عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-11-2011, 09:47 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

الوطن - 2011/11/08




فجعنا أنا واخويّ وزملائي في ديوانية الثلاثاء حين جاءنا النبأ ناعياً الأخ الكريم الاستاذ جاسم النصرالله. وهو جدير بأن نبكي عليه ونتذكر أيامه الغالية علينا، وقد نشأت – شخصيا – وانا أراه، واستمع اليه، فقد كان من أقرب أصدقاء الخال داود سليمان الجراح إليه، وكانت علاقتهما من أقوى العلاقات ولم يفرقهما إلا الموت. ونحن وفاء منا لهذا الرجل كنا نحرص على أن نراه بيننا وأن نستمع إلى أحاديثه الطلية، والى محفوظاته من الأشعار والحكايات التاريخية التي ألمَّ بمعرفتها طوال حياته.

وهو كريم النفس، فقد طلبت منه أن يُمِدًَّني بما يعرف عن الخال داود عندما كنت اكتب كتابي عنه، وقد هالني ان يزودني بعدد كبير من الرسائل المتبادلة بينمها لم يتردد في دفعها إليَّ كما فعل غيره بل كان سخياً في ذلك مما أضفى على عملي مصداقية، وزاده ثراءً.
ولنفسه الطيبة، وحرصه على استمرار علاقته بكل من يعرف فان خسارتنا به كانت كبيرة، وحزننا على فقده كان بحجم الفاجعة.
ومن اجل التذكير بهذا الرجل فانني استعيد هنا بعض ما كتبته عنه في فترة سابقة لعل فيه ما يحفظ ذكره، وينوه بما له من مزايا.

«الاستاذ جاسم عيسى النصر الله رجل من اهل الكويت المعروفين بقوة صلاتهم بالناس، وحرصهم على حفط المودة واستمرار التعارف معهم. وهو معروف شخصياً بهذه الصفة ولكن الكثيرين يجهلون مهارته الأخرى، فهو كثير الترحال، لا يترك فرصة تمر عليه الا انتهزها لكي يُشبع هوايته في الاطلاع على أحوال الدول، ومن ثم يسجل ما لديه في دفتر خاص يضع فيه كافة انطباعاته، دون ان يطلع عليها احدا إلا في اضيق الحدود، وهو بعد ذلك شاعر، له شعر رقيق، ولكنه – بحكم عادته – لا يريد ان يبثه بين الناس، كما انه راوية للشعر والاخبار والمعلومات الثقافية وما يتعلق بها من أسماء الاشخاص والرواة والشعراء.

ومن شعره قصيدة في الحنين الى الوطن كتبها حين كان في بومبي، ونشرها في سنة 1947م في مجلة العرب التي كانت تصدر هناك ومطلعها:
وطني نحو ماذك العذب حنَّا
مُغرمٌ طير قلبه فيك غنَّى
يا بلاد الحبيب مسقط رأسي
وأماني الكئيب إذ يتمنَّى

وجاسم النصر الله من أقرب الناس إلى قلب الشاعر داود سليمان الجراح. قضيا معا اوقاتا طويلة يلتقيان او يتراسلان، وتنم الرسائل المتبادلة بينهما عن عمق الصداقة والمحبة، كما تعبر عن الوفاء الذي اتصفا به سويا.
ولد جاسم النصر الله في البحرين سنة 1921م وكان ابواه قد نزحا من الكويت بلدهما الاصلي واقاما هناك، ولذا نشأ ابنهما في البحرين وتعلم بها، ثم صار مدرسا بعد تخرجه في مدرسة الهداية الخليفية في المنامة.

نزح بعد ذلك الى الهند وعمل قليلا في التجارة وقليلا في التدريس لبعض ابناء الجالية العربية في بومبي، وبعد زمن امضاه هناك اتى الى الكويت وتزوج فيها واستقر. وقد عمل في الجمارك وفي شركة نفط الكويت (1946م) وفي وظيفة من وظائف المحاكم الإدارية منذ سنة 1951م حتى تقاعد في سنة 1972م.
وأبو عيسى يسعدنا عندما لا يكون مسافراً بالزيارة في ديوانية الثلاثاء، ويشاركنا في الأحاديث ويمدنا بكثير من المعلومات، ويُقرِّب إلينا خبراته العديدة التي اكتسبها طوال حياته».
٭٭٭
عشتَ يا أبا عيسى بين محبيك عزيزاً عليهم قريباً إلى قلوبهم، وانتقلت إلى الرفيق الأعلى، فتركت في نفوس الجميع همَّا لا يزول، فرحمك الله، وطيب ثراك، وكتب لك الجنة ونعيمها.
وإن كان لي من أمل - الآن - فهو أن يتمكن أهله من جمع تراثه الشعري خاصة والفكري عامة فهو - أولاً وأخيراً - من تراث الكويت.

د. يعقوب يوسف الغنيم
__________________
رد مع اقتباس