عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 14-07-2011, 10:40 AM
بن تركي بن تركي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 45
افتراضي عشرون عاما على كارثة الغزو

عشرون عاما على كارثة الغزو
يصادف اليوم 2/8/2010 الذكرى العشرين لكارثة الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت. في يوم الخميس الأسود 2/8/1990 الموافق 11 من محرم 1411 من التاريخ الهجري الاسلامي وهو من الأشهر الحرم التي كانت العرب تحقن فيها الدماء ولا تعتدي على بعضها في الجاهلية وفي عصر الاسلام والقومية العربية التي لم يراعي أي منها طاغية بغداد وأزلامه الذين أراقوا دماء المسلمين والعرب قبل غزوهم لبلدنا العزيز حيث زحفوا اليه في جوف الليل غدرا بعد أن أعطى كل المواثيق للوسطاء العرب ومن بينهم الرئيس المصري حسني مبارك الذي طمان القيادة السياسية في الكويت ان ما تم التصريح به وما يجري على حدود البلدين هو عبارة عن "سحابة صيف وستنقشع" ومناوشات كلامية بين أخوة عرب. ولكن ما ان انقشع الظلام، حتى تكشفت النوايا الحقيقية والأنياب البعثية تجاه سيادتنا الدولية لتضمها بكل وحشية ويمثل بها وبأهلها كل اصناف التعذيب والتشريد تحت ذريعة القضية الفلسطينية وسرقة آبار النفط الشمالية والتقسيمة الاستعمارية وغيرها من الذرائع الواهية التي أعدت سلفا مع من وقفوا معه ضد الحق الكويتي. اما ردود أفعال المجتمع الدولي والانساني جاءت أقوى بكثير من بعض الدول العربية والاسلامية ممن كانوا على دين رؤسائهم وملوكهم والتي أثبتت الأيام لاحقا أنهم من أصحاب المصالح والكوبونات النفطية وليسوا ممن يؤثرون المصلحة الخاصة على مصالح شعوبهم التي عادة ما تقف بجانب المظلوم وبوجه الظالم. أذكر في هذا اليوم حالة الهلع والخوف والصدمة التي أصابت كل الكويتيين قيادة وشعبا من هول الكارثة التي حاول البعض أن يطلق عليها مسميات مختلفة "كالحالة الكويتية" أو "حرب الخليج الثانية" أو "أم المعارك" أو أي مسمى آخر بهدف التخفيف من حدتها وبالتالي تؤول الى النسيان ونرجع الى قاعدة "عفا الله عما سلف" ويستوي فيها الظالم والمظلوم وكلاهما اجتهدا ولهما أجر او أجران ورضي الله عنهما وغفر الله لهما ولا نعلم ايهما مع الحق لينقسم الناس بعد ذلك الى معظم و لعان وتتفرق الأمة فيما بينها بالرغم من وضوح الظلم والطغيان. هكذا نتعامل مع تاريخنا العربي والاسلامي المليء بالتزوير في حق القاصي والداني والمحق والمسيء والظالم والمظلوم والعالم والجاهل والمؤمن والفاسق والمجرم والبريء فكلهم عندنا متساوون عندما نوثق لهم من دون موضوعية أو حتى تقييم مسيرته بشكل علمي. فلماذا لانتوقف عند أسباب 2/8/1990 ودراسة التبعات ونسال أنفسنا، أين كنا قبل الغزو وأين اصبحنا بعده؟ هل كنا نمارس الديمقراطية الحقيقية ايام المجلس البلدي والتشريعي والتأسيسي والوطني قبل أغسطس 1990؟ هل كانت التنمية قائمة قبل ذلك؟ أم كانت الحكومات المتعاقبة مسئولة عن تصريف الأعمال فقط؟ كيف تم اختراق المجتمع الكويتي المسالم مع دول العالم والجوار من قبل النظام العراقي؟ هل كان الشعب الكويتي متسامح مع نفسه أم كان يعاني من انشقاق وتمييز بين أطيافه؟ هل فعلا أعدنا اعمار الكويت من جميع النواحي العمرانية والعلمية والأخلاقية والنفسية؟ أم اكتفينا فقط باعادة بناء ما تدمر من بيوت وقصور وشوارع ومدارس وأهملنا الانسان الكويتي؟ ماذا فعلنا في العشرين عاما التي تلت الغزو؟ لماذا تأخرنا عن ركب التطور فسبقتنا الدول الخليجية الأخرى بسبب تقاعسنا في العشرون عاما التي مرت علينا كالبرق من دون اي انجاز يذكر سوى الشعارات والمجاملات السياسية؟ ماذا فعلنا للتركيبة السكانية التي تخطى فيها المقيمين أكثر من 70% من تعداد السكان؟ هل قضينا على الفساد الذي استمر قبل وأثناء الغزو ولازال مستمرا؟ ماذا قدمنا لأسر الشهداء، هل خلدنا ذكراهم على شوارعنا ومدارسنا؟ هل منحت الجنسية للبدون منهم؟ أسئلة كثيرة لا نلقى لها اجابات واضحة طوال هذه السنين. فهؤلاء الذين يعتمدون على الزمن لحل قضايا البلد المزمنة، فهذا الغزو وقبله أزمة الصامته وعبدالكريم قاسم والملك غازي والملك فيصل في مؤتمر العقير في عشرينيات القرن الفائت، أي أكثر من 80 عاما ولازالت الكويت مهددة في وجودها. فعلينا أن نضع النقاط على الحروف ونبدأ بتنمية البلد على أسس صحيحة لتكون مركزا تعليميا واقتصاديا وماليا ورياضيا من خلال تعمير اراضيه الفضاء والحدودية وبالأخص الجزر وانشاء مناطق سياحية وتبادل تجاري حر في جزرها وتثقيف المواطن وتعزيز الوحدة الوطنية بين كافة أطياف الشعب الكويتي حتى لاتتطاول فئة على أخرى ويقصي ابناء الشعب الواحد بعضهم البعض أمام مرئى ومسمع الدول المجاورة التي قد يطمع بعضها في ضم هذا البلد الصغير في حجمهن الكبير في عطائه وامكاناته. فهل نستغل الوقت ونبدأ بالتنمية الحقيقية ونبحث عن القدوة الصالحة التي نحن بحاجة لها الآن أكثر من السابق بدلا من طمس مآثرهم واحالتهم للتقاعد دون الاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم سواء في القطاع المدني أو العسكري. لنبدأ ببناء اقتصادنا على أرقام حقيقية لا ورقية او وهمية، ارقام مبنية على قطاعات مختلفة متنوعة في مجال الصناعات والخدمات والنفط والعقار والتعليم والرياضة والترانزيت بعيدا عن الاحتكار. ولتتوافق سياستنا الداخلية والخارجية مع خططنا التنموية حتى لانستمر في مجاملة انظمة غير مستقرة وديكتاتورية على حساب الوطن ومقدراته وهذا ما استغله نظام الطاغية صدام بعد راى في خلافاتنا الداخلية ومجاملاتنا السياسية والمالية اللامحدودة وعزوفنا عن التنمية والديمقراطية فرصة سانحة لتحقيق الحلم العراقي الكبير في ضم الكويت والقائم منذ قيام الحكم الهاشمي في العراق عام 1920. علينا أن نتعامل مع جميع الدول العربية والاسلامية والدولية بناء على المصالح العليا للبلد دون تفضيل أي دولة أو منظمة على مصالحنا الوطنية. فكل علاقة او اتفاقية أو شراكة دولية سواء كانت على مستوى سياسي أو اقتصادي او استثماري يجب أن تدرس من حيث الجدوى والمزايا التي ستجنيها الكويت حكومة وشعبا من ورائها حتى نخفض مصروفاتنا – الباب الرابع من الميزانية العامة - تجاه الدول التي وقفت ضد الحق الكويتي وساهمت بالغزو وسيرت المظاهرات وشوهت صورة الكويتيين في نفوس مواطنيها حتى انتشر الحقد تجاه كل ما هو كويتي، ومع ذلك نقوم بدعم هذه الأنظمة ماليا وسياسيا من دون مقابل بينما نتناسى الكويت وأهلها الذين لازالوا يعانون من تباطؤ عجلة التنمية بين الحكومة والمجلس وندرة المشاريع وغياب الفرص الوظيفية والتاهيل الفعلي للعمالة الوطنية حتى تكون جاهزة للمشاريع التنموية التي لازالت حبرا على ورق بانتظار التمويل والعمالة المدربة وقرارات الحسم ووقف الهدر والفساد والتسيب الوظيفي. هناك من يؤرخ لما بعد 20 عاما على الغزو بينما يضيف لها البعض 30 عاما أخرى لتصبح 50 عاما – أى منذ عام 1960- من البناء والتاسيس والاستقلال والتطور والتجنيس والمناخ والغزو واحداث كثيرة لم نعتبر من دروسها ولم نستغل فيها فترة الاحتلال والاستقلال والتحرير. لنقف وقفة تقييم صادقة مع أنفسنا ومع ما قمنا به من أجل وطننا. فبعد كل هذه العقود الزمنية، ماذا أنجزنا بعد تقييمنا لأحداث الغزو وتبعاته القائمة الى يومنا هذا وستبقى الى الأبد ما لم نعالج جذور الكارثة "ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" اللهم ارحم شهدائنا الأبرار الذين قاوموا هذا الغزو وثبتوا على ولائهم لهذه الأرض ولم يزعزعهم هول الكارثة بل زادتهم ايمانا وثباتا. اللهم وارحم شهدائنا الأسرى وفك قيد الأحياء منهم وأطل في عمر شهدائنا الأحياء الذين استبسلوا في الذود عن بلدهم وأهلهم ووضعوا الشهادة في سبيل الله والوطن نصب أعينهم ولكن لم ينالوا هذا الشرف العظيم، اللهم اجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم لاتسلط علينا من لايخافك ولايرحمنا انك سميع مجيب
المصدر: مقالة للدكتور / عبدالعزيز التركي نشرت بتاريخ 2/8/2010 في موقع رسائل الكويت
رد مع اقتباس