و نعم الرجل الشاعر عبدالعزيز من اصحاب الايادي البيضاء
عبدالعزيز سعود البابطين منحك الله الأخلاق والطيبة والأدب والمال.. والملفت في شخصيتك أنك متواضع جداً.. كيف حافظت على هذا التواضع على عكس غيرك؟
- أنا رغم أن والدي كان شبه أميّ ، وقلت لك في بداية هذا الحديث إنه أثَّر في حياتي كثيراً، فكان ينصحني نصيحة لا أنساها حتى قبيل وفاته بثمان وأربعين ساعة ، قال لي : « يا عبدالعزيز التواضع سيدالأخلاق لكن هناك شعرة بين التواضع والضعة التي هي الذل.. فلا تتذلل لأحد واحفظ كرامتك.. ولكن التواضع يزيدك تقديراً عند الناس ومحبة عند الآخرين » فمنذ بداية حياتي وأنا بهذه الطريقة لم أتغير ولن أتغير.. ثم لماذا يسلك الإنسان طريقاً غير التواضع ؟ كلنا خلق الله وكلنا خلقنا الله
سبحانه وتعالى سواسية في الحقوق والواجبات, ويجب ألا يترفع الإنسان حتى أنني عندما جاء ابني الكبير
ليعمل معي بعد تخرجه من الجامعة وذهب إلى الخارج ودرس وعمل هناك، تعرف ماذا قلت له ؟ قلت : «
لدي برنامج عليك أن تقوم به حتى أسلمَّك العمل هنا » قال لي : « أنا مستعد » قلت له : « عليك أن تبقى
فرّاشاً لدي لمدة أسبوع كامل، تحمل إليّ الشاي والماء , وفي الأسبوع الثاني اعمل مراسلاً لتروح تحمل بريداً وتأتي ببريد » .
لماذا أنا فعلت له ذلك؟
حتى يشعر بمعاناة الفراش والمراسل من أجل أن يعرف كيف يعيشان ويعرقان في سبيل عائلتيهما , وكان شرطي أن يمشي على القدمين ذهاباً وإياباً بين البريد ومقر العمل , دون أن يستعمل السيارة ونفذ ما طلبت منه، وهو الآن ما شاء الله في قمة التواضع.
ألاعيب السياسة ما علاقتك بالسياسة ؟
- أنا كإنسان عربي لا أستطيع أن أنفصل عن التفكير في مصير أمتي , ومجرد التفكير في مصير أمتي هو سياسة لكني لم أعمل في الميدان السياسي، لم أنضم إلى حزب، ولم أؤيد جهة على جهة , أتمنى أن يحفظ الله الأمة العربية والوطن العربي من غدر الحاقدين وأعداء الأمة , أتمنى النهوض للأمة العربية , أتمنى الوحدة والقوة للعرب جميعاً. أما ألاعيب السياسة فأنا بعيد عنها , في حاجة إلى الصحافة والإعلام .
وما علاقتك بالصحافة؟
- ليس الصحافة فقط , بل أنا أحترم كل وسائل الإعلام احتراماً كبيراً, ونحن في أمس الحاجة إليها.
لماذا؟
نحن نأمل الآن النهوض بهذه الأمة حسب قدراتنا المتواضعة, فلولا الصحافة ولولا وسائل الإعلام الأخرى لما درى بنا أحد ولن نستطيع إيصال صوتنا إلى الآخرين إلا من خلالكم أنتم, ولهذا السبب أحترم الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام بل أعلن دائماً أنني في حاجة ماسة إليها , لأن لولاها لكأننا نعمل في ظلام، لا أحد يرى ما نقوم به ، ولا أحد يستطيع إيصال هذه الرسالة إلى المتلقي.
غزو الكويت ودور المملكة يوم 2 أغسطس 1990م يوم غزو الكويت من قبل صدام حسين، أين كنت؟
- هذه قصة طويلة، لكن باختصار شديد أنا كنت في جنيف، ويوم 30يوليو/ تموز ركبت الطائرة وجئت إلى الكويت وقابلت صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمة الله عليه - يوم الثلاثاء الذي سبق الخميس في مهمة اعتقدت بأنها تنقذ الكويت من هذه « الظلامة » وهذا الظلم، وقابلته فعلاً , وفي الصباح الباكر من يوم الخميس استمعت إلى أصوات المدافع , وجئت إلى الشيخ سالم العلي الصباح رئيس الحرس الوطني وقلت له : « أرجو أن تختار لي أحد الاختيارين، إما أن أحمل رشاشي وأدافع أو أذهب إلى مقابلة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمة الله عليه » , فاختار لي الثانية وذهبت فعلاً , وبقية القصة طويلة.
في المملكة ماذا فعلت؟
- شكل الملك فهد لجنة تكونت من سمو الأمير نايف وزير الداخلية وسمو الأمير سلمان أمير الرياض وسمو الأمير أحمد بن عبدالعزيز , استمعوا إلي مدة ساعتين وعشرين دقيقة، فقال لي سمو الأمير نايف في نهاية المقابلة : « بَشِّرْ أهل الكويت لن يذهب لكم حتى عقال بعير ما دامت المملكة العربية السعودية قائمة » وفعلاً وفّى بما قاله.
من كلفك في الأصل بهذه المهمة؟
- هي مهمة لم يكلفني بها أحد, تطوعت وكلفت نفسي بها لمحاولة إنقاذ البلاد، والحمد لله كلنا نعرف موقف المملكة العربية السعودية الرائع والعظيم والمصيري بالنسبة إلينا, جابر في منزلنا بعد تحرير الكويت قصد الشيخ جابر منزلك بعد عودته من الطائف واتخذه مقراً لإقامته ولحكومته لفترة.
ما مغزى ذلك؟
- لا محالة أن العراقيين هدموا بيوته كلها , لذا يجب أن يقيم في بيت أحد الكويتيين , أنا ذهبت وعرضت عليه وهو في الطائف قبيل عودته إلى أرض الوطن بثلاثة أيام وقبل , وأعتقد أنه قدَّم بذلك تكريماً كبيراً لي , خصوصاً وأنه كان على اطلاع بكل ما قمت به خلال فترة الغزو سواء في جنيف أو في القاهرة أو في داخل المملكة أو في أي مجالات أخرى , كان يعرف كل ذلك بالتفصيل , وتكريمه لنا نعتز به أنا وأبنائي وأحفادي وعائلتي كاملة , وقد أقام معنا ثلاثة وسبعين يوماً , وكان سعيداً في هذا المكان.
هناك رواية تقول إن صدام أمر قواته بعدم تدمير منزلك وأوصى بالمحافظة عليه، ما أصل الحكاية ؟
الحكاية أنه قبيل اغتيال عدنان خيرالله وزير الدفاع العراقي الأسبق وهو صديقي وأخي - رحمة الله عليه - اتصل بي هاتفياً وسألني إن كنت أجيء أتغدى معه بعد يومين لأنه سكن منزلاً جديداً لا بد أن أذهب لأبارك له في هذا المنزل.. فذهبت إليه في بغداد وتغدينا معاً ورافقني في جولة في المنزل الجديد لأتفرج عليه.. وكانت حوالي ثلاثة قاعات بلا ديكور، فقلت له : « لماذا لا تقوم بعمل ديكور تجمل به الصالة ؟ » فقال : « بصراحة من الصعب أن أجد من يقوم بهذا الديكور » , وأضاف قائلاً : « على فكرة أنا سمعت أنك بصدد بناء ديوانية يقولون إنها على الطريقة الأندلسية والمغربية » فقلت له : « أنا مستعد أن أبعث إليك المهندس والعمال » فقال : « لا لا أرجوك لا تبعثهم ». قلت له مصراً : « أنا سوف أبعثهم » , فقال: « أرجوك يا عبدالعزيز لا تبعثهم لي لأن عمّي عينه حمراء عليَّ، فإذا عرف أنك جايبلي مهندساً مغربياً وعماله عينه تحمر أكثر فأرجوك». ويقصد بـ «عمه» صدام حسين , فقلت : «لا» , ولكني حتى يوزِّعني قال لي « ابعث إليّ صوراً » لأنه رآني مصراً, كلّفت ابني أسامة وصوّر البيت بالفيديو وحملناه إليه , هذا الكلام كان في شهر فبراير , وفي شهر أكتوبر دعاني إلى الغداء معه, وعندما ذهبت إليه قال لي « أبارك لك أهنئك على هذه الديوانية الحلوة وقد شاهد « الريّس » الفيلم وطلب منه نسخة » , وهذا فضل من الله، ثم إن عدنان خير الله حفظ الديوانية. طبعاً لصدام في كل مدينة رئيسية عراقية قصر، وهو يحب المعمار الأندلسي والطريقة المغربية, له قصر في الموصل، وآخر في بغداد، وآخر في شغلاوة، وآخر في البصرة .. إلخ. فأكيد أنه وضع في ذهنه أن هذا قصر الكويت، فعندما جاؤوا واحتلوا الكويت حافظوا على الديوانية وكان صدام ينوي أن يكون منزلي مقراً له , لكن الله حمانا وكانت مقراً لأميرنا عليه رحمة الله. المذكرات هل ستكتب مذكراتك؟
- لا أخفي عليك أن لدي لحد الآن 22 شريط فيديو سجلتها مباشرة بالكاميرا صوتاً وصورة, كل شريط يستغرق ما بين ساعتين وثلاث ساعات , فلديّ الآن حوالي خمسين ساعة أو أكثر سجلت فيها أشياء.
متى نرى هذه المذكرات منشورة ؟
- ليس في الوقت الحاضر , ربما بعد فترة طويلة.
منقول .
التعديل الأخير تم بواسطة زحزيح ; 21-08-2008 الساعة 10:33 AM.
|