راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > المعلومات العامة
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-05-2010, 12:58 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي المستشرق الروسي بونداريفسكي وكتابه عن الكويت - يعقوب الغنيم

المستشرق الروسي بونداريفسكي وكتابه عن الكويت

غيورغي بوندا ريفسكي مستشرق روسي، له دراية بتاريخ منطقتنا، وله أبحاث كثيرة تتعلق بها، وقد كتب كتابه هذا عن الكويت وأتى إليها مراراً وقدم عدداً من المحاضرات عن بحوثه ودراساته وعن الوثائق الموجودة في وطنه وهي تخص بلادنا، ولذا فهو جدير بأن نكتب عنه ونوثق حياته ونعرض كتابه.
على الرغم من مكانته العلمية والشخصية في روسيا وفي غيرها من البلاد إلا اننا فقدناه بصورة مفاجئة لا تخطر على بال أحد ففي اليوم الحادي عشر من شهر أغسطس لسنة 2003م. أعلن «أن البروفيسور غيورغي بونداريفسكي عضو أكاديمية العلوم الاجتماعية الروسية وأشهر خبراء الشؤون الكويتية عثر عليه صريعاً في مسكنه جنوب شرقي العاصمة موسكو أمس عقب اعتداء قام به لصوص، وقالت مصادر الشرطة إن مجهولين داهموا منزل البروفيسور بونداريفسكي، 83 عاما، فأوسعوه ضربا، وأصابوا رأسه بآلة «ثقيلة» مما أدى إلى فقدانه لوعيه حتى عثرت عليه ابنته وهو في غيبوبة تامة بعد أن أصابها القلق من جراء عدم رده على المكالمات التلفونية لساعات طويلة يوم الخميس الماضي، وكانت ابنته قد استدعت الشرطة والاسعاف التي سارعت إلى نقله إلى المستشفى الذي لفظ فيه أنفاسه الأخيرة متأثرا بجراحه، وتقول مصادر الداخلية إن مجهولين كانوا قد اقتحموا مسكن البروفيسور لأسباب تعود في أغلب الظن إلى السرقة، حيث وجدت الشقة وقد تناثرت محتوياتها وإدراج مكتب البروفيسور الذي لمحت المصادر إلى أنه كان ميسور الحال بسبب استمراره في نشر العديد من الكتب حول تاريخ الكويت التي ركز في بعضه على تفنيذ ما كان يسميه بالأكاذيب العراقية.
ويعد البروفيسور بونداريفسكي أحد أبرز المتخصصين في قضايا منطقة شرق آسيا ومستشاراً للحكومة الروسية للشؤون الإسلامية، وتقول مصادر الداخلية الروسية إن حادث مداهمة مساكن مشاهير العلماء من كبار السن ليس الأول من نوعه، حيث كشفت إحصائيات الوزارة عن أن الحادث الأخير هو الخامس من نوعه منذ يناير (كانون الثاني) الماضي».
كان الخبر الذي نشر في موسكو عن اغتيال بونداريفسكي في اليوم الثامن من شهر أغسطس خبراً من أسوأ الأخبار تلقاه جميع عارفيه بصدمة كبيرة، ذلك لأنه كان رجلا مليئا بالعلم، عارفاً بكثير من أسرار التاريخ، ملما بكثير من خفايا الوثائق ذات الصلة باهتماماته، إضافة إلى العلاقة القوية التي كانت تربطه بكثير من الناس على مستويات مختلفة من علماء وتلاميذ وباحثين ومهتمين بالوثائق وبحركة التاريخ، وكان مارك بوردمان من أصدقائه المهتمين بالاهتمامات نفسها وقد حرص على أن يعبر بهذه المناسبة عن كل ما يجيش بخاطره حيال صاحبه فكتب مقالة جاء فيها مع تصرف شديد حتى لا يضيق بنا المكان، يقول بوردمان:
«لقد تأثرت كثيرا عندما كنت أتحدث عن بونداريفسكي مع معارفه وأصدقائه فكان الجميع عندما أذكر اسمه يقولون: «لقد كان هذا الرجل معلما»، هؤلاء الناس قرأوا كتبه التي نشرت وعرفوا بعد نظره وعن التزامه بأفكاره ونقلها للآخرين وعن استغراقه في العمل والإخلاص له، ان أعظم شرف يناله بونداريفسكي هو أن يتذكره الناس على هذا المنوال.
مقولة «لقد كان أستاذي» ترن بشدة في أذني خاصة عندما أذكر مقابلة في آذار سبتمبر 1990 في لندن مع زميلي ميشيل ليبج، ولقد اتصلنا به على أساس إجراء مقابلة معه حول مقالة في «الجاردين اللندنية» حيث قال عن قلة المعلومات الموجودة لدى وحدة المعلومات اللندنية وعدم علمها بالهجوم العراقي الذي تم ضد الكويت في 2 أغسطس 1990 وقال إن هناك غرابة حول هذا الموضوع وهو غير متوقع من قبل هذه الوكالات التي تعلم كل شيء تقريبا وعدم إعلان المعرفة بهذا الوضع أمر لا يمكن تفسيره.
وخلال المقابلة معه في فندق كينسغتون، أخذنا إلى عالم أبعد ما يكون عن الصراع الكويتي- العراقي المعقد، وكان لديه الكثير مما يقوله عن هذا الصراع، وكان من الواضح أنه يقوم بتقديم المشورة والنصح إلى الحكومة الروسية ومن المحتمل كذلك الحكومات الأخرى حول ما يجب القيام به، ولكن آراءه حول هذه المشكلة كانت على الدوام هنا وهناك مع كثير من التساؤلات حول تاريخ العراق وتاريخ الخليج، مع كثير من الروايات التي تحكي عن خبرته بهذا الموضوع، وقد ذهلنا من كثرة ومدى روعة هذه المعلومات وأصبحنا طوال الـ13 عاما التي تلت هذه المقابلة نقول: «البروفسور- أستاذنا».
من ناحية أخرى كنا نتساءل «كيف يعلم هذا الرجل، وخلال هذه المناقشة التي امتدت لعدة ساعات كنا نستلقي من الضحك بين آن وآخر، لقد كان البروفسور يلقي علينا بأسلوب ساخر حاد مشواره حول التاريخ، لقد درس وقابل الملوك والحكام في وسط آسيا وأقاليم أخرى، وعاصر ستالين، وسقوط الدكتاتورية، وبعد ذلك سقوط نظام بأكمله- الاتحاد السوفيتي- لقد كان المرح والسخرية أمرين متلازمين في حياته، كرجل ومفكر، لقد كانا عاملين مهمين لا ينفصلان يشكلان أسلوبه في توصيل الأفكار.
ويتذكر أعضاء منظمة EIR وآخرون من حركة لاروش في أوروبا- يتذكرون بشغب البروفسور بونداريفسكي كأستاذ، فقد زار مقرهم في فسبادن، في أوائل ووسط التسعينيات ولقد كان أمرا لا ينسى وهم يواجهون أ.د.بونداريفسكي ورؤياه التاريخية العميقة وحرصه الجم ولمدة 13 عاماً كان «حاضرا على الدوام في أذهاننا وفي عملنا الذي لا يضاهيه عمل استثنائي».
وفي اليوم الرابع عشر من شهر أغسطس وصفته الـEIR بأنه ذو عقل عبقري، وله توجهات آسيوية، شخصية ذات نوع خاص، نوع جديد من الوطنية والمواطنة بدأت تظهر في روسيا- «أنه صورة مصغرة- مثال- للعمل».
في أواخر أشهر حياته كان إخلاصه لأمته ملازما لآلامه وجهوده، إن روسيا في السنوات الحالية أصبحت الحياة فيها صعبة وقاسية، وتحتاج إلى مجهودات وماديات من الصعب الحصول عليها، خاصة للأكاديميين- إن عقول الأمة الروسية التي كانت في السنوات السابقة تعامل بقدر كبير من الاحترام والتشريف أخذت تتعثر الآن وتكافح لتعيش.
كان بونداريفسكي يعاني من مشاكل صحية- وكانت زوجته الحبيبة- البالغة من العمر 63 عاماً- تعاني من المرض في السنوات الأخيرة- وتضاعف مرضها بسبب انهيار الأمن في مجمع سكنها الذي كانا يعيشان فيه في موسكو والذي كان أحد عوامل اغتياله، وتوفيت زوجته في ابريل عام 2003 مما سبب له انهيارا عاطفيا شديدا كانت مساعدته المخلصة، أثناء كتاباته المستمرة وكان يقول دائما بفخر «طوال حياتنا الزوجية لم نتشاجر على الإطلاق».
بعد وفاة زوجته، استمر بونداريفسكي يعمل عدة ساعات كل يوم، يدرس ويقرأ ويتابع ويوجه الأحداث العالمية، وكان يقوم بالتدريس كذلك، وفي اللحظة التي تم اغتياله فيها كان يعد بحثا للحكومة الروسية، حول «روسيا والقوقاز» كما أجرت معه EIR مقابلة عن «الخلفية التاريخية للأزمة الحالية في العراق» والتي كان يؤجلها عدة مرات لانشغاله بأمور أخرى مهمة، وبعد موته قال أحد زملائه : «يا ليت بعضا من زملائي الشبان يعملون بجد كما كان يفعل هو».
أما أعمال بونداريفسكي المتنوعة ومدى إخلاصه في أدائه لها فيذكر أنه بدأ العمل في وسط آسيا وإيران والخليج خلال الحرب العالمية الثانية وفي عام 1942، ساعد في إعداد مؤتمر طهران وفي عام 1945 أصبح وكيل وزير الخارجية لمقاطعة أوزبكستان وهذه المقاطعة- بالإضافة إلى الهند- أصبحت مركز اهتماماته وأعماله التاريخية خلال 6 عقود.
كان يحب الهند حبا جما «لقد كانت الهند في يوم من الأيام درة التاج البريطاني»، أما بالنسبة إلي فإن الهند «لؤلؤة قلبي» وتسلم جائزة جواهر لآل نهرو الدولية وعام 2000 استقبله الرئيس Nara ya nan في مقره الرسمي ليحصل على أحد أعلى الأوسمة الهندية- ميدالية Padma shri- وزير المالية الهندي السابق في حكومة انديرا غاندي- وأحد أعضاء حزب المؤتمر الهندي، لقد كان بونداريفسكي أحد العلماء القلائل في المنطقة الذين يهتمون بالهند، وقد فهم تماما أسلوب الهند في التعامل مع المشكلات، وعرف حضارتها، وأسلوبها السلمي والبعد عن العنف، ودور حزب المؤتمر، لقد كان كثير من الأكاديميين غير ثابتين في آرائهم حول الهند.. لقد ظل يقدر الهند ولا يغير آراءه تجاهها لسنوات كثيرة.
وعند موته أرسلت حكومة الهند التعازي لأسرته وامتدحت «ابن روسيا العظيم» وأكدت أن حكومة الهند قد حزنت وستحزن لوفاته.
ولعدة سنوات عمل بونداريفسكي مع معهد أكاديمية العلوم الشرقية السوفييتي، وأصبح عميداً لمعهد أورينتال في جامعة وسط آسيا في طشقند وخدم مستشاراً للشؤون الشرقية لأكثر من 6 سنوات، وللحكومة السوفيتية لمدة 6 عقود، وأصبح عضوا في معهد الأكاديمية الروسية للعلوم للدراسات الاجتماعية والسياسية، وتم انتخابه للأكاديمية الروسية للعلوم الاجتماعية عام 1995، ألف 27 كتابا ومذكرة، وكثيراً من الموضوعات كانت تدور حول وسط وجنوب آسيا، وعن القوقاز والخليج، وعن السياسة الاستعمارية البريطانية في الشرق الأدنى والأوسط وعن مشروع سكة حديد بغداد - برلين.
ومما ذكرنا نستدل على أن الرجل عاش حياة حافلة لم يتوقف خلالها عن العمل حتى وهو يستقبل القائل الذي أودى بحياته وحرمنا من كل ما كان يمثله من علم وادراك لكثير من القضايا السياسية التي كان يعتمد في التعرف عليها من خلال قراءاته ووثائقه.
وفي الكويت الوطن الذي أحس بقيمة هذا الرجل نشرت مجلة «رسالة الكويت» التي يصدرها مركز البحوث والدراسات الكويتية مقالا أبنته فيه، وذكرت بعض ما امتاز به من قدرات وبينت أنه كان صديقا مخلصا ووفيا وذكرت أن الكويت فقدت بموته صديقا باحثا عن الحقيقة في جميع وثائق الأرشيف الروسي، ومدافعاً عن حق الكويت في حريتها واستقلالها.
ولذا فإننا سوف لاننسي هذا الرجل ولا الذي قدمه من أعمال.
اسم الكتاب الذي ألفه بونداريفسكي عن الكويت، هو: «الكويت وعلاقاتها الدولية، خلال القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين «ترجمة الدكتور ماهر سلامة، وطبع في الكويت سنة 1994م، ونشره مركز البحوث والدراسات الكويتية، وهو من أهم الأعمال التي قام بها هذا المركز النشط الذي أمد كافة المهتمين بكثير من الكتب والمنشورات المهمة المتعلقة بتاريخ الكويت وبتراثها. وقد بدأت النسخة العربية بتصدير كتبه أخي الأستاذ الدكتور عبدالله يوسف الغنيم رئيس المركز، كان مما جاء فيه قوله: «يقدم المركز هذا الكتاب ضمن إصداراته وهو يعبر عن آراء مؤلفه ورؤيته الذاتية وتفسيره للوثائق والأحداث التاريخية ودلالاتها إيماناً بأن دور المركز الذي أناطه به مرسوم إنشائه في العمل على أن يكون مصدرا وطنيا لتاريخ الكويت يقتضي أن نتيح للباحثين فرصة الاطلاع على كل الوثائق والآراء على اختلاف توجهاتها ورؤيتها ومنطلقاتها واثقين في يقين بأن حق هذا الوطن وحريته واستقلاله، وصموده وثباته على مدى رحلة تاريخه هو في النهاية الحقيقة الصادقة التي تنتهي إليها كل الأدلة الموضوعية المتجردة».
والكتاب مترجم عن الروسية بأسلوب راق، لكنه سهل التناول بحيث يستمتع القارئ بقراءته، ويستمر فيها متتبعا كل ما أورده بونداريفسكي من معلومات تاريخية ومن مقارنات بين الأقوال المتعددة في مجال تاريخ الكويت وتاريخ المنطقة المحيطة بها بأجملها.
بعد انتهاء التصدير تأتي مقدمة المؤلف، وهي مقدمة ضافية تضم الكثير من المعلومات المهمة، وتمهد لكل ماجاء في الكتاب بعدها، وقد جاء في ختامها قوله: «ولابد من التنويه أخيرا إلى أن هذه الوثائق والتقارير المحفوظة في الأرشيفات الروسية، وكذلك الوثائق المذكورة عاليه من أرشيفات ألمانيا والهند وبريطانيا، مع الكثير من الأبحاث العلمية والمذكرات ومحاضر المناقشات البرلمانية، وأهم المقالات المنشورة في الصحافة الأوروبية والمصرية والهندية قد وجدت طرقها إلى هذا البحث، واستخدمها المؤلف - كما سيتبين القارئ من فصول الكتاب - التدليل على العبقرية الدبلوماسية الكبيرة لمبارك الصباح، علما بأن كل هذه الوثائق والتقارير تثبت بأن الكويت في حدودها الراهنة لم تكن أبداً في أي وقت من الأوقات جزءاً من ولاية البصرة».
بعد ذلك يأتي دور نص الكتاب الذي يتكون من خمس صفحات وخمسمائة صفحة، وينقسم الى ثلاثة عشر فصلا، تلحق بها مجموعة من الوثائق، كما يضم عددا من الصور الوثائقية المهمة ذات الصلة بعلاقات الكويت بروسيا على الأخص.
تحتوي الفصول على موضوعات متعددة تبدأ بالحديث عن نشأة الكويت تاريخيا، ثم الحديث عن علاقات الكويت الدولية والسياسة الاستعمارية على مشارف القرن العشرين. ثم الكويت والجزيرة العربية في الفترة ذاتها، وعلاقات الكويت بروسيا، وأزمة الكويت في سنة 1901م ويقصد بها ما حدث في أعقاب حرب الصريف وقد استغرق هذا الموضوع عددا كبيرا من الصفحات تبدأ من ص 225، وتنتهي عند صفحة 266، وفي الفصول اللاحقة تحدث عن مجريات الاحداث في المنطقة حديثا مفصلا ومهما، إلى أن جاء إلى الفصل الثاني عشر فتحدث فيه عن زيارة اللورد كيرزون للخليج والكويت، وذكر كيف أن هذا المسؤول البريطاني الكبير (كان نائب الملك في الهند) عني بزيارة حدود الكويت الشمالية وهي زيارة لها مغزاها، وكان لها تأثيرها، وكان الفصل الأخير (الثالث عشر) عن الكويت وعلاقاتها الدولية في بداية القرن العشرين، ثم جاءت الخاتمة وكانت طويلة جدا فهي عبارة عن الخلاصة التي خرج بها بونداريفسكي من بحثه الكبير هذا، وفيها بعض الأمور التي ينصح بالالتفات إليها ويكفي أن نشير إلى نقطتين تدلان على ذلك، وهما:
النقطة الأولى قوله: «ومن الحقائق الواضحة المستخلصة من هذا الواقع المذكور عاليه أن الكويت لم ترضح عمليا في أي وقت من الأوقات لسيطرة الامبراطورية العثمانية، ولم يحكمها أي وال تركي، ولم تحتلها أية قوات تركية».
والنقطة الثانية هي قوله: «ومهما يكن من أمر، فإن تقييمنا لدور الكويت وعلاقاتها الدولية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين؛ يدفعنا للتأكيد مرة أخرى بأن هذا الدور لم ينل حقه وقسطه الوافي من الدراسة، وأن دور الكويت ومكانتها في السياسة الدولية في القرن العشرين لهما أكبر بكثير مما هو متعارف عليه حتى الآن، وهو ما ينطبق كاملا - أيضا - على خصوصيات وجوانب الفن الدبلوماسي لمبارك الصباح، المؤسس الحقيقي لدولة الكويت والمناضل القوي الذي لم يمل أو يكل من أجل استقلالها وسلامة أراضيها».
***
والخلاصة أن هذا الكتاب مليء بالمعلومات المهمة عن تاريخ الكويت، ومفيد لكل من يرغب في التزود من المعرفة في هذا الخصوص. ولقد استفدت منه شخصيا، وقرأته أكثر من مرة، وفي كل مرة ترسخ في ذهني الأفكار التي تضمنها، فاستدل على المراجع التي رجع إليها، وأجد في أسلوبه في استنباط المعلومات من مظانها ما يفيد ويحيي الذاكرة، بل ويمدها بزاد جديد. فالشكر كل الشكر للمؤلف وللمترجم، ثم لمركز البحوث والدراسات الكويتية الذي لم يبخل على هذا السفر المهم فأخرجه بأبهى صورة، ولاشك في أن ذلك راجع إلى رئيس المركز الأخ الأستاذ الدكتور عبدالله يوسف الغنيم الذي يعرف القيمة الحقيقية لانتاج الباحث الروسي البروفيسير غيورغي بونداريفكسي.


==========


ملحاق خير

تتبع بونداريفسكي نشاط الشيخ مبارك الصباح في كتابه الذي أشرنا إليه. وكان معجباً بتصرفات الشيخ من حيث أنه كان حريصا على مصالحه ومصالح بلاده، وهو يرى أن مبارك الصباح لم يدخر وسعا في سبيل الاستقرار والأمان في الكويت حتى إذا وجد أن من المصلحة عقد الاتفاق مع بريطانيا فإنه لم يتردد في ذلك. ولقد أشار بونداريفسكي إلى مسألة من المسائل المهمة التي لعب مبارك فيها دوراً مهما وخرج منها منتصرا.
في سنة 1907م كانت بريطانيا تفاوض الشيخ علي استئجار قطعة أرض في منطقة الشويخ، وهي الأرض التي تحدثنا عنها منذ زمن في «الأزمنة والأمكنة» بجريدة «الوطن» وذكرنا أن الاتفاقية بشأنها قد انتهت في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح.

كان الكابتن ستيوارت جورج نوكس ممثل بريطانيا في الكويت منذ شهر أغسطس لسنة 1904م حتى شهر أغسطس لسنة 1909م، مكلفا بإجراء المفاوضات الخاصة باستئجار الأرض المذكورة مع الشيخ مبارك الصباح وقد جرت هذه المفاوضات في السنة التي ذكرناها وهي سنة 1907م، في جو شبه عاصف، وكان الشيخ كما يقول بونداريفسكي «حسب ما يستدل من الوثائق المتوافرة قد أجرى مفاوضات صعبة ومكثفة للغاية مع نوكس استمرت على مدى سنتين من الزمان، كان فيها مبارك متشدداً مستهدفاً الحصول على دعم شامل لكل مطالبه طارحاً إلى جانب ذلك شروطاً مالية قاسية، إذ طلب مبلغاً يعادل ستين ألف ربية سنويا، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت اهتزت له الدوائر المالية البريطانية في لندن «ويبدو أن الأمر انتهى إلى الاتفاق على إيجار قدرته الخزانة البريطانية وهو في حدود نصف المبلغ الذي طلبه الشيخ أي ثلاثين ألف ربيه. وعلى الرغم من أن الشيخ قد عقد الاتفاق مع الجانب البريطاني وفق المبلغ الذي تحدد أخيراً إلا أنه كان في أشد حالات الغضب لهذا الموقف المعبر عن البخل الشديد المتمكن من الطرف الآخر من طرفي الاتفاق، ولذا عزم على عمل شيء يحقق به ما يريد.

يقول بونداريفسكي أيضاً: «وكما يستعرض حاكم الكويت استياءه من بخل وشح الجانب البريطاني، قام في بداية شهر يولية لسنة 1907م بقيادة حملة عسكرية إلى المحمرة لمساعدة حليفه القديم الشيخ خزعل في قمع تمرد إحدى قبائل عربستان، وقد تعمد الشيخ مبارك عدم اطلاع نوكس على تحركاته هذه، على الرغم من أن هذا التصرف العسكري منه وهو المرتبط بعلاقات خاصة مع بريطانيا، كان من الممكن أن يؤدي إلى صدام خطير بين انجلترا وإيران نظراً لوقوعه على أرض المحمرة التي تعتبرها إيران جزءاً منها على الرغم من وجود أميرها خزعل الذي كان يحكم بلاده بحرية تامة «ضجت السلطات البريطانية في الهند نتيجة لهذا الموقف وحاول نوكس أن ينبه الشيخ إلى مغبة هذا العمل غير المتفق عليه مع بريطانيا، ولكنه لم يجد أثرا لكل محاولاته، بل وحتى في تهديده بسحب الممثل البريطاني من الكويت. ونتيجة لتشدد الشيخ مبارك الصباح في موقفه هذا وحرصه على أن يعمل ما يريد دون أن يعير البريطانيين أذنا تسمع باعتباره يرد على ما كان يعتبره إهانة حين رفض هؤلاء المبلغ الذي قرره إيجارا لأرض الشويخ، وقد قام حاكم الهند البريطاني منتو نتيجة لذلك بالطلب من المقيم السياسي في الخليج أن يفهم مرؤوسيه «أن مبارك لم يسبق له في أي وقت من الأوقات أن سلم سياساته الخارجية للسلطات الهندية «البريطانية» لتحكم فيها أو تشرف عليها، فضلا عن ذلك وجه نصيحة إلى نوكس بالتغاضي عن الأمر ومواصلة التفاوض مع الشيخ حول الاستئجار».

بعد هذا تم اتفاق التأجير بين الطرفين، وكان الموقف الذي اتخذه الشيخ مبارك الصباح سبباً في أن ينال مكاسب مهمة كان أهمها أن رضخ الجانب البريطاني فدفع له المبلغ الذي يريده وهو الذي كان يعترض على الستين ألفا من الربيات التي اثار خفضها المشكلات أثناء المفاوضات، وترتبت على ذلك أمور أخرى مهمة منها موافقة مبارك على تأجير جزيرة وربة للبريطانيين إذا رغبوا في ذلك، وهذا مقصد من المقاصد المهمة التي اهتم بها الشيخ مبارك إذ لا يخفي أهمية هذه الجزيرة بالنسبة للكويت وحدودها وما دار حولها في ذلك الوقت (أنظر كتابنا: الكويت تواجه الأطماع) ونص البند العاشر من اتفاقية التأجير والاستئجار على تعهد من الشيخ بعدم تحصيل ضرائب على السلع المملوكة لبريطانيين تزيد على نسبة %4 من قيمتها، وهذا معناه موافقة الجانب البريطاني على مضاعفة الضريبة لأنها كانت قبل أن يتم هذا الاتفاق %2 فقط.
هنا يجمل بندرافيسكي الأمر في الكلمات التالية: «واستخلاصا مما سبق تؤكد الوثيقة الموقعة، من قبل الوكيل السياسي البريطاني في الكويت باسم حكومة بريطانيا بأن الباب العالي يعتبر دولة أجنبية، مما يدل على أن الكويت مستقلة عن الدولة العثمانية».
لقد كانت هذه هي نهاية جهود الشيخ مبارك الصباح علماً بأن التأجير كان لغرض تجاري بحت، ولم تكن فيه شبهة عسكرية، وقد رأينا أن بريطانيا بدون طلب من الكويت هي التي تقدمت بطلب إلغائه في أيام حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح، واستفادت الكويت من المباني التي أعدها البريطانيون، وبعضها استعمل محجرا صحياً عندما دعت الحاجة إلى ذلك.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-05-2010, 01:34 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

اقتباس:
وفي اليوم الرابع عشر من شهر أغسطس وصفته الـEIR بأنه ذو عقل عبقري



وبالفعل كل من يقرأ كتاب ( الكويت وعلاقتها الخارجية ) لا يشك أبداً بصحة هذه المقولة .. بأنه صاحب عقل عبقري ..


- وبالبدأ أحب أن أشكر الأديب يعقوب الغنيم على هذا الموضوع القيم عن المستشرق الروسي بونداريفسكي والذي قام بجهد عظيم من خلال إخراجه لهذه التحفة الجميلة ( الكويت وعلاقتها الخارجية ) وهذا الكتاب القيم يدحض وبالمراجع وبالمنطق والتحليل كل من يزعم ويتوهم بأن الكويت تتبع إدارياً للدولة العثمانية في ذلك الزمن وفي ذلك العصر فمن خلال إظهاره للحقائق ومعايشتة للواقع وللأحداث التي جرت في ذلك الزمن يتبين لنا أن وضع الدولة العثمانية في منطقتنا خاصة .. تحيط به في أحيانٍ كثيرة الأزمات والنكبات في كل فترة وما بين حين وآخر .. وهو ما يبعد كثيراً هذا الزعم وهذا الإفتراء ..


- وأنصح الجميع وكل شخص مهتم في تاريخ الكويت أن يقرأ هذا الكتاب (( الكويت وعلاقاتها الدولية، خلال القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين )) .. فلقد أماط اللثام عن الكثير من الأحداث المغيبة والمخفية .. وهذا الكتاب يفصل لك الأحداث المهمة التي حصلت في تاريخ الكويت وأسبابها تفصيلاً وتحليلاً منطقياً .. ولا ريب أن من قام بكتابة هذا المؤلف لهو بحق يستحق أن يكون بالفعل من كبار المستشرقين ..

فلذا أقول من فاته قراءة هذا الكتاب الضخم فلقد فاته الكثير ...
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-05-2010, 02:03 AM
الصورة الرمزية بوخالد..
بوخالد.. بوخالد.. غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: الكويت
المشاركات: 76
افتراضي

الاخ الفاضل احمد
كيفية الحصول على الكتاب ؟
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-05-2010, 02:18 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

من مركز البحوث بالمنصورية .. مقابل الجمعية
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذه هي ثروة الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 1 17-09-2017 01:35 PM
مواقف في تاريخ الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD الصور والأفلام الوثائقية التاريخية 2 07-08-2010 04:16 PM
تجارة الكويت القديمة - يعقوب الغنيم AHMAD تاريــــــخ الكـويت 1 21-07-2010 05:27 PM
الكويت في مجموعة من صحف الأمس - يعقوب الغنيم AHMAD البحوث والمؤلفات 2 29-10-2009 12:41 PM
حديث حول مساجد الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 4 23-03-2009 01:24 PM


الساعة الآن 08:09 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت