راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-12-2008, 08:17 PM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي هذه هي ثروة الكويت - يعقوب الغنيم


يردد التربويون ورجال التخطيط مقولة شبه ثابتة عندهم وهي قولهم: ثروة الاوطان برجالها، وهذا حق فإن المال وحده لا يبني الوطن وإنما يبنيه أبناؤه، صحيح أنهم يستخدمون المال في المجالات النافعة التي تعود بالخير، ولكنهم لا يقدرون على استخدامه الاستخدام الأمثل ما لم يكونوا على استعداد تام لذلك. ولا يوجد سبيل إلى الاستعداد إلا بالعلم مسبوقا بتطلع إلى الأفضل ورغبة في التقدم والرقي على كافة المستويات، وبخاصة النظر إلى مصلحة الوطن والعمل على القيام بكل ما يؤدي به إلى السمو بين مختلف البلدان. وكانت الكويت من الدول التي حباها الله سبحانه بثروة بشرية هائلة قبل أن تحظى بالثروة النفطية الماثلة. وإذا كانت قد نشأت - كما هو ثابت تاريخيا - في سنة 1613م، وكان النفط قد تدفق إلى الخارج في سنة 1946م حين قام المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح بإدارة الصمام الذهبي الذي أدَّى إلى امتلاء الباخرة الأولى مبتدئا التصدير فإن المدة بين السنتين المذكورتين ومقدارها ثلاثمائة وثلاث وثلاثون سنة مدة طويلة ماذا كان أهل الكويت يعملون فيها وهم لا يعتمدون على مصدر محدد كالنفط؟ وكيف استطاعوا ترتيب أمور معيشتهم وعلاقاتهم مع الغير؟ وكيف ارتقوا بالبلاد من أرض قفراء كما وصفها الشيخ مبارك الصباح في إحدى رسائله إلى دولة؟ وكيف حموا أنفسهم من المجاعات التي كانت تفتك بعدد من دول المنطقة؟

إنها لحياة مليئة بالكفاح، والنصب، لم يدع الكويتيون خلالها مجالا إلا طرقوه. وكان أول ما قاموا به من ذلك الزمان أمرين، هما: استغلال البحر استغلالا تاما عن طريق الغوص ورحلات السفر وصيد الأسماك، والثاني هو العلم فكان هناك عدد من العلماء البارزين الذين تركوا لنا من نسخ أيديهم كتبا تراثية مهمة، وكان لهم تلاميذهم الذين امتدت سلسلة الاتصالات بهم إلى السنوات الحالية بحيث اننا لو تتبعا الخط الذي نشأ منه عدد من طلاب العلم في أيامنا هذه وأرجعنا كل واحد منهم إلى شيخه الذي تعلم منه لوصلنا إلى تلك الأيام، ونحن نعرف سلسلة ذهبية من العلماء الذين أناروا البلاد في زمانهم ذاك.
إن المشاهد التي يلحظها متتبع تاريخ الكويت وبخاصة ما جاء منه في الجانب الإنساني يجدها مشاهد دالة على حيوية الشعب، ورغبة أبنائه في العيش بكرامة، وحرصهم على الاتصال بالعالم الخارجي والاستفادة مما وصل إليه من تقدم حتى يواصلوا هم -أيضاً- مسيرة الرقي أسوة بغيرهم من الأمم.
ولقد تم خلال فترات سابقة تبادل الزيارات بين أبناء الكويت، وعدد من أبناء الدول الأخرى وذلك هو ما أحيا الأنشطة الثقافية في البلاد، فكان لذلك أثره في بروز التعليم النظامي، وفي ظهور الحركة الصحفية، وفي قيام الجمعيات التي اضطلعت بالدور التثقيفي، وقيادة أبناء الوطن إلى المناهل الثقافية. ولقد حرص الرواد على تسجيل هذا الجزء المهم من تاريخ البلاد، وقد بدأ ذلك حينما قام الشيخ عبدالعزيز الرشيد بتأليف كتابه »تاريخ الكويت«، وتحدث فيه بحكم ثقافته الخاصة عن الأنشطة الثقافية في البلاد، وعن عدد من شعرائها، مورداً نماذج من أشعارهم، وقد صدر كتابه هذا في سنة 1926م.
ويأتي لاحقاً لكتاب الشيخ الرشيد كتاب المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي »صفحات من تاريخ الكويت«، الذي صدر في سنة 1946م، وهو تاريخ موجز للبلاد، أورد فيه الحديث عن أهل الكويت وعاداتهم وصفاتهم وأنشطتهم، وتحدث عن شعرائهم معلناً أن الشيخ عبدالعزيز الرشيد قد كتب في هذا الموضوع ما يكفي ولكنه أكمل ذلك بذكر من لم يذكرهم الرشيد من الشعراء والأدباء، وحسناً فعل، فقد اكتملت الصورة التي تعطي فكرة واضحة عن حالة النشاط الأدبي الكويتي في ذلك العصر ولاسيما عندما أشار إلى عدد من شعراء النبط الذي أغفلهم الشيخ عبدالعزيز.

والفترة المنتهية في سنة 1950م حين توفي المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت الأسبق، هي الفترة التي يمكن أن نطلق عليها أنها تمثل الأدب الكويتي القديم أو على الأقل القسم الأول منه، حيث تعد الفترة التي بدأت بعد ذلك وإلى سنة 1961م فترة أخرى هي الوسط بين القديم والحديث، وهي فترة التهيئة للنهضة التي سارت فيها البلاد فخرجت -بعد ذلك- إثر استقلالها إلى العالم وهي متكاملة البنية من كافة الوجوه.

وإذا كان العمر قد امتد ببعض الأدباء الذين ذكرهم الشيخ عبدالعزيز الرشيد في كتابه فإن هذا لا يعني خروجهم من دائرة المؤسسين لهذه النهضة الأدبية إذ لابد من حسبانهم على تلك الفترة مهما تأخر بهم العمر كالمرحوم الأستاذ أحمد البشر الرومي الذي عاش حتى سنة 1982م فقد كان محسوبا على تلك الفترة باعتباره أحد شبابها الذين تأثروا بها وهو في بداية حياته، ثم استفاد منها، وأسهم بانتاجه الأدبي فيها، بالإضافة الى اشتغاله بالتعليم بصفته مدرسا آنذاك إذ مارس العمل بسلك التدريس لعدة سنوات ابتداء من سنة 1937م

وقبل أن نأتي إلى ذكر شعراء تلك المرحلة وأدبائها لابد وأن نشير إلى وجود عدد من المؤسسات الأهلية أسهمت في نمو الحركة الثقافية، وهيأت الأجواء للنشاط الفكري الذي ساد ذلك الوقت، وهي مؤسسات قام أبناء الكويت بتكوينها رغبة منهم في النهوض إلى المستوى الذي تعيش فيه الدول الأخرى، والذي يرونه ماثلا في كثير من الصحف والمجلات التي تردهم من خارج الكويت وبخاصة من مصر التي كانت الحركة الثقافية فيها قد بلغت الأوج ببروز عدد كبير من الأدباء والمفكرين، وعدد من الصحف والمجلات الثقافية، وكان ما يكتب في الصحافة المصرية زادا ثقافيا لأبناء الكويت في تلك الفترة فتح أعينهم على ضرورة اللحاق بالركب، فكان أن بدأ هؤلاء الرجال بتأسيس عدد من المؤسسات المهمة التي أدت دورها في التوعية، وتبني عدد من الكفاءات الأدبية الكويتية الناشطة، وكانت أعمال تلك المؤسسات هي البذرة التي آتت أكلها بعد ذلك في شكل نهضة شاملة عمت البلاد كلها، وبكل مرافقها.
وقد بدأت تلك المؤسسات في الظهور اعتبارا من سنة 1912م كما يلي:

أ - المدرسة المباركية:
وقد تأسست في سنة 1912م، ويرجع الفضل في انشائها إلى ثلاثة من أبناء الكويت هم الشيخ يوسف بن عيسى والشيخ ناصر المبارك الصباح والسيد ياسين الطبطبائي. وكان القصد من إنشائها هو ادخال التعليم في الكويت إلى مرحلة جديدة تفوق مرحلة المدارس الأهلية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وذلك من أجل ادخال العلوم العصرية، والنظام التربوي المناسب للعصر آنذاك، وقد تكاتف أبناء الكويت على تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه المدرسة التي أضحت نواة التعليم النظامي في البلاد ولحقها على مر السنين عدد من المدارس، ومن أجل التعليم تبرع عدد من أبناء الكويت بالأموال في وقت عزت فيه الأموال على الناس، ومن الطريف أن نذكر هنا قول الشيخ يوسف بن عيسى في كتابه صفحات من تاريخ الكويت ص 44 »وحصل بيت وقف خرب تحت اشراف آل خالد أدخلناه في المدرسة، وتعهدت المعارف بدفع أضحيتين بحسب نص الوقف كل سنة« وما أردت الاشارة إليه هنا أن وزارة التربية بالكويت مازالت إلى اليوم تقدم الأضحيتين تنفيذاً لشرط هذا الوقف.

ب - الجمعية الخيرية:

وقد تأسست في سنة 1913م باجتهاد من المرحوم فرحان الخالد، وكان من أصحاب الفضل في كثير من الأعمال الخيرية، وقد اهتمت بارسال عدد من طلاب العلم إلى الخارج، واستقدام عدد من المرشدين منهم الشيخ محمد الشنقيطي، واحضرت طبيبا مزودا بما يحتاج إليه المرضى من ادوات علاجية مناسبة وأدوية، كما قامت بعدد آخر من الاعمال المفيدة.

ج - المكتبة الأهلية:

وقد تأسست في سنة 1933م وكان للشيخ يوسف بن عيسى الفضل في ظهورها إلى حيز التنفيذ، وتبرع لها عدد من الفضلاء بالكتب والأموال، يقول الشيخ عبدالعزيز الرشيد »وفي سنة 1341هـ فتحت المكتبة ابوابها للقراء، وأصبحت موردا عذبا زلالا ومنهلا صافيا للمطالعين، وفيها عدا الكتب عدة جرائد ومجلات راقية تفضل بها رجال من أهل الشرف والغيرة«.

د- النادي الأدبي:

وقد تأسس في سنة 1922م، وشارك في إنشائه عدد من أبناء الكويت، وكان برئاسة الشيخ عبدالله الجابر الصباح، وأول من فكر في إنشاء هذا النادي المرحوم خالد سليمان العدساني.
وقد تحدث الشيخ عبدالعزيز الرشيد عن الحركة الفكرية في البلاد في عهده فقال: »في الكويت اليوم حركة فكرية، ونهضة علمية وأدبية، يدير شؤونها أناس علموا بالحوادث التي مرت عليهم أن العصر عصر ارتقاء وتقدم لا عصر جمود وتأخر، علموا بذلك فساروا بكل همة ونشاط، وبكل إقدام وجرأة، تتقدمهم الأحلام اللذيذة والآمال العذبة«.
وقد عزا تلك النهضة إلى عدة أسباب، منها الاطلاع على مايرد إلى البلاد من صحف مختلفة الأغراض والمصادر، وكانت تردهم على الرغم من المشاق التي كانوا يعانونها في سبيل الحصول عليها، وكان اهتمامهم بالصحف في ذلك الوقت عظيما حتى قال المرحوم أحمد البشر الرومي:
إن للصحف بقلبي
منزلا أُعْلي محله


وذكر الرشيد أن السبب الثاني هو الآراء الحرة والنصائح الثمينة التي كان يبثها أهل العلم والفضل من الغرباء، وقد استقبلت الكويت في تلك الفترة عددا منهم كالأستاذ محمد رشيد رضا (1912م) والأستاذ عبدالعزيز الثعالبي (1924م) والشيخ محمد الشنقيطي (1924م) وكان الأهالي يحتفون بهؤلاء الضيوف، ويحرصون على الاستماع إلى محاضراتهم، وحضور مجالسهم الارشادية، وكان تقديرهم كبيرا لهؤلاء المصلحين، وفي ذلك يقول أحد أبناء البلاد وهو عبداللطيف النصف مرحبا بالشيخ محمد الشنقيطي:
إيه بني قومي وسادة معشري
أوموا إليه بشكركم وأشيروا
خلوا النواظر شاخصات نحوه
وذروا القلوب تسير حيث يسير


والسبب الثالث من أسباب النهضة يقول الرشيد هو »ظهور شبان متنورين امتلؤوا حماسة وغيرة حتى أخذوا يعانون إنهاض الوطن إلى العلا، ورفعه إلى مستوى الكمال«.
وهنا نعود إلى الحديث عن الأنشطة التي ظهرت في تلك الفترة التي أشرنا إليها، فنجد أن الجهود التي خاضها أولئك الرجال المؤسسون قد بدأت -في نهاية الفترة- تعطي ثمارها المرجوة، ونتيجة لتزايد عدد المتعلمين والمثقفين، ولرغبتهم في الارتقاء ببلدهم إلى أعلى مقام، بدأت المجلات في الصدور مستعينة بجهود هؤلاء الأبناء، فظهرت المجلات التالية بحسب التسلسل التاريخي:

-1 الكويت: سنة 1928م لصاحبها عبدالعزيز الرشيد.

-2 البعثة: سنة 1946م لسان حال طلاب البعثات الكويتية في مصر، وكان يكتب فيها عدد من أبناء الكويت من الدارسين هناك، ومن غيرهم من العاملين في البلاد وقد رأس تحريرها كل من الأستاذ عبدالعزيز حسين والأستاذ عبدالله زكريا الأنصاري على التوالي.

-3 كاظمة: سنة 1948م وكان رئيس تحريرها الأستاذ أحمد السقاف.

-4 البعث: سنة 1950م وكان رئيس تحريرها كلا من الأستاذ حمد الرجيب والأستاذ أحمد العدواني.

-5 الكويت: سنة 1950م وهي عودة لمجلة الكويت الأولى ورئيس تحريرها الأستاذ عبدالله الصانع.
وقد برز في هذه الفترة عدد من الشعراء نذكر منهم صقر الشبيب، وعبداللطيف بن إبراهيم النصف، وعبدالله الفرج، وخالد الفرج، والسيد مساعد بن السيد عبدالله الرفاعي، وحمود الناصر البدر، وعبدالمحسن بن السيد عبدالله الطبطبائي، وفهد العسكر، وأحمد العدواني، وعبدالمحسن الرشيد، وعبدالله السنان، وداود سليمان الجراح، وابراهيم سليمان الجراح وغيرهم كثير، منهم من اهتم بالنشر في تلك المجلات التي ذكرناها أو غيرها من المجلات التي تصدر في الخارج، ومنهم من اكتفى بترديد شعره بين خلانه واقربائه.

وبالإضافة إلى الشعر، بدأت فنون الأدب الأخرى تظهر بين الأدباء الكويتيين وبخاصة بعد صدور المجلات الكويتية، فأخذت المقالة، والبحث الأدبي، والقصة والرواية تظهر في آفاق الأدب عندنا، فكتب الأستاذ فهد الدويري أول قصة له في سنة 1948م، وصدرت لفرحان راشد الفرحان رواية الام صديق سنة 1950م، وبدأ النشاط المدرسي في تكوين بعض الفرق المسرحية المدرسية، ومثل الأستاذ حمد الرجيب أول مسرحية في البلاد، وهي إسلام عمر سنة 1938م، ومثل كذلك مسرحية مهزلة في مهزلة التي ألفها بالاشتراك مع الأستاذ أحمد العدواني سنة 1938م، ونشر في مجلة البعثة مسرحيته الأخرى المسماة: خروف نيام نيام التي نشرها - يومذاك - على حلقات اعتبارا من شهر يناير لسنة 1949م. وقد تتابع هذا النشاط في مختلف المجالات الثقافية بفضل تظافر جهود هؤلاء الرجال ورغبتهم في مشاركة الدول الأخرى نهضتها. ولا أكون مبالغا إذا ما قلت: إن هذه الفترة كانت فترة غرس لنهضة شهدتها الكويت فيما بعد، وفيها ازدهر التعليم وانتشرت الثقافة، وعظم الاتصال مع العالم فحصل ذلك التلاقي بين أدبائنا وكافة المصادر الأدبية والثقافية بشكل عام، حتى أصبحت البلاد تستقطب الكثير من التيارات الأدبية، ومن الأدباء والمفكرين، وتوج ذلك كله نمو الروح الديموقراطية بصدور الدستور ونشأة مجلس الأمة، وتأسيس جامعة الكويت، وتنامي عدد المؤسسات الأهلية التي تهتم بالثقافة ونشرها حتى بلغنا إلى ما بلغناه في هذا المجال، وإن كنا نطلب المزيد، ونتطلع إلى مستقبل يكثر فيه المبدعون في كافة الفنون. (راجع كتابنا: ملامح من تاريخ الكويت).

لا سبيل إلى الإنكار فيما يتعلق ببعض ما ورد في الاستعراض السابق، اننا قد ذكرنا بعضاً فيما سبق من مقالات ولكن ذلك لم يكن بالإيجاز الذي أوردناه هنا ولم يكن من الملائم أن نقدم حديثنا عن الثروة الحقيقية للكويت دون أن نشير إلى كل ما تقدم، على الصورة الموجزة التي قرأها القارئ آنفا.
وهناك أمور أخرى ذات علاقة بكل ذلك لا بد من عرضها وإن كان في ذلك إطالة:


-1 في مجال رحلات السفر والغوص نجد الكثير مما يقال عن اهتمام أبناء الكويت بهذا العمل الشريف الذي كان يدر عليهم وعلى وطنهم من المال ما يغنيهم عن غيرهم. وقد ذكر أبناء الكويت الاوائل بذلك، وورد الثناء عليهم وعلى جهودهم البحرية ونالوا احترام البلدان التي رحلوا إليها.
وقد ارتبط ذلك بنشاط صناعة السفن الذي تفوق فيه أبناء الكويت تفوقا كبيرا وانجزوا من خلاله انجازات تدل على تمكنهم من هذا العمل حيث لم يكتفوا بسد حاجة البلاد من السفن بل كانوا يصنعون للخارج بعضا من ذلك، ولقد كان أبرز عمل هو ما قام به الاستاذ حجي أحمد في مجال هذه الصناعة.
ففي خلال الحرب العالمية الثانية كلَّفت الحكومة الأمريكية حجي أحمد بن سلمان وهو من أبرز صناع السفن الكويتيين بصنع عدد من السفن من نوع (الدوبة)، فأنجزها في مدة وجيزة نال على أثرها ثناء الحكومة الأمريكية، وحصل في سنة 1946م على وسام من الحكومة البريطانية تقديرا لأعماله.


-2 في مجال التجارة وهو مجال مرتبط برحلات السفر والغوص في كثير من الأحيان، ولكن هناك من أبناء الكويت من قام بأنشطة أخرى منها رحلات القوافل التي تنقل البضائع بواسطة الجمال، وقد وجدنا رحلة من رحلاتها المهمة في مقال سابق، ومنها نشاط تجارة الخيل وتصديرها إلى الهند. وفي هذا المجال نذكر رجلا من رجال الكويت الذين شاركوا في النشاط التجاري في تلك الاثناء، وهو المرحوم صالح العثمان الراشد الذي سافر في سنة 1923م في رحلة أقرب ما تكون إلى المغامرة، وتنقل بين مرسيليا الفرنسية وميلانو الايطالية. وكان صالح العثمان معروفا بشدة البأس والقدرة على مجابهة الأحداث، وكان قبل سفره هذا قد رحل إلى القاهرة، وكانت له أعمال تجارية هناك منها محل في سوق خان الخليلي الشهير. وقد كان والده من كبار التجار وله قوافل من الجمال تسير التجارة من الكويت إلى مصر والشام.

ومما قام به صالح العثمان عند سفره إلى مرسيليا استكشاف الأسواق الخاصة بتجارة اللؤلؤ وتعرف مجالات العمل في هذه التجارة التي توشك أن ينتهي سوقها في الهند عما كانت عليه الحال سابقا، فكتب رسائل إلى تجار الكويت يبلغهم إمكان العمل مباشرة مع فرنسا في هذا المجال، بدلا من اتخاذ الهند واسطة، فكان أن قام عدد من الرجال الكويتيين بسفرات متعددة إلى فرنسا رغبة في فتح سوق لتجارتهم هناك، وكان أول المبادرين بالسفر إلى باريس علي بن حسين بن علي آل سيف ومعه عيسى الصالح، وذلك في سنة 1930م، وفي سنة 1932م سافر إلى باريس محمد بن شملان بن علي آل سيف، ومعه مساعد الصالح، وفي الرسائل التي أرسلها هؤلاء المغامرون وصف لكثير من الأمور التي شاهدوا، وبيان لأحوال باريس، وأساليب البيع والشراء بها، كما أن بعض رسائلهم تتحدث عن سير رحلتهم من الكويت أو من بومبي (في الهند) إلى ذلك المكان.

***

حظى الجيل السابق من أبناء الكويت بشهادات كثيرة تدل على التميز وحب التقدم، ومن ذلك ما شهد به الن فاليارز صاحب كتاب »أبناء السندباد« الذي قال ضمن حديث طويل: »لم أجد سفنا تمخر عباب اليم أقدر من سفن الكويت الشراعية، وإني لأجد من عظيم فخري أن أكون قد أبحرت في هذه السفن الجميلة« ثم وجه تحيته إلى أصدقائه من الكويتيين الذين استمتع بالإقامة معهم، وكرر الشكر للنوخذة علي بن ناصر النجدي، ومن معه من البحارة مضيفا إلى ذلك قوله »وكم كنت أرغب بأن أكون مع أصدقائي في هذا الأسطول المبارك الفخم، وإني لأقدر غاية التقدير قيمة ذلك السكون والهدوء؛ وفلسفة عدم الاهتمام، أو من باب أحرى الصبر على المتاعب، وتحمل المشاق في الحياة التي ساعدتهم غاية المساعدة وساعدتني أنا كذلك، وأعزو ذلك إلى حياة السفن الشراعية التي يعيشونها، وعشتها معهم أيضا، وغالبا في خلال أيام الحرب، عندما استمر عملي فيها لمدة عدة سنوات أقود اشجع رجالنا لاكتشاف السواحل للتمهيد لغزو قواتنا المحاربة. كنت أعزو هدوئي وسكوني إلى تلك الفلسفة في الحياة وإلى المبدأ الذي تعلمته من حياة السفن الكويتية. وأتمنى لجميع تجار الكويت ونواخذتها وجميع بحارتها أيام رخاء وعز. وألتمس من المولى أن يكلأ سمو أمير الكويت المعظم برعايته وحمايته، فلتحيا الكويت، وليحيا جميع الكويتيين«.

وغني عن البيان أن نقول إن رحلته مع البوم »بيان« كانت في نهاية سنة 1939م.
وفي سنة 1841م كتب القبطان الانجليزي (هنل) بعد أن زار الكويت وصفا لها قائلا »وتعطينا هذه البلدة أنموذجا عن الرخاء التجاري، وبها كل المميزات الأولى ولديها ميناء رائع، وتعداد سكانها كبير، حيث يمكنها أن توفر 6 آلاف رجل قادرين على حمل السلاح، وسكانها عددهم في المتوسط 25 ألف نسمة، ويمتلكون 31 بغلة وبتيلا، تستطيع أن تحمل من 150 إلى 300 طن من البضائع، وتتاجر باستمرار مع الهند، ويوجد لديها 50 سفينة صغيرة للاتجار مع دول الخليج، وحوالي 350 قاربا يعملون بصيد الاسماك واللؤلؤ، والسكان شجعان ولديهم طاقة كبرى ومتحدون تماماً ومتكاتفون، وليست بينهم عداوات ولا شقاقات«.


ثم يُضيف:
وفي الحقيقة هم يردون الإهانة أو العدوان في التو واللحظة، وهم ليسوا متغطرسين ولا يعتدون على جيرانهم المسالمين، والقرصنة حدوثها نادر، وحكومة الشيخ جابر حكومة أبدية، وهو وأولاده يلبسون ملابس تشبه ملابس سائر المواطنين ويسكنون في مساكن تشبه مساكنهم، وقد فرضوا رسوماً جمركية ضئيلة على مشتروات ومبيعات الذين يأتون إلى البلدة، ودخل البلدة الذي يتصرف به الشيخ لا يزيد على 300 دولار سنوياً، بالإضافة إلى الأرباح التي يحققها من بواخره التجارية التي يرحب بالتجارة معها جميع الأفراد، ومثل هذه الحرية التي يتمتع بها الجميع مع عدم وجود أي تدخل من سلطة خارجية تجعل الشيخ جابر وأولاده محبوبين من رعاياهم إلى درجة كبيرة، والرعايا مخلصون لهم جداً بدرجة غير عادية ومستعدون لإجابة أي طلب منهم سواء أكان طلباً يخص أملاكهم أم أي شيء آخر، (الشيخ جابر بن عبدالله، هو حاكم الكويت الثالث بحسب ما ورد في الكتب، تولى الحكم منذ سنة 1814م حتى سنة 1859م).
نكون الآن قد قدمنا شهادتين إحداهما قديمة والأخرى حديثة نسبياً، وهناك غيرهما كثير لا مجال لإعادة نشره هنا.

***
أبناء الكويت الأوائل؛ الثروة الحقيقية للبلاد هم الذين أنشأوا الدوائر الحكومية وأداروها، وقامت بهمهم المدارس والمستوصفات والمستشفيات، حتى إذا تغير الزمن وتحولت الكويت إلى عصر جديد كان هؤلاء الرجال جديرين بالانتقال معها متمثلين روح العصر لم يجدوا في حياتهم الجديدة أمراً يعوق انطلاقتهم ولا انطلاقة وطنهم.

وبرز هنا المعلمون ورجال الدين والأطباء والمهندسون، كما برز الفنانون بمختلف أنواع الفنون، وبرز الرياضيون الذي صار لهم ذكر في كثير من الأمكنة، وبرز الكتاب والشعراء والباحثون في مختلف النواحي العلمية والاجتماعية والثقافية، ولا تزال الكويت تنتج رجالاً من هذا النوع الذي هو في حد ذاته ثروة، وما علينا إلا الحفاظ على هذه الثروة ورعايتها وتنمية المواهب التي تؤدي إلى بروز أجيال أخرى منها، وتكون لها ذات الهمم العالية التي حازها الأولون.
الصور المصغرة للصور المرفقة
اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	1.jpg‏
المشاهدات:	1483
الحجـــم:	9.7 كيلوبايت
الرقم:	43   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	3.jpg‏
المشاهدات:	1507
الحجـــم:	51.6 كيلوبايت
الرقم:	44   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	5.jpg‏
المشاهدات:	1488
الحجـــم:	50.4 كيلوبايت
الرقم:	45   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	6.jpg‏
المشاهدات:	1440
الحجـــم:	39.4 كيلوبايت
الرقم:	46   اضغط على الصورة لعرض أكبر

الاســـم:	7.jpg‏
المشاهدات:	1558
الحجـــم:	36.5 كيلوبايت
الرقم:	47  

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-09-2017, 01:35 PM
فهد القصيم الاول فهد القصيم الاول غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2012
المشاركات: 306
افتراضي

أه ياززززمن الطيبين ,,الناس على حالة بس هناك رجاااال وفية فرح في كل جديد وهذا هو سر السعادة ,,تقرير مميز جدااااا ,,
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشعاب والشعيبة في الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD الشعيبة 4 24-03-2011 08:09 AM
الكويت في أوائل الستينيات - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 0 26-10-2010 10:05 PM
مواقف في تاريخ الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD الصور والأفلام الوثائقية التاريخية 2 07-08-2010 04:16 PM
تجارة الكويت القديمة - يعقوب الغنيم AHMAD تاريــــــخ الكـويت 1 21-07-2010 05:27 PM
حديث حول مساجد الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 4 23-03-2009 01:24 PM


الساعة الآن 01:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت