راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 29-12-2010, 01:14 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي السنبوك.. السفينة المنسية

يعرف الناس مدى اهتمام ابناء الكويت بالبحر، ومدى اهتمامهم بالسفن، ولقد جرى حديث طويل هنا ضمن الازمنة والامكنة عن رحلات السفر ورحلات الغوص وجرى حديث مماثل عن السفينة الكويتية (البوم) التي كان لها دور كبير في النشاط البحري الذي كان يقوم به آباؤنا حتى استطاعوا ان يبنوا بسواعدهم سمعة طيبة لوطنهم، واخترقوا البحار في سبيل كسب الرزق حتى وصلوا الى شرقي افريقيا وتركوا اثارهم هناك.
وإذا كان البوم السفار علما من الاعلام البحرية الكويتية فان هناك سفناً كثيرة قامت بدور مهم في مجالات اخرى متعددة قد يصعب علينا رصدها هنا، ومنها سفينة السنبوك التي سوف يكون لنا حديث عنها في هذا المقال. ولكننا قبل ان نصل الى هذا فانه ينبغي علينا ان نقدم لذلك بمقدمة نرى انه من الضروري بمكان ان نقدمها هنا، وهي:
منذ سنة 1863م حين زار الكولونيل الانجليزي لويس بيللي الكويت بل وما قبلها، وهذا الوطن معروف بالنشاط البحري، وبسفنه التي تجوب البحار، وهو معروف – على الاخص – بصناعة السفن التي تغذي حاجة السوق البحري الكويتي وتمده بما يشاء منها. وظلت هذه الصناعة في تقدمها إلى أن حلت السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، فتم في الكويت تصميم البوم الذي حل محل السفينة المستعملة في البحار من قبله وهي البغلة، وقد تطور هذا البوم حجما واتقانا حتى صار رمزا وطنيا بارزا تذكر به الكويت اينما حل، وفي أي مرفأ توقف، ومع بداية القرن العشرين قام الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت آنذاك بجهود طيبة في دعم المجهود التجاري الكويتي، ودعم صناعة السفن على حد سواء، ونتيجة لتشجيع الشيخ فقد زاد الاهتمام بالمهنة واكتسبت سمعة طيبة، وجذبت عددا كبيرا من العمالة من الكويت وخارجها، وما ان حلت سنة 1914م حتى صنع رجال الكويت البوم السفار الذي يزيد حجمه على حجم البوم عند بداية إبداعه، كما صنعوا السفن الخاصة بنقل المياه وعم الازدهار التجاري البلاد بفضل تشجيع الشيخ مبارك ورعايته لتجارة الكويت ولصناعة السفن فيها.
تنوعت السفن الكويتية وفقا لتنوع مجال استعمالها، فهناك سفن الغوص على اللؤلؤ ومنها البتيل والجالبوت، ومنها سفن النقل التجاري والنقل البحري ومنها البغلة، والبوم السفار، وسفن صيد الاسماك مثل الشوعي وغيره، وسفن النقل الساحلي مثل التشاله، وسفن نقل الماء. وقد اشتهر عدد من صناع السفن في الكويت، واصبح عملهم معروفا في دول الخليج وفي باقي الموانئ التي تزورها سفنهم، فذكر منهم حجِّي سلمان الأستاذ وهو من مواليد سنة 1840م، وهو أحد صناع السفن الماهرين، وكان من مصنوعاته عدد من السفن المشهورة، ومنهم اخوة ثلاثة هم صالح وعبدالله وجاسم أبناء راشد، وكان عبدالله قد صنع سفينة (بوم) من أشهر الأبوام الكويتية وهي السفينة المسمَّاة (الداو)، صنعها للتاجر الكويتي حمد الصقر، وهناك عدد آخر من بناة السفن يضيق المجال عن الحديث عنهم. ومما ينبغي ان يقال ان هؤلاء الرجال قد انتجوا عددا كبيرا وأنواعا كثيرة من السفن ولم يقتصروا على نوع معين.
٭٭٭
إذن فهذه صورة واضحة عن صناعة السفن في الكويت وعن صناعها، ولقد كانت صناعاتهم متنوعة اذ جر اتقانهم لعملهم عدداً كبيراً من اصحاب الأموال الى أن يطلبوا منهم صناعة ما يحتاجون اليه من سفن، وكان من اعمالهم الى جانب البوم السفار الشهير بناء: السنبوك.
والسنبوك من السفن القديمة المعروفة في الكويت ومنطقة الخليج كافة، بل وفي جنوبي جزيرة العرب وعلى الأخص في نواحي اليمن شمالا وجنوبا.
السنبوك يجمع على سنابيك. وهو سفينة قديمة كانت معروفة لدى العرب الأقدمين من سكان هذه المنطقة التي ذكرناها. وينطق عندهم سنبوق كما ورد في كتاب تاج العروس.
تحدث الاستاذ احمد البشر الرومي في كتابه: «معجم المصطلحات البحرية في الكويت» عن السنبوك فذكر أنه: «سفينة من السفن الشائعة في الخليج مقدمتها زاوية حادة ومؤخرتها شبه مربعة، ويستخدم النوع المتوسط منها في الخليج للغوص، وفي اليمن يصنع نوع كبير يجتازون به المحيطات الى الهند وزنجبار. وتختلف أحجام هذه السفينة حسب الحاجة، وكذلك موجود منها في البحر الأحمر يستعمله أهل الحجاز للسفر الى جنوب أفريقيا يحمل بضائع وركابا، وهذا النوع من السفن شائع في الجزيرة العربية منذ أمد بعيد. وقد ذكره ابن بطوطة كما اورد المقريزي في الخطط 292/1: «السنابيك في جملة المراكب الحربية المائية التي أمر أحمد بن طولون باتخاذها».
وهكذا نرى أن السنبوك له تاريخ قديم بدلالة استعمال أحمد بن طولون له ضمن مراكبه البحرية، واحمد هذا ولد في سنة 835م وتوفي في سنة 884م.
ويبدو أن السنبوك قد تطور من حيث الحجم اذ ذكر صاحب التاج في مادة (سنبق) هذا النوع من السفن فقال: السنبوق كعصفور زورق صغير يعمل في سواحل البحر. وسوف نجد فروقا اخرى تدل على التطور الذي طرأ على هذه السفينة بعد قليل.
أصدرت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في سنة 1987م كتاباً تحت عنوان: «المراكب العربية، تاريخها وأنواعها، وهو من تأليف: حسن صالح شهاب، وقد ذكر فيه السنبوك، وحاول أن يقارن بين سنبوك الجنوب وسنبوك الخليج العربي، فذكر أن سنبوق (هكذا يطلق عليه) البحر الأحمر لا سطح له بينما سنبوق الخليج له سطح، وقال ان من الملاحظ أن هناك اختلافا بينمها في شكل المؤخرة، والزخارف التي تزينها، وذكر أن مؤخرة سنبوك البحر الأحمر عالية مربعة مائلة إلى الخلف قليلا. وهي أعلى وأقل عرضا من مؤخرة سنابيك الخليج، وذكر أنها تزدان بالزخارف البديعة بينما هناك فروقات متعددة أخرى أهمها أن سنبوك الخليج أصغر حجماً، وبسبب قصر قاعدته وارتفاع مؤخرته فهو سريع وسهل الالتفاف والاستدارة، وهو هنا يستعمل في الغوص على اللؤلؤ وتجره المجاديف في الانتقال السريع والقصير من مكان إلى آخر بحسب الحاجة وتتبعا لموقع المحار.
كان استعمال السنبوك في الكويت ظاهرا، ومنتشرا، وكان صناع السفن الكويتيون يقومون بانتاج عدد من السنابيك سرعان ما ينزلها أصحابها إلى البحر لكي تقوم بمهمتها في النقل البحري بين دول الخليج، وفي رحلات الغوص على اللؤلؤ. ولقد ذكر لنا عدد من هذه السفن الجميلة يكفي تعدادها للدلالة على حجم هذا النوع في الموانئ الكويتية. وعندما ألف أخي الدكتور يعقوب يوسف الحجي كتابه القيَّم: «صناعة السفن الشراعية في الكويت» تحدث عن السنبوك الكويتي وصناعته وَصُنَّاعه. وذكر أسماء أكثر من أربعة عشر سنبوكا مع بيان أصحابها وصناعها. وقد ذكر أن آل ياقوت يملكون اثنين من السنابيك أحدهما للنوخذة عبدالعزيز الياقوت والثاني للنوخذة عبدالرحمن الياقوت، ولآل دويسان سنبوكان أحدهما كبير الحجم يعتبر من سفن السفر البعيد (محمل بحر).
أما ما نود أن ننقله هنا مما كتبه الدكتور الحجي عن سنابيك الكويت فهو ما يتعلق باثنين منهما، وهما:
أولا: سنبوك العماني المسمى (مشهور)، يقول الدكتور الحجي عنه: «اشتهر صناع السفن الكويتيون بصنع سفينة السنبوك التي استخدمت في رحلات الغوص على اللؤلؤ. ولقد تبارى صناع السفن في الكويت بصنع أحلى وأجود السنابيك، ومنها «سنبوك العماني» الذي ربما صنعه الأستاذ حمود بن بدر للنوخذة جاسم محمد العماني وأخيه عبدالله. ويصف الأستاذ علي عبد الرسول « سنبوك العماني» بأنه لم يظهر في الكويت سنبوك أسرع ولا أكثر ارتفاعا منه. فحملاته مرتفعة جدا عن القاعدة مما يجعله يتطلب مدا أعلى لكي يطفو، كما أن ألواحه الأمامية كانت شبه واقفة لدرجة أن مقدمته كانت تشق الماء كالسكين. ولقد ساعده تصميمه هذا غير العادي على أن يصبح واحدا من أسرع السفن التي صنعت في الكويت. ويروى عن سنبوك العماني أنه وصل إلى الساحل قبل سفينة أمير الغوص المعروفة بالبتيل نظرا لسرعته الفائقة، مما أثار دهشة أهل الكويت. وأما مقدرته على الإبحار ضد اتجاه الريح فلا تحتاج للإطراء. ولقد عرف قائده النوخذة جاسم العماني كيف يستفيد من مميزات هذه السفينة الفريدة، وجعلها تذكر في تاريخ الكويت البحري دائما. ويبلغ طول قاعدة هذه السفينة حوالي 30 ذراعا (45 قدما)، وقد ضاع في آخر الأمر كما ضاعت قبله الكثير من السفن الجميلة».
ثانيا: سنبوك الجلاهمة المسمَّى (منصور) يقول الدكتور الحجي عنه: «هذا السنبوك كان في البدء لأحمد الجلاهمة، وقد صنعه أحد ثلاثة من صناع السفن هم: إما الأستاذ حسين بن منصور، أو الأستاذ صالح بن راشد أو حجي سلمان الأستاذ نظرا إلى أنهم صنعوا أغلب السنابيك المشهورة في الكويت. «ويروي الأستاذ علي عبد الرسول أن الشيخ صباح الناصر أراد أن يشتري هذه السفينة غير أن صاحبها عرضها هدية عليه، ولكن الشيخ صباح استخدمها في الغوص سنتين ثم باعها صاحبها على تاجر اللؤلؤ المعروف عبدالرحمن يوسف الرومي. ويصف هذا السنبوك الأستاذ علي عبد الرسول أنه سنبوك مبروك حلو. ويذكر المؤرخ سيف الشملان بأنه أكبر سنبوك صنع في الكويت، وأن آخر رحلة له في الغوص كانت في سنة 1939، وبعد ذلك ربما بيع واستخدم للنقل الساحلي (القطاعة) كما كان مصير الكثير من سفن الغوص آنذاك، وهناك سنبوك آخر لمحمد بن جبر الجلاهمة واسمه مطيران».
وقبل أن نغادر الحديث عن السنبوك نورد بضعة أبيات نظمها الشاعر جمعان حضينة العازمي في وقت الغوص، وهي:
هني من فارق السنبوك
شاف الغنم والبعاريني
تسعين ليلة وأنا مملوك
كني من السوق شاريني
والنواخذا حلني بملوك
عشرج من الصبح يسقيني
(حَلني: سقاني المسهل. العشرج: هو المسهل نفسه).

وذكر ألن فاليارز السنبوك في كتابه «أبناء السندباد» عندما تحدث عن السفن العاملة في الكويت والمناطق المجاورة، وأثبت صورة تمثل أحد السنابيك التي كانت تعمل في وقته. وقال: «ربما كان هذا أكثر المراكب العربية جميعها شيوعا بل إنه شائع لدرجة أن اسم «سنبوك» كثيرا ما يطلق على جميع المراكب، كما يطلق الأوروبيون عليها كلمة «داو». والسنبوك الأصلي له مقدمة منخفضة، معقوفة، ومؤخرته عالية مبينة، تكون عادة مربعة ومزخرفة في الغالب، ولكن دون الشرفات على الجانبين، أو النوافذ الخلفية التقليدية. وغالبا ما تكون المؤخرة مثقوبة – عادة في اربعة مواضع – لتهوية المساحة الكائنة تحت سطح المؤخرة. إلا أن هذا المركب يخلو من الزخارف الجميلة المحفورة التي تتميز بها البغلة. والسنابيك شائعة في البحر الأحمر، وعلى السواحل الجنوبية للجزيرة العربية، وفي صور، الميناء العماني، حيث بدأت هذه المراكب تحل محل البغلات، وتصبح أحب الأنواع إلى بحارة هذا الميناء القديم. وتتميز خطوط هيكل السنبوك بالانسياب والجمال. كما يتميز هذا المركب بالرشاقة خلال الإبحار بالشراع، شأنه في ذلك شأن المراكب العربية الأخرى، كما أن للسنابيك المبنية في ميناء صور أسطحا كاملة، بعكس المراكب الأصغر حجما التي تبنى في موانئ البحر الأحمر، والتي ليس لها أسطح مطلقا».
٭٭٭
انقطع العمل على السنبوك مع انتهاء مواسم الغوص على اللؤلؤ، وتوقف الغواصين بالتدريج حتى أن الحكومة لم تعد تعلن عن هذه المواسم، وكان آخر إعلان لها هو الذي صدر في موسم سنة 1959م.
وبذا انقرض السنبوك كما انقرض غيره من السفن ولقد كانت من السفن المستعملة قديما في الوقت الذي كان السنبوك يستخدم فيها سفن جميلة ذات مظهر جذاب وذات قدرة على الإبحار وقد انقرضت هي الأخرى، وكان أبرزها مايلي:
-1 البغلة: وتنطق ابغله بفتح الغين واللام، وهي نوع من السفن الشراعية الكويتية، وكان استخدامها للأسفار البعيدة، حتى لقد وصل بعضها إلى شرقي افريقيا والهند، وتعتبر من أقدم السفن التي استخدمها الكويتيون في إبحارهم إلى المناطق النائية، ولم يغن عنها إلا البوم السفار الذي حل محل عدد من السفن، وكانت حمولة البغلة في حدود أربعمائة طن.
-2 البتيل: وهو سفينة خليجية قديمة ذكر الأستاذ أحمد البشر الرومي أنها انقرضت منذ سنة 1940م، والبتيل متوسط الحجم، يقوم برحلات الغوص على اللؤلؤ وهو يتسع لثمانين شخصا من البحارة. وله شكل غريب حتى لتظنه من سفن الفينيقيين أو الفراعنة، والبتيل يختلف عن السفن الأخرى من حيث صناعته، جاء وصفه عند الأستاذ البشر كمايلي:
«وتكون قاعدة البتيل التي يُبنى عليها هيكله من وصلتين على خلاف السفن الأخرى، ويكون شكل ثلثي القاعدة أفقيا، أما الثلث الأخير من ناحية المؤخرة فيرتفع ما بين 12 إلى 16 درجة تبعا لما يطلبه مالك السفينة، عند صناعتها، والغاية من ارتفاع المؤخرة هي الرغبة في وصول السفينة إلى الساحل عند الرسو لينزل منها البحارة، وكذلك لإنزال الأمتعة».
ثم ذكر الأستاذ الرومي أن أسرته كانت تمتلك بتيلا قامت بتحويله إلى بوم سفار في اليوم الخامس والعشرين من شهر مارس لسنة 1937م.
وهذه أربعة أبيات نظمها شاعر الكويت صقر الشبيب، ووجهها إلى السيد راشد بن أحمد الرومي أمير الغوص بعد أن قام بتجديد البتيل المشار إليه آنفا وفي الأبيات ما يدل على اسمه الذي عرف به:
شبَّ هذا الفلك من بعد المشيب
وصِبَاه بعد ما شاب عجيبْ
عاد بعد الشيب في عهد صبا
إذْ كساه راشد الصُّنعَ الغريبْ
فارحل اليوم «سْعَيِّدْ» في الهنا
واسحب السفن إلى الدر الرطيبْ
مثلما كنت بأعوام خلت
تُرشد السُّفن إلى «الهير» الخصيبْ

وقد دخل البتيل في الأمثال الشعبية الكويتية، فهم يقولون: «بتيل ابن تمام شاحن خالي بريالين» يضربون هذا المثل في الأمر الذي لا يتغير. كان مالك هذا البتيل هو ابراهيم بن تمام الدوسري، وكان يستعمل سفينته هذه في مواسم الغوص، وفي نقل البضائع، واذا ابحر كان يعطي البحارة أجرة قدرها ريالين سواء أكانت معه حمولة أم لم تكن.
-3 وذكرت من السفن القديمة – ايضا – البقَّارة بتشديد القاف المفتوحة، وتنطلق القاف جيما قاهرية، وقد ذكر أن آخر سفينة شهدتها الكويت من هذا النوع كانت في سنة 1914م، وهي تشبه البتيل من عدة نواح، وكانت البقارة تستعمل في مواسم الغوص على اللؤلؤ إلى أن انقرضت.
٭٭٭
وبعد فهذه لمحات سريعة عن السنبوك وعن قريناته من السفن التي انقرضت معه فلم تعد تبحر من الكويت لأن الزمن الحالي ليس زمنها إذ تغيرت الأمور، ودخلت على وسائل النقل البحري تجديدات مهمة كان ينبغي أن يؤخذ بها.


================================================== ==========

ملحاق خير:



من شعراء الكويت الشعبيين شاعر ظريف سبق ان تحدثنا عنه في احدى مقالات الأزمنة والأمكنة هو الشاعر ابراهيم الخالد الديحاني. كان هذا الشاعر يفتح عينيه دائما على أحداث البلاد فيتحدث عنها في شعره، وكانت صلاته بالناس متشعبة وعميقة ولذلك فهو يعبر – دائما – عن مشاعرهم. ولقد عمل في عدد من الأعمال منها انه كان حارسا لأموال عدد من تجار الكويت، كما اشتغل في مهنة الغوص على اللؤلؤ لمدة لا تقل عن عشرين سنة. وكانت آخر مهنة له في دائرة بلدية الكويت التي جعلته مراقبا في سوق اللحم يتأكد من اختام الذبائح حتى لا يتعرض الناس لمكروه بسبب تهاون بعض العاملين في هذا المجال. ويشرف احيانا على الميزان الذي اعدته دائرة بلدية الكويت، ووضعته بالقرب من سوق اللحم، وذلك من أجل حماية المستهلكين.
كان شعر ابراهيم الخالد رقيقا، وكان حريصا على تنقيحه حتى يظهر ما يكتب في أحسن صورة، وهو عفيف لا يطلق لسانه بالسوء على الناس. واشتهر بانه المدافع عن اسم «ابراهيم» وصار يقال له شاعر «البراهيم» لانه رد على كل من كان يزعم أنَّ كُلُّ من تسمَّى باسم ابراهيم فهو مجنون، ولذلك فقد رثاه الشاعر عبداللطيف عبدالرزاق الديين، وذكر ذلك بقوله:
حل المصاب وقُومْ عزّ البراهيم
يوم طفا قنديلهم عقب ما شاب

ومنها قوله:
قمت اجتلد واقول من للمناظيم
ومن هو بعد دون البراهيم قرضاب
شفهم غدوا عقبه سوات المباليم
كل يدوس احماهم اليوم ما هاب
الله يعظم اجركم في ابراهيم
ويرحم فقيد نابه الذكر غلاب

«المناظيم: الأشعار، المباليم: الصامتون لعدم قدرتهم على التعبير عن النفس، قرضاب: سيف» توفي ابراهيم الديحاني عن عمر ناهز السبعين سنة، في اواخر شهر شوال لسنة 1374هـ (1955م) وقد قامت دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل بطباعة مجموعة صغيرة من شعره في كتيب، ذكرت انه الجزء الأول، ولكنها لم تُصدر بعده جزءً آخر.
ومما دفعنا الى كتابة هذا الملحاق ورود قصيدة من قصائده في الكتيب المذكور عنوانها «السنبوك» وصف فيها هذه السفينة والعاملين عليها، ولقد كانت رحلاته الكثيرة إلى الغوص من أسباب التفاته إلى هذا الموضوع الذي أجاد في الحديث عنه.
يبدأ قصيدته موجها حديثه إلى راكب فوق هذا السنبوك المصنوع حديثا «وشار» ويدعو لمن صنعه قائلا «عاشت» يمينه، ويذكر أنه عندما نقل من موضوع صنعه إلى النقعة «موقع حفظ السفن على الشاطئ» أقبل أهل النظر لمشاهدته. ثم انتقل إلى وصف رحلته، وكيف أنه كان يسير بسرعة وكأنه يطير بفضل جودة صنعه، والأشرعة التي عليه وملاءمة الريح له، ثم يقدم وصفا للسنبوك وهو على «الهير»: موقع صيد المحار، يقول:
ليصار طارح والمجاديف نِشَّار
يشبه عْقابٍ متعباته اسْنينه
وليتعادل واتسَى الهير محَّار
الكل منهم يا إلهي تعينه

ويختم قصيدته بالدعاء، طالبا الرزق لركاب السنبوك الضعفاء الذين أتوا من بلادهم وخاضوا البحر أملا في الحصول على لؤلؤة تغنيهم، وتسد حاجتهم.
لم أعثر قبل هذه القصيدة أو بعدها على مثل هذا الوصف الجيد لسفينة السنبوك وعملها في البحر، ولذا حرصت على تقديمها هنا ضمن: ملحاق خير.

د. يعقوب الغنيم - جريدة الوطن - 29/12/2010
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-08-2014, 09:03 AM
بوعمر الوزان بوعمر الوزان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2014
الدولة: الكويت
المشاركات: 79
افتراضي

يعطيك العافية استاذي على المعلومة القيمة ونتمنى منكم المزيد الله يحفظك
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( البنية ) جالبوت الشيخ جابر العلي،السفينة التي نجت باعجوبة بو نمش التاريـــخ البحـــري 5 28-05-2010 08:04 PM
العبارة المنسية في اللهجة الكويتية IE التاريـــخ الأدبي 12 27-11-2009 11:02 AM
طاقم السفينة المتقصي التاريـــخ البحـــري 2 04-03-2008 11:00 PM


الساعة الآن 02:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت