راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #21  
قديم 09-02-2008, 02:59 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

في يوم 17 مارس 1901(1) التقى كل من عبدالعزيز ابن رشيد والشيخ مبارك، ونشبت الحرب بينهما بعد مضي خمس ساعات من النهار في منطقة بين حائل وبريدة، واستمرت الحرب إلى ما قبل الغروب بنصف ساعة، وفي أثناء القتال خانت الشيخ مبارك عشائر عتيبة ومرة وبني هاجر، وساعدوا ابن رشيد، وكذلك أهل نجد خانوه ولم يبق معه إلا أهل الكويت وبعض العشائر. واشتدت الحرب بينهم، وصار قتال شديد بين الطرفين إلى أن دخل الليل على شدة الحرب، ثم تفرق الجيشان دون نظام لا يعلم أحد أين صاحبه. وحينما أصبح الصباح وجد الشيخ مبارك نفسه بمفرده ليس معه سوى أربعة أشخاص(2)، ولا يعلم أين تفرق جماعته، فلما رأى هذا الأمر غادر مكانه قاصدا الكويت خوفا على نفسه.
- وفي 13 مارس 1901 وصل الشيخ مبارك الكويت مع أربعة من رجاله وقد دخل البلد وهو مكسور الخاطر ولا يعلم عن جماعته مقتولين أم سالمين، وجميع أهل الكويت مغمومين الآن لهذا الأمر العجيب. (1 /4/ 1901)
- في3 أبريل /1901 ( 13 من ذي الحجة)(1) وصل إلى الكويت الشيخ سعدون مع أبنائه وأبناء أخيه في مائة شخص من جماعته ونحو مائتي شخص من جماعة الشيخ مبارك سالمين. وقبل وصولهم البلد بمسافة ساعتين أمر الشيخ مبارك نحو أربعة آلاف نفر مسلحين من رعاياه لاستقبال الشيخ سعدون ويعرضون (يرقصون العرضة)، أمامه إلى أن دخل البلد، وعند دخوله البلد استقبله الشيخ مبارك مع نحو سبعة آلاف شخص تلقوه يعرضون أمامه. وبعد الشيخ سعدون جاء خبر من سلطان الدويش بأنني مقبل عليكم (على الكويت) ومعي نحو ثلاثمائة نفر من رعاياكم. وكذلك في كل يوم يجيء نحو عشرة أشخاص أو عشرين شخصا من أهل البلد متفرقين سالمين.(4 /4/ 1901).
قتل في الصريف الشيخ حمود الصباح والشيخ خليفة بن عبدالله الصباح وصباح ولد حمود الصباح وجابر الفاضل ومحمد بن سالم الجراح وسلمان بن حمود السلمان ولم يعرف عدد من قتل من أهل الكويت، ففي كل يوم تتوافد فلول الجيش حيث يصل الكويت عشرة أنفار أو خمسة أو أقل من ذلك. (6، /4/8 1901).
سرت إشاعة مضمونها أن عبدالعزيز ابن رشيد(1)، قد قتل في الحرب، وتم تنصيب ماجد بن حمود، وقيل طلال ابن عمه أميرا على حائل. وذكرت الأخبار أيضا أن أربعة من أبناء عم عبدالعزيز ابن رشيد واثنان من أبناء سبهان قد قتلوا في الحرب إضافة إلى نحو ثمانين شخصا من غلمانه ورجاله، هؤلاء هم المعروفون غير عسكره (1، 6، /4/8 1900).
شهود عيان
وقد أورد الوكيل الإخباري علي بن غلوم تقريرين لشهود عيان عن معركة الصريف أثبتناهما في مكانهما من رسائل الوكيل المذكور، ويقدم التقريران صورة دقيقة للمعركة، وأن الفريقين قد فقدا الشيء الكثير، ويعزو التقرير الثاني سبب هزيمة جيش مبارك إلى أن عمل أهل الكويت لم يكن منظما وقد أخذهم الزهو بقوتهم وكثرتهم ولم يحسبوا بدقة حسابات الحرب، ومن بينها خيانة بعض القبائل وجانب من أهل نجد الذين خرجوا مع الشيخ مبارك، ويؤكد التقرير أن حضر أهل الكويت هم الذين صمدوا في الحرب إلى الليل وحينما عادوا إلى مخيمهم وجدوه منهوبا.
ما بعد الصريف
ذكرنا أن الرسالة التي كتبها الوكيل الإخباري في الكويت بتاريخ 4 أبريل 1901 تفيد أن الشيخ مبارك أمر نحو أربعة آلاف شخص مسلحين من رعاياه أن يستقبلوا الشيخ سعدون ومن معه قبل وصولهم البلد بمسافة ساعتين، وعند دخوله البلد استقبله الشيخ مبارك مع نحو سبعة آلاف شخص تلقوه يعرضون أمامه.
وقد أراد الشيخ مبارك الصباح من خلال هذه التظاهرة رفع الروح المعنوية لشعبه، وليبين أمام الآخرين أن قدراته القتالية وعزيمته لم تنكسر نتيجة هزيمة الصريف. ولابد أن الشيخ مبارك كان ينوي الأخذ بالثأر من ابن رشيد لكن نصائح المقيم السياسي البريطاني في الخليج فرضت عليه عدم القيام بشيء من ذلك، وأن يقتصر عمله على حماية حدوده.
ويؤكد ذلك أن ابن رشيد حينما غافل عشائر مبارك ليلا في 22 ديسمبر 1902 ووصل إلى مسافة قريبة من الجهراء، ونهب نحو سبعين منزلا من منازل العشائر التابعة للكويت طلب الشيخ مبارك من المقيم السياسي تعويضا عن تلك الأعمال، وذكر أن مسؤولية ذلك الأمر تقع على عاتق الحكومة البريطانية التي طلبت مني ألا أتجاوز حدودي، ولو لم أحافظ على عهودي مع الحكومة البريطانية لقمت بمطاردة ابن رشيد داخل الصحراء واستعدت ما نهبه من عشائري وحافظت على حقوقهم. وتبين الوثيقة رقم 16 جانبا من مراسلات الشيخ مبارك مع المقيم السياسي بهذا الشأن.
وبناء على ما تقدم قام الشيخ مبارك الصباح -بالتنسيق مع كل من الشيخ سعدون والأمير عبدالرحمن الفيصل- بفرض حصار على حائل لمنع وصول الأغذية والسلاح إليها. فبعد أن غادر الشيخ سعدون الكويت إلى العراق انتشرت عشائره في المنطقة الممتدة من الخميسية إلى مشهد قاطعين الطريق على عشائر عبدالعزيز ابن رشيد وقوافل تجارتهم. أما عشائر الشيخ مبارك وأتباع آل سعود فقد انتشروا ما بين الكويت والأحساء لمنع عشائر ابن رشيد من الوصول إلى هناك. وأصبح تجار البصرة والزبير لا يستطيعون المتاجرة مع الكويت خوفا من الشيخ مبارك والشيخ سعدون اللذين قطعا الطريق عليهم. وتواترت رسائل الوكيل الإخباري حول هذا الحصار، والانتصارات التي حققها كل من الشيخ سعدون وآل سعود على عشائر ابن رشيد وقوافله. وكان أكثر من تضرر من هذا الحصار بلاد نجد الذين منعهم ابن رشيد من المسابلة (المتاجرة) مع الكويت والزبير التي كان موقفها في مناصرة يوسف بن إبراهيم وعبدالعزيز ابن رشيد سببا في محاصرتها وقطع المتاجرة معها.
ففي 5 من شهر يوليو 1901 جاءت رسائل من أكابر أهل نجد إلى الشيخ مبارك تفيد أنه بعد حربكم لابن رشيد أرسل عماله علينا وأخذ من التجار نقودا كثيرة، كل شخص أربعة آلاف ريال أو عشرة آلاف ريال أو خمسة آلاف ريال. ولم يكتف بذلك بل إنه سوف يأخذ وقت ثمرة التمر نصف المال. ونحن الآن في حال قحط ينقصنا الأرز والقمح والسكر والقهوة وجميع الحاجات، ولا يوجد لنا حل إلا مسابلة الكويت التي منعها ابن رشيد. وليس لنا طريق إلا أن نحاربه على فعله فينا، وقد كتب إليهم الشيخ مبارك بأنني لن أغفل عن مساعدتكم بما يطيب خاطركم. وأننا سنرسل إليكم أولاد عبدالرحمن بن فيصل مع بيرق لمساعدتكم.
وفي 16 من شهر يوليو وفد إلى الكويت عن طريق البر العصيمي بن محمد العصيمي، صديق الشيخ مبارك، وهو تاجر يقطن الزبير، وقد أسكنه الشيخ مبارك في منزله وأكرمه غاية الإكرام، وكان مع العصيمي ثلاثة أشخاص من أهل الزبير واثنان من رجاله. وفي اليوم الثاني من وصوله انفرد بالشيخ مبارك وتكلم معه بخصوص أهل الزبير، وطلب من الشيخ مبارك أن يعفو عنهم إكراما له حتى يسابلوا إلى الكويت (يتاجرون معها) (في وجه الله ثم في وجهكم). فقال له الشيخ مبارك في الحقيقة إنني لم أفعل إلا المعروف على أهل الزبير، لكنهم عاقبوني وعاندوا على غير تقصير وظلموا أنفسهم، وهم في حاجة إلينا، بينما نحن لا حاجة لنا عندهم، ومع ذلك كرامة لكم يصير خير. ولم يعط الشيخ مبارك جوابا صريحا.
ثم سارت الوقائع بين الحلف الذي كان يقوده الشيخ مبارك الصباح وبين آل رشيد على النحو التالي:
- في 3 من شهر سبتمبر وصل بشير من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى الشيخ مبارك بأنهم قد أخذوا من عشائر ابن رشيد أموالا كثيرة إضافة إلى الجمال والغنم، وقتلوا منهم نحو مائتين، وذكر أنهم مقيمون الآن في أطراف نجد، وأنهم سينالون من عشائر ابن رشيد. وقد خلع الشيخ مبارك خلعتين على البشير وسر غاية السرور للفتح الذي ناله عبدالعزيز بن عبدالرحمن (آل سعود). (/9/3 1900).
- عبدالعزيز ابن رشيد في "الحفر" وهو مكان يبعد عن الكويت مسافة أربعة أيام. وقد أرسل ابن رشيد مائة جمل إلى السماوة ليحضروا له علفا لدوابه وطعاما لعسكره وإلى الآن لم يعودوا إليه. والشيخ مبارك متنبه لحركات ابن رشيد، وجميع عشائر مبارك مجتمعون على حدوده على موارد المياه، وعند أي اعتداء من ابن رشيد فسوف يرد عليه ويحاربه والشيخ مبارك سيرسل عساكره من البلد إلى عشائره ليساعدهم عند أي طارئ. (/10/12 1901).
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 09-02-2008, 03:00 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

في 16 من شهر أكتوبر جاء بشير إلى جناب الشيخ مبارك الصباح من قبل عبدالعزيز بن عبدالرحمن (آل سعود) وأخبره أنهم استولوا على أموال اثنتي عشرة عشيرة من عشائر ابن رشيد، وقد تمت مهاجمتهم في نواحي نجد بالقرب من بلدة المجمعة. وقد سر الشيخ مبارك لما وصله هذا الخبر لأن قوة ابن رشيد معتمدة على هذه القبائل التي انتصر عليها عبدالعزيز بن عبدالرحمن (آل سعود) وأن ابن رشيد حينما يسمع بهذا الخبر سيغتم كثيرا لهذا الأمر الذي جرى لعشائره (/10/18 1901).
أرسل الشيخ مبارك جميع عساكره إلى عشائره على حدوده حتى يرعوا جمالهم وأغنامهم، لأن عشائره هناك بدون بيرق (علم) أي حماية رسمية، والشيخ مبارك ليس غافلا عن تحرشات ابن رشيد، ولهذا فهو يسعى دائما لحفظ حدوده وحماية عشائره وفق الأصول. علما بأن ابن رشيد لم تعد له القدرة على الوصول إلى حدود الشيخ مبارك، وإذا ما فعلها وحضر فسوف يحارب (/10/18 1901).
بخصوص ابن رشيد فهو مقيم هذه المدة في الحفر، وقد أرسل رجاله إلى البصرة لإحضار علف لدوابه وليجلبوا طعاما لعساكره فبلاده خالية من الطعام. وقد اكتال رجاله من البصرة في 17 من شهر رجب وخرجوا قاصدين ابن رشيد، وقد وصلت تلك القافلة إليه في يوم 3 نوفمبر، وفي اليوم التالي غادر الحفر لمسافة يومين قاصدا بلاده على التدريج. وحتى الآن لم يتحرش بعشائر الشيخ مبارك. وعشائر الشيخ مبارك وعساكره مقيمون على حدوده يحفظونها ولن يقوموا بأي اعتداء دون إذن المقيم السياسي.
وقد خرج نحو سبعة آلاف شخص من العسكر تحت بيرق الشيخ مبارك، أرسلهم الأخير لكي تطمئن العشائر حين يقيمون على موارد الماء ويرعون أنعامهم في خير وأمان.
أما عن عبدالعزيز آل سعود فقد وصل في 1 من شهر نوفمبر إلى الأحساء مع عسكره الذي يقدر بعشرة آلاف شخص من أهل نجد وعشائرها، وكان وصوله الأحساء بغرض الاكتيال منها علفا لدوابه وطعاما لعسكره. ولما وصل إلى نواحي الأحساء وخيم قريبا منها تخوف منه باشا الأحساء وأرسل إليه رسولا، يقول له إننا مع تقديرنا لك فإننا سنرسل إليك كل ما تحتاج إليه من أرز وتمر موجود عندنا. وكان عبدالعزيز ينوي بعد أن يكتال من الأحساء التوجه إلى الكويت في 20 من شهر نوفمبر ليقيم عند الشيخ مبارك ومعه الأموال الكثيرة التي أخذها من عشائر ابن رشيد إضافة إلى الخيل والغنم والجمال. (/11/6 1901).
ابن رشيد غادر أرض "الحفر" مسافة يومين قاصدا بلاده، وحتى هذا التاريخ لم يحدث أي تحرش من ابن رشيد مع عشائر الشيخ مبارك. كما أن عساكر الشيخ مبارك جميعهم موجودون عند عشائره وعلى حدوده آمنين في خير وعافية (/11/10 1901).
بخصوص يوسف بن إبراهيم جاء خبر إلى الشيخ مبارك يفيد أنه موجود في البصرة وأنه يجهز (يسلف) الرجال ليبعثهم إلى ابن رشيد.
بعد أن غادر ابن رشيد "الحفر" نزل على "العكية" على مسافة سبعة أيام عن الكويت، وحتى الآن لم تصدر عنه حركة. ولابد من الإشارة إلى أن المشير (مشير بغداد) والوالي هما اللذين يساعدان سرا يوسف الإبراهيم وابن رشيد ضد الشيخ مبارك. (/12/151901).
بخصوص الأمير عبدالرحمن بن فيصل عرفناكم أخباره عن طريق كاسكن ممثلكم بالبحرين، وأنه ينوي الذهاب إلى ولده الأمير عبدالعزيز في بلد الرياض. وقد اجتمع عنده نحو أربعمائة شخص مسلحين من جماعته كانوا مقيمين في الكويت وسوف يغادر الكويت في 30 من شهر أبريل ،1902 وعندما يصل إلى هناك فسوف يقوى ولده ويصعب أمره على ابن رشيد. (/4/19 1902).
لايزال وكلاء عبدالعزيز ابن رشيد يواصلون حشد الرجال المسلحين في الزبير ويغيرون على بادية الكويت وعلى عشائرالشيخ مبارك. ومنذ يومين أغار نحو 200 مسلح على العشائر الموجودة في سفوان. (/11/201902).
حدثت معركة بين ابن رشيد وابن سعود في منطقة الدلم القريبة من الخرج، فقد خيم عبدالعزيز آل رشيد عند مدخل بلدة الدلم ، وأحاطت بها قواته لمهاجمتها، فأرسل عبدالرحمن بن فيصل ابنه عبدالعزيز من الرياض في قوات تقدر بخمسة آلاف رجل حيث دخل البلدة ليلا دون علم ابن رشيد، ثم جاءته قوات رديفة قوامها ثلاثة آلاف، وفي الصباح الباكر دارت معركة عنيفة استمرت نحو ست ساعات انهزم بعدها ابن رشيد حيث طاردته قوات الأمير عبدالعزيز آل سعود لمدة ثلاثة أيام إلى أن لجأ إلى القصيم.
في 20 من نوفمبر أرسل الأمير عبدالرحمن بن فيصل رسالة إلى الشيخ مبارك الصباح يبشره فيها بما تم لهم من النصر، الذي جعل الكثير من قبائل نجد تنحاز إلى الأمير عبدالعزيز بن فيصل وتتحول عن ابن رشيد. (/11/24 1901).
في 8 من شهر ديسمبر قام يوسف الإبراهيم ومعه خالد بن عون شيخ الزبير ومعهما مائتا مقاتل بمهاجمة عشائر الشيخ في نواحي الجهراء، وقد تعقبهم رجال مبارك وهزموهم.
قام عبدالعزيز ابن رشيد في 22 من شهر ديسمبر 1902 بمغافلة عشائر الشيخ مبارك ليلا، ودخول أراضي الكويت، وكان ذلك على مسافة ساعة من الجهراء. وقد نهب نحو سبعين منزلا، وعندما سمع بقية العشائر بذلك الهجوم هبوا لمساعدة جماعتهم، وطاردوا ابن رشيد إلى خارج الحدود.
لما أخبر الشيخ مبارك بهذا الهجوم أبرق إلى الباب العالي بتعديات ابن رشيد ويوسف الإبراهيم. فصدر أمر إلى والي البصرة بأن يبعد يوسف الإبراهيم إلى دمشق أو إلى جدة للعيش هناك، وأن ينقل أولاد الشيخ محمد الصباح إلى بغداد للإقامة فيها. وقد سر الشيخ مبارك لهذه الأخبار. (/12/22 1902).
في 4 من شهر يناير 1903 وصلت السفينة الحربية (المنور) البريطانية آسي، وزار قبطانها الشيخ مبارك حيث طلب منه أن يكتب قائمة بالأشياء التي نهبها ابن رشيد حتى يحملها إلى المقيم السياسي في بوشهر. وقد أوضح الشيخ مبارك للمقيم السياسي أن ابن رشيد قد أغار على حدوده ونهب العشائر التابعة له. وقال إن مسؤولية هذا الأمر تقع على عاتق الحكومة البريطانية التي طلبت مني ألا أتجاوز حدودي، ولو لم أحافظ على عهودي مع الحكومة البريطانية لقمت بمطاردة ابن رشيد داخل الصحراء واستعدت ما نهبه من عشائري وحافظت على حقوقهم. وابن رشيد الآن ضعيف فبعد قتاله مع ابن سعود هجرته جميع العشائر التي كانت معه، وحينما اقترب من الجهراء لم يكن معه سوى 700 رجل.
ألقى رجال الشيخ مبارك القبض على رسول ابن رشيد الذي كان يحمل خطابا إلى يوسف بن إبراهيم وخالد العون حاكم الزبير، وقد أحضروا هذا الخطاب للشيخ مبارك الصباح الذي قرأه وأخبرني أن ابن رشيد طلب منهما (يوسف وخالد) أن يساعداه ضده (أي مبارك). (1/5 1903/).
- وصول الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن (آل سعود) في 3 من شهر مارس 1903 إلى الكويت ونزوله وعسكره في منطقة عريفجان التي تبعد خمس ساعات عن الكويت. وفي 5 من الشهر اصطحب أخاه محمدا مع مائة من أتباعه لزيارة الشيخ مبارك الصباح، وقد قرر قضاء العيد في الكويت، ثم يتوجه بعده لمحاربة ابن رشيد الموجود حاليا في ضواحي القصيم. ومما يذكر أن ابن رشيد الآن في حالة من الضعف وقد هجرته قبائله. أما الأمير عبدالرحمن بن فيصل والد عبدالعزيز فقد استقر في الرياض مع قواته. وقد أصبح موقف ابن رشيد صعبا جدا.
في 20 مايو 1903 وصلت إلى الشيخ مبارك أخبار من البصرة تفيد أن عبدالعزيز ابن رشيد قد وصل مع عشائره إلى السماوة. ثم توجه إلى بغداد حيث قابل الوالي التركي وطلب منه مساعدة القوات التركية العثمانية له ضد عبدالعزيز بن عبدالرحمن. وذكر أنه إذا لم يتلق هذه المساعدة فإن عبدالعزيز سيستولى على الحجاز بأكمله، بما فيه مكة والمدينة، وبعد ذلك سوف يأخذ منكم القطيف والأحساء. وتذكر الأخبار أن السلطات العثمانية قد استجابت لمطالب ابن رشيد الذي بدأ في تعبئة قواته لقتال عبدالعزيز بن فيصل (آل سعود). وقد عبر الشيخ مبارك عن استيائه لهذا الأمر، ولكنه قال إن الأتراك إذا ساعدوا ابن رشيد، فمن المؤكد أن عبدالعزيز بن فيصل سوف يطلب المساعدة من الحكومة البريطانية.
* * *
ومن واقع الأحداث التي سجلها الوكيل الإخباري علي بن غلوم ورسائله المتتالية إلى المقيم السياسي البريطاني يمكن استخلاص الكثير من الوقائع التي تتعلق بفترة تاريخية مهمة أعيد فيها بناء الهيكل السياسي لشبه الجزيرة العربية، وتحتوي تفصيلات تلك الرسائل التي سنقدم ملخصا عن كل منها على مجموعة من المعلومات والتواريخ التي تصحح ما جاء في كثير من كتب التاريخ المتعلقة بهذه الحقبة من الزمن. ولا نريد أن نخوض في هذا الجانب أو نقدم تحليلا للأحداث. فالهدف هو تقديم الوثيقة مجردة دون تدخل منا، ونترك ما وراء ذلك للباحثين من المؤرخين الذين ينبغي عليهم مقارنة الأحداث مع المصادر الأخرى وبيان ما تضيفه وثائق علي بن غلوم ورسائله من جديد إلى تاريخ الكويت.
(1) هذا هو التاريخ المسجل في معظم المصادر التي تكلمت عن اليوم الذي وقعت فيه المعركة. وقد ذكر علي بن غلوم في رسالته المؤرخة في 1 ابريل 1901 ان المعركة حدثت يوم الثلاثاء الموافق 25 من شهر ذي القعدة، وهذا اليوم لا يوافق الثلاثاء بل السبت. وفي تقريره الذي استقاه من فلاح بن جنهم بتاريخ 7 ابريل 1901 يقول ان المعركة وقعت يوم 27 من ذي القعدة الموافق 18 مارس وهذا يتفق مع ما اورده عبدالله بن محمد البسام في كتابه: تحفة المشتاق في اخبار نجد والحجاز والعراق تحقيق ابراهيم الخالدي، الكويت ،2000 ص384.
(2) في تقرير لاحق مؤرخ في 1901/4/8 يذكر علي بن غلوم ان الذين بقوا مع الشيخ مبارك مائة شخص لا غير.
(1) في الرسالة المؤرخة في 1901/4/8 يذكر ان تاريخ وصول الشيخ سعدون وعبدالرحمن الفيصل في 15 من ذي الحجة، ويبدو ان الكاتب يقصد عبدالرحمن الفيصل فقط لكونه مر في الرياض قبل رجوعه الى الكويت.
(1) قتل عبدالعزيز ابن رشيد في روضة مهنا في 17 من شهر صفر 1324ه (12 من ابريل 1906).
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 09-02-2008, 03:00 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 09-02-2008, 03:01 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

يعود اهتمام الدبلوماسيين والساسة الروس بالكويت ومنطقة الخليج العربي والكويت إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ويشتمل أرشيف الدولة المركزي للأسطول البحري الحربي السوفيتي في بطرسبرغ (ليننغراد) على مجموعة من التقارير والوثائق تتضمن زيارات السفن الروسية الحربية لهذه المنطقة في الفترة الممتدة بين عامي 1899 و1903. وكانت السفينة 'غيلياك' من أوائل السفن الروسية التي زارت ميناء الكويت، وكانت سفينة حديثة البناء (1896) في حين أن السفن البريطانية تبدو بالنسبة لها عتيقة باهتة اللون.
في عام 1899، وقبل وصول غيلياك، وصل إلى الكويت التاجران الروسيان أرتين أوفانيسوف وعباس علييف، وكانت لزيارتهما بالإضافة إلى الأهداف التجارية (بصفتهما من تجار جلود الخراف) أهداف سياسية أيضا، فقد طلب منهما كروغلوف، القنصل الروسي في بغداد، استطلاع موقف الشيخ مبارك من الزيارة المرتقبة، والبحث عن الشخصيات المتنفذة في الكويت من أجل تأمين استقبال لائق للسفينة وملاحيها. وقد تمت زيارة أوفانيسوف وعباس علييف في مارس عام 1899، وحظيا بمقابلة الشيخ مبارك الذي استقبلهما استقبالا حسنا وأبدى خلال حديثه مع التاجرين الروسيين اهتماما بالغا بأخبار الوضع الدولي وما يثار عن خطط بناء سكة حديد (برلين - بغداد)، وأسفرت الزيارة عن إقامة علاقة طيبة بين الكويت والقنصلية الروسية في بغداد، تؤكدها مجموعة من الوثائق المتبادلة بين الطرفين.
إخفاء المعلومات
وبناء على ما تقدم وصلت السفينة غيلياك إلى جون الكويت في 16 مارس 1900، وقد أحسن الشيخ ومعاونوه استقبال البحارة الروس خلال اليوم الوحيد الذي وقفته 'غيلياك' في ميناء الكويت، حيث رجع الشيخ مبارك من الجهراء خصيصا لاستقبالهم، وشاهد البحارة المدينة في جولة حرة ثم تناول الجميع وجبة الغداء عند الشيخ مبارك. وقد لقي ضباط السفينة والقنصل الروسي حفاوة بالغة وأعد قافلة حراسة للقنصل الروسي عند عودته من الكويت إلى البصرة.
واللافت للانتباه أن علي بن غلوم حينما كتب عن زيارة القنصل الروسي مع السفينة غيلياك لم يتعرض لذكر السفينة وأهمية هذه الزيارة ولا لما دار بين الشيخ مبارك والقنصل الروسي، مما يشير إلى أن الشيخ مبارك قد أخفى عنه المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع، ويبدو أن السبب في هذا هو ما أشار إليه بونداريفسكي عند حديثه عن تلك الزيارة، فقد ذكر أن الشيخ مبارك قد انتقد بشدة إنكلترا ودبلوماسيتها والضغوط التي يمارسها الإنكليز عليه بل وصل الأمر - بحسب ما ذكره بونداريفسكي - إلى أن يصرح الشيخ مبارك برغبته في الحصول على الحماية الروسية. وكل هذه الأمور لم يكن الشيخ مبارك يرغب في نقلها إلى البريطانيين. ولذلك كان تقرير علي بن غلوم المؤرخ في 12 أبريل 1900 مقتصرا على الأمور الظاهرة، وهي الإفادة عن التاجر الروسي عباس علييف الذي كان يتردد على الكويت منذ ثلاث سنوات لشراء فرو صغار الخراف، وأنه جاء في هذه السنة مع المركب الروسي (المسقوفي)، ونزل مع القنصل الروسي حيث قام بعملية الترجمة بينه وبين الشيخ مبارك. ثم بين أنه بعد سفر المركب غادر القنصل الروسي عن طريق البر وبقي عباس في الكويت يشتري الجلود على عادته، وأنه في 16 من ديسمبر 1900 نزل لصوص على بيته وسرقوا جميع أغراضه، ولم تتم معرفة اللصوص. وكان الشيخ مبارك وقتها في القنص خارج الكويت.
وقد كان من نتائج زيارة 'غيلياك' للخليج العربي والكويت أن رأت الحكومة الروسية ضرورة تطوير العلاقات التجارية والسياسية مع هذه المنطقة. وكان أن أوفدت إلى الخليج كلا من الدكتور صيراميا تنيكوف من كلية الحقوق بجامعة بطرسبرغ والضابط بافلوفسكي، وكان الذي رشح صيراميا تنيكوف الأمير ألكسندر ميخايلوفتش صهر القيصر.
ويشير بونداريفسكي إلى أن صيراميا تنيكوف قد وصل إلى بغداد في يوليو 1900، ومنها توجه إلى الكويت ليصلها في 12 من أغسطس، وكان يحمل هو ومرافقوه جوازات سفر تثبت أنهم تجار، لأن مهمتهم سرية، وقد انتقد كروغلوف القنصل الروسي في بغداد سلوك صيراميا تنيكوف لأنه زار الكويت دون إخطار وزارة الخارجية الروسية وأن سلوكه هذا كان تحديا لكروغلوف فضلا عن زعمه بأن هذه الزيارة قد أثارت استياء الشيخ مبارك.
مصادر المياه
ويعطي علي بن غلوم في تقريره المؤرخ في 17 أغسطس 1900 تفصيلات مغايرة لما ذكره بونداريفسكي، ولم يشر إلى استياء الشيخ مبارك من الزيارة المذكورة. ففي التاريخ نفسه الذي وصل فيه صيراميا تنيكوف (1900/8/12) يقول علي بن غلوم: 'جاء إلى الكويت القنصل الروسي ومعه ثلاثة رجال عن طريق البحر في سفينة الشيوخ من الفاو. وفي اليوم الذي وصل فيه كان الشيخ مبارك في جزيرة فيلكا للتنزه فيها، وفي اليوم الثاني رجع الشيخ مبارك والتقى القنصل، وفي اليوم الثالث أخذ القنصل إذنا من الشيخ ليتفرج على موارد المياه في البلد فأذن له. وقد ذهب معه أحد رجال الشيخ للاطلاع على آبار المياه، حيث مكث ساعتين من النهار ثم عاد.
وذكر علي بن غلوم أن أول خروج للقنصل الروسي كان من أبو شهر في 29 يونيو 1900، وبصحبته شخص يدعى حاجي أحمد دباغي، ركب معه من أبو شهر إلى البصرة، ثم سافر معه إلى بغداد، ومن هناك أخذ له مترجما اسمه عيسى من أهل بغداد، وعاد إلى البصرة، حيث اصطحب معه عبدا من عبيد آل الزهير، فصار رجاله ثلاثة. وقد عبر من البصرة إلى الفاو حيث استقل مركب الشيخ مبارك إلى الكويت. ويقول علي بن غلوم إن زيارة القنصل كان هدفها الظاهر هو السياحة، ويفيد تقرير آخر لعلي بن غلوم مؤرخ في1900/8/18 'ان القنصل الروسي سافر من الكويت في سفينة الشيخ مبارك إلى الفاو، ومنها يتجه إلى البصرة وبعد ذلك إلى المحمرة ثم أبو شهر، وأن هذا هو الاتجاه الظاهري. وأنه في اليوم الذي أراد فيه السفر قام بتصوير الشيخ مبارك ومعه ولده الصغير حمد وعمره سبع سنوات، وصور أيضا اثنين من رجال الشيخ مبارك الجالسين عنده ثم سافر'.
ويتضح من تقرير علي بن غلوم أن شخصية كل من صيراميا تنيكوف وصاحبه الضابط لم تكتشف، وأنهما قد حققا غاياتهما في التعرف إلى البلد وموارده المائية وإمكاناته المختلفة. ولعل رغبتهما في الاطلاع على موارد المياه تدل على أهدافهما العلمية والسياسية.
ولم تنقطع الاتصالات الروسية الكويتية، وفي الوقت نفسه لم تكن تفصيلاتها الحقيقية معروفة لدى الوكيل الإخباري البريطاني علي بن غلوم، فتقريره المؤرخ في 16 مارس 1901، يفيد بوصول شخصين من رعايا المسقوف (الروس) لشراء فرو الخرفان الصغيرة. وأنهما كانا مشغولين بشراء الجلود، وذكر أن أولهما (ويقصد عباس علييف) كانت له عادة في موسم الربيع من كل سنة أن يأتي إلى الكويت، أما الثاني فهو يأتي لأول مرة لشراء الجلود أيضا.
عودة للتشاور
أما بونداريفسكي الذي اعتمد في كتابه على الوثائق الروسية فيذكر أنه في أوج الصراع بين مبارك وابن رشيد انتهز سكرتير السفارة الروسية في بغداد 'أوسينكو' الذي كان في تلك الفترة في البصرة فرصة توجه التاجر الروسي عباس علييف إلى الكويت، وهو الذي سبق أن رافق كروغلوف سنة 1900 إلى الكويت، وكلفه باستيضاح كل الظروف المرتبطة بالعمليات العسكرية في الجزيرة العربية. لكن علييف لم يجد مباركا في الكويت، فقد كان وقتها يخوض الحرب مع ابن رشيد في الصحراء، وقد ترك له رسالة أبلغه فيها تحياته مع إخباره أنه توجه إلى البصرة عقب مغادرته للكويت. وفور عودة الشيخ مبارك مباشرة بعد موقعة الصريف أرسل مبعوثا إلى البصرة لتسليم عباس علييف خطابا، يطلب فيه عودته إلى الكويت لمدة يوم واحد 'للتشاور في بعض الأمور'، لعلمه بأن هذا التاجر كان مقربا من كروغلوف. وأكد مبارك في رسالته أن 'هذا الأمر ضروري جدا'. ولم يلبث أن عاد عباس علييف إلى الكويت وسلم رسالة إلى الشيخ مبارك من أوسينكو تتضمن تحياته وسروره لعودة الشيخ سالما إلى الكويت.
وقد عاد عباس إلى البصرة في 12 أبريل 1901، حاملا معه خطابين من مبارك إلى كل من أوسينكو وكروغلوف، وذكر مبارك في رسالتيه أنه كلف عباس بأن ينقل شفهيا إلى كروغلوف كل رغباته التي يمكن إيجازها بأنه يرحب بالحماية الروسية على بلاده. واستعداده لتمكين الروس من اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن الكويت. وقد بالغ عباس علييف وربما بونداريفسكي في عروض الشيخ مبارك على الروس، مما جعل كروغلوف يطلب من عباس أن يعود إلى الكويت للمرة الثالثة ويطلب من الشيخ مبارك أن يكتب طلباته بصيغة مكتوبة وليست شفهية، وقد ذهب بالفعل إلى الكويت ورجع إلى البصرة في يوم 23 أبريل 1901 ليقص على أوسينكو بأن مبارك قرر أن يلخص رغباته كتابيا غير أنه لم يجرؤ على أن يخط على الورق كل أفكاره لأنه كان يخشى أن تستغل هذه الأوراق في حالة وقوعها بيد الآخرين.
وقد أورد بونداريفسكي صورة الرسالة التي بعث بها الشيخ مبارك إلى كروغلوف (ص 467) ولا يوجد في هذه الرسالة المحررة ما يفيد طلب الحماية من قريب أو بعيد، فهي شرح عام لوضع الكويت وما تتعرض له من اعتداءات ودسائس من قبل الأتراك وابن رشيد. ومن ثم فإن مسألة طلب مبارك الحماية الروسية مسألة يكتنفها الشك، بخاصة أن الكويت كانت في ذلك الوقت في معاهدة حماية فعلية مع بريطانيا.
وما يهمنا هنا أيضا أن الوكيل الإخباري علي بن غلوم لم يشر إلى الزيارتين الأخيرتين لعباس علييف، ولم تتحرك عنده الشكوك من تردده على الشيخ مبارك. كما أن علي بن غلوم لم يكتب عن زيارة الطراد الروسي 'فارياغ' الذي وصل جون الكويت في 21 ديسمبر 1901، وكان سفينة من الطراز الأول صنع في العام نفسه وتبلغ حمولته 6500طن، ويحمل 34 مدفعا سريع الطلقات، وعدد طاقمه 570 شخصا. وقد حظيت هذه الزيارة باهتمام كبير من الدوائر السياسية البريطانية والصحافة الإنكليزية والهندية. وقد لقي أوسينكو والبحارة الروس استقبالا حارا من الشيخ جابر المبارك نيابة عن والده الذي كان في الجهراء، وقد قرر أوسينكو الذهاب مع وفد من السفينة على ظهور الخيل إلى هناك حيث استقبلهم الشيخ مبارك وأقام عرضا عسكريا خاصا تكريما للضيوف الروس. وأعرب الشيخ مبارك عن تقديره لهذه الزيارة وعن رغبته في أن يرى السفن التجارية الروسية محملة بالبضائع والسلع الروسية في الكويت.
وبعد سفر 'فارياغ' أرسل أوسنيكو رسالة إلى الشيخ مبارك الصباح بتاريخ 5 من ذي الحجة 1319ه (15 مارس 1902) يشكره فيها على الاستقبال الطيب الذي استقبل به مع ضباط السفينة، ويطلب الحصول على ثلاثة غزلان أو أربعة بحيث تكون مستأنس وغير متوحشة مع ذكر أو اثنين، وأن ترسل إلى بوشهر مع بيان قيمتها. وطلب إبلاغ تحياته إلى الشيخ جابر وجناب الشيخ عبدالرحمن الفيصل.
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 09-02-2008, 03:02 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

وفي 12 من شهر ذي الحجة 1319ه(2) (22 مارس 1902) أرسل أوسينكو رسالة أخرى يشير فيها إلى رسالة سابقة بعثها إلى الشيخ مبارك. ويذكر أنه قد وفد إليهم من روسيا أستاذ في العلم الطبيعي هو الدكتور بوغوياوتسكي، وأنه قضى عندهم بضعة أيام وتردد على بعض مواني الخليج بهدف جمع عينات من الحيوانات البحرية الصغيرة. وفي هذه المرة يريد التوجه إلى الكويت، ويطلب أوسينكو من الشيخ مبارك أن يخصص له من يقوم بمساعدته من أهل الكويت، وأن يستأجر خلال الأيام التي سيقضيها في الكويت بيتا، حيث سيبقى أربعة أيام أو أكثر. ويرجو الشيخ مبارك أن يعامل هذا الشخص المعاملة الودية التي عاملها أوسينكو.
وقد أرسل الشيخ مبارك صورة الخطابين إلى المقيم السياسي البريطاني في بوشهر، وذلك لأن الرسالة الأخيرة كان فيها طلب استئجار بيت لشخص أجنبي وهو ما حظرته اتفاقية الحماية بين بريطانيا والكويت. وقد ذكر الشيخ مبارك في رسالته إلى المقيم السياسي البريطاني، المؤرخة في 10 من محرم 1320ه (19 أبريل 1903) أنه لن يسمح بتأجير بيت للشخص المذكور بل سيجعله يقيم في ضيافته بالديوان (انظر الوثائق ،17 ،18 19).
وبعد مرور عام على زيارة 'فارياغ' سجل الوكيل الإخباري علي بن غلوم وصول الطراد الروسي 'أسكولد' الذي ألقى مرساته في ميناء الكويت قبل غروب الشمس بنصف ساعة من يوم الحادي عشر من رمضان الموافق 12 من ديسمبر 1902، وكان على متنه القنصل الروسي في البصرة آدموف الذي لم يتمكن من النزول في اليوم الثاني بسبب سوء الأحوال الجوية، وفي اليوم الثالث نزل وبصحبته اثنان من ضباط السفينة حيث زاروا الشيخ مبارك.
ولما كانت السفينة الحربية البريطانية (لورنس) التي كانت تقل نائب القنصل البريطاني في بوشهر راسية في ميناء الكويت قبل وصول (أسكولد) فقد كان أول سؤال سأله القنصل الروسي للشيخ مبارك عما إذا كانت السفن الحربية البريطانية تتردد باستمرار على الكويت؟ وقد استفسر القنصل الروسي من الشيخ مبارك أيضا عن مدى علمه بموافقة بريطانيا على إقامة سكة حديد إلى كاظمة، فأجابه الشيخ مبارك إنه ليس على علم بهذا الموضوع، وقد دار حديث حول هذا الموضوع. ودعا القنصل الشيخ جابر بن مبارك الذي كان حاضرا الاجتماع لزيارة سفينته، فلبى الدعوة مع بعض رجال الكويت، وعند مغادرته للسفينة أهديت إليه بندقية ذات ماسورتين، وقد غادرت ميناء الكويت في 15 ديسمبر 1902.
(1) السرقة في عهد الشيخ مبارك من الأمور النادرة للضبط الأمني المحكم في البلد، وأن تتم سرقة شخصية لها علاقة وطيدة بالشيخ مبارك يثير الشكوك حول أهداف اللصوص هل هي مادية أم سياسية؟
(2) كتب التاريخ في الرسالة المذكورة في عام 1320 هجرية ويبدو أنه خطأ من ناقل الرسالة، فالصواب 1319 ه كما اثبتنا وهو الموافق للسياق التاريخي.
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 09-02-2008, 03:03 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي



رد مع اقتباس
  #27  
قديم 09-02-2008, 03:04 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

في ذروة تدهور العلاقات الإنكليزية الروسية حصل تقارب بين الحليفتين روسيا وفرنسا، وفي استعراض واضح ومحاولة لكسر احتكار بريطانيا لمياه الخليج العربي قام الطرادان الروسي بويارين والفرنسي انفيرني Infernet بجولة مشتركة في موانئ مسقط والخليج العربي. وكان الهدف الذي كتبه قائد الطراد الروسي بويارين في يوميات سفينته هو: أن نبين في الخليج الاتجاه المنسجم والودي لسياستنا والسياسة الفرنسية، خلافا لذلك الرأي الذي تروج له الحكومة البريطانية وعملاؤها وممثلوها في موانئ الخليج وفي أوساط المشايخ والقبائل العربية وفي ساحل الخليج، والقائل ان الخليج بحر مغلق، فوق أنه يوجد فقط تحت نفوذ بريطانيا.
سفينتان روسيتان في الكويت
ويسجل القبطان الروسي يوم وصوله مع الطراد الفرنسي 20 فبراير 1903 في الساعة الحادية عشرة وخمس وخمسين دقيقة. في حين أن التقرير الذي كتبه علي بن غلوم يذكر أن تاريخ وصول السفينة كان في 5 من ذي الحجة عام 1320ه الذي يوافق 5 مارس ،1903 يقول الوكيل الإخباري علي بن غلوم: 'وصلت إلى الكويت سفينتان حربيتان إحداهما روسية وأخرى فرنسية، وصلتا بعد 5 ساعات من شروق الشمس في 5 من شهر ذي الحجة، وبعد وصولهما بساعة نزل رجلان من السفينة الحربية الروسية ليزورا الشيخ مبارك، وكان الرجلان من الجنسية الفارسية وهما حاجي عبدالرضا وحاجي أحمد، وقد أبلغا الشيخ مبارك أن القنصل الروسي سوف ينزل من السفينة اليوم التالي، وسيتناول الغذاء معه (مع مبارك)، كما أخبرا الشيخ مبارك كذلك أن القنصل رغب في أن يقوم الشيخ صباح بزيارة السفينة ومشاهدتها وبناء على ذلك فإن الشيخ مبارك والشيخ صباح اصطحبا 10 رجال في هذه الزيارة، وفي يوم 6 من شهر ذي الحجة، نزل القنصل الروسي وفي معيته قائد السفينة، بالإضافة إلى قائد السفينة الفرنسية واثنين من ضباطها نزلوا إلى الشاطئ وزاروا الشيخ مبارك الذي استقبلهم بحفاوة وأدب، وبعد تناول الإفطار ذهبوا لرؤية عبدالعزيز بن فيصل آل سعود ومكثوا معه لمدة ساعتين، وبعد ذلك عادوا جميعا إلى سفينتيهما، وفي يوم 7 من شهر ذي الحجة نزل إلى الشاطئ القنصل الروسي وعشرة من رجال السفينة الروسية، وكذلك قائد السفينة الفرنسية وعشرة من رجالها لزيارة الشيخ مبارك وقدم القنصل إلى الشيخ مبارك ثلاث بنادق ذات ماسورة مزدوجة ومسدسا ذا خمس طلقات، وكذلك بندقية ماركة موزر، وبعد ذلك زاروا عبدالعزيز وأعطاه القنصل بندقية ماركة موزر Mauser، وظلوا هناك مع عبدالعزيز لمدة ساعتين، وعند رحيلهم طلب القنصل إلى عبدالعزيز مرافقتهم إلى السفينة حتى يطلعوه عليها، ولكن عبدالعزيز اعتذر لتعبه، وقد قبل القنصل الاعتذار وطلب من عبدالعزيز أن يرسل شقيقه، ومن ثم وافق عبدالعزيز وأرسل شقيقه وبصحبته عشرة رجال، وقد اتفق على أن تغادر السفن الحربية في 8 من ذي الحجة'.
الطراد بويارين
وفي الوقت الذي جاء فيه تقرير علي بن غلوم مختصرا، نجد أن سجل الطراد بويارين حافل بالمعلومات عن تلك الزيارة سواء في ما يتعلق بحفاوة الاستقبال أو في وصف المدينة وأحوالها، وفي ما يلي نبذ من ذلك التقرير لأهميتها:
'مساء 19 فبراير وصل إلى الطراد عميد القنصلية الروسية العامة في بوشهر أوفسيينكو للقيام بجولة على متن الطراد في موانئ الخليج. وفي الساعة 8 و 20 دقيقة رفع الطراد المرساة، في أعقاب الطراد infernet ، وسار خلفه باتجاه الكويت'.
'في 20 شباط، الساعة 11 و 55 دقيقة صباحا، رسوت في مرفأ الكويت، بعد infernet ، على عمق 6 ساجنات (قامات) وفي الساعة الواحدة بعد الظهر وصل من الشاطئ قارب من لدن الشيخ مبارك للتهنئة بالوصول ولدى عودته إلى الشاطئ، وبناء على نصيحة القنصل أوفسيينكو، جاء إلى الطراد في الحال صباح بن مبارك، النجل الثاني للشيخ مبارك، بصحبة حفيد الشيخ، ابن نجله الأكبر الشيخ جابر بن مبارك، أحمد بن جابر، لأجل تهنئتنا بالوصول باسم مبارك، والاتفاق على موعد زيارتي للشيخ مع القنصل والضباط ولدى مغادرته أديت له تحية متفق عليها من 5 طلقات، وبعد ذلك قام هؤلاء الأشخاص بزيارة انفيرني وقد اتفقت مع قائد انفيرني على أن نقوم في 21 فبراير صباحا عند الساعة التاسعة، بزيارة جوابية، واتجهنا إلى الشاطئ في الموعد المقرر. كانت المياه ضحلة، فأرسلوا لملاقاة القاربين جيادا أوصلتنا إلى الشاطئ.
استقبلنا الشيخ مرتديا أغلى الألبسة تكريما لنا، ورحب بنا أجمل الترحيب وأعلن حسب العادة العربية أن داره دارنا. لقد استقبلنا هذه المرة في دار أخرى، وليس في تلك التي استقبلني فيها أثناء مجيء السفينة 'غيلياك'. فغرفة الاستقبال مؤثثة بشيء من الترف والجدران مزينة بزخارف من الرسم الهندي، وربما المحلي أيضا. وفي هذه الغرفة سجادة اشتراها بنفسه، وأثاث أهداه إياه الإنكليز، وعلى الجدران علقت صور كبيرة زيتية للملكة فيكتوريا والملك إدوارد والملكة الكسندرا. وقدمت لنا حسب العادة القهوة ومن ثم الشاي. وكان طقم الشاي من الفضة الجديدة - من صنع وارسو، وقد علمنا فيما بعد أنه هدية من تاجرين روسيين يتاجران بفراء الحملان ويتمتعان منذ بضع سنوات بحظوة لدى الشيخ، أي بالحق في تصدير الفراء من دون رسوم، وبالحماية. وفي أثناء مجيء 'غيلياك' كان شخص أرمني روسي التبعية يتعاطى هذا العمل المربح جدا لأن ثمن الجلد غير المسلوخ روبلان و 50 كوبيكا في الكويت، وهذا ثمن جيد، ولكن الجلد يباع في روسيا بأغلى من ذلك بكثير.
ولكن لم تكن لدى هذا الشخص المبالغ الكافية للصمود في وجه منافسة هذين التاجرين فأصبحا الآن يحتكران هذه التجارة. ومعطف الفرو، الذي ارتداه الشيخ، كان أيضا هدية من التاجرين المذكورين. وتطرق الحديث، طبعا، بصورة عفوية إلى مسألة خط سكة حديد بغداد. إن الشيخ يعارض، بلاشك، السماح بوصول الخط إلى الكويت، ويدرك أن ذلك يشكل نهاية لقوته وسلطته. ولكن عندما طرح عليه سؤال عما سيكون موقفه إذا تم تنفيذ الخطة البريطانية التي تهدف إلى شق طريق من بورسعيد إلى الكويت، أجاب بطريقة دبلوماسية إنه لو جرى بناء هذا الطريق من جانب بريطانيا وروسيا وفرنسا لما كان على الأرجح يعارض ذلك.
لم يتغير الشيخ كثيرا خلال السنوات الثلاث المنقضية. فهو يثير في النفوس الانطباع عن شخص يعرف قيمة نفسه ومكانته معرفة جيدة. وأعربت له عن رغبتي في مشاهدة السوق والمدينة بمساعدة السيد أوفسيينكو، وردا على ذلك كرر أن كل ما يملكه موضوع تحت تصرفنا، ثم طلب منا أن نشرفه بتناول طعام الفطور عنده بعد مشاهدة السوق والمدينة. هذه المشاهدة لم تعطنا شيئا جديدا. وسبق للجميع أن وصفوا السوق والمدينة في التقارير السابقة. في السوق الجديد يوجد الكثير من الزجاج النمساوي المنشأ، ولم أشاهد بضائع روسية. وتصدير فراء الحملان يجري بكميات كبيرة، وأعلن التاجران بكل صراحة أن ذلك أمر مربح جدا لهما. وفي أثناء التنزه ذهبنا جميعا، أي قائد انفيرني مع ضباطه وأنا مع ضباطي والقنصل، للقيام بزيارة لعبدالعزيز بن سعود نجل المنتصر على ابن الرشيد، والذي عاد اخيرا من الرياض.
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 09-02-2008, 03:05 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

حتفالات بهيجة
وقبل وصولنا بوقت قليل جرت في الكويت احتفالات بهيجة وصاخبة بانتصار عبدالعزيز على ابن رشيد.. وفي يوم مغادرة الطراد كان ينبغي لعبدالعزيز القيام بحملة جديدة بعد أن تلقى تعزيزا كبيرا من 1400 محارب ومؤونة من مبارك.
'بعد قيامنا بهذه الزيارة ومشاهدتنا المدينة والسوق اللتين تمثلان لوحة جميلة جدا، ولاسيما الساحة التي تؤمها القوافل المقبلة من الصحراء وتنطلق منها القوافل عائدة، رجعنا إلى مبارك، وبعد احتساء الشاي والقهوة مرة أخرى، دعينا إلى تناول الفطور. لم يجلس مبارك أحدا معنا من المقربين إليه، وجلس هو وحيدا. إن العادة، التي عرفناها في أثناء مجيء 'غيلياك' قد تغيرت آنذاك كان صاحب الدار يختار بيده أفضل قطعة من الكبش المشوي ويغمسه في صلصة الكاري، وبعد أن يمرغها في الرز يضعها بيديه في فم ضيف الشرف. أما الآن فلم يعد ذلك متبعا، فإن الشيخ يكتفي باقتطاع قطعة من الكبش ويضعها على صحن الرز لمن يشاء. قدموا لنا الملاعق والشوكات، أما الشيخ فكان، كعادته، يأكل بيديه، وكان يفعل ذلك بلياقة فائقة، والحق يقال، وحتى ببعض العظمة التقليدية القديمة، فالعرب، بالإجمال، يأكلون قليلا، ولكن إذا كانوا في عيد فهم لا يمانعون في أن يأكلوا جيدا، ولكن من دون شراهة ومن دون مبالغة، فهكذا على أقل تقدير يأكل الشيخ مبارك. والشيء الجديد كان تقديم ماء الشرب، وهو ماء مطري بالطبع، في أثناء المأدبة، ففي الآونة الأخيرة هطلت أمطار غزيرة في الكويت وامتلأت الآبار. بعد المأدبة ودع القنصل وأنا مع ضباطي الشيخ، وكذلك فعل قائد انفيرنى مع ضباطه. ورافقنا حتى عتبة غرفة استقباله، وعدنا كلنا إلى السفينة. قبل المغادرة أبلغني الشيخ عبر أوفسيينكو أنه يتشرف اليوم باستقبال القائد الفرنسي، باعتباره أعلى رتبة، وأنه يطلب مني المجيء غدا لتناول طعام الفطور عنده باعتباري صديقا قديما.
فاضطررت للاعتذار لأنني كنت أزمع إرسال معاوني لالتقاط صور فوتوغرافية، وإتاحة الفرصة لسائر الضباط أيضا لمشاهدة الكويت، لذلك طلبت من الشيخ أن يستقبل معاوني بالنيابة عني لكي يتمكن هو الآخر من التعرف عليه، وإذا ما قدر له وأصبح قبطانا فسوف يكون معروفا لدى الشيخ شخصيا لدى مجيئه إلى الخليج مرة أخرى. فوافق الشيخ بطبيعة الحال، واقترح الشيء نفسه على القائد الفرنسي، كما اقترح على الضباط أن يسافروا قبل مأدبة الفطور إلى الصحراء على ظهور الخيل أو الجمال، ومن ثم يتناولون طعام الفطور بعده. وتنبغي الإشارة إلى الشيء الجديد الذي حدث إبان الزمن الذي مر على مجيء السفينة الحربية الروسية، أعني 'غيلياك'، إلى هنا وهو الخندق غير العميق، الشبيه بمربض رماية، حول المدينة. وقد حفر هذا الخندق لحماية المدينة من ابن رشيد والأتراك. ويمتد هذا الخندق من إحدى ضفتي الخليج حول المدينة إلى الضفة الأخرى. وفي بعض أماكنه يمكن للمرء إطلاق النار وهو جاث على ركبتيه، وفي أماكن أخرى وهو واقف على رجليه. لقد جرى فعل ذلك بناء على نصيحة وتعليمات ضباط بريطانيين.
في صباح اليوم التالي، وعند حوالي الساعة التاسعة، نزلت إلى الشاطئ. وسافر معاوني مع آلة تصوير ومع السادة الضباط، وكذلك مع ضباط من إنفيرني، على ظهور الجياد إلى الصحراء وتناولوا طعام الفطور عند الشيخ، وبعد ذلك التقطوا صورا فوتوغرافية. كما قاموا بزيارة للشيخ عبدالعزيز بن سعود. وفي الساعة الثانية وصلت إلى المرفأ أول سفينة حربية بريطانية صادفتها طوال هذا الوقت هي السفينة 'سفنكس' التي أرسلت إليها ضابطا لتقديم التهنئة بالوصول، وفعل الشيء نفسه الطراد 'انفيرني'.
في اليوم نفسه جاء إلى الطراد مع الحاشية بادئ الأمر حفيد مبارك، ابن وريثه وقائد جيشه الشيخ جابر بن مبارك، أحمد بن جابر، كما جاء في زيارة جوابية وللتوديع قبل القيام بحملة جديدة، وبتكليف من شقيقه الأكبر عبدالعزيز آل سعود، محمد مع شقيقه سعد مع حاشية مسلحة تسليحا غنيا وجيدا، وشاهد الجميع السفينة باهتمام شديد وكانوا مسرورين جدا بالاستقبال، لدى مغادرتهم، ورغم أن العلم كان منزلا، أديت لهم تحية من خمس طلقات وأضيئت لهم الطريق بالمصابيح الكاشفة فأثار ذلك في نفوسهم ارتياحا عظيما.
في 23 شباط من العام الجاري، الساعة الواحدة بعد الظهر، رفعت المرساة في أعقاب 'إنفيرني' وواكبتها لمواصلة الإبحار نحو لنغة'.
* * *
ولا نريد من العرض السابق أن نستوفي تفصيلات العلاقة الكويتية الروسية، ولكن المقصود هو محاولة الربط بين المصادر المختلفة والمقارنة بينها من أجل بيان موقع المعلومات التي أوردها علي بن غلوم في تقاريره بالنسبة للمصادر الأخرى. وقد اعتمدنا في هذا على مصدرين روسيين هما: كتاب 'الكويت وعلاقاتها الدولية، لبونداريفسكي'، وكتاب 'سفن روسية في الخليج العربي، لريزفان'، وهناك مصادر أخرى يمكن للباحث عن مزيد من المعلومات الرجوع إليها.
خامسا ..
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 09-02-2008, 03:05 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي

أحداث أخرى
اشتملت تقارير ورسائل الوكيل الاخباري على مجموعة من الموضوعات المتفرقة الاخرى التي سجلت بعض الاحداث المحلية والاقليمية، لكنها لا يمكن تصنيفها ضمن الامور التي تطرقنا اليها في النقاط السابقة. واثباتنا هنا لتلك الاحداث - رغم قلتها - ربما يفيد بعض الباحثين في التعرف على جوانب من صورة المجتمع الكويتي واحوال المجتمعات المجاورة، وفيما يلي جانب من تلك الاحداث اوردناها بحسب تسلسل ورودها في الرسائل:
- في 24 اكتوبر 1899 حصلت ضجة في مدينة الكويت، فقد توفي عدد من الاطفال والكبار بلغ عددهم نحو 20 شخصا، وذلك نتيجة تناولهم قطعا من الحلوى او مكعبات السكر او سكر النبات. وقد بعث الشيخ مبارك اشخاصا الى ارجاء المدينة للبحث عن اي رجل غريب واعتقاله.
- في الخامس من شهر رجب 1317 ه الموافق 9 نوفمبر 1899 هطلت الامطار بشدة في الكويت وتراكمت المياه في الصحراء لمدة ستة ايام، وفي اليوم السادس من شهر رجب ذهب الشيخ مبارك للتنزه وصيد الحباري مع خمسين فارسا مسلحا كانوا يرافقونه.
ويبدو ان هذه الحادثة - رغم كونها حدثت في شهر رجب - فإنها تختلف عن الامطار التي اطلق عليها الكويتيون اسم الرجيبة والتي وصفها المرحوم حمد السعيدان في موسوعته بأنها 'مطر عظيم انهمر على الكويت في شهر رجب عام 1289 ه الموافق سبتمبر 1872 وهدم الكثير من المنازل ولجسامة ذلك الحادث اخذ الكويتيون يؤرخون به، اذ عرفت تلك السنة بالرجيبة'.
في 20 ابريل 1900 جاء الى الكويت عبدالرحمن بن سلامة، وهو رجل يسكن في نواحي الاحساء، وهو شيخ عشائره. وسبب مجيئه ان باشا الاحساء قد غضب عليه، فالتجأ الى الشيخ مبارك الصباح راجيا ان يتشفع له عند والي البصرة على والي الاحساء. وقد تشفع له الشيخ مبارك عند والي البصرة. وقد غادر عبدالرحمن بن سلامة الكويت في 2 من شهر محمر (1 مايو 1900) قاصدا جماعته.
وهذا الخبر يدل على مكانة الشيخ مبارك ودالته على والي البصرة.
يخبرنا التقرير المؤرخ في 1900/6/3 عن نزاع نشب بين أهل تاروت مع غواصين من أهل الكويت، هذا الذي قتل فيه عدد من غواصي أهل الكويت، فقد جاء تعريف من محمد بن عبدالوهاب الى الشيخ مبارك في 2 محرم 1318 ه 2 مايو ،1900 مفاده ان أهل تاروت جاؤوا ملتجئين اليه، بحضور حسين بن علي وإبراهيم بن مضف وهما من أهل الكويت، وطلب أهل تاروت الفصل في هذه القضية حتى يستطيعوا الغوص في تلك السنة، والا فإن الكويتيين لن يمكنوهم من ذلك، وقد تم تقدير فصل القضية بمبلغ ثلاثة آلاف ريال، يتعهد محمد بن عبدالوهاب بتسليمه خلال ثلاثة أشهر فقط. وقد قبل الشيخ مبارك بهذا.
في 30 سبتمبر 1900 وصل الى الكويت من البصرة عشرة من العساكر معهم آلات موسيقية وقد أصبحوا يعزفون عند مقر الشيخ مبارك الصباح في وقتين أولهما اذا مضى من النهار سبع ساعات وجلس الشيخ مبارك في مجلسه مع جماعته، والثاني بعد جلوسه بعد زمن الغروب بساعة. وهؤلاء العسكر لا يتبعون الحكومة العثمانية، بل يعملون لحسابهم الخاص يطوفون على المشايخ للتكسب (1900/10/4).
وصلت الى الشيخ مبارك اخبار عن نشاط العصابات والسراق في البصرة. فهم في كل ليلة يسرقون بيتا من بيوت تجارة البصرة ولا يبالون.. ففي 3 من شهر رجب 1319ه (16 اكتوبر 1900) اغار الحرامية على بيت عبدالرزاق بن منصور وهو احد تجار البصرة المعروفين، فقد كسروا بابه ودخلوا البيت واخذوا جميع امواله من جملتها نحو اربعة آلاف ليرة كانت امانة عنده للبونيان (تجار من الهنود). وقد اشتكى التاجر عبدالرزاق الى مشير البصرة فلم يصنع شيئا (1901/10/18).
ويفيد تقرير لاحق مؤرخ في (1901/11/10) ان شط البصرة مخوف هذه الايام ففي 25 من شهر رجب 1319ه (7 نوفمبر 1901) اخذ البلشتية (القراصنة) سفينة من اهل الديلم واخرى من اهل الكويت وثالثة من اهل الجسم (جزيرة على الساحل الفارسي).
في 5 يوليو ،1901 وصل الى الكويت اغا جعفر بن اغا عبدالنبي ومعه حمد المنيس فقط في مركب هندي ونزل في بيت الشيخ مبارك حيث اقام يومين وفي اليوم الثالث عزم على السفر، وحمل لنفسه نحو ثلاثين بوما (سفينة) من الصخر الى المركب، لانه قد اشترى ارضا جديدة في البصرة ويريد تعميرها.
وقد طلب اغا جعفر من الشيخ مبارك ان يسمح لمراكب العجم (الايرانيين) المسابلة (المتاجرة) مع الكويت بحمل الخيل من الكويت فهو اسهل على اهل الخيل من البصرة او من المحمرة واقل تكلفة، ورجاه ان يوافق على ذلك حتى يخبر اهل الخيل الذين يأتون من الشام والموصل وحلب ونجد وأهل الزبير جميعا بحيث يأتون عن طريق الزبير ومنها إلى الكويت (في وجه الله ثم في حمايتكم). وقد قبل الشيخ مبارك هذا العرض بشرط أن يجعل على كل رأس من الخيل رسما (ضريبة) ريالين، وفي اليوم الثالث سافر أغا جعفر إلى البصرة وكان معه حمد المنيس، والأخير هو من أهل الكويت لكنه مقيم في البصرة منذ سنتين.
وتشتمل رسالة علي بن غلوم هذه على أمرين: أولهما مسألة تصدير الصخر ونقله من الكويت إلى البصرة لاستخدامه في بناء البيوت وتعميرها. وهذه معلومة جديدة لم تكن معروفة من قبل. وقد كانت الصخور التي تقلع من ساحل البحر في منطقة عشيرج في الكويت مادة البناء الأساسية في بيوت الكويت، وعرفت بقوتها ومتانتها.
أما الأمر الثاني وهو طلب أغا جعفر من الشيخ مبارك أن يسمح لمراكب الإيرانيين بحمل الخيل على سفنهم من الكويت إلى الهند للمتاجرة بها. فهو أيضا من المعلومات التي يمكن أن تضاف إلى تاريخ تجارة الخيول في الكويت. فقد نشطت هذه التجارة منذ أواخر القرن التاسع عشر، إذ كانت الخيول العربية الأصيلة ذات السلالات الجيدة التي كانت تجمع لتجار الكويت من بوادي الجزيرة العربية في بداية موسم السفر من كل عام من السلع المرغوب فيها في حكومة الهند الإنكليزية، وكان الحصان الجيد يشترى ويباع في بومبي بمبلغ كبير. وكانت الضرائب العالية التي كانت تؤخذ على تصدير الخيول في مواني العراق وإيران من الأسباب التي دعت إلى أن تكون الكويت هي الميناء الأفضل للتصدير، حيث تنقل في سفن الكويت الشراعية إلى الهند. ولم تتوقف تجارة الخيول ونقلها من الكويت إلى الهند إلا في منتصف الاربعينات من القرن العشرين.
في رسالة الوكيل الإخباري المؤرخة في 10 من محرم 1320ه (19 من أبريل 1902) يخبرنا علي بن غلوم أن الشيخ مبارك قد بعث بولده الشيخ فهد ومعه الحاج حسن بن علي بن غلوم وعدد من الرجال إلى بوشهر بالسفينة منور، وذلك لعلاج الشيخ فهد عند الطبيب هناك. وأنه يعاني من جرح في رقبته منذ مدة ومن ثم أمر الشيخ مبارك أن يذهب ابن علي بن غلوم معه الى بوشهر للعناية به.
وقد كتب الشيخ مبارك الصباح بتاريخ 10 من محرم 1320ه (الموافق 19 من أبريل 1902) رسالة الى الكولونيل كمبيل المقيم السياسي البريطاني في بوشهر يذكر فيه ان ابنه فهد البالغ من العمر عشر سنوات به قرحة في رقبته وذلك منذ خمسة أشهر ويرجو أن يعرض على الأطباء هناك. وقد جاء رد المقيم السياسي البريطاني بعد تسعة أيام أي في 19 من محرم 1320ه (الموافق 28 من شهر أبريل 1902) بأنه قد عرضه على الدكتور الكبير الميجر هود وقد فحصه بدقة، وذكر ان الجرح صعب العلاج وتطول المدة لإبرائه، والأصلح أن يعود الولد الى الكويت ويتداوى هناك بحسب العلاج الذي وصفه الدكتور هود، فإذا استمر على الدواء بموجب دستور العمل الذي طلب إليه فسيبرأ الجرح بإذن الله.
وقد توفي الشيخ فهد بعد أربع سنوات من تلك المسألة، وقد عرفنا ذلك من رسالة وجهها المقيم السياسي البريطاني الى الشيخ مبارك يعزيه فيه بوفاة نجليه فهد وصباح. ويقترح عليه ايضا ان يرسل تلغرافا يعزي فيه اللورد كيرزون بوفاة زوجته لعلمه بالصداقة التي ربطت بينهما.
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 09-02-2008, 03:06 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 267
افتراضي


اول صورة لشاطئ الكويت التقطتها سفينة روسية
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب الكويت في البطاقات البريدية لعلي غلوم الجامع البحوث والمؤلفات 4 28-01-2021 08:20 PM
الرابط اليسير في رسائل الماجستير أدبنامه القسم العام 0 26-02-2010 03:57 AM
د.منصور غلوم / القبس ولد الميدان القسم العام 0 14-12-2009 05:37 PM
رسائل حسين وشملان بن علي بن سيف PAC3 الوثائق والبروات والعدسانيات 15 16-06-2008 11:36 AM


الساعة الآن 02:16 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت