راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 05-12-2012, 10:18 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي معاهد التربية الخاصة

نشأة معاهد التربية الخاصة



أثناء زيارة سموه لمركز مهم من مراكز التربية، وهو المركز الذي يضم معاهد التربية الخاصة الذي تم إنشاؤه من أجل إفادة عدد من أبنائنا ذوي الاحتياجات الخاصة.
كان الشيخ صباح معجباً بهذا العمل الجليل الذي يؤدي خدمة إنسانية قل نظيرها. وكان يحرص على زيارة هذا المقر، بل ويحرص على أن يزوره ضيوفه من رؤساء الدول وقد شهد مبنى المعاهد الخاصة عدداً منهم، حضر بعضهم للزيارة والإطلاع، وحضر البعض الآخر لكي يتلقى التكريم الذي يقام له على مسرح المعاهد الخاصة، مما تعده وزارة التربية، ويشترك فيه عدد من طلاب وطالبات مدارس الكويت.
نذكر من الزوار المرحوم الملك خالد بن عبدالعزيز، والرؤساء أنور السادات وشارل حلو ومختار ولد داده.
والصورة التي نتحدث عنها هنا تمثل الشيخ صباح السالم عندما حضر مع ضيف من ضيوفه إلى المعاهد وجال مع الضيف في أرجائها ثم جلس في قاعة الاستراحة قبل أن ينصرف، فطلب من مدير معاهد التربية الخاصة الأستاذ عبدالعزيز الشاهين أن يحضر له ورقة يكتب للمعاهد الخاصة فيها كلمة معبرة، فكان أن كتب تلك الكلمة التي تفخر بها وزارة التربية كما تفخر بها هذه المعاهد، وتمثل الصورة شيخنا الكريم رحمه الله وهو يكتب تلك الكلمة الراقية التي جاء فيها، ما مضمونه:
«لقد أسعدني أن أزور معاهد التربية الخاصة، وأن أطلع على ما فيها من أعمال مهمة كلها تأتي لصالح أبنائنا وبناتنا الطلبة والطالبات الذين تحتاج أوضاعهم الخاصة إلى عناية لا يستطيع أن يقدمها لهم إلا مثل هذه المعاهد التي نفخر بها، ويسعدنا وجودها في بلادنا الحبيبة: دولة الكويت.
لقد شاهدت أساليب التعليم في الفصول الدراسية المختلفة، كما زرت الورش العملية على اختلاف تخصصاتها، ولاحظت منذ زيارتي السابقة وحتى هذه الزيارة مزيدا من التطور الذي يدل على ما يبذل في هذه المعاهد من جهود، وإني إذ أبارك للطلبة والطالبات ما وصلوا اليه، لأشكر كافة العاملين في المعاهد الخاصة من إداريين ومدرسين، وأذكر بالتقدير جهود المدير عبدالعزيز الشاهين لما يقدمه دائما من أعمال ترفع من مستوى المعاهد، وتبقى ذكرها الحسن دائما».
لابد وأن أذكر أنني نقلت هذه الكلمة من ذاكرتي كما وعيتها يوم كتبها المرحوم الشيخ صباح السالم الصباح، وقد كان من حظي الوافر أن كنت حاضرا تلك اللحظة التي قام فيها بكتابة كلمته هذه. وكنت أتمنى أن أنقل صورة لها وأضع نصها الحقيقي، لأنني أذكر جيداً مدى اهتمام الأستاذ عبدالعزيز الشاهين بها فقد مزج بين الصورة وما كتبه الشيخ ووضعهما في إطار كان معروضا إلى وقت متأخر في المكان الذي تمت فيه كتابة هذه الكلمة. وللأسف الشديد فإن الإدارة الحالية للمعاهد الخاصة ليست من حيث الشعور بالمسؤولية في مستوى السابقين، فقد أهملت إهمالا شديدا كل ما يتعلق بتراث المعاهد الذي كان الأستاذ الشاهين يحرص عليه باعتباره دليلاً على الجهد الذي بذل في هذا المشروع الإنساني النبيل، ودليلا على اهتمام دولة الكويت بشخص أميرها بهذا العمل. أقول هذا لأنني بحثت عن الكلمة وما يتعلق بها فلم أجد من ذلك شيئاً لقد أضاعوا آثار المعاهد الخاصة لأنهم لا يعرفون قيمتها.

كان الشيخ صباح السالم الصباح محبوبا من الجميع، وكان يحب الناس، ويرتاح إلى عمل الخير لهم، ويبحث في كل السبل التي تجعلهم ينعمون بالسعادة والخير. وقد بادله شعبه محبة بمحبة، وأدل شيء على ذلك الاستقبال الكبير التي قامت به الجماهير عند عودة أميرها من رحلة علاج طويلة، فقد سارت في ذلك اليوم مسيرات شعبية كبيرة اهتز لها الوطن ثم احتضنها قصر المسيلة.
وكان الشيخ إلى جانب ذلك يعرف العدد الأكبر من المواطنين ويسألهم عن أحوالهم، ويطلب منهم عدم التأخر عن لقائه في كل مناسبة تمر.
وكانت الروح الطيبة التي يتصف بها هذا الأمير الكريم الراحل هي التي أوحت إليه في يوم الزيارة الذي أشرنا إليه بكتابة ما كتب في تلك الورقة التي كانت بمثابة رسالة لأبنائه من طلاب وطالبات المعاهد الخاصة ولكافة العاملين في المجال التربوي في الكويت. وقد سعد بها الجميع وعلموا مقدار المشاعر الفياضة التي يحس بها أميرهم نحوهم.
نشأ الشيخ صباح السالم نشأة كريمة في بيت الحكم، ووجد في هذا البيت خير توجيه إلى أسباب السيادة ومعرفة شؤون الحياة؛ فوالده هو الشيخ سالم المبارك الصباح الذي حكم البلاد منذ سنة 1917م حتى سنة 1921م وجده الشيخ مبارك الصباح الذي أسس الكويت الحديثة وتولى الحكم فيها منذ سنة 1896م حتى سنة 1915م.
ولد الشيخ صباح في اليوم الرابع والعشرين من شهر نوفمبر لسنة 1915م، ودرس القرآن الكريم والحديث الشريف، ودرس اللغة العربية والأدب كما هي عادة أمثاله في وقته ذاك. وقد تمكن خلال دراسته من معرفة الكثير من هذه الدروس اضافة الى قراءاته الكثيرة في الكتب والصحف.
سُمِّي حاكما لدولة الكويت في اليوم الرابع والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1965م، وذلك بعد وفاة أخيه الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي سبقه إلى سُدَّة الحكم.
بدأ في مزاولة بعض الأعمال الرسمية في وقت مبكر من حياته، فقد عهد إليه الشيخ أحمد الجابر الصباح في سنة 1938م بإنشاء دائرة الشرطة العامة، وكلفه برئاستها، وكانت هذه الدائرة هي نواة وزارة الداخلية التي تأسست بعد الاستقلال. ولقد امتد بقاء الشيخ صباح السالم في رئاسة دائرة الشرطة العامة لمدة إحدى وعشرين سنة أدّى خلالها عمله في حفظ الأمن واستتباب النظام، ووضع الأسس التي سارت عليها الوزارة عندما نشأت.
بعد تلك الفترة، وفي سنة 1959م عين رئيسا لدائرة الصحة العامة، وكان هذا المنصب يعادل منصب الوزير حاليا.
ثم صار أول رئيس لدائرة الخارجية (وزارة الخارجية فيما بعد) وذلك في اليوم الثالث من شهر أكتوبر لسنة 1961م، وعندما تم تشكيل أول وزارة في الكويت في اليوم السابع عشر من شهر يناير لسنة 1962م، وذلك بعد الاستقلال وإلغاء الاتفاق التعاقدي الذي تم بين الكويت وبريطانيا، وانتخاب المجلس التأسيسي أصبح الشيخ صباح السالم وزيراً للخارجية في هذا التشكيل الوزاري. وفي اليوم الرابع والعشرين من شهر يناير لسنة 1962م صار نائباً لرئيس الوزراء بالإضافة إلى عمله وزيراً للخارجية.
وابتداء من اليوم السابع والعشرين من شهر يناير لسنة 1963م كلفه الشيخ عبدالله السالم الصباح بتشكيل أول وزارة تتم له رئاستها وتجدد ذلك في اليوم الثلاثين من شهر نوفمبر لسنة 1964م، وقد بقي في هذه الوزارة الأخيرة إلى أن تولى حكم البلاد إثر وفاة أخيه الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي كان قد أسند إليه مهمة ولاية العهد في اليوم التاسع والعشرين من شهر أكتوبر لسنة 1962م.
وغنيُّ عن البيان أن نذكر أنه كان خلال هذه الفترة مساعداً قوياً للأمير، داعما لكل مشروعات البلاد التي كانت تسعى- في ذلك الوقت- إلى النهوض والتقدم، ومحاولة مجاراة الدول فيما وصلت إليه من رقي.
في اليوم الرابع والعشرين من شهر نوفمبر لسنة 1965م تمت المناداة به أميرا لدولة الكويت. وكان مما يلاحظ أن هذا اليوم الذي نودي به فيه أميراً يصادف يوم مولده الذي أشرنا إليه فيما تقدم.
سعدت الكويت كثيراً في عهد الشيخ صباح السالم الصباح، وشهدت كثيراً من المشروعات في مختلف المجالات كان من أهمها افتتاح جامعة الكويت، إضافة إلى مشروعات عديدة أخرى. ولقد انتقل إلى رحمة الله تعالى في اليوم الحادي عشر من شهر ديسمبر لسنة 1977م فمضى مأسوفاً عليه عن عمر مقداره ثلاث وستون سنة.
٭٭٭
هذا هو أقل ما يجب علينا أن نذكره عن السيرة الذاتية للمرحوم الشيخ صباح السالم الصباح، وهناك كثير مما ينبغي أن يُذكر لولا ضيق المجال.
وهنا نود أن نتحدث قليلا عن معاهد التربية الخاصة التي التقطت الصورة التي أشرنا إليها في قاعة من قاعاتها يوم زيارة الأمير الراحل لها.
والواقع أن هذا الصرح التربوي الكبير جدير بأن نذكره، وأن نستعرض تاريخ إنشائه مع بيان بعض تفاصيل العمل به. وسوف نقوم بذلك بقدر الإمكان لأن الحديث عن كافة التفصيلات صعب للغاية.
اهتمت دولة الكويت برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة منذ زمن طويل، وقامت دائرة المعارف بها بدور كبير في هذا الشأن ابتداء من السنة الدراسية 55 – 1956م، حين أنشأت معهد النور للبنين، وكان عدد الملتحقين به- آنذاك- ستة وثلاثين طالبا ارتفع عددهم خلال تلك السنة الدراسية إلى خمسين طالبا.
وقد قام هذا المعهد بدور كبير في تعليم فاقدي البصر وكان يطبق المناهج المقررة في مدارس المبصرين ويضيف إلى ذلك أنه يدرب طلابه على الكتابة الخاصة بالمكفوفين مما يسهل عليهم متابعة دروسهم. وكان المسؤول عن هذا المعهد في فترة إنشائه هو الأستاذ عبدالعزيز الشاهين الذي ارتبط اسمه بهذا النوع من التعليم حتى تقاعده.
ولقد وجدت دائرة معارف الكويت أن هذا المعهد غير كاف، لأنه يتولى تدريس فئة واحدة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن أجل اعطاء فرص الدراسة لجميع المقبلين عليها من هذه الفئة، ولمراعاة كافة أنواع الإعاقة التي يعاني منها بعض الأبناء فقد قرر مجلس المعارف في جلسته المنعقدة في اليوم العاشر من شهر نوفمبر لسنة 1960م إنشاء مجمع يضم كافة المعاهد القائمة والمقرر قيامها. على أن يكون هذا المجمع شاملا لأجنحة تضم الورش المتعددة التي يستفيد منها الطلاب الذين سوف يتم إعدادهم إعداداً مهنياً. وقد نفذت وزارة التربية فيما بعد هذا المجمع الضخم الذي صار رمزاً من رموز العمل التربوي في الكويت. وصار محط أنظار كافة زوار الكويت من تربويين وسياسيين.
وفي أثناء فترة إنشاء المجمع الذي لم تتهيأ الفرص لتشغيله إلا بعد عدة سنوات لكبر حجمه، ولما يضم من أجهزة ومختبرات وسكن داخلي ومسرح. فإن دائرة معارف الكويت قد استمرت في إنشاء المعاهد المختلفة، وخصصت لها أماكن في مواضع متعددة إلى أن تم نقلها جميعاً إلى المبنى الجديد الكبير.
وسيراً على هذا المنوال فقد انشأت الدائرة المعنية معهد النور للبنات في السنة الدراسية 57 – 1958م، وجعلت له جناحا منفصلا في معهد النور للبنين وجلبت له عدة مدرسات متخصصات، وسارت الدراسة فيه على الطريقة التي سار عليها معهد النور للبنين مع إضافة التدبير المنزلي والأشغال اليدوية المختلفة.
وفي بداية السنة الدراسية 59 – 1960م ألحقت دائرة المعارف بجناح مرفق بمعهد النور معهداً جديداً من معاهد التربية الخاصة هو معهد الأمل للبنين والبنات وهو خاض بتعليم الصم والبكم، وقد بدأت الدراسة فيه بثمانية عشر طالباً وأربع طالبات، ثم ارتفع العدد في السنة ذاتها إلى خمسين طالبا وست عشرة طالبة، وكانوا يتلقون العلم والمعلومات كافة عن طريق حركة الشفاه، ولهؤلاء منهج خاص.
ويخضع الملتحقون بهذا المعهد لفحوصات طبية، وبخاصة ما يتعلق بقياس السمع. ويزود من يمكن أن يستفيد من الوسائل المساعدة بسماعة لتقوية السمع عنده.
وقد تم تزويد المعهد بعدد من الأجهزة المساعدة، واتيحت للمنتسبين والمنتسبات إليه مجالات الأنشطة المدرسية، التي تساير حالاتهم الخاصة.
وفي السنة الدراسية 60 – 1961م افتتحت دائرة المعارف معهد التربية للبنين والبنات، يتم اختيار الدارسين والدراسات فيه وفق اختبارات للذكاء تقوم الجهات المختصة بإجرائها للمتقدمين حتى يوضع كل منهم في المستوى اللائق به، وتعين له الفرقة التي ينتظم بالدراسة فيها. ومن الجدير بالذكر أن هذه الفحوصات تبحث في سمات المتقدم السلوكية، ومدى استجابته للمواقف اليومية، مع معرفة علاقاته بالمدرسة والبيئة والزملاء مع بحث عن نشأته منذ كان طفلا ومراجعة تاريخه المرضي.
بدأ هذا المعهد باثنين وثلاثين طالبا، وثلاثين طالبة وقد ارتفع عددهم في السنة نفسها إلى خمسة وستين طالبا وخمس وستين طالبة.
هذا ويراعى المعهد الفروق الفردية بين طلابه وطالباته ويمنحهم بحسب ذلك العناية الخاصة بكلِّ منهم، بحيث تتم استفادتهم التامة من التحاقهم بمعهد التربية هذا.
وفي أثناء تأدية هذه المعاهد التي ذكرناها لعملها كانت خطة مجلس معارف الكويت الهادفة إلى بناء المبنى الخاص بالمعاهد تسير كما يرام ولكن البدء في البناء لم يتم إلا في سنة 1966م بعد أن تحولت دائرة معارف الكويت إلى وزارة تحت مُسمَّى: وزارة التربية. وقد مضت الفقرة الفاصلة بين قرار الإنشاء، وبدء العمل به في إعداد المخططات والدراسات اللازمة لهذا الصرح التربوي الكبير الذي كان إنشاؤه يقتضي هذه المدة الطويلة لما فيه من متطلبات فنية وتربوية متعددة ومهمة.
وحشدت الوزارة للمعاهد كافة الإمكانات الكفيلة بنجاح عملها وأعدت جهازاً تابعاً لها مختصا بالخدمات الاجتماعية والنفسية الطبية، ووضعت لها نظاما إدارياً وفنياً دقيقاً لضمان العمل المأمول.
وكانت وزارة التربية تقوم – باستمرار – بتحديث مناهج معاهد التربية الخاصة، وإدخال المواد الجديدة التي يستفيد منها الدارسون ويتكامل بها تكوينهم. وتعددت خلال هذا الوقت ورش هذه المعاهد التي يتدرب عليها طلاب التأهيل المهني، وتطورت المطبعة فصارت تقوم بطباعة الكتب للمعاهد وللوزارة عندما تدعو الحاجة.
هذا وقد صار عدد المعاهد بأنواعها للبنين وللبنات حتى سنة 1986م اربعة عشر معهدا. ولقد صارت مصدر اشعاع نور في الكويت وفي المنطقة كلها، وصارت محط أنظار التربويين يأتونها من داخل وخارج الكويت للاطلاع على أنظمتها، وأساليب عملها. بل وصارت من المزارات التي توضع على جداول زيارات كبار الزوار من رؤساء دول وغيرهم، فلفتت بذلك انتباه الجميع.
واشتهرت المعاهد الخاصة بعمل وطني مهم، فعلى مسرحها الكبير كانت تقام – سنويا – احتفالات وزارة التربية بالعيد الوطني حيث يشارك عدد كبير من طلاب المدارس. وحيث اكتسب هذا النشاط سمعة كبيرة، وصدحت الفرق المدرسية بأناشيد جميلة تمجِّد الوطن، وتثير المحبة له ولكل أبنائه، وعلى الرغم من توقف هذا النشاط منذ فترة فإننا نجد تلك الفعاليات الفنية تتردد على الاسماع عبر أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، ولا يزال المستمعون يتخيلون تلك الأنشطة المبهرة التي كان يقدمها الفنان شادي الخليج والشاعر الدكتور عبدالله العتيبي والفنن غنام الديكان والفنانة سناء الخراز ولقد فتحت هذه الأعمال شهية الكثيرين لتقليدها فشاهدنا نماذج كثيرة ولكنها لم ترق إلى ذلك المستوى العالي الذي قدمه مسرح المعاهد الخاصة.
لا نستثني من ذلك إلا عرضا واحداً قدمه أخيراً الفنان الدكتور سليمان الديكان فأبدع فيه، ولم يكن ذلك مستغربا منه، فقد باشر أعمالاً فنية مع والده غنام الديكان وبقية المجموعة، ولذا فقد جاء عمله وليد خبرة كبيرة في هذا المجال.
٭٭٭
هكذا رأينا حجم العمل في معاهد التربية الخاصة، ولا شك في أن الجهود التي بذلت في التأسيس والتطوير كانت جهوداً مباركة بدأها رجال مخلصون وتلقفها رجال مخلصون مثلهم لكي نصل إلى ما نراه اليوم في هذا المركز المشعِّ بنور العلم المحتضن لكل طفل كويتي من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وإذا كُنا نشير هنا بصفة عامة إلى الرواد الذين قام بآرائهم وبأعمالهم هذا العمل الكبير فإننا لابد وأن نذكر رجلاً من الرجال هو الأستاذ عبدالعزيز شاهين يوسف الشاهين الربيِّع، فقد كان من أوائل العاملين في مجال تعليم وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة منذ نشأة معهد النور في سنة 1955م ولقد استمر أستاذي عبدالعزيز الشاهين في عمله هذا فترة طويلة وتابع كافة المراحل التي مر بها هذا المشروع الجليل الذي نفخر به جميعاً، ولقد أدّى واجبه خير أداء، وكان من الإخلاص والوفاء للعمل على درجة كبيرة بحيث لم يتخلف يوماً عن أداء واجبه، ولم يسمح يوما لأيّ موظف بالحضور قبله إلى متابعة الدوام اليومي.
لقد شهدت عمل هذا الرجل في ثلاث مراحل الأولى عندما كان مدرسا في المدرسة الأحمدية في أوائل أربعينيات القرن الماضي، وقد سعدت به مدرسا لي استفدت كثيرا مما كان يقدمه في الفصل من دروس، وكان حريصا على أبنائه الطلاب من جميع النواحي. والمرحلة الثانية عندما كان مشرفا ومدرسا في معهد الكويت الديني، وكان يومها شعلة من النشاط لا يتأخر عن عمل أي شيء في سبيل إظهار المعهد المذكور بالصورة الحسنة، ولقد كان يعني بالنظام وبالأنشطة المدرسية وبالزراعة والنظافة ويحرص على إقامة نشاط مسرحي سنوي يؤمه الشيخ عبدالله الجابر الصباح بصفته رئيساً لدائرة المعارف وعدد كبير من كبار القوم في ذلك الوقت.
أما المرحلة الثالثة فقد كانت مرحلة مهمة لقد صار التلميذ زميلا لأستاذه، عملنا معا في وزارة التربية، وصار اتصالي به شديدا ومعرفتي بطرقه في العمل شاملة، ولقد قام في الفترة التي زاملته فيها باستلام المبنى الجديد لمعاهد التربية الخاصة وهو الذي لايزال قائما في حولي وقد اتسع بنيانه حتى صار في ما يشبه المستعمرة التي تجدها ملآى بالناس طول الليل والنهار وذلك لأنَّ فيها الدراسة والأنشطة المتعددة والسكن الداخلي. ولقد كان انتقاله بأبنائه وبناته من المعاهد المتناثرة إلى هذا المبنى الكبير الذي يحتاج إلى إدارة من نوع خاص انتقالا مهما بالنسبة لوزارة التربية وبالنسبة للأستاذ أيضا، لقد قدم إلى أجواء جديدة ولكنه سرعان ما تأقلم معها وصار يؤدي واجبه وكأنه يعرف هذا المكان منذ زمن طويل.
ولد الأستاذ عبدالعزيز الشاهين في سنة 1923م، ودرس على أيدي عدد من علماء الكويت، ثم درس في المدرسة المباركية وأنهى السنة الأولى الثانوية، والتحق بالعمل في سلك التدريس وتابع حياته العملية على النحو الذي أشرنا إليه خلال حديثنا في هذا المقال، ووصل إلى درجة الوكيل المساعد في وزارة التربية في سنة 1976م، ولكنه بقي في عمله المتعلق بمعاهد التربية الخاصة. إلى أن تقاعد في اليوم الثاني من شهر سبتمبر لسنة 1983م.
وبقيت علاقتنا به مستمرة، فهو مرتبط روحيا بهذا المجال الكريم من مجالات العمل وهو: التعليم، ولذا فقد كان مصرا على الالتقاء الدائم بمن شاركهم هذه الحياة. وبقي على هذه الحال من الاتصال الدائم إلى أن توفي في اليوم التاسع عشر من شهر ديسمبر لسنة 1988م، وترك في نفوسنا حزنا شديداً لفراقه، رحمه الله.
وفوق ذلك فإنه قد اتفق لي أن أصحبه في بعض الرحلات الخارجية في مهمات رسمية لها علاقة بالعمل فكان نعم الرفيق في السفر، وكان يحرص على المواعيد، وعلى استيعاب كل ما يطلع عليه في الأماكن التي نزورها، ثم يقوم بعد ذلك بمقارنة ما رآه مع ما هو عنده في المعاهد الخاصة، فقد كان يتطلع إلى مصلحة عمله أينما كانت، ومن أي جهة أخذها.
٭٭٭
بدأنا مقالنا هذا بالحديث عن صورة تاريخية، ولقد كانت صورة جديرة بأن نتحدث عنها، ونثني على صاحبها الشيخ صباح السالم الصباح. وهي صورة تحمل مدى ما كان يقوم به الشيخ من جهة في سبيل دعم الدراسة والنشاط في معاهد التربية الخاصة ثقة منه بأن الفئة المستفيدة منها تستحق العناية. ونحن اليوم نشهد ثمرة هذا الاهتمام في كثير مما تقدمه الدولة من إمكانات لأبنائنا ممن قُدِّر لهم أن يتعرضوا إلى التصاق صفة ذوي الاحتياجات الخاصة بهم. وهم يستحقون أن نقدم لهم كل ما نستطيع أن نقدمه من جهود لأنهم بعض من لحمة هذا الشعب من أبناء الكويت الغالية.






ملحاق خير:

مضى الأمر كما هو في المقال الذي يصاحبه هذا الملحاق، إلى أن علم الأستاذ الفاضل محمد جعفر الكندري، الوكيل المساعد للتعليم العام بوزارة التربية بمدى اهتمامي بالحصول على صورة الشيخ صباح السالم الصباح التي تحدثت عنها كثيراً، فقام - مشكوراً - بمتابعة البحث عنها إلى أن استطاع العثور عليها في معاهد التربية الخاصة، وهم الذين كانوا ينكرون وجودها لمن طلبت منهم أن يتصلوا بهم للسؤال عنها. وأنا إذ أشكر الأخ الكريم محمد جعفر الكندري على ما قام به، لأرجو أن يتنبه المسؤولون في تلك الهيئة التربوية الكبيرة إلى أهمية الحفاظ على تراثها، وألا يفرطوا بالآثار القديمة التي تركها الذين كانوا من قبلهم منظمة مرتبة محفوظة، ومن المهم أن ينظروا إلى ما تركه أستاذنا عبدالعزيز الشاهين من أعمال بارزة تؤكدها الوثائق والصور الكثيرة التي لا نجد لها أثراً الآن، وكأن الأمر لا يعني هؤلاء العاملين مؤخراً في إدارة معاهد التربية الخاصة.
ألقيت نظرة على ما جاءني من الأستاذ الفاضل محمد الكندري فوجدت الصورة التي أقصدها تماماً كما هي حين حضرت لحظة تصويرها، ولكني وجدت الكتابة مختلفة، وبخط مختلف وكم كنت أتمنى أن أجد الكلمة التي كتبها الشيخ صباح السالم الصباح كما هي وبخطه ولكن ذلك صار في نطاق المستحيل فقد ضيعوا كل شيء.
أرفق الصورة المشار إليها مع هذا الملحاق، وأحيل إلى ما تذكرته من أقوال الشيخ صباح رحمه الله. كما أورد شكري للأخ الكريم الأستاذ محمد جعفر الكندري وكيل وزارة التربية المساعد لشؤون التعليم العام فلولاه لم أحصل على الصورة وإن كان ينقصها الكلام الأصلي.


الوطن 5 ديسمبر 2012
الأزمنة والأمكنة

د. يعقوب يوسف الغنيم

http://watanpdf.alwatan.com.kw/alwat...2-12-05/40.pdf

http://watanpdf.alwatan.com.kw/alwat...2-12-05/41.pdf
__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-12-2012, 10:26 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي



__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-06-2014, 11:45 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي

__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-06-2014, 11:58 PM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي

__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كوب وصحن وزارة التربية mub2 الصور والأفلام الوثائقية التاريخية 1 09-10-2011 09:13 PM
أول وفد كويتي إلى مؤتمر التربية الدولي عام 1958 bo3azeez الصور والأفلام الوثائقية التاريخية 0 23-04-2011 06:38 PM


الساعة الآن 02:52 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت