راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-05-2010, 01:44 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي مَرَّتَيْن.. مَرْتِينْ.. مارتيني - يعقوب الإبراهيم

بقلم : يعقوب يوسف الإبراهيم




عنوان موضوعنا كأنه احد الالغاز في مسابقة البرنامج التلفزيوني «من سيربح المليون»، لقد تعارضت الاهواء ولم تحسم الآراء، لان لغة الكلام تعطلت فلم نسمع أو نقرأ عن الامر شيئا، فقد اطبق الكل فمه وامسك قلمه وحل التمترس محل التواصل وهذا - لعمري - شأن المقل في تقصي المعرفة، وليس هذا بغريب، فمن أين تأتي الثقافة؟ اذا كان الانسان في ربوعنا العربية يقرأ ما يعادل ربع صفحة فقط من كتاب سنويا، بينما يقرأ اخوه في الانسانية بالمجتمعات المتحضرة معدل يتراوح بين 12 الى 10 كتب سنوياً، (راجع تقرير التنمية البشرية لهيئة الامم المتحدة).

كان الخلاف في قراءة كلمة واحدة بين اكاديميين كويتيين بوثيقة قديمة فجاءت اوصافهم فيها متضادة، وقراءة الوثائق كما هو معلوم تحتاج الى معرفة ودراية، فأسلوب الكتابة فيها وركونه في معظم الاحيان الى مفردات اللهجة الشائعة آنذاك والتي اضحت بحكم التقادم لغة دراسة تحتاج لكشفها عين مدربة لماحة ترصد المشهد فتدرك المقصد، والا فان ضياع المعنى يكمن حتما في عدم الالمام التام بالمضمون، فالمتأمل في الوثيقة المنشورة يجدها تتكلم عن اعانة حربية ذكرت فيها المدافع والركائب والبنادق خاصة فأعلنت عن اسمها لما يحمل من شهرة طاغية (كما سوف نرى لاحقا)، وعند استعراضها اخفق الاول حينما فهمها مَرّتين (مثنى مرة) واصاب الثاني حينما ميزها بأنها تعني بندقية قديمة مشهورة في تاريخ المنطقة.

فالى كل من د. العصفور ود. الوقيان الشكر الذي لولاهما لما فتح الباب للتعرض لموضوع لم يسبق الكتابة عنه بتفاصيله - حسب علمي - وان كان قد يذكر اقتضابا.
وعلى الرغم من الانتظار وإلى تاريخ نشر هذا البحث، لم أجد بارقة أمل في الأفق فعزمت ان لا يمر الأمر مرور الكرام لينتهي إلى كلمة مبهمة، قد تتردد في الكتابة أو الشعر والحديث ولكن معناها سيظل غامضا إلى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا.
فعزمت هنا ان اشرك القراء الكرام ولا أمن عليهم بما توفر لي من مراجع تتبعتها وضممت إليها قرائنها وحققتها فعزوتها إلى أصحابها، علني اتيح فتح كوة ــ وان صغرت ــ للتعريف ولكنها حتما سوف تضيف بعدا جديدا للمهتمين بتاريخ منطقتنا وأهلها، والذي لا نزال نجهل منهما الكثير، وأرجو ان أكون غير مسبوق في هذا.
موضوعنا هنا هو سلاح واداة حرب لعبت دورا كبيرا في تشكيل الكيانات السياسية. هذا السلاح الذي بدأ انتشاره في الخليج أواخر القرن التاسع عشر وتحديدا عام 1888م. والذي اشتهر بمسميات محلية عديدة مثل «المارتين» و«المارتيل» و«الماطلي» و«ما شا الله» و«السلطاني» إلخ..

كانت بندقية حديثة بمقاس ذلك الزمان، بل نقلة تقنية كبيرة عما كان شائعا منذ القرن الخامس عشر في أوروبا وبعدها انتقلت إلى العالم بأجمعه ومنها بلدان الخليج والجزيرة العربية أسلحة نارية استعيض بها عن السيوف والرماح بشكل بنادق بدائية تحشى ماسورتها الطويلة بالبارود وتدك جيدا بقضيب معدني ثم تلقم الماسورة بكرة معدنية صغيرة.
ثم يضغط الزناد المحمل فتيله بالكبريت مفجراً بارود الماسورة ليطلق تلك الكرة الى هدفها. كانت تلك العملية تستغرق وقتاً طويلاً وبالاضافة الى ذلك سرعة تأثر محتوياتها من بارود وما شابه بقسوة الانواء الجوية كالامطار او الرطوبة او الاتربة والطين، مما يؤدي الى فسادها وعدم اشتعالها ثم انفجارها.

وقد اطلق على تلك البنادق في اوروبا اسم «موسكت» MUSKAT واصلها كلمة MUSCA اللاتينية وتعني حشرة او ذبابة سريعة الحركة ومنها جاءت مفردة MOSQUITO، وقد يكون الاسم جاء وصفاً للكرة المنطلقة، والتي اصبحت فيما بعد تصنع من معدن الرصاص لسهولة صهره وتشكيله ولثقل وزنه لتصبح ذخيرة تؤدي نتيجة أفضل. وقد عرفها الناس ومنذ ذلك الوقت والى يومنا هذا بــ «الرصاصة» والجمع رصاص مع العلم ان اسمها الشائع عند العامة هو «فشكة» جمعها «فشك» والكلمة من اصل تركي.
اما اسماء البندقية قديماً عندنا فهي: «الدچ» من الدك او «الفتيل» و«الخماسي» و«المقمّع» وفي البادية الشمالية وبلاد الشام فيطلق عليها مسمى «البارودة».

تطور صناعة البنادق
أطل القرن الثامن عشر ببواكير الثورة الصناعية التي زاملتها اشتعال الحروب الاوروبية عندما ابتلت بمآسيها القارة اجمع حيث صاحب تلك الفترة تسابق محموم في التسليح، حينما تبنى العلم ما ينكره السلم. فساعد التطور المشهود في كل الاصعدة الصناعية ومنها عمليات صهر المعادن وصبها فسهل من انتاج مواسير جيدة الصنع عالية الكفاءة استخدمت في تحسين نوعية المدافع والبنادق واجزائها المختلفة، مما ادى الى تنام في الابتكارات والتصاميم لتلبية الحاجة الملحة للطلب المتنامي.

يعتبر عام 1860 نهاية خدمة الــ «موسكت» والتعبئة الامامية الخطرة، والاستعاضة بعبوة صغيرة تحمل البارود والكرة معاً في وعاء واحد لتلقم في جوف يقع في مؤخرة الماسورة او ما يطلق عليه عسكرياً السبطانة، فتكون التعبئة خلفية مغلقة امنة BREECH LOADING، فابتدأت الجيوش الاوروبية استعمال هذا النوع من البنادق. وتوالت الابتكارات في التطوير حتى بلغت 3355 ابتكارا في فرنسا وحدها.

قصة المارتيني
كان من البارزين في هذا المضمار صانع بنادق مشهور من اصل هنغاري هاجر الى سويسرا وهو فردريك فون مارتيني (1832 ــ 1897) MARTINI - يشتبه البعض خطأ بأنه ايطالي - فأجاد انتاج هذه البندقية بمستوى عال من المواصفات حيث صممت خصيصاً لتعبئة ذخيرتها بالطريقة الآمنة، كما احتوت على مغلاق متحرك ينخفض عند فتح الماسورة ويرتفع عند اغلاقها بسرعة فائقة، مما يجعل قابلية الممتهن على استعمالها لاطلاق 20 رصاصة في الدقيقة الواحدة. اضافة الى ذلك انقص طولها ليصبح 85 سم او ما يعادل 33 انشا واصبح وزنها اربعة كيلوغرامات ونصفا او ما يساوي عشرة باوندات وعبوتها رصاص من عيار 45 ملم يصل مداها ما يفوق الالف ياردة بكثير.

في عام 1868 تم تسويقها في بريطانيا فاستحوذها صانع الأسلحة الاسكتلندي الكسندر هنري HENRY، فأصبح اسمها مارتيني - هنري. وأجريت عليها تطورات واختبارات من قبل الجيش البريطاني قبل إدخالها للخدمة من ضمن أسلحته لتوضع تحت رقابة مجلس مراقبة التسليح في المصنع الملكي للأسلحة الخفيفة في مارس 1869، فوضعت لها أربعة تصاميم، ونجح التصميم الأخير في الاختبار. وفي أكتوبر من نفس السنة تمت الموافقة بعد استحداث تعديلات بسيطة أخرى. فصرفت على أثرها للتجربة الميدانية في مدرسة البنادق في مدينة هايث HYTHE في إنكلترا وإلى مفتشية البنادق في دبلن بايرلندا وإلى مديرية التسليح البحري في بورت سموث كما أرسلت للاختبار إلى مونتريال وأوتاوا في كندا وكراتشي وروال بندي بالهند والتل الكبير بمصر وسواكن في السودان. وكان الغرض من ذلك معرفة تلاؤم استعمالها في مناطق وأجواء مختلفة من العالم لمعرفة قدرة تحملها تحت الثلوج والأمطار والحرارة والعواصف الرملية فحازت على موافقة مصلحة المعدات والتسليح البريطانية فوزعت على قطاعات كبيرة من القوات والجيوش البريطانية في أنحاء العالم في منتصف السبعينات من القرن التاسع عشر. صادف ان تكون التجربة الميدانية الحقيقية خلال حرب الزولو ZULU WAR.

الأشهر في العالم
في جنوب افريقيا حينما طلبت بريطانيا من مملكة الزولو ان تحل جيشها لكثرة تعرضه إلى المستوطنين الأوروبيين في جنوب افريقيا. وحينما رفض ملك الزولو ذلك نشبت معارك كبيرة ابتداء من يناير 1879. عندما تحركت قوة بريطانية قوامها خمسة آلاف جندي تساندها قوة من المجندين الافريقيين يربو عددهم على ثمانية آلاف محارب إلى أراضي الزولو ZULULAND والتحمت في أول معركة بتاريخ 22 يناير من نفس السنة حينما هاجمت قوة تعدادها عشرة آلاف من مقاتلي الزولو الأشداء قوة بريطانية يبلغ عددها ثلاثة آلاف جندي لم يبق منهم إلا 55 جنديا بريطانيا وثلاثمائة جندي افريقي في معركة بافلو ريفر BUFFALO RIVER، وفي اشتباك آخر في روركس درفت RORK›S DRIFT استمرت معركة متواصلة لمدة 12 ساعة خلدها الفيلم البريطاني المشهور «زولو» zulu عام ‍1964 لعبت بندقية مارتيني - هنري دوراً أسطورياً كبيراً في انتصار البريطانيين على مجاميع هائلة من مقاتلي الزولو الأشداء. فطار صيت البندقية لتصبح الأشهر في العالم جنباً إلى جنب مع بندقية الموزر الألمانية MAUSER.

وابتدأت الجيوش البريطانية في الاعتماد عليها بعد تلك المعركة الحاسمة في تسليح قوات مشاتها في كل مستعمراتها وأهمها الهند، التي ذاعت شهرتها فيها مع منتصف الثمانينات من القرن التاسع عشر.


وصولها الى الخليج
اما كيف ظهرت هذه البندقية في الخليج وتاريخ وصولها؟
تدفعنا الادلة بأن هذه البندقية لم تكن معروفة حتى تاريخ 1888م حيث لم يظهر لها اي ذكر في ما كتب عن المنطقة من رحالة عرب كانوا او اجانب، ولم تظهر في رواياتهم واهازيجهم واشعارهم والشعر كما نعرف هو ديوان العرب.
وترجع الاسباب اولا لحداثتها وتطورها وحصر السلطات البريطانية غرض استعمالها لجيوشها فقط، للخوف من وقوعها بأيدي القبائل الهندية الشمالية والافغانية الدائمة الثورة ضدها، اضافة لغلاء سعرها مقارنة بالبنادق المستعملة انذاك، من انتاج تركي عثماني، او فارسي ايراني، او من صنع الحدادين المحليين المتخصصين بصنع الاسلحة.

اما ظهورها في عام 1888م وفي قطر بالذات، لاعتبار ذلك التاريخ حدثا مفصليا، وهو ما ذكره كتاب التطور السياسي لقطر منذ عام 1868 ــ 1916 د. عبد العزيز محمد المنصور رسالة اكاديمية مجازة من جامعة الكويت عام 1970 ويذكر فيها ص 179ــ180: -
«يعتبر عام 1888 عاما بلغت فيه حمى الحرب بين قطر وابوظبي اشدها، فقد اغارت قبيلة المناصير على اطراف الدوحة وقام المغيرون باعمال سلب ونهب الخ».

ويضيف «فقد حدث الهجوم في اواخر الليل على حين غفلة منهم، وخرج القطريون المدافعون لردهم، فقتل منهم كثيرون على رأسهم علي ابن الشيخ جاسم بن ثاني، وكان يلقب بـ «جوعان» وقد روى الشيخ جاسم في رسالة طويلة له ارسلها الى الامير عبدالله بن ثنيان ال سعود المنفي في اسطنبول، يذكر عدد قتلاه الذين بلغوا خمسين، ومثلهم من الجرحى للمعركة التي وقعت في 18 رمضان 1305 هــ ــ 30 مايو 1888 كان موقف الشيخ جاسم بن ثاني حاكم قطر صعبا للغاية بعد هذه المعركة، حتم عليه ان يدخل فيه أطرافا قوية تكون عونا له في كسر شوكة شيخ ابوظبي، وتلك القوى هي امارة آل رشيد في حائل، كما كتب الى الباب العالي انه في حربه سوف يكسر النفوذ البريطاني الذي يساعد اعداءه، وكتب كما اسلفنا الى عبدالله الثنيان يطلب منه عرض طلبه على السلطان عبدالحميد» انتهى.

دور الابراهيم في الإسناد
لم تفلح كل تلك المساعي، ولكن ما ان بلغ مسامع الشيخ يوسف الابراهيم وانتخاء الشيخ جاسم به، وما يربطهما من عصبية وصداقة وعلاقة ومصالح حتى هب الى النجدة بتوفير السلاح، ولم يكن الشيخ جاسم بحاجة الى الرجال، فعنده وفق قول محمود شكري الالوسي في كتابه تاريخ نجد ص54: «هو مسموع الكلمة بين قبائله وعشائره وهم الوف مؤلفة».
بالرجوع مرة اخرى الى المصدر السابق للمنصور ص163 ــ «لقد امده يوسف الابراهيم بمعونات جمة اثناء تلك الحرب بين قطر وابوظبي». والمقصود بذلك السلاح.
كما تظهر هذه المعونات في تقرير كتبه الوكيل المحلي البريطاني في البحرين عبد الرسول احمد الى المقيم السياسي البريطاني في الخليج في ابو شهر الكولونيل ادوارد تشارلس روس Ross في 10 ربيع الاول 1306هـ 15 نوفمبر 1888. يخبره بتفاصيلها.
ويذكرها تقرير آخر كتبه القنصل الالماني في بغداد، حديثا نقله عن المشير رجب باشا قائد الفيلق السادس في بغداد وكان ضابطا برتبة بكباشي - مقدم - في حملة مدحت باشا على الاحساء عام 1871 وكان قد عاصر احداث عام 1888 في المنطقة ذكر تلك المساعدات:
«بان يوسف الابراهيم كان اكبر من ورد السلاح في حينها في شبه الجزيرة العربية».
المرجع سجلات وزارة الخارجية الالمانية برلين 2 نوفمبر 1897 BERLIN AAR 1326A RICHAAR 2 NOV 1897.

ويحتوي الارشيف الروسي ملف برقم 1245 صادر من السفارة الروسية في الاستانة في تلك الفترة تقريرا محتواه «حصل كروغلوف (القنصل الروسي) على معلومات بمصادرة عشرين صندوقا يحتوي على بنادق مارتيني واعتدة محمولة على سفن شراعية الى قطر من الهند».
وجاء ذكر الحادثة نفسها تقرير المقيم السياسي البريطاني بالخليج في بوشهر الكولونيل روس ROSS في 17 فبراير 1889 حول المعنى نفس
R/15/1/183 - 192 OLD RECORDS FILE 626.

كل هذه الأدلة تثبت التواجد البارز لآل ابراهيم في الهند، مما سهل للشيخ يوسف وسيلة الاتصال والانتقال وتوظيف العلاقات الوطيدة مع المنتفذين في الادارة البريطانية، فاستطاع تلبية نداء الواجب بردف الشيخ جاسم بن ثاني بما يحتاجه من تلك السلاح.
من هنا يمكننا بما عرضناه من شواهد ان نصل الى الدليل الواضح الجلي الذي يثبت ومن دون ادنى شك ان هذه البندقية ظهرت ولأول مرة في معركة ختور الفاصلة في 13 يناير 1889.

قصائد مدونة
وقد أرخها الشيخ جاسم بن ثاني بقصيدة طويلة (راجع ديوانه) ذاكرا لأول مرة بندقية (المارتيل) كما اسماها:
لك الحمد يا مبري كبود الغوايل
ويا منصف من كل باغي وعايل
بنمرا تحمل الكار والنار فوقها
لطمنا بها راس الحقيق المذايل
وجرد عديناها لهذه ومثلها
عليها صنع (المارتيل) السلايل
وفي موقع آخر من القصيدة يذكر اسما آخر (الماطلي)
ملكها وعزت واستقرت وسادها
(بالماطلي) والسيف لا بالرسايل
كما ذكرها لاحقا بــ (المارتين) مؤرخا معركة الوجبة 3 ابريل 1893
فخلى لنا الطاغي مقاود عساكره
ورخص لنا (بالمارتين) والنار

التهريب والانتشار
انتشرت تلك البندقية لتصبح اكثر شهرة من نار على علم وامتلأت التقارير البريطانية باخبارها فهبت حكومتها للحد من انتشارها. يؤكد ذلك ما كتبه احد الصحافيين البريطانيين هنري ويكام WHIGHAM الذين زاروا الخليج مع بزوغ القرن العشرين ونشره في كتابه المشكلة الفارسية THE PERIAN PROBLEM «ان بنادق المارتيني التي اتسع نطاق استيرادها منذ مدة ليست بعيدة هي من الاسلحة الفتاكة الخطرة».

ويعود لذكرها مرة اخرى «ان الناس هناك بحوزتهم كميات كبيرة من بنادق المارتيني - هنري».
وفي كتاب الأوضاع القبلية في ولاية البصرة 1918/1908 كتب د. خالد حمود السعدون ص 245 في فصل عن انتشار السلاح وتجارته وتهريبه في الخليج عما سجله القنصل الاميركي في بغداد قبيل الحرب العالمية الاولى واحتلال بريطانيا العراق، وكان ما كتبه في 29 يوليو 1912 استشرافا لما حدث بعد عامين: «ان الانكليز يحاولون منذ زمن طويل ان يجعلوا نفوذهم محسوساً بين عرب ما بين النهرين، فقد وزعوا بينهم اولاً بنادق الموزر والمارتيني على امل ان يقاتل بعضهم بعضاً فيصبح الطريق ممهدا امامهم لاحتلال هذه البلاد».
وقبلها على ص 80 جاء فيها عن تعليق للمقيم البريطاني في بغداد على هزيمة القوات التركية في 18 مايو 1909 حينما هاجمتها اعداد من القبائل على نهر دجلة:
«لقد استنفد المشاة المسلحون ببنادق الموزر MAUSER كل ذخيرتهم تقريباً من مسافة تتراوح بين الف وخمسمائة ياردة والالفين، حيث كانوا خارج مرمى العدو المسلح ببنادق مارتيني، ثم هربوا في ذعر على ظهور سفنهم».

تجارة السلاح والمصادرة
كل ما تقدم يدفعنا الى التمعن في اسباب ازدهار تجارة بندقية المارتيني خصوصا، والاسلحة عموماً، وترجع الاسباب الى كثرة الحروب الاقليمية واضطراب الامن في مناطق شاسعة تمتد من شبه القارة الهندية مرورا ببلاد الافغان وايران وبلاد ما بين النهرين والخليج وشبه الجزيرة العربية، فمثلا كانت تداعيات الحرب الافغانية الثالثة 1880/1879 وتدفق قبائلها على الخليج للتزود بالاسلحة نتيجة قرارات مؤتمر بروكسل عام 1890، الذي منع بموجبه تجارة الاسلحة في شرق افريقيا، وكان مركزها الرئيسي زنجبار الذي يموّن حاجة الافغان من السلاح، فتحولت تلك التجارة الى الخليج لتصبح مسقط هي البديل لزنجبار، وكلاهما يحكم قبل آل بوسعيد سلاطين عمان وزنجبار، لتنتشر بعدها على ساحل الخليج كله بشطريه العربي والفارسي ابتداء من مسقط وساحل عمان وقطر والبحرين والكويت، وعلى الجانب الآخر ساحل مكران وبندر عباس وبوشهر والمحمرة، مما اثار حكومة الهند البريطانية التي كانت تخشى ثورة القبائل الهندية، وخاصة الشمالية منها، والتي كثيرا ما كانت تخشى انتقال حركات العصيان الى مناطق اخرى في شبه القارة الهندية، ناهيك عن حروبها المتكررة في افغانستان، فجعلها تفرض على امارات الخليج العربية المرتبطة معها بمعاهدات حماية، اتفاقيات بتحريم تجارة الاسلحة، ويفعّ.ل دور الاسطول البريطاني المرابط في الخليج في عمليات تعرض للسفن الشراعية الخليجية وتفتيشها ومصادرة حمولتها الممنوعة، فمثلا بلغت اعداد البنادق المصادرة في عام 1909 ما يقارب ستة آلاف وثمانمائة وتسع وسبعين بندقية، اضافة الى ذخائر بلغت ما يقارب المليون طلقة، وعلى الرغم من ذلك فقد باءت تلك الجهود بالفشل، لان تلك السفن ابتدأت برفع الاعلام الفرنسية عليها بمساعدة تجار الاسلحة الفرنسيين المقيمين في الخليج ومباركة حكومتهم، فجنبها عمليات التفتيش.
واهم هؤلاء التجار والوكالات الفرنسية أم.أم بيجو وانطوان غوغيه GOGUYER الذي يعد من انشطا التجار، وقد زار الكويت وله فيها علاقات قوية، ولويس ديو Louis Diew والبرت لاغاسيه Albert la Gase.
بلغت مبيعات هؤلاء التجار تقديرا في اواخر القرن التاسع عشر حوالي مليوني جنيه استرليني عبارة عن اسلحة وعتاد، حيث بلغت اعداد البنادق ما يفوق العشرين الف بندقية وفي بداية القرن العشرين قفز الرقم الى خمسة ملايين جنيه.
كانت اهم الدول المصدرة للسلاح الى الخليج هي بريطانيا وفرنسا والمانيا وبلجيكا:
تتبعها بالدرجة الثانية ايطاليا والنمسا ورومانيا.

مخزون الكويت من الأسلحة
من الجدير بالذكر وما ظهر في سجلات مكتب الهند في لندن تقرير عام 1909 الجزء الخامس ص78 INDIA OFFICE RECORDS.
ان تقديرات المخزون في الكويت عام 1909 من الاسلحة ما يقارب اربعة عشر ألف بندقية وعشرة آلاف صندوق ذخيرة معظمها من المارتيني على الرغم من صدور اوامر عام 1900 بمنع وتحريم تجارة السلاح.

أسعار المارتيني وأحجامها
تعد البندقية الانكليزية المارتيني هي الافضل لجودتها، تليها الالمانية والبلجيكية. والمارتيني هي نوعان طويل وقصير، وكانت اسعار الجملة في بداية القرن العشرين حوالي سبع وثلاثين روبية للحجم الصغير واثنتين واربعين روبية للكبير. ويبيعها تجار التجزئة بخمس واربعين روبية للصنف الصغير واثنتين وخمسين روبية للكبير، كما انتشرت مسدسات المارتيني خاصة في المناطق الفارسية حيث نسبة المبيعات منها %60 والمناطق تحت النفوذ العثماني %25 والباقي في الخليج وشبه الجزيرة.

مصادر ومراجع
بالاضافة الى المصادر المذكورة ضمن الموضوع فقد استعين بالمراجع التالية:
- قصة البندقية - جون والتر THE RIFLE STORY
- بحث على بندقية المارتيني البريطانية العسكرية - ب. أي تيمبل وآي د. شيكرتون
A TREATISE ON THE BRITISH MILITARY MARTINI
- دائرة معارف الحروب البرية في القرن التاسع عشر - بارون فارويل..
THE ENCYCLOPEDIA OF 19th CENTURY LAND WARFARE
- كتاب الاسلحة THE BOOK OF WEAPON ريشارد هولمز.
- الاسلحة البريطانية المشهورة - جورج كورتاويلد
THE GREAT BRITISH WEAPONS
- دليل الامور العسكرية - ويندروغرين
MILTARIA DIRECTORY
- سجلات وتقارير المقيمة السياسية في الخليج - بوشهر عن الأعوام 1879 - 1914.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-05-2010, 01:50 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

اقتباس:
وعلى الرغم من الانتظار وإلى تاريخ نشر هذا البحث، لم أجد بارقة أمل في الأفق فعزمت ان لا يمر الأمر مرور الكرام لينتهي إلى كلمة مبهمة، قد تتردد في الكتابة أو الشعر والحديث ولكن معناها سيظل غامضا إلى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا.
فعزمت هنا ان اشرك القراء الكرام ولا أمن عليهم بما توفر لي من مراجع تتبعتها وضممت إليها قرائنها وحققتها فعزوتها إلى أصحابها، علني اتيح فتح كوة ــ وان صغرت ــ للتعريف ولكنها حتما سوف تضيف بعدا جديدا للمهتمين بتاريخ منطقتنا وأهلها، والذي لا نزال نجهل منهما الكثير، وأرجو ان أكون غير مسبوق في هذا.

عندما يكتب الأستاذ يعقوب الإبراهيم ... عن موضوع ما .. تخرج مقالتة بأفضل حلة وأجمل صورة .. فتخرج شاملة كاملة تلم جميع أطراف الموضوع خالية من الإطالة والحشو الممل .. ولعل موضوعنا هذا لأقرب مثال حي ..

بالفعل مقالة رائعة .. يشكر عليها كثيراً
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اللؤلؤة الثاقب أم الشيخ محمد - يعقوب الإبراهيم AHMAD المعلومات العامة 9 19-07-2010 12:32 PM
جاسم محمد الإبراهيم AHMAD الشخصيات الكويتية 4 02-06-2010 01:29 PM
رسائل حفظت تاريخاً من يد العبث - يعقوب يوسف الإبراهيم AHMAD الوثائق والبروات والعدسانيات 2 19-04-2010 10:38 PM
جاسم آل إبراهيم.. سرِي من الكويت أنصفه السابقون وجحده اللاحقون (1) يعقوب الإبراهيم AHMAD الشخصيات الكويتية 4 24-02-2010 11:04 PM
نقعة الإبراهيم - يحي الربيعان AHMAD تاريــــــخ الكـويت 3 14-02-2008 01:21 AM


الساعة الآن 05:15 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت