الموضوع: عبدالله الفرج
عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 17-06-2009, 06:06 AM
الصورة الرمزية الأديب
الأديب الأديب غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 448
افتراضي

بذر ملايين أسرته على الغناء والطرب ومات فقيراً
(جريدة عالم اليوم 9/6/2008م)

الشاعر (عبدالله الفرج ) أشهر شعراء الكويت
في القرن التاسع عشر


كتب طلال الرميضي
برز في تاريخ الكويت الكثير من الأدباء والشعراء الذين ابدعوا في تصوير ما يلوج به وجدانهم ونظموا قصائد رائعة توارثها الاجيال حتى يومنا هذا.

ومن اشهر الشعراء الكويتيين المرحوم عبدالله الفرج الذي كان ظاهرة ملفتة للنظر في الأدب الكويتي لتميز قصائده الجميلة والتي حصدت على شهرة واسعة في مختلف بلدان الخليج العربي فخلدت ذكره في تاريخ الكويت وسجلت الدواوين والكتب اشعاره المشهورة وتواتر الرواة حفظها في صدورهم بعد مضي اكثر من قرن على وفاته لتأكد لنا تميز الساحة الأدبية في الكويت لنبوغ عدد من شعرائها القدامى ومنها شاعرنا الكبير عبدالله بن محمد الفرج رحمه الله رحمة واسعة.

حياة الشاعر
ولد الشاعر عبدالله الفرج في عام 1252هـ «1836م» بالكويت وكانت اسرته تعمل في التجارة وحققت نجاحات موفقة في هذا المجال بحيث تملك والده المرحوم محمد بن فرج اسطولا كبيراً من السفن الشراعية الضخمة التي تسافر الى بلاد الهند للتجارة وتقدر ثروة والده بملايين الروبيات.

وعرفت اسرته باسم اخر هو ال صراف ثم ال طوق ولتكرار اسم فرج فيها اشتهرت باسم الفرج وطغى على الاسماء الاخرى وهي اسرة كريمة ترجع في أصولها الى قبيلة الدواسر المعروفة.

ووالدته هي المرحومة خديجة ابنة النوخذة المشهور ابراهيم بن تمام الدوسري الذي نسب إليه المثل المعروف (بتيل بن تمام شاحن وخالي بريالين) الذي يحكى بان النوخذة ابن تمام كان يمتلك سفينة من نوع بتيل يستخدمها لدخول البحر لممارسة مهنة الغوص على اللؤلؤ في هيرات الخليج العربي

واذا انتهى موسم الغوص يعمل على متن البتيل في القطاعة وهي نقل البضاعة ما بين موانئ الخليج العربي كالبصرة والبحرين والجبيل وكانت أجرة العاملين معه ريالين أي ما يعادل 400 فلس كويتي وهذه الاجرة ثابتة سواء كانت سفينته البتيل محملة بالبضائع أو خاليه
فضرب المثل القائل بتيل ابن تمام شاحن وخالي بريالين ويستخدم هذا المثل الشعبي في عدم التغير واستمرار الشيء بدون التأثير بالظروف الاخرى، وهو مثل مشهور ومتداول حتى اليوم لدى العامة.

ويذكر ايضا أن جده ابراهيم بن تمام كان أول سردال في الغوص أو أول أمير لسفن الغوص في الكويت ولا يعرف سنة وفاته.

نشأ الشاعر المبدع عبدالله الفرج في بيئة تنعم بالرفاهية والثراء واستقر في بومباي بالهند مع والده لممارسة انشطته التجارية وتلقى دورسه في المدارس الهندية وتعلم اللغة العربية على يد اساتذة خصوصين في الهند حتى برع في الكثير من العلوم والفنون.

وشاءت الاقدار ان يتوفى والده وهو في سن الثامنة عشر وذلك في عام 1270هـ «1854م» وورث شاعرنا الثروة الضخمة التي جمعها والده عبر حياته، وتشير المصادر التاريخية انه بددها على اللهو، ليعود بعدها الى الكويت ويستقر فيها حتى وفاته في عام 1319هـ «1901م».

تميز الشاعر عبدالله الفرج بحسه المرهف وصدق المشاعر أثناء نظمة لقصائده، وكان رحمه الله ينظم بعض اشعاره بالفصحى .
ويشير الاستاذ خالد سعود الزيد رحمه الله في كتابه القيم «أدباء الكويت في قرنين» الى ان جل شعره الفصيح قد ضاع ولم يتبق الا اشعاره بالعامية أو النبطية .
وقد جمع ابن عمه الشاعر خالد الفرج جزءاً كبيراً منها وطبعها في ديوان شعري مرتين الاولى في سنة 1338م بمطابع بومباي والمطبعة الثانية في دمشق سنة 1383هـ،
ثم اعادت مكتبة ذات السلاسل في الكويت طباعته طبعة ثالثة غير مذيلة بسنة الطبع.

بالاضافة الى شاعريته كان الفرج فناناً عذباً ابتدع الألحان الجميلة التي مازالت خالدة ومشهوره في الخليج العربي،
ولكون الفرج قد نشأ في الهند فقد تأثر بشكل كبير في موسيقاها واستطاع بذكائه ان يمزج الغناء العربي المتأثر بالالحان العدنية ذات الصبغة السودانية أو الافريقية بالانغام الهندية، لتكون الحانة مميزة وتطرب السامعين لها،
واشتهرت براحة دخنية والواقعة في فريج الفرج بالكويت بانها مقر لاهل الطرب والانس لكون ديوان الشاعر عبدالله الفرج فيها وكان يقيم الحفلات فيها وعرف بصاحب الدخنية.

شخص غير مرغوب فيه
كانت شخصية عبدالله الفرج الشهيرة مثالا للشخص اللامبالي والمغمس باللهو والطرب حتى اهمل التزاماته ومسؤولياته ليبدد ثروة والده الطائلة في سنوات قليلة ليعيش اواخر حياته فقيرا.

وفي هذا الصدد كتب الاستاذ والشاعر والباحث عبدالرزاق محمد صالح العدساني رايا قيما حول هذه الشخصية الكويتية المشهورة في كتابه الهام دراسات العروض بالشعر الشعبي الكويتي قائلا:
ان الشاعر عبدالله الفرج لاشك في انه غير محبوب من غالبية كبار السن وهذا امر طبيعي لأي شخص في مثل شخصية الشاعر الفرج غير محبوبة لاسباب ما يمارسه من عزف على العود وكان العود يعزف في غالب الاحيان في مكان السمر العود «المكبس» وعلى العود كاحتقار له «كبوس» اضف الى ذلك ما يردده من شعر وما يمارسه من فنون .

كل ذلك جعل شخصية الشاعر عبدالله الفرج في ذلك الوقت شخصية غير مرغوب فيها وان من يصاحبه هو مثلة الا ان الشيء المؤكد ان شخصية الشاعر عبدالله الفرج ظلت باقية على صفحات الزمن الذي ذهب بتلك الشخصيات غير الراغبة بمجالسة الشاعر او التزود من معرفته وهو اصبح اسطورة يتناقلها جيل بعد جيل على مدى قرن كامل من وفاته وهم عفا عليهم الزمن.

من اثاره الشعرية
وللشاعر الفرج الكثير من القصائد المشهورة ومنها هذه القصيدة الرائعة...

تريد الهوى لك على ما تريد
وثوب بلي لك تريده جديد
وعصر تفضى تريده يعود
عداك المنى ذاك رجعه بعيد
فلا ذكر ميت لحي يعود
ويرجع كما كان عود وليد
يروم المعنى ينال المنى
ودون التماني مهامه وبيد
كساني غرامي ثياب الضنى
وهذا الذي عنه مثلي يحيد
اروم السلامة جهاله وانا
ارى الموت مني كحبل الوريد
ألا وا شقا من يفوت المراد
صبابه ويسقى بماي صديد
رعى الله الهي زمان السرور
وعصر الصبا يوم عيشي رغيد
قضيت الهوى يوم أنا بالهوى
عزيز ومثر ورأي سديد
ونلت المنى يوم انا كنت ضيف
بساحة أماجد كرام وصيد
كرام المساعي قروم سمو
غياث المعنى وملجا الطريد
تلّقط جفان سواة الجواب
وتملا بسيد الطعان الثريد
جزاهم على الله انا ما رأيت
لهم في البدايد حشا الله نديد
وفيهم عشيري عشير الندي
عشير السكارى مكيد العنيد
عشير إلى ما دعيته شفى
وإلى رحت ضاو غدا لي قعيد
كريم إذا قيل ماذا السرف
أو ارفق على المال حيثه زهيد
يقول اجعله ما يثني ولا
يعود ولحق الطريف التليد
وبيت رعاني برفه غزال
رعاه الاله العزيز الحميد
أنوف هيوف رشوف شموع
يقود الهوى لك على ما تريد
عليه أربع من تهايا الظبا
نظير وتريب ولفت رجيد
إلى ما جلس العذارى جلوس
تراه وتراهم عبيد وسيد
كبدر الدياجي وشمس الضحى
وشمس الضحى ما عليها مزيد
دعتني على كيف ما اهوى «نعم»
وربي على ما أقوله شهيد
رعاها الهوى من تغنت لنا
بلهجة مخارق وشعر الوليد
الا ليت شعري ودهري جدير
بمقضاة حاج الحكيم الرشيد
فهل من سبيل إلى ما اقول
وبير معطل وقصر مشيد
وناد عذاراه جنح الدجا
تنيره وهن مثل طلح نضيد
أراهم كما در عقد نظيم
ومثل الثريا غوان وغيد
زمان تولى جناه الوصال
وفيه المزاهر تهذ النشيد
لديهن أديب نظنه زنام
يهز الغنا منه طود الحديد
ترن الاغاني بذيك المغاني
ومنه الغواني تميل وتميد
لكن المثاني وصوت المثالث
حمام يغرد وورق يشيد
وقع لي معاهم كوصف الذي
تعنى لصيدة غزال وصيد
ولا نلت كود العنا والشقا
أو الويل من له بقلبي وقيد
فلولا غرامي لك الله فلا
بدعت القوافي وضعت القصيد
ولافهت منشد بشعر يعز
على الناس مثله ويعيى لبيد
ولابت ليلى سواة القريص
سمير الدراري وطرفي سهيد
فهل يختفي لي غرام بدا
بدمع جرى فوق خدي نديد
بلاني زماني ومثلي ألوف
بلاهم وحشر مع الناس عيد

ومما قاله في مدح الشيخ عبدالله الصباح (العز ما يحظاه من لا يسومه)

الا ولا يعتز به كل من سام
ما كل من سامه جدير يرومه
كود الذي يقدر على كل ما رام
والمجد مثله دون صافي شبومه
هول يريب من الجديدين وسقام
فاعلاه مزموم السرف من تخومه
ما شيد العضب الذي ينزع الهام
من لا عليه اليوم تخشى ثلومه
من ضربة لو بالجلاميد صمصام

ويستكمل قصيدته بقوله:
ما هو صديقه في الندى من يلومه
كالشيخ «عبدالله» منى الخاص والعام
شيخ تحلى بالبها من حلومه
حيث الشرف يحظى به المرء ما دام
لا بالملابس حيثها ما تزومه
والمعتني فيهن على البوش ينلام
لو يفرع اللبس الفتى من هدومه
ما ساد لباس الوشي لابس الخام
فان كان بالملبوس عز يدومه
فالسيف جفنه والمصوغ هو التام
أعظم به اللي ما تسامت علومه

وقال الفرج هذه القصيدة بعد معركة الصريف التي حدثت سنة 1318هـ (1901م ) وهي من القصائد الأخيرة

التي قالها الفرج قبل وفاته
نحمد الله عدوبل الغوادي
مالك الأملاك رب البرايا
ما انتقصنا مثل نقص المعادي
في نهار الكون يوم الرمايا
يوم جانا يزجي البل حادي
قدمه المسيوق ينخا الطنايا
وابتدا به رجنا اللي بشادي
ماطر مزنه يصوب الرزايا
وابنرى واه قواه مترادي
قومه اللي مانفعها الوصايا
قوه بربح وهو ما يسادي
ربحه الخسران يوم الشرايا
ما بدا فينا الذي فيه بادي
من تلاف واسمه بالكوايا
كيف ينكر بين حاضر وبادي
حوفنا به والفعل والسوايا
لا يغره تايه الراي غادي
والمواقط من رجاله ملايا
كن صرعي القوم يوم العوادي
تعثر بها من شلاها الضحايا
يسحب بها الذيب في كل وادي
بالقفار الموحشات الخلايا
والجماجم مثل سحم الهوادي
متحفات الطير شروى الهدايا
ذا فعلنا بالذي جاك عادي
في جموع طوبرت كالبنايا
قومنا العيلان خطل الأيادي
ما تهاب الموت خوف الشنايا
شانها بين الحضر والبوادي
تطلب العليا وتأبى الدنايا
مالها وان هزها كل شادي
كود ضرب بالظبا من حنايا
دون سقم الضد سم الأعادي
ترد يوم الحرب حوض المنايا
دون بحر الجود حلف الأيادي
كعبة الوفاد جزل العطايا
دون «أبوجابر» سراج النوادي
ترخص الأعمار لوهي غلايا
تعتزي باللي يعرف الجوادي
شيخنا «مبارك» حميد السجايا
دمت يا شيخ له الرب هادي
اجبر بعلياك هيض الرعايا
جد على قومك تراها صوادي
وانعش بحرب العدو الظمايا
وابهج قلوب بها الهم بادي
تضطرب بين الضلوع الحنايا
عجل بعزمك وخل التمادي
في التمادي ما تثيب الشكايا
كان ما تقلع مدى الضد غادي
بالوحا والافتازي حكايا
ما البنادق والقنا والهنادي
والنضا معدومة والسبايا
فك بالهمات خيل ترادي
بالحديد وحل عقل المطايا
وانهض بنا حيث صوت المنادي
واجعل الأعمار منا فدايا
من غدا منا فقل ذاك فادي
من تبقى والخلف بالبقايا
ما يزيح الغل من كل صادي
كود يوم به تجود الصبايا
في مجال ما ترى إلا الهوادي
ينهش بها السيف نهش الحيايا
__________________
ومنطقي العذب للألباب مستلبٌ *** ومبسمي نضَّ فيه الدر والنضرُ
لازم منادمتي وافهـم مناظرتي *** واسمع مكالمتي يفشو لك الخبرُ

رد مع اقتباس