عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-05-2010, 03:23 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

بقلم أ.د. فيصل عبدالله الكندري
أهمية وثائق الوقف بالنسبة إلى دارس تاريخ منطقة ما تأتي لكونها تتعلق بمختلف اوجه الحياة من خلال عقود البيع والشراء والاستبدال والرهن والمبادلة قبل ان تؤول الى الوقف، فضلا عن انها توضح الجانب المعماري من تلك الابنية الموقوفة، فهي والحالة هذه تعد من اهم المصادر الضرورية لدراسة الآثار والمنشآت المختلفة في اي عصر. وزيادة على ذلك فإن تلك الوثائق تحتوي كثيرا من المصطلحات المتعارف عليها وقت تحريرها، سواء كانت معمارية او قانونية او ادارية او مصطلحات محلية.
وإذا امعنا النظر في وثائق الوقف نجدها تناولت الوثائق المتعلقة اساسا بقضايا الوقف والملكيات الخاصة، وما نتج عنها من بيع وشراء وتحديد ارث او هبة، كما تحتوي معلومات لها صلات وثيقة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للحياة داخل الكويت، وهي التي لا تتطرق اليها الوثائق السياسية.
لوثائق الوقف اهمية كبيرة، لأنها تتعلق بالاحداث الداخلية للكويت، وهي تتعلق بالعلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، ومثل هذه المعلومات لا توجد الا في مثل هذه الوثائق، ومن خلال استعراضها القضاة والوصايا نستطيع معرفة أسماء الاشخاص الذين تولوا منصب القضاء وتاريخ بقاء كل منهم وتحديد أسمائهم:

العدسانيون
1 ــ الشيخ محمد بن صالح بن حسين بن محمد العدساني
(1208 ــ 1225هــ / 1793 ــ 1810م، 1228 ــ 1236هـ / 1813 ــ 182م):
وهو خامس قضاة الكويت، وهو أول قاض من اسرة العدساني ممن يرد اسمه في وثائق الوقف، حيث ورد اسمه في وقفية تعود لعام 1236هـ/ 1821م، ولد في الاحساء عام 1160هـ/ 1747م، وتعلم على علمائها وصل إلى الكويت في حدود عام 1202هـ/ 1787م وسكن مع اسرته في فريج العدساني، تولى القضاء عام 1208هـ / 1793م بأمر من الشيخ عبدالله الأول بن صباح بن جابر، وحدث خلاف بينه وبين الشيخ علي بن عبدالله بن نشوان بن شارخ، فاعتزل القضاء، لكنه عاد إلى القضاء بعد وفاة الشيخ الشارخ عام 1228هـ / 1813م، وأسس له مدرسة خاصة به في حي الوسط، وظل بالقضاء حتى وفاته.
أجمعت المراجع على ان وفاته عام 1233هـ/ 1817م، ولكن الوقفية التي بين ايدينا تحمل توقيع الشيخ محمد، وهي تعود الى تاريخ 29 رجب 1236هـ/ 3 مايو 1821م، فالوثيقة تبين خطأ كل من تلك المراجع التي تناولت القضاء في الكويت، ومن ان الشيباني وضع صورة الوثيقة الا انه لم يتنبه الى التاريخ الموجود عليها، وهي دليل مادي على ان وفاة الشيخ محمد العدساني كانت بعد هذا التاريخ، وربما تكون في العام نفسه.

2 ــ الشيخ عبدالله بن محمد بن صالح العدساني
(1235-1247ه/1820-1857م):
من مواليد حي العداسنة في الكويت عام 1200ه/1785م، تلقى تعليمه على يد والده، تولى القضاء بعد وفاة الشيخ ابن شارخ ومكث بلا قضاء ثمانية وثلاثين عاماً، وتوفي عن عمر يناهز الثانية والسبعين.
ولم نجد في وثقائق الوقف سوى ثلاث وثائق تحمل توقيع الشيخ عبدالله بن محمد العدساني، وهي تعود الى الأعوام التالية: 1253ه/ 1837م ، 1263ه/ 1847م ، 1271ه/ 1855م .

3 ــ الشيخ محمد بن عبدالله بن محمد العدساني
(1247-1338ه/ 1857-1919م):
ولد في حي العداسنة عام 1225ه/ 1810م، ودرس على يد والده وعلماء عصره، وتولى القضاء بأمر من الشيخ جابر الأول بن عبدالله بن صباح وبعد وفاة والده، وهو أطول من تولى القضاء عمرا من اسرة العدساني، حيث ظل متقلداً هذا المنصب اثنين وخمسين عاماً، وهذا يفسر لنا كثرة الوثائق التي تحمل اسمه، ومعظم وثائق الوقف الكويتية تعود الى فترته، أما أقدم وثيقة تم العثور عليها والتي تحمل ختم الشيخ محمد بن عبدالله العدساني فتعود الى تاريخ 1من رجب 1277ه/ 13 يناير 1861م، أما آخر وثيقة تحمل ختمه فتعود الى تاريخ 19 ذي القعدة 1339ه/ 15 يوليو 1921م.
وبناء على ذلك لنا أن نصحح المعلومة الواردة في المراجع التي تناولت تاريخ وفاة الشيخ محمد بن عبدالله العدساني، حيث أشار الشيخ يوسف بن عيسى القناعي الى انه تولى القضاء من سنة 1274-1338ه حتى 1857-1919م، وقد نقل عنه هذه المعلومة كل من عبدالله الحاتم وابراهيم الشيباني، واستناداً الى الوثيقة السابقة نستطيع القول إنه كان لا يزال حياً في شوال 1339ه/ يونيو 1921م، ولغاية منتصف ذي القعدة 1339ه/ يوليو 1921م ، حيث قام بتحرير هاتين الوثيقتين.
ومما يعزز هذا الرأي الوقفية التي زودنا بها المؤرخ سيف مرزوق الشملان، والتي حررها الشيخ محمد بن عبدالله العدساني بتاريخ 20 من رجب 1340ه/ 19 مارس 1922م، وهذا يجعلنا نجزم بأن ما ورد حول تاريخ وفاته غير صحيح وتاريخ وفاته لا بد ان يكون بعد هذا التاريخ.
أما عن الوقفية التي حررها خلفه عبدالعزيز بن محمد العدساني بتاريخ 1338ه/ 1920م وعن كيفية التوفيق بين الوثيقتين فنستطيع القول إنه ربما تخلى عن القضاء بسبب كبر سنه، وعاش بعدها بضع سنين واصل خلالها تحرير الوقفيات بدليل الوقفية التي بين أيدينا.

4 ــ الشيخ عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله العدساني
(1338-1339ه/ 1919-1921م):
ولد في حي العداسنة عام 1288ه/ 1871م وتربى في بيت علم ودين، ودرس على يد والده وعلماء عصره، وتولى القضاء لعام واحد بعد والده، كما كان يساعد والده في الأمور القضائية منذ عام 1335هـ / 1917م، حيث كان يساعد في كتابة الوثائق الشرعية وتحريرها، وظهر اسمه بصفته قاضياً على آخر وثيقة تعود لتاريخ 16 ربيع الأول 1338 هـ / 9 ديسمبر 1919م، وظهر اسمه على آخر وثيقة تعود لتاريخ 11 جمادى الآخر 1339 هـ / 20 فبراير 1921م.

5 - الشيخ عبدالله بن خالد بن عبدالله العدساني
(1339 - 1348 هـ / 1921 - 1929م)
من مواليد الكويت عام 1290 هـ / 1873م، والده هو أخو الشيخ محمد بن عبدالله العدساني، ولم يتول القضاء، ولكنه كان يساعد أخاه بالكتابة وبالشهادة على الوثائق الشرعية، عين مفتياً للكويت، وقام بمراجعة الوثائق الشرعية الصادرة عن القضاة وتدقيقها، وأول وثيقة قام بمراجعتها الشيخ محمد بن عبدالله العدساني بتاريخ 18 ذي القعدة 1337 هـ / أغسطس 1921م، كما قام بتدقيق كل الوثائق الصادرة عن ابنه عمه الشيخ عبدالعزيز بن محمد العدساني، حيث كان الوثائق تذيل بالعبارة التالية: صحيح عبدالله بن خالد العدساني مفتي الكويت، ثم يضع ختمه أسفل العبارة. ولما توفي الشيخ عبدالعزيز تولى القضاء عام 1339 هـ / 1921م واستمر قاضياً طوال عشر سنوات، وظهرت أول وثيقة تحمل ختمه بصفته قاضياً في 11 شوال 1339 هـ / 18 يونيو 1921م، أما آخر وثيقة تحمل اسمه فهي بتاريخ 24 جمادى الآخر 1348 هـ / 27 نوفمبر 1929م، توفي في أول رمضان 1348 هـ / 31 يناير 1930م.
ويعتبر الشيخ عبدالله بن خالد العدساني آخر من تولى القضاء من أسرة العدساني، تلك الأسرة تولت منصب القضاء لمدة 178 عاماً، ولا نعلم على وجه الدقة مدى تعمق القضاة في الكويت بالعلوم الشرعية، وهذا الشيخ يوسف بن عيسى القناعي يكشف لنا جانباً من ذلك بقوله: «لم أقف على مبلغ علمهم، ولا أعرف شيئاً عنهم بوجه صحيح، سوى محمد بن عبدالله وابنه عبدالعزيز، فإنهما تصديا للقضاء بالإرث لي بالعلم والأهلية، فلهذا صارت الأحكام في زمنهما مهزلة وألعوبة عاملهما الله بعفوه، أما سيرة القضاة المتقدمين فالمسموع انها سيرة طيبة، ولم يذكر عنهم شيء مخالف للشرع، وأشاد الشيخ يوسف بكل من خالد بن عبدالله ووصفه بأنه كان فقيها ونحوياً، كما مدح الشيخ عبدالله بن خالد العدساني بقوله: واستفاد منه خلق كثير».
أما المؤرخ عبدالعزيز الرشيد فله رأي مغاير تماماً لما رآه يوسف بن عيسى، فيصف عبدالله العدساني بقوله: «مضى لقاضي الكويت عبدالله بن خالد العدساني وقت طويل وهو متربع على منصة القضاء الذي اتخذه كالكرة يتقاذفها بصولجانه غير مبال باستغاثة الحق من باطله، ولا يتألم الأخلاق من مجاهرته، وكانت ساحة محكمته سوقاً رائجا لشنائع الرشوة التي قلما سلم منها أحد المتخاصمين، مما كان حديث الكويتيين في عامة مجالسهم... توفي في رمضان سنة 1348 هـ، فاستراح بموته من الإثم وأراح عبادالله من الشرور...».

6 ــ الشيخ عبدالله بن خلف الديحان
(1348 - 1349 هـ/ 1930 - 1931م):
ولد في الكويت في 28 شوال 1292 هـ/ 27 نوفمبر 1875م، كان والده من سكان المجمهة بنجد، هاجر الى الكويت في حدود عام 1285 هـ/ 1868م، درس الشيخ عبدالله القرآن على يد والده، وتتلمذ على يد علماء الكويت والزبير، وهو اول من تولى الامامة في مسجد البدر، عندما توفي عبدالله بن خالد العدساني ظل منصب القضاء شاغرا لاشهر، فعرض عليه بعض المهتمين تولي القضاء، ولكنه رفض، ولكنه قبل القضاء عندما الزمه اياه الشيخ احمد الجابر حاكم الكويت (1339 - 1369 هـ/ 1921 - 1950م)، ولم يأخذ اجره عليه، وذلك في عام 1348 هـ/ 1929م، ويقال انه جعل مجلس القضاء في ديوانه او مجلسه ولم يذهب للمحاكم، ولكنه سرعان ما انتقل الى جوار ربه في 28 رمضان 1349 هـ/ 17 فبراير 1931م.
وبالرجوع الى الوثائق الوقفية وجدنا هناك ثلاث وثائق مذيلة بختم الشيخ عبدالله الخل، وهي تعود الى التواريخ التالية: 8 شعبان 1327 هـ/ 25 اغسطس 1909م، 10 ربيع الثاني 1328 هـ/ 21 ابريل 1910م، 1 جمادى الاولى 1340 هـ/ 31 ديسمبر 1921م. كما توجد وثيقة اخرى نشرها المؤرخ سيف مرزوق الشملان في كتابه اعلام الكويت وتعود لتاريخ 1 ذي القعدة 1331 هـ/ 2 اكتوبر 1912م.
وربما يتساءل بعض المهتمين كيف للشيخ عبدالله ان يحرر هذه الوقفيات قبل توليه القضاء، وهل اخطأ المؤرخون في تحديد سنة توليه القضاء؟ والذي نعتقده ان المؤرخين لم يخطئوا في تحديد سنة توليه القضاء، لان الشيخ يوسف بن عيسى قد عاصر الشيخ الدحيان واحتك به وعلم كثيرا من احواله، فمجال الخطأ هنا مستبعد في هذه الحالة، وتفسير ذلك ان معظم تلك الوثائق عبارة عن وصايا، ونرى ان الوضع في السابق كان يجيز لاي شخص ان يتوجه الى الشيخ الذي يميل اليه، فيأخذ معه الشهود ويشهد بذلك امام الشيخ، ويقوم الشيخ بتحرير الوصية، وتذييلها بختمه.
وبناء على ذلك فاننا نستبعد رأي ابراهيم الشيباني وبراك المطيري اللذين اوضحا ان الشيخ الدحيان تولى القضاء عام 1343 هـ/ 1924م، استنادا الى وثيقة تعود الى العام نفسه، والغريب انهما اوردا وثيقة اخرى اقدم منها، وتعود لعام 1327 هـ/ 1909م، ولكنهما لم يحددا سنة توليه القضاء بعام 1327 هـ، لانها الاقدم، ولكن اذا نظرنا في نص الوثائق السابقة فسنجدها عبارة عن وصايا، وهذا يؤكد ما ذهبنا اليه.
والذي يعزز هذا الرأي ان هناك وصايا اخرى كتبها شيوخ آخرون مع انهم لم يتولوا منصب القضاء من امثال الشيخ محمد بن عبدالله الفارس، وهناك وصية يتيمة تعود للشيخ الدحيان اثناء تقلده منصب القضاء وتعود الى تاريخ 6 ذي الحجة 1348 هـ/ 5 مايو 1930م.

7 ــ الشيخ عبدالعزيز قاسم حمادة
(1352 - 1365 هـ/ 1932 - 1946م):
يتحدر الشيخ حمادة من اسرة اشتهرت بالتعليم، حيث كان والده يملك مدرسة لتعليم الصبيان، وكانت لعمته موزة حمادة مدرسة لتعليم البنات القرآن والكتابة، ولد عبدالعزيز في حي القبلة في فريج سعود عام 1314 هـ/ 1896م وحفظ القرآن الكريم في مدرسة والده ثم تتلمذ على يد شيوخ الكويت والبحرين والاحساء، وبعد ذلك تولى التدريس بمدرسة والده، فأدخل فيها تدريس مبادئ الفقه واللغة العربية وتفسير القرآن، وبعض علوم الحساب كحساب الغوص والسفر، واستعان ببعض الشخصيات لتعينه على ذلك، منهم الشيخ أحمد عطية الأثرى، كما عمل اماماً في بعض مساجد الكويت، تولى القضاء في عام 1372-1352هــ 1951-1932م وطلب أن يعين له مساعداً، فاختار الشيخ أحمد الأثرى ومن أهم الاقتراحات التي قدمها انشاء دائرة تهتم بشؤون الوقف 1948 تهتم بصرف رواتب الائمة والمؤذنين، وتشرف على بناء المساجد وصيانتها، كما اقترح انشاء دائرة للأيتام لحفظ أموال اليتامى واداراتها واستثمارها 1949 وكانت الادارتان تحت اشراف رئيس المحاكم الشيخ عبدالله الجابر الصباح.
واستقال الشيخ حمادة من القضاء عام 1365 هــ 1946 وقام بتدوين خطبه التي ألقاها على مدى أربعين عاماً، وكان له حديث في اذاعة الكويت منذ الخمسينات وحتى وفاته، كما التحق بسلك التدريس في المعهد الديني خلال الفترة ما بين 1961-1951 مدرساً خلالها للفقه المالكي وعلوم الحديث والتفسير، ثم انتقل الشيخ حمادة الى جوار ربه في 27 ربيع الآخر 1382هــ/ 26 سبتمبر 1962، وتوجد ثلاث وثائق تحمل توقيع الشيخ عبدالعزيز حمادة.

القضاة الشيعة
أما القضاة الشيعة، فكان لهم نصيب في وثائق الوقف الكويتية، وقد ورد ذكر اسمين من قضاة الشيعة هما:

1 - الشيخ محمد المهدي الموسوي
(1338-1334هــ/ 1920-1916م):
هو الشيخ محمد مهدي الموسوي القزويني، قدم الى الكويت من النجف عام 1327هــ/ 1908م، وعين مرجعاً دينياً للشيعة بعد وفاة الشيخ محمد موسى المزيدي، وشارك في عدة جلسات للحوار والتقريب بين المذاهب الاسلامية مع الشيخ يوسف بن عيسى، وبعد سبعة عشر عاماً توجه الى البصرة في حدود عام 1952 حيث مكث هناك الى أن توفي عام 1357هــ/ 1939م.
والظاهر من الوثائق الوقفية التي بين أيدينا أن أول ظهور للقاضي الشيعي قد كان في عام 1334هــ/ 1916م ليقوم بخدمة الجالية الشيعية، ويستمر الشيخ الموسى حتى تاريخ 1338هــ/ 1920م وهناك وقفتيان موقعتان بتوقيع الشيخ الموسوي.

2 - الشيخ ابراهيم بن محمد المزيدي
1375-1364هــ/ 1956-1945م):
وينحدر الشيخ المزيدي من أسرة علم وأدب، وأول من قدم منهم من الحلة الى الكويت هو الشيخ موسى بن محمد المزيدي بطلب من الشيعة في الكويت قبل أكثر من مائتي سنة، لينظر في الأمور الفقهية للمذهب الجعفري، فصار مرجعاً لهم. ثم ارسل ابنه محمد الى النجف لتلقي العلوم الدينية، وسلك في ذلك مسلك والده وصار محمد من أبرز علماء الكويت الشيعة، ومن أشهر أعماله بناء مسجد المزيدي في مدينة الكويت، كما ارسل ولديه زين العابدين وابراهيم الى النجف، فخلف الشيخ ابراهيم والده محمد في تولي القضاء الجعفري، واتخذ الشيخ ابراهيم من ديوان مسجد المزيدي مقراً له للفصل في الخصومات، وحل المشاكل ولتسجيل عقود الزواج والطلاق والوصايا. ويعتبر الشيخ المزيدي هو ثاني قاض شيعي يظهر في وثائق الوقف بعد الشيخ محمد الموسوي، ويقول الشيخ عبدالله الجابر الصباح في مقابلة صحفية انه بعد وفاة الشيخ ابراهيم في الكويت عام 1960، اسند القضاء الشيعي الى السيد جواد القزويني، ثم جاء الشيخ حبيب بن الشيخ ابراهيم المزيدي الذي كان قاضيا شرعيا في محاكم الكويت. وهناك اربع وثائق مذيلة بتوقيع الشيخ ابراهيم المزيدي.

فئات المجتمع
وبدراسة وثائق الوقف يمكننا ان نلخص فئات المجتمع الكويتي الى التالي:
أ ــــ الحكام: وهم اسرة آل الصباح، وهم من قبيلة عنزة، وقد هاجر العتوب المكونة من آل الصباح وآل الخليفة وآل الجلاهمة وغيرهم من مواطنهم الاصلي في اقليم الهدار بنجد، وعندما استقر بهم المقام في الكويت اجمعوا امرهم على اختيار صباح الاول حاكما عليهم، وحكم من بعده اولاده، وحكم الكويت منذ ذلك العهد وحتى الآن ثلاثة عشر حاكما من هذه الاسرة الكريمة. وكل من ينتمي الى هذه الاسرة يحمل لقب شيخ بما في ذلك حاكم الكويت.
وورد ذكر الشيوخ في الوقفيات بصفتهم شهودا على احدى الوقفيات، حيث شهد على الوقفية ثلاثة من ابناء الاسرة، كما ورد اسم حاكم الكويت الشيخ مبارك مرتين كونه بائعا لقطعتين من الارض في عام 1331 هــ / 1913م. بينما ورد اسم حاكم الكويت الشيخ احمد الجابر الصباح ثلاث مرات بصفته شاهدا على الوقفيات.
ب ــــ التجار: نستدل من الوقفيات على ان هناك فئة كبيرة يمكن تصنيفهم من ضمن طائفة التجار، وهؤلاء يختلفون في الثراء، وهناك على سبيل المثال وقفية تعود لهلال فجحان المطيري وهو من اكبر تجار اللؤلؤ (الذي يعرف محليا باسم الطواش) عندما اوقف عشرين دكانا على مسجد هلال وعلى الامام والمؤذن، ونظرا لضخامة الوقف ومكانة الواقف فقد شهد عليها ثلاثة من ابناء الاسرة الحاكمة بمن فيهم الحاكم الشيخ سالم المبارك الصباح، وذلك في عام 1336 هــ/ 1918م.
وهناك وقفية لتاجر آخر هو فهد خالد الخضير الذي اشترى خمسة دكاكين، ثم اوقفها على مسجد يعقوب الغانم وذلك في عام 1310هــ/ 1893 م.
ج ــ العوام: ومثل هؤلاء نجدهم يمرون بكثرة في الوقفيات، وتحدثنا فيما سبق عن بعض اولئك.
د ــ التوابع: وهو المصطلح الذي اطلقته الوقفيات على العبيد او الارقاء وتكشف لنا الوقفيات طبيعة العلاقة التي كانت تربط فئات المجتمع بعضهم ببعض، ونستطيع ان نقول ان اهالي الكويت كانوا يتقاطرون على تحرير هؤلاء من رق العبودية الى نعم الحرية رغبة منهم في الثواب والاجر، وتقرباً الى وجه الله تعالى.
وتظهر لنا أن معاملة الكويتيين لمن تحت يدهم كانت بمنتهى الرحمة والرأفة. فهذا احدهم يمنح جارية ابيه الملقبة زعفران بيتاً من بيوته في عمان 1302 هــ/ 1884م. وهذا يوسف المطوع يقول في وصيته «أما العبدة ياسمينوه بعد وفاتي فهي حرة لوجه الله وتعطا (كذا) ثلاثين ريال من الثلث».
وهذه ميثة بنت مصبح تعتق عبدها بخيت وزوجته ورده الله وتعطيهم مبلغاً من المال بالاضافة الى بيت لهما، وذلك في 1336هــ / 1917م. وكان للارقاء مطلق الحرية في التصرف بما يملكونه من مال وعقار، فمنهم من اوقف وحبس عقاره على بناته، كما فعل شخص يقال له فرج، وذلك في عام 1328هــ/ 1910م ومنهم من باع ما كان يملكه.
هــ الشيعة: تلقي الوقفيات بأضواء على الجالية الشيعية التي وجدت في الكويت، وقد بينا فيما سبق بعض القضاة الشيعة ممن حرروا بعض الوقفيات، وهذا يدل على قيام هذه الجالية بعمليات الوقف شأنهم في ذلك شأن السنة. ونلاحظ ان اوقاف الشيعة انحصرت على الحسينيات والمساجد، وهذا عيسى القطان يشتري بيتاً في عام 1307هــ/1890م، وبعد وفاته قام ابنه عبدالعزيز وأوقف البيت على مسجد الاحسائية المعروف بمسجد الصحاف وجعل الولاية الحاج ميرزا علي بن الحاج ميرزا موسى الحائري وذلك في رمضان 1354هــ/1935م.
كما أوقف حجي جمعة بن حجي عيسى المحسن البيت الذي اشتراه في محلة البحارنة ليكون سكنا للامام، واذا غاب فيؤجر ويصرف ريعه على مسجد البحارنة وفي عام 1336هــ/ 1918م. وهذا اسماعيل بن عباس يشتري بيتاً في الميدان، ويوقفه على الحسينية الخزعلية وذلك في غرة شعبان 1338هــ/20 ابريلم. كما اوقف بلال بن شتان بيته الكائن في حي الشرق على نفس الحسينية في عام 1368هــ/ 1949م.
كما ذهب عبدالله بن جمال وشهد بأن احد الدكاكين هو وقف على مسجد الصحاف الموجود في محلة ابن محميد، وبناء على ذلك حرر القاضي محمد بن عبدالله العدساني الوقفية في رجب 1330 ه‍ / يونيو 1912..
اما صالحة بنت عوض فقد اوقفت بيتها لتصرف منافعه في تعزية الامام الحسين رضوان الله عليه، وذلك في عام 1335 ه‍ / 1917م.

أنواع الأوقاف التي انتشرت في الكويت
1- تشير الوثائق إلى أن المحسنين من أهل الكويت كانوا يبنون المساجد كونها وجهاً من أوجه عمل الخير والبر، حيث كان بعض الموسرين يخصصون ثلث تركاتهم لبناء المساجد تقرباً إلى الله تعالى. ونلاحظ في الوقفيات عدة حالات يكون فيها الواقف غير المؤسس، ويقوم الأول بوقف بيت أو دكان على المسجد. ولم يكتفوا بذلك فقط، ونلاحظ أنهم اهتموا أيضاً بالامام والمؤذن، وخصصوا لهما دوراً لسكناهم، أو لتعمير مساكنهم أو لدفع مرتباتهم.

2- نلاحظ حرص بعض الأهالي على توفير المواد الغذائية اللازمة للمحتاجين، أو اقامة وجبات طعام وتقديمها للفقراء في بعض الأيام الفضيلة، أو توزيع لحم الأضاحي على ذوي الحاجات في ايام عيد الأضحى، ويتكرر ذلك في عبارات «إطعام وعشيات وضحايا».

3- وتعرفنا أن من الأهالي من جعل الباب مفتوحاً للقيام بأي وجه من وجوه الخير، أو بأي عمل يعود بالخير والمنفعة والرحمة على الميت.

الأوقاف الخاصة
1- وقف الحظرة: وهي وسيلة من وسائل صيد الأسماك المنتشرة في الكويت، والجمع حظرات أو حظور، وهي عبارة عن حظيرة تنصب من أعواد القصب تقام بالقرب من الساحل، وعند ارتفاع المد تدخل الأسماك بداخلها وتتيه بين حواجزها، وهناك عدة وقفيات تتعلق بوقف الحظرات نأخذ منها على سبيل المثال: أوقفت فهيدة خليف حظرتها الموجودة في الدمنة على عشيات وضحايا لها ولاخيها مثيب ولوالديهما في عام 1283ه /1866م.

2- وقف البكشة: أو البقشة، وهي كلمة محرفة عن الكلمة التركية «باغجه» أي الحديقة، وانتشرت هذه الكلمة عند سكان جزيرة فيلكا التي كانت تنتشر فيها

معرفة قيمة العقار
تساعدنا الوقفيات على معرفة نوع العقار، وتحديد قيمته سواء كان بيتا او دكانا فاذا كانت الوقفية عبارة عن بيع وشراء فقد كان القاضي يحدد المنطقة التي يقع فيها ويذكر الحدود الاربعة: القبلة والشرق والشمال والجنوب، ثم يذكر قيمة البيع، ونستطيع ان نعرف هنا قيمة العقار في كل منطقة من مناطق الكويت و بعمل مقارنة صغيرة يمكننا تحديد المناطق الغالية من الرخيصة، ومثال ذلك اشترى خالد بن فايز بن خميس من مطرة ومن امها هدية بيتهما الواقع في محلة (فريج) المطبة بثمن وقدره مائة روبية في سنة 1335 هـ / 1917 م بينما بلغت قيمة الارض في محلة النقود 400 روبية في عام 1331 هـ / 1913 م.






رد مع اقتباس