راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-06-2008, 01:27 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,660
افتراضي نافذة على الوثائق الفرنسية الخاصة بتاريخ الكويت - يعقوب يوسف الابراهيم

«العربية السعيدة» ARABIA FELIX هي التسمية اللاتينية لبلاد جزيرة العرب وممالك اليمن في الايام الغابرة. وهي اليوم عنوان دراسة مصورة عن تاريخ التصوير الشمسي لبلدان خليج جزيرة العرب. احتوت المطبوعة على 250 صورة فوتوغرافية تمتد الى فترة قرنين من الزمان بدأت منذ عام 1804 . اشرفت على هذا المشروع د. منيرة الخمير – الاستاذة الجامعية التونسية الاصل التي تدرس علم التاريخ في احدى الجامعات الفرنسية المرموقة بمبادرة من مؤسسة «ثقافة فرنسا» Culturesfrance وبالتعاون مع منشورات «بلاس دي فيكتوار» Place des Victories . ظهر الكتاب بحجم كبير وطباعة راقية في 165 صفحة. وقد تولى احد المتخصصين بهذه المادة (باسكال غيل) Pascal Gueyle البحث عن صور الموضوع وكتابة شروحها باللغات العربية والفرنسية والانكليزية. فجاء هذا العمل التاريخي ليسد نقصاً طالما عانت منه المكتبات والباحثون والمهتمون بهذا الشأن وهو جهد يشكر عليه. حدث كل هذا على الرغم من الزخم المتنامي للاصدارات التي تجتاح عالمنا المتأجج. لذا تحتم وجوب ضرورة ملحة لجانب التعقل في اخماد مسار التصادم وابراز مجال التعاون، وهما واجب مطلوب وعمل مرغوب.
قبيل هذا العمل ظهر كتاب بالالمانية يبحث عن اساس تاريخ البصريات الذي هو اساس صناعة التصوير الشمسي ومدى مساهمة علماء العرب والاسلام في تحقيق ذلك وعلى رأسهم ابن الهيثم المولود في بغداد عام 965 والمتوفى في القاهرة عام 1039 . اطلق على الكتاب مسمى «فلورنسا وبغداد وتاريخ البصر» للمؤرخ وعالم البصريات الالماني هانز بلتنغ الذي يقول في المقدمة: «اعتقد انني من عنوان الكتاب ذكرت قصة نشأة التصوير التي ترتب عليها تطوير الفن وعالم الرسم». وقد شاءت الظروف ان يكون الكتاب الاول مكملاً لما بدأه الثاني. ما اسلفناه هو جزء ضئيل من المشهد الثقافي الحالي في اوروبا، وتحديداً فرنسا والمانيا، والذي يعج بالكثير المتجدد يومياً.
حينما نتجه بالابصار نحونا، نجد العكس. يتبادر الى الذهن سؤال ملح: «اين نحن من هذه التظاهرة الحضارية، وما هو دور الكويت في مثل ذلك؟» ولكنني لن استغرب اذا سمعت اصوات المسفهين تصف بتلقيائية وعبثية ما وصلت اليه الحال: «انت وين والدنيا وين.. يقول تظاهرة حضارية!! شوف طق العكل وانحطاط الحوار وتدنيه.. حقيقة ما عنده سالفة». وربما كان لهم بعض الحق فيما يقولون وعلى الرغم من ذلك فهي ليست نهاية العالم وهناك الكثيرون ممن لا يصطفون خلفهم و«لو خليت لخربت». مقولة خالدة طالما سمعناها من افواه من عرف الحياة.
ولعلها هي طوق النجاة ومبعث الأمل في هذا البحر المتلاطم من الضياع وفقدان البوصلة. ولكننا هنا لا يمكننا التخاذل والانسحاب بـ «رمي الفوطة والخروج من حلبة الصراع»، علامة للخيبة. بل الركون إلى مواجهة عقلانية مهما كان مردودها والعمل لما يمكن تحقيقه بغض النظر عن حجمه كلٌ بطاقته، وهو إن اجتمع لكثير، وما البحار إلا من ينابيع، كما هي «النار من مستصغر الشرر».
ولكي نضع الأمور في نصابها علينا تحديد موقع الخطأ لمعرفة مكمن الخلل. وهذا يبدأ «بمبدأ التدبّر»، والتدبّر أو التدبير، إذا شُخص هو نصف الحل. وعدم الالتفات له هو الطامة الكبرى والفوضى العارمة. ومن يحسن فهم هذا الأمر البسيط تهن عليه الأمور المعقّدة. ونحن أمة لا ينقصها المال أو ضعف الحال ولدينا أساس يمكن البناء عليه، فلماذا التردّد إذاً؟ وأنا أتكلم هنا عن العوامل المشتركة التي تجمع الشعوب وتبني الجسور والتي يجب أن تهيأ وتستنهض ليباشر في تفعيلها. وعليّ أن أستأذن طلباً للفسحة لكي أوضح ما بدأت به واضعاً تجربتي الشخصية البسيطة:

الكويت وفرنسا و«القبس»
كانت فكرة الكتابة بالفرنسية والعربية عن تاريخ العلاقات بين الكويت وفرنسا والتي تمتد جذورها إلى ما قبل الثورة الفرنسية 1789م عملاً غير مسبوق. لكنها تحتاج إلى مدخل مناسب وتوقيت جيد لتعطي النتيجة المرجوة. فكانت زيارة صاحب السمو أمير البلاد الأولى لفرنسا بعد تسنمه مسند الإمارة في نوفمبر 2006 خير سبب. أتممت العمل وقامت «القبس» مشكورة بطباعته، احتفاء بالمناسبة، وتوزيع ما يقرب من خمسين ألف نسخة منه كحلقة في سلسلة إصدارات كتاب الشهر وكان العمل تطوعياً بالكامل هدفه سد النقص وإكمالاً لما تحتاجه تلك المناسبات للتعريف وعدم إلقاء اللوم على جهة بالتقاعس أو الأخذ بجريرة زيد أو عمرو، بل إن المراد والهدف الالتفات إلى مثل هذه الأمور حتى لا تتكرر، فنفقد المبادرة بإعطاء الكويت دورها واستحقاقها. ولم يكن الهم سماع ارتياح وإطراء من الجانب الرسمي الكويتي، فنحن أهل بيت ولا حاجة إلى التربيت على الظهر أو نيشان «يعطيك العافية» من درجة ما؟ فهي أمور لا تعنيني وليست ضمن اهتمامي «جاء الركب أو غدا».
بل كان جل همي منصبا لمعرفة رد فعل الطرف الفرنسي، وكان هو المقصود. ولم يطل الانتظار فجاءت الأمور مبشرة بحسن التقبل ثم الدهشة والإعجاب في الكشف عن أمور غير معروفة على الرغم من حدوثها، وغير مسبوقة على الرغم من تسجيلها، عبر قرون من التعارف والتعاون، كانت مغيبة ومجهولة من قبل المسؤولين والأكاديميين الفرنسيين. وقد اتضح ذلك من خلال اتصال إحدى الجامعات العريقة لأخذ الإذن والموافقة على إدراج البحث في المقررات الدراسية والاستعانة ببعض المراجع والمصادر التي تضمنها. ومن الجانب الرسمي كان اهتمام وزارة الخارجية الفرنسية ممثلة بسفارتها في الكويت حيث زارت السفيرة مدام بروزيه Breuzé جريدة القبس وشكرت السيد رئيس التحرير على المجهود في إبراز ما يقرب البلدين، إضافةً إلى اتصالات الملحقية الثقافية في السفارة الفرنسية بالكويت وجملة من المهتمين بأمور التاريخ وشؤون التوثيق وشارك بعض الأخوة من كتاب الأعمدة في الصحف الكويتية بالإشادة كما أن عددا لا يستهان به من المواطنين ممن يكثرون التردد على فرنسا للعمل أو الاستجمام قد طلبوا نسخا من الكتاب لإهدائه إلى معارفهم هناك، وما يسهل قراءته كونه قد كتب بالفرنسية إضافة إلى اللغة الأم.

تجربة ودور للمكتب الثقافي
كل ذلك أعطى علامة واضحة تدفع إلى الرضا وإشارة إلى أن خدمة الوطن ليست شعارات ترفع عند الحاجة أو هتافا لا يغني ولا يذر، وألا تقف المسيرة عند حد بل تستمر لإيجاد أرضية مشتركة ومشاريع ثقافية مستقبلية.
أسمع أصواتا تقول: «وماذا عن السفارة الكويتية في باريس؟» وجوابي على ذلك في غاية البساطة: «لم أسمع شيئاً». وقد علمت بأن «القبس» قد أرسلت محتويات صندوقين من الكتاب هدية منها إلى السفارة للاستفادة ونقل الفائدة.
هناك ما يبعث الأمل - وأحسب أن الأمور قد تغيرت - فما أن انتدب الدكتور محمد الفيلي وحل في منصب المستشار الثقافي في باريس حتى اتصل شاكراً مشجعاً وطالباً الموافقة على استخدام مادة البحث الذي تسلمه من السيدة حرمه الدكتورة دشتي. وقد وجد فيه وهو «الأكاديمي الفرانكوفوني» فائدة جمة لتطعيم الموقع الإلكتروني للمكتب الثقافي المزمع البدء فيه. فوافقت وبدون تردد وأبديت استعدادي لتقديم كل ما عندي والذي هو أساساً لخدمة الكويت ورداً لجميلها من دون تفضل أو مقابل أو منة. واستمر الاتصال وتبادل الأفكار الذي نتجت عنه مادة هذا المقال والبحث الذي يليه لما حوته من أحداث غير معروفة تفاصيلها، ظلت نائمة تنتظر من يوقظها من رقادها ليهتم بها وينقلها إلى دائرة الضوء.

دبلوماسيتنا ودبلوماسيتهم
ومن جميل المصادفات أن أقرأ في «القبس» في 12 أبريل 2008 عن ندوة عقدت في مقر إقامة السفير الكويتي في باريس ودعوته عدداً من كبار موظفي وزارة الخارجية الفرنسية وسفيري الولايات المتحدة وبريطانيا وجمعا من سفراء مجلس التعاون والعرب وصحافيين من فرنسيين وعرب. وفي سياق كلمة ألقاها بهذه المناسبة قال: «إن فرنسا دولة مؤثرة وشراكة الكويت معها تاريخية». ولا أدري إن كانت هذه إشارة إلى ما سبق الكلام عنه؟ وهي وإن جاءت متأخرة بعض الشيء، كالمثل القائل «إن تصل متأخراً أحسن من ألا تصل إطلاقاً». فعسى أن تكون المياه قد تحركت بعد طول ركود، وهذا ما نأمله! الموضوع نقلته برمته «كونا» التي لم تذكر أكثر من ذلك. وعسى أن تكون معلومة «الشراكة التاريخية للكويت مع فرنسا» معلومة لديها.
لا أريد أن أستفيض هنا في الكلام عن متطلبات المهمة للدبلوماسي، فهذا ليس هدف الموضوع أو شأنه. ولكن ما دفعني إلى كتابة هذه الخواطر والإبحار في قضايا مؤرقة وجدت سندها في مقولة الإمام الشافعي رضي الله عنه «حسبي بعلمي إن نفع». فارتأيت أن أوضح أن في التاريخ لعمل الدبلوماسي عدة وأداة لا يستغنى عنهما لهما سحرهما كإجادته للغة البلد المضيف ليصبحا مدخله للمعلومات ومفتاحه للاتصالات. لننظر ما نصح به أحد أعمدة العمل الدبلوماسي الحديث نيكولاس ميكافللي في كتابه الأمير: «إن اختيار وزراء الأمير وممثله ليس أمراً قليل الأهمية، فهم إما عناصر جيدة أو أنهم ليسوا على مستوى فطنة تدبر الأمير».
من هنا يأتي حرص الدبلوماسي على إبراز دور علاقة بلده مع مضيفيه كلما سنحت الفرصة أو حلت مناسبة أو ظهرت معلومة غير مسبوقة لتعطيه منزلة القرب والحميمية. ولنأخذ مثالاً حياً لذلك وهو ما تميز به التمثيل الدبلوماسي الإسرائيلي الذي يهتبل كل ما تيسر له في إحكام ربط وثائق العلاقة الثنائية لذا ترى اهتمامهم بالأكاديميين واضحاً ومهماً خاصةً حينما يتعلق الأمر بأمور الحياة والتاريخ ومعرفة السير، فينحصر فيها حديث حفلاتهم وعلى الدوام وإظهارها محاضرةً أو مطبوعةً أو مسموعةً لكي تترسخ إذا ما خانت الذاكرة لجعلها هدفاً في تقوية علائق الحاضر واستشرافات المستقبل قدماً كمشي المصافح للمصالح. فحياة الأمم لا تدوم إلا في اتصال ماضيها بمستقلها.
«ولا ادري هنا ان يكون ما اسلفت كلاما مجردا، وحديثا مرسلا، بل فضلت ان اضمنه واسنده بواقع معاش والاستناد الى القول من مصادره وبتفاصيله، فوجدت ما هو ادق واصدق في تجربة شخصية الدبلوماسي البريطاني المخضرم السير تيرنس كلارك وظهوره أخيرا في مقابلة تلفزيونية بثتها احدى الفضائيات. وكان يتحدث بلغة عربية طلقة وبسرور بالغ وتودد عن ايام سفارته في بغداد بين عامي 1985-1989 ابان تأزم وسوء العلاقة البريطانية ــ العراقية، والوجوم والشكوك اللذين سادا خلال مدة خدمته آنذاك. بيد انها لم تقف حائلا او عقبة امامه في كسر واجتياز الحاجز النفسي الذي تمترس خلفه النظام، مما ادى الى منع التقائه بأهل البلد ويقول عن ذلك «ان مهمة الدبلوماسي الناجح لا تقوم فقط على التعامل مع القنوات الرسمية ومقابلة المسؤولين، بل تتعداها الى الاتصال بمختلف اطياف المجتمع من مثقفين وفنانين ورجال اعمال.. إلخ. وعموم الناس اينما وجدوا حيثما كانت الظروف.
وكيف كان يتجول في الاحياء القديمة، ليتعرف على الدور التي سكنتها البعثات الدبلوماسية والتجار البريطانيون في القرنين الثامن والتاسع عشر في بغداد، وكيف يتحول الحديث مع أناس عاديين من التحفظ والخوف الشديد من قبلهم نتيجة النظام القمعي، الذي يمنع الاتصال بالاجانب، خصوصا الانكليز منهم، الى حديث ودي حميم تنفرج فيه الاسارير وتنطلق منه الروايات والذكريات عن «ابو ناجي ـ كنية الانكليز ـ وأيامهم هناك».

أول صور للكويت
لا بد لنا بعد هذا الاستطراد الرجوع الى لب الموضوع وبيت القصيد، وهو المادة التي نهديها لمن تعرضنا للكلام عنهم.
ان ما يستوقف الباحث عند ولوجه لما نحن فيه هو امران:
اولهما تاريخ بدايات اهتمام الصحافة الاوروبية بالكويت. وثانيهما انهم اول من دخلها من المصورين. والكل يعرف ان هذه الاهتمامات كانت منذ منتصف القرن التاسع عشر.
لندع الاول برهة، ونأت الى تاريخ الصور. ففي كتاب «الكويت واوائل الصور لها» تأليف وليم فيسي (1998) الذي ذكر «ان اول الصورالتقطها طاقم البارجة الروسية فارياج VARYAG في ديسمبر 1901» وهو غير صحيح. فأول صورة التقطها احد ضباط سفينة الامدادات البحرية الفرنسية دروم DROME في 14 أكتوبر 1900 وتعتبر الاقدم واقعا.
أما اول صور ظهرت للشيخ مبارك والامام عبد الرحمن الفيصل آل سعود، بالاضافة الى مواقع واشخاص في الكويت، في الصحافة الاوروبية هي ما نشرت مقتطفا منه مجلة لوموند المصورة Le Modne Illustre الفرنسية في عددها رقم 23408 الصادر في باريس بتاريخ 29 مارس 1902. وهي صور التقطها طاقم البارجة الفرنسية كاتينا Catinat التي زارت الكويت في 20 فبراير 1902. وقد كتب قبطانها كيسيل KIESEL تقريرا مفصلا عن حادثة مهمة وقعت في الكويت في اول ديسمبر 1901. فأثارت اهتماما غير عادي للصحافة الاوروبية حتى اطلق عليها مسمى «ازمة الكويت».
وهو ما اردت هنا الكتابة بالتفصيل عنه للتعريف وازالة الغموض عن مجمل ظروفه لاهميته التاريخية اولا، ولجهل الاغلبية عنه بسبب عدم التطرق لتلك الحادثة التي اطلق عليها «حادثة العلم او حادثة بومون». وهي السبب الرئيسي الذي حدا بالحكومة الفرنسية حينها الى ارسال بارجة حربية والايعاز الى قائدها بمقابلة الشيخ مبارك وكتابة تقرير مفصل عن البلاد واهلها وكل ما يتعلق بها على الصعيد المحلي والاقليمي والعالمي. وهذا التقرير موزع حاليا في ارشيف وزارة الخارجية الفرنسية في باريس في ملف مسقط 17، مجلد 24-29: Ministere des Affaires etrangeres – Macate 17, Fos. 24-29 ونشرته مجلة لوموند المصورة كما اسلفناه فكان سبقا صحفيا عالميا حينها. وقد اثمرت جهود الدكتور محمد الفيلي في العثور على اصل الموضوع في المكتبة الوطنية الفرنسية وقام بترجمة ما جاء فيه مع تعليق مناسب.

__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-06-2008, 04:05 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,660
افتراضي

في الحلقة الثانية من «نافذة على الوثائق الفرنسية الخاصة بتاريخ الكويت» يستعرض الاستاذ الباحث يعقوب يوسف الإبراهيم تطورات الاحداث المتسارعة في الخليج والمنطقة المحيطة، ويشير الى حلم فرنسا بمد سكة حديدية من «سواسون» حتى البصرة عام 1889 لكن الدولة العثمانية رفضت المشروع. والصراع المحتدم بين الامبراطوريات الكبرى السائدة آنذاك للسيطرة وتقاسم النفوذ في الشرق الادنى والاوسط، ويعدد الانشطة العسكرية والسياسية لفرنسا في تلك الحقبة ويتوقف عند نتائج معركة الصريف والاشكاليات التي لازمت توقيع اتفاقية الحماية البريطانية مع الشيخ مبارك الصباح والمواجهات العسكرية مع الدولة العثمانية وكيف اصبحت الكويت تحت الحماية البريطانية.

عندما انسلخ القرن التاسع عشر من منتصفه وأقبلت نهايات العقد السادس منه، بلغ تصاعد حمى الإمبريالية الأوروبية درجة التصادم أحياناً، التي أحكمت خططها لتقاسم النفوذ في أقطار الشرق الأوسط والأدنى بينها، حينها استفردت بريطانيا بجنوب الجزيرة العربية والأقطار المطلة على خليجها العربي إضافةً إلى جنوب وأوسط بلاد فارس، بينما كانت فرنسا في عهد الإمبراطورية الثانية، حكم نابليون الثالث، تجدد اهتمامها الذي أصبح محسوساً لدى السلطات البريطانية في الهند خاصةً بعد معاناة بريطانيا في حرب البوير Boer War 1880-81 -1899-1902 في جنوب أفريقيا مما أدى إلى تدفق نشاط دول أوروبية أخرى. كان حلم فرنسا محاولة مد سكة حديد من سواسون Soissons حتى البصرة عام 1889، لكن الدولة العثمانية رفضت المشروع. أما روسيا فكــانت جــاهــزة للـتدخـل حـينمـا التـفت شاه إيران – ناصر الدين القاجاري (1848-1896) لها عام 1878 عند عصيان الجيش الإيراني ضده، مما حدا بقيصر روسيا – الإسكندر الثاني (1855 ــ 1881) لإنقاذه من جراء ذلك، فأرسل له قوة من فرسان القوزاق لحمايته الشخصية، وفي الوقت نفسه لحماية مصالح روسيا وتعزيز نفوذها في شمال البلاد. وكانت ألمانيا الأقرب إلى الإدارة العثمانية التي استعانت بخبراتها العسكرية في تنظيم جيوشها المتآكلة جراء الحروب الروسية والبلقانية. فساعدها اختراقها في إقناع العثمانيين في مد سكة حديد برلين – بغداد – البصرة، ومن ثم إلى الكويت.
ولكن المبادرة الأقوى كانت لبريطانيا حيث أحكمت اتفاقات الحماية لمصلحتها، فوقعت مع سلطان عمان ومشايخ الساحل المتصالح في 1873 ومن ثم مع شيخ البحرين عام 1880 وآخرها مع شيخ الكويت عام 1899. وقد وقفت إلى جانب الشيخ مبارك في حربه ضد أمير حائل نكاية بالعثمانيين والتي كان من نتائجها بروز نفوذ آل سعود واستعادة الملك عبد العزيز حكم آبائه وتأسيس الدولة السعودية الثالثة.
وما ان بزغ القرن العشرين حتى ابتدأت السفن الحربية والتجارية لكل من فرنسا وروسيا بارتياد مياه الخليج منافسةً لبريطانيا ولكن تلك المحاولات لم تثمر عن شيءٍ يذكر لإزاحة نفوذها. إلا انها تركت تبعات وآثارا سياسية وعسكرية واقتصادية، وهو ما أكده وزير خارجية بريطانيا اللورد لانسدون Lansdowne في مايو 1903 في مجلس اللوردات: «إن بريطانيا لن تسمح لأي قوة عسكرية بتأسيس قواعد لها في الخليج». وهي روح التحدي نفسها التي ظهرت بزيارة مندوب الملك في الهند اللورد كيرزن لأقطار الخليج في العام نفسه (1903).

التواجد الفرنسي
وعلى الرغم من كل ما سلف، لا بد لنا من أن نستعرض النشاط السياسي والعسكري لفرنسا في تلك الحقبة ما دام الموضوع هو ما يعنينا بالدرجة الأولى:
- افتتاح قنصلية في مسقط عام 1893 وتعيين القنصل أوتافي Otavi.
- وصول البارجة ترود Troude عام 1895 إلى مياه الخليج لتأييد سلطان مسقط ضد الحكومة الأبلظية في أواخر عام 1894.
- ابتداء رحلات بواخر شركة ميساجيري ماريتيم Messageries Maritimes عام 1896 إلى موانئ الخليج حتى البصرة.
- افتتاح قنصلية في بوشهر عام 1897 وتعيين القنصل فيران Ferrand.
- افتتاح قنصلية في لنجة عام 1899.
- زيارة البارجة دروم Drome وعلى متنها القنصل الفرنسي في بغداد روات Rouete في 20 أكتوبر 1900.
- استلام رئيس كتاب المابين (الجناح الخاص بالسلطان) مذكرة مباشرة من الخارجية الألمانية عبر السفير الألماني في اسطنبول تسلم شخصياً إلى السلطان عبد الحميد في 7 سبتمبر 1901 جاء فيها: «تعتزم الحكومة الفرنسية تجهيز وتسليح وإرسال ثلاث سفن حربية لاحتلال جزر في الخليج تحت سيادة الدولة العثمانية».
- كانت المقابلات بين الشيخ مبارك وقباطنة السفن الروسية تتم باللغة الفرنسية. وقد ذكر ذلك قبطان المدمرة أسكولد Askold عند زيارته في 9 نوفمبر 1902، وكان المترجم رجلاً أرمنياً يعمل وكيلاً لشركة بواخر في الكويت ويسكن في بيت الشيخ مبارك، مما يعني أن النفوذ الفرنسي متغلغلاً في أجواء العمل وأن اللغة الفرنسية ليست غريبة عن الحياة العامة في الكويت.

نتائج معركة الصريف
حينما وضعت الحرب أوزارها بعد معركة الصريف في 17 مارس 1901 ورجوع الشيخ مبارك إلى الكويت بعد اشاعة مقتله في 31 مارس، حلت حالة المكايلة وتقييم الأوضاع على أرض الواقع بين جميع أطراف النزاع اقليمية كانت أو عالمية بعد أول خسارة جسيمة تعرض لها الشيخ مبارك والتي غيرت الثوابت. فابتدأت القناعات بالتذبذب وربما بالشكوك من الجانب العثماني، والمتغيرات هي صنو السياسة و«بقاء الحال من المحال». فتعرضت حالة بقاء الأمرStatus quo وضمان استمرارها والإسراع بإجراء تغيير لما تمت عليه هذه الاتفاقية «غير المكتوبة» التي ابتدأت بعد صدور إرادة سنية في ديسمبر 1897 بتعيين الشيخ مبارك قائم مقام على الكويت ومنحه راتبا سنويا مقداره 150 كارة تمر أو ما يعادل 430 طنا. ثم عززت بتوقيع معاهدة الحماية مع بريطانيا في 22 يناير 1899. فبعث الصدر الأعظم برقية في 30 مارس 1901 إلى والي البصرة محسن باشا – وكان صديقاً للشيخ مبارك - فجاء رد الوالي مخففاً: «فالأمور لم تكن واضحة ولكن الشيخ مبارك مني بهزيمة وهناك أنباء وصلت عن مقتله». حينها صدرت الأوامر لإرسال قوة عسكرية بقيادة أميرلوا محمد فاضل باشا الداغستاني، فوصلت البصرة في بداية أبريل1901 جاهزة للتدخل. وبناء على ورود أنباء بأن الشيخ مبارك قد دخل في مفاوضات سرية مع البريطانيين وإعلان الحماية البريطانية على الكويت (لم تكن معلومات الاتفاقية السرية في 1899 قد وصلت إلى مسامع العثمانيين على الرغم من مرور سنتين من توقيعها!!) ويذكر أحد المؤرخين المعاصرين – عبد الله بن محمد البسام – في كتابه «تحفة المشتاق» ص 287 «دخل مبارك بن صباح شيخ بندر الكويت تحت حماية دولة الإنكليز في جمادى الآخرة 1320هـ».
فتقرر إرسال والي البصرة محسن باشا لجس نبض الأمور ميدانياً. فغادر البصرة براً ووصل إلى الكويت في 19 مايو ومعه ثمانون جنديا خيالا يشكلون نواة لحامية تركية في الكويت. فرفض الشيخ مبارك الطلب «لعدم الحاجة في الوقت الحاضر». فطلب منه الوالي أن يصحبه إلى البصرة لكتابة رسالة اعتذار إلى السلطان. وكانت أثناء تواجد الوالي في الكويت السفينة الحربية البريطانية سفينكس Sphinx لغرض المساندة التي وصلت بعد رجوع الشيخ مبارك من الصريف.
وعندما غادر الوالي صباح يوم 23 مايو بصحبة الشيخ مبارك بحراً، وصلت سفينة حربية أخرى هي «ماراثون» Marathon. لم يذهب الشيخ مبارك إلى البصرة بل توجه مع الوالي إلى محطة البرق في الفاو وأرسل برقية ولاء واعتذار إلى السلطان . وقابل القبطان فيليبس Philips قائد البارجة سفينكس الذي أبرق إلى قائد الأسطول برغبة الشيخ مبارك في تفعيل بنود الحماية. وقد تم ذلك في 29 مايو 1901. وكان الشيخ مبارك في انتظار مجيء المقيم السياسي البريطاني في بوشهر الكولونيل كمبول Kemball. كما طلب الإيعاز لسفن البريد بتسيير رحلات منتظمة إلى الكويت إشارة لاهتمام بريطانيا بدعمها. رفع طلب تفعيل الحماية إلى نائب الملكة في الهند الذي أرسل بدوره رسالة بتاريخ 8 يونيو يقول فيها: «إن الأوضاع في الكويت تغيرت نوعاً ما بسبب الأحداث الأخيرة (يقصد الصريف)». وكان المقيم السياسي كمبول قد أبرق إلى وزارة الخارجية في الهند بأن مقابلة الشيخ مبارك لقبطان البارجة سفينكس في 28 مايو تمت بناء على طلب الشيخ مبارك: «أن تعلن الكويت محمية بريطانية بالكامل».
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-06-2008, 10:32 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,660
افتراضي

يواصل الاستاذ والباحث يعقوب يوسف الابراهيم البحث في تداعيات معركة الصريف والاحتكاك العسكري الذي كاد ان يحدث مواجهة بين الاسطول البريطاني من جهة، وبين الفيلق السادس العثماني وقوات ابن رشيد من جهة ثانية، واتضح ان التحركات العثمانية كانت مجرد معارك طواحين هواء وتمنيات بتغير الأوضاع، لا تتعدى التهديدات، حيث انسحبت تلك القوات الى العمارة بعد ان تفشى وباء الكوليرا، وكذلك انسحب الاسطول البريطاني ودارت مفاوضات في بيت النقيب وبيت الشيخ مبارك الصباح بين الأتراك والانكليز وكانت البارجة البريطانية الحربية «بومون» امام ساحل الكويت تساندها البارجة «ريد برست» اذا دعت الحاجة.

كانت القوى الأوروبية الأخرى كروسيا مثلاً في وضع متلهف للوقوف على الأمر. فابتدأت اتصالات سرية بين القنصل الروسي في بغداد والشيخ مبارك عن طريق تجار مثل عباس عليوف أو موظفين مثل غريسنكو. وكذلك فعلت ألمانيا عن طريق سفيرها في اسطنبول ــ مارشال ــ حينما قابل السلطان عبد الحميد شخصياً في 15 يونيو 1901 ذكر فيها للسلطان: «إنه من المؤسف أن تكون هزيمة الشيخ مبارك لم تستغل من قبل الدولة العثمانية للسيطرة على الكويت». وكان رد السلطان بأنه أرسل قوة لتحقيق ذلك ولكنه لم يخبره عن السبب الحقيقي وهو وجود ثلاث بوارج حربية بريطانية في مياه الكويت.
ولم تكن فرنسا بعيدة عن مسرح الأحداث. فقد عرض تحسين باشا – رئيس كتاب المابين – في 17 يوليو 1901 على السلطان مذكرة وزارة الخارجية العثمانية حول ما أوضحه السفير الفرنسي في اسطنبول من أن الشيخ مبارك، بعد معركة في الصريف، مال نحو البريطانيين، فأرسلوا سفينتين حربيتين وأقاموا مكتبين لوكالات سفن تجارية ورفعوا العلم البريطاني.
بعد تلك المحاولات، أمر السلطان بإقامة حامية عسكرية في الكويت، وكانت الأوامر قد صدرت في 26 يوليو 1901 «لى والي البصرة. وقد بعث الشيخ مبارك بنسخة منها إلى «كمبول» الذي بدوره أرسلها إلى وزير خارجية الهند البريطانية في 9 أغسطس 1901، محذراً من إنزال عسكري عثماني في الكويت. في 12 أغسطس 1901 صدرت الأوامر إلى البارجة «بيرسوس» بالتحرك من كراتشي محملة بالجنود وأن تكون البارجة «مارثون» على أهبة الاستعداد للإبحار. في 18 أغسطس 1901 تحرك الطراد العثماني «زحاف» إلى الكويت فوصلها في 21 أغسطس. وقد كان قبطان البارجة «بيرسوس» مراقباً، فأخبر قبطان «زحاف» بعدم إنزال معدات أو جنود إلى بر الكويت. نزل قبطان «زحاف» لمقابلة الشيخ مبارك والطلب منه عدم التعاون مع بريطانيا. فرد عليه الشيخ أن لديه الآن مساندة من بريطانيا ثم بدأ الكابتن بالتهديد والوعيد، وغادر في 25 أغسطس. في 31 أغسطس أرسل قائد البحرية العثماني في البصرة «قابوتانا» (تعني قبطان بالتركية) يعقوب بك إلى نظارة (وزارة) الحربية في اسطنبول قائلاً: لدى وصول الطراد «زحاف» إلى الكويت، جاء لزيارته على الفور قبطان البارجة البريطانية «بيرسوس» وأدلى بالتصريح التالي: «لقد وضعت دولة انكلترا الشيخ مبارك تحت حمايتها. وقام قنصل بوشهر بإعطاء معلومات إلى حكومتكم».
في 26 أغسطس ابتدأ بن رشيد جمع قبائله لتتحرك نحو الكويت. وكان الشيخ مبارك حينها قد توقف عن كتابة منصب «قائمقام الكويت» على رسائله إلى السلطات العثمانية في رسالته المؤرخة في 7 سبتمبر 1901 إلى والي البصرة. وفي التاريخ نفسه وردت أنباء عن احتلال فرنسي لجزر في الخليج تحت سيادة الدولة العثمانية (سبق ان أوردنا تفاصيلها).
توافدت قوات عثمانية قادمة من السماوة على البصرة وتزامن ذلك مع وصول بن رشيد وقبائله إلى مشارف الزبير على مسيرة يومين من الكويت في نهاية شهر سبتمبر، في زيارة قام بها السفير الألماني «مارشال» للسلطان عبد الحميد في 2 أكتوبر 1901، اقترح عليه إقامة دعوى في محكمة العدل الدولية في لاهاي حول مسألة الكويت لإجبار بريطانيا على عرض الاتفاقية التي أبرمتها مع الشيخ مبارك عام 1899، ولكن السلطان لم يكن محبذاً لهذه الفكرة. وكان المقيم البريطاني في الخليج قد اقترح على الشيخ مبارك رفع علم خاص بالكويت حتى يبعدها عن التبعية العثمانية. ولكن الشيخ مبارك لم يوافق، فالكويت غير مسورة وهو يخشى تقدم القوات التركية إذا تمت مثل هذه التصرفات. ولكن في برقية أرسلها وزير الخارجية في حكومة الهند البريطانية إلى قائد الأسطول البحري في 24 سبتمبر يأمره: «إذا هاجمت قوات أمير نجد (بن رشيد) الكويت، فيجب صدهم بالقوة». انتقل إثرها بن رشيد وقواته إلى الحفر من الزبير.
ما أسلفناه هو استعراض سريع وخلفية لتأزم الأمور الناتجة عن تداعيات هزيمة الصريف وتمهيداً لما حدث بعد ذلك إلى أن بلغ مرحلة محاولة إقصاء الشيخ مبارك وإزاحته من حكم الكويت. كما أدى هذا الاحتكاك والاحتقان إلى الموضوع الرئيسي لبحثنا وهو «حادثة العلم أو حادثة بومون Pomone».

حادثة البارجة بومون Pomone
تنسب هذه الحادثة إلى البارجة «بومون»، وهي إحدى قطع الأسطول البريطاني التابع لشرق الهند وتخومها. وكانت واجباته الرئيسية بسط النفوذ الإمبراطوري البريطاني في المحيط الهندي وبحر العرب والخليج العربي.
كانت هذه البارجة مسلحة بأربعة مدافع ميدان من العيار المتوسط ومدفعين ميدان من العيار الصغير. وقد وصلت بعد إبحارها من الهند أي في بداية أكتوبر 1901 إلى الكويت لتلتحق بأسطول قوامه خمس قطع بحرية مؤلفة من:
1 ــ البارجة «مارثون» Marathon ومعها أربعة زوارق صغيرة و6 مدافع قياس 6 بوصات.
2 ــ البارجة «بيرسوس» Persous ومعها أربعة زوارق صغيرة و8 مدافع قياس 4 بوصات.
3- الطراد «سفينكس» وبصحبته أربعة زوارق صغيرة وستة مدافع واحد منها 6 بوصات والباقي 4 بوصات.
4 – المدمرة «أسايا» Assaye مزودة بطوربيدات ومدفع سبع بوصات والآخر أربع بوصات.
5 – الطراد «ريد برست» Red Brest وبصحبته أربعة زوارق صغيرة وستة مدافع اثنان 6 بوصات والباقي 4 بوصات.
مع سفينة القيادة «هاي فلاير» High Flyer تحت قيادة الأدميرال «بوزن-جيت».
وسفينة مستشفى وبلغ عدد الجنود 636 ومنهم 50 من سلاح المارينز (البحرية الملكية).
أمام هذا الكم والجمع الكبير لقوة ضاربة، فقد اتضح أن التحركات العثمانية كانت مجرد «معارك طواحين هواء» وتمنيات بتغير الأوضاع لا تتعدى التهديدات.
في 10 أكتوبر وصل المقيم السياسي في الخليج (كمبول) إلى الكويت الذي أبلغ الشيخ مبارك بأن الأتراك تعهدوا بعدم مهاجمة الكويت مستقبلاً. فتم سحب قوة الفيلق السادس إلى العمارة بعد أن تفشى وباء الكوليرا، ثم انسحب ابن رشيد بعد أن دفعت له مبالغ مالية وأقيل والي البصرة محسن باشا من منصبه وعين مكانه الفريق مصطفى نوري باشا من قادة الفيلق السادس.
على اثر ذلك انسحبت معظم قطع الأسطول البريطاني. وقد صادف وجود الصحافي المصري بيومي إبراهيم في الكويت والذي كتب عدة مقالات في جريدة الأهرام بدأها في 26 سبتمبر ثم 6 و10 و11،12،15 أكتوبر 1901 بتوقيع السائح المصري. وقد ذكر في مقال 9 أكتوبر وتحت عنوان «مسألة الكويت» ما يؤيد تواجد التجمع البحري البريطاني من شاهد عيان: «إن عدد البوارج الراسية في مياه الكويت ست وعسى الله أن يخفف مطامع انكلتره».
بعد أن هدأت العاصفة، اضطرت السلطات العثمانية إلى نهج طريق آخر غير القوة وهو إقناع الشيخ مبارك – بواسطة نقيب البصرة السيد رجب – بسلوك طريق الدين وتعاليمه الحنيفة. فسافر السيد رجب إلى الكويت، وكان له فيها بيت يقيم فيه، وقابل الشيخ مبارك في 10 نوفمبر لكنه لم يستطع كسب الشيخ وإقناعه. وحينما أرسل النقيب تقريره بعد رجوعه إلى البصرة، ذكر فيه: «تواجد ثلاث قطع بحرية في مياه الكويت».
في 20 نوفمبر 1901 وصل الوالي الجديد مصطفى نوري باشا، وبمجرد وصوله استلم خطاباً من السلطان يأمره بإرسال النقيب السيد رجب مرة ثانية إلى الكويت يأمره بإبلاغ الشيخ مبارك «بالحضور إلى اسطنبول ليرتبط بالقصر الهمايوني(1) وأن يكون بالقرب منه».

مفاوضات بيت النقيب
فأرسل الوالي جواباً إلى رئيس كتبة المابين يخبره بامتثاله للأمر السلطاني وسوف يرسل مع السيد رجب شقيقه ميرلاي نجيب بك، وهو من الضباط العثمانيين الذين أمضوا ثلاثة وثلاثين عاماً بين العراق ونجد وله معرفة سابقة بالشيخ مبارك، للإطلاع على أوضاع الكويتيين ومعرفة آرائهم والتشاور معهم. وأخبر الشيخ مقدماً بذلك. غادر الوفد البصرة إلى الكويت في 29 نوفمبر 1901 على ظهر الطراد العثماني «زحاف»، وكانت البارجة «بومون» في ميناء الكويت عند وصوله في الأول من ديسمبر 1901. وأقاموا في بيت النقيب، الذي كان قد بناه قبل خمسة أعوام، في جهة القبلة من المدينة وقابلوا الشيخ مبارك في اليوم التالي وتم تسليم رسالة السلطان المتضمنة أوامره. في يوم 3 ديسمبر أرسل الشيخ مبارك رسالة السلطان وخطاب الوالي ورسالة استغاثة إلى المقيم السياسي في الخليج – بوشهر – يقول فيها: «طلبوا مني ردا والآن أرغب في حمايتكم وحماية نفسي وأطفالي ورعايانا وأعواني وكل بلدي جميعاً وقد وضعنا أنفسنا تحت مسؤوليتكم وانتظر توجيهاتكم وأوامركم». وطلب الشيخ من الوفد مهلة ثلاثة أيام بعذر أن يتشاور مع شعبه.
في صباح 4 ديسمبر وصل السيد رجب مع ميرلاي نجيب بك إلى منزل الشيخ مبارك وأخبراه بأنهما لن يمنحماه أي وقت إضافي للتفكير وأنهما يريدان الإجابة النهائية فوراً. كان قبطان البارجة «بومون» الكومندر «سمونز» متواجداً في غرفة أخرى، فلما ذهب إليه الشيخ لإطلاعه على مطالب الوفد، قام سمونز وأخطر النقيب بأن الشيخ مبارك ليس في موقع الرد عليه أو على السلطان. وأبلغ النقيب: «بما أن الحكومة التركية قد خرقت اتفاق «بقاء الحال على ما هو عليه»
STATUS «QUO مع بريطانيا وهددت شيخ الكويت، فان الحق مع بريطانيا الآن في الأخذ بأسباب حماية الكويت». وكان خلال تلك المدة قد وصلت البارجة «ريد برست» لمساندة «بومون» اذا دعت الحاجة.
غادر الوفد مساء اليوم نفسه (4 ديسمبر) وأبحر الطراد «زحاف» صباح 5 ديسمبر فوصلوا الى البصرة في 8 ديسمبر.


هوامش
(1) همايون: كلمة فارسية تنسب إلى طائر اسطوري يطلق عليه مسمى «هما» اذا وقع ظله على رأس رجل اصبح ملكاً. فهمايوني تعني ملكي.
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-06-2008, 11:49 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,660
افتراضي

في الحلقة الرابعة والأخيرة من استعراض الوثائق الفرنسية الخاصة بتاريخ الكويت يكمل الباحث الاستاذ يعقوب يوسف الإبراهيم قراءة التقارير العثمانية والانكليزية والمفاوضات التي دارت مع الشيخ مبارك والاشكالية التي رافقت انزال العلم العثماني ورفع العلم الانكليزي ويرصد ما كتبته الصحافة العربية والاجنبية عن «حادثة العلم» وينقل ملخصا للتقرير الذي رفعه القبطان كيسيل قائد السفينة الفرنسية le catinat ولقائه بالشيخ مبارك والانطباعات التي خرج بها عن طبيعة العلاقة الكويتية مع الانكليز والعثمانيين.

كتب الميرلاي نجيب بك تقريراً مفصلاً عن الرحلة. ما يهمنا هنا هو ما حدث في يوم 4 ديسمبر، يقول عن ذلك: «في الساعة الثامنة جاء جابر ليقول ان والده لن يستطيع القدوم لتوعكه، وأنه ينتظرنا في الساعة الحادية عشرة، ذلك الصباح في منزله. وفي الموعد المحدد توجهت مع السيد النقيب الى هناك فاستقبلنا أمام باب غرفته، وقال ان الانكليز منعوه من أن يحضر الينا، وفي هذه الأثناء دخل الغرفة رجل وأبلغ أن القبطان الانكليزي يريد المجيء. فوافق مبارك فدخل القبطان وهو برتبة ميرلاي ومعه ضابطان آخران ثم جلسوا ووجه القبطان كلامه عبر المترجم الى السيد النقيب قائلاً: «ان هناك اتفاقية بين الدولة العثمانية والدولة الانكليزية حول وضع الشيخ مبارك وعدم التدخل في أموره من أي جهة، وأنه يستدل من البرقيات المسلمة له من اخلال بالاتفاق مما يؤدي الى ابطالها. وبناء على ما جرى، فان الشيخ مبارك ليس مخولاً بالرد. واذا أعطى جوابه، فانه القبطان سوف يحرق الكويت. وبما أننا لسنا مخولين بالتعامل بهذا الشأن قررنا الصمت حتى لا يتدهور الأمر. في تلك اللحظة قام القبطان بانزال العلم العثماني المرفوع على العمود المنصوب في الشرفة أمام مجلس الشيخ مبارك ورفع العلم الانكليزي. عندئذ وجهت كلامي الى القبطان عبر المترجم بأنهم استعجلوا في تبديل العلم، فأجاب ان ذلك ليس الهدف بل تبديل العلم هو للتخابر مع البارجة وأنه سيبقى هنا الليلة عند مبارك امتثالاً للأمر الذي تلقاه. فظهر جلياً عدم امكانية أخذ أي رد أو جواب من مبارك بعد الآن. فعدنا الى منزل النقيب وجمعنا حاجياتنا وغادرنا فوراً الى السفينة الهمايونية «زحاف» في الساعة الواحدة والنصف ليلاً وبتنا في السفينة، وفي اليوم التالي تحركنا الى البصرة، والأمر لحضرة ولي الأمر.»
كما كتب السيد رجب النقيب تقريراً مشابهاً نوعاً ما ولكنه خال من موضوع انزال العلم. ولكنه ذكر أن الشيخ مبارك مل من الحياة في الكويت وأنه ينوي السكن في أملاكهم بالفاو أو الزين أو بومباي أحياناً.
أما تقرير قبطان البارجة «بومون» الكومندر سمونز الى رئيسه الأدميرال بوزن ــ جيت قائد الأسطول شرق الهند في 14 ديسمبر 1901 نأخذ منه ما يتعلق بالموضوع نفسه «كان الشيخ يأمل في رد كتابي من المقيم السياسي لمزيد من التأكيد ودعم الحكومة البريطانية له ونتج عن ذلك رفضه الالتزام باعطاء رد مبهم على رسالة السلطان بل رغب في أن أقول نيابةً عنه: اني لن أدعك ترد على ذلك، فوافقت وحضرت مع الكابتن فليبس (قبطان «ريد برست») والملازم هاند المقابلة التي جرت بينه وبين النقيب، حيث صرح فيها انني لم أدعه يرد وقد أكدت على تصرفي بأن برقيتي السلطان تحملان تهديداً واضحاً للشيخ، الأمر الذي نعتبره خرقاً للاتفاقات المبرمة مع الحكومة البريطانية للمحافظة على الأوضاع في الكويت. بعد ذلك غادر النقيب وبرفقته شقيق الوالي». وعن حادثة انزال العلم يقول: «يؤسفني خلال مقابلة النقيب أن جندي الاشارة الذي كان يقوم بالاتصال مع سفينتنا الراسية على بعد ميلين ونصف الميل لم يستطع من تحقيق ذلك، فاستأذن باستخدام سارية العلم في منزل الشيخ، فلاحظ شقيق الوالي ذلك متسائلاً عن رفع العلم البريطاني. وعموماً تم شرح الأمر له وبدا النقيب مقتنعاً.»

دور الصحافة العالمية بالأزمة
أمام هذا الزخم الكبير من الأحداث والمتغيرات السياسية. فان المراقب يرى انعكاسها جلياً على الصحافة العالمية. كما ظهرت بدايات اهتمام واضح وكبير للصحافة العربية في شؤون الكويت استقطبت الاهتمام بحكم موقعها، وتفرّدت جريدة اللواء بنشر مقالات عدة واصدارات على شكل كتيّبات مثل «صدى الحرب» لحسن بن محمد بن حجي كاتب امارة حائل عام 1320 هـ - 1902 م. وكذلك «القول الرشيد في ثبوت امارة ابن رشيد» للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الحمود مفتي الزبير عام 1320 هـ أيضاً.
أما «الأهرام» فقد نشرت مقالات أرسلها أحد مندوبيها الذي سافر الى الكويت لتغطية الأحداث ميدانياً، وهو بيومي ابراهيم ــ وقد ذكرناها في مجال الحديث عن «حادثة بومون» ــ بالاضافة الى المقالات التي يكتبها أنطوان غوغيية تاجر السلاح الفرنسي المقيم في مسقط ونشرت في 15 و20 يناير 1902 على التوالي.
بالرجوع الى الصحافة الأوروبية، نرى التغطية عامة خاصة في الصحف البريطانية نتيجة نقاشات وتصريحات المسؤولين في البرلمان وبعد مبادرة نشرتها جريدة التايمس الهندية TIMES OF INDIA في أكتوبر 1901 تبعتها «سان بتسبرغ هيرولد» ST. PETERSBURGER HERALD الروسية في 12 ديسمبر 1901 ثم «فرانكفورتر زيتنك» FRANKFURTER ZEITUNG الألمانية في 25 ديسمبر و«التايمس» THE TIMES اللندنية في 21 ديسمبر و»نوفوي فيرمان» NOVUEY FERMAN الألمانية في 25 ديسمبر وأعقبتهم دي أمستردامر DE AMSTERDAMMER الهولندية مع كاريكاتير عن اختطاف الكويت في يناير 1902.
وكانت جريدة الجيماينه زيتنك ALLGEMEINE ZEITUNG الصادرة في ميونخ في 29 سبتمبر 1901 قد نشرت مقالاً طويلاً تحت عنوان «حادثة الكويت» أثار سخط وغضب السلطان عبد الحميد على الشيخ مبارك مما ادى الى ابتعاث النقيب الى الكويت لرأب تصدع العلاقات ولكنها خلقت مشكلة البومون وكلها مؤشرات لتأثير ما ينشر في الصحافة العالمية وما يترك من ردود فعل تأجيج للوضع العام.
علاوة على كل ما نشر، تبقى الصفحة المصوّرة، التي ظهرت فيLE MONDE ILLUSTRE قبل أكثر من مائة عام، سبقاً صحفياً واشارة تاريخية مهمة في التسجيل الاعلامي الكويتي – الفرنسي، وهو أيضاً توثيق مهمة «كاتينا».

«مهمة كاتينا» CATINAT
لا بدّ إزاء هذه التغطية الإعلامية غير المسبوقة والنشاط السياسي المحموم لدول تحاول الولوج بنفوذها في منطقة إستراتيجية من العالم، وحكومات لها أجندتها الموغلة في الاهتمام لاقتسام الغنائم الإقليمية ما يدفعها إلى تحرّي الحقائق ميدانياً فلم تكن تقارير القناصل والرحّالة وشبكات التجسس كافية لرسم صورة توضع من خلالها خطط مستقبلية.
من هنا جاء قرار الحكومة الفرنسية في، أولاً إظهار تواجد قوتها العسكرية ممثلة بذراعها البحرية الفاعلة في مواقع الأحداث. ثانياً الوقوف البيني على مصادر الاحتقان السياسي الدبلوماسي البريطاني العثماني. ثالثاً معرفة حالة المنطقة المتنازع عليها حاكماً وحكماً وسكاناً. لذا تمّ الأمر بإبحار البارجة «كاتينا» وهي من قطع الأسطول الفرنسي الحديثة نسبياً (تاريخ بنائها عام 1896م ومدة استخدامها أقل من عشر سنوات)، فألقت مراسيها في ميناء الكويت صباح 20 فبراير 1902. لم يكن وصولها مثيراً للشكوك لدى السلطات العثمانية في البصرة بل العكس كان هناك شعور بالارتياح فالاعتقاد السائد عندهم عن تكرار زيارات قطع بحرية فرنسية أو روسية هي محاولات لكسر النفوذ والتواجد البحري البريطاني. فقبلها بأسابيع، قامت المدمّرة الروسية «فارياج» بزيارة مشابهة للكويت في 9 ديسمبر 1901. كما أن الشيخ مبارك كان مسروراً بهذه الزيارة حيث قابل القبطان «كيسيل» بكل تودّد وأخبره عن ارتياحه لرؤية العلم الفرنسي لأنه يمثل دولة لها شهرتها في العالم في حبها للعدل والمساواة واجتماعه بممثل هذه الدولة يعزّز اعتقاده بذلك. ولم يتردّد الشيخ في الإجابة عن أسئلة القبطان حول العلاقة ببريطانيا فقد لاحظ وجود نفوذها في كل مكان. حتى عند خروجه من لقاء الشيخ مبارك صادف دخول الكوماندر البريطاني بيليم PELHAM. ولكن كيسيل لم يستطع قياس العلاقة الكويتية ــ البريطانية بقناعة، فوجود العلم العثماني المرفوع في بيت الشيخ مثلاً هو حسب ما أفضى به قد رفع لتأثير ديني وليس سياسيا حيث لا نفوذ يذكر ولاحظ كذلك الرغبة في الانعتاق من أي سيطرة كانت، وأنه قد أعلن تحرّره من ربقة سلطان اسطنبول ولكنه لم يرفع العلم البريطاني وهذا يدلّ على إنكاره لحادثة العلم. كذلك لم يجد فائدة من مشروع سكّة حديد برلين بغداد وربطها بالكويت. أما انتقاداته لبريطانيا فكانت لحجبها أي معلومات خارجية عنه. ولكن تصرّفهم ألطف من المسلك العثماني المتغطرس الجاف وعلى العموم فقد اتضح «لكيسيل» أن الشيخ مبارك ليس صديقاً لبريطانيا بالمفهوم المطلق بل انه يحاول أن يحافظ على استقلال قراراته وأن يتحاشى المشاكل قدر الإمكان. وعندها طلب منه القبطان التقاط صور له فاستجاب الشيخ لذلك وهي أول صورة ظهرت له حيث لم يسبقها أخرى. كما سمح له بتصوير المدينة بأسواقها وأهلها فكان له ذلك وعند الاستئذان أخبره القبطان بأنه حين مغادرته سوف يطلق 21 طلقة مدفع تحية له كما جرت الأعراف فشكره الشيخ ولكنه أخبره بأنه لن يستطيع ردّ التحية لعدم توفّر مدفعية صالحة وربما كانت هذه إشارة دبلوماسية للطلب في تسليحه.

معلومات فريدة بالتقرير
لم يضع «كيسيل» وقته فأرسل أفراداً من طاقمه لالتقاط الصور وجمع المعلومات وكانت حصيلة بعض ذلك أن السلطات العثمانية أرسلت كمية من الطابوق إلى جزيرة بوبيان لبناء مركز لها وأن هناك ما يقارب 300 جندي عثماني في أم قصر كما تتجه النية لبناء «طابية» فيها. وعلم أيضاً بأن بن رشيد ينوي مهاجمة الكويت. كما اتضح له أن الكويتيين غير راضين عن التغلغل البريطاني. ومن الشخصيات المهمة التي قابلها هو الإمام عبد الرحمن الفيصل (والد الملك عبد العزيز) وكان الاتصال به قد تمّ عن طريق تاجر السلاح الفرنسي المقيم في مسقط المسيو غوغييه بواسطة محمد بن عبد الوهاب الفيحاني تاجر اللؤلؤ في البحرين. وقد التقط أول صورة للإمام نشرت في مقال اللوموند أيضاً. ومن جملة التحريات وجد بأن هناك مخبرا محلّيا للبريطانيين هو حجي علي (علي غلوم رضا) ومترجما لهم هو حجي عبد الغفّار والذي يقيم في بيت الشيخ.
هذا باختصار بعض من المعلومات المودعة في تقرير «قبطان البارجة «كاتينا» الكومندان كيسيل.
إن مثل هذه الوثائق التي يصل الوقت بها إلى هجير التاريخ وبزوغ القرن العشرين ظلت مركونة تختلج سطورها الشوق إلى الظهور والتصفح. كتبت بأسلوب زمانها وهو على الرغم من سذاجته أحياناً إلا أنه يحتوي عن أسرار علم تام بما كان يدور عند أصحاب القرار من خلال أشخاص بعضهم ينتمي إلى عالم ومدن تعجّ أزقتها وأسواقها بالحركة والنشاط ومقاهيها ومجالسها بالحكايات تسرد بأصوات خافتة وإشارات حذرة وسط ضجيج حياة مجتمعات تسودها القسوة والغلظة. تسافر تلك الأقاصيص مسافات بعيدة لتستأنس منها آذان القناصل ومديري الشركات الأوروبية والمنقبين عن الآثار والرحّالة الذين اتخذوا من تلك المدن القصية مراكز لهم. أو مبعوثين أمثال كومندان «كاتينا» الذي أرسل تقريره إلى وزارة الخارجية في وطنه لإرشادها أو كما قال وزير خارجية فرنسا François GUIZOT 1845: «تنوير الحكومة عمّا يجري في هذه الأجزاء القصية من الإمبراطورية العثمانية». لتبنى على ضوء هذه التقارير وما جاء فيها سياسات أمم جعلت من نفسها وصية لتقاسم ثروات إمبراطورية منهارة أسموها «رجل أوروبا المريض» وتفيض ملفات تلك التقارير ومنذ منتصف القرن التاسع عشر وما قبله معلومات ومخططات تشير إلى العزم على السيطرة على البلدان المطلة على الخليج ومن ثم إحكام القبضة على منابع النفط التي بدأ ظهورها في أواخر القرن التاسع عشر في عربستان وموسوبوتمييا بالعراق.
ما أشبه اليوم بالبارحة.

المصادر والمراجع:
استقيت معلومات هذا البحث بالإضافة إلى ما ذكر فيه إلى:
الوثائق البريطانية:
ا – المكتبة البريطانية – لندن
ب – ملفات مكتبة الهند البريطانية
ج - مكتبة الصحف والنشرات كولن ديل – لندن
الوثائق العثمانية:
ا – يلدز-براكندي ما بين باش كاتبي
ب – صدارة ديوان همايوني مهمة دفتري
ج – صدارة مكتبي قلم عموم ولايات
3- الأرشيف المركزي للبحرية الروسية سان بطرسبورغ
4- وثائق وزارة الخارجية الفرنسية كيه دورسي – باريس
5- وثائق وزارة الخارجية الألمانية – برلين

1- العثمانيون أرسلوا 300 جندي الى جزيرة بوبيان وكمية من الطابوق لبناء مركز لهم
2- مقابلة الامام عبدالرحمن الفيصـل آل سعود عن طريق تاجر السلاح غوغييه وبواسطة تاجر اللؤلؤ البحريني محمد الفيحاني
3- حجي علي «مخبر» وحجي عبدالغفار «مترجم» لدى الإنكليز في بيت الشيخ مبارك




مقر الشيخ مبارك كما ظهر في صحيفة LE MONDE ILLUSTRE



سوق الإبل في الكويت.. وضباط وجنود من البحرية الفرنسية
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صورة يوسف الابراهيم أبوفارس111 الصور والأفلام الوثائقية التاريخية 18 28-07-2012 02:20 PM
أريد الاتصال بالاستاذ يعقوب يوسف الابراهيم وكيع القسم العام 1 05-07-2009 07:47 PM
د. الغضبان: للسفن أدوار متنوعة بتاريخ الكويت، لا تقتصر على التجارة فقط الأديب مقابلات اذاعية وتلفزيونية وصحفية 1 05-07-2009 04:05 PM
كتاب ( الكويت تواجهه الأطماع ) يعقوب يوسف الغنيم AHMAD البحوث والمؤلفات 0 11-03-2008 03:17 AM


الساعة الآن 09:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت