راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > البحوث والمؤلفات
 
 

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-04-2014, 09:09 PM
الصورة الرمزية البحر الساطع
البحر الساطع البحر الساطع غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 77
افتراضي الإجابة الجلية على الأسئلة الكويتية للعلامة حمود التويجري



الإجابة الجلية على الأسئلة الكويتية


للعلامة حمود بن عبدالله التويجري



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا جواب كتاب أرسله أحد الإخوان من سكان الكويت واسمه عبد الله بن إبراهيم العلي، وقد ذكر أقوالاً باطلة وأفعالاً سيئة صدرت من رؤساء جماعة يزعمون أنهم على عقيدة سليمة صحيحة موافقة للكتاب والسنة.
ويطلب الأخ عبد الله الإفادة عن الجماعة المشار إليها هل يقال: إن عقيدتهم على الكتاب والسنة مع ما سيأتي ذكره عنهم من الأقوال الباطلة والأفعال السيئة، أم لا؟ ومن قال: إنهم على عقيدة صحيحة موافقة للكتاب والسنة فهل يكون محسنا أو مسيئا؟ وماذا يقال في الذين انضموا إليهم وهم مع ذلك يخالفونهم في أقوالهم وأفعالهم ولكنهم لا يستطيعون المجاهرة بالإنكار لأقوالهم وأفعالهم خوفا من شق الصف وتفريق الكلمة؟ وماذا يقال في الذي يعتذر عن أقوالهم الباطلة وأفعالهم السيئة ويقول: إنها لا تخالف العقيدة ولا تكون طعناً فيها وإنما هي مواقف والمواقف لا تدخل في العقيدة؟
وهذا ملخص ما ذكره الأخ عبد الله عنهم من الأقوال الباطلة والأفعال السيئة.


الأول: تجويزهم طلب الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، وزعمهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر حيا وميتاً لمن جاءه قاصداً رحابه.
والجواب: أن يقال: أما طلب الاستغفار من النبي r في حال حياته فهو جائز لقول الله تعالى: }وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا{؛ ولأن الله تعالى قد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات فقال تعالى: }فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ{ وقال تعالى: }فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ{ وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ وقال تعالى مخبرا عن المنافقين: }وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{ وقال تعالى: }اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ{ .
وأما طلب الاستغفار من النبي r بعد موته فهو من المحدثات التي لم تكن في عهد الصحابة والتابعين، وقد قال رسول الله r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها. وفي رواية لأحمد ومسلم والبخاري تعليقا مجزوما به: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» الرد هو المردود، والمعنى فهو باطل غير معتد به، وروى الإمام أحمد أيضا وأهل السنن وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وصححه والحاكم وابن عبد البر والذهبي. وروى الإمام أحمد أيضا ومسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها , وكل بدعة ضلالة» زاد النسائي «وكل ضلالة في النار».
وفي هذه الأحاديث أبلغ رد على من أجاز سؤال الاستغفار من النبي r بعد موته لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بذلك ولم يكن ذلك من سنة الخلفاء الراشدين المهديين ولا من عمل غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولو كان جائزا لكان الصحابة أسبق إليه من غيرهم، وقد قال الراجز وأحسن فيما قال:
وكل خير في اتباع من سلف




وكل شر في ابتداع من خلف



ومما يدل على رد هذه المحدثة أيضا ما رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قام فينا رسول الله r خطيبا بموعظة - فذكر الحديث وفيه: أن رسول الله r قال: «ألا وإنه سيُجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح}وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ{ »الحديث , وفي قوله: «إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» وقوله: }وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ{ دليل على أن النبي r إنما كان يعلم بسؤال الذين يسألونه الاستغفار لهم إذ كان حياً شهيداً عليهم وأنه لا يدري بما أحدثه الذين يسألونه الاستغفار لهم بعد موته، وما يذكر في هذا الباب من الحكايات عن بعض الجهال الذين يسألون الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته فلا عبرة بها، لأنها من المحدثات، والمحدثات كلها مردودة بالأحاديث الصحيحة التي تقدم ذكرها، وقد قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في كتاب (التوسل والوسيلة): إن الذين يطلبون الاستغفار من النبي r بعد موته قد خالفوا إجماع الصحابة والتابعين وسائر المسلمين انتهى.

  #2  
قديم 25-04-2014, 09:13 PM
الصورة الرمزية البحر الساطع
البحر الساطع البحر الساطع غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 77
افتراضي

الثاني من أقوالهم الباطلة: إباحة الاستنجاد بالنبي r بعد موته وزعمهم أنه ليس بمستنكر من الناحية الشرعية وزعمهم أنه لا داعي للتشدد في الإنكار على من يعتقد كرامة الأولياء واللجوء إليهم في قبورهم والدعاء فيها عند الشدائد.
والجواب أن يقال: أما اللجوء إلى أهل القبور والاستنجاد بهم ودعاؤهم عند الشدائد فإنه شرك أكبر، وسواء في ذلك الاستنجاد بالنبي r ودعاؤه واللجوء إلى قبره، والاستنجاد بغيره من الأموات ودعاؤهم واللجوء إلى قبورهم فكله من الشرك الأكبر وقد قال الله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا{ وفي الآية الأخرى: }وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا{ وقال تعالى: }وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ{ فسمى دعاءهم إياهم عبادة وأخبر أنهم لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة وأنهم عن دعائهم غافلون وأنهم يكونون لهم أعداء يوم القيامة ويكفرون بعبادتهم إياهم وأخبر في آية أخرى أنهم يتبرءون منهم فأي خير يحصل لمن يدعو غير الله ويلجأ إلى الأموات ويستغيث بهم عند الشدائد، لقد خاب وخسر من فعل ذلك، وقال تعالى: }وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ{ فسمى دعاءهم إياهم شركا وأخبر أنهم لا يسمعون دعاء الذين يدعونهم وأنهم لو سمعوا ما استجابوا لهم، فأي خير يحصل لمن يدعو غير الله ويستغيث بالأولياء أو من تدَّعى فيهم الولاية ويلجأ إليهم ويستنجد بهم عند الشدائد والملمات }ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ{ وقال تعالى: }قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا{ ومن زعم أن الاستنجاد بالنبي r بعد موته مباح وأنه ليس بمستنكر من الناحية الشرعية فقد أباح الشرك بالله وافترى على الشريعة المحمدية. وفيما ذكرته من الآيات أبلغ رد وتكذيب لزعمه وفريته.
وقد روى الطبراني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كان في زمن النبي r منافق يؤذي المؤمنين فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله r من هذا المنافق. فقال رسول الله r: «إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله» وإذا كان النبي r قد أنكر الاستغاثة به في حين حياته وأخبر أن الاستغاثة لا تكون إلا بالله فماذا يقال فيمن زعم أن الاستنجاد بالنبي r بعد موته مباح وأنه ليس بمستنكر من الناحية الشرعية، والجواب أن يقال لا شك أن هذا عين المحادة لله ولرسوله r وقد قال الله تعالى: }أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ{ .
الثالث من أقوالهم الباطلة: زعمهم أن قبور الصالحين تنزل عليها رحمة الله وبركاته ونفحاته وأنه لابد للمسلم أن يتعرض ويقترب ويدعو في تلك الأماكن.
والجواب أن يقال: هذا ما زينه الشيطان لكثير من الجهال ليضلهم عن سبيل الله ويوقعهم في الشرك بالله، فإن التبرك بالقبور والدعاء عندها من أعظم الأسباب للإشراك بأصحابها، وقد نهى رسول الله r عن اتخاذ قبره عيداً، ونهيه عن ذلك يدل بطريق الأولى على النهي عن اتخاذ قبور الصالحين أعياداً، والعيد اسم لما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ من المعاودة والاعتياد. ومنه اعتياد المجيء إلى القبور للتبرك بها والدعاء عندها. وقد روى الحافظ الضياء في المختارة عن زين العابدين على بن الحسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي r فيدخل فيها فيدعو فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله: «لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم وصلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم» قال بعض العلماء: هذا يدل على النهي عن قصد القبور والمشاهد لأجل الدعاء والصلاة عندها، لأن ذلك من اتخاذها عيداً كما فهمه علي بن الحسين من الحديث فنهي ذلك الرجل عن المجيء إلى قبر النبي r للدعاء عنده، فكيف بقبر غيره، وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية كان الصحابة والتابعون يأتون إلى مسجده r فيصلون خلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ثم إذا قضوا الصلاة فعدوا أو خرجوا ولم يكونوا يأتون القبر للسلام لعلمهم أن الصلاة والسلام عليه في الصلاة أكمل وأفضل.
وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك أو للصلاة والدعاء فلم يشرعه لهم بل نهاهم عنه بقوله: «لا تتخذوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني»فبين أن الصلاة تصل إليه من بعد وكذلك السلام. ولعن من اتخذ قبور الأنبياء مساجد، وكانت الحجرة في زمانهم يدخل إليها من الباب إذ كانت عائشة فيها وبعد ذلك إلى أن بني الحائط الآخر وهم من ذلك التمكن من الوصول إلى قبره لا يدخلون إليه لا للسلام ولا للصلاة ولا للدعاء لأنفسهم ولا لغيرهم ولا لسؤال عن حديث أو علم ولا كان الشيطان يطمع فيهم حتى يسمعهم كلاما أو سلاماً فيظنون أنه هو كلمهم وأفتاهم وبين لهم الأحاديث أو أنه قد رد عليهم السلام بصوت يسمع من خارج كما طمع الشيطان في غيرهم فأضلهم عند قبره وقبر غيره حتى ظنوا أن صاحب القبر يأمرهم وينهاهم ويفتيهم ويحدثهم في الظاهر وأنه يخرج من القبر ويرونه خارجاً من القبر ويظنون أن نفس أبدان الموتى خرجت تكلمهم وأن روح الميت تجسدت لهم فرأوها كما رآهم النبي r ليلة المعراج.
والمقصود أن الصحابة ما كانوا يعتادون الصلاة والسلام عليه عند قبره كما يفعله من بعدهم من الخلوف وإنما كان بعضهم يأتي من خارج فيسلم عليه إذا قدم من سفر كما كان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله. قال عبيد الله بن عمر عن نافع كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي r فقال: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف، قال عبيد الله ما نعلم أحدا من أصحاب النبي r فعل ذلك إلا ابن عمر. وهذا يدل على أنه لا يقف عند القبر للدعاء إذا سلم كما يفعله كثير. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى لأن ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة فكان بدعة محضة انتهى.
وإذا كان الوقوف عند قبر النبي r للدعاء بدعة محضة فكيف بالوقوف للدعاء عند قبور الصالحين أو من يظن صلاحهم فهو أولى باسم البدعة وأولى بالمنع لأنه من أعظم الوسائل إلى الغلو في القبور والإشراك بأصحابها.
الرابع: زعمهم أن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر النبوي في أيام الحرة، وقولهم من ذا الذي كان يؤذن من داخل قبر رسول الله r.
والجواب أن يقال: أما ما ذكر عن سعيد بن المسيب أنه كان يسمع الأذان من قبر النبي r في أيام الحرة فهو غير ثابت عنه، وقد رواه ابن سعد في الطبقات بإسنادين ضعيفين جداً، أما أحدهما ففيه عبد الحميد بن سليمان الخزاعي قال ابن معين في رواية عنه: ليس بشيء وقال في رواية أخرى: ليس بثقة. وكذا قال أبو داود والنسائي أنه ليس بثقة. وقال النسائي في موضع آخر: إنه ضعيف. وضعفه أيضا ابن المديني وصالح بن محمد والدار قطني والذهبي، وأما الإسناد الثاني ففيه الواقدي وهو متروك، وما كان بهذه المثابة فإنه لا يعتد به وعلى تقدير ثبوته فليس فيه ما يدل على جواز الاستنجاد بالنبي r ولا على جواز اللجوء إلى قبره والدعاء عنده ولا عند قبور الصالحين لأن الاستنجاد بالنبي r واللجوء إلى قبره أو إلى قبور الصالحين شرك أكبر. وأما الدعاء عند قبره r وعند قبور الصالحين فهو من أعظم الوسائل إلى الشرك، والوسائل لها حكم الغايات والمقاصد وما كان كذلك فإنه لا يجوز فعله.
وأما قولهم: من ذا الذي كان يؤذن من داخل قبر رسول الله r.
فجوابه أن يقال: إن إسناد الخبر في سماع الأذان من القبر النبوي ضعيف جداً وقد تقدم بيان ذلك، وما لم يثبت بإسناد صحيح فإنه لا يعتد به، ولم يذكر عن النبي r أنه أذن في حياته ولا مرة واحدة، فكيف يتوهم أنه كان يؤذن في قبره بعد مماته وانقطاع التكاليف عنه، على تقدير ثبوت ما ذكر عن سعيد بن المسيب فإنه محمول على أن الأذان كان من بعض الملائكة الذين كانوا يحضرون عند القبر الشريف ويبلغون رسول الله r من أمته السلام فقد ثبت عنه r أنه قال: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام» رواه الإمام أحمد والنسائي والدرامي بأسانيد صحيحة على شرط مسلم. ورواه أيضا ابن حبان في صحيحه، وبالجملة فليس في سماع الأذان من القبر النبوي ما يتعلق به أهل الغلو في القبور والإشراك بأصحابها.
الخامس قولهم: ما لنا وللحملة على أولياء الله وزوارهم الداعين عند قبورهم ومقاماتهم بعد أن قال رسول الله r فيما يرويه عن رب العزة: «إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب».
والجواب أن يقال: ليس في النهي عن الدعاء عند قبور الصالحين شيء من الحملة عليهم وإنما فيه النهي عن الغلو فيهم وعن اتخاذ قبورهم مساجد وأعيادا يعتاد المجيء إليها للتبرك بها والدعاء عندها لأن ذلك من أعظم أسباب الشرك، وقد نهى رسول الله r عن اتخاذ قبره عيداً وعن اتخاذ القبور مساجد ولعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وأخبر أنهم من شرار الناس وأنه قد اشتد غضب الله عليهم، وفي هذا أبلغ زجر عن الصلاة عند القبور والدعاء عندها. وعلى هذا فينبغي أن تشدد الحملة على الزوار الذين يأتون إلى قبور الصالحين ومقاماتهم للتبرك بها والدعاء عندهم ويُمنعون من الغلو في الأموات واتخاذ قبورهم مساجد وأعياداً.
وأما الأثر الذي فيه: «إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب». فليس فيه ما يتعلق به المفتونون بالدعاء عند القبور، وإنما معناه أن الله تعالى ينصر أولياءه المتقين ويأخذ لهم بالثأر ممن يؤذيهم ويظلمهم ويبغي عليهم في حال حياتهم. وربما عجل العقوبة لمن يسبهم ويقع في أعراضهم من بعد موتهم كما وقع ذلك لبعض الذين يسبون الصحابة ويتنقصونهم، فأما تحري الدعاء عند قبور الصالحين ومقاماتهم فهو من أقرب الوسائل وأعظم الأسباب إلى الإشراك بهم، وقد حذر الله تعالى من الشرك غاية التحذير وأخبر أنه لا يغفر لأهله، وما كان وسيلة إلى الشرك فإنه لا يجوز فعله ويجب الإنكار والتشديد على من يفعله.
السادس قولهم: لقد أثبت القرآن صراحة لا تلميحاً ولا مجازاً أن بقايا الصالحين وآثارهم يمكن التوسل بها في استجلاب الخير ودفع الضر مهما تقادم بها العهد، يقول الله تبارك وتعالى: }وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ .
والجواب أن يقال: إن الشريعة المحمدية الكاملة قد نسخت الشرائع التي كانت قبلها فليس لأحد أن يعمل بشيء يخالفها، وقد نهى رسول الله r عن الغلو، وأعظم الغلو ما كان وسيلة إلى الشرك بالله تعالى ومنه التبرك ببقايا الصالحين وآثارهم والتوسل بها في استجلاب الخير واستدفاع الضرر، وقد قال رسول الله r قبل أن يموت بخمس: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك» رواه مسلم من حديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء: إنما نهى النبي r عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجداً خوفاً من المبالغة في تعظيمه والافتتان به فربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية انتهى.
في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r قال في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وفي الصحيحين وغيرهما أيضا عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم قالا: لما نزل برسول الله r: طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر مثل ما صنعوا».
وفي هذه الأحاديث دليل على أنه لا يجوز التبرك بآثار الصالحين ولا الدعاء عند قبورهم ومقاماتهم، لأن ذلك وسيلة إلى الغلو فيهم والإشراك بهم، وسد الذرائع المفضية إلى الشرك هو الحكمة في نهيه r عن اتخاذ قبره عيداً وعن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد ولعنه الذين اتخذوا قبورهم مساجد. وبالجملة فليس في الآية من سورة البقرة قوله تعالى: }وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ{ الآية ما يدل على جواز التوسل ببقايا الصالحين وآثارهم في استجلاب الخير واستدفاع الضرر، ومن زعم أن الآية تدل على جواز التوسل ببقاياهم وآثارهم فقد جمع بين ثلاثة أمور محرمة، أحدها الغلو في الصالحين، والغلو فيهم من أعظم الوسائل إلى الشرك بهم، وقد نهى النبي r عن الغلو وتقدم ذكر الحديث في ذلك.
الثاني القول في القرآن بمجرد الرأي: وقد ثبت عن النبي r أنه قال: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» رواه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والبغوي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وفي رواية له: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال: وهكذا روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي r وغيرهم أنهم شددوا في هذا في أن يفسر القرآن بغير علم انتهى.
الثالث: اتباع ما تشابه من القرآن ابتغاء الفتنة وتضليل الجهال الذين لا يعرفون الفرق بين الحق والباطل، وقد قال الله تعالى: }فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ{ .
ومن الأدلة على المنع من تتبع آثار الأنبياء والصالحين ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح إلى نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها قال: فأمر بها فقطعت، وروى ابن أبي شيبة أيضا بإسناد صحيح عن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر رضي الله عنه في حجة حجها فقرأ بنا في الفجر: }أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ{ و }لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ{ فلما قضي حجة ورجع والناس يبتدرون فقال: ما هذا؟ فقالوا: مسجد صلى فيه رسول الله r فقال: «هكذا هلك أهل الكتاب اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة فلا يصل» فهذا فعل الخليفة الراشد في الإنكار على الذين يعظمون الشجرة التي بويع تحتها رسول الله r. وهذا قوله في الإنكار على الذين يعظمون المكان الذي قد صلى فيه رسول الله r، ولو كان تعظيم آثار الأنبياء والصالحين جائزا لما قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي بويع النبي r تحتها، ولما نهي الناس عن تحري الصلاة في المسجد الذي قد صلى فيه رسول الله r، وفي فعل عمر رضي الله عنه وقوله أبلغ رد على من زعم أن بقايا الصالحين وآثارهم يمكن التوسل بها في استجلاب الخير واستدفاع الضرر. وقد ثبت عن النبي r أنه قال: «إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه» رواه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، قال وفي الباب عن الفضل بن العباس وأبي ذر وأبي هريرة انتهى. ولفظه عند ابن حبان: «إن الله جعل الحق على لسان عمر يقول به» وروى الإمام أحمد أيضا وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه» وروى الإمام أحمد أيضا وأبو داود وابن ماجه والحاكم في مستدركه عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: «إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به» قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وقال الذهبي في تلخيصه على شرط مسلم، وروى الإمام أحمد أيضا والترمذي وابن ماجه والبخاري في التاريخ والحاكم في مستدركه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما عن النبي r أنه قال: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» قال الترمذي هذا حديث حسن وصححه الحاكم والذهبي، وروى الإمام أحمد أيضا وأهل السنن وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وصححه أيضا الحاكم وابن عبد البر والذهبي.
وفي هذه الأحاديث أبلغ رد على الذين يتتبعون آثار الصالحين ويخالفون فعل عمر رضي الله عنه في قطع الشجرة التي بويع النبي r تحتها ويخالفون أيضا نهيه عن اتخاذ آثار الأنبياء بيعاً، وقد قال ابن وضاح في كتاب (البدع والنهي عنها): كان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي r ما عدا قباء وأحداً. قال ابن وضاح: وسمعتهم يذكرون أن سفيان الثوري دخل مسجد بيت المقدس فصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها. وكذلك فعل غيره أيضا ممن يقتدى به، وقدم وكيع أيضا مسجد بيت المقدس فلم يعدُ فعل سفيان، قال ابن وضاح: فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين انتهى.
  #3  
قديم 25-04-2014, 09:15 PM
الصورة الرمزية البحر الساطع
البحر الساطع البحر الساطع غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 77
افتراضي

والسابع قول بعضهم: إن عقيدة أهل السنة والجماعة هي عقيدة الأشاعرة.
والجواب أن يقال: هذا خطأ وجهل لأن الأشاعرة قد سلكوا في باب الصفات مسلك التأويل وصرف الأخبار الواردة في ذلك عن ظاهرها، وهذا خلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان فإنهم كانوا يؤمنون بما وصف الله به نفسه وبما وصفه به رسول الله r ويمرون الأخبار التي جاءت في الصفات كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وينزهون الله تعالى عن مشابهة المخلوقات: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{ وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة وهم الفرقة الناجية من فرق هذه الأمة كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: «إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وروى الطبراني نحوه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وهذا الحديث هو القول الفصل في تعيين أهل السنة والجماعة من غيرهم من الفرق، فكل من ادعى أنه من أهل السنة والجماعة فإن أعماله وأقواله في الأصول والعقائد تعرض على ما كان عليه رسول الله r وأصحابه رضي الله عنهم فإن كان موافقا لما كانوا عليه فهو من أهل السنة والجماعة وإن كان مخالفا لهم فدعواه باطلة مردودة.
الثامن: إطلاق بعضهم صفة الجهل على من ينقد الأخطاء في عقيدة الأشاعرة واتهامه بالتكفير لأئمة الإسلام.
والجواب أن يقال: إن الأولى بصفة الجهل من يعترض على العلماء الذين ينقدون الأخطاء الموجودة في عقيدة الأشاعرة ويبينون ما فيها من المخالفة لما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، فإن الصحابة والتابعين لهم بإحسان كانوا يمرون الأخبار التي جاءت في الصفات كما جاءت ولا يصرفونها عن ظاهرها، وأما الأشاعرة فإنهم كانوا يؤولونها ويصرفونها عن ظاهرها، وشتان ما بين طريقتهم وطريقة الصحابة وأتباعهم، وقد تصدى لبيان الأخطاء الموجودة في عقيدة الأشاعرة كثيرة من كبار العلماء قديما وحديثاً، فجزاهم الله عن بيان الحق وتأييده خير الجزاء، وليس في نقد الأخطاء الموجودة في عقيدة الأشاعرة وبيانها تكفير لأئمة الإسلام كما قد توهم ذلك من لا علم عنده.
التاسع: إنكار بعضهم توحيد الأسماء والصفات وإنكاره أن يكون لله يد.
والجواب أن يقال: من أنكر توحيد الأسماء والصفات فهو جهمي، وكذلك من أنكر أن يكون لله يد أو أنكر غير ذلك من أسماء الله وصفاته فهو جهمي، وقد صرح كثير من أكابر العلماء في زمان أتباع التابعين ومن بعدهم بتكفير الجهمية وأخرجهم بعض العلماء من الثنتين وسبعين فرقة من فرق هذه الأمة، والكلام في تكفيرهم مذكور في كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد وغيره من كتب السنة، وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الكفاية الشافية:
ولقد تقلد كفرهم خمسون في




عشر من العلماء في البلدان


واللالكائي الإمام حكاه عنـ




ـهم بل حكاه قبله الطبراني



فذكر أن خمسمائة من العلماء تقلدوا القول بتكفير الجهمية.
والأدلة على تكفيرهم مذكورة في كتب السنة وليس هذا موضع ذكرها.
العاشر: قول بعضهم إن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في العقيدة.
والجواب أن يقال: قد دل القرآن والسنة على قبول أخبار الآحاد من غير تفريق بين ما يتعلق بالعقائد وما يتعلق بالأحكام. وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من لدن أصحاب رسول الله r إلى يومنا هذا، وإنما خالف في ذلك بعض أهل البدع ومن تبعهم من المتفقهة المقلدين وغيرهم من العصريين المتكلفين فزعموا أن أخبار الآحاد لا يؤخذ بها في العقائد وهذا قول لا دليل عليه، وما ليس عليه دليل فليس عليه تعويل، والأدلة من القرآن والسنة وأفعال الصحابة رضي الله عنهم تقتضي التسوية بين العقائد والأحكام وغيرها مما يتعلق بأمور الدين. فأما الأدلة من القرآن ففي آيات كثيرة. منها قول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ{ فأمر تبارك وتعالى بالتثبت في خبر الفاسق لأنه يحتمل الصدق والكذب فلا يسارع إلى تصديقه خشية أن يكون كاذباً، ولا يسارع إلى تكذيبه خشية أن يكون صادقاً. والتثبت تنجلي حقيقة خبره، ومفهوم الآية دال على قبول خبر الواحد العدل من غير توقف فيه.
الآية الثانية قول الله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{ قال القرطبي في تفسيره: فيه دليل على وجوب العمل بقول الواحد لأنه لا يجب عليه البيان إلا وقد وجب قبول قوله وقال: }إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا{ فحكم بوقوع البيان بخبرهم انتهى.
قلت: ولهذه الآية نظائر من القرآن تدل على ما دلت عليه من وجوب العمل بخبر الواحد.
الآية الثالثة قول الله تعالى: }وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ{ قال القرطبي في تفسيره: أمر الله سبحانه وتعالى أن يخبرن بما ينزل من القرآن في بيوتهن وما يرين من أفعال النبي r ويسمعن من أقواله حتى يبلغن ذلك إلى الناس فيعلموا ويقتدوا، وهذا يدل على جواز قبول خبر الواحد من الرجال والنساء في الدين انتهى.
الآية الرابعة قول الله تعالى: }وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ{ وهذه الآية الكريمة دالة على قبول خبر الواحد لأن الطائفة تقع على الواحد فما فوقه، قال ابن الأثير في النهاية، وابن منظور في لسان العرب: الطائفة الجماعة من الناس وتقع على الواحد، قلت: ويدل على ذلك قول الله تعالى: }وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا{ الآية، قال البخاري في صحيحه ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى: }وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا{ فلو اقتتل رجلان دخلا في معنى الآية انتهى. ويدل على ذلك أيضا قول الله تعالى: }وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{ قال ابن عباس رضي الله عنهما: الطائفة الرجل فما فوقه. وقال مجاهد وعكرمة: الطائفة الرجل الواحد إلى الألف، وقال إبراهيم النخعي: أقله رجل فما فوقه، وقال الإمام أحمد الطائفة تصدق على واحد. ذكره ابن كثير عنه.
وأما الأدلة من السنة ففي أحاديث كثيرة، منها قوله r: «بلغوا عني ولو آية» الحديث رواه الإمام أحمد والبخاري والدارمي والترمذي: هذا حديث صحيح، والأمر بالتبليغ يعم الواحد فما فوقه، وهذا يدل على وجوب العمل بأخبار الآحاد.
الحديث الثاني قوله r: «نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع» رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه بنحوه وقال الترمذي حديث حسن صحيح، وهذا يدل على قبول خبر الواحد، وقد روي نحوه عن زيد بن ثابت وأنس بن مالك وجبير بن مطعم والنعمان بن بشير وغيرهم رضي الله عنهم.
وقد كان النبي r يبعث رسله آحاداً ويرسل كتبه مع الآحاد، ولم يكن المرسل إليهم يقولون لا نقبل أخبارهم لأنها أخبار آحاد، وكان يبعث المبلغين عنه والداعين إلى الإسلام جماعات وآحاداً، وكانت وفود العرب تقدم عليه جماعات وآحاداً فيأمر كلاً منهم أن يبلغ قومه ويدعوهم إلى الإسلام، وقد قبل r خبر تميم الداري عن الدجال وروى ذلك عنه على المنبر كما ثبت ذلك في صحيح مسلم وغيره من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وقبل r خبر ابن عمر رضي الله عنهما في رؤية هلال شهر رمضان وعمل به رواه أبو داود، قال الخطابي في الكلام على حديث ابن عمر رضي الله عنها فيه دليل على وجوب قبول أخبار الآحاد، وقبل r خبر أعرابي في رؤية شهر رمضان وعمل به رواه أهل السنن وفيه دليل على وجوب قبول أخبار الآحاد.
وأما قبول الصحابة رضي الله عنهم لأخبار الآحاد وعملهم بها فهو مشهور عنهم وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة، منها ما في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله r قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
فهؤلاء أهل قباء قبلوا خبر الواحد وعملوا به وأقرهم النبي r على ذلك.
ومنها ما في الصحيحين واللفظ للبخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: لما قدم رسول الله r المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله تعالى: }قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا{ فوجه نحو الكعبة وصلى معه رجل العصر ثم خرج فمر على قوم من الأنصار فقال: هو يشهد أنه صلى مع النبي r وأنه قد وجه إلى الكعبة فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر، وقد رواه الإمام أحمد والترمذي بنحو رواية البخاري وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وهؤلاء المذكورون في حديث البراء رضي الله عنه غير المذكورين في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وقد قبلوا خبر الواحد وعملوا به وأقرهم النبي r على ذلك.
ومنها ما رواه الإمام مسلم وأبو داود عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله r كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت: }قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ{ فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة.
وهؤلاء المذكورون في حديث أنس رضي الله عنه غير المذكورين في حديثي ابن عمر والبراء رضي الله عنهم وقد قبلوا خبر الواحد وعملوا به وأقرهم النبي r على ذلك.
قال الخطابي في الكلام على حديث أنس رضي الله عنه: فيه دليل على وجوب قبول أخبار الآحاد، وقال أبو البركات ابن تيمية: هو حجة في قبول أخبار الآحاد.
ومنها حديث تويلة بنت أسلم وهي من المبايعات قالت: إنا لبمقامنا نصلي في بني حارثة فقال عباد بن بشر بن قيظي: إن رسول الله r استقبل البيت الحرام أو الكعبة فتحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال فصلوا السجدتين الباقيتين نحو الكعبة، رواه الطبراني في الكبير قال الهيثمي ورجاله موثقون.
وهؤلاء المذكورون في حديث تويلة غير المذكورين في الأحاديث التي قبله وقد قبلوا خبر الواحد وعملوا به وأقرهم النبي r على ذلك.
ومنها ما رواه البخاري في الأدب المفرد عن أنس رضي الله عنه قال: إني لأسقي أصحاب رسول الله r وهم عند أبي طلحة مر رجل فقال: إن لخمر قد حرمت فما قالوا متى أو حتى ننظر ,قالوا: يا أنس أهرقها، الحديث وهو مخرج في الصحيحين من طرق عن أنس رضي الله عنه، وفي بعض طرقه عندهما قال أنس رضي الله عنه: إني لقائم أسقيها أبا طلحة وأبا أيوب ورجالاً من أصحاب رسول الله r في بيتنا إذ جاء رجل فقال: هل بلغكم الخبر؟ قلنا: لا. قال: فإن الخمر قد حرمت فقال: يا أنس أرق هذه القلال. قال: فما راجعوها ولا سألوا عنها بعد خبر الرجل.
فهؤلاء قبلوا خبر الواحد وعملوا به وأقرهم النبي r على ذلك. قال النووي في الكلام على هذا الحديث: فيه العمل بخبر الواحد وأن هذا كان معروفاً عندهم انتهى.
وقد روى الدار قطني حديث أنس رضي الله عنه في باب النوادر من آخر سننه عن عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله. وساق بإسناده إلى حميد الطويل عن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة وأبي بن كعب وسهيل بن بيضاء عند أبي طلحة يشربون من شراب تمر أو بسر أو قال رطب وأنا أسقيهم من الشراب حتى كاد يأخذ منهم فمر رجل من المسلمين فقال: ألا هل علمتم أن الخمر قد حرمت فقالوا: يا أنس اكف ما في إنائك وما قالوا حتى نتبين قال: فكفأته.
قال الدار قطني: قال أبو عبد الله وهو عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله: هذا يدل على أن خبر الواحد يوجب العمل انتهى.
وفيما ذكرته من الآيات والأحاديث أبلغ رد على الذين لا يقبلون أحاديث الآحاد ولا يرون العمل بها. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب (الصواعق المرسلة) أنه ذهب جماعة من أصحاب أحمد وغيرهم إلى تكفير من يجحد ما ثبت بخبر الواحد العدل، قال: والتكفير مذهب إسحاق بن راهويه انتهى.
  #4  
قديم 25-04-2014, 09:18 PM
الصورة الرمزية البحر الساطع
البحر الساطع البحر الساطع غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 77
افتراضي

الحادي عشر: إيجاب بعضهم اتباع إمام من أئمة الفقه تبديع من ينادي بالاجتهاد واتباع الدليل.
والجواب أن يقال: أما القول باتباع إمام من أئمة الفقه ففيه تفصيل وتفريق بين من له علم بالأدلة ومن لا علم له بها، فأما من كان له علم بالأدلة فالواجب عليه أن يعمل بما قام عليه الدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع ولو خالف مذهب إمامه أو غيره من المذاهب، وأما من كان جاهلاً بالأدلة فإن الواجب عليه أن يسأل أهل العلم لقول الله تعالى: }فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{ ولقول النبي r: «ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال» رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهذا لفظ أبي داود ورواه الباقون مختصراً.
وأما تبديع من يأمر بالاجتهاد واتباع الدليل ففيه تفصيل: فإن كان الأمر يأمر به الذين لهم علم بالأدلة واستخراج الأحكام من الكتاب والسنة فالقائل بتبديعه هو المبتدع في الحقيقة، وإن كان يأمر بذلك كل أحد من عالم بالأدلة وجاهل بها فقد أخطأ في أمره أهل الجهل بالاجتهاد لأنهم ليسوا أهلا لذلك وإنما الواجب في حقهم سؤال أهل العمل لما تقدم في الآية من سورة النحل وحديث ابن عباس رضي الله عنهما.
والثاني عشر قول بعضهم: إن الخلاف بين أهل السنة والشيعة خلاف في الفروع فقط وما صدر على هذا الأساس من قادة الجماعة المشار إليها من تأييد الثورة الرافضية والتضامن معهم وإقامة صلاة الغائب على قتلاهم.
والجواب أن يقال: أما الرافضة في زماننا وقبله بأزمان طويلة فإنهم أهل شرك وتأليه لعلي بن أبي طالب وأهل بيته وتعظيم للقبور وأهل القبور، وهذا من أعظم المحادة لله تعالى ولرسوله r وقد قال الله تعالى: }أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ{ ومن كانوا بهذه الصفة فإنه لا يجوز تأييدهم ولا التضامن معهم ولا إقامة صلاة الغائب على قتلاهم، ومن فعل ذلك فليس بمؤمن لقول الله تعالى: }لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ{ .
وأما الخلاف بين أهل السنة والرافضة فهو في الأصول أعظم منه في الفروع، ومن نظر في الكتب التي تذكر فيها سخافاتهم وأقوالهم الباطلة علم ما هم عليه من الغلو الشديد في علي وأهل بيته. وما هم عليه أيضا من الإشراك بهم في بعض خصائص الربوبية والألوهية. وما هم عليه أيضا من اتخاذ القبور مساجد وأوثانا تعبد من دون الله، وعلم أيضا جراءتهم على تحريف القرآن والزيادة فيه، وعلم أيضا جراءتهم على سب الصحابة والوقيعة فيهم بالكذب والبهتان ولا سيما أبو بكر وعثمان وعائشة رضي الله عنهم فإنهم قد أقذعوا في سبهم والوقيعة فيهم، إلى غير ذلك من الفظائع والشنائع التي ذكرها أهل العلم عن الرافضة، وأكثرها أو كلها منقول من كتبهم، ولهذا أخرجهم بعض العلماء المتقدمين من الثنتين وسبعين فرقة من فرق هذه الأمة. ولهذا القول أدلة كثيرة، منها قول الله تعالى: }مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ{ قال البغوي في تفسير هذه الآية: قال مالك بن أنس: من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله r فقد أصابته هذه الآية، وقال ابن كثير في تفسيره ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظه الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية ووافقه طائفة من العلماء على ذلك.
ومنها ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة عن علي رضي الله عنه قال: قال لي النبي r: «إن قوما لهم نبز يقال لهم الرافضة إن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون» قال علي رضي الله عنه ينتحلون حبا أهل البيت وليسوا كذلك وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر. ورواه ابن أبي عاصم في السنة وزاد قلت يا نبي الله ما العلامة فيهم؟ قال: «يقرظونك بما ليس فيك ويطعنون على أصحابي ويشتمونهم».
ومنها ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة وفي زوائد المسند عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «يظهر في أمتي في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام» ورواه البخاري في التاريخ الكبير ولفظه: «يكون قوم نبزهم الرافضة يرفضون الدين» وفي رواية لعبد الله بن الإمام أحمد: «يجيء قوم قبل قيام الساعة يسمون الرافضة برءاء من الإسلام».
ومنها ما رواه عبد بن حميد وأبو يعلى والبزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي r قال: «يكون في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام فإذا رأيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون»,قال الهيثمي: رجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف. وفي رواية للطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت عند النبي r وعنده علي رضي الله عنه فقال النبي r: «يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلون حب أهل البيت لهم نبز يسمون الرافضة قاتلهم فإنهم مشركون»,قال الهيثمي: إسناده حسن.
ومنها ما رواه اللالكائي عن علي رضي الله عنه أنه قال: «يخرج في آخر الزمان قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة يعرفون به ينتحلون شيعتنا وليسوا من شيعتنا وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر أينما أدركتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون».
ومن أوضح الأدلة على كفر الرافضة وخروجهم من الإسلام تفضيلهم لأئمتهم على الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين. وقد صرح بهذا طاغوت الثورة الرافضية في كتابه الحكومة الإسلامية حيث زعم أن من ضرورات مذهبهم أن لأئمتهم مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على كفر من اعتقد هذا الاعتقاد الخبيث. وزعم طاغوت الثورة الرافضية أيضا أن تعاليم أئمته كتعليم القرآن يجب تنفيذها واتباعها، وهذا كفر صريح. وأقوالهم التي تدل على كفرهم وخروجهم من الإسلام كثيرة جداً وموجودة في كتب طاغوت الثورة وغيره من كتبهم الخبيثة، وفيما ذكرته هاهنا كفاية لمن أراد الله هدايته، ومن أراد الله به غير ذلك فلا هادي له.
وإذا علم هذا فليعلم أيضا أن من سعى في تأييد الرافضة والتضامن معهم وإقامة صلاة الغائب على قتلاهم فقد رضي بأعمالهم السيئة، ومن رضي بأعمال قوم فهو مثلهم لقول الله تعالى: }وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ{ والرافضة من شر الطوائف الذين يكفرون بآيات الله ويستهزئون بها. ولا يخفى أمرهم إلا على من أعمى الله بصيرته وطبع على قلبه. فليحذر المسلم الناصح لنفسه من الاغترار بهذه الطائفة الضالة، وليحذر أيضا غاية الحذر من موالاتهم وموادتهم وتأييدهم والتضامن معهم وإقامة صلاة الغائب على قتلاهم فقد قال الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{ هذه الآيات الثلاث مطابقة لحال الرافضة مع أهل السنة غاية المطابقة. وبالجملة فلا ينخدع بأقوالهم الباطلة ويغتر بدعاويهم الكاذبة إلا من هو مصاب في دينه وعقله.
وقد زعموا أن ثورتهم على ملكهم الأخير ثورة إسلامية، وهي في الحقيقة ثورة رافضية ليست من الإسلام في شيء وإنما غايتها التضليل والتلبيس على ضعفاء العقول والبصيرة فهم كما قال الله تعالى في سلفهم من المنافقين: }يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا{ الآيات إلى قوله تعالى: }أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ{ وقد حصل بسبب ثورتهم المشئومة من الفتن وإراقة الدماء ما هو معلوم عند المتتبعين لأخبار الصحف والإذاعات فهي في الحقيقة ثورة بغي وظلم وعدوان وفساد في الأرض والله المسئول أن يطهر الأرض من رجس هذه الطائفة الضالة وأنجاسها وأن يقيض لهم من يعاملهم معاملة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لسلفهم من أهل الردة والمجوس وما ذلك على الله بعزيز.
وأما السؤال عن الجماعة الذين يقولون بالأقوال التي تقدم ذكرها والجواب عنها هل يقال إن عقيدتهم على الكتاب والسنة؟
فجوابه أن يقال: بل كل ما ذكر عنهم من الأقوال والأفعال فهو مخالف للكتاب والسنة وما خالف الكتاب والسنة فهو من عقائد أهل البدع والضلالة.
وأما السؤال عن الذين يخالفون الجماعة الذين يقولون بالأقوال الباطلة ولكنهم لا يستطيعون الإنكار على أقوالهم خوفاً من شق الصف وتفريق الكلمة.
فجوابه أن يقال: إنه يجب على أهل الحق أن ينصحوا أهل الباطل ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر ويبينوا لهم الأخطاء التي قد وقعوا فيها فإن رجعوا إلى الحق فهو المطلوب وإلا وجبت مفارقتهم ومنابذتهم وشق صفهم وتفريق كلمتهم لأن الله تعالى يقول: }لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ{ .
وإذا سئل الرجل عن عقيدة الجماعة الذين يقولون بالأقوال الباطلة التي تقدم ذكرها فعليه أن يجيب بأنهم مخالفون للكتاب والسنة، ومن شهد أنهم على الكتاب والسنة وعلى عقيدة صحيحة مع علمه بما هم عليه من المخالفة للكتاب والسنة وللعقيدة الصحيحة فقد أساء غاية الإساءة وشهد شهادة زور وعليه أن يتوب من شهادة الزور التي هي من أكبر الكبائر.
وأما السؤال عن الذي يعتذر عن الأقوال الباطلة التي تقدم ذكرها ويقول: إنها لا تخالف العقيدة ولا تكون طعناً فيها وإنما هي مواقف والمواقف لا تدخل في العقيدة.
فجوابه أن يقول: إن الاعتذار عن الأقوال الباطلة والدفاع عنها دليل على الرضا بها ومن رضي عمل قوم فهو مثلهم، ولا يخلو الذي يعتذر عن الأقوال الباطلة من أحد أمرين: إما أن يكون عالما ببطلانها وهو مع ذلك يدافع عنها ويطلب لها التوجيهات المتكلفة فهذا يلحق بأهل الباطل ويعامل بما يعاملون به من المفارقة والمنابذة حتى يرجع عن المدافعة عن الأقوال الباطلة، وإما أن يكون جاهلا بأنها باطلة فهذا ينبغي تعليمه فإن أصر بعد العلم ببطلانها فإنه يلحق بأهلها ويعامل بما يعاملون به من المفارقة والمنابذة.
قال ذلك كاتبه الفقير إلى الله تعالى حمود بن عبد الله بن حمود التويجري.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين 25/10/1404هـ.
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التويجري (بني زيد) IE المرقاب 6 24-02-2021 06:36 PM
من وثائق التويجري قبل مائة عام سعدون باشا الوثائق والبروات والعدسانيات 3 28-12-2020 01:13 PM
التويجري (العديلية) IE جبلة 15 28-10-2017 04:48 PM
تحقيق جديد ومبسط لكتاب سبائك العسجد للعلامة الشيخ الشاعر عثمان بن سند د.جمال محمد حسن الزنكي القسم العام 5 19-09-2011 05:19 PM
التويجري (عتيبة) IE المرقاب 11 31-08-2010 05:12 AM


الساعة الآن 04:12 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت