادي، لما كان لها من آثار سلبية في مجمل حياة المواطنين. وتستحق هذه الأزمة من المؤرخين الاقتصاديين كل عناية في تسجيل وقائعها وكشف الأمور التي أوصلت إلى الأزمة المذكورة حتى تكون تجربة يُستفاد منها في عالم المال". ونلحظ أن سامي عمد، عند الإشارة إلى الأزمة، إلى ذكر الأرقام التي لها علاقة بالديون والمؤسسات الحكومية، وهي التي تؤرق حياة الحكومة والمواطن معاً. كما اهتم بصندوق المقاصة وديوان المحاسبة ودورهما، وهي أمور تصلح عناوين للكتابة عن الأزمة. وإذا كان المسرح الكويتي قد أّرّخ لهذه الأزمة القاتلة من خلال مسرحية "فرسان المناخ" فإن سامي ساهم في التأريخ لهذه الأزمة من خلال طرح عناوين وأفكار. وللأمانة، فإن أول من طرح "أن أزمة المناخ أزمة أخلاق لا أزمة مال"، ولا علاقة لها بالاقتصاد أو الأصول التجارية هو المرحوم سامي.
لم يستطع سامي السكوت بعد أزمة المناخ، وكان همه المساءلة والرقابة. فما حدث لم يكن متوقعاً إذ وصلت آثاره إلى المال العام الذي عاش سامي ومات وهو يدافع عن صيانته وقدسيته، وتساءل: "ما مدى جدية الحكومة في متابعة ملاحظات ديوان المحاسبة حول الخاص من المصروفات؟ وما إجراءات الحكومة بشأن هذه المخالفات؟". والسؤال واضح فيه تلميح لا تصريح عن هدر المال العام وفيه تلميح لا تصريح إلى إهمال الحكومة في تعقب المخالفات المالية.
ويشير سامي في دور الانعقاد الثاني للفصل السادس في 28/6/86 وربما كان فرحاً بذلك، إلى مراقبة ديوان المحاسبة لأعمال الهيئة العامة للاستثمار لأول مرة في تاريخها، ويشير إلى "ذكر ديوان المحاسبة اثنتي عشرة ملاحظة، منها خمس ملاحظات وافقت عليها الهيئة". لكنه ذكر أن أخطر ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة هو "التجاوز القانوني في ما يتعلق بالسحب من احتياطي الأجيال لأكثر من مليار دينار". وهنا يعود لتأكيد دور ديوان المحاسبة في الرقابة على المال العام، وضرورة الاهتمام بما يذكره الديوان من مخالفات مالية في وزارات الدولة، والعمل على تلافيها. ولا يزال ديوان المحاسبة كما تمناه سامي يعمل بإخلاص تام وبنزاهة لا يشك أحد فيها في ممارسة مهامه الرقابية وكشف المخالفات.

هدر المال العام
انتقل سامي من التلميح إلى التصريح وتحدث عن سياسة هدر الأموال العامة متسائلاً "من المسؤول عن عملية إهدار المال العام في الدولة؟"، وأجاب "الدولة هي المسؤولة عن الإهدار فهي تهدر 99 في المائة من المال العام بينما المواطن يهدر 1 في المائة. مَن المسؤول عن إهدار أموال المواطن؟ أين وزارة الإعلام؟ هل ساهمت في حلّ مشكلة هدر الكهرباء؟".
"إن الرواتب والأجور في الدولة ( 1985 / 1986 ) تصل إلى ثلاثمائة مليون دينار كويتي سنوياً، فماذا فعلت الدولة من أجل رفع إنتاجية الموظف؟ تطالبنا الداخلية برسوم فهل تريد تحسين الخدمات قبل أن ندفع الرسوم؟"، ويقصد التشريع لوضعها في مجلس الأمة. وتساءل: "من المسؤول عن أزمات الوطن التي تؤدي إلى إهدار قدراته حتماً؟ من المسؤول عن أزمات المناخ، المرور، مديونية البنوك، المظاهر البراقة، رفع العقار... إلخ". وكلها أسئلة تستحق الاهتمام، وهي موجهة إلى الحكومة المسؤولة عنها.
كان سامي يؤمن إيماناً واضحاً بمؤسسات المجتمع المدني، وكان يدعو إلى تأليف الجمعيات والنقابات، وأكثر ما يؤلمه أن يرى صعوبة تعترض هذه الجمعيات والنقابات، لذا فهو يعترض على عدم تأليف النقابات ويرى "أن ذلك يسير في طريق مسدود". وعلى حد تعبيره "فإن النقابات والجمعيات عمل شعبي يبرز الدور الجماهيري ولا يعني وجوده خلق مشاكل، فوجود الجمعيات (ذات النفع العام) إضافة إلى الجمعيات التعاونية وسيلة ناجحة للإنتاجية وللتعاون.. وهو وسيلة جيدة لإيجاد علاقات مع الجهات المسؤولة".
وانطلاقاً من هذا المبدأ نجد سامي يرحب بمشروع الهيئة الخيرية الإسلامية الذي طرحه النائب مبارك الدويلة في عام 1986، ويرى سامي "أن نشاط الجمعية هذه يعطي شخصية اعتبارية.
كما نجده أيضاً في 15/4/1986 يدافع بقوة عن "ضرورة إشهار جمعية حماية المستهلك" ويرى أن "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مخطئة في عرقلة هذه الجمعية". فالجمعيات كما يراها سامي أنشطة شعبية يجب تشجيعها وليست سرية أو مخالفة للقوانين أو مدمرة، فهي رافد للاستقرار الوطني. لذا فهو يطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إشهارها.
وما انفك يطالب بظهور مؤسسات المجتمع حتى كان له كثير مما أراد إن لم يكن كله قبل وفاته. وبنظرة سريعة على واقع الحياة في الكويت نرى عشرات الجمعيات الوطنية ذات النفع العام وكثيراً من جمعيات الصداقة مع الدول الأخرى من داخل مجلس الأمة، وكان سامي رئيس جمعية الصداقة الصينية الكويتية انسجاماً مع ما كان ينادي به.

سياسة التوظيف
انتقل سامي إلى مناقشة سياسة التوظيف، وكانت له فلسفة في توظيف الشباب في أجهزة الدولة وغيرها، فهو يعترض على طابع التوجهات في التوظيف، ويرى أن "الوضع الوظيفي نتيجة توجهات طابعها جهل المواطن خاصة والموظف عامة، إنسان محدود الطموح غير منتج في عمله"، وكان يسعى إلى تغيير هذا الواقع الذي رآه وكان من المطالبين دائماً بأن "تكون أرقام الميزانية على قدر الإنتاج المتوقع منها". وكان يطالب بمواجهة هذا الواقع بوسائل ناجحة ذات فعالية. ولم يكن يرى لجان التطوير الإداري وسيلة لتحقيق هذا الهدف، فهو يعتقد أن "لجان التطوير إحدى الطرق للهروب من مواجهة القضية". ويشخص الواقع الوظيفي كما يراه بأن هناك "إحساسا أن الموظف لم يحصل على حقه من الإدارة. وهناك مشكلة المعاناة من التجاوزات داخل الأجهزة".
ويرى "نقل الحديث عن الفساد الإداري إلى التطوير الإداري أمراً غير ذي بال"، فالمسألة الأساسية في نظره إحساس هذا المجتمع، "بأن الجهاز الإداري لم يستطع أن يلبي حاجات المجتمع في المرافق العامة كافة"، والإحساس الآخر هو "الاضطهاد القائم على التجاوزات فالإنتاج الوظيفي في القطاعين الأهلي والمشترك (الحكومي والأهلي) أفضل منه في الحكومي" ويرى أن العقبة في الإنتاج الحكومي تكمن في القيادات العليا.
ويضرب مثلاً على ذلك في بعثة الآثار المؤلفة من عشرة دارسين إلى الولايات المتحدة بطلب من وزارة الإعلام، وعندما أتم هؤلاء ابتعاثهم وعادوا إلى أرض الوطن قيل لهم "بس ما عندنا شغل! اذهبوا إلى وزارة التربية قولوا لهم أنتم مرسلون من الإعلام". وهنا يتساءل "ما فائدة التحصيل العلمي الذي ذهب المبتعثون من أجله في محاولة لتحسين الوضع الوظيفي، خاصة أنه يعود إلى ما كان عليه؟ فهل بعد هذا نستطيع الاطمئنان إلى سياسة التطوير الإداري؟" والجواب معروف في ضوء ما طرحه سامي وأمام هذه الواقعة (بعثة الآثار) وأمثالها، فتساءل سامي عن "طبيعة البعثات والدراسات العليا وما مفهوم البعثة".
وأشار إلى "أن 75 في المائة من وظائف الحكومة مكتبية وإدارية، أما خارج الحكومة فالوظائف فنية ومهنية". ولم يكن تساؤله من فراغ، فهو يريد البعثات تلبية لحاجات الوطن، يعود عضو البعثة بعدها ليسد الفراغ الذي أرسل في دراسته من أجل ملئه.
كان طامعاً في خلق جهاز فني مدرب في المجالات المهنية الحكومية، لذا صب كثيراً من جهده على مدى سنوات عدة في فصول تشريعية مختلفة على التدريب وأثره في المجتمع". لكنه في الفصل التشريعي السادس يطالب بمزيد من "الاهتمام بالتعليم التطبيقي والتدريب لأن ذلك يرتبط بتوفير قيادات وسطية" في مجال العمل الفني والمهني، وطالب بضرورة إظهار الاحترام للحرفيين المتدربين لأنه كان يرى انتقاصاً لحقهم في المجتمع إذا ما قورنوا بالأكاديميين خريجي الجامعات.



المنيس مع المرحوم د. أحمد الربعي في ندوة



المنيس مع مجموعة من الشباب

يتبع
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس