راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > البحوث والمؤلفات
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-06-2010, 11:20 PM
الصورة الرمزية أدبنامه
أدبنامه أدبنامه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: في كل مكان يذكر فيه اسم الله
المشاركات: 284
افتراضي دور التنشئة الاجتماعية والإعلام والمجتمع المدني في تحقيق الوحدة الوطنية

دور التنشئة الاجتماعية والإعلام والمجتمع المدني


في تحقيق الوحدة الوطنية





ورقة مقدمة إلى:


مؤتمر الوحدة الوطنية


رابطة الاجتماعيين


24-25/3/2008




إعداد


د. يعقوب يوسف الكندري


عميد كلية العلوم الاجتماعية


أستاذ الاجتماع والأنثروبولوجيا المشارك


مارس / 2008







دور التنشئة الاجتماعية والإعلام والمجتمع المدني في الوحدة الوطنية


مقدمة:-
لعل هاجس الوحدة الوطنية هي الهاجس الرئيس الذي يشغل السياسيين والاجتماعيين، وصناع القرار السياسي والسلطة التنفيذية والتشريعية في الوقت الراهن. فالوحدة الوطنية كما يعتبرها الجميع هي الخط الأحمر الذي لا يسمح لأحد أن ينال منها، وهي الهدف الرئيس الذي تتجمع من خلاله كافة الفئات والشرائح الاجتماعية داخل المجتمع لتحقيقه. فهي الشعار الذي يرفعه الجميع دون استثناء، وهي المقولة التي لا يقبل أي طرف من الأطراف أو أي من الفئات أن تشعر بأنها تسعى بصورة مقصودة أو غير مقصودة في هدمها، أو شق جدرانها المبنية عليها، أو زعزعة بناءها.

فالوحدة الوطنية هي مفهوم يشترك فيه الجميع لتحقيقه. ولكن يبقى السؤال عن ما هي المؤثرات والمخاطر التي من الممكن أن تزعزع من هذا المفهوم، وما هو دور بعض المؤسسات الاجتماعية في تحقيق الوحدة الوطنية. وما هو الدور الملقي على مؤسسة الأسرة، والتنشئة الاجتماعية، وما هو دور المؤسسات الإعلامية المختلفة، وما هو دور مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق الوحدة الوطنية. ولعل الهدف الرئيس من وراء هذه الورقة هو الإجابة على هذه التساؤلات الرئيسة. فالورقة سوف تتناول بعض المحاور للإجابة على هذه التساؤلات. فهي ستتناول مفهوم التنشئة الاجتماعية، ودورها في تحقيق وغرس القيم المرتبطة بالوحدة الوطنية، وسوف يتم تناول مفهوم الوحدة الوطنية والوقوف على أبرز الملامح العامة للشرائح الاجتماعية داخل المجتمع المحلي، ومن ثم الوقوف على دور المؤسسات الاجتماعية بشكل عام على تحقيق وغرس القيم المرتبطة بالوحدة الوطنية، ومن ثم التركيز على دور الإعلام والمؤسسات الإعلامية، وكذلك المؤسسات الخاصة بالمجتمع المدني في تعزيز قيم المواطنة والوحدة الوطنية. وأخيراً يتم عرض مجموعة من التساؤلات المرتبطة بالوحدة الوطنية في إطار تقييمي خاص عن الوضع السائد في المجتمع المحلي. فمن خلال الإجابة على هذه التساؤلات يمكن عرض تقييمي للوضع الراهن داخل المجتمع المحلي فيما يتعلق بهذا المفهوم.



التنشئة الاجتماعية:
كما هو الحال في المصلحات الاجتماعية ، فإنه لا يوجد تعريف جامع مانع لمفهوم التنشئة الاجتماعية. ولكن من الممكن أن تعرف التنشئة الاجتماعية على أنها منظومة العمليات التي يعتمدها المجتمع في نقل ثقافته بما تنطوي عليه من مفاهيم وقيم وعادات وتقاليد إلى أفراده[1] وهناك من يمزج بين مفهومي التنشئة الاجتماعية Socialization ومفهوم التنشئة الثقافية Enculturation حيث ينشأ الفرد داخل إطار الثقافة ويغرس القيم الثقافية للمحيط الذي ينتمي إليه، فتنتقل إليه الخبرات من جيل الآباء إلى جيل الأبناء[2] وهناك من يرى بربط المصطلح ويترجمه إلى ما يسمى بالتطبيع الاجتماعي.[3]

ويعتبر دوركايم هو أول من استخدم مفهوم التنشئة الاجتماعية Socialization بالمعنى التربوي، وهو أول من صوغ الملامح العلمية لنظرية التنشئة الاجتماعية يقول دوركايم بصدد تعريفه لغاية التربية "إن الإنسان الذي تريد التربية أن تحققه فينا ليس هو الإنسان على غرار ما أودعته الطبيعة، بل الإنسان غرار ما يرده المجتمع. "فالتنشئة هي العملية التي يتم فيها ومن خلالها دمج ثقافة المجتمع في الفرد ودمج الفرد في ثقافة المجتمع. أما فرويد ، فيري بأن التفاعل الذي يتم بين الأنا الأعلى والهو عبر تدخل الأنا يمثل الجانب الأساسي في عملية التنشئة الاجتماعية..[4] ومن جانب آخر، تعرف التنشئة الاجتماعية على أنها ".. عملية التفاعل التي يكتسب فيها الفرد شخصيته الاجتماعية التي تعكس ثقافة مجتمعه.[5] وهي مجموعة من العمليات التي يكتسب الفرد من خلالها الاتجاهات والقيم والسلوك وذلك لكون الفرد ينتمي إلى كينونة ثقافية داخل المجتمع الذي ينتمي إليه[6] . والآباء هنا هم المسئولين المباشرين ويعتبرون القوة الأكبر لعملية التنشئة من خلال تعليمهم لأبنائهم التي يفترض أن تتم ممارستها من عدمه والتي من الممكن أن تختلف من ثقافة إلى أخرى[7] . وإن هذه العملية تعرف على أنها عملية للتفاعل الاجتماعي التي تستمر مع الأبناء طيلة حياتهم. فاكتساب المعرفة، والاتجاهات والقيم، وأنماط السلوك الأساسية يتم اكتسابها وتستمر مع الفرد طيلة حياته[8] فيما يكسبه الفرد في بداية حياته من مفاهيم عامة يظل مترسخا معه عند الكبر.

أما مفهوم التنشئة من الإطار الاجتماعي والنفسي، كما أشارت إليه أماني بديتي[9] من خلال عرضها للأدبيات المتعددة، فإنها تشير إلى أن إلكن Elkin يرى أن التنشئة الاجتماعية من الجانب الاجتماعي لا تركز على نماذج الفرد والعمليات الفردية، فهي العملية التي بواسطتها يتعلم فرد ما طرائق مجتمع أو جماعة حتى يستطيع أن يتعامل معها وهي تتضمن تعلم واستيعاب أنماط السلوك والقيم والمشاعر المناسبة لهذا المجتمع أو الجماعة. إضافة إلى أن التنشئة الاجتماعية كما يراها عبد الرحمن العيسوي هي العملية التي يكتسب الطفل بموجبها الحساسية للمثيرات الاجتماعية كالضغوط الناتجة عن حياة الجماعة والتزاماتها وتعلم الطفل كيفية التعامل والتفاهم مع الآخرين وأن يسلك مثلهم. فهي العملية التي يصبح الطفل بموجبها كائناً اجتماعياً.

أما مفهوم التنشئة من الإطار النفسي كما لخصتها أماني بديتي بأنها كل العمليات التي يكتسبها الفرد في دوافعه وقيمه، وآرائه، ومعتقداته، ومعاييره، وسمات شخصيته. وبوجه عام نجد أنه بينما يهتم الإطار الاجتماعي بتعريف التنشئة الاجتماعية بالطرق التي ومن خلالها يتعلم الفرد عادات وثقافة المجتمع، ويصبح عضواً فعالاً فيها، ونجد أن الإطار النفسي لتعريف التنشئة الاجتماعية يهتم بالفرد ودوافعه وميوله واتجاهاته والنمو الاجتماعي والنفسي والمعرفي والعقلي[10] .

"إذاً عملية التنشئة الاجتماعية هي عملية تعلم وتعليم وتربية، وتقوم على التفاعل الاجتماعي إلى إكساب الإنسان [طفلاً/مراهقاً/راشد] سلوكاً ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة حتى يتمكن من مسايره جماعته والتوافق الاجتماعي معها وتكسبه الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية العامة".[11] ويفترض أن التنشئة تتأثر مباشرة بعوامل من داخل أحد الأبوين (شخصيته) ومن الطفل نفسه (الصفات الفردية للطفل) ومن البيئة الاجتماعية التي تتداخل فيها العلاقة بين الأبوين والطفل لاسيما العلاقة الزوجية ، وشبكات العمل الاجتماعي ، والتجارب الوظيفية للآباء.[12] فعلى الرغم من أن عملية التنشئة الاجتماعية تشتد في مرحلة الطفولة، فمن الخطأ الاعتقاد في أنها عملية تتوقف عند هذه المرحلة، إنما تستمر هذه العملية في مرحلة المراهقة، وحتى في مرحلة البلوغ . وتلقى دراسة جين بياجيه الضوء على الدور الذي تلعبه البيئة الخارجية على الأسرة مثل جماعة اللعب وأثره على الطفل. إذ تمد جماعات اللعب الطفل بأول فرصة لدمج معايير السلوك الاجتماعي بفضل نموذج العلاقات الشخصية المتبادلة المميزة لمثل هذه المواقف ، ذلك لأن علاقة الطفل بالآخرين في نطاق الأسرة عبارة عن علاقة تبعية ودونية، ولكن في نطاق جماعة اللعب تصطبغ هذه العلاقات بطابع التعاون والمساواة، ويعتبر امتثال الطفل في محيط الأسرة امتثالاً خارجياً وعادة ما ينظم من خلال سلطة البالغين. ولكن الامتثال في محيط جماعة اللعب، على خلاف ذلك، يتحقق داخلياً عن القرار الحر للطفل بأن يطيع قواعد اللعب[13] . فجماعة الأقران هي المحطة الثانية التي يتعلم منها الإنسان بعد الأسرة والمدرسة والتي تسمي بثقافة الأطفال [14]Child Culture .

فالتنشئة الاجتماعية وفق ذلك كله عبارة عن تداخل لمفاهيم اجتماعية نفسية وتربوية تصب جميعها في إطار ثقافة المجتمع . وبالتالي ، فهي غرس ثقافي للأجيال من خلال آبائهم، وهي نقل للعناصر الثقافية بكل معانيها وبشقيها المادي واللامادي إلى الأبناء ، وإذا ما كانت هذه التنشئة قويمة ـ إذا صحت التسمية ـ فإن الأبناء سيكونون متكيفين مع الوضع الاجتماعي السائد داخل المجتمع . ومن الممكن تجديد التعريف الذي استقاه الأنثروبولوجي نبيل صبحي حنا[15]بأنها ـ أي التنشئة الاجتماعية ـ هي تدريب الطفل على التعامل الاجتماعي الناجح . فتبدأ الأسرة منذ نعومة أظافر الطفل بإدماجه في المجتمع عن طرق تلقينه واجباته نحو الآخرين ، كما تطالبه بأن يطابق سلوكه التقاليد والعرف والسلوك الاجتماعي السائد المقبول . وهي جميعها عناصر ثقافية تنتقل للأطفال وتستمر معهم طيلة فترة حياتهم لأنها قد ترسخت في بداية عمر الإنسان . فهي قواعد عامة من السلوك يستطيع الآباء تفعيلها بدور مميز حتى تكون تنشئة اجتماعية ناجحة وسوية من خلال عملية تفاعل ثقافي مع المحيط المجتمعي . وأن أي خلل في عملية التنشئة الاجتماعية سيصاحبها بشكل قطعي سلوكاً متأثراً بهذا الخلل باختلاف درجاته وتأثيراته مع العوامل الأخرى .



التنشئة الاجتماعية ومنظومة قيم المواطنة :
لاشك أن التنشئة الاجتماعية وفقاً لذلك كله هي التي تنقل وتعزز في الوقت نفسه القيم الاجتماعية عند الفرد داخل المجتمع . فهي التي تحدد الخطوط العامة لشخصية الفرد وما يملكه من قيم اجتماعية تتأصل فيه وتحدد سلوكه ، وتحدد أيضاً مستوى علاقاته مع الآخرين نتيجة لما كسبه من قيم محددة . فأبعاد القيم ثلاثة كما يوضحها فتحي مبروك([16]) تتمثل في البعد المعرفي ، وهي التي تضم المعلومات والمعرفة بما هو مرغوب به ، والبعد الانفعالي ، وهي الشحنة الانفعالية التي تنشط القيمة ، وإبداء الانفعال مثلاً عند انتهاك القيمة ويقاوم المواقف السلبية إزاءها ، وأخيراً البعد السلوكي والتي ترتبط بالأسلوب الذي يجب أن يسلكه الفرد تجاه موضوع معين .

فالقيمة هنا هي مجموعة من المعتقدات والمعاني التي يحملها الفرد وتحدد وتوجه رغباته واتجاهاته ، وهي في النهاية تحدد ما هو مقبول ، وما هو غير مقبول ، فهي التي تحدد له السلوك القديم أو الصحيح أو السلوك الخاطئ . وللقيم من هذا المنطلق وظائف متعددة. فبالإضافة إلى أنها تحدد المقبول وغير المقبول داخل المجتمع ، فإن القيم أيضاً كما يشير غسان سنو([17]) إلى أنها تستعمل لتقيم الذات ، وتقييم الآخرين المحيطين حولنا وإصدار الأحكام عليهم . وهي أيضاً تهيؤ الفرد لتقبل إيديولوجية أو سياسية أو دينية محددة على أخري ، ويتم توظيفها لتوجيه عرض ذواتنا على الآخرين بطريقة مقبولة بالإضافة إلى أننا نستطيع أن نقارن فيها بيننا وبين الآخرين بقضايا مختلفة ، وتعلمنا على اتخاذ مواقف محددة . ومن الوظائف الأساسية أيضاً للقيم، إنها تساعد بشكل مباشر ورئيس كما يشير حسين تكريتي([18]) على تماسك ووحدة المجتمع من خلال التشابه في المنظومة القيمية بين كافه أفراده . فيشير إلى أنه كلما اتسع مدى التشابه بين هؤلاء الأفراد ، كلما ازدادت وحدة المجتمع وتماسك أعضاؤه ، والاختلاف القيمي هنا يؤدي إلى اختلاف بين الأفراد ونشوء الصراع بين أفراد المجتمع ، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تفككه .



ولعل هناك العديد من القيم الاجتماعية التي يكتسبها الفرد في محيط مجتمعه . وهناك بعض الدراسات الاجتماعية التي حاولت أن تقدم قياساً عاماً لهذه القيم ، وحاولت أيضاً أن تحدد ماهيتها وطبيعتها . وقد حدد مقياس روكيتش للقيم مجموعتين من هذه القيم والتي قسمها إلى قسمين سميت بالقيم الغائية ، وقيم الوسيلة . فمن القيم الغائية هي تلك المتعلقـة بالاحترام الاجتماعي ، واحترام الذات ، والأمن الأسري ، والأمن القومي ، والتناغم الداخلي ( الانسجام مع الذات ) ، والجنة ( في حياة الأخرى ـ والخلاص ) ، والحب الزواجي ( المودة والألفة والجنس ) ، والحرية ( الاستقلال ، القرار الحر ) ، والحكمة ، والحياة المريحة ( مرفهة ) ، والحياة النشطة ، والسعادة ، والسلام العالمي ( عالم بدون حروب ) ، والصداقـة الحميمة ، والجمال ، والمتعة ، والمساواة ، والمشاركة . أما القيم الوسيلية فهي الابتهاج ، والإخلاص ، والأدب ، والاستقلالية ، والانضباط ، والانفتاحية ، والتفكير ، والخيالية ، والشجاعة ، والطاعة ، والطموح ، والمحبة ، والمساعدة ، والمسامحة ، والمسئولية ، والمقدرة ، والمنطقية ، والنظافة([19]) .

هذه المجموعة من القيم الاجتماعية التي يكتسبها ويتعلمها الإنسان من التنشئة الاجتماعية ، وعن طريق عملية التفاعل الاجتماعي . ويشير في ذلك باندروا [20]Bandyra إلى أن الإنسان يتعلم القيم من خلال عدة طرق أهمها الملاحظة والمحاكاة والتقليد . فالفرد يلاحظ ويقلد ومن ثم يكتسب عن طريق عملية التنشئة الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي . فالقيم هنا ستكون أحدى أبرز مكونات شخصية الفرد .

وبما أن القيم تحدد وتكون شخصية الفرد ، فإنها بذلك تحدد شخصيته الوطنية ، وتحدد انتماءه وعلاقته مع الآخرين . فمقدار ما يكتسب من قيم ذات علاقة وارتباط، بمقدار ما تتكون شخصيته وتتحدد اتجاهاتها نحو الآخرين ونحو الأشياء من حوله . فالقيم التي تحدد الشخصية الوطنية تنطلق من عدة أبعاد تتمثل في مدى احترامه للرأي والرأي الآخر ، وتقبل الآخرين مهما اختلف معهم . فعملية التفاعل بين الفرد والآخر تحددها ويرسمها الإطار القيمي ، وكذلك مدى التسامح أو المساحة التي يملكها الشخص في تعزيز هذه القيمة مع الآخرين باختلافه عنهم ، بالإضافة إلى حدود الخطأ والصواب والمقبول وغير المقبول من الآخرين . وكذلك شيوع قيم المحبة والمودة داخل المجتمع وفي شخصيات الأفراد . وهناك بعداً آخراً هام في الشخصية

[1] علي أسعد وطفه، التنشئة الاجتماعية ودورها في بناء الهوية عند الأطفال، مجلة الطفولة العربية، 2001، 8: ص. 93

[2] يعقوب يوسف الكندري ، الثقافة والصحة والمرض: رؤية جديدة في الأنثروبولوجيا المعاصرة. الكويت: مجلس النشر العلمي- جامعة الكويت ، 2003، ص. 30

[3] سيد أحمد عثمان، علم النفس الاجتماعي التربوي . الجزء الأول، التطبيع الاجتماعي. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية ، 1975

[4] انظر: علي أسعد وطفه، التنشئة الاجتماعية ودورها في بناء الهوية عند الأطفال، مرجع سابق، ص.ص: 92-93

[5] فوزية يوسف العبد الغفور ومعصومة أحمد إبراهيم، أساليب التنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة المبكرة عند الأسر الكويتية. المجلة العربية للعلوم الإنسانية، 1998، 64:54-100 ، ص:62

[6] Schgaefer, E., Children's reports of parental behavior, child Development, 36: 413-424, 1995

[7]Berndt, Thomased, Child Development. Fort Worth: Harcourt Brace Jovanovich College Publishers.

[8] James Zaden, The social experience, New York: Mc Graw Hill Publishing company, 1990, p. 148

[9] أماني بديتي، تنشئة الأمهات العاملات وغبر العاملات وعلاقتها بالنضج الاجتماعي للأبناء لدى عينة من تلاميذ وتلميذات المرحلة الإعدادية . رسالة ماجستير . القاهرة : جامعة عين شمس- معهد الدراسات العليا للطفولة – قسم الدراسات النفسية والاجتماعية، 1995

[10] المرجع نفسه، ص.ص.: 13-15

[11] عائشة السيار، الطفولة والتنشئة ، المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية. 15-18 ديسمبر، 1986، ص. 198

[12] بدر العيسى ، سوء معاملة الطفل الكويتي: طرق الوقاية والعلاج. المجلة العربية للعلوم الإنسانية. 66: 144-191 ، 1999، ص. 190

[13] علي عبد الرازق حلي , دراسات في المجتمع والثقافة والشخصية ، بيروت : دار النهضة العربية ، 1984 ، ص 248 .

[14]John Biesanz and Mavies Biesanz , Modern Society : An introduction to Social Sciences, Prentice- Hall , Englaewood Cliffs. N . J ., 1963,p. 333.

[15] نبيل صبحي حنا ، طفل الخليج ، مرجع سابق ص . 20 .


[16] ) فتحي مبروك . القيم الاجتماعية اللازمة لتلاميذ الحلقة الثامنة من التعليم الأساسي ودور مناهج المواد الاجتماعية في تنميتها ، المجلة العربية للتربية ، 12 (1) : 33 ـ 47، 1992 .

[17] ) غسان منير سنو . القيم والمجتمع : نظم القيم السائدة عند طلبة الدراسات الشرعية في بيروت . بيروت : دار صادرة 1997 .

[18] ) حسين تكريتي . دور التخطيط التربوي في تغير القيم الاجتماعية . دراسة مقدمة إلى مؤتمر القيم والتربية في عالم متغير . عمان : جامعة اليرموك ،1999

[19] ) غسان سنو . القيم والمجتمع . مرجع سابق ، ص ص 30-31

[20] ) Bandura , AL . social learning and personality development , New York : Holt , Rinehart and Winston , 1977 .



يتبع
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه
الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-06-2010, 11:27 PM
الصورة الرمزية أدبنامه
أدبنامه أدبنامه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: في كل مكان يذكر فيه اسم الله
المشاركات: 284
افتراضي يتبع

الوطنية يتمثل في كيف نقوم بالحكم على الآخر ، وفي أي تصنيف نضعهم ، وما هي المساحة التي تجعلنا لا نصدر أحكاماً ضد الآخرين . وبالإضافة إلى ذلك فهناك بعداً هاماً آخراً وهو يتمثل في مدى غرس مفاهيم وقيم الانتماء للوطن في نفوس الأفراد داخل المجتمع.فقيم المواطنة والوحدة الوطنية تتمثل في مجموعة سلوكيات تكون مترسخة داخل أفراد المجتمع . فمدى ترسخ هذه القيم ، يمكن من خلالها تحقيق الشخصية الوطنية . فعلى سبيل المثال ، المحبـة ، والمودة ، والتسامح ، والولاء ، والانتماء ، واحترام الرأي والرأي الآخر ، والسلامة ، والعدل والمساواة ، والانفتاحية في التفكير ، والمسئولية ، والأدب والإخلاص ، وغيرها من هذه القيم هي التي ترسم الشخصية الوطنية ، وهي قيم مختارة من منظومة قيمية كبيرة متى ما استطاعت المؤسسات الاجتماعية بكافة أشكالها غرسها في الفرد داخل المجتمع، استطعنا تحقيق معاني الوحدة الوطنية وترسيخها بين أفراد المجتمع . فهي قيم اجتماعية يتم تعلمها من خلال التنشئة الاجتماعية ، والمحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه الفرد ، والذي تلعب الأسرة فيه الدور الأول والرئيس في غرس مثل هذه المفاهيم . فالتنشئة الاجتماعية - كما سبقت الإشارة - ليست مسئولية الأسرة في المجتمع الحديث فقط ، أنما دور هام تقوم به مؤسسات أخرى داخل المجتمع .

ومن المعروف ، كما يشير كرونباج([1]) إلى أن أفراد المجتمع الواحـد لا يتشابهون في إطـارهم القيمي ، فهم يختلفون فيما بينهم في منظومتهم القيمية . فهناك اختلاف على المستوى الفردي في القيم ، وهناك أيضاً اختلاف على مستوى الجماعة التي ينتمي لها الفرد . ومدى توافق المجتمع وتجانسه هو متى ما استطاع أن يحقق القيم المشتركة ويتشابه مع الآخرين بها . أن هذا المنظور لخصوصية القيم ينطلق من المنظور العام لمفهوم أوسع وأشمل وهو مفهوم الثقافة . فهناك العديد من الثقافات الفرعية داخل المجتمع الواحد . فهذه الثقافات الفرعية تتجانس فيما بينها ، ولكنها تختلف عن الثقافات الأخرى ، وهم جميعاً في أطار الكلية والشمولية يتوافقون ويتشابهون تحت ثقافة مجتمع واحد . فمدى التشابـه في طرق الحياة والعادات، والتقاليد، والأساليب الحياتية ، والقيم، والمعتقدات، هو الذي يخلق التجانس داخل المجتمع ، والعكس صحيح . وهو الحال نفسه بالنسبة لمنظومة القيم بشكل عام ، والقيم المتعلقة بالمواطنة والوحدة الوطنية بشكل خاص . فقد لا يوجد تشابه في المجتمع الواحد في الاشتراك بمنظومة قيمية خاصة بمفهوم الوحدة الوطنية والمواطنة ، حيث أن هناك إمكانية للتفاوت الفردي أو الجماعي لهذه القيم . ولكنها في النهاية متى ما اتفقت وترسخت هذه القيم عند جميع الأفراد والجماعات داخل المجتمع ، تحقق الاستقرار الاجتماعي والسياسي على حد سواء .


الوحدة الوطنية:-
لعل مفهوم الوحدة الوطنية يرتبط بشكل كبير ومباشر مع مفاهيم اجتماعية أخرى. فيرتبط مفهوم الوحدة الوطنية مثلاً مع مفاهيم مثل الانتماء، والولاء، وغيرها. ولعل مفهوم الانتماء والولاء قد يراها البعض بأنها قيم محددة تؤدي في النهاية إلى تحقيق الوحدة داخل الوطن وبالتالي الوحدة الوطنية. وقد يكون مفهوم الولاء والانتماء بالتالي هما مقومات من مقومات الوحدة الوطنية. ويظهر مفهوم آخر قد يكون ملاصقاً لمفهوم الوحدة الوطنية والمتمثل في مفهوم المواطنة والتي يمكن تعريفها كما جاء في دائرة المعارف البريطانية بأنها العلاقة بين الفرد والدولة التي يتحدد من خلال القانون، وما تتضمنه هذه العلاقة من واجبات وحقوق . فهذه مفاهيم متداخلة لا تخرج عن نطاق مفهوم الوحدة الوطنية.

ويمكن تبني تعريف خاص للوحدة الوطنية فيما ذكره عبد الله بن ناجي آل مبارك[2] في أنها " اتحاد مجموعة من البشر في الدين والاقتصاد والاجتماع والتاريخ في مكان واحد وتحت راية حكم واحدة". فالوحدة الوطنية هي اندماج اجتماعي بين شرائح المجتمع كافة تحت حكم واحد، وفي إقليم محدد بتراخي تام عن هذا الانتماء، وبشعور يجمع هذه الشرائح من أجل مصلحة واحدة ومشتركة.

ومن المعروف أن المجتمعات الإنسانية كافة تجمع العديد من الثقافات الإنسانية داخلها، والتي تخلق مزيجاً ثقافياً لكل منها إطاره الثقافي وطرحه وأساليبه الحياتية وعاداته وتقاليده المختلفة عن الآخرين. ولكنها إذا ما أرادت أن تنخرط تحت لواء واحد وشعار واحد، فإنها تكون قادرة ذاتياً على الاندماج في قالب موحد، ولصالح وطن واحد، وبالتالي يتم تحقيق ما يسمى بالوحدة الوطنية باختلاف العناصر الثقافية التي تميز كل مجتمع عن الآخر. وإذا ما طبقنا ذلك المزيج الثقافي على المجتمعات ، فإن هناك العديد من المتغيرات الاجتماعية والديموجرافية التي تقوم بخلق مثل هذا التمايز الثقافي في المجتمع الواحد . فمتغيرات مثل المذهب أو الدين، والأصول العرقية، والجذور التاريخية، والطبقة الاجتماعية، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي ، والمستوى التعليمي والانتماء السياسي والفكري وغيرها من المتغيرات تخلق نوعاً من التمايز الثقافي في داخل المجتمع.

إن هذه الاختلافات هي التي تولد الحاجة إلى وجود ما يجمعها في إطار تعايشي ، وتحت شعار الوحدة دون الأخذ بالاعتبار للانتماءات الفرعية المبنية على المتغيرات المذكورة.

فالانتماءات الفرعية مثل الانتماء للمذهب السني أو الجعفري على سبيل المثال يخلق ثقافة سكانية محددة داخل المجتمع تحتاج إلى تجانس وتعايش مع بعضها بعض والاتفاق حول هدف مصلحي واحد يجمع هذه الانتماءات والولاءات إلى انتماء وولاء موحد لبقعة جغرافية تسمى الوطن. فعند تلاقي هذه الانتماءات الفرعية لانتماء عام وموحد تتحقق الوحدة الوطنية . ففي المجتمع المحلي تتعدد هذه الانتماءات والثقافات المختلفة وفقاً للمتغيرات الاجتماعية المتعددة. فينقسم السكان إلى تصنيفات متعددة مبنية على المذهب سواء السني أو الجعفري، أو الجذور إن كان هذه الجماعات منحدرة إلى جذور عربية أو غير عربية، أو الأصول إن كانت هذه الجماعات السكانية منحدرة من أصول قبلية، أو حضرية ، أو ريفية. أو التقسيم المبني على المستوى الطبقي وتحديد الطبقات الاجتماعية العليا، أو الوسطى، أو الدنيا، وكذلك المستوى التعليمي الذي يخلق أيضاً نوعاً من الفروق وغيرها من هذه المتغيرات التي تخلق ما يسمى بالجماعات الفرعية الداخلية. فالوحدة الوطنية هي اندماج لهذه الشرائح والفئات باختلاف طبيعة هذا التمايز بينها نحو التوحد في هدف واحد. وهو الولاء والانتماء للوطن وللدولة بمؤسساتها المختلفة. ولعل التحدي الأكبر في هذا الجانب هو الذي يجعل من هذه الفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة تتجمع في إطار قومي موحد، وتجمعها المصلحة الوطنية الواحدة. ولعل هناك تحدي أكبر لتحقيق الوحدة الوطنية وهو المبني على تحقيق القدر المناسب من انتشار المحبة والألفة بين أفراد المجتمع الواحد والتي إذا تحققت، فإنها تحقق أبرز معاني الوحدة الوطنية . هذا بالإضافة إلى الإسهام والمشاركة الفعالة في بناء المجتمع على قدر من العدالة والمساواة . فالعدالة والمساواة هي من مرتكزات الوحدة الوطنية ومن أبرز مقوماتها مع التمسك بمبادئ ثابتة تعزز من وجودها مثل تبني النظام الديمقراطي.

دور المؤسسات الاجتماعية في التربة الوطنية:
تلعب المؤسسات الاجتماعية المختلفة دوراً رئيساً وهاماً في غرس المفاهيم الوطنية وتعزيز القيم المرتبطة بالوحدة الوطنية . فهناك مؤسسات متعددة تقوم بدور أساسي وهام في عملية غرس القيم المرتبطة بالوحدة الوطنية ، وتعزيز مفهوم المواطنة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية . فمؤسسة الأسرة تمثل الصدارة في هذا الجانب فهي نواة المجتمع ، والذي يتعلم منها الفرد أولى المبادئ العامة في حياته . فينصب دورها التربوي الرئيسي في غرس المفاهيم المشتركة مع الآخرين لتحقيق الوحدة الوطنية . فمن أبرز وظائف الأسرة هي عملية التنشئة الاجتماعية والتي تنشأ فيها غرس للمفاهيـم الوطنية . فالأبوان مسئولان عن هذه العملية التربوية .

ولعل الدور الأسري الذي كان في السابق يجعل من الأسرة هي أحد المصادر الرئيسية لهذا الغرس ، أصبحت في الوقت الراهن في المجتمع الحديث ليست المسئولة الأخيرة عن غرس القيم . فتشاركها بذلك مؤسسات أخري متعددة داخل المجتمع الحديث والمعاصر . فالأسرة التقليدية على حد زعم وليام اوجبرن([3]) كانت تقوم بوظائف متعددة . فكانت تؤدي الأسرة الوظيفة الاقتصادية من حيث كونها تستهلك ما تنتج ، وتمنح المكانة الاجتماعية لأفرادها ، وتمنح الحماية بكافه أشكالها للفرد داخل الأسرة ، وأيضاً مسئولة عن الجانب الترفيهي له . فهي تقوم بهذه الأدوار في ظل انحسار لدور المؤسسات الأخرى داخل المجتمعات التقليدية . وكانت أيضاً هي المسئولة عن عملية التربية وغرس القيم الاجتماعية بشكل عام . فالأبوين هما المسئولان عن العملية التربوية بشكل كامل كما يشير اوجبرن .

ولكن هذا قد دفع الآخرين إلى نقده ، وعلى رأسهم عالم الاجتماع الشهير بارسنز الذي أشار إلى مفهوم التمايز الوظيفي ، حيث أشار إلى أن هناك مؤسسات حديثة أصبحت تؤدي وظائفها بشكل متمايز أي أنها تشترك مع الأسرة بأدوار مختلفة ومتكاملة وأكثر تخصصاً للمؤسسات الحديثة([4]) فأصبحت وفق ذلك عملية التنشئة الاجتماعية غير محصورة على مؤسسة الأسرة أنما تشترك معها مؤسسات أخرى في المجتمع الحديث . فأصبحت مؤسسة المدرسة على سبيل المثال من أبرز المؤسسات الحديثة التي تسهم بشكل كبير في عملية التنشئة الاجتماعية . وأصبحت جماعة الصحبة ، والنـادي وغيرها تشترك أيضاً في هذه العملية . هذا بالإضافة إلى أن الأعلام بأدواته المختلفة من تلفاز ، ومذياع ، وانترنت ، والفضائيات ، والصحف وغيرها من هذه الأدوات تسهم بشكل كبير في نقل القيم وتعزيزها وغرسها . فالأعلام كمؤسسة اجتماعية أصبحت تسهم بشكل كبير بعملية التنشئة الاجتماعية وبحكم كونها وسيلة من وسائل الاتصال الثقافي . هذا بالإضافة إلى أن مؤسسات المجتمع المدني الحديثة لعبت دوراً هاماً وحيوياً في عملية التنشئة الاجتماعية كما سنرى لاحقاً.

فالمؤسسات الحديثة أسهمت في عملية التنشئة الاجتماعية التي تنقل القيم المتعددة إلى الفرد . فالقيم الاجتماعية يكتسبها الفرد في المجتمع الحديث من هذه المؤسسات كافة . فلم تعد هي مسئولية الأسرة لوحدها على الرغم من أنها البنية الأولى لها ، أنما هي مسئولية المؤسسات المختلفة في نشر وغرس وتعزيز القيم المرتبطة بالتربية الوطنية مثل قيم التسامح، العدالة ، احترام الرأي واحترام الآخر ، الديمقراطية ، التحرر ، السلام ، الحقوق ، الواجبات، الاستقلالية ، وغيرها من هذه القيم . فلم يعد الفرد يتعلم من مؤسسة الأسرة فقط ، أنما يمتد ذلك ليشمل المؤسسات الاجتماعية الأخرى داخل المجتمع الحديث.

دور المؤسسات الإعلامية في غرس قيم الوحدة الوطنية:
يعرف الإعلام لغة على أنه " الإطلاع على الشيء ، فيقال ، اعلمه بالخبر ، أي أطلعه عليه . والإعلام اصطلاحاً : هو عملية تفاهم تقوم علي تنظيم التفاعل بين الناس وتجاربهم في الآراء فيما بينهم وهو في هذه الحالة ظاهرة الحضارة الحديثة وجعلتها خطيرة ودعمتها بإمكانات عظيمة حولها قوة لا يستغني عنها لدي الشعوب والحكومات علي حد سواء . أما عنـاصر الإعلام فهي تتمثل في " المرسل ، والمستقبل ، والأداة ، والرسالة([5] ) . ومن خلال هذا التعريف فإن الإعلام هو أساساً مفهوم يعتبر بشكل مباشر على عملية التفاعل بين المرسل والمستقبل من خلال أداة محددة لنقل الرسالة . فالمرسل يقوم بإرسال رسالة إلى المستقبل عن طريق أداة محددة . وتختلف الأدوات الإعلامية باختلاف طبيعتها ، وتختلف أيضاً باختلاف تأثيرها ، وتختلف من جانب أخر من حيث حداثتها وقدمها . فهناك وسائل إعلامية متعددة حديثة وقديمة تنقل فيها رسالة ويتم استقبالها والتأثر بها وفقاً لاعتبارات متعددة منها درجة أو قوة جذب وتأثير هذه الأداة ، والظروف المحيطة التي تعرض فيها المؤثرات ، وكذلك ترتبط بشكل كبير جداً بالمستقبل والظروف المحيطة به ، وطبيعة هذا المستقبل الشخصية والسلوكية. فالأدوات والوسائل الإعلامية باختلاف أشكالها لها تأثيرات متعددة ومتفاوتة باختلاف طبيعتها كأداة ، وباختلاف مستقبلها . فهناك على سبيل المثال جهاز التلفاز ، والمذياع ، والصحف ، والانترنت ، والفضائيات ، وغيرها من الوسائل تقوم بأدوار مختلفة ومتفاوتة في عملية التأثير.

فهذه الوسائل والأدوات الإعلامية تقوم بدور رئيسي وجوهري في غرس القيم ، والتأثير على السلوك الإنساني من خلال استقبال ما تعرضه هذه الوسائل . وعلى حد قول العـالم النفسي هوفمان عند إشارته للأبناء وتأثير وسائل الإعلام عليهم الذي أشار إلى أن الأبناء عندما يقفون أمام أجهزة الإعلام ، فأنهم كقطعة الإسفنج التي تمتص ما تتعرض له . ويضيف إلى أن المؤسسات الإعلامية تؤثر على الفرد بشكل كبير وبالتحديد الأطفال ، ويعتلى هذا التأثير على تأثيرات أخرى . وقد لا يكون كل ما يعرض في هذه الوسائل الإعلامية مقبول للمجتمع ، وبالتحديد ما يتم عرضه في القنوات الفضائية والتي قد تخلق وتنشأ من خلالها بعض القيم والمعتقدات المتعارضة مع قيم المجتمع([6] ) .

فوسائل الإعلام المتعددة تسهم بشكل كبير ومباشر على غرس القيم الاجتماعية المتعددة . وليس هناك أدنى شك من تأثيرها البالغ والجم على القيم ذات العلاقة والارتباط بمفهوم الوحدة الوطنية وتعزيز قيم المواطنة . فمن أبرز أهداف وسائل الإعلام بشكل عام هو " تثبيت القيم والمبادئ والاتجاهات العامة والمحافظة عليها([7]) ، فهي ـ أي وسائل إعلام ـ تكون قادرة بشكل كبير على تثبيت تلك المبادئ والاتجاهات المرتبطة بقيم المواطنة والوحدة الوطنية من خلال استخدام أساليب متعددة ومتنوعة من الممكن الأخذ بها .

وقد يتم استخدام الأساليب المباشرة وغير المباشرة المتعددة في تعزيز قيم المواطنة والوحدة الوطنية . ولنأخذ على سبيل المثال تلك البرامج الإعلامية التعليمية الموجهة للأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية . فمن المعروف أن مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية هو من أكثر المجتمعات العالمية التي تشمل تعدداً ثقافياً ، ووجود هذا المزيج الكبير من الثقافات المختلفة نتيجة لحداثة هذا المجتمع الذي اعتمد في تكوين بناءه الاجتماعي الهجرات السكانية المتعددة. فمن المعروف أن المجتمع الأمريكي يشمل على ثقافات مختلفة مثل الأمريكان السود، والأمريكان الأصليين ، والأمريكان الآسيويين ، والمنحدرين من أصول أوربية وغيرهم من هذا الهجين الثقافي . ولعل البرامج الإعلامية الموجهة بالتحديد للأطفال قد لامست هذا الهجين في سبيل تحقيق هدف خلق التجانس العام للمجتمع . فالبرامج الموجهة للأطفال مثل برنامج افتح يا سمسم ، وبرنامج " بارني" على سبيل المثال هي من البرامج التعليمية والقيمية التي يحاول من خلالها المشرفون عليها بتعليم الأطفال بعض المهارات الحياتية ، وكذلك ترسيخ مجموعة من القيم الحميدة مثل الاحترام ، والتعاطف ، ونشر الود والمحبة والتسامح وغيرها من هذه القيم . فتستخدم هذه البرامج الطرق المباشرة في عملية التعليم . ولكنها من جانب أخر ، وفي موضع مختلف تعلم بطريقة غير مباشرة . فالامتزاج الثقافي للشخصيات التي تظهر في هذين البرنامجين واسعي الانتشار هي شخصيات تجسد واقع المجتمع وأصول أفراده باختلاف ثقافاتهم المتعددة ، حيث نجد أن هذه الشخصيات يتحاور فيها من هو منحدر من أصول أمريكية خالصة ، مع الأمريكي الأسود، والأمريكي الآسيوي ، والأمريكي المنحدر من الجذور الأوربية . فشخصيات مزيجه ثقافياً تظهر بشكل واضح داخل هذين البرنامجين التعليمية . فقد حرص القائمون والمعدون لمثل هذه البرنامجين باستخدام الأساليب التربوية في غرس قيم المواطنة والانتماء للمجتمع الأصلي وهو المجتمع الأمريكي . فيتم التحاور والتناقش وعرض للمفاهيم التربوية بصورة متناغمة بين هذه الشخصيات والتي تعزز في النهاية مفهوم الوحدة الوطنية للمجتمع الأمريكي . فوجود هذه البرامج والمخصصة للأطفال ولهذه الشريحة اتجاهاً محدداً نحو الهدف من أقامة مثل هذه الوسائل الإعلامية التي تحقق غاية محددة تغرس في نفوس الأطفال .

فالوسائل الإعلامية تؤدي وظيفة هامة للمجتمع ولغرس القيم في سلوك الأفراد . وقد حدد عالما الاتصال لازر سيفلد ، وميرتون بعض الوظائف الخاصة بوسائل الإعلام . فقد أشار إلى أن من أهم وظائف وسائل الإعلام هو تبادل الأفكار والآراء بين أفراد المجتمع ، وتدعيم المعايير الاجتماعية من خلال معاقبة الخارجين عن هذه المعايير ، وأخيراً التحذير الذي يقصد به تجنب الآثار غير المرغوب فيها للمجتمع([8] ). ولتطبيق ما أشار إليه العالمان من هذه الوظائف على غرس قيم المواطنة والوحدة الوطنية ، فإن تبادل الآراء والأفكار على سبيل المثال بين أفراد المجتمع الواحد وبين الشرائح الاجتماعية المختلفة هو من أبرز الوظائف الإعلامية ، في التي تقرب وجهات النظر المرتبطة بالوحدة الوطنية إذا تمت أدارتها بطريقة علمية.

فالعملية تحتاج بشكل عام على تحديد هدف واضح ، وسوف يخلق هذا التواصل والتبادل الفكري والإيديولوجي إلى تحقيق الهدف المنشود . فهناك حاجة ماسه لوجود قنوات وبرامج إعلامية متسعة تناقش هذا الموضوع ويتبادل حوله الرأي . وكذلك وظيفة الإعلام هو " تدعيم المعايير الاجتماعية من خلال معاقبة الخارجين عن هذه المعايير " . فالإعلام يجب أن يكون مسئولاً عن دعم المعايير الاجتماعية المرتبطة بالوحدة الوطنية ، وأن يسهم الإعلام في محاربة ومعاقبة جادة لأي من تسول له نفسه المساس بالقيم المرتبطة بهذه الوحدة . وأن يكون مثالاً ونموذجاً جاداً للعقاب الاجتماعي في هذا الجانب ، ولك في الوقت نفسه أن يكون هذا العقاب




[1] ) Cronback . Educational psychology . New York : Har court , 1963

[2] عبد الله بن ناجي آل مبارك. قراءة في مفهوم الوحدة الوطنية. جريدة الرياض- الخميس 5 ربيع الأول 1426، 14 أبريل 2005، عدد 13443

[3] : Ogburn William . Technology and the changing family . Bounton Houghton Mifflin .


[4] Parson , T . and Bales . the family , socialization and interaction process . the free press . 1955 .

[5] ) محمد الشناوي . التنشئة الاجتماعية للطفل . عمان : دار صفاء للنشر والتوزيع ، 2001 ، ص 215 .
[6] ) حسن بن عايل أحمد يحيي . رؤى حول التربية والإعلام وادوار المناهج لتنمية التفكير في مضاميني الإعلام لتحقيق التربية الإعلامية ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي الأول للتربية الإعلامية ، المكانة العربية السعودية .
[7] ) محمد الشناوي وآخرون . التنشئة الاجتماعية للطفل . مرجع سابق . ص 216 .
[8]) فوزي هادي الهنداوي . واثر الخطاب الإعلامي في القيم الاجتماعية . السلطة الرابعة . ( عبر شبكة المعلومات )

www . siiron line . org / ahabwab / solata 4 (7 ) 128 .htm .



يتبع
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه
الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-06-2010, 11:29 PM
الصورة الرمزية أدبنامه
أدبنامه أدبنامه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: في كل مكان يذكر فيه اسم الله
المشاركات: 284
افتراضي يتبع

بعيداً عن المبالغة والغلو . هذا بالإضافة إلى وظيفة التحذير من الآثار غير المرغوب بها ، والآثار التي تثير الفتنة الطائفية على سبيل المثال وتخلق مشكلات تهز من كيان هذا المجتمع . فهذه وظائف رئيسية للمؤسسات الإعلامية المختلفة ، والتي تقوم بدور أساسي لتعزيز قيم المواطنة .

هذا بالإضافة إلى وسائل الإعلام المختلفة كما يشير فوزي الهنداوي([1]) أنها " تراقب البيئة الاجتماعية وتزودها بالمعلومات والتنبيه بالمخاطر ، وتخلق المثل الاجتماعي وذلك من خلال تقديم بعض النماذج الايجابية في مختلف الأمور ، وكذلك تحقق التواصل الاجتماعي من خلال التعبير عن الثقافة السائدة والكشف عن الثقافات الفرعية ودعم القيم الشائعة ، وأخيراً التعبئة والتي تتمثل في الإسهام في الحملات الاجتماعية ، وبصفة خاصة في الأزمات السياسية والاقتصادية والحروب .

فعملية تزويد البيئة والمحيط الاجتماعي بالمعلومات والتنمية في المخاطر تعد قضية أساسية تقوم بها وسائل الإعلام المختلفة ولا سيما تلك التي تتعلق بالوطن والمخاطر الداخلية والخارجية المحدقة به ، وهي التي تخلق بشكل عام شعور بالمسئولية المشتركة . وكذلك الحال يفترض على الإعلام أن يبرز ويقوم النماذج الايجابية في الأمور العامة ، ووضع التصور الامثل لحالة المجتمع بوجود الفئات والشرائح المتجانسة . وتخلق أيضاً وسائل الإعلام التواصل الاجتماعي ودعم القيم الشائعة بتمازج تام مع كافه شرائح المجتمع وفئاته المتعددة . فخلق التواصل الاجتماعي هو الذي يعكس الثقافة الواحدة هذا بالإضافة إلى دور الوسائل الإعلامية وقت الأزمات والمحن التي يمر بها المجتمع ، والتي تنطلق منها التعبئة العامة وتقوية العزيمة ، ورفع الروح المعنوية . وكذلك قيامه وإسهامه في الحملات الوطنية الداعمه للقيم الوطنية . فهي إسهامات واضحة ومميزة للإعلام داخل المجتمع ، والذي يعكس من خلاله غرس لقيم المواطنة والانتماء والوحدة الوطنية .

والإعلام له دور بارز هام في حياة المجتمع ، إضافة إلى كونه يعتبر من ابرز الأدوات الرئيسية للتنشئة الاجتماعية في المجتمع المعاصر . والسؤال ينبغي هنا في تحديد مدى نجاح الإعلام المحلي الرسمي وغير الرسمي في خلق بيئة مناسبة مهيأة لمواجهة الأخطار التي تحدق بالمجتمع فيما يتعلق بالوحدة الوطنية . أن الإجابة على هذا السؤال تتضمن أدراك أنه متى ما استطاع الإعلام المحلي من تحقيق هذه الوظائف بشكل مناسب لأي مجال من المجالات المختلفة وبالتحديد المجال المرتبط بالوحدة الوطنية ، فإنه في الوصول إلى الهدف المنشود دون شك.

دور المؤسسات المجتمع المدني في تعزيز الوحدة الوطنية:
" يقول الفيلسوف الألماني يوريان هابرماس ، أن المجتمع المدني يلعب دوراً مهماً في تشخيص المشاكل المتعددة للمجتمع ، حيث كانت هيئات المجتمع المدني هي التي بادرت إلى التنبيه إلى خطورة الأسلحة الذرية ، والكيماوية ، وكانت السباقة إلى لفت الانتباه إلى وضعية المرأة ، وإلى معضلة الهجرة العالمية([2]) . وباختلاف تعريف مؤسسات المجتمع المدني من الممكن أن نعرفها كما تبنتها ندوة المجتمع المدني التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية عام 1992 على أنها " جملة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال عن سلطة الدولة لتحقيق أغراض متعددة ، منها أغراض سياسية ، كالمشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني ، والقومي ، ومثال على ذلك الأحزاب السياسية ، ومنها أغراض نقابية كالدفاع عن مصالح أعضائها ، ومنها أغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب والمثقفين ، والجمعيات الثقافية التي تهدف إلى نشر الوعي الثقافي وفقاً لاتجاهات أعضاء كل جماعة ، ومنها أغراض للإسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية"([3]) .

ولعل هناك العديد من مؤسسات المجتمع المدني داخل الكويت والتي قدرت بواقع 69 جمعيه ومؤسسة مشهرة رسمياً([4]) . والواقع أن عدد مؤسسات المجتمع المدني داخل المجتمع الكويتي هي أكبر من بكثير من هذا العدد ، فهناك العديد من الجمعيات والمؤسسات والمنظمات غير المشهرة رسمياً ولكنها في واقع الأمر تمارس دورها الاجتماعي والسياسي والثقافي العام داخل المجتمع . فهذه المؤسسات تجمع في واقعها فئات وشرائح المجتمع المختلفة بمختلف اتجاهاتهم ، وأفكارهم وأرائهم ومعتقداتهم وميولهم .
فالمجتمع المدني بهذه المؤسسات هي الرابط والوسيط بين المجتمع بكافة فئاته وشرائحه المختلفة وبين الدولة بهيمنتها الكلية([5]) . ويحدث أن هناك تناغم وتعاون بين الدولة بجهاتها من جهة ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى داخل المجتمع ، وذلك من خلال الاستفادة المتبادلة بين كل الأطراف من الآخر وخاصة في تلك القضايا ذات الاهتمام المشترك . بالإضافة إلى أنها تكمل الدور ـ أي مؤسسات المجتمع المدني ـ الذي تقوم به الجهات الحكومية في تلبية لاحتياجات الاجتماعية . وهو أمر استطاعت من خلاله الكويت في تطوير أطر وأساليب عمل منظمات المجتمع المدني ، ونقلت المجتمع نقله نوعية تفيده في مسيرة التنمية ومواكبة التطور([6]) . فقد قامت مؤسسات المجتمع المدني في الكويت في تكملة الدور الحكومي ليس على نطاق أو الدور الداخلي فحسب أنما امتد إلى الدور الخارجي أيضاً . فتعددت أدوار المجتمع المدني الخارجية . فقد بلغت على سبيل المثال عدد المشاركات الخارجية للجمعيات داخل الكويت خلال فترة 4 سنوات ( من عام 1999 ـ 2003 ) إلى ما يقارب من 485 مشاركة خارجية . وكان هناك دوراً خيرياً اغاثياً ، للمساعدة الخاصة لمنكوبي الزلازل ، والمساعدات التي تقوم للبلاد الفقيرة ، والرعاية الصحية الخارجية وغيرها، وكذلك الدور الثقافي لاجتماعي والعلمي ، والذي ميز هذه المؤسسات بمشاركات علمية فاعلة ومن خلال إسهامات علمية مميزة ، بالإضافة إلى الدور الاقتصادي بهذه المؤسسات ونقل الخبرات الاقتصادية . وكذلك إلى إسهامها في دعم قضايا الكويت العادلة في المحافل المختلفة([7]) . فقامت مؤسسات المجتمع المدني المحلي بإسهامات واضحة داخلية وخارجية كملت الإسهام المؤسسي للحكومة في خدمة القضايا الاجتماعية العامة . فهذه المؤسسات لها الدور الرئيسي في خدمة المجتمع وقضاياه ، ولها الدور المساند والمكمل والمتعاون أيضاً مع الجهات الحكومية المتعددة .

ويشير سعد الدين إبراهيم إلى أن المجتمع المدني الذي يلتزم بمجموعة من القيم والمعايير المرتبطة " بالاحترام والتراخي والتسامح والإدارة السليمة للتنوع والاختلاف " إلى أنه ـ أي المجتمع المدني ـ يرتكز على ثلاثة أركان رئيسية أساسية ، المتمثلة في الإرادة الحرة لأفراده ، والتنظيم الجماعي المبني على شروط التراضي ، بالإضافة إلى أن " للمجتمع المدني ركن أخلاقي ، وسلوكي ، ينطوي على قبول الاختلاف والتنوع بين الذات والآخرين ، وعلى حق الآخرين في أن يكونوا منظمات تحقق وتدافع عن مصالحها المادية والمعنوية ، والالتزام بإدارة الاختلاف داخل وبين منظمات المجتمع المدني بعضها البعض ، وبينها وبين الدولة بالوسائل السليمة المتحضرة ، أي بقيم المجتمع المدني وضوابطه المعيارية ، وهي قيم الاحترام ، والتسامح ، والتعاون ، والتنافس ، والصراع السلمي([8]) . فالركن الأخلاقي الذي يحتوي على الضوابط المعيارية للمجتمع المدني هو الذي يعتبر من أبرز الدعائم لنجاح هذا المجتمع المدني في أي قطر وإقليم جغرافي . وهو الذي يجعلنا نتساءل إلى أي مدى نجحت مؤسسات المجتمع المدني في الكويت من ذلك .
وقبل الإجابة على هذا التساؤل لابـد من عرض هيكل ومكونات المجتمع المدني في الكويت . ويشير بذلك علي الزعبي([9]) إلى ما اسماه بخريطة المجتمع المدني في الكويت في الوضع الراهن إلى أن الخريطة تكون من جمعيات تقع عام ( 66 جمعية ـ 2006 ) ، الجمعيـات والمبـرات الخيـرية ( 6 جمعيـات / 21 مبرة ـ 2004 ) ، والقطـاع التعاوني ( 47 جمعية ـ 2004 ) ، والنقابات والاتحادات العمالية ( 41 نقابة / اتحادات )، واتحادات أصحاب العمل ( 36 اتحاد ـ 2005 ) ، وتنظيمات مهنية ( مثل غرفة التجارة والصناعة واتحاد الصناعات الكويتية ) ، والأندية والاتحـادات الرياضيـة ( 23 نادياً ـ 115 اتحاداً ) ، والوقـف ( 4 مشاريع وقفية / 4 صناديق وقفية ـ 2005 ) ، والفرق الشعبية ( 22 فرقة ـ 2005 ) ، والتنظيمات الاجتماعية العرفية مثل ( الديوانيات والحسينيات).

أن هذا الهيكل أو الخريطة الخاصة بالمجتمع المدني داخل المجتمع المحلي يمكن استثمارها واستغلالها في تحقيق مفاهيم ومبادئ الوحدة الوطنية المبنية على الاحترام المتبادل وقبول الرأي والرأي الآخر في سبيل المصلحة العامة ، وتفضيلها على المصلحة الخاصة . فمفهوم المجتمع المدني كما يشير إليه سعد الدين إبراهيم([10]) إلى أنه ينطوي على تعبيرات ومفاهيم مرتبطة بالحرية والمشاركة ، واحترام حقوق الآخرين ، والالتزام بإدارة الخلاف إدارة سليمة ، والتعاون من أجل المصالح المتبادلة ، فهذا المفهوم كما يشير إليه إبراهيم هو ما يفترض أن يتبع به مؤسسات المجتمع المدني إذا ما أرادت النجاح ، وتحقيق المصلحة العامة الذي سوف يأتي كمصلحة طبيعية من جراء هذا السلوك . ولا نغالي إذا ما أشرنا إلى أن مؤسسات المجتمع المدني في الكويت قد استطاعت من تحقيق ذلك ، وأن كانت هناك مجموعة من التحديات التي تواجهها ، وممن الواجب الوقوف عليها ومعالجتها .
فمن العوامل والمؤشرات الرئيسية التي تركز على ذلك هو خضوع العديد من المدنية إلى الديمقراطية والاحتكام إليها كوسيلة للوصول إلى إدارة المؤسسة . وعلى الرغم من الشوائب والعقبات التي تحدث في العملية الانتخابية والتي غالباً ما تظهر ، وبروز سلبيات متعددة لها ، إلا إن الكثير من مؤسسات المجتمع المدني نجحت في أن تكون العملية الديمقراطية خاضعة لاعتبارات لا ترتبط بالأسس التقليدية المبنية على القبيلة والعائلة على الرغم من تأثيرها . وذلك مثل بعض المؤسسات الخاصة بالجمعيات التعاونية ، وبعض المؤسسات المهنية مثل جمعية أعضاء هيئة التدريس في الجامعة ، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي وجمعية الإصلاح الاجتماعي وجمعية إحياء التراث وبعض الجمعيات الأخرى . فالمزيج الاجتماعي ضمن هذه المؤسسات قد يكون بارزاً وواضحاً ، وقد يكون الاحتكام إلى الفكر والرأي بدلاً من سيطرة المؤثرات التقليدية ، وإن كانت ـ كما أشرنا ـ لها تأثير واضح في هذا الموضوع .

تتميز كذلك العديد من مؤسسات المجتمع المدني بأنها تقدم خدماتها وتعرض مشاريعها إلى كافه أفراد المجتمع باختلاف شرائحهم وفئاتهم الاجتماعية مثل الحال في الجمعيات التعاونية ، والأندية الرياضية ، والمسارح والفرق الشعبية . وبعضها أيضاً يضم في عضويتها من ينتمي إلى شرائح مختلفة وتوجهات فكرية متعددة كجمعية أعضاء الهيئة التدريسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، والقوائم الانتخابية الممزوجة لجمعية أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وحتى الجمعيات والمؤسسات ذات التوجهات الفكرية المختلفة ، فإننا نجد في الكثير إنها تقوم على مبدأ التحاور والتواصل والالتقاء في مناسبات مختلفة . وكثيراً ما أصدرت الجمعيات والمؤسسات الفكرية التي تحمل توجهات فكرية محددة بيانات مشتركة ذات هدف وطني محدد . وهو ينطلق أساساًَ من قيام هذه المؤسسات وفق مبادئها المعيارية العامة التي تلتزم بها .

وهناك جانب أخر هام في وجود وانتشار هذه المؤسسات المدنية والتي تتمثل في أنها قائمة على التطوع والتي تعتبر من القيم الاجتماعية الرئيسية في مجال المواطنة ، وخلق المواطن الصالح . وعلى الرغم من أن هناك قصور أو غياب في ثقافة التطوع داخل المجتمع العربي بشكل عام كما يشير إلى ذلك علي الزعبي([11]) ، إلا أن التطوع يعد سمة بارزة من سمات المجتمع الكويتي . ولعل هذه القيمة تعتبر من أبرز القيم الرئيسية التي تعزز من مفهوم الوحدة الوطنية . فكثير من مؤسسات المجتمع المدني داخل المجتمع قائمة على التطوع كتلك الجمعيات الخيرية ، والأندية الرياضية ، والنوادي والجمعيات الثقافية ، والنقابات والاتحادات، وبعض المؤسسات الأخرى الفاعلة في هذا المجال مثل لجنة العمل الوطني ، ولجنة الأم المثالية ، وغيرها من هذه المؤسسات .

ولعل مؤسسات المجتمع المدني قد تمزج وتذوب الفروق الاجتماعية . فهذه المؤسسات قد تمزج على سبيل المثال القبيلة والتأثيرات القبلية بالمجتمع الحديث من خلال هذه المؤسسات. فالاتحادات الطلابية مثلاً على مر تاريخها قد مزجت بين الشرائح المختلفة ضمن التيارات الفكرية المختلفة سواء كانوا من القائمة الائتلافية التي تمثل تيار الإخوان المسلمين أو قائمة الاتحاد الإسلامي التي تمثل التيار السلفي أو الوسط الديمقراطي وغيرها . فهي قد مزجت بين العديد من الشرائح الاجتماعية في قالب فكري إيديولوجي .

ولابد من الإشارة إلى أن أحد أبرز مؤسسات المجتمع المدني داخل المجتمع الكويتي والتي تتميز بها بصفة فريدة وتلعب دوراً هاماً وحيوياً داخل المجتمع هي مؤسسة الديوانية ، والذي تم استثنائها من قانون التجمعات . فالديوانية تلك المؤسسة الاجتماعية قامت بإدوار فاعلة في تاريخ الكويت الاجتماعي والسياسي ، ولعبت دوراً جوهرياً تاريخياً في الانتخابات التشريعية ، والمجلس التأسيسي ، وكذلك أثناء حل مجلس الأمة بالإضافة إلى كونها منتديات ثقافية فكرية هامة داخل المجتمع الكويتي([12]) ولعل هذه التحركات السياسية ، وهذا النشاط الثقافي الفكري ، بالإضافة إلى طبيعة الديوانية عنها بحكم كونها تراثاً من الإرث الاجتماعي في دولة الكويت قد جعل لها سمة خاصة في أنها تعزز من مفاهيم الوحدة الاجتماعية . فهي أداة من أدوات التماسك الاجتماعي داخل المجتمع ، وقد بينت التجارب الكويتية على وحدة الصف، والتماسك، واللحمة الاجتماعية بين مختلف الشرائح والفئات تحت سقف الديوانية التي لعبت دوراً فاعلاً في هذا المجال([13]) .

فالأسس المبنية على المفاهيم السلوكية وضوابطه المعيارية قائمة ومبنية على قيم الاحترام ، والتسامح ، والاندماج ، والتعاون ، واحترام الآخر ، والتنافس . والذي يفترض أن يكون هذا أساس قيام هذه المؤسسات في المجتمع المدني هو الذي يدفع في النهاية تحقيق الهدف المنشود المؤدي إلى الوحدة الوطنية . فالمجتمع المدني يسهم في بناء وحده وطنية إذا ما قام على دعائم ثابتة وراعى المعايير الأخلاقية في تحقيق الوحدة الوطنية . أن ذلك لا يتجلى ولا يتحقق إلا من خلال وعي تام بأهمية هذه المؤسسات وماذا تقدم ، وكذلك الالتزام بالمبدأ القائم على الأسس الديمقراطية المعتمدة على الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر والتسامح هي التي تخلق مجتمعاً ينطلق أفراده في فكر باتجاه الوطن والمواطنة . فهي تعزز مفاهيم الاندماج الاجتماعي بين فئات المجتمع .

تساؤلات مطروحة لتحقيق الوحدة الوطنية:
ولعل لابد من عرض مجموعة من التساؤلات العامة والتي على ضوء الإجابة عليها سيتحدد موقع المجتمع المحلي من موضوع الوحدة الوطنية أولاً ، ومن ثم طرح أطر المعالجة أن كانت هناك حاجة لتفعيل دور بعض الجهات والمؤسسات لتعزيز قيم المواطنة وتحقيق الوحدة الوطنية المطلوبة . وقد تكون هذه التساؤلات في واقعها عبارة عن تحديات تواجه المجتمع المحلي ، وتحتاج إلى أعادة النظر في بعضها ، والوقوف على بعضها الآخر وقفه ثاقبة من أجل وضع حلول ورسم خطط واستراتيجيات محددة ، وتصميم برامج عمل تقوم على غرس المفاهيم والقيم المرتبطة بالوحدة والاتحاد والتجمع . فسيتم طرح مثل هذه التساؤلات من منطلق الحوار ، ومن منطلق وضع اليد على الجرح ـ أن وجد ـ وأن نقوم بكل شجاعة بمعالجته إذا أردنا فعلاً تحقيق وحدة وطنية وتلاحم بين فئات المجتمع وأن يستكمل مشروع الاندماج الاجتماعي من أجل تحقيق هدف وغاية واحدة . وهذه التساؤلات تنطلق من تساؤل عام أكبر وأشمل يتمثل في هل نعاني داخل مجتمعنا من انقسام مذهبي وفئوي وقبلي؟ إذا كانت الإجابة بنعم ، فما تأثير ذلك على الوحدة الوطنية ، أو هل سيؤثر هذا الانقسام المذهبي والفئوي والقبلي على الوحدة والاتحاد واللحمة والاندماج الاجتماعي ؟ ولعل الإجابة على التساؤلات الآتية ستكون تقييم للوضع الراهن ، وتكشف لنا ماذا يفترض علينا عمله ، مدركين أن هناك إجابات واضحة سوف تكون لدينا.

فينطلق التساؤل الأول في القضية الرئيسية الأولى والأكثر أهمية ، وهي تلك المرتبطة بموضوع الدين والمعتقدات والمذهب بشكل أكثر تحديداً . فمن المعروف أن الدين يعتبر من أبرز المتغيرات التي تعزز من فكرة المواطنة والاندماج والتلاحم بين فئات المجتمع . ففي ضوء ذلك يمكن طرح التساؤل الخاص بموضوع الدين، والمذهب داخل المجتمع المحلي والذي ينطلق من تساؤل رئيسي يتمثل في : هل أن الاختلاف المذهبي خلق الفواصل الاجتماعية وأضعف الاندماج بين الشرائح الاجتماعية المختلفة ؟ وإذا كانت الإجابة بأنه قد خلق هذه الفواصل والحدود ، ما دور الجمعيات الدينية ، وما دور الفقهاء من الأطراف المختلفة ، وهل تم طرح مشروع دولة خاص جمع الأقطاب الفقهية كافه في لقاءات حوارية تناقش مسألة الوطن والوحدة والتلاحم بين الفئات المختلفة ؟ هل يعتقد البعض أن هناك مشكلة أو أزمة ثقة للآخر في تحديد الولاء والانتماء ؟ وهل تم عرض ذلك بطريقة مكشوفة وواضحة وبشكل مباشر . هل وجدت القنوات الحوارية مجالاً لمناقشة جادة لمثل هذا الموضوع ؟ وهل تم طرح ومناقشة ما سمي في السابق بالتقريب بين المذاهب الإسلامية من قبل الفقهاء داخل المجتمع .

[1] ) المرجع السابق

[2] ) نقلاً عن:- محمد سليمان الحداد . مؤسسات المجتمع المدني في مواجهة العنف . في : العنف تحدي خطير للدواة والمجتمع . موسم عبد العزيز الصرعاوي الثامن والعشرين لرابطة الاجتماعيين . الكويت : منشورات رابطة الاجتماعيين ، 2003 ص 147 .

[3] ) نقلاً عن : منظمات المجتمع المدني في دولة الكويت . الكويت : وكالة الأنباء الكويتية ( كونا) ، مركز المعلومات والأبحاث ، 2005 ، ص 11 .

[4]) المرجع السابق .

[5] ) علي أحمد الطراح . العنف السياسي كمحصلة لغياب أو ضعف المجتمع المدني . في : العنف : تحدي خطير للدولة موسم عبد العزيز الصرعاوي الثامن والعشرين لرابطة الاجتماعيين . الكويت : منشورات رابطة الاجتماعيين . ص 140 .

[6] ) منظمات المجتمع المدني في دولة الكويت . مرجع سابق ، ص ص 125-126 .

[7] ) المرجع السابق . انظر ص ص 126 – 130 .

[8] ) سعد الدين إبراهيم . المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في مصر . القاهرة : دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، 2000 ص ص 13 – 14 . تقلا ً عن علي أحمد الطراح . العنف السياسي ، مرجع سابق . ص ص 19 – 20 .

[9] ) علي العبي . تحديات تفعيل الدور التنموي للمجتمع المدني الكويتي : دراسة تحليلية ميدانية . دراسة غير منشورة .

[10] ) سعد الدين إبراهيم . المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي . في الكويت : دراسة في آليات الدولة القطرية والسلطة والمجتمع . شفيق الغبرا . بيروت : مركز ابن خلدون بالاشتراك مع دار الأمين للنشر والتوزيع . مشروع المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي . 1995 ، ص ص 9 – 10 .

[11] ) علي الزعبي . واقع المجتمع المدني العربي ومستقبله . مجلة العلوم الاجتماعية ، 35 ( 1) : 13 – 62 ، 2007 . ص ص 45 – 46

[12] ) انظر : - يعقوب يوسف الكندري . الديوانية الكويتية : دورها الاجتماعي والسياسي ، الكويت : دار البلاغ ، 2002 .
- غانم النجار . مسيرة النظام الديمقراطي في الكويت وبناء المجتمع المدني . في : الكويت والمجتمع المدني ، مجموعة محاضرات الموسم الثقافي الرابع والعشرين لرابطة الاجتماعيين . الكويت 2 – 16 مارس 1997 .
- عبد المالك خلف التميمي المجتمع المدني في الكويت منذ استقلال إلى الاحتلال 1960 – 1991 . في : الكويت والمجتمع المدني مجموعة محاضرات الموسم الثقافي الرابع والعشرين لرابطة الاجتماعيين . الكويت 2 – 16 مارس 1997 ص ص 40 - 41 .


[13] ) انظر : - يعقوب يوسف الكندري : الديوانية الكويتية . مرجع سابق .

يتبع
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه
الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-06-2010, 11:31 PM
الصورة الرمزية أدبنامه
أدبنامه أدبنامه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: في كل مكان يذكر فيه اسم الله
المشاركات: 284
افتراضي الفصل الاخير

ولعل التساؤل الآخر ينطلق من المجال التربوي ويرتبط في المناهج الدراسية، وما يتم تعليمه لأبنائنا . فمن المعروف أن مقرر التربية الوطنية يتم تدريسه في خمس المراحل الأولى من التعليم العام من إجمالي اثني عشر مرحلة ، بالإضافة إلى بعض المناهج الأخرى التي تعرض لأهداف تربوية تتعلق بغرس مفهوم المواطنة . ولكن هل قامت هذه المناهج التربوية بوضع اليد على الجرح مباشرة ؟ . وهل قامت بعرض أو معالجة مفاهيم الوحدة الوطنية من الواقع الذي يميز ويقسم المجتمع إلى فئات وشرائح محددة ؟ فهل عالجت هذه المناهج أو وقفت أو عرضت التقسيمات المذهبية والطائفية والقبلية بوضوح في برامجها ؟ هل لامست الواقع في طرحها لهذه القضايا أم أن هناك استحياء في عرضنا للمشكلة ؟ فهل جمعت مناهجنا في أن يقوم مثلاً نموذج الدمج بين البدوي والحضري والمنتمي للمذهب السني والجعفري في عمل تربوي أسوة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ؟ فهل نجحت مناهجنا التربوية في المعالجة والرقابة ، وخلق أطر تنموية في مواجهه المشكلة ؟ .

والتساؤل الآخر ينطلق ويوجهه إلى الإعلام بمؤسساته المختلفة الرسمية وغير الرسمية. فهل وجد أو حاول الإعلام وخاصة المرئي منه أن يعرض البرامج الإعلامية التي تنمي مفهوم المواطنة والولاء والانتماء من البرامج الخاصة بالطفل في هذا المجال ؟ هل بعض وسائل الإعلام توجه إلى تحقيق الوحدة أم الفرقة ؟ . هل بعض المصالح الشخصية الذاتية لعبت دور في إشعال فتيل أزمات خامدة بين بعض الفئات داخل المجتمع ؟ . هل يعتبر مفهوم الوحدة الوطنية وما يعكر من صفوها يتم تداوله في الوسائل الإعلامية المختلفة بطريقة مناسبة ؟ هل هناك برامج إعلامية واضحة ومحددة لخلق طرق وأساليب تنموية ووقائية وعلاجية لموضوع الوحدة الوطنية وتكريس مفهوم المواطنة ؟ .

من المعروف أن سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية هي من أبرز مقومات الاندماج الاجتماعي في أي مجتمع من المجتمعات. وقد نجحت مجتمعات عديدة في تحقيق مبدأ العدالة وتطبيق القانون في ظل وجود ثقافات فرعية متعددة داخل المجتمع . وقد يكون أبسط مثال على ذلك المجتمع الأمريكي . فسيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية هي من أبرز مقومات الوحدة الوطنية والاندماج الاجتماعي . والسؤال المطروح هنا ، إلى أي مدى نجحنا في مجتمعنا في تحقيق العدالة والمساواة العامة ؟ إلى أي مدى تلعب الواسطة والمحسوبية والاعتداء على القانون داخـل المجتمع ؟ هل الولاءات الطائفيـة والقبليـة والعائلية أسهمت داخل المجتمع في الاعتداء القانون ، وتعزيز مبدأ محاباة القريب ، وتحقيق المصالح الخاصة على العامة . وفي مجال أوسع من ذلك ، هل تعززت الولاءات العائلية والطائفية والقبلية داخل المجتمع ؟ . وإلى أي مدى نجحت هذه التجمعات أن تظهر وأن تطفو على السطح ؟ وما الذي دعى مثل هذه التجمعات العائلية والقبلية أن تتعزز في ظل وجود الدولة الحديثة ومؤسساتها . هل أصبحت هذه التنظيمات والولاءات مؤثرة في ظل وجود المجتمع الحديث ومؤسساته ؟ وإلى أي مدى نجحت في تحقيق أهدافها ؟ وإلى أي مدى أثرت هذه الكيانات الاجتماعية داخل المجتمع ؟ .

وقضية هامة في هذا الجانب ترتبط بطرح تساؤل خاص عن بعض القيم المتعلقة بمفهوم الوحدة الوطنية أو هي تلك المرتبطة بقيم التطوع . فالتطوع سمة من سمات الفئات الاجتماعية والشرائح المختلفة داخل المجتمع . وعلاماته بارزة في مجالات مختلفة وبمشاريع متعددة . ولكن يبقي التساؤل الهام والذي يتمثل في أي مدى نجحت الدولة في غرس مفاهيم التطوع من خلال مؤسساتها ؟ هل حصل تغير في المفاهيم المرتبطة بهذه القيمة في المجتمع المعاصر ؟ . هل ظلت هذه المفاهيم مغروسة بشكل مشابه لما كان عليه المجتمع في السابق ؟ ما هي البرامج الحكومية التي تسهم في تعزيز هذه القيم ؟ . وإلى أي مدى نجحت مؤسساتنا العامة في غرس مثل هذه القيمة ؟ . فهل علي سبيل المثال الانضمام إلى الأندية الرياضية في الوقت الراهن حمل نفس المفاهيم السابقة؟ أم أن هناك بعض المستجدات التي ظهرت ؟ . هل انحسرت الأعمال التطوعية بشكل عام داخل المجتمع ؟ . وما هي الأسباب التي دفعت إلى ذلك .

تساؤل آخر هام وجوهري فيما يتعلق بالمؤسسات المعنية والمتمثلة بمؤسسات المجتمع المدني التي تقع على مسئوليتها بناء المجتمع وفكره . فإلى أي مدى نجحت مؤسسات المجتمع المدني داخل الكويت في أن تكون ركناً أخلاقياً وسلوكياً ينطوي على قبول الاختلاف والتنوع بين الذات والآخرين والامتثال للضوابط المعيارية المتمثلة في قيم الاحترام والتسامح والتعاون والتنافس والصراع السلمي كما جاء في تعريفها ؟ . إلى أي مدى سيطرت الولاءات القبلية والطائفية والفئوية على هذه المؤسسات وجعلتها تنطلق من انتماءات خاصة في مقابل تجاهل الآخر ؟ إلى أي مدى تحولت بعض مؤسسات المجتمع المدني لساحات للصراع السياسي والقبلي والطائفي على حساب الصراع السلمي والتنافسي . هل فعلاً نجحت مؤسساتنا في المجتمع المدني بالقيام بالدور المطلوب منها ممارسة وتوجيهاً في تحقيق الهدف العام المرتبط بغرس قيم الولاء والانتماء للوطن على حساب الفئة . إلى أي مدى نجحت هذه المؤسسات في فتح قنوات اتصال وحوار مع الآخر ؟ وإلى أي مدى تم تحقيق الحوار الوطني المفتوح الذي يناقش وبدون استحياء قضايا الوطن والمواطنة والوحدة والاندماج . هل نجحنا في فتح قنوات ووسائل اتصال تقوم على مبدأ الشفافية وخلق مبادئ مشتركة بين الجميع في المسائل التي تتعلق بالوطن .

ولعل جانب أخر هام في هذا الموضوع والذي يطرح التساؤل الآخر في هذه القضية والمتمثل في المشاريع الوطنية العامة في مجال تعزيز قيم المواطنة والوحدة الوطنية . والتساؤل المطروح ما هي المشاريع الوطنية التي تعالج موضوع الوطنية والوحدة وهل هناك برامج فعلية في هذا المجال .

إن كافه هذه التساؤلات تحتاج بلا شك إلى إجابة ، وأن كانت بأنها معروفة عند الجميع. ولا شك أن كل نقطة وكل تساؤل يحتاج إلى تفصيل أكبر وإلى تحليل أعمق للكشف عن أبرز الملامح الخاصة في هذا الموضوع وتقديم بعض الأساليب التي لا يشترط أن تكون علاجية إنما قد تكون أساليب ومشاريع إنمائية وقائية . فالمطلوب هو سلسلة من المشاريع والبرامج التي تعزز من مفهوم المواطنة ، وتعزز من مفاهيم الاندماج الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد . هذه المشاريع ليس بالضرورة وكما سبقت الإشارة أن تكون مشاريع وبرامج علاجية، أنما يجب أن تكون برامج إنمائية تنمي الفكر والرأي حول الدولة والانتماء لها ، بالإضافة إلى مشاريع وقائية تدفع إلى منع حدوث أي مشكلة من الممكن أن تظهر هذه القضية التي تعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يجب أن تنفتح .

ففي ظل وجود بعض التحديات الداخلية المتمثلة في وجود فئات وشرائح مختلفة داخل المجتمع الحلي تنحدر أصولهم وجذورهم ومعتقداتهم الدينية إلى جذور وأصول متفاوتة ، وفي ظل تحديات خارجية محيطه ومؤثرة وفعالة تثير النفس الطائفي البغيض ، ففي ظل هذه الظروف، نحن بحاجه ماسة إلى وجود برامج وطنية داعمة ورئيسية تدعم من قيم الانتماء والمواطنة والولاء ، وتعزز من خلالها مفاهيم الوحدة الوطنية داخل المجتمع . ولا شك بأن الوعي بالمخاطر، واحترام بعضنا بعض ، وتقبل الآخر مهما بلغت درجة الاختلاف والإيمان بالمبدأ الديمقراطي وتحقيق العدالة التي يجب أن تنطلق من خلالها إذا ما أردنا تحقيق الوحدة الوطنية .



المراجع:

أولا، المراجع العربية:
- أماني بديتي، تنشئة الأمهات العاملات وغبر العاملات وعلاقتها بالنضج الاجتماعي للأبناء لدى عينة من تلاميذ وتلميذات المرحلة الإعدادية . رسالة ماجستير . القاهرة : جامعة عين شمس- معهد الدراسات العليا للطفولة – قسم الدراسات النفسية والاجتماعية، 1995.
- بدر العيسى ، سوء معاملة الطفل الكويتي: طرق الوقاية والعلاج. المجلة العربية للعلوم الإنسانية. 66: 144-191 ، 1999.
- حسن بن عايل أحمد يحيي . رؤى حول التربية والإعلام وادوار المناهج لتنمية التفكير في مضاميني الإعلام لتحقيق التربية الإعلامية ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي الأول للتربية الإعلامية ، المكانة العربية السعودية.
- حسين تكريتي . دور التخطيط التربوي في تغير القيم الاجتماعية . دراسة مقدمة إلى مؤتمر القيم والتربية في عالم متغير . عمان : جامعة اليرموك ،1999.
- سعد الدين إبراهيم . المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي . في الكويت: دراسة في آليات الدولة القطرية والسلطة والمجتمع . شفيق الغبرا . بيروت : مركز ابن خلدون بالاشتراك مع دار الأمين للنشر والتوزيع . مشروع المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي ، 1995.
- سعد الدين إبراهيم. المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في مصر . القاهرة : دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، 2000 .
- سيد أحمد عثمان، علم النفس الاجتماعي التربوي . الجزء الأول، التطبيع الاجتماعي. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية ، 1975
- عائشة السيار، الطفولة والتنشئة ، المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية. 15-18 ديسمبر، 1986.
- عبد الله بن ناجي آل مبارك. قراءة في مفهوم الوحدة الوطنية. جريدة الرياض- الخميس 5 ربيع الأول 1426، 14 أبريل 2005، عدد 13443.
- عبد المالك خلف التميمي المجتمع المدني في الكويت منذ استقلال إلى الاحتلال 1960 – 1991 . في : الكويت والمجتمع المدني مجموعة محاضرات الموسم الثقافي الرابع والعشرين لرابطة الاجتماعيين . الكويت 2 – 16 مارس 1997.
- علي أحمد الطراح . العنف السياسي كمحصلة لغياب أو ضعف المجتمع المدني. في: العنف: تحدي خطير للدولة موسم عبد العزيز الصرعاوي الثامن والعشرين لرابطة الاجتماعيين. الكويت: منشورات رابطة الاجتماعيين، 2003.
- علي أسعد وطفه، التنشئة الاجتماعية ودورها في بناء الهوية عند الأطفال، مجلة الطفولة العربية، 2001، 8: ص. 93
- علي الزعبي. واقع المجتمع المدني العربي ومستقبله . مجلة العلوم الاجتماعية ، 35 (1) : 13 – 62 ، 2007 . ص ص 45 – 46.
- علي الزعبي. تحديات تفعيل الدور التنموي للمجتمع المدني الكويتي : دراسة تحليلية ميدانية. دراسة غير منشورة.
- علي عبد الرازق حلي. دراسات في المجتمع والثقافة والشخصية ، بيروت : دار النهضة العربية ، 1984.
- غانم النجار. مسيرة النظام الديمقراطي في الكويت وبناء المجتمع المدني . في : الكويت والمجتمع المدني ، مجموعة محاضرات الموسم الثقافي الرابع والعشرين لرابطة الاجتماعيين. الكويت 2 – 16 مارس 1997.
- غسان منير سنو . القيم والمجتمع : نظم القيم السائدة عند طلبة الدراسات الشرعية في بيروت . بيروت : دار صادرة 1997 .
- فتحي مبروك . القيم الاجتماعية اللازمة لتلاميذ الحلقة الثامنة من التعليم الأساسي ودور مناهج المواد الاجتماعية في تنميتها ، المجلة العربية للتربية ، 12 (1): 33 ـ 47، 1992.
- فوزي هادي الهنداوي. أثر الخطاب الإعلامي في القيم الاجتماعية . السلطة الرابعة . (شبكة المعلومات)www.siironline.org /ahabwab/solata4(7)128.htm. - محمد سليمان الحداد . مؤسسات المجتمع المدني في مواجهة العنف. في: العنف تحدي خطير للدواة والمجتمع . موسم عبد العزيز الصرعاوي الثامن والعشرين لرابطة الاجتماعيين. الكويت: منشورات رابطة الاجتماعيين ، 2003 ص 147 .
- فوزية يوسف العبد الغفور ومعصومة أحمد إبراهيم، أساليب التنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة المبكرة عند الأسر الكويتية. المجلة العربية للعلوم الإنسانية، 1998، 64:54-100 ، ص:62
- محمد الشناوي. التنشئة الاجتماعية للطفل . عمان : دار صفاء للنشر والتوزيع ، 2001.
- منظمات المجتمع المدني في دولة الكويت . الكويت : وكالة الأنباء الكويتية ( كونا) ، مركز المعلومات والأبحاث ، 2005 .
- يعقوب يوسف الكندري. الديوانية الكويتية : دورها الاجتماعي والسياسي ، الكويت : دار البلاغ ، 2002.
- يعقوب يوسف الكندري ، الثقافة والصحة والمرض: رؤية جديدة في الأنثروبولوجيا المعاصرة. الكويت: مجلس النشر العلمي- جامعة الكويت ، 2003، ص. 30

ثانيا المراجع الأجنبية:

- Bandura , AL . social learning and personality development , New York: Holt , Rinehart and Winston , 1977 .
- Berndt, Thomased, Child Development. Fort Worth: Harcourt Brace Jovanovich College Publishers.
- Cronback . Educational psychology . New York : Har court , 1963
- James Zaden, The social experience, New York: Mc Graw Hill Publishing company, 1990, p. 148
- John Biesanz and Mavies Biesanz , Modern Society : An introduction to Social Sciences, Prentice- Hall , Englaewood Cliffs. N . J ., 1963.
- Ogburn William . Technology and the changing family . Bounton Houghton Mifflin .
- Parson , T . and Bales . the family , socialization and interaction process. The free press . 1955 .
- Schgaefer, E., Children's reports of parental behavior. Child Development, 36: 413-424, 1995.


انتهت الدراسه وشكرا جزيلا لصاحبها
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه
الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكويت في (مختصر فتح رب الأرباب بما أهمل في لب اللباب) لابن رضوان المدني جون الكويت تاريــــــخ الكـويت 5 15-06-2010 02:30 PM
معركة بيت القرين تجسد الوحدة الوطنية الكويتية وخلدتها الدولة على هيئة متحف جون الكويت المعلومات العامة 4 05-12-2009 06:44 PM
طلب مساعدة: المكتبة الوطنية ام الهواجيس الصندوق 9 17-11-2009 11:26 PM


الساعة الآن 12:40 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت