عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-08-2011, 11:00 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي

عبرة الذكرى في تحقيق الفكرة... (2)
حين تسأل: من درس فيها؟
يأتيك الجواب: من لم يدرس فيها؟



كادت الامور تصل الى ما لا تحمد عقباه عندما تم صرف معظم حصيلة ما جمع، وبقي جزء ضئيل لا يكفي ولا يفي، ولم يكن في الافق امل ولا كان من شيمة اهل الكويت ان يمدوا ايديهم لغيرهم طالبين المساندة، وهنا صدقت مقولة اهل الكويت اذا ما دعت الدواعي: «انصو كولابا» والمقصود بها تنادوا بآل (إبراهيم، وهذا نص ما سجله القناعي:
«وكتب آل خالد وناصر المبارك الصباح وشملان وهلال الى قاسم وعبدالرحمن آل إبراهيم، فتبرع قاسم بثلاثين الف روبية، وتبرع عبدالرحمن بعشرين الفا». كان آل خالد يمثلهم في بومبي، انذاك اخوهم عبدالرزاق، وقد تولى الاتصال والمتابعة بآل إبراهيم وهو ما تثبته الرسالة التالية.
كان تاريخ ارسالها الى الكويت 8 ذي الحجة 1329 المصادف 1 ديسمبر 1911. وهو يشرح مساعيه عما قام به ورغبة آل إبراهيم بالمساعدة الأكيدة، ولكنها كانت مشروطة بأن تكون المدرسة قائمة على اسس عصرية، وهذه لفتة اهتمام يجب أخذها بنظر الاعتبار ويجب ان تسجل لهم كما تثبتها الرسالة بوضوح، فاصرارهم على ان تكون مواد التدريس تخضع إلى نظرة عصرية هي ان تلحق الكويت في ركب حضارة ثقافية متمدنة. وفتح المجال على مصراعيه الى أبنائها للانطلاق إلى عالم التربية الحديثة أسوة بغيرها من الدول المتقدمة. ولم يكن المال هو ما فكرت به الأسرة في تقديمه فقط بل عرض النمط المتحضر ايضا وادخاله الى الكويت لتعريف أهلها به، وهو ما قامت به مرارا: حينما أهدت إلى الشيخ مبارك أول سيارة في الخليج، ودعوته وبعض التجار للمشاركة في اول شركة بواخر حديثة واطلاق اسم شركة المراكب العربية عليها. (كانت اول شركة ملاحة عربية، وتبعتها مصر بعد عقدين من الزمن) وكذلك التبرع بإنشاء أول كلية علمية حديثة وهي كلية الارشاد والدعوة في القاهرة وقبل تأسيس جامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة حاليا). وحينما حذت البحرين حذو الكويت بانشاء مدرسة الهداية الخليفية عام 1919 تبرعوا لها بسخاء وجاء شكرهم على لسان مديرها حينذاك حافظ وهبة في حفل الافتتاح للتبرع السخي والمؤازرة الحثيثة ومثلها عند بناء مدرسة النجاة في الزبير عام 1922 حيث تبرعوا بجميع الاسقف والأبواب والنوافذ ومن جملتها الباب الضخم الذي نراه اليوم مدخلا لديوان البابطين في النزهة بالكويت.
ومن جليل الأعمال قبل ذلك تدريب بعض الشباب الكويتيين على الأعمال التجارية في الهند وتشغيل بعضهم. وسعيهم في كل ذلك إلى ربط الثقافة التقليدية بالافكار والمفاهيم العصرية وادخال الرؤى الفكرية للتعليم ساعدهم في ذلك الإقامة الطويلة في الهند بحكم اسفارهم للبلدان الأوروبية ومعايشتهم لأهلها، هدفهم من كل ذلك هو شغفهم المندفع في نشر بذور المعرفة لأجل السمو بوطنهم الى ذرى شامخة.

دور ناصر المبارك
واهتماماته الثقافية

يكاد أن ينفرد الشيخ ناصر المبارك الصباح عن إخوانه وبقية الأسرة بالاهتمام بالثقافة منذ نعومة أظافره. وقد كتب الرشيد «كان رحمه الله شاباً ذكياً ذا فطنة وحافظة، وقد لقب لذلك بــ«كعب الأخبار» اشتغل بطلب العلم على أيدي أساتذة في الكويت متحصل على شيء من العلوم الدينية كالفقه والعقائد، وأما أستاذه الحقيقي فهو نفسه الطموحة وهمته العالية التي كانت ولا تزال اذاك تدفعه الى التوسع في طلب العلوم والمعارف والتنقيب والبحث حتى بلغ إلى درجة قد أغالي إذا قلت إنه لم يبلغ في الكويت من أبناء جنسه أحد». وقال عنه محمد رشيد رضا عند زيارته الكويت: «أنزلني مبارك في قصره الجديد الذي هو قصر الإمارة وتولى مؤانستي ومجالستي في عامة الأوقات نجله الشيخ ناصر رئيس لجنة الكويت، لأنه هو الذي يشغل أوقاته في مدارس العمل ومراجعة الكتب حتى صارت له مشاركة جيدة في جميع العلوم الإسلامية وكان يسأل عن دقائق العلوم في العقائد والأصول والفقه وغير ذلك على انه لم يتلق عن الأساتذة، فهو من مظاهر الذكاء العربي النادر».
وتذكر الوثائق البريطانية بتاريخ يناير 1912 عن مشروع المدرسة والقائمين على تأسيسها، أن التبرعات كانت تجمع من قبل هيئة ترأسها الشيخ ناصر وعضوية كل من حمد الخالد وشملان بن سيف وإبراهيم بن مضف، وقد قاربت التبرعات الى لك روبية وهناك مشاورات مع بعض العلماء لاستقدام مدرسين مؤهلين من مصر ومكة ليكون برنامج تدريسها تابعاً للطرق العصرية. وهناك احتمال لتدريس لغات أجنبية وربما تكون الإنكليزية، وسوف يبتدئ البناء في الصيف ويكون تمويلها من ريع أوقاف بساتين النخيل بالكامل.
وفي رسالة له الى فهد الخالد وإخوانه بتاريخ 30 شوال 1329 المصادف 23 أكتوبر 1912 يذكر فيها: ان يوسف بن عيسى مراده ان يسعى لإقامة مدرسة علمية تجمع ثلاثة أشياء، هي: مدرس متفنن بالعلوم الدينية عقلاً ونقلاً، ومعلم للقرآن الشريف بطريقة التجويد لأولاد المسلمين مجانا، وكاتب أديب يعلمهم الكتابة والحساب وعلم الأدب وأشعار العرب، فنرجوكم المساعدة بالمال والمقال، واذا ما وفى الحاصل بما ذكرناه قدمنا الأول فالأول، وإن زاد على ذلك، فالأمر منكم وإليكم. ادخلوا فيها ما تشاؤون من العلوم الأجنبية والله سبحانه وتعالى الموفق.

أقوال الطبطبائي

ويأتي دور الأديب والصحافي عبدالوهاب الطبطبائي وكان مراسلا لجريدة «المؤيد» بعنوان «مدرسة الكويت»: «وحيث كان حضرة المحسن العربي العظيم الشيخ قاسم وابن عمه الشيخ عبدالرحمن آل إبراهيم ممن عرفهما القاصي والداني بحب العلم والتفاني في نشره وبثه، لا سيما في البلاد العربية، فقد كتب لهما من الكويت في إعلام عن هذه المساعي وطلب منهما مد يد المساعدة والاعانة على البر والتقوى، فما هي إلا ايام الا وسرتنا الاخبار بأن حضرة الشيخ قاسم تبرع للمدرسة الكويتية بمبلغ ثلاثين الف روبية وابن عمه بمبلغ عشرين الف روبية، فتأمل بربك ايها القارئ الكريم وانظر إلى هذه النجابة وهذه السماحة التي يندر ان يوجد عربي يباريهما في مضمارها وزد على هذا ان حضرة الشيخ قاسم كتب إلى اولئك الناهضين كتابا يشجعهم فيه ويشكرهم على الهمة التي أجروها لمنفعة اوطانهم وحثهم على ان تكون المدرسة حية يدرس فيها العلوم الدينية والدنيوية على الأصول الحديثة في التعليم، ونصح لهم بأن يراجعوا في طلب المعلمين الحاذقين في فنون العلوم السيد محمد رشيد رضا صاحب مجلة المنار لكي لا تذهب اعمالهم ادراج الرياح بتوظيف من لا قدرة لهم على تدريس العلوم العصرية فيصرف الطلاب أوقاتا ثمينة فيما تكون نتيجته بعيدة المنال ان لم أقل عقيمة».

رسالة عبدالرزاق الخالد الخضير
إلى أخيه حمد

بسم الله
من بومبي في 8 ذي الحجة 1329 للكويت.
جناب الأجل الأمجد الاغنم سيدي الأخ حمد بن الوالد خالد المحترم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام والسؤال عن شريف خاطركم لازلتم بغاية الصحة والسرور. بابرك ساعة أخذنا مشرفكم العزيز رقم 17 الماضي تلوناه مسرورين بدوام سلامتكم وما ذكرتم كان عند مملوككم معلوم لاسيما الجوتي والفنيلات أخذناهم على مطلوب جنابكم جعلهم من استعمال العافية.
سيدي هالأيام بان لي بعض الاشارة من الشيخ جاسم البراهيم انه له نية يزور حضرة مولانا الشيخ مبارك ولا تبين لي متى نيته يتوجه ونحن اخبرناه عن المدرسة الذي معتمدين الجماعة ينشؤنها بالكويت وواعدنا إذا راح وبانت له الحقيقة انها مدرسة تكون للعلوم المطلوبة اي العلوم العصرية فهو يحط بها اعانة جبرة. وايضا الشيخ عبدالرحمن لما اخبرناه اوعدنا اذا هي تكون للعلوم العصرية فهو بيسلم لها اعانة عشرين ألف روبية ومن المعلوم اذا كان هذه اعانة الشيخ عبدالرحمن فالشيخ جاسم لا شك ان اعانته تكون كثيرة جزاهم الله عن الوطن وأهله خير الجزاء ولا يخفاكم سيدي الترقي التي يحصل لناشئة أهل الكويت من هالمدرسة وايضا ما يدافع عن الأوطان الا أهل العلم العصري عن توغل الأجنبيين بها. ولا بد حضرة مولانا الشيخ أدام الله وجوده تبين له المصلحة الكبرى للوطن في انشاء هذه المدرسة وتجزم انه ان شاء الله ما يدخر المساعدة ربنا يدعم عزه وسلامته وعلا حسب أملنا لا بد يجتمع ان شاء الله مبلغ جسيم لها فأرجوكم سيدي تحرصون حد الإمكان على الهمة في انجاز هالعمل الخيري وفق الله جميلكم لكل خير ولا تذخرون تقنيع الجماعة بأن تكون مدرسة علوم عصرية. ولا بد بواسطة المبلغ الذي يجتمع من الإعانة يتمكنون من جلب معلمين لايقين من الخارج. هذا ما لزم أرجوكم ابلاغ سلامنا للجميع.....

شهادة شكيب إرسلان

وما إ‍ن قرأ أمير البيان شكيب إرسلان هذين المقالين حتى كتب بعد يومين في الجريدة نفسها بتاريخ 22 صفر 1330 مقالاً رئيسياً بعنوان «تباشير الصباح العلم في جزيرة العرب»، مطلعه:
«تأججت عند أهل الكويت العزيمة لإنشاء مدرسة عالية وتبرعهم بالأموال اللازمة لذلك الغرض الجليل، وان حضرة الأمير مبارك الصباح قد أعطى هذه العزيمة حقها من الجد والتثمين، وهو الذي يفهم قدر العلم من سروات العرب كحضرة الشيخ قاسم آل إبراهيم وغيره. فقلنا قد لاحت تباشير الصباح وأذن مؤذن العلم يحيي على الفلاح وانشق فجر الإصلاح في جزيرة العرب عن دجنة الجمود المقيتة عليها الى اليوم. وابتدأ فيها هذا البثق الميمون من الكويت السعيدة بمصباحها، الناهضة الى فلاحها مما يرجى معه اتساع البثق البادئ وشمول النعمة أرجاء الجزيرة بأنواع المعارف وتتابع حملات العلم الكاشفة لغواشي الجهل بما يرد على الجزيرة عهدها السابق ويجعلها من الأمة بمنزلة القطب الى الرحى»، ثم يعرج في شرح طويل امتد على ثلاثة أعمدة على الصفحة الأولى الى قوله:
«وما توخاه أهل الكويت تولى الله تسديدهم من نوظ اختيار المعلمين لمدرستهم برأي حضرة الاستاذ السيد رشيد رضا صاحب مجلة المنار فإنه خير من يذهب اليه سالك طريق الصواب لأن الأستاذ المشار إليه رأس في الغرض اللازم لترقي جزيرة العرب، ومرجع في مشروع تهذيب الأمة بفنون المعارف العصرية. فإذا وقع الاختيار في علماء العصر على مائة شخص لهذا المشروع واصطفى من المائة عشرة كان هو أحد العشرة، واذا أريد انتخاب واحد من هؤلاء العشرة كان هو ذلك الواحد». ويحث الأمراء العرب الاقتداء بالكويت وشيخها في سعيهم نحو العلم والتنوير.

محمد رشيد رضا
ومدرسة علمية في الكويت

اما السيد محمد رشيد رضا فقد كتب ما يؤيد ما جاء به الأمير شكيب إرسلان عن تكليفه من الشيخ جاسم آل إبراهيم ظهر في مجلة المنار الصادرة في القاهرة في 30 ربيع الأول 1330 الموافق 19 مارس 1912 بعنوان «مدرسة علمية بالكويت» يذكر فيها: «وكان من لبى الدعوة وسبق الى تأييد هذه المبرة صديقنا المحسن العظيم الشيخ قاسم بن محمد آل إبراهيم فقد تبرع لها بألفي جنيه وتبرع غيره من آل بيته الكريم بمبالغ عظيمة يليه منهم الشيخ عبدالرحمن آل إبراهيم. وقد كتب هذا الصديق الأبر الأوفى من بومباي ان لجنة المدرسة كلفته ان يطلب مني وضع برنامج للتعليم في هذه المدرسة وان اختار لها المعلمين الأكفاء، فكان هذا الطلب نعمة له ولأعضاء اللجنة ان يملوها عليّ، إذ رأوني أهلاً لمشاركتهم في هذه الخدمة الجليلة.
وقد كتبت اليه ثم الى اللجنة أسأل عن وقت فتح المدرسة وعمَّن يرجى أن يكون فيها من الطلاب ودرجة معرفتهم، وغير ذلك من المسائل التي يتوقف عليها تنفيذ ما شرفوني به. وقد كتبت هذه النبذة قبل ان يجيئني الجواب منهم ببيان ما سألت عليه».
ولكن من غريب الصدف ان لا تظهر مثل ما ذكر أعلاه عن اختيار السيد محمد رشيد رضا فيما كتب عن المباركية عندنا اطلاقاً، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما كتبه عبدالعزيز حسين في كتابه محاضرات عن المجتمع العربي بالكويت في الفصل التاسع قصة التعليم في الكويت ص 109 «وكانت المباركية في أول أمرها بمستوى علمي متواضع، ولم يكن هناك منهج متفق عليه الخ..» من ذلك يظهر عدم اطلاعه على ما كتبته الصحف بمصر آ‍نذاك بأقلام أقطاب بارزين، ويسرنا القليل منها والذي يثبت عكس ما صرح به تماماً، وهذا خطأ يحسب عليه وهو الدارس في المباركية والمبعوث الى مصر منذ عام 1939 حتى عام 1950 في التصريح دون بحث وأناة، أو تحقق، علماً بأن مصادرها متوفرة ولا تحتاج إلى جهد كبير. وهو ما استمرأه الكثيرون بعده، ونقلوه بعلاته وخطئه.

رأي الرشيد في دور مبارك الكبير

يذكر الرشيد ص 223 «ان امير البيان شكيب إرسلان قد نشر اذ ذاك في جريدة المؤيد الغراء افاض فيها بذكر المدرسة وبالشيخ مبارك آل صباح الذي سميت باسمه وبمدحه والثناء عليه لهمته العالية التي دفعته الى انشاء هذه المدرسة واناط به لغيره من الكتاب الأمل العظيم في ان يكون احد الامراء الافذاذ الذين يشيدون مجد العرب ويرجعون عزهم الغابر».

التبرع والبناء

كانت هذه الفترة التي بدأنا بها موضوعنا هي بين 25 مارس 1910 حتى ديسمبر 1910، وهي مدة قاربت تسعة أشهر تخللتها مرحلة الاكتتاب التي كانت حصيلتها ثمانية وعشرين ألف روبية هو مجموع ما تبرع به تجار الكويت وسكانها.
وفي يناير1911 ابتدأت مرحلة البناء التي استمرت حتى أغسطس 1911 وهي مدة بلغت ثمانية أشهر صرف خلالها مبلغ قدره ستة عشر ألفاً. وشراء بيوت للتوسعة بلغت أربعة آلاف روبية.
فشكل تبرع آل إبراهيم ما يقارب 70%، أضيف اليه المتبقي من تبرعات أهل الكويت البالغة ثمانية آلاف روبية ليصبح مجموع الفائض ثمانية وخمسين ألفاً من الروبيات. وضعت أمانة عند آل خالد بعد ان عيّن مجلس مالي لها مكون من ثلاثة أعضاء هم: حمد الخالد الخضير وشملان بن علي بن سيف وأحمد الحميضي.
وعمل آل خالد في توظيفها للحصول على إيراد ثابت ليمكن الصرف على ديمومة التدريس، حيث لم تكن أجور تعليم الطلاب كافية، فالمدرسة تتقاضى أجراً شهرياً للطالب المقتدر مقداره روبيتان شهرياً كحد أدنى ولذوي الدخول المتوسطة روبية واحدة، أما غير المتمكن فالدراسة مجانية، وعلى سبيل المثال كان عدد الملتحقين في سنة افتتاحها مائتين وأربعة وخمسين طالباً بلغت أجورهم 3580 روبية بواقع 14.8 روبية سنوياً أو 1.2 شهرياً.
كان استثمار المتبقي على شكل مساهمة في تمويل تجار الغوص، وما زاد استثمر في شراء بضعة دكاكين في السوق القريب من المدرسة اطلق عليه لاحقا سوق المباركية وفي سوق الدهن. وقد أحسن آل خالد في تنمية الأصول وعندما تأسست إدارة للمعارف عام 1935 كانت في ميزانية المدرسة بضعة عشر ألفاً سلمت لها.
افتتحت المدرسة في 22 ديسمبر 1911 بعد أربعة أشهر من انتهاء بنائها، وتصادف ذكرى افتتاحها أول محرم بداية التقويم الهجري لسنة 1330، أي بعد سنة هجرية لبدء العمل في بنائها أول محرم 1329 هـ».
وجاءت زيارة السيد محمد رشيد رضا الى الكويت في 9 مايو 1912 الموافق 22 جمادى الاولى 1330 هــ بعد حوالي خمسة اشهر من الافتتاح، للاشراف على ما تم تحقيقه ولإكمال ما اتفق عليه في 8 ذي الحجة 1329 هـ المصادف الاول من ديسمبر 1911.

التلاميذ والعطل

التحق في المدرسة بسنتها الأولى 254 تلميذا، واصبح العدد بعد 5 سنوات 341 تلميذا بزيادة %40 تقريبا، وبعدها بعقد عام 1922 افتتحت المدرسة الاحمدية وبعد عقدين اصبح عدد المدارس 35 مدرسة، خمس وعشرون منها للذكور وعشر للاناث، وبلغ مجموع التلاميذ 250 تلميذا، وارتفعت نسبة القراءة والكتابة الى %10 من سكان الكويت آنذاك.
كانت العطل فيها أيام الجمع وسبعة أيام لعيد الفطر ومثلها لعيد الأضحى ويوم عاشوراء ويوم المولد النبوي ويوم المعراج والاسراء ونصف شعبان وآخر يوم من شعبان.
ويوم القفال عودة الغاصة من موسمهم بعد غياب حوالي اربعة اشهر ثم «الكشتة» في أواخر شهر مارس مدتها خمسة عشر يوما.
***
خلاصة القول وصفوته انه كان حديثا ذا شجون «وقد وجدت مكان القول ذا سعة» وعندي ما أقوله فقلته عن تلك الرحلة المثقلة بالتحديات قطعتها الكويت على امتداد قرن.
هي صحوة الانعتاق من قيود الجهل رغم عثرة المسالك وقلة الموارد وكثرة الخطوب، ورغم عسرها فقد تصدت لها كوكبة انفقت من حلال، صرف في النوال، اعطت ما لا يفنى فاستحقت مديحا يروى وثناءً يبقى.
قارعت تلك الخطوب بعزم أكيد وتصميم لا رجعة فيه، فنالت ما سعت له.
لقد صدق شوقي حين قال:

وما استعصى على قوم منال
اذا الإقدام كان لهم ركابا

ان الاعتزاز بالانتماء، الى جيل منح للعلم سلطة فاقت التسلط، ليقينه ان اسرار العظمة لا يبلغ حد مداها الا اذا دُقت أبواب المعرفة.
انها المكونات الكويتية التاريخية حينما كان ابناؤها آنذاك قوة تمتد حتى خارج الوطن، قوة نادرة قادرة ساعية لتشكيل مجتمع متمكن من بناء مؤسساته مهما صعب الأمر لان مكتشفي الطريق هم رواد في مسيرتهم تنطوي نفوسهم على حفظ العهد والوفاء بالوعد فهي كانت مسلمات لا تحتاج الى حوار أو تأويل لانتفاء الضرورة الى ما يبرر.
انها قصة المدرسة المباركية، وحينما تسأل «والكثير من السؤال يكون اشتياقا، والكثيرمن رده تعليلا»: من درس فيها؟ يأتيك ا لجواب: من لم يدرس فيها!! كانوا كثيرين.. كل أبناء الكويت.

مدرسة علمية تجمع ثلاثة عناصر

سعى يوسف بن عيسى لإقامة مدرسة علمية تجمع ثلاثة أشياء هي: مدرس يتقن العلوم الدينية عقلا ونقلا، ومعلم للقرآن الشريف بطريقة التجويد لأولاد المسلمين مجانا، وكاتب أديب يعلمهم الكتابة والحساب وعلم الأدب وأشعار العرب.

ما كتبه العدساني في «المؤيد»

اترك المجال للاحاطة بما قدم آل إبراهيم كما كتبه عنهم بعض الأفاضل ومنهم المرحوم سليمان العدساني قبل قرن من الزمن في جريدة «المؤيد» القاهرية، نشرت في 19 صفر 1330ه‍‍، وكانت من اهم الصحف العربية آنذاك بعنوان تأسيس المدرسة في الكويت وعن مساهمة آل إبراهيم فيها: «ومن كان يذيع هذا الخبر ويرن صداه بين العرب في بومبي حتى شرع بالاكتتاب اليه واني اذكر ما تبرع به منهم حضرة المحسن الكبير الشيخ قاسم آل ابراهيم وهو ثلاثون الف روبية. ولعمري انها لمساعدة كبرى سيحفظ له الكويتيون فضلها، واتمنى الآن لو انني شاعر أتغزل بالمآثر الحسنة لهذا الهمام وان كان هو غني عن اطراء مثلي بما يعرفه عنه اهل مصر وسوريا والحجاز وغيرها من الإعانات الخيرية التي تذكر فيشكر عليها إلى آخر الزمان. كما اني اذكر ما تبرع به ابن عمه الكريم حضرة الشيخ عبدالرحمن وهو عشرون ألف روبية وان هذا لما يستحقان عليه الشكر والامتنان من كل كويتي بل وعراقي. اقول «عراقي» ذلك لأن العلم إذا حل ببقعة ما وانتشر فيها سرى إلى المجاورين فينتفعون منه. وقد بدأ القوم بجلب الصخور من الخارج لوضع اساسها وعزموا على اختيار المعلمين من مصر، وجعلوا ذلك على ما سمعت تحت نظر حضرة السيد محمد رشيد رضا صاحب المنار، فبارك الله بهم ووفقهم لما فيه الصواب».


* انتهى *





باحة المدرسة المباركية





مقال شكيب ارسلان في صحيفة {المؤيد} المصرية 1912





مقال محمد رشيد رضا في جريدة {المنار} عام 1912





السطران الأخيران في ذيل الصفحة بخط يد الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، كتبهما قبل وفاته بسنوات قليلة.. بسم الله ما كتب في هذه الورقة صحيح، وبيت ابن ابراهيم من البيوت القديمة التي لا تتكرر.. حرر في 4 ذي القعدة .. (توفي عام 1973)





وثيقة الخالد
رد مع اقتباس