عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 21-09-2012, 10:48 AM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي

الشاعر الكويتي علي السبتي:
هناك من يكتب عشرات الدواوين لكن لا قيمة لها



شاعر الهواء الطلق، ارتبط اسمه بالسياب وذاعت أخباره وقصائده. رجل مكتنز الذاكرة المليئة بالحوادث والشواهد التاريخية. تجلس إليه فلا تملّ محادثته. حضوره في رابطة الأدباء غنى وعلامة فارقة. الشاعر علي السبتي يحدثنا عن الأدب على دروب الحياة.
أربعون عاماً على رحيل السياب وانطواء صفحة الصداقة والشعر. ماذا تتذكر من تلك الحقبة؟
- بالنسبة إلي لم تطو صفحة الشعر لأني طرف في تلك الصداقة ولأن بعض تفاصيلها ما زال حياً في ذاكرتي ووجداني فلن أقول انها صفحة انطوت. أربعون عاماً مرت على رحيل بدر شاكر السياب وكل عام تتجدد معرفتي به شاعراً. أعتبره إلى اليوم أستاذي في الشعر، فتح أمامي أبواباً جديدة أطرقها في تذوق الشعر وكتابته. أستفيد حتى اليوم من شعره. أقرأه باستمرار وأتأثر بشعره. أستذكر الأيام التي أمضيتها معه ومع أشعاره، لذا أقول ان صفحة صداقتنا لم تنطو. شدني قبل أربعين عاماً أسلوبه في التجديد المدعم بالثقافة والقائم على أساس يحميه من التعثر. لم يغفل بدر شاكر السياب أهمية الشعر العربي في التعبير عن الواقع وخصوصية التجلي في خيال لا يجنح بعيداً عن الواقع. أذكر أني سافرت خلال مرض السياب إلى بيروت وقابلت هناك الشاعر أدونيس الذي قال لي: لِمَ لا تدعو السياب إلى كتابة مذكراته؟ أوصلت الرسالة إلى السياب الذي أجاب قائلاً: شعري هو مذكراتي. يعود بي ذلك ثانية إلى سؤالك حول ذكرياتي عن تلك الحقبة. شعر السياب يحمل الكثير من الذكريات سواء المشتركة أو التي عاشها في تلك الفترة ونقلها إلينا لنحملها في ذاكرتنا.
بعد هذه التجربة العميقة، أين بلغت بك دروب الحياة؟
- بلغت بي دروب الحياة إلى الاستقرار الذهني وبر الأمان والراحة النفسية. الحمد لله أنني وصلت إلى هذا العمر وأنا مرتاح وراض عن نفسي وعن شعري وهذه أمور مهمة بالنسبة إلي.
هل أنت متابع جيد للتطورات السياسية، العراق وفلسطين مثلا؟
لم أنفصل يوماً عن قضايا مجتمعي الاجتماعية أو السياسية. اعتبر نفسي جزءاً من المجتمع الكويتي والعربي والإنساني بشكل عام وحين أتناول قضية فإني أفعل من جانب إنساني. لعل أهم تلك القضايا الظلم والاضطهاد. من يتتبع شعري ويتفحصه يتأكد من ان ثمة أسماء لرموز من فلسطين، وأن ثمة بين العبارات التي صدرت عني منذ سنين ما يعبر عن واقع العراق الحالي، حيث لا نعرف القاتل وتضيع هوية المقتول.
ما أكثر ما يقلقك؟
ما يقلقني في وقت قد يفرحني في وقت آخر. تبعاً لاستعدادي النفسي ووضعي العاطفي. ثمة مواقف بسيطة أتذكرها الآن وتتعلق بموضوع القلق بكونه إحساساً مرحلياً قد يمهد للحظات فرح.
صدرت لك ثلاثة دواوين شعرية فقط، ألا ترى أنك مقلّ؟
الإبداع لا يقاس بالكمّ، إنما بالنوعية. قصيدة واحدة تغني أحياناً عن ديوان كامل. هناك من يكتبون عشرات الدواوين ويسمون كل مجموعة قصائد ديوانا، علماً أن الديوان يجب أن يضم أعمال الشاعر كاملة، وعليه فإن أي شاعر قد يصدر مجموعة شعرية لكن ليست لها قيمة ربما يكتب خلال حياته قصيدة واحدة تغني عن قصائد كثيرة. المسألة ليست مسألة كمّ بل مسألة نوع. الجودة لا الكمية.
أعلنت منذ فترة أن لك ديواناً رابعاً تحت الطبع، أين أصبح الآن؟
لم أقل أنه تحت الطبع إنما جاهز للطبع. كلمت إحدى المطابع وإن شاء الله يظهر هذه السنة. إنه جاهز ورسم لي فنان الديرة بدر القطامي لوحة الغلاف. لدي مشروع آخر بعد صدور الكتاب هو طباعة مجموعاتي الشعرية الكاملة إضافة إلى قصائد لم تنشر في المجموعات السابقة ليضمها كتاب واحد.
كيف هو شعورك لدى الانتهاء من كتابة قصيدة؟
أشعر بالراحة والفرح. تخرج القصيدة ومعها طاقة كبيرة تخرج من الإنسان. أشعر بعد ذلك بالراحة والفرح وإن كان في القصيدة حزن ما، فإن الشعور بالفرح يظهر لكوني أنجزت شيئاً جديداً وتمكنت من التعبير عن الفكرة التي راودتني.
وحين تراودك الفكرة ولا تستطيع كتابتها؟
ماذا عساني أفعل؟ أمرّ بالتأكيد في حالة من القلق ولا ارتاح حتى تخرج إلى النور. أكتب أحياناً جزءاً من القصيدة وأبدأ بكتابة قصيدة أخرى. هناك قصائد تخرج كأنما يملى علي، وتخرج قصائد أخرى بصعوبة متسببة لي بحالة من القلق.
هل ثمة قصيدة استلزمت منك سنة أو أكثر؟
يحدث أن أكتب قصيدة ولا تكتمل فأتركها. أبدأ بقصيدة أخرى ثم أرجع إلى القصيدة الأولى وأكملها بعد حين.
قبل اكتمال العمل الأدبي أو الفني تنشأ أحياناً حالة قلق وربما حالة «تأزم» إن صح التعبير لدى الفنان أو الأديب، كيف تتعامل مع هذه الحالة؟
إنها حالة قلق وسهر. أشعر أحياناً بأنني لست عادياً فأذهب إلى الطبيب لفحص الضغط والسكري فتظهر الفحوصات أنني سليم وأن الأمر ليس سوى حالة نفسية أمر بها. حين تخرج القصيدة أشعر بالراحة. أحياناً أكتب القصيدة ثم أسأل نفسي: هل أنا من كتب هذه القصيدة كلها؟ أعجب من نفسي وكيف كتبت كل هذا الكلام وكيف خرج مني؟ أشعر بالفرح.
هل صادف أن كنت نائماً واستيقظت لكتابة قصيدة أو أبيات معينة.
- يحدث ذلك. يصادف أحياناً أن تبدأ القصيدة في ذهني وعندما تلح علي، حتى لو كنت نائماً، استيقظ وأكتب ولو مقطعاً واحداً.
كيف تتشكل الفكرة وما هي المراحل التي تمر فيها القصيدة قبل أن تولد؟
تتشكل القصيدة في داخلي أولاً، بعد ذلك أفرغها على الورق. أشكلها في ذهني في البدء. تعيش فترة في دماغي ثم أفرغها على الورق.
حزت حديثاً جائزة الدولة التقديرية لعام 2006، ماذا يعني لك هذا التكريم؟
- كثّر خيرهم. حسّوا (شعروا) فينا أخيرا وإن متأخرين. شعروا بي وأعطوني الجائزة. هذه الجائزة تحدثت عنها فما قيمتها؟ أعطوك دنانير وشهادة ونسوك… هذه شهادة تسمى «تقديرية». يعني يجب أن يقدر الشخص؟
ما أشكال التقدير في تصوّرك؟
أشكاله في تصوّري الرعاية التامة لناحية المعيشة والعلاج وأن يعيش الشاعر مكرماً معززاً إلى آخر حياته. يعطونه الجائزة وينسونه، ما الجائزة التقديرية؟ لو أردت علاجاً لدى طبيب أو اختصاصي تحتاج إلى واسطة؟ حتى أعمال من نالوا التقدير لا تحظى بالتقدير. ينبغي متابعة انتشار هذه الأعمال تبعاً للمعايير التي وضعها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لتقدير هذا الفنان أو هذا الأديب.
تبدي اهتماماً كبيراً بالأجيال الصاعدة من خلال متابعتك لملتقى المبدعين الجدد.
بالتأكيد.
ما رأيك في هؤلاء الشباب؟
ممتازون، يبشرون بالخير. ظهر كثر من عندنا في رابطة الأدباء. شعراء وكتاب شباب جادّون. أتوقع لهم مستقبلاً أدبياً. ينشرون في الرواية والقصة والشعر وهذا يبشر بالخير. هناك القوي ومن لديه القابلية والقدرة على الاستمرار، وهناك ذوو الموهبة الضعيفة أو غير المهتمين بشكل كافٍ ولا يثقفون أنفسهم. إنما ثمة أسماء لامعة نفتخر بها. أنا مرتاح بعامة إلى الشباب وهم يبشرون بالخير.
هل تشعر بأن هناك قصوراً في استقبال هذه الطاقات؟ هؤلاء الشباب موجودون الآن في الرابطة، لكننا لا نرى جهات أخرى ترعى طاقاتهم الأدبية.
ليست هناك جهات ولا اهتمام بالثقافة بشكل عام في بلدنا. أنشأت الدولة مجلساً وطنياً للثقافة والفنون والآداب. إنما لا أرى اهتماماً كبيراً. هل هناك نقص في الرجال أم نقص في المال؟ المال متوافر. لا أعرف السبب، علماً أن الشباب في رابطة الأدباء وفي منتدى المبدعين يحظون برعاية من الشيخة باسمه مبارك عبدالله الجابر الصباح.
ماذا تقترح؟
يجب أن تكون هناك مراكز ثقافية ومهرجانات وتشجيع للنشر. لو شاء أحدهم أن يطبع كتاباً لدفع نقوداً لينشره فمن يوزعه له؟ إنها مسؤولية المجلس الوطني، أن يدعم الكتاب وأن يوزع. يأخذ المجلس الوطني النسخ ويرميها في المخزن. إلى من يوزعها؟ وإن بيع كتابي اليوم في معرض الكتاب، كم سنة قبع لديهم؟ عشر سنوات مرمي هناك. لِمَ كل هذه المدة؟!
متى تفيض الدمعة من عينيك؟
- لا دمعة إلا بمحرك. قد أذرف الدمعة من عيني فرحاً. وقد تفيض حزناً بحسب الحالة النفسية.
أخال أن تحرير الكويت جعل عينيك تدمعان؟
لم أعد راغباً في بحث هذه المواضيع السياسية. سبعة شهور يقطر قلبي دما. سبعة شهور عشناها في خوف ومذلة. هل العين وحدها تجف؟ حتى العروق تجفّ.
وضع بعض منظمات حقوق الإنسان في أميركا الكويت في القائمة السوداء بحجة الاتجار بالبشر.
صحيح.
تؤيد قرار المنظمة؟
الإتجار موجود.
هل يعني لك ذلك شيئاً؟
أنا ضد الاضطهاد أينما كان. والعمال والخدم يباعون ويشرون مضطهدين ومظلومين. انظر اليهم في الشوارع، لا إقامات، لا تأشيرات، يتسكعون من دون عمل. انظر أين يسكنون، أين يقيمون. حتى في البيوت يضطهدون. يضايقني الأمر كثيراً وأرجو ألا تكون الكويت في هذا الوضع، كل هذا بسبب عدم تطبيق القوانين. انظر الآن إلى المنطقة الصناعية، هناك أطفال يعملون في «الكراجات». الخدم كذلك. يأتون بالعمال بالآلاف. يأتي هؤلاء العمال بعد شرائهم الاقامات. هذا معروف، حتى الدولة تعرفه. عدد المخالفين بالآلاف، يدفعون مبالغ لشراء الفيزا ثم يرمون بهم في الكويت ولا يكملون لهم اجراءات الفيزا والإقامة، يرفضون تجديد إقاماتهم. وثمة من لديه إقامة إنما بلا عمل، هناك عمال يعملون عند غير كفلائهم. هذا ظلم واضطهاد.
من أول إنسان يقرأ قصائدك؟
- حين تكتمل القصيدة أقرأها لأي من الأصدقاء. ليس شخصا بذاته.
من تستشير من المبدعين قبل أن ترسل قصائدك إلى المطبعة؟
- لا أستشير أحدا للطباعة، انما لدى كتابتي القصيدة أسأل اصدقائي في الرابطة وهذا يتعلق بالكتابة لا بالطباعة أو النشر.
قصيدة النثر صارت واقعاً، أما زلت ترفض الاعتراف بها؟
- لا أرفض الاعتراف لكن هناك شعر وهناك نثر. هذا رأيي الشخصي ولا أفرضه على الآخرين.
أيهما يهيئ مناخاً أفضل للإبداع؟ الإلتزام والتقيد بشروط المؤسسة أم الصعلكة والتشرد؟
- كلٌّ بحسب وضعه النفسي والاجتماعي والثقافي، الأحوال النفسية غير ثابتة وربما لا علاقة للمؤسسة بالإبداع. هناك من يكتب القصيدة وهو فرح سعيد، لكن في أي حال يجب أن يكون هناك باعث في القصيدة، يجب أن يكون هناك محرك. كذلك في أي إبداع آخر.





الشاعران علي السبتي وخليفة الوقيان
__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس