عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 14-01-2012, 12:37 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

المعارف والصناعة

لم يكن في الكويت معارف تذكر منذ تأسست إلى سنة 1330 هجرية، وإنما فيها كتاتيب يتعلم فيها الأولاد الصغار مبادئ الكتابة والحساب وقراءة القرآن على الطريقة القديمة، ويسمى المعلم مطوعاً، والذي يحسن القراءة والكتابة قليل على حسب نسبة السكان، وأغلب أهل الكويت إذ ذاك أميون والمطوع نفسه لا يحسن التجويد ولا رسم الخط ولا يميز بين القاف والغين، ولهذا تجد الكويتي لا يفرق في كتابته ولا في نطقه بينهما، أما الحساب فقد عرفوا منه الجمع والطرح والضرب، أما القسمة فقد عرفها قليل جداً منهم، ولم تكن العلوم العصرية التي تدرس بالمدارس الآن تعرف، وعلماء الدين أغلب معرفتهم في الفقه والنحو والوعظ، ويسمى الواعظ محدثاً.
والصناعات بأسرها لا توجد لها مدرسة ولا معلم يأخذون عنه الصناعة إلى يومنا هذا، وإنما المشتغلون بالحدادة والنجارة والبناء والصواغ والنحاسون تلقوا معرفتهم بالممارسة لهذه الحرف.
وعند أهل الكويت أن المشتغل بهذه الصناعات ساقط الأصل، ولهذا يترفع النسيب عن تعاطي الصناعة، ولكنهم لا يعيبون النسيب إذا كان متسولاً يريق ماء وجهه، ولا أن يكون زبالاً أو كناساً، أو جصاصاً، أو سقاء، وهذا المعتقد الفاسد لا يختص بالكويتيين وحدهم بل يشمل النجدين وأهل البحرين وأهل قطر، والعجيب أنهم يترفعون عن مهنة شريفة لم يترفع عنها أنبياء الله الذين هو صفوة الخلق.
اللهم أرشد العرب لما به حياتهم، وأزل عنهم هذه الفكرة السخيفة، فكرة الفخر بالعظام النخرة وبالأصول التي ما لها أصل عند الله ورسوله، فالله يقول: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: [لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أبيض على أسود، الناس من آدم وآدم من تراب]. ويقول الرسول لما تلي عليه قوله تعالى: {وآخرين من دونهم لا تعلمونهم} [صدق الله وكذب النسابون]. والعجيب المستغرب الذي لا يقبله العقل السليم أن كتب الأنساب تسلسل النسب إلى آدم، فكان المؤلف في النسب قابلة تقيد المولود من بني آدم إلى زمننا هذا!! وانظر نسب السلطان عبدالمجيد في كتاب الأنساب تر سلسلة نسبه إلى آدم.
فيا أخواني وأبناء جنسي كونوا عصاميين لا عظاميين وجاروا الأمم الحية بصناعاتها، فلا حياة لكم إلا بالأخلاق العظيمة، والصناعات المفيدة، أليس من النقص أن الأصيل لا يحسن صنع إبرة يخيط بها ثوبه، والأوروبي طبق الأرض بعلومه وصناعاته فطار مع الأطيار، وغاص في لجج البحار، واستولى على الممالك وما فيها من الأقوات وصرنا نعيش تحت رحمته محافظين على الأصل كي لا يتدهور بالصناعة.. فأف وتف لهذا العقل السقيم وأقول على هذه المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون.
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net