عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-07-2011, 11:24 AM
الصورة الرمزية bo3azeez
bo3azeez bo3azeez غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: ديرة بو سالم
المشاركات: 461
افتراضي

في ليلة 2/8/1990م كان الغزو العراقي الآثم لأرض الكويت وعاصر اختيار البديل الدبلوماسي، استبعاد البديل العسكري تماما، محليا وخليجيا وعربيا ودوليا، فلم يستنفر الجيش، ولم يتخذ مواقف دفاعية، ولم يخرج من الثكنات، ولم تتم أى توعية جماهيرية لإحتمالات حرب وشيكة الوقوع.
وفي حديث للفريق المتقاعد/ جابر الخالد الذي كان رئيس الأركان العامة للجيش الكويتي لجريدة الوطن (العدد 6854 بتاريخ 12/3/1995م) ذكرأن: «كلمة إنهيار غير مقبولة بحق الجيش الكويتي، لأنه لم يكن في حالة إستعداد حتى يمكن أن تنطبق عليه أي درجة من درجات الإنكسار أو الإنهيار. فالقوات المسلحة لم تستلم أوامر القتال إلا في عشية الغزو في الثاني من أغسطس 1990م، وتحديدًا في الساعة 2.30 مساء (صباحًا).
وبإضافة الوقت اللازم للتعميم على الوحدات، وهو في حدود 30 دقيقة، كانت أوامر القتال الفعلية في متناول الوحدات العسكرية المختلفة في حدود الساعة الثالثة صباحا. ولذلك لا يمكن أن نقيس ما حدث لقواتنا بمصطلحات مثل الهزيمة والإنهيار. فهذه يمكن إطلاقها على قوات مسلحة اتخذت درجات استعدادها القتالي وقامت بالانفتاح لمواجهة العدو.. وكقيادة عسكرية أتحمل مسؤوليتي بما حدث في الثاني من أغسطس، ولكن هناك حدود للمسؤوليات.
ويقودنا الأمر بالضرورة للحديث عن القرار السياسي فيما حدث. ولست هنا في معرض الحديث عما كان يدور في أذهان القيادة السياسية في ذلك الوقت. ولكن لظروف إطلاعي على تطورات الموقف فإنني لا أستطيع أن أعزل تأثير تلك التطمينات التي وردت للقيادة السياسية من جهات مختلفة تجمعها بالكويت أوثق الأواصر، حيث أكدت جميعها عدم تطور الموقف إلى غزو، وتم الطلب من القيادة السياسية بعدم تحريك الموقف، وقدمت شبه ضمانات بعدم إحتمال الاعتداء العسكري على الكويت، وما حدث كان منطقيا بالنظر للخدعة السياسية التي مارسها النظام العراقي على جميع من توسطوا بالأزمة.
وذلك كله في الوقت الذي بلغ فيه حجم الحشود العراقية على الحدود الكويتية (في 30/7/1990م) 100 ألف مقاتل، 300 دبابة، 300 قطعة من المدفعية الثقيلة. وانبنى إستبعاد الخيار العسكري على المعطيات التالية:
1 – المواجهة العسكرية مع العراق لم تكن ممكنة، بالنظر إلى محدودية إمكانات الجيش الكويتي الذي لم يجاوز عشية الغزو ثمانية آلاف مقاتل، فالمواجهة كانت عملية إنتحارية لا جدوى منها. وقد ذكر سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء أنه من حسن الحظ أن القوات الكويتية لم تشتبك مع القوات العراقية. أن هذه الأخيرة بإمكانها تصفية جميع القوات المسلحة الكويتية والالتفات بعد ذلك إلى الكويت ذاتها.
2 – لم تكن هناك – في ذلك الوقت – أي إتفاقية أمنية بين الكويت وأي دولة أخرى، ذلك أن إتفاقية 19/6/1961م بين الكويت وبريطانيا قد ألغيت سنة 1971م، وكانت إتفاقية 19/61م تنص على أن: («ج» – عندما يكون ذلك مناسبا فإن الحكومتين ستتشاوران مع بعضهما في الأمور التي تهم البلدين. «د» – لا شيء في هذه النتائج سيؤثر على إستعداد حكومة صاحبة الجلالة في مساعدة حكومة الكويت إذا طلبت حكومة الكويت مثل هذه المساعدة).
3 – ولو أن الكويت إستعانت بقوات أجنبية، لما كان من الممكن جلب هذه القوات ووضعها في الموقع الملائم في الوقت المناسب بالنظر إلى ضخامة القوات العراقية التي كانت محتشدة على الحدود العراقية الكويتية.
4 – الأفكار التي كانت تعيشها الكويت آنذاك حكومة وشعبا (الأمة العربية، القومية العربية، عدم الإنحياز) والتي كانت تتعارض مع الإتجاه نحو السعي إلى طلب دعم عسكري خارجي، وبصورة خاصة الدعم العسكري غير العربي.
5 – الخشية من إستثارة النظام العراقي، والرغبة في عدم إعطائه الذريعة للقيام بأي عمل عسكري.
6 – الرغبة في إعطاء الفرصة للحل الدبلوماسي للأزمة، وفي الحفاظ على علاقات الكويت بالدول العربية الصديقة التي تساند هذا التحرك السلمي وتضغط على الكويت للقبول به، وبعبارة أخرى التخوف من أن تجد الكويت نفسها وقد انعزلت عن سائر الدول العربية والخليجية.
7 – عدم فعالية اتفاقية الدفاع العربي المشترك في نطاق جامعة الدول العربية، وضعف هذه الجامعة ذاتها وتراخي التعاون بين أعضائها، على خلاف الحال سنة 1961م أثناء أزمة عبدالكريم قاسم.
فقد جاء في أقوال الشيخ صباح الأحمد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية: «والله مالنا بد من هذا – أي الأسلوب العربي الدبلوماسي – ما في خيار لك أكثر من هذا…. يعني قد يكون كانت نياتنا حسنة، صحيح عندنا السلاح موجود، لكن سلاحنا كله في المراكز، ما طلعوه برة بناء على تعليمات الإخوان كلهم مصر والسعودية والأردن، أرجوكم أن لا تعملوا إستنفار بالجيش».
وأفاد السيد/ ضاري العثمان وزير العدل والشؤون القانونية آنذاك: «أنا أعتقد عدوان من هالنوع لا يمكن بأي حال من الأحوال من خلال فهمي المحدود بطبيعة الأعمال العسكرية بأن يواجه من قبل الكويت والقوات المسلحة الكويتية وحتى السعودية، يعني القوة العراقية لا يمكن مجابهتها من قبل الكويت ولا حتى من قبل المملكة العربية السعودية…. إننا نحن مهما حاولنا نجهز قواتنا فراح تكون النتيجة بالنسبة للكويت مكلفة وباهظة وقاسية جدا..
لو هيئت القوات الكويتية لتتوقع هجوما محتملا من العراق آخذا بالإعتبار الوضع الجغرافي للعراق والكثافة السكانية لها والوضع الجغرافي للكويت والكثافة السكانية لها، لما كان هناك صمود أكثر من خمسة أيام هذا في حالة إذا كانت الجاهزية الكويتية عالية.. أنا شخصيا بالرغم من أنني كنت من أكثر المتشائمين وممن كانوا يتوقعون أن العراق سيتجاوز الحد المألوف بالنزاعات الحدودية بس مع ذلك لو قالوا لي والله تتخذ قرارا بإستدعاء القوات الأمريكية، أنا سأقول لا، لأنه مو معقول أن كل هذا التراث من العلاقات سينسف بين ليلة وضحاها، ويقدم العراق على ما أقدم عليه الخيار العسكري ما كان واردا إطلاقا كان الخيار الوحيد في ذلك هو الخيار السياسي والخيار السياسي ضمن جامعة الدول العربية».
وأفاد السيد/ عبدالرحمن العوضي وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء آنذاك: «يا معود، خلو الموضوع لا تصعدونه، حتى جيشنا المسكين كان محكورا في معسكرات حتى ما أعطي فرصة إنه يكون في حالة هجوم، وجيشنا أعطى إجازة… لأن القرار كان سياسيا ولم يكن قرارا عسكريا… القرار السياسي كان رافضا مبدأ الحرب، مو قابل أن الحرب واقع».
وأفاد السيد/ سليمان ماجد الشاهين وكيل وزارة الخارجية: «في وزارة الخارجية لم يطرأ حديث عن الإستعانة على الأجنبي، وكان التركيز على الإستعانة بالجامعة العربية، وكان أسبق من هذا الرأي هو حل هذا الإشكال حل سياسي.. أنا في تصوري أن لو الكويت بادرت وطلبت من فرنسا والصين وغيرها بهذه القوات لكان مبرر واضح للعراق بأن والله جابوا لنا إستعمار.. يعني الحكومة لو أقدمت على هذا العمل لخلق إنشقاق كبير ليس داخل المجتمع الكويتي، لكن حتى ضمن أوساطك الخليجية والعربية…
إنت نفسك كدولة لا يمكن أبدا بأي شكل من الأشكال أن تمتلك قوة رادعة للعراق، لأن ذلك الوقت مليون تحت السلاح ونصف مليون مستعدين للقتال، جيشك في ذلك الوقت وكما يؤكد لي ليلة صباح الخميس اللواء الصانع أن ما يتجاوز 7، 8 آلاف». وبهذا المعنى أيضا أفاد أمام اللجنة كل من السيد/ عبدالرحمن سالم العتيقي مستشار سمو الأمير والسيد/ عبدالله يوسف الغنيم وزير التربية آنذاك.
فاستبعاد الخيار العسكري كان إذن قرارا سياسيا.
«كلنا مخطئون، مافي أحد بريء» – هكذا قال السيد/ ضاري العثمان أمام اللجنة: «إذا أردنا أن نمارس التقييم الأمين والموضوعي والتاريخي والمجرد، فعلينا أن لا نبدأ بــ 2/8 حيث كنا حلقة من حلقات مسلسل مرعب بدأ من وقت ما تسلم صدام حسين السلطة بدأ من وقت ما كنا نروج أشرطة صدام حسين لما كان يقوم هذيله ويعدمهم، وكنا إحنا نستانس،
هذي الحقيقة. فلذلك لما تجيب مسؤول سنة 1990م لا تنسى أنه تربى 12 سنة أو أكثر أو أقل في ظل المدرسة الأخلاقية التي أوجدها صدام حسين بالمنطقة، هذه الحقيقة». ويبدو ان الحكومة الاميركية قد عرضت على الكويت المساعدة العسكرية، وهو ما افاد به سعود الصباح سفير الكويت لدى الولايات المتحدة الاميركية آنذاك، فقد جاء بأقواله ما يلي:
«كنت على اتصال دائم مع وزارة الخارجية الاميركية، مع الاستخبارات الاميركية، مع البيت الأبيض، ومع وزارة الدفاع حول هذه الامور، وأقولها بكل امانة بأن جميع هذه الاجهزة كانوا يطلعوني اولا بأول بكل ما يحدث من تصعيد ومن حشود عراقية على الحدود التي تلت تقديم هذه المذكرة، وكنت على اتصال دائم مع حكومتي في هذا الموضوع».
«وكانوا الاميركان على استعداد وعرضوا علينا كما عرضوا على الامارات، لو تذكرون بأن التهديد كان موجه ضدنا وضد الامارات. بأن قوات 87 جاهزة للانتقال للكويت. طبعا تقييم الاخوان والمسؤولين في الكويت بأن هذا الموضوع فيه نوع من المخاطرة السياسية، لإننا لا نستطيع ان نستدعي قوات اميركية في هذه الظروف لوجود تأكيدات عربية، وفيه رأي عام كويتي، هذا الامر يحتاج الى نوع من التريث ومزيد من التشاور».
«إحنا – اي الاميركان – كأصدقاء وحلفاء لكم مستعدين بإرسال قوات الى الكويت فورا».
«لكن احب ان اؤكد شيئا واحدا ان الاميركان عرضوا علينا ارسال قوات، ولكن احنا بالظروف اللي كنا فيها يمكن ما كنا نستطيع ان نقبل فيها».
«أنا – اي مساعد وزير الدفاع لشؤون التخطيط بول ولفوبش – ليس سياسي، انا مخطط عسكري، واحنا نشوف الوضع العسكري القائم على الخريطة أمامنا، الوضع العسكري لا يبشر بخير، ولذلك يجب ان تتخذوا التدابير اللازمة عربيا او اذا اردتم نحن حاضرون».
ويضيف سعود الصباح ان دولة الامارات العربية المتحدة قبلت ارسال قوات اليها، وان تكن رمزية، ويبدو ان ذلك صحيحا:
ففي 25/7/1990م اعلن البيت الابيض ان الولايات المتحدة ارسلت طائرتين قادرتين على تزويد الوقود جوا (طائرتي صهاريج» الى الامارات. وفي 31/7/1990م اثناء جلسة استماع اللجنة الفرعية لأوروبا والشرق الاوسط التابعة للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي، قال جون كيلي (وزير الخارجية المساعد لشؤون الشرق الادنى وجنوب آسيا): «يجري حاليا في الخليج تدريبات على اعادة التزود بالوقود جوا مع دولة الامارات العربية ويتضمن ذلك استخدام ناقلات 135. kc وطائرتي شحن 141- c مزودة بمعدات للصيانة، وقد جاءت تلك التدريبات بعد مناقشات بين الحكومتين ترمي كذلك للتأكيد على اننا نملك القدرة على العمل الفعال مع اصدقائنا في المنطقة.
وفي 1/8/1990م نشرت جريدة الواشنطن بوست الأميركية ان جون كيلي اضاف ان الولايات المتحدة مستمرة في تدريباتها الجوية المشتركة مع الامارات. وقد نفى كل من الشيخ صباح الاحمد وزير الخارجية، وسليمان ماجد الشاهين وكيل وزارة الخارجية وجود مثل هذا العرض الاميركي، واضافا انه ليس من المستبعد ان يكون سفير الكويت لدى الولايات المتحدة الأميركية (الشيخ سعود الصباح) قد نقل هذا العرض الى مستويات اعلى بالنظر الى اهميته.
فقد افاد الشيخ صباح الاحمد: «لم يقدم عرض اميركي في هذا الموضوع حتى نرفضه… لم يعرض علينا هذا الموضوع ولا اذكره في حياتي ان عرضوا علينا الموضوع.. لكن لسؤالك لم يطلب الاميركان فرقة ونحن قلنا لا… يمكن اشياء تتصل بين السفير وسمو ولي العهد وأنا مشغول في زحمة العمل يمكن ما يكون لي علم في الموضوع هذا».
وأفاد سليمان ماجد الشاهين وكيل وزارة الخارجية: «من جانبنا لم يحدث رسميا حسب علمي كوزارة الخارجية بأن نقترب من الأميركان او أي دول اخرى… لم يطرأ حديث على الاستعانة على الاجنبي وكان التركيز على الاستعانة بالجامعة العربية، لم يكن هناك على الاقل بوزارة الخارجية ما يشير الى مثل هذه الاتصالات بشأن اجراء ترتيبات مع الولايات المتحدة»، وعند سؤاله: (ما وصلكم طلب من اميركا، من السفير، عرض)، اجاب: «من زاويتي ولم اسمع ايضا حتى على مستوى اكبر او من خلال وزارة الدفاع، لم تتوفر لي اي معلومة… لم يكن هناك اي عرض حول الموضوع… لم يكن هناك اي تفكير او عرض من الولايات المتحدة او الدول الكبرى لتدخل في هذا الشأن».
ثالثا – ذرائع الغزو العراقي والرد عليها:
يجب ان نفرق بين الاسباب الكامنةالتي دفعت بالنظام العراقي الى غزو الكويت في2/8/1990م، وبين التبريرات او الذرائع التي قدمها للعالم الخارجي، العربي والاجنبي، لمحاولة تبرير فعلته الشنعاء. والأسباب الحقيقية التي تكمن وراء الغزو العراقي الغاشم كثيرة، منها الاوضاع الاقتصادية المتردية داخل العراق على اثر الحرب العراقية الايرانية، وتعذر ادماج القوة العسكرية البشرية في المجتمع المدني بسبب طبيعة نظام الحكام في العراق وهو حكم شمولي يعتمد اساسا على القوة العسكرية.
اما ذرائع العراق او تبريراته للغزو الغاشم، فيمكن تلخيصها في ادعائين:
1- تجاوز الكويت لحقوقها في حقل الرميلة / الرتقة.
2- دور الكويت في انخفاض اسعار النفط.

أ- حقل الرميلة / الرتقة:
ورد في مذكرة وزير خارجية العراق المؤرخة 15/7/1990م والموجهة الى الأمين العام لجامعة الدول العربية ان الكويت «نصبت منذ عام 1980م منشآت نفطية على الجزء الجنوبي من حقل الرميلة العراقي، وصارت تسحب النفط منه، ويتضح من ذلك انها كانت تغرق السوق العالمي بالنفط الذي كان جزءا منه هو النفط الذي تسرقه من حقل الرميلة فقط بين 1980 – 1990، 2400 مليون دولار».
ورد وزير الخارجية الكويتي بأنه: «لا بد من التأكيد بأن هذا الجزء من الحقل يقع ضمن الاراضي الكويتية، وعليه قامت الكويت باستخراج النفط من آبار تقع ضمن اراضيها جنوب خط الجامعة العربية وعلى مسافة كافية من الحدود الدولية وفقا للمقاييس العالمية». وتفصيل ذلك ان الله سبحانه وتعالى عندما وزع الثروات الطبيعية على البسيطة (سواء كانت انهاراً ام بحيرات ام حقول نفط) لم يوزعها على اساس الحدود السياسية، الموجودة اليوم، او الحدود السياسية التي كانت موجودة بالسابق، او الحدود السياسية التي سوف توجد في المستقبل، فالأنهار تجري في اكثر من بلد، والبحيرات تشارك فيها اكثر من دولة، وليس بمستغرب، بالنسبة الى الحقول النفطية، ان يمتد الحقل ويغطي اكثر من بلد.
وحقل الرميلة الرتقة مثال على تلك، فهو حقل مشترك بين الكويت والعراق، ويسمى في الجانب العراقي حقل الرميلة، ويسمى في الجانب الكويتي حقل الرتقة، وعندما يمتد حقل بين اكثر من دولة، فالأسلوب المتبع عادة في استغلال الحقل، هو ان تبعد كل دولة عن الحدود بمسافة كيلو متر، وتحفر كما يحلو لها.
وقد بدأت الكويت عمليات الاستكشاف في حقل الرتقة الواقع في اراضيها في سنة 1967م، ثم توقف الحفر اثر احتجاج العراق، ودرءا للاحتكاك والخلاف بين الدولتين. ثم لاحظت الكويت في 1977م ان العراق بدأ في الحفر في حقل الرميلة متجها تدريجيا نحو الحدود الكويتية الى ان بلغها وتجاوزها بمسافة تزيد على الكيلو متر. وعلى اثر ذلك اتخذ مجلس الوزراء قرارا في سنة 1977م ببدء الحفر في حقل الرتقة الكويتي، وذلك حتى لا يستنزف الحقل من قبل الجانب العراقي، ولوضع حد لتجاوزات العراق وحتى لا يتجه اكثر فأكثر نحو الجنوب داخل الاراضي الكويتية.
وبدأ الانتاج في نهاية سنة 1977م وبداية سنة 1978م، ومجموع الآبار التي حفرتها الكويت ثمانية آبار (بالمقابل لمئات الآبار في الجانب العراقي)، وهي تبعد مسافة من 2 الى 2.5 كيلو متر داخل الحدود السياسية المعترف بها في اتفاق سنة 1963م. وكان انتاجها في البداية في حدود 20 الف برميل يوميا، ثم انخفض الى معدل 11 الى 12 الف برميل يوميا، وهي كميات قليلة جداً كانت تستخرجها الكويت من باب اثبات الحق، فضلا عن ان النفط المستخرج من حقل الرتقة رديء النوع (ثقيل وكمية الكبريت فيه مرتفعة).
وكان العراق يعرف كل ذلك ولم يحتج عليه، ولما تم ترسيم الحدود ظهر ان جميع الآبار التي حفرتها الكويت تدخل ضمن الأراضي الكويتية، بل دخلت ضمنها ايضا بعض الآبار العراقية رغم انها تقع شمال الآبار الكويتية بمسافة من 1.5 الى 2 كيلو متر. ويلاحظ كذلك ان حقل الرميلة جزؤه الاكبر يقع في العراق، وجزء بسيط منه يقع داخل الحدود الكويتية (الرتقة)، وميلان الأرض تجاه الكويت لا يساعدها على زيادة الانتاج لأن النفط في هذا الحقل (الرميلة / الرتقة) لا يوجد بصورة سائلة ولكن في مسام التربة، لذلك كانت كمية الضخ من الجانب العراقي اكثر من مائة ضعف بالنسبة الى كمية الضخ من الجانب الكويتي.
(من اقوال علي الخليفة ورشيد العميري امام اللجنة)

بل ان البعض يرى ان حقل الرميلة يختلف تماما عن حقل الرتقة، وهو ما اكده الجيولوجيون في دراسات مختلفة، كما ان نوع البترول المستخرج من الرتقة يختلف عن نوع البترول المستخرج من حقل الرميلة (تعقيب الدكتور عبدالله محارب على ورقة الدكتور عبدالمالك التميمي – العلاقات الكويتية العراقية 1921م – 1990م – دراسة تاريخية – عالم المعرفة – العدد 195 – ص79).
ب- اسعار النفط:
كان من بين ما ورد في مذكرة وزير خارجية العراق الى الأمين العام لجامعة الدول العربية، والمؤرخة 15/7/1990م ان حكومتي كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة نفذ «عملية مدبرة لاغراق سوق النفط بمزيد من الانتاج خارج حصتهما المقررة في الأوبك… وقد ادت هذه السياسة المدبرة الى تدهور اسعار النفط تدهورا خطيرا… ادت تصرفات حكومتي الكويت والإمارات الى انهيار سعر الحد الادنى المتواضع الذي تم الاتفاق عليه في الاوبك اخيرا وهو 18 دولارا للبرميل الى ما بين 11-12 دولارا للبرميل… مما يعني خسارة العراق لعدة مليارات من دخله لهذه السنة (1990م).. ان من تعمد هذه السياسة بصورة مباشرة ومكشوفة او من آزرها او دافع عنها، انما ينفذ جزءا من المخطط الامبريالي الصهيوني ضد العراق والأمة العربية».
واتهام العراق للكويت بالعمل على تدهور اسعار النفط لم يكن وليد هذه المذكرة. فقد ذكر رشيد العميري وزير النفط الكويتي آنذاك انه في 10/11/1990م عقد اجتماع في جدة حضره وزراء النفط في العراق والمملكة العربية السعودية والامارات وقطر، وفوجئ الوزير الكويتي بهجوم من قبل نظيره العراقي الذي قال: «انا قاعد اتكلم عن سياسة الكويت النفطية خلال 12 سنة الماضية، هذه السياسة هي التي دمرت السوق النفطية، وان الكويت لم تلتزم خلال الفترة هذه بحصتها، وأنا اعتقد ان هذه هي مؤامرة ضد العراق… ان العراق لن تقف مكتوفة الأيدي امام هذه المؤامرة».
والحقيقة في هذا الموضوع ما يلي:
1- ان الكويت كانت دائما تضحي في سبيل استقرار اسعار النفط، ففي اجتماع اوبك في 2-3/5/1990م تم تخفيض سقف اوبك بمقدار 445 الف برميل للعمل على استقرار السوق النفطية. وقد تحملت الكويت والسعودية والامارات 75&<642; تقريبا من اجمالي هذا التخفيض. وقبلت الكويت ذلك مع وعد باستعادة حصتها عندما يستقر السوق وترتفع الاسعار.
2- في 24/6/1990م زار الكويت صادق بوسني وزير النفط الجزائري رئيس منظمة الاوبك انذاك (وكان مقررا عقد اجتماع في الجزائر في 4/7/1990م يضم وزراء النفط في الكويت وأندونيسيا والجزائر للنظر في امكانية زيادة حصة الكويت)، وطلب وزير النفط الجزائري من نظيره الكويتي (رشيد العميري) ارجاء طلب الكويت استعادة حصتها وعدم اثارة هذا الموضوع في اجتماع الجزائر المزمع عقده، واستجابت الكويت لهذا الطلب من اجل استقرار السوق وبهدف رفع اسعار النفط.
3- ان عشر دول من دول الاوبك لم تكن ملتزمة بحصتها وثلاث دول فقط من دول المنظمة كانت ملتزمة بحصتها، وهي الجزائر والإكوادور واندونيسيا. ولم يكن ذلك إلا لأنها لا تملك طاقة انتاجية اكبر، اي ان الالتزام بالنسبة لها كان قهريا.
4- ان سبب اصرار العراق على رفع الاسعار انه كان قد وصل الى طاقته الانتاجية القصوى، وما دام انه لا يستطيع زيادة الانتاج، فالحل الوحيد امامه لزيادة موارده هو ان يرتفع سعر النفط. وهو ما دفع العراق الى ان يطلب في اجتماع اوبك في جنيف في25/7/1990م العمل على رفع سعر سلة اوبك الى 25 دولارا للبرميل الواحد (وهو السعر الذي كان يكفل للعراق تغطية فوائد ديونه الخارجية التي بلغت 7 بلايين دولار سنويا)، وكان السعر انذاك حوالي 15-16 دولارا للبرميل. والوسيلة غير المباشرة التي كان يلجأ اليها العراق لرفع السعر هو الضغط على الدول الاخرى الاعضاء في منظمة الاوبك لخفض انتاجها.
5- في فترة التسعينات كانت تجاوزات العراق لحصته تزيد اكثر من مرتين على اي تجاوزات كويتية. كانت حصة العراق في السوق اكبر مما يستحق، وكان ينتج اكثر من طاقته الانتاجية الحقيقية، بل كان يبيع المخزون في التنكات (الذي يبلغ 20 الى 30 مليون برميل) وبأي اسعار، وكان ذلك منه امرا طبيعيا لمواجهة نفقاته الاستثنائية في ذلك الوقت.
(من اقوال علي الخليفة، رشيد العميري امام اللجنة)
الوضع الكويتي الداخلي قبيل الغزو:
أ- الاختراق الاعلامي:
افاد يوسف السميط مدير عام وكالة الانباء الكويتية (كونا) بأنه: «وللأسف كان هناك اختراق لكثير من الموسسات الاعلامية ومكاتب الوكالة من قبل تنظيمات عراقية وأردنية، والاحكام الجنائية التي صدرت بحق مراسلينا في بعض المكاتب توضح ذلك». وأفاد حمد الرومي وكيل وزارة الاعلام آنذاك: «وللأسف كان الاعلام العراقي مسيطرا سيطرة تامة على معظم الصحف المحلية لدرجة ان الملحق الاعلامي بالسفارة العراقية بالكويت حامد الملا كان يداوم في بعض الصحف يوميا، وكانت بعض المقالات ترسل من وزير الاعلام العراقي، وللأسف تتصدر الصفحات الاولى لبعض الصحف المحلية، وكان يقدم هدايا مغرية، وسبق ان نبهنا وزارة الخارجية لنشاطه اكثر من مرة، وكان الرد يأتي بتهدئة الاوضاع».
ويقول السيد سليمان ماجد الشاهين وكيل وزارة الخارجية: «ألا يمكن للصحافة التي ارتهنت تقريبا كلها للإعلام العراقي من خلال رشاوى ومن خلال شراء صحف وتوزيع وكل الوسائل… اذكر قبل الاجتياح طلبت من السفير العراقي لأن جاؤونا مجموعة من الاخوان الادباء وقالوا لنا مايمر ست اسابيع او شهر الا دعينا الى مؤتمر في العراق، ووصلنا الى حد والله قاعدين يزالون علينا ضغوط، اذا تعذر علينا حضورنا اتهمونا بالعمالة الى ايران، والتالي جاؤوا وبلغوا الشيخ صباح هذا الموضوع».
ويظهر من ذلك:
1- كان هناك اختراق لكثير من المؤسسات الاعلامية ومكاتب وكالة الانباء الكويتية (كونا) من قبل تنظيمات عراقية وأردنية، رغم سلامة واخلاص اصحاب ومديري هذه المؤسسات.
2- كان الاعلام الكويتي يكيل المديح للعراق ويحول اخطاءه الى انتصارات وايجابيات في المواقف الداخلية والخارجية.
__________________
تهدى الامور بأهل الرأي ماصلحت
*****************
فان تولوا فبالاشرار تنقاد
رد مع اقتباس