راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #21  
قديم 09-06-2012, 02:25 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

تحليل الوثيقة:
هذه الوثيقة تعكس لنا كيف كان المسئولون يخططون لتنمية الكويت اجتماعياً وفنياً، فبعد نجاح مسرحية (صقر قريش) - بوصفها الأولى في إنتاج وزارة الشئون الاجتماعية – نجد زكي طليمات يقدم إلى رئيسه المباشر اقتراحات عديدة تهدف تنمية المسرح الوليد في الكويت، وهذه الاقتراحات – لو استحسن استغلالها في دراسات مستقبلية – ستغير كثيراً من خريطة تاريخ المسرح في الكويت، وستجعلنا نعيد التفكير في حقائق عديدة كنا نعتقد في صحتها، كما أنها ستضيف إلى معارفنا أموراً كنا نجهلها .. ومن أمثلة ذلك:
1 – أن زكي طليمات - رغم إقراره بنجاح تجربته المسرحية الأولى – كان شجاعاً باعترافه بوجود مشاكل عديدة لم تجعل نجاحه كاملاً، وهي مشاكل لا يد له فيها، ومنها: ضيق الإمكانيات، وقلة عدد المتمرسين بشئون المسرح الإدارية، وأن أعضاء الفرقة غير متفرغين للعمل الفني .. إلخ. والجيد في الأمر أن هذا المسئول لم يطرح على رئيسه مشاكل العمل فقط – كما يحدث الآن – بل طرح على رئيسه المشكلة، كما طرح عليه أيضاً الحل الأمثل لها! وهذا يعني أن تقدم المسرح في الكويت – في ستينيات القرن الماضي – كان قائماً على شجاعة العاملين فيه باعترافهم بالمشاكل، مع رجاحة عقولهم في طرح الحلول المثلى لهذه المشاكل.
2 – علمنا مما سبق أن فرقة المسرح العربي تتكون من أربعين ممثلاً من الهواة، وهذه الوثيقة تُحدد عدد الجديرين بالاحتراف المسرحي في الفرقة ممن أثبتوا جدارة واضحة في التمثيل. وللأسف الشديد أن الوثيقة تحدد فقط عددهم، ولم تذكر أسماءهم .. وأظن القارئ يتلهف لمعرفة أسماء هؤلاء الصفوة من الممثلين الرواد. ولحُسن الحظ أن بين يدي وثيقة مؤرخة في 8/10/1962 بعنوان (بيان بأسماء المرشحين لاحتراف التمثيل من أعضاء المسرح العربي، وذلك بنقلهم بمرتباتهم ووظائفهم ودرجاتهم إلى وزارة الشئون الاجتماعية والعمل)، وهم: " عبد الرحمن الضويحي بوزارة الصحة على الدرجة الخامسة، وسعد مبارك الفرج بوزارة الأشغال على الدرجة السابعة، وعبد الحسين عبد الرضا بوزارة الأنباء والإرشاد على الدرجة السادسة، وعبد الوهاب سلطان بوزارة الأنباء والإرشاد على الدرجة السادسة، وعلي ناصر البريكي بوزارة الأنباء والإرشاد - طالب متمرن بقسم التصوير - ويوسف مصطفى الخطيب بالبلدية على الدرجة الثامنة، وخالد النفيسي بالموانئ والجمارك على الدرجة السادسة، وغانم صالح الغانم بوزارة العدل على الدرجة السابعة، وحسن يعقوب العلي بوزارة الأشغال العامة على الدرجة السابعة، وجعفر مراد المؤمن بوزارة الداخلية على الدرجة الثامنة، وعباس عبد الرضا حسين بالبرق والهاتف على الدرجة السابعة، وعدنان حسين خلف بوزارة الشئون الاجتماعية على الدرجة السادسة، ونجم عبد الكريم بوزارة المالية والاقتصاد على الدرجة السابعة، وحسين الصالح بوزارة العدل على الدرجة السادسة، وعبد الله خريبط بوزارة الشئون الاجتماعية على الدرجة السادسة، والآنسة مريم الغضبان بوزارة الصحة العامة على الدرجة الثامنة، والآنسة مريم الصالح بوزارة الصحة العامة ".
3 – الأسماء السابقة تم نقلهم بالفعل إلى وزارة الشئون الاجتماعية، وأصبحوا محترفين في فرقة المسرح العربي، وأغلبهم يظن – كما كنا نظن أيضاً – أن عملية النقل والاحتراف تمت بصورة سلسلة، بل أن بعض المحترفين لا يعلمون أن عملية نقلهم لاقت صعاباً جمة؛ ولكنها طريفة!! فالوثائق الفرعية التي بين يدي تقول إن وزير الصحة العامة لم يوافق – في خطابه الرسمي إلى وزير الشئون الاجتماعية محمد يوسف النصف في 3/11/1962 - على نقل الآنستين مريم الصالح، ومريم الغضبان بل وافق فقط – في بداية الأمر – على ندبهم. أما عبد الرحمن الضويحي فلم يوافق الوزير على نقله لعدم استطاعة الوزارة الاستغناء عنه. أما عبد الحسين عبد الرضا، وعبد الوهاب سلطان، وعلي ناصر البريكي فلم يجد وزير الشئون الاجتماعية درجات مالية خالية كي ينقلهم عليها، فطلب – في خطابه الرسمي المؤرخ في 20/10/1962 - من وزير الإرشاد والأنباء – التابع إليه هؤلاء الموظفين – الموافقة على نقلهم إلى وزارة الشئون بحيث يقبضون رواتبهم من وزارة الإرشاد!! ومن الطريف أن نقلهم تم بالفعل؛ ولكن مشكلة ظهرت لعلي ناصر البريكي، حيث إنه كان تحت التمرين في وزارة الإرشاد، وعندما نُقل إلى وزارة الشئون نُقل كموظف في الدرجة الثامنة. وبناء على ذلك أصبح النقل غير قانوني، فتمت عدة مراسلات بين الوزارتين انتهت بمنح الدرجة الثامنة إلى علي ناصر البريكي، وبسبب احترافه المسرح، أصبح موظفاً حكومياً. ولعل خطاب زكي طليمات إلى وكيل وزارة الشئون في 23/5/1963، يُجمل هذا الموضوع، وفيه يقول: " بشأن منح الدرجة الثامنة إلى السيد/ علي ناصر البريكي المنتدب للعمل (بالمسرح العربي) من وزارة الإرشاد والأنباء، وموافقة سيادتكم على ذلك ولكن أمر هذا المنح لم يتم، نظراً إلى أن السيد علي ناصر البريكي المذكور لم يكن موظفاً دائماً بوزارة الشئون. إلا أن الوضع قد تغير الآن بعد أن تم نقل سيادته من وزارة الإرشاد والأنباء إلى وزارة الشئون الاجتماعية أسوة بزملائه الذين نقلوا إلى الوزارة لاحتراف التمثيل بالمسرح العربي، وأصبح سيادته الآن موظفاً بالوزارة ولكن لا يتقاضى إلا مكافأة طالب متمرن. لهذا وجب رفع الأمر إلى سيادتكم من جديد لتقرير منحه الدرجة الثامنة باعتبار أن سيادته يتولى عملاً فنياً وليس إدارياً بالمسرح العربي وأنه يحمل شهادة إتمام الدراسة الإعدادية وقد أمضى عاماً في الدراسة الثانوية. فالمرجو التفضل باتخاذ ما يلزم نحو إنهاء هذه المسألة التي تعتبر مقياساً واضحاً لمدى اهتمام الوزارة بتشجيع الاحتراف بالمسرح العربي".
4 – معظم الكتابات التي كُتبت عن المسرح الكويتي في هذه الفترة، كانت تهاجم أسلوب زكي طليمات في اختياره للمسرحيات التاريخية المكتوبة باللغة العربية الفصحى، وهذه حقيقة لا جدال فيها؛ ولكن هذه الوثيقة تُبين حقيقة أخرى كنا نجهلها، وتثبت أن زكي طليمات لم يفرض هذا الأسلوب على عروض فرقة المسرح العربي، بل أنه طالب – بعد عرض (صقر قريش)، أي بعد أول عرض له - بأن تقوم الفرقة بتقديم المسرحيات الكوميدية المكتوبة باللهجة الكويتية، التي تعالج مشاكل الكويت الاجتماعية وقتئذ، كما اقترح أيضاً تكويت المسرحيات المصرية، أي تحويل عربيتها أو لهجتها المصرية إلى اللهجة الكويتية.
5 – المُطلع على بدايات المسرح في الكويت، يعلم جيداً الصراع الشرس الذي دار بين زكي طليمات ومحمد النشمي، وهذا الصراع آثاره مازالت منشورة في صحف ومجلات الكويت، ومازالت الكتابات الحديثة تتناقله حتى يومنا هذا؛ ولكن ما أسباب هذا الصراع؟! الأسباب عديدة – كما هو معروف – منها: المنافسة الفنية بين أسلوب طليمات الفني القائم على الدراسة والخبرة، وأسلوب النشمي القائم على الموهبة والارتجال. بالإضافة إلى المنافسة الفنية بين فرقتي العربي والشعبي، ومساندة حمد الرجيب لأستاذه طليمات، وإصرار النشمي على قيام الرجال بأدوار النساء بعكس طليمات الذي أوقف المرأة الكويتية لأول مرة على خشبة المسرح .. إلخ الأسباب المعروفة؛ ولكن هذه الوثيقة تُفجر مفاجأة – لا أظن أن النشمي نفسه كان على علم بها، وربما كان يشعر بمعناها في داخله – وهي اقتراح زكي طليمات بإلغاء فرقة المسرح الشعبي!! وربما هذا الاقتراح كان السبب الخفي والحقيقي وراء هذا الصراع. وحتى أكون محايداً، يجب أن أُشير إلى أن اقتراح طليمات هذا كان اقتراحاً مبرراً بأسباب منطقية؛ حيث إن طليمات طالب بأن تُقدم فرقة المسرح العربي مسرحيات اجتماعية كوميدية باللهجة الكويتية، وهي المسرحيات نفسها التي تقدمها فرقة المسرح الشعبي. كذلك أشار طليمات إلى إمكانية الاستغناء عن المسرح الشعبي لأن بديلاً له موجود بالفعل ويُقدم نوعية مسرحياته، وهو (مسرح التنمية الاجتماعية)! ورغم هذا التبرير المنطقي إلا أننا لم نجد اقتراحاً آخر أكثر منطقية - لو اقترحه طليمات - وهو تطوير فرقة المسرح الشعبي ودعمها مع بقاء وجودها، أو تطويرها لتكون بديلة لمسرح التنمية الاجتماعية، وليس العكس!!
6 – قبل الحديث عن هذه الوثيقة كنا نعلم أن فرقة المسرح الشعبي هي أول فرقة مسرحية في الكويت، ثم جاءت بعدها فرقة المسرح العربي، والجديد في هذه الوثيقة حديث طليمات عن (مسرح التنمية الاجتماعية)! فحديثه يُبين أن هذا المسرح يتألف من عدة فرق مسرحية موجودة بالفعل في جميع المراكز الاجتماعية في الكويت، وهذه الفرق قدمت وتُقدم مسرحيات متنوعة؛ رغم عدم استقرارها على تخطيط واضح. والحديث عن هذا المسرح – في الوثيقة – يعكس لنا أن هذا المسرح – ربما – كان الأسبق من حيث الوجود الفعلي من فرقة المسرح الشعبي!! والوثيقة لم تُفصح عن أسماء العاملين في هذا المسرح، ولم تذكر أسماء ممثليه، ولا أسماء مسرحياته ... إلخ، وربما تكشف الأيام – فيما بعد – عن تفاصيل هذا المسرح ليخرج إلى النور جانب مجهول من تراثنا المسرحي الغائب عن ذاكرتنا.
وأخيراً سيلاحظ القارئ أنني تجنبت التعليق على اقتراحات أخرى وردت في هذه الوثيقة، مثل: إنشاء مؤسسة فن التمثيل، وتكوين فرقة للفلكلور الكويتي، وإقامة مباريات في التأليف المسرحي، وإنشاء دراسات في فنون التمثيل .. إلخ، وهذا التجنب كان مقصوداً؛ لأن أغلب هذه الاقتراحات لها وثائق أخرى تفصيلية سأتحدث عنها باستفاضة في حلقاتنا القادمة.
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 09-06-2012, 02:28 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي


وثائق المسرح الكويتي
(الحلقة الثالثة)
الشروط الخاصة باستقدام الفرق
الأستاذ الدكتور/ سيد علي إسماعيل
ــــــــــــــ
تمهيد :
في عام 1961 زار خبراء البنك الدولي دولة الكويت، ولفت نظرهم عدم وجود مؤسسات تُمكّن المواطن الكويتي من التمتع والاستفادة بأوقات فراغه إلا من خلال دور السينما فقط. هذه الملاحظة تلقفتها جريدة (الرسالة) الكويتية، ونسجت حولها موضوعاً نشرته تحت عنوان (من أجل موسم فني في الكويت) – في عددها السادس، مايو 1961 – مستغلة الانتهاء من تجهيز مسرح سينما الأندلس كصالة عرض فنية متطورة في الكويت، ومن ثم طرحت على دائرة الشئون الاجتماعية والعمل اقتراحاً مفاده: دعوة بعض الفرق الفنية الناجحة إلى دولة الكويت مثل: الفرق المسرحية المصرية، وفرقة الأنوار اللبنانية للرقص الشعبي، وفرقة مهرجانات بعلبك الدولية اللبنانية، وفرقة رضا للفنون الشعبية المصرية، وفرقة رقص السماح. وتحديد هذه الفرق بالاسم راجع – من وجهة نظر الجريدة – إلى أنها تقدّم فناً راقياً بعيداً عن الإثارة والرخص. وتؤكد الجريدة في نهاية اقتراحها أن دعوة مثل هذه الفرق، يضمن للكويت موسماً فنياً ناجحاً.
هذا الاقتراح تمّ تنفيذه بصورة محدودة؛ حيث دعت الكويت الفرقة القومية المسرحية؛ ولكنها لم تلقَ النحاج المرجو. وهذه المعلومة ذكرها محمد النشمي في حوار معه نشرته جريدة الرسالة في 21/1/1962، ومن الواضح أن الفرقة المقصودة في هذا الخبر، هي الفرقة القومية المصرية على الرغم من عدم ذكر مصريتها بصورة صريحة. أما تنفيذ الاقتراح بصورة موسعة فكان في احتفال الكويت بعيد استقلالها الأول (العيد الوطني) في 19/6/1962؛ حيث دعت الدولة فرقة أضواء المدينة من مصر، وفرقة الأنوار اللبنانية للغناء والرقص الشعبي، وقدمت الأخيرة برنامجاً فنياً مشتركاً مع فرقة المسرح العربي الكويتية على مسرح سينما الأندلس في الفترة من 19 إلى 24 يونية 1962، فقدمت فرقة الأنوار عرضاً بعنوان (حكايات لبنان)، وقدمت فرقة المسرح العربي مسرحيتين من تأليف توفيق الحكيم وإخراج زكي طليمات، الأولى (فاتها القطار) بطولة: خالد النفيسي، وعبد الرحمن الضويحي، وجيهان رمزي، وزوزو حمدي الحكيم. والأخرى مسرحية (عمارة المعلم كندوز) بطولة: عبد الله خريبط، ومريم الغضبان، وأحمد الملا، وجيهان رمزي، وعبد الوهاب سلطان، وسناء عفيف، وعلي الملا أحمد، ويوسف الخطيب، وأسد حسين، وعيسى فهد الغانم. وقد نقل تليفزيون الكويت هذه العروض في بث مباشر. وفي احتفالات العيد الوطني أيضاً شاركت الفرقة الشعبية للفنون البحرينية بمجموعة كبيرة من الأغاني الشعبية.
وبسبب نجاح هذه الاحتفالات الفنية، رسخ في وجدان مسئولي وزارة الشئون الاجتماعية أن الأمل في نهضة المسرح الكويتي سيكون من خلال دعوة الفرق المسرحية العالمية، وهذا الرأي عبر عنه وكيل الوزارة حمد الرجيب – في حوار نشرته جريدة (صوت الخليج) في 1/11/1962 – متحدثاً عن مشاريعه في إرساء قواعد الفن المسرحي في الكويت، ومنها: "دعوة الفرق المسرحية العالمية لتؤدي نشاطها على مسارح الكويت لإثارة الوعي الفني واطلاع الفنانين الناشئين على ما يقدمه من سبقوا في هذا الفن ليأخذوا عنهم الخبرة وليوازنوا بين ما يقدمونه كفنانين ناشئين وبين ما يقدمه من سبقهم في هذا المضمار". وهذا القول يعكس لنا مدى اهتمام المسئولين في الكويت – خصوصاً حمد الرجيب – بالارتقاء بمستوى المسرح المحلي من خلال احتكاكه بالمسرح العالمي؛ وذلك من أجل نقل الخبرة من الخارج إلى الداخل في جميع مفردات العملية المسرحية.
وأول تطبيق لهذا المشروع – أو لهذه الفكرة - كان دعوة فرقة المسرح القومي المصرية في يناير 1963؛ حيث قدمت على مسرح ثانوية الشويخ مسرحيتي (القضية) تأليف لطفي الخولي، و(بداية ونهاية) عن قصة نجيب محفوظ في ثوب مسرحي، بطولة: أمينة رزق، ونجمة إبراهيم، وروحية خالد، وملك الجمل، وشفيق نور الدين، وتوفيق الدقن، وعبد المنعم إبراهيم، وسعيد أبو بكر، وعبد السلام محمد، وغيرهم. وقد لاقت الفرقة نجاحاً كبيراً، وكرمها رجال الدولة لا سيما معالي الشيخ عبد الله الجابر وزير التربية والتعليم، الذي أقام حفلة تكريم لأعضاء الفرقة. وقد أسهبت الصحف الكويتية في إظهار نجاح عروض الفرقة في الكويت، ومنها مجلة (دنيا العروبة) في عددها الأول بتاريخ 19/1/1963، وجريدة (الرأي العام) في 21/1/1963.
وبجانب هذه الفرق التي دعتها الدولة، وقدمت عروضها تحت إشراف الحكومة، نجد فرقاً أخرى قدمت فنوناً مختلفة، مثل الحفلة السنوية الراقصة التي أقامتها الفرقة التمثيلية العربية في يونية 1962 بقاعة الخدمات الاجتماعية بالأحمدي؛ كما ذكرت ذلك جريدة (الكويتي) في عدديها 47 و50 يونية 1962. وهذه الحفلة، ربما كانت ممجوجة من قبل المجتمع الكويتي، حيث استهجنتها جريدة (صوت الخليج) الكويتية في تغطيتها، قائلة في عددها الثامن بتاريخ 28/6/1962: "أقامت شركة النفط في الأحمدي حفلها السنوي الراقص تحت إشراف الفرقة العربية وقد اكتظت حلبة الرقص في قاعة الخدمات الاجتماعية بالراقصين والراقصات يتمايلون على نغمات الموسيقى الحالمة". وبعد ثلاثة أشهر ذكرت جريدة (الكويتي) في عددها 60 بتاريخ 8/9/1962، أن هذه الفرقة قدمت حفلة أخرى بها موسيقى، ورقص، وغناء، وتمثيل، وتومبولا، وفكاهة، وألعاب. كما أخبرتنا الجريدة نفسها في عددها 65 في أكتوبر 1962 بوصول بعض قطع الأسطول البريطاني في ميناء الأحمدي؛ حيث قدّم بحاراتها عدة أنشطة رياضية واجتماعية ومسرحية في مدينة الأحمدي، ومنها قيام بحارة سفينة (بولورك) بتقديم مسرحية كوميدية بعنوان (أكثر من نكتة) أمام جمهور كبير من الكويتيين.
نص الوثيقة:
يتضح مما سبق أن استقدام الفرق الفنية إلى الكويت – قبل عام 1963م – كان يتم دون قواعد أو لوائح منظمة له، وبالتالي اختلطت الفنون المستحبة بالفنون المستهجنة؛ لذلك قرر المسئولون وضع ضوابط صارمة لهذا الاستقدام، وهذه الضوابط هي وثيقة هذه الحلقة المؤرخة في 3/4/1963، ونصها يقول:
( اجتماع )
المكان: مكتب السيد الوكيل المساعد
الموضوع: الشروط الخاصة باستقدام الفرق الأجنبية
مكافأة المؤلفين المسرحيين الذين عملت فرقة (المسرح العربي) في مسرحيات لهم
ــــــــــــــــــــــــــــــ
اجتمعت لجنة برئاسة الأستاذ عبد العزيز الصرعاوي، وكيل الوزارة المساعد وعضوية كل من الأستاذين زكي طليمات المشرف المسرحي العام، ومحمد همام الهاشمي الخبير الاجتماعي يوم 3/4/1963 وتناولت بالبحث والمعالجة تخطيط القواعد والشروط التي يلتزم بها كل من يرغب في استقدام الفرق الأجنبية من القطاع الخاص، لتعمل خلال الموسم.
وانتهى تخطيطها إلى ما يلي :-
أولاً - تعلن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بوصفها المشرفة على شئون العرض التمثيلي، وعلى دور التمثيل، تعلن في شهر مايو من كل عام عن مواصفات الموسم الفني الذي يبدأ من أول نوفمبر وينتهي في شهر إبريل.
والمقصود بمواصفات الموسم، العناصر الفنية التي يتألف منها، وذلك من حيث أنواع الفرق التمثيلية (فرق جدية - فكاهية - غنائية - باليه - فلكلور إلخ ..) وبالطبع سيراعى في اختيار أنواع هذه الفرق أن يجئ ما تقدمه بحيث يحيي المتع الذهنية والسماعية والبصرية لدى الجمهور كما يزوده بشحنات من التجارب التي تعمل على تثقيفه وتهذيبه ورفع مستواه الذوقي.
ثانياً - تضع الوزارة الالتزامات التي يتقيد بها الذين يتعهدون باستقدام الفرق الأجنبية.
وتتلخص التزامات المتعهدين فيما يأتي:-
1 - أن يتقيد بالمستوى الفني الذي تحدده له الوزارة من حيث الممثلين والممثلات، وما يقدمونه من مسرحيات وخلافه.
2 - أن يحيي حفلاته في الموعد الذي يحدده مع الوزارة.
3 - أن يدفع تأميناً قدره (1000) دينار، إذا كانت الفرقة التي يستقدمها غير تابعة لإشراف مباشر من جانب الدولة التي تنتمي إليها، ويخفض التأمين إلى النصف، إذا كانت الفرقة المستقدمة تتبع إشراف الدولة القادمة منها.
ويفقد المتعهد هذا التأمين إذا لم يف بما تعهد به وتستثنى بالطبع الحالات الحتمية الطارئة، التي تقدر الوزارة وحدها مشروعيتها.
4 - لا يجوز لأي متعهد أن يستقدم أكثر من فرقة واحدة في الموسم الواحد إلا إذا اقتضت الضرورة غير ذلك.
وواضح أنه روعي في وضع هذه الالتزامات تحقيق ما يأتي:-
1 - أن يكون ما تقدمه الفرق الأجنبية على مستوى جيد من الأدب والفن، يعمل على التوعية الفنية والخلقية، ولا يسف إلى تعليق النواحي الهابطة في الجمهور، كما يكون بعيداً عن الفنون السياسية والمنازعات المذهبية.
2 - ألا يقع ما من شأنه أن يخل بالتخطيط المرسوم لعمل الفرق المستقدمة، أو يفتح ثغرة فيه تفقده وحدة من وحداته العاملة.
3 - أن تكون هناك فرص متقاربة لمن يريدون استقدام هذه الفرق من الخارج، وألا تقع الوزارة تحت تأثير متعهد واحد، بعد أن يستأثر وحده بأمر الفرق الأجنبية ويكون محتكراً لها.
ثالثاً: وأمام هذا تلتزم الوزارة أمام المتعهد بما يأتي:-
1 - أن تقدم له مجاناً دار التمثيل التي تعمل فيه الفرقة التي يستقدمها وذلك في حدود إمكانيات الوزارة.
2 - أن تزوده بالعناصر الفنية القائمة وذلك من حيث المناظر وأدوات الإضاءة والمهمات المسرحية، فيما عدا الملابس المسرحية.
3 - أن تقدم له أسباب الدعاية في الإذاعة وفي التلفزيون وفي اللوحات والملصقات والإعلانات اليدوية.
4 - تيسير المراسم الجمركية وشئون نقل مهماته المسرحية من الجمرك إلى دار التمثيل وبالعكس.
وقد لوحظ في وضع هذه التعهدات تشجيع المتعهدين ومدّ يد المعونة إليهم، باعتبار أنهم يعملون في حقل جديد يصعب إقامة مستويات فيه للكسب والخسارة.
هذا ومن المعلوم - وهو مما يحمل الإشارة إليه في هذا الصدد - أن الجمهورية العربية المتحدة [مصر] - وذلك أيام كانت تأخذ بمبدأ استقدام الفرق الأجنبية عن طريق المتعهدين كانت تصرف إعانة مالية لهؤلاء المتعهدين إذا استوثقت من أحدهم أنه تكبد خسارة كبيرة.
رابعاً: تؤلف لجنة مشتركة من وزارتي الشئون الاجتماعية والإرشاد للإشراف على ما تقدم وتولي تنفيذه.
خامساً: وانتقلت اللجنة بعد ذلك إلى بحث تقدير مكافآت للكُتّاب العرب الذين قدمت لهم فرقة (المسرح العربي) مسرحيات خلال الموسم الماضي وفي هذا الموسم، وكان قد انتهت إلى الوزارة برقية من الأستاذ محمود تيمور يرجو فيها تقرير مكافأة لمسرحياته، وبيع ما لم يقدم في القاهرة، ويدعو دولة الكويت إلى أن تكون من جانبها التفاتة إلى تشجيع التأليف المسرحي العربي عامة.
وترى اللجنة أنه أمر مشروع أن تكافئ الوزارة الكُتّاب المسرحيين الذين تعمل (فرقة المسرح العربي) في مسرحياتهم، ولا سيما أن الوزارة قررت مبدأ تشجيع كتاب المسرحية الكويتية بصرف مكافأة مالية لمن يجيد الكتابة في المسرح، وفوق كل هذا فإن رعاية دولة الكويت للتأليف المسرحي العربي في أقطار الشرق العربي، أمر له دلالة على رغبة الكويت الصاعد في أن تكون له مشاركة إيجابية في الارتقاء بمرافق الأدب والفن في أرض العروبة.
وقررت اللجنة رسم المكافآت الآتية:-
500 دينار للمسرحية الكبيرة التي لم يسبق تقديمها في مسارح القاهرة
250 دينار للمسرحية الكبيرة التي سبق أن قدمت في القاهرة
150 دينار للمسرحية ذات الفصل الواحد التي لم يسبق تقديمها في القاهرة
75 دينار للمسرحية ذات الفصل الواحد التي سبق أن قدمت بالقاهرة
وبناء على هذا التقدير ترجو اللجنة أن يجري صرف المبالغ الآتية إلى الأستاذين محمود تيمور، وتوفيق الحكيم.
الأستاذ محمود تيمور (900 دينار) مسرحية صقر قريش 500 دينار
مسرحية ابن جلا 250 دينار
مسرحية المنقذة 150 دينار
الأستاذ توفيق الحكيم (150 دينار) مسرحية أريد أن أقتل 75 دينار
مسرحية المعلم كندوز 75 دينار
هذا مع العلم بأن الفرقة تعمل الآن في مسرحيتين جديدتين للأستاذ توفيق الحكيم هنا (أريد هذ الرجل) و(الكنز) وستقدمها في شهر مايو بافتتاح مسرح كيفان.
أثر الوثيقة:
مما لا شك فيه أن هذه الوثيقة لها أهميتها في وقتنا الراهن – رغم صدورها عام 1963م – لأنها توضح لنا أول شروط لاستقدام الفرق الفنية إلى الكويت، ويُمكن للمسئولين حالياً مقارنتها بالشروط المعمول بها في وقتنا الراهن، ومن خلال المقارنة يُمكنهم الحذف أو الإضافة أو التعديل بما يتناسب مع الأهداف الموضوعة لاستقدام الفرق من أجل الارتقاء بالمسرح الكويتي.
وقارئ هذه الوثيقة سيلاحظ أنها تهتم – في المقام الأول – بالجمهور الكويتي من مشاهدي المسرح؛ حيث إن الشروط الواردة في الوثيقة تتعلق (فقط) بالفرق الفنية الخاصة، التي تأتي إلى الكويت وتُقدم فنها إلى جمهوره! وهذا الأمر يخالف تماماً الهدف الأساسي لاستقدام الفرق الفنية – كما عبر عنه حمد الرجيب في حديثه سابق الذكر - حيث إن الهدف كان الارتقاء بمستوى الفرق المسرحية في الكويت؛ وذلك باحتكاكها بالفرق الوافدة، ورؤيتها لأساليب تطورها الفني في مفردات عروضها.
ومن وجهة نظري، أرى أن الشروط الواردة في هذه الوثيقة لاستقدام الفرق الفنية، هي شروط مجحفة في هذا الزمن (عام 1963م) .. ومن الصعب تطبيقها في بلد – مثل الكويت – بدأ للتو يخطو خطواته الأولى في مجال الفن. والدليل على ذلك أن الفرق كانت تفد إلى الكويت بكثرة قبل صدور هذه الوثيقة؛ ولكن بعد صدور الوثيقة بشروطها هذه، توقف استقدام الفرق المسرحية تماماً طوال أربع سنوات ونصف!! ولعل هذا التوقف كان بسبب آخر، هو استكمال إشهار الفرق المسرحية الكويتية الأهلية الأربعة، مما جعل الجمهور يشعر بالإشباع الفني المسرحي المحلي، مكتفياً به عن المسرح الوافد غير المحلي.
وعلى الرغم من صدور وثيقة شروط استقدام الفرق إلى الكويت في عام 1963م، إلا أن أول فرقة خاصة جاءت إلى الكويت بعد الوثيقة – وبدعوة من فرقة المسرح العربي الكويتية - كانت (فرقة نجيب الريحاني) المصرية في نوفمبر 1967م، وقدمت ثلاث مسرحيات على مسرح سينما الأندلس، هي : (سلفني حماتك)، و(حكاية كل يوم)، و(عريس في أجازة)، بطولة: ماري منيب، وفريد شوقي، ونيللي، وعدلي كاسب، ومحمد شوقي، وسعاد حسين. وهذه العروض لم تلق النجاح المرجو؛ تبعاً لمعايير النجاح المسرحي في ذلك الوقت؛ لذلك كتب الناقد المخضرم القدير (محبوب العبد الله) – الشاب حينها – هجوماً قاسياً محقاً ضد هذه العروض في جريدة (اليقظة) بتاريخ 11/12/1967 تحت عنوان (مسرح الريحاني .. بالميني جوب)، حيث قارن بين أدوار الريحاني الأساسية، وأدوار فريد شوقي المُقلدة، وبالطبع كانت المقارنة في غير صالح فريد شوقي، كما استهجن حركات الفنانة نيللي وملابسها على خشبة المسرح، ولم يمدح سوى ماري منيب الثابتة في أدائها، كما أشار إلى أن التطوير الوحيد الذي لاحظه في العروض كان التطوير في الملابس المخالفة للتقاليد الاجتماعية!! وهذا النقد وغيره صعّد الأمور لزروتها؛ فانهالت الصحف الكويتية والمصرية بالنقد والتجريح الموضوعيين على عروض فرقة الريحاني في الكويت لدرجة أن السفير المصري في الكويت أرسل رسالة إلى جريدة اليقظة - نُشرت بتاريخ 5/2/1968 – أبان فيها أسفه من تصرفات ممثلي الفرقة أثناء التمثيل، حيث تخلل المشاهد بعض الشتائم غير اللائقة، والحوار المكشوف، واعتبر السفير أن فرقة الريحاني كانت أسوأ دعاية للفن المصري، بعكس فرقة رضا الاستعراضية، التي كانت نموذجاً مشرفاً للفن الشعبي المصري.
وفي يناير 1968 جاءت إلى الكويت – لأول مرة - فرقة المسرح القومي السورية، وقدمت على مسرح كيفان مسرحيتين من المسرح العالمي، هما: (العنب الحامض) و(عرس الدم). والأولى من ترجمة فيصل الياسري وإخراج علي عقلة عرسان، ومن تمثيل: هالة شوكت، ولينا باتع، ويعقوب أبو غزالة، وعصام عبهجي، وشريف السيد، ومحمود جركس. أما المسرحية الأخرى فهي من تأليف لوركا، ومن إخراج أسعد فضة، ومن تمثيل: ثناء دبسي، وسليم صبري، وبهاء سمعان، وهيلدا زخم، ولينا باتع، وأسعد فضة، وفايزة شاويش، وهالة شوكت، ومحمد خير حلواني، ومها صالح، ونهلة سباهي، وإسكندر عزيز، وإسماعيل نصر، وبشار نصري، ويعقوب أبو غزالة، ومحمود جركس، وعصام عبهجي، ويوسف حنا، وأحمد عداس.
والجدير بالذكر إن الفرقة قدمت المسرحيتين باللغة الفصحى مما أثر ذلك على إقبال الجمهور الذي كان ضعيفاً، وأكدت الصحف – ومنها جريدة (صوت الخليج) في 18/1/1968 - أن الجمهور الكويتي لا يقبل بكثرة على أي عمل مسرحي يُقدم بالفصحى، كما أشارت الجريدة إلى ضعف التمثيل في العملين. أما جريدة اليقظة بتاريخ 22/1/1968 فقد كتبت بإيجابية عن التمثيل في مسرحية (عرس الدم)، التي فضلتها عن سابقتها من حيث التمثيل وقدرة الممثلين على التقمص والأداء التمثيلي الجيد.
وفي نوفمبر 1968 قدمت جمعية المسرح العربي الفلسطيني - التابعة لحركة التحرير الفلسطيني (فتح) – مسرحيتين على مسرح كيفان، الأولى (الطريق) تأليف وإخراج نصر الدين فؤاد، والأخرى (شعب لن يموت) تأليف فتى الثورة، وإخراج نصر الدين فؤاد. وقد كتب حسن يعقوب العلي مقالة حول المسرحيتين - في جريدة (الرسالة) الكويتية بتاريخ 10/11/1968 – تحت عنوان (المسرح الفلسطيني .. هذه التجربة الأصيلة)، أوضح فيها أن المسرحيتين يدور موضوعهما حول القضية الفلسطينية.
وفي مايو 1969 زارت الكويت فرقة مسرح الحكيم المصرية، وقدمت مسرحية (زهرة من دم) للكاتب اللبناني الدكتور سهيل إدريس، ومن إخراج كمال ياسين، وبطولة: أمينة رزق، وعبد الله غيث، وسهير البابلي، وأنور إسماعيل، وقدرية قدري، وحمدي حامد، وخُصص إيرادها لصالح العمل الفدائي. وقد أشاد بهذا العرض الناقد حلمي الأدهمي في مقالته بجريدة (أضواء الكويت) في 12/5/1969.
ومن ثم توالى توافد الفرق الخاصة إلى الكويت، ومنها فرقة (تحية كاريوكا) المصرية – وزوجها الكاتب السياسي الساخر فايز حلاوة – حيث عرضت على مسرح الشامية عام 1974 مجموعة من المسرحيات السياسية منها: (نيام نيام)، و(البغل في الأبريق)، و(الثعلب فات)، و(القنطرة)، و(ياسين ولدي). وعلى مسرح الشامية أيضاً عرضت فرقة مسرح الناس المغربية – بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - مسرحيتي (مقامات بديع الزمان الهمذاني) و(ديوان سيدي عبد الرحمن المجذوب) في يناير 1976م. وفي أكتوبر من العام نفسه قدمت فرقة الفنانين المتحدين المصرية مسرحية (شاهد ماشافش حاجة) لعادل إمام على مسرح الشامية، وقد هاجمها نقدياً الناقد نواف أبو الهيجاء في جريدة السياسية الكويتية بتاريخ 8/10/1976. وأخيراً نجد مسرحية (الغرباء) من تأليف وإخراج علي عقلة عرسان، تعرضها فرقة المسرح القومي السورية في الكويت عام 1977، وكانت من تمثيل: أحمد عداس، ويوسف حنا، وعدنان بركات، وعبد المولى غميض. وقد كتب الناقد محمود الريماوي مقالة عنها في جريدة (الوطن) الكويتية بتاريخ 13/4/1977 بدأها بقوله: "يُحار المرء كيف يبدأ الكتابة عن مسرحية مثل (الغرباء) حملها إلينا المسرح القومي السوري، باعتبار أنها تمثل تطور الحركة المسرحية في سورية الشقيقة. فهذه المسرحية تجمع وبصورة فريدة بين الضعف الدرامي وهزاله، وبين جمود الإخراج وحرفيته، وبين التشويه التاريخي والسياسي للقضية الفلسطينية".
هذه الإطلالة السريعة على الفرق المسرحية الوافدة إلى الكويت منذ عام 1963م - بعد صدور شروط الاستقدام، وفقاً للوثيقة المنشورة في هذه الحلقة – تفتح المجال أمام الباحثين في مسيرة المسرح الكويتي لكتابة بحوث؛ تدور حول أثر العروض المسرحية الوافدة في عروض الفرق المسرحية الأهلية في الكويت. فمن المؤكد أن العروض الوافدة بإيجابياتها وسلبياتها أثرت إيجاباً وسلباً على الفرق المسرحية الكويتية، ومن خلال هذه البحوث نستطيع أن نضع أيدينا على العروض المسرحية الوافدة المطلوبة لجمهور الكويت، والمفيدة للفرق الكويتية؛ كما أننا نستطيع أن نضع الشروط المناسبة لهذه الفرق الوافدة؛ بما يحقق الهدف من استقدامها.
وفي عام 1977م لاحظ المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت أن العروض التي تُقدم من قبل الفرق الوافدة لم تكن على المستوى المطلوب؛ لذلك أوصى المجلس – في دورته الثامنة في مايو من العام نفسه – في بنوده الخامس والسادس والسابع " بأن تراعى توافر الجودة الفنية عند السماح بتقديم العروض التي تؤديها الفرق المدعوة من أية جهة كانت للعرض في الكويت"، وكذلك مراعاة المستوى الفني لهذه العروض، وتكليف "الأمانة العامة للمجلس بأن تتولى الدعوات المنتظمة للفرق العربية والأجنبية المسرحية والفنية التي تُقدم نماذج رفيعة ومتطورة من الفنون".
ملاحظات:
بالعودة إلى نص الوثيقة المنشور في هذه الحلقة سنلاحظ أموراً لا علاقة لها بشروط استقدام الفرق الفنية الخاصة، وهي أمور جاءت وفق جدول أعمال هذا الاجتماع، وتتعلق بفرقة المسرح العربي. وتعليقاتي على بعض هذه الأمور ربما تكون مفيدة للقراء والباحثين، وربما تضيف توثيقاً جديداً إلى تاريخ المسرح في الكويت، ومنها:
1 – الوثيقة المنشورة مؤرخة في يوم 3/4/1963، وفي اليوم التالي انعقدت لجنة اختبار المتقدمين للانضمام إلى فرقة المسرح العربي في مسرح كيفان، واللجنة تكونت من: زكي طليمات، ومحمد النشمي، ومحمد همام الهاشمي. وكان المتقدمون من: مصر، والأردن، وفلسطين، والعراق. أما الكويتيون فهم: أحمد مشاري عبد الله، خالد عبد العزيز الصقعبي، عبد المحسن خلف أيوب السبعان، علي محمد الخرس، يوسف خميس.
2 – في البند الخامس – من الوثيقة - جاء الآتي: " وترى اللجنة أنه أمر مشروع أن تكافئ الوزارة الكُتّاب المسرحيين الذين تعمل (فرقة المسرح العربي) في مسرحياتهم، ولا سيما أن الوزارة قررت مبدأ تشجيع كُتّاب المسرحية الكويتية بصرف مكافأة مالية لمن يجيد الكتابة في المسرح". وحول هذا الأمر كتب طليمات خطاباً إلى وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، في 7/4/1963، قال فيه: "يسعدني أن أحيطك بأن فرقة (المسرح العربي) قدمت مسرحية كويتية الموضوع (استأرثوني وأنا حي) بقلم السيد سعد مبارك الفرج أحد أعضاء الفرقة، وهو أديب كويتي يحاول أن يكون للمسرح. وقد سبق حينما عرضت هذا الأمر على سيادتكم، وذلك في صدد تشجيع الأقلام الكويتية على الكتابة للمسرح، أن تفضلتم فوعدتم بمكافأة الكاتب السابق الذكر. ولهذا أقترح أن تتفضلوا بصرف مبلغ خمسين ديناراً بوصفه مكافأة تشجيعية تستحثه على أن يتابع الكتابة للمسرح. ويقوم هذا الاقتراح على أن التليفزيون يدفع ما يقرب من المبلغ المقترح للمسرحية التي يتجاوز مدى تمثيلها أكثر من نصف ساعة، هذا مع العلم بأن سيادته يقوم بكتابة مسرحية جديدة نقدمها في البرنامج الثالث للفرقة الذي سيطالعه الجمهور في الشهر القادم". وهذا الموقف من طليمات تجاه كُتّاب المسرح الكويتيين سأخصص له حلقة أو حلقتين - مستقبلاً – للحديث عن وثائق المسابقات الأولى للتأليف المسرحي في الكويت.
3 – في ختام الوثيقة جاء الآتي: " إن الفرقة تعمل الآن في مسرحيتين جديدتين للأستاذ توفيق الحكيم هنا (أريد هذ الرجل) و(الكنز) وستقدمها في شهر مايو بافتتاح مسرح كيفان". والجدير ذكره إن مسرحية (الكنز) لتوفيق الحكيم، مثلتها فرقة المسرح العربي في برنامجها الثاني لموسمها الثالث ابتداءً من يوم 4/4/1964، بمقر المسرح العربي بكيفان، وكانت من إخراج زكي طليمات، وتمثيل: حسين الصالح، كاظم حمد علي، مريم الغضبان، سناء عفيف، خالد النفيسي، ليلى حقي. ومن طرائف تدريبات هذه المسرحية وجود وثيقة، عبارة عن خطاب رسمي من زكي طليمات إلى مريم الغضبان - بتاريخ 1/3/1964 - قال فيه: "الآنسة مريم الغضبان .. تحية طيبة وبعد، رجاء الإفادة كتابياً عن سبب تغيبكم عن التدريبات يوم السبت 29/2/1964، بما أن تغيبكم هذا كان السبب في تعطيل تدريبات مسرحية (الكنز) والمشتركة في أحد أدوارها التمثيلية. فنرجو عدم تكرار هذا وإلا نضطر آسفين لاتخاذ اللازم قانوناً مع كل من يتأخر حيث إن التدريبات تعتبر كدوام رسمي ولا بد من المواظبة عليها. وتفضلوا بقبول الشكر". فكتبت مريم الغضبان - أسفل الخطاب - رداً، قالت فيه: "إلى حضرة المشرف الفني .. أمي كانت مريضة وأخبرت المسرح بذلك تليفونياً. واليوم عُلم لي الحضور الساعة 5، وشكراً". فكتب طليمات تأشيرة، قال فيها: "لم يتلق أحد بالمسرح هذه المكالمة التليفونية، وكان واجباً أن تؤكدها في المساء نظراً إلى أن العمل يجري لإخراج الحفلة الثانية". وهذه الوثيقة – رغم طرافتها – إلا أنها تعكس صرامة طليمات مع ممثليه، خصوصاً وأن مريم الغضبان – رحمة الله عليها – كانت عنصراً نسائياً نادراً في ذلك الوقت، وهذا يدل على أن تطبيق القواعد والقوانين في هذا الزمن كان لا يفرق بين ممثل وممثلة، ولا يفرق بين النجم وصاحب الأدوار الثانوية.
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 09-06-2012, 02:31 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي



وثائق المسرح الكويتي (الحلقة الأخيرة)
تقرير عن أول تجربة لتطوير النشاط المسرحي في الكويت عام 1963
الأستاذ الدكتور/ سيد علي إسماعيل
ــــــــــــــ
تمهيد :
في الحلقات الثلاث السابقة، عرضت بعضاً من وثائق المسرح في الكويت المتعلقة بإنشاء أول فرقة حكومية مسرحية، وهي فرقة المسرح العربي، كما عرضت وجهة نظر المشرف الفني لهذه الفرقة – زكي طليمات - في مسألة احتراف الممثلين الكويتيين. وهذه الوثائق غطت عامين من عمر الفرقة المسرحية، التي عرضت في موسمين مسرحيين .. مسرحيات: صقر قريش، وفاتها القطار، وعمارة المعلم كندوز، وابن جلا، والمنقذة، واستأرثوني وأنا حي. وبعد تكوين الفرقة ووقوفها على أرض صلبة - بناءً على تخطيط علمي سليم – وعرضها عروضاً مسرحية ناجحة في موسمين؛ كان لزاماً على المسئولين تقييم هذه التجربة تقييماً سليماً؛ للوقوف على إيجابياتها وسلبياتها في محاولة لدفع الحركة المسرحية إلى الأمام. وهذا التقييم، هو موضوع وثيقة هذه الحلقة المؤرخة في 18/6/1963م، ونصها يقول:
دولة الكويت
وزارة الشئون الاجتماعية والعمل
محضر اجتماع
بحث التقرير السنوي للأستاذ زكي طليمات
المشرف الفني، خاصاً بالتجربة الأولى التي بذلتها الوزارة
لتطوير النشاط المسرحي بالكويت، مع تخطيطات مستقبلية
ـــــــــــــــــ
المكان والزمان: مكتب السيد وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 18/6/1963 في تمام الساعة السادسة.
الحضور: الأساتذة :- حمد عيسى الرجيب زكي طليمــات
محمد عبد الله الفهد محمد همام الهاشمي
الموضوع: مناقشة التقرير السابق الذكر، في النتائج التي أسفرت عنها الجهود التي بذلت في سبيل إنشاء مسرح عربي بمفاهيم سليمة، وعلى صعيد يتفق ونهضة الكويت. والتقرير، بعد أن يرسم المراحل التي مرت بها فرقة (المسرح العربي) منذ قيامها في أكتوبر 1961 والصعوبات الحتمية التي عبرت بها، فإن التقرير ينتهي إلى أمرين :-
أولاً :-
أ - اقتراح خطة إنشائية تكفل تزويد المسرح الكويتي بوجوه جديدة تجمع إلى حسن الاستعداد سعة التثقيف والتعليم العام والخاص.
ب - تشكيل (مجلس أعلى لرعاية الفنون الجميلة وآدابها) تتولى تنظيم رعاية الدولة للفنون الجميلة، وتنسيق الجهود التي تبذلها مختلف الوزارات، والهيئات الأهلية، ابتغاء الارتقاء بالفنون الجميلة.
ج - إنجاز اقتراح إنشاء مؤسسة لفنون المسرح والموسيقى والفولكلور بحيث تنبثق من المجلس الأعلى من أجل تنسيق الجهود التي تباشرها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل في مجالات المسرح العربي والمسرح الشعبي، ومسرح التنمية الاجتماعية، وما عسى أن يستجد من هيئات فنية حديثة.
ثانياً - تدعيم (فرقة المسرح العربي) باستكمال عناصر تكوينها الإداري والحرفي وبتدارك أوجه الضعف القائمة فيها.
القرارات: وبعد مناقشة ما تقدم على أسلوب تفصيلي تقرر ما يأتي :-
أولاً : الخطة الإنشائية :-
1 - أن ينشئ (قسم) للدراسات المسرحية في نطاق مركز (رعاية الفنون الشعبية) كمرحلة تجريبية أولى، لمعرفة مدى نجاح هذه الدراسة وإقبال الشباب عليها، وكذلك إنشاء قسم للدراسات الموسيقية. وكلفت اللجنة الأستاذ زكي طليمات بوضع مشروع القسم الخاص بالدراسات المسرحية تمهيداً لمناقشته وإقراره وتولي تنفيذه. وستجري هذه الدراسات إما في (مسرح الدسمة) أو (مسرح كيفان) أو في المكان الحالي (لمركز رعاية الفنون الشعبية). هذا وستدرس الوزارة إمكانية قيام (مراقب التدريب) بديوان الموظفين، بالصرف على هاتين الدراستين، باعتبار أنهما لونان جديدان من ألوان التدريب المهني والفني.
2 - الاستمرار في الإجراءات التي اتخذتها الوزارة نحو تشكيل (المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب) والاتصال بالجهات المعنية، بعد موافقة مجلس الوزراء.
ثانياً : فرقة المسرح العربي :-
1 - إقرار تشجيع الاحتراف بالمسرح العربي تبعاً لما هو وارد في التقرير.
2 - أن يقوم الأستاذ زكي طليمات بوضع اللائحة الداخلية للمسرح العربي بعد مراجعة اللوائح المعمول بها في الفرق الحكومية بالجمهورية العربية المتحدة، بحيث تجئ اللائحة متفقة وملابسات البيئة المسرحية الكويتية وهي اللائحة التي تحدد مسئوليات أعضاء الفرقة إزاء الوزارة وبالعكس كما تعمل على تطبيق النظام وتحقيق المنهج المرسوم.
3 - اتخاذ كل ما من شأنه نحو استحثاث الشباب الكويتي، من الأعضاء المحترفين بالفرقة ومن غيرهم، لتولي الوظائف الإدارية والحرفية بالفرقة حتى تستكمل عنصراً من عناصر كيانها الذاتي بوجوه كويتية، لا سيما وأن الوزارة تتولي الآن الإشراف على (مسرح كيفان) ثم (مسرح الدسمة) وهي في مسيس الحاجة إلى إداريين وحرفيين يجب أن يكون أكثرهم من الشباب الكويتي.
4 - الموافقة على تجديد عقود الهيئة الفنية والإدارية بالمسرح العربي وهم:-
- ونيس منصور .. للإدارة والمساعدات الفنية.
- محمد صادق .. الحركة المسرحية.
- إبراهيم عثمان .. تركيب المناظر وميكانيست.
- محمود نصير .. الإضاءة المسرحية.
- محمد عبد الحميد .. فنان تخطيط الوجه.
وقبول الطلبات المقدمة من السيد/ محمد صفوت (الملقن) والسيد/ عصمت خليل (بمسرح التنمية الاجتماعية) والسيدتين زوزو حمدي الحكيم وجيهان رمزي، بشأن الرغبة في عدم تجديد عقد كل منهما ابتداء من أول أكتوبر سنة 1963. وتكليف الأستاذ زكي طليمات البحث عن غيرهما والتعاقد معهما ومع فنانين للتدريب والإخراج في مسرح التنمية الاجتماعية.
5 - الأخذ بنظام (ضيفات الشرف) للعنصر النسائي بالفرقة، وهو يقوم على التعاقد مع الممثلات الأولى اللواتي سيخترن تبعاً للمسرحيات التي يتقرر تقديمها في الموسم القادم، على أن يكون التعاقد لمدة شهر ونصف شهر في أقصاه وبمكافأة مقطوعة على أن تتعهد الوزارة بأجرة السفر والإقامة والانتقال.
6 - يرجأ اقتراح دعوة بعض كبار كتاب المسرحية واستضافتهم لمدة شهرين أو ثلاثة، بأمل أن يسجلوا انطباعاتهم عن الحياة الكويتية في مسرحيات يكتبونها. يرجأ هذا الاقتراح إلى معرفة عما تسفر عنه مباراة التأليف المسرحي التي أعلنت عنها الوزارة.
7 - إرجاء تعيين (مشرف) على مسرحي كيفان والدسمة، إلى العام المقبل حتى يتضح سير العمل في المسرحين السابقين، على أن يتوافر في هذا (المشرف) صفات الأخصائي الذي سبق أن مارس العمل في هذه الناحية.
8 - إقرار ما سبق قررته اللجنة التي شكلت بتاريخ 3/4/1963 برئاسة السيد الوكيل المساعد، لتقرير مكافآت مالية للكتاب الذين (تقدم فرقة المسرح العربي) مسرحيات لهم. وتتلخص القرارات فيما يلي خاصة برسم المكافآت:-
500 ديناراً للمسرحية الكبيرة التي لم يسبق تقديمها في مسارح القاهرة.
250 ديناراً للمسرحية الكبيرة التي سبق أن قدمتها مسارح القاهرة.
150 ديناراً للمسرحية ذات الفصل الواحد التي لم يسبق تقديمها بمسارح القاهرة.
75 ديناراً للمسرحية ذات الفصل الواحد التي سبق تقديمها بمسارح القاهرة.
وبناء على هذا التقرير يجري صرف المبالغ الآتية إلى الأستاذين :-
محمود تيمور : لمسرحية صقر قريش (جديدة) 500 دينار
لمسرحية ابن جلا (قديمة) 250 دينار
لمسرحية المنقذة (جديدة) 150 دينار
900 دينار
توفيق الحكيم :
لمسرحية أريد أن أقتل (قديمة) 75 دينار
لمسرحية المعلم كندوز (قديمة) 75 دينار
150 دينار
وصرف هذه المكافآت يتفق وما سبق أن قررت الوزارة من حيث تشجيع المسرحية الكويتية، بصرف مكافآت مالية لمن يجيد الكتابة في المسرح، كما أن رعاية دولة الكويت للتأليف المسرحي العربي عامة وفي أقطار الشرق العربي أمر له دلالة على رغبة الكويت الصاعد في أن تكون له مشاركة إيجابية في الارتقاء بالفن والأدب في أرض العروبة.
(وانتهى اجتماع اللجنة حيث كانت الساعة 8,45 مساءً)
إمضاءات
زكي طليمات .. محمد همام الهاشمي .. محمد عبد الله الفهد .. حمد عيسى الرجيب
تحليل الوثيقة :
وثيقة هذه الحلقة تحمل أهمية تاريخية كبيرة في مجال المسرح الكويتي، فهي دليل على أن المسئولين كانوا يقييمون أعمالهم كل فترة زمنية؛ من أجل التجويد والتطوير وتصحيح الأخطاء، أو تجنبها؛ فبعد مرور عامين على إنشاء فرقة المسرح العربي وعرضها لست مسرحيات، كان لابد من تقييم عملها إدارياً وفنياً، من أجل تطويرها واستمرارها على أسس منهجية سليمة. وربما يظن القارئ أن هذه الوثيقة مجرد ورقة مكتوبة من قبل إحدى لجان الوزارة، وما فيها مجرد كلام لم يُطبق على أرض الواقع! وهذا الظن سيتلاشى من فكر القارئ عندما يقرأ تحليلي لبعض بنود هذه الوثيقة، ومنها :
1 – أن اللجنة اقترحت تزويد (المسرح الكويتي) بوجوه جديدة. والحق يُقال فإن الوجوه الجديدة توافدت على فرقة المسرح العربي بكثرة؛ وسأتوقف عند وجهين بعينهما، لما لهما من أهمية تاريخية خاصة. الوجه الأول هو (أحمد عبد العزيز الجار الله)، وقد أشرت إليه في الحلقة الأولى إشارة عابرة بوصفه أحد الهواة المتقدمين للانضمام إلى فرقة المسرح العربي في بدايتها، ظناً مني أن الاسم لا علاقة له باسم الكاتب السياسي الكبير (أحمد الجار الله) عميد الصحافة الكويتية، ورئيس تحرير جريدة (السياسة) الكويتية. وعندما عُدت إلى الوثائق وأمعنت فيها النظر وجدت طلب التحاق الجار الله بالفرقة كان مصحوباً بصورته الشخصية، التي أكدت لي أن الفنان المسرحي (أحمد عبد العزيز الجار الله) الذي التحق بفرقة المسرح العربي في عهدها الأول عام 1961، هو الكاتب الكبير وعميد الصحافة الكويتية (أحمد الجار الله). وهكذا أضافت الوثائق تاريخاً فنياً مجهولاً لأحمد الجار الله، بجانب تاريخه الصحافي والسياسي. والوثائق التي بين يدي تبين أن الجار الله – أمين عام المخازن عام 1961 - التحق بفرقة المسرح العربي مع رعيلها الأول، وكان مستواه الفني – وفقاً للاختبارات الفنية – (فوق المتوسط)، وقد مثّل بالفعل أدواراً بسيطة في عروض الفرقة في موسمها الأول، لا سيما عرض مسرحية (صقر قريش).
أما الوجه الآخر فهو للفنانة القديرة المرحومة (طيبة عبد الله الفرج) – زوجة الفنان القدير جاسم النبهان - التي تُجمع المراجع والمصادر على أنها التحقت بفرقة المسرح الشعبي عام 1963. والجديد في الأمر – وفقاً لوثيقة تاريخية مهمة – أنها التحقت في هذا العام بفرقة المسرح العربي، لا بفرقة المسرح الشعبي! والوثيقة عبارة عن طلب رسمي قدمه والد الفنانة (عبد الله الفرج) إلى زكي طليمات بتاريخ 9/11/1963، قال فيه: "حضرة الأستاذ المشرف الفني العام، بعد التحية ومزيد الاحترام، أوافق بموجب هذا على اشتراك ابنتي الآنسة طيبة عبد الله الفرج كممثلة بالمسرح العربي، وهذا إقرار وموافقة مني بذلك". وأسفل هذا الإقرار كتب زكي طليمات تأشيرة لحمد الرجيب قال فيها: "السيد المحترم وكيل وزارة الشئون الاجتماعية، رجاء الموافقة، هذا مع العلم بأن الآنسة المذكورة كويتية خالصة، وقد حضرت مع والدها السيد عبد الله الفرج، وتقبلوا مزيد الاحترام". كما أشرّ طليمات أعلى الإقرار قائلاً: "يُنشئ ملف باسم (طلبات نسائية للالتحاق بالمسرح العربي)". وعلى الرغم من الحقيقة الرسمية المدونة في هذه الوثيقة، التي تثبت أن طيبة الفرج ممثلة بفرقة المسرح العربي، إلا أن ظهورها الأول كان ضمن فرقة المسرح الشعبي في مسرحية (سكانه مرته)، التي عرضت بمسرح كيفان في يناير 1964، وقامت طيبة الفرج بدور البنت الكبرى (شريفة)، كما قامت بدور (أم ناصر) في مسرحية (غلط يا ناس) للمسرح الشعبي أيضاً في يونية 1964، وفي نوفمبر من العام نفسه نجدها تقوم بدور (الخالة) في مسرحية (حظها يكسر الصخر) لفرقة المسرح الكويتي، التي مثلت لها أيضاً في مارس 1965 مسرحية (بقيتها طرب صارت نشب) وقامت بدور (أم صقر). وهكذا نجد طيبة الفرج تلتحق بفرقة المسرح العربي، ثم تنتقل إلى الشعبي، ثم إلى الكويتي في غضون عدة أشهر. وتفسير هذا الأمر – من وجهة نظري – يرجع إلى قلة العنصر النسائي في فترة بدايات المسرح الكويتي، وهذه القلة جعلت العناصر النسائية المحدودة تنتقل من فرقة إلى أخرى بغض النظر عن تبعية الممثلة إلى فرقة معينة.
2 – بإعادة النظر في الموضوع السابق، خصوصاً في العبارة الواردة في الوثيقة بأن اللجنة تقترح تزويد (المسرح الكويتي) بوجوه جديدة تجمع بين الموهبة الفنية وبين التعليم والثقافة؛ لاحظت عبارة (المسرح الكويتي) جاءت عامة؛ أي أن اللجنة لم تُقصر الأمر على فرقة المسرح العربي وحدها، بل عممت الأمر ليشمل كذلك فرقة المسرح الشعبي، ومسرح التنمية الاجتماعية، والمسرح المدرسي أو التوجيهي، والمسرح العسكري، وأخيراً فرقة مسرح الخليج العربي التي أُشهرت يوم 13/5/1963، أي قبل صدور هذه الوثيقة بأقلّ من شهر. وهذا الأمر يعني أن المسئولين لم يفرقوا بين الفرق المسرحية الكويتية في هذا الوقت، كما هو شائع – حتى الآن - بأن المسئولين ميّزوا فرقة المسرح العربي عن باقي الفرق المسرحية في تلك الفترة. كما أن هذا الأمر يعكس مدى اهتمام المسئولين بتثقيف وتعليم وتدريب الممثلين مع بداية النهضة المسرحية الكويتية، وهذا التثقيف لم يقتصر على عقد ندوات أو محاضرات أو ورش تدريبية؛ بل ظهر عملاقاً في صورة دراسة منتظمة تحت مُسمى (مركز الدراسات المسرحية) عام 1964، الذي اتسع واستمر فأصبح (معهد الدراسات المسرحية) عام 1969، ثم تطور وارتقى فأصبح (المعهد العالي للفنون المسرحية) عام 1973، الذي مازال يؤدي رسالته الفنية عبر منطقة الخليج العربي، ويمدّ المسرح العربي والخليجي بعناصر فنية مُميّزة. ومن يرغب في معرفة المزيد عن هذا المعهد – أو هذا الصرح الفني الخليجي - يستطيع قراءة كتاب (تاريخ المعهد المسرحي بدولة الكويت) المنشور في الكويت عام 1999م.
3 – سيلاحظ القارئ أن الوثيقة تتحدث عن إجراءات سوف تتم لتشكيل (المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب). وهذا الأمر يُعد كشفاً تاريخياً في وقتنا الراهن؛ لأن هذا المجلس هو الأساس الذي بُنيّ عليه إنشاء (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب) عام 1973 في الكويت. والوثائق تقول إن صاحب هذا الاقتراح (زكي طليمات)، الذي تقدم – إلى وكيل الوزارة حمد الرجيب - بمذكرة تفسيرية بتاريخ 8/5/1963، بخصوص تشكيل مجلس أعلى لرعاية الفنون الجميلة والآداب، يتبع رئاسة مجلس الوزراء مباشرة. وما جاء في هذه المذكرة كان الأساس النظري لإنشاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
4 – جاء في الوثيقة اقتراح بإنشاء مؤسسة لفنون المسرح، تتبع المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب. وهذا الاقتراح تمّ بالفعل، عندما كتب زكي طليمات مذكرة تفسيرية بتاريخ 8/2/1964 بخصوص إنشاء مؤسسة المسرح والفنون الشعبية، وهي مؤسسة تشرف على: مركز الدراسات المسرحية، وقسم الفنون الشعبية، ودور التمثيل، وفرقة المسرح العربي، والمكتبة المسرحية، ومسابقات التأليف المسرحي، وتوجيه فرق الهواة، وذلك وفقاً لما جاء في نص المذكرة. وهذه المؤسسة خرجت إلى النور بالفعل عام 1964، وكان (زكي طليمات) المشرف العام عليها. وهذه المؤسسة مازالت تعمل حتى وقتنا الراهن تحت مُسمى (إدارة المسارح)، وتشرف عليها الأستاذة كاملة العياد، مع نخبة من رموز الإدارة المسرحية الكويتية، أمثال: حمد الرقعي، وجابر العنزي، وفالح المطيري.
4 – من المعروف أن العنصر البشري العربي – لا سيما المصري - أسهم كثيراً في بدايات نشاط المسرح في الكويت، وهذه الوثيقة تثبت أن المسئولين أرادوا تكويت الأمور الإدارية والفنية في المسرح الكويتي منذ نشأته نشأة منهجية. فبعد مرور عامين فقط على إنشاء فرقة المسرح العربي، وعرضها ست مسرحيات، بدأ العمل في تكويت إدارتها. وبناء على الوثائق التي بين يدي، أقول إن زكي طليمات كافح كفاحاً كبيراً في سبيل تكويت الفرقة إدارياً وفنياً، فبين يدي وثيقة مؤرخة في 22/2/1964، عبارة عن خطاب أرسله زكي طليمات - المشرف الفني العام - إلى مدير الشئون الإدارية والمالية بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، قال فيه: "فيسعدني أن أعيد إلى سيادتكم تسعة تقارير سرية تخص موظفي فرقة المسرح العربي عن عام 1963 مع ملاحظة: أولاً- هؤلاء التسعة ليسوا موظفين بالمسرح العربي بالمعنى الكامل لأن ستة منهم رفضوا أن يساهموا في تصريف الشئون الإدارية الخاصة بالفرقة كما رفضوا تعلم أية حرفة من الحرف المسرحية مع أنهم يأخذون مرتباتهم كموظفين بالوزارة، وليسوا كممثلين بالفرقة. أما مكافآتهم عن عملهم ممثلين بالفرقة، فقد قدرت الوزارة لكل منهم عشرين ديناراً في الشهر. ثانياً- تقدير كفاية هؤلاء الموظفين جرى تبعاً لكفايتهم الفنية فيما عدا حسين الصالح، وخالد النفيسي، وجعفر مراد علي المؤمن، فقد جرى التقدير تبعاً لما يبديه كل منهم في الناحية الفنية والناحية الإدارية". وهناك وثائق أخرى تثبت أن زكي طليمات نجح أخيراً في تكويت إدارة الفرقة، بل وقدم مذكرة بضرورة الاكتفاء الذاتي في 8/2/1964، وفيها نجد جعفر المؤمن قام بالأعمال الكتابية، والمكتبة أدارها خالد النفيسي، كما تقلد حسين الصالح وظيفة المشرف الإداري لمسرح كيفان. والملاحظ – وفقاً للوثائق التي بين يدي - أن حسين الصالح كان المثل المُحتذى في عملية التكويت؛ ففي يوم 12/10/1963، أرسل زكي طليمات خطاباً إلى وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، قال فيه: "فإلحاقاً لحديثنا بشأن تنظيم إدارة (مسرح كيفان) بعد أن فتح أبوابه واستقبل مهامه، ثم لدعوتي إلى أن تكون نواة الإدارة فيه من الشباب الكويتي تمهيداً للاكتفاء الذاتي في قطاع المسرح الكويتي، يسعدني بأن أحيطك بأن السيد (حسين الصالح) عضو فرقة المسرح العربي قد استجاب إلى هذه الدعوة، وأمضى أكثر من شهر من الزمن متمرساً بأعمال الإشراف الإداري في المسرح المذكور. لهذا أرجو الموافقة على أن يتولى السيد المذكور أمر (الإشراف الإداري) في هذا المسرح، وذلك نظير المكافأة الإضافية التي يأخذها من الوزارة وقدرها 20 ديناراً كويتياً بوصفه عضواً محترفاً بالمسرح العربي. هذا مع العلم بأن هذا التكليف لن يسقط عن سيادته صفة الممثل عضو الفرقة ولا يقف حائلاً دون تحقيق رغبته الخاصة في أن يدرس الإخراج المسرحي إلى جانبي كلما سمح الوقت له بذلك. وسأضع بياناً له بأعماله في المسرح المذكور ليكون مفيداً بإنجازها". وبخصوص دراسة حسين الصالح للإخراج المسرحي على يد طليمات، فيؤكد هذا الأمر خطاب طليمات إلى الوكيل المساعد للشئون الفنية يوم 23/11/1971، وجاء فيه: "... بشأن العمل على إعداد نفر من الفنانين الكويتيين ليسهموا بجهودهم في سير الدراسة بالمعهد [أي معهد الدراسات المسرحية] على أن يتولى إدارته من يبدي صلاحية لهذه المهمة. يسعدني أن أحيطكم بأنني لم أتلق منهم حتى الآن غير السيد/ عبد الله صالح الفحيلان الذي يعمل حالياً بالتليفزيون في ركن الصحافة، ولم يتوافر، بعد، بكل وقته على تدريس (مادة الثقافة المسرحية) وهي المادة التي أعده لكي يتولى أمرها في منهج الدراسة بالمعهد. وفوق هذا، فإن إعداد فنان كويتي واحد، لا يحقق الغرض الذي ننشده، لتكويت الإدارة والدراسة بالمعهد، ولا بد من أن يشمل هذه التهيئة أكثر من واحد. ومعلوم أن أول ما يجب أن يتوافر في هذا الفنان، هو أن يكون محباً للمسرح ومما عملوا فيه وأبلوا وخرجوا بتجارب شخصية فيه. ونظراً إلى أنه قد حان الوقت لأن يكون بين فروع مادة (الإلقاء والتمثيل) فرع خاص بالأداء التمثيلي باللهجة الكويتية باعتبار أن هذه اللهجة تؤلف الحوار في جميع المسرحيات التي تقدمها الفرق التمثيلية العاملة بالكويت. ونظراً إلى أنه من المتعذر تماماً على غير الكويتيين أن ينهضوا بهذه المهمة. لهذا أرجو الموافقة على أن يتولى تدريس هذه المادة الأستاذ/ حسين الصالح، وهو من خيرة الممثلين الكويتيين وأكفأهم، كما هو أنبه من يتولى الإخراج المسرحي بالكويت بعد أن درسه على يدي".
5 – جاء في الوثيقة أن اللجنة كلفت زكي طليمات بوضع اللائحة الداخلية لفرقة المسرح العربي؛ بحيث تكون تكويتاً للوائح الفرق المسرحية الحكومية المصرية. وهذه اللائحة وضعها بالفعل طليمات في 15/6/1964، وعُرفت فيما بعد باسم (النظام الأساسي)، وهذا النظام كان مثالياً سارت عليه فرق وجمعيات وأندية كثيرة، وفقاً لما بين يدي من الوثائق. فعلى سبيل المثال كتب الأستاذ أحمد الشاهين - أمين سر فرقة المسرح الكويتي - خطاباً إلى فرقة المسرح العربي في 9/6/1969، يطلب فيه تزويده بنسخة من هذا النظام كي تستفيد الفرقة منه. وفي 26/5/1975 كتب سعدون محمد الجاسم، وكيل وزارة الإعلام، خطاباً إلى فرقة المسرح العربي يطلب فيه نسخة من النظام الأساسي أيضاً، لأن بعض الدول العربية تطلبه. وفي 10/9/1988 كتبت صبيحة العبد الله الأحمد الصباح، رئيسة مجلس إدارة نادي الفتاة، خطاباً إلى فرقة المسرح العربي، تطلب هذا النظام، من أجل تعديل نظام النادي.
6 – جاء في الوثيقة الحديث عن نظام (ضيفات الشرف)، وهو نظام اتبعه المسئولون – في تلك الفترة – لمعالجة النقص الكبير في العنصر النسائي. ففي هذه الفترة لم يكن من الممثلات في فرقة المسرح العربي سوى مريم الصالح ومريم الغضبان! ونظام ضيفات الشرف، يعني استقدام ممثلة مصرية لتقوم ببطولة إحدى مسرحيات فرقة المسرح العربي، ويكون استقدامها لمدة شهر ونصف تقريباً، وهذا النظام كما جاء في الوثائق "يجذب الجماهير إلى حفلات الفرقة، ويكسبها طابعاً من الجدية والنزعة إلى التجديد". وفي الوثائق التي بين يدي، وثيقة مؤرخة في 19/9/1963 تقول إن ضيفات الشرف ثلاث: نعيمة وصفي، وسناء جميل، وعائدة عبد الجواد. وبالنسبة لنعيمة وصفي فقد حضرت إلى الكويت بالفعل ومثلت مسرحية (أبو دلامة) لعلي أحمد باكثير يوم 30/11/1963. أما (سناء جميل) و(عائدة عبد الجواد)، فكان مقرر للأولى القيام ببطولة مسرحية (مريض الوهم) لموليير؛ ومقرر للثانية القيام ببطولة مسرحية (مأساة جميلة) لعبد الرحمن الشرقاوي؛ والتاريخ يقول إن فرقة المسرح العربي لم تمثل هاتين المسرحيتين، ولم تحضر إلى الكويت سناء جميل أو عائدة عبد الجواد في هذه الفترة. وهذا يعني أن نظام (ضيفات الشرف) لم ينجح كما كان يأمل المسئولون؛ لذلك فكرّ زكي طليمات في بديل منطقي أوضحه في خطاب رسمي إلى (حمد الرجيب) - وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل - في 19/10/1963، يحقق الاكتفاء الذاتي لفرقة المسرح العربي من العنصر النسائي، وذلك بالاستعانة ببعض الممثلات المقيمات في الكويت، أمثال: أسمهان توفيق عبد الرحمن، وإنعام محمد علي، ونعمت محمود. ويوضح طليمات فكرته هذه بقوله: " الاثنتان الأولتان فلسطينيات وتقمن في الكويت منذ تسع سنوات، ويتكلمن اللهجة الكويتية بطلاقة تيسر لهن أن يعملن في مسرحيات كويتية. والأخيرة السيدة (نعمت محمود) فهي سيدة مصرية جاءت أخيراً إلى الكويت لتقيم فيها بعد زواجها من سيد لبناني، وبعد أن قطعت عملها ممثلة (بفرقة النهضة) وهي إحدى فرق مسرح التليفزيون بالقاهرة". وهذا التنوع في فكر المسئولين، يعكس مدى اهتمامهم بحل المشاكل المتعلقة بالمسرح، وذلك بطرح الحلول وتجريب الأفكار على أرض الواقع.
7 – تتحدث الوثيقة عن " اقتراح دعوة بعض كبار كُتّاب المسرحية واستضافتهم لمدة شهرين أو ثلاثة، بأمل أن يسجلوا انطباعاتهم عن الحياة الكويتية في مسرحيات يكتبونها". وعلى الرغم من إرجاء هذا الاقتراح وقتئذ؛ إلا أنه يعكس منهج التفكير العملي لدى مسئولي المسرح في الكويت، ولو تحقق هذا الاقتراح لرأت الكويت – في تلك الفترة – أعلام الكتابة المسرحية أمثال: توفيق الحكيم، ومحمود تيمور، وعلي أحمد باكثير، وقرأنا وشاهدنا على أيديهم أول مسرحيات عربية تعالج مظاهر الحياة الكويتية والخليجية! والسبب في إرجاء تنفيذ هذا الاقتراح أمران: الأول انتظار نتيجة مسابقة التأليف المسرحي التي أُعلن عنها في فبراير 1963، وهذا الانتظار أسفر عن ظهور كُتّاب المسرح من الكويتيين، أمثال: عبد العزيز السريع ومسرحيته (عنده شهادة)، وحسن يعقوب العلي و مسرحيته (أشرق الفجر)، وجعفر المؤمن ومسرحيته (موعد مع عزرائيل). أما السبب الآخر في إرجاء الاقتراح السابق؛ فكان التفكير في اتباع أسلوب تكويت المسرحيات العربية، وهذا الأمر منصوص عليه في وثيقة مؤرخة في 19/9/1963، جاء فيها الحديث عن قيام (عبد الرحمن الضويحي) بإعداد مسرحيات (طارق الأندلس) لمحمود تيمور، و(الكنز) لتوفيق الحكيم، و(آدم وحواء) لفتوح نشاطي، و(عفريت مراتي) لسليمان نجيب - وذلك لفرقة المسرح العربي - بعد (تكويتها) أي كتابتها باللهجة الكويتية.
هكذا انتهى حديثي عن الوثيقة الرابعة، التي تُمثل نهاية المرحلة الأولى في تاريخ بدايات المسرح الكويتي وفقاً لمنهج علمي مدروس، تلك المرحلة الذي بذل فيها زكي طليمات جهداً فنياً وإدارياً خارقاً، استطاع فيها تكوين فرقة مسرحية، ووضع أساس نهضة مسرحية كويتية مازالت تؤتي ثمارها حتى وقتنا الراهن.
خاتمة المرحلة الأولى:
هذه الحلقة هي الأخيرة بالنسبة للنشر في مجلة (كواليس)، وهي خاتمة وثائق المرحلة الأولى، التي تشتمثل على أربع وثائق أساسية تتضمن عشرات الوثائق الفرعية. أما المراحل الأخرى المتبقية فتشتمل على خمس وعشرين وثيقة أساسية ومئات الوثائق الفرعية، ويُمكن نشرها في خمس وعشرين حلقة من حلقات مجلة كواليس، وهو عدد كبير أشفق على قارئ المجلة من تتبعه، حتى لا يُصاب بالملل، خصوصاً وأنني أقوم بإعادة النظر في هذه الوثائق، وكذلك في الحلقات المنشورة، من أجل تجميع كل ما يتعلق بهذه الوثائق أملاً في نشرها في مجلد ضخم يليق بريادة الكويت للمسرح الخليجي، بحيث يكون هذا المجلد أهم مرجع يتحدث عن المسرح في الكويت: وثائقياً، وتاريخياً، وفنياً، خصوصاً وأن الوثائق تغطي فترة تأسيس المسرح في الكويت من عام 1961 إلى 1971.
سلسلة المسرح العربي المجهول:
على الرغم من أن هذه الحلقة هي آخر حلقات سلسلة (وثائق المسرح الكويتي) المنشورة في مجلة (كواليس)؛ إلا أن إدارة المجلة طلبت مني سرعة التفكير في كتابة سلسلة أخرى من أربع حلقات في موضوع مسرحي جديد. وبعد التفكير قررت أن أكتب السلسلة الجديدة تحت عنوان (المسرح العربي المجهول)! أي الكتابة عن عروض – أو نصوص – مسرحية عربية بصورة غير مسبوقة، شريطة أن يكون العمل مرّ عليه ما يقرب من القرن (مائة 100 سنة)!! وبذلك يكتسب الموضوع أهميته التاريخية وقيمته الفنية. فإلى اللقاء في أولى حلقات (المسرح العربي المجهول)!!
=======
http://kenanaonline.com/users/sayed-esmail/tags/102006/posts#http://kenanaonline.com/users/sayed-esmail/posts/155574
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 14-06-2012, 11:19 AM
الصورة الرمزية Ebrahim
Ebrahim Ebrahim غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: دولة الكويت
المشاركات: 242
افتراضي

الشكر للة وللاخوان الذين اثرو و اثارو موضوع الحركة المسرحية فى الكويت
فى خلال العام المنصرم ضهر هنالك فنانين اتمنى لهم التقدم والازدهار و اتنمى من كل قلبى ان يكون
احد يتبناهم ويصقل مواهبهم ولا هانو بعض الفنانين الشكر لكم والسموحة على التعبير
وشكرا لكم
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 03-10-2013, 05:08 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي



أوراق منسية تحمل توقيع المسرح العسكري الكويتي
د. سيد علي إسماعيل
ـــــــ

كانت مفاجأة كبيرة، عندما قرأت معلومة عابرة عن وجود مسرح عسكري يتبع وزارة الحربية في دولة الكويت!! الغريب أن المعلومة جاءت في وثيقة مؤرخة بعام 1963!! والأغرب أنها معلومة مجهولة!! فهذا المسرح لم نسمع عنه من قبل، ولم نقرأ شيئاً عنه في الكتب، التي أرخت أو وثقت للمسرح الكويتي!! والوثيقة – التي جاءت فيها هذه المعلومة – مفاجأة في حد ذاتها، حيث إنها وثيقة كتبها الأستاذ زكي طليمات لمشروع تشكيل (المجلس الأعلى لرعاية الفنون الجميلة والأدب)، الذي ظهر فيما بعد باسم (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت)، وهذه الوثيقة غير منشورة، وربما نخصص لها مقالة مستقلة فيما بعد، لما بها من معلومات مهمة في تاريخ الثقافة الكويتية.

وثيقة طليمات
وثيقة زكي طليمات مؤرخة في يوم 8/5/1963، ومعنونة بـ (مذكرة تفسيرية بخصوص تشكيل المجلس الأعلى لرعاية الفنون الجميلة والأدب يتبع مجلس الوزراء مباشرة)، وهي عبارة عن ثلاث صفحات، جاءت فيها هذه العبارة: " إن فن التمثيل يؤلف نشاطاً في عدة وزارات في وقت واحد، ولكل وزارة شعبة فيه. فوزارة التربية والتعليم تشرف على المسرح المدرسي، وعلى الموسيقى، وعلى الأناشيد، وذلك في نطاق مدرسي ضيق، باعتبار أنها رياضة فنية يباشرها الطلبة في أوقات الفراغ كما يباشرون الألعاب الرياضية. وكذلك الحال في الفنون التشكيلية من رسم وزخرفة وتصوير. ووزارة الشئون الاجتماعية والعمل تنهض بأعباء فرقتي (المسرح العربي) و(المسرح الشعبي) كما تجري تدعيم مسرح للتوعية الاجتماعية في مراكز تنمية المجتمع .. وتُعنى في الوقت نفسه بفنون الفولكلور الشعبية وتحاول تطويرها بعد أن أنشأت لها مركزاً يجمع أشتاتها ويجري تبويبها وتنظيمها. ووزارة الإرشاد والأنباء تتولى أمر الإذاعة والتلفزيون، وتمهد لأن تجعل الفن السينمائي من شغلها .. وهذه كلها فنون يعتبر فن التمثيل أباً شرعياً لها. ولوزارة الحربية، فوق ما تقدم، مسرح عسكري يقوم بمهمة التوعية الوطنية وبالترفيه". إذن هذه الوثيقة، تثبت بلا شك أن المسرح العسكري، كان موجوداً في الكويت عام 1963، ويتبع وزارة الحربية، وكان هدفه التوعية الوطنية والترفيه!!

البحث عن المجهول
حاولت جاهداً أن أجد معلومات عن المسرح العسكري – الذي جاء في وثيقة طليمات - في أغلب الكتب المسرحية التي أرخت ووثقت للحركة المسرحية في الكويت؛ ولكني بكل أسف فشلت!! فلم أجد مفراً من البحث والتنقيب في الصحف والمجلات (الدوريات)، التي كانت تصدر في الكويت في هذه الفترة، لعلني أجد ما أبحث عنه .. وبالفعل وجدت نوعاً من الفن العسكري، يقترب في أعماله من المسرح العسكري، الذي أبحث عنه!!
في أوائل الستينيات صدرت في الكويت مجلة (حماة الوطن)، وهي مجلة متخصصة في شئون الجيش والقوات المسلحة، وفقاً لما جاء في ترويسة الغلاف بأنها (مجلة الجيش والقوات المسلحة). وفي عددها التاسع عشر الصادر في 15/4/1962، نشر محمد الإمام أول مقالة تتعلق بموضوعنا، تحت عنوان (المسرح العسكري .. ضرورة عسكرية). والمقالة عبارة عن تعريف وافٍ بهذا المسرح الذي يقدمه العسكريون للعسكريين، وقد عرّج الكاتب إلى توضيح أن الأعمال الفنية المقدمة في هذا المسرح، تكون ذات طابع خاص وفقاً لمن يقدمه من العسكريين، ووفقاً لمن يتلقيه من العسكريين أيضاً. وتُعد الأعمال التاريخية خير معين لاستلهام الموضوعات الخاصة بالمسرح العسكري، وكذلك الأعمال الكوميدية المتصلة بحياة العسكريين الاجتماعية.
ويضرب الكاتب (محمد الإمام) مثلاً لهذا قائلاً: "إذا أردت مثلاً أن أنقل من التاريخ حياة الإسكندر الأكبر وفتوحاته لعرضها على المسرح الجماهيري فأنا لا آخذ من هذا التاريخ سوى الناحية القصصية. أما إذا عرضتها على المسرح العسكري فإني آخذ منها الناحية العسكرية أي شخصية الإسكندر كقائد، صلته بضباطه وجنوده، الأسباب التي دفعته إلى شن الحروب، فن التكتيك العسكري عنده، أخطاؤه في الميدان وانطباعها على حياته الخاصة أو العكس وإلى غير ذلك في نفس المخطط ... ويخيل إليّ أن شخصيات مسرحية كهذه لا يستطيع أن يقوم بها – في صدق وثقة – مثل الممثل العسكري ذي الموهبة والاستعداد ولو بقدر محدود". ثم يوضح الكاتب في مقالته: أن من أغراض المسرح العسكري الترفيه عن الجنود في أوقات الحروب، أو بين التدريبات العسكرية الشاقة، وهذا الجانب يتعلق بالأعمال الكوميدية. وينتهي الكاتب بخلاصة مفادها أن الأعمال التاريخية يكون هدفها تثقف الجندي، أما الأعمال الكوميدية فهدفها الترفيه عنه.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا نُشرت هذه المقالة في الكويت في هذا التوقيت في مجلة الجيش والقوات المسلحة، والكويت لم يكن بها أصلاً مسرح عسكري؟!! ولو كان هذا المسرح موجوداً لكان الكاتب تطرق إليه وإلى نشاطه الفني، وأتى بنماذج منه .. إلخ!! وفي ظني أن مشروع المسرح العسكري في الكويت – ربما في هذا التوقيت – كان فكرة مثارة في وزارة الداخلية، أو في المحيط الثقافي، لا سيما وأن نهضة الكويت بدأت في السنوات الأولى من الستينيات، وهذه الفكرة وصلت إلى الكاتب بصورة من الصور، فأراد أن يحث المسئولين على تبنيها؛ فكتب هذه المقالة، التي تعد أولى الكتابات المنشورة عن المسرح العسكري في الكويت.

فريق الجيش للتمثيل
بناءً على ما سبق، سنجد أن النشاط الفني في الجيش الكويتي ظهر وتألق فيما بين إبريل 1962 تاريخ نشر المقالة بمجلة (حماة الوطن)، التي تؤكد عدم وجود المسرح العسكري في الكويت في هذا التاريخ، وبين مايو 1963 تاريخ وثيقة زكي طليمات، التي تؤكد وجود المسرح العسكري في الكويت!! وبهذا التحديد الزمني، وجدت مقالة منشورة - في العدد الخمسين من جريدة (صوت الخليج) الصادرة في الكويت بتاريخ 25/4/1963 – تؤكد ظهور بوادر هذا المسرح – أو بوادر النشاط الفني في الجيش الكويتي - والمقالة المنشورة معنونة بـ (فريق الجيش للتمثيل نواة المسرح العسكري)! وبالرغم من صغر حجم المقالة، إلا أن بها معلومات تبين هوية هذا الفن وأبطاله، وتوثق لهذا المسرح العسكري المجهول! ومن أهم المعلومات المنشورة: أن نواة المسرح العسكري تمثلت في (فريق الجيش للتمثيل)، وهذا الفريق يتبع الفرع الثقافي العسكري، وأن المسئولين يدعمونه بقوة من أجل تحقيق رسالته الوطنية والفنية، وأن هذا الفريق هو نواة تشكيل المسرح العسكري المرتقب، و(أبو جسوم) هو النجم الأول للفريق، أي (بطل الفرقة التمثيلية). كما جاءت المقالة بمعلومات أخرى تبين أن هذا الفريق يقدم أعمالاً درامية إذاعية، وأنه سيقدم – مستقبلاً – أعمالاً تليفزيونية، وكل هذا تمهيداً لظهور المسرح العسكري المرتقب.

شخصية أبو جسوم
ولأن أبا جسوم النجم الأول للفريق، فقد نشرت له مجلة (دنيا العروبة) الكويتية حواراً في عددها الثالث والأربعين بتاريخ 21/12/1963، حيث تحدث – أبو جسوم في هذا الحوار - عن هذا النشاط العسكري الفني، وأضاف إلى ما سبق من معلومات، معلومات أخرى توثيقية مهمة، منها: أنه كان صاحب فكرة تقديم برنامج إذاعي للجيش والقوات المسلحة في الكويت، عندما تقدم بهذه الفكرة مع بداية بث الإذاعة الكويتية. ويقول في حواره أنه نجح في تحقيق الفكرة، وقدم أول حلقة إذاعية لبرنامج الجيش والقوات المسلحة يوم 28/5/1961، وكانت من إعداده وإخراجه، وهو الآن – أي وقت نشر الحوار عام 1963 – يقوم بإعداد وإخراج الحلقة رقم (312)! وعن رسالة هذا البرنامج،

قال أبو جسوم: "الرسالة التي يحملها البرنامج كبيرة وعظيمة، عظم المؤسسة التي ينطق باسمها وهو محاولة لاستقطاب العسكريين بصورة خاصة والمدنيين بصورة عامة، والقصد من الاستقطاب كسب ثقة العسكريين العرب الكويتيين أولاً، ثم أخوتهم في السلاح في أرجاء الوطن العربي، وعندما نستطيع إيصال صوت القوات المسلحة الكويتية إلى جميع أرجاء العالم العربي والعالمي واطلاع العالم على تقدمها بواسطة هذا البرنامج أكون قد حققت لهذا البرنامج رسالته الوطنية والقومية الكاملة".
واختتم أبو جسوم حواره بذكر مزيد من المعلومات عن هذا النشاط الفني للجيش، ومنها: أن فريق التمثيل للجيش قدم برنامجاً تليفزيونياً باسم (مع قواتنا المسلحة) مع بداية البث التلفزيوني في الكويت؛ ولكنه توقف بسبب ضعف الإمكانيات. كما أن الفريق نفسه استطاع أن يقدم تمثليات اجتماعية وفكاهية ووطنية عبر الإذاعة الكويتية.

عائلة أبو جسوم
مرت سنة على هذا الحوار، وهذه السنة شهدت نشاطاً فنياً ملحوظاً لأبي جسوم، الذي كوّن مع بقية الفنانين العسكريين عائلة فنية، عُرفت باسم (عائلة أبو جسوم)، تتألف من: أبو جسوم، والحجية، وحديب، وخنينة، والتمين، ورويشد، والخطاف، وصقر، وهي أسماء فنية ثابتة في الأعمال الإذاعية والتليفزيونية والمسرحية، التي قدمتها القوات المسلحة الكويتية، وهذه الأسماء هي أسماء فنية لجنود الكويت البواسل، الذين مارسوا التمثيل. وبسبب شهرة هذه العائلة الفنية، نشرت مجلة (الكويت) الكويتية – في عددها الحادي والخمسين بتاريخ 16/11/1964 - تحقيقاً شاملاً عن نشاط هذه العائلة الفنية، تحت عنوان (عائلة أبو جسوم في رعاية الجيش ووزارة الدفاع).

وفي هذا التحقيق تم التركيز على نشاطين فنيين لهذه العائلة الفنية، هما: (نجوم ركن الجيش)، و(فريق الجيش للتمثيل). وقد ذكر المقدم سليمان العبد اللطيف العبد الجليل الوكيل المساعد لوزارة الدفاع رسالة هذا النشاط الفني للقوات المسلحة، قائلاً : "الرسالة هي نشر الثقافة العامة وتعميقها في نفوس أفراد الجيش على مختلف مراتبهم ومستوياتهم. فبرنامج ركن الجيش يقدم كل جديد ومفيد من آراء عسكرية حديثة وتوجيهات قيمة وتمثيليات شعبية وعربية تمثل النواحي النفسية للجندي الكويتي المستمدة من أصالته العربية تلك الأصالة عميقة الجذور في التاريخ بالإضافة إلى الترفيه عن الجنود". كما أشار هذا المسئول عن مشاريع مستقبلية فنية لهذه العائلة العسكرية، مثل: استحداث برنامج عسكري يذاع من الإذاعة الشعبية مرتين في الأسبوع، ويكون فريق الجيش للتمثيل عنصره الأساسي.

وفي هذا التحقيق تحدث أيضاً وليد محمد جعفر مساعد مدير إدارة الشئون الثقافية بوزارة الدفاع – في هذا الوقت عام 1964 – وكان حديثه عن المسرح العسكري الذي لم يُولد بعد، حيث لاحظ أن نشاط فريق الجيش للتمثيل يُقدم فقط عبر الإذاعة وليس عبر التلفزيون؛ وفسر ذلك بقوله: "بعد الدراسة تبين لنا أن إعداد برنامج أسبوعي للتلفزيون أصعب بكثير من إقامة المسرح العسكري؛ لأن برنامج التلفزيون يحتاج إلى استعدادات غير عادية في معسكرات الجيش ذاتها. بالإضافة إلى العديد من الفنيين اللازمين للبرنامج .... وبالصبر والمثابرة سيتحقق موضوع المسرح العسكري، وبرنامج الجيش في التلفزيون".

وهذا القول يثبت أن المسرح العسكري لم يولد حتى الآن، وكان تبرير المسئولين عن عدم هذه الولادة، أنهم يريدون تجهيز كافة مقومات استمرار هذا المسرح عندما تتم ولادته.

ومن خلال هذا التحقيق نكتشف أن فريق الجيش الكويتي للتمثيل قدم عدة مسلسلات إذاعية ناجحة، منها: يوميات أبو جسوم، وأبو جسوم طبيلة، وروح أبو طبيلة، بالإضافة إلى حلقات تلفزيونية، منها: هاهاها، والعلم نورن، وأجا ليطببها عماها، ومال البخيل ياكله العيار، ومصنع الأبطال. وأخيراً قام الفريق بالاشتراك في برامج تلفزيونية عديدة، مثل: برنامج الأطفال، وبرنامج ألوان، وما يطلبه المشاهدون، ومجلة المرأة.

أما المفاجأة الكبرى – التي جاء بها هذا التحقيق - فتمثلت في معلومة قيام فريق الجيش الكويتي بتقديم مسرحيات عديدة، منها: مسرحية (إرادة الشعب)، ومسرحية (الأم). والغريب أن التحقيق لم يبين هل هذه المسرحيات قُدمت على خشبة المسرح، أم أنها قُدمت إذاعياً أمام الميكرفون؟! ومن وجهة نظري أنها كانت مسرحيات إذاعية، لأن أغلب نشاط فريق الجيش للتمثيل كان نشاطاً إذاعياً، وربما هذا ما جعل زكي طليمات يطلق على هذه العروض مسرحاً عسكرياً؛ لأن طليمات أكدّ في وثيقته على وجود المسرح العسكري في الكويت عام 1963، وها نحن نقرأ تحقيقاً منشوراً عام 1964 يثبت أن المسرح العسكري لم يُولد بعد!! فهل حدث خلط بين فريق الجيش للتمثيل والمسرح العسكري، بحيث أصبح المسرح العسكري هو نشاط فريق الجيش، والعكس صحيح؟! هذا ما سنتبينه في ختام المقالة!
عناصر فريق الجيش للتمثيل
بحثت كثيراً عن أسماء الجنود الكويتيين الذي كونوا هذا الفريق الفني التمثيلي أو المسرحي، فوجدت أن النواة الأولى التي تكون منها فريق الجيش للتمثيل عام 1960، تمثلت في: الجندي حسين السلمان، ووكيل العريق سليمان المنصور، والعريف محمد علي الحشاش، ووكيل العريف ثنيان إبراهيم، والجندي علي صالح. هؤلاء هم أفراد فريق التمثيل عندما بدأ عام 1960، وفيما بعد انضم إليهم كل من: الجندي مكي القلاف، ووكيل العريف موسى الهزيم، والجندي عبد الوهاب أحمد الدوسري، والجندي علي بن صقر المطيري. وبسبب شهرة نشاط الفريق في برنامج ركن الجيش بالإذاعة، استعان ببعض العناصر النسائية الفنية، التي كانت مشهورة في تلك الفترة مثل: هدى المهتدي، وحياة أحمد الفهد، وبشرى عبد الرحيم، وعائشة مرزوق، وفريدة الحمد، ونوال باقر، وعودة المهنا.

أما ذروة التألق الفني لفريق الجيش التمثيلي فقد تمثل في أفراد عائلة (أبو جسوم)! وأبو جسوم هو (كامل حسين سليمان القطان)، وبدأ نشاطه الفني عام 1959، حيث مثل دور الشايبة (المرأة العجوز)، ولكن هذا الدور لم يرتبط به بقدر ما ارتبط بشخصية (الشايب)، التي لازمته طوال حياتة الفنية، رغم أنه كان يبلغ من العمر الخامسة والعشرين سنة 1964! ولأنه أحد العسكريين توجه بفنه إلى معالجة قضايا الجنود في المعسكرات، والاهتمام بدعوة الشباب الكويتي للانخراط في سلك الجندية لحماية الوطن. ووجدت – في التحقيق السابق – وصفاً فنياً لهذه الشخصية، يقول: "أبو جسوم شخصية شعبية مميزة أصبحت مع مرور الأيام جزءاً لا يتجزأ من التراث الفني للكويت، فالمواضيع التي عالجتها تتغلغل في صميم حياة المجتمع الكويتي لتعرض مشاكله في قالب درامي لا تنقصه الطرافة، ومن أبرز تلك المواضيع: إضاعة الفلوس في الرحلات والنزهات، وتعدد الزوجات، والدعوة إلى تحصيل العلم، والسعي لإعداد الجيل الصاعد إعداداً صحيحاً إلى جانب تقديم التمثيليات المستمدة من الأمثال والأقوال الشعبية". وأهم أعمال (أبو جسوم) الفنية تمثيلياته: حلاق السعادة، وخروف العيد، ومصنع الأبطال، وكذلك يوميات أبو جسوم الإذاعية، التي كتبها حمد السعيدان، وأخرجها سليمان عبد الرزاق المنصور.

الشخصية الثانية في عائلة أبو جسوم، هي الحجيّة (أي المرأة كبيرة السن التي أدت فريضة الحج)، وهذه المرأة ما هي إلا وكيل العريف عبد الوهاب أحمد الدوسري، وكان عمره عشرين سنة عام 1964! وفي التحقيق السابق لمجلة الكويت، قال هذا الفنان عن سبب شهرته بشخصية الحجية الفنية: "كنت أود لو أن الفتاة الكويتية وجدت الجرأة الكافية للظهور على خشبة المسرح والمشاركة في التمثيل إلى جانب الرجل الكويتي .. إلا إن إحجام فتياتنا حتمّ عليّ وعلى بعض الزملاء أداء الأدوار النسائية".
أما شخصيات (خنينة، والتمين، ورويشد) فما هي إلا شخصيات فنية اشتهر بها وكيل العريف الفنان موسى محمد الهزيم! الذي كان يأمل من الوزارة إرسال الموهوبين من الفرقة للسفر في بعثات تعليمية للتخصص في التمثيل والإخراج والتمثيل، وكان صاحب فكرة تجول الفرقة التمثيلية بين ألوية الجيش في صورة حفلات شهرية للإسهام في التوجيه والتثقيف للجنود والمواطنين.

وشخصية (حديب) الفنية، هي شخصية وكيل العريف علي الصالح القطان، الذي بدأ نشاطه الفني في تمثيلية (العلم نورن) من تأليف محمد الشيرازي. وهذا الفنان لا يرى ضرراً من مشاركة ابنته (منى) في التمثيل – عام 1964 - ما دام الفن يتصدى للمشاكل الاجتماعية. وهذا الفنان هو مؤسس فريق الزمالك الكويتي لكرة القدم، هكذا جاء في تحقيق مجلة الكويت السابق! أما شخصية (الخطاف) الفنية، فصاحبها وكيل العريف ثنيان إبراهيم عبد الرحمن الخطاف، وشخصية (أبو علي) هي للعريف محمد علي الحشاش، الذي يجيد أداء أغنيات شادي الخليج، ودائماً كان يطالب بإدخال عناصر غنائية في الأعمال الفنية للفريق. وقد بدأ أبو علي حياته الفنية في المسرح المدرسي، عندما مثل في مسرحية (الحرس الوطني) لمدرسة الرشيد. وأخيراً نجد شخصية (صقر) الفنية، وهي شخصية وكيل العريف علي صقر شتيان، الذي يجيد العزف على الربابة، لا سيما عزف مقامات (المسحوب، المربوع، العجيني، الغزالي، الهلالي، الخمشي، الصلبي)!

فكرة المسرح العسكري
هذا النشاط الفني لفريق الجيش الكويتي للتمثيل؛ لم يستمر طويلاً لعدة أسباب، منها: الاهتمام بالأعمال الدرامية التلفزيونية، وظهور الفرق المسرحية الكويتية المحلية الأربعة (المسرح العربي، ومسرح الخليج، والمسرح الشعبي، والمسرح الكويتي). والدليل على ذلك أن أغلب الصحف والمجلات التي كانت تصدر في الكويت، صمتت تماماً عن الأنشطة الفنية المتعلقة بفريق الجيش للتمثيل في الكويت بعد عام 1964، وكأن نشاطه توقف، أو أصبح لا يقدم جديداً!! وهكذا ظل (المسرح العسكري) مجرد فكرة لم تخرج إلى النور، وهذا ما جعل زكي طليمات في وثيقته يخلط بين (المسرح العسكري) كفكرة، وبين (فريق الجيش للتمثيل) كواقع فني ملموس.




المصدر: المسرح العربي المجهول: الحلقة الخامسة (أوراق منسية تحمل توقيع المسرح العسكري الكويتي) – مجلة (كواليس) الإماراتية – عدد 30 – مارس 2012 – ص (95 – 101).
http://kenanaonline.com/users/sayed-esmail/posts/456322
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 03-10-2013, 05:10 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 06-05-2014, 12:31 PM
الصورة الرمزية البحر الساطع
البحر الساطع البحر الساطع غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 77
افتراضي

راح مسرح السبعينات والثمانينات

دقيقه 13

[ame]http://www.youtube.com/watch?v=ioAcLErVYYo[/ame]
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 15-08-2014, 10:40 PM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

اللهم ارحم ام حمد

فقد كانت محل الثقة

__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عائلة المسري ضرغام آخرى 7 26-10-2020 01:41 AM
المصري ال مصري جبلة 1 27-05-2012 12:39 PM
استفسار: عن عائلة المصري في الكويت ولد بطنها 86 الصندوق 14 27-05-2012 12:09 PM
استفسار عن : عائلة المصري في الكويت ولد بطنها 86 القسم العام 0 02-02-2010 08:25 AM
الكويت في الأرشيف المصري وغيره مسلم 1 الوثائق والبروات والعدسانيات 2 17-11-2008 08:56 PM


الساعة الآن 11:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت