راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 09-05-2010, 02:37 AM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي جاسم مبارك الجاسم



¶ يوم قرر اصدار اول مجلة اسبوعية «الرسالة» عام 1961 لم يكن يملك 10 في المائة من المصاريف وعندما حاول تأمين مبلغ من التجار اجابوه: هذه المهنة «ما توكل عيش وماكو حد يقرأ» لكنه صمم على الصدور، بعدها ارسل إليه المرحوم الشيخ عبدالله السالم ليبارك له بالاصدار وسأله: من معك؟ قال: عبدالله السالم وشعب الكويت، وعندها اهداه مبلغا كبيرا من المال كان بمثابة الدافع الاول والاكبر للاستمرار والبقاء.
¶ مغامرة جاسم مبارك حركت المياه الراكدة لدى مجموعة من رجالات الكويت الذين رأوا فيه حافزا لهم فكانت ولادة مشاريع صحفية جديدة، منها اصدار يوسف الرومي لمجلة مرآة الأمة وباقر خريبط لمجلة صوت الخليج ويوسف العليان لجريدة كويت تايمز، واحمد الجارالله الذي عمل عنده فترة ثم انتقل لـ«الرأي العام» وبعدها أصدر «السياسة» كصحيفة يومية.
¶ 51 سنة أمضاها في عالم الصحافة والطباعة، تشعر برائحة الحبر وانت تستمع اليه راويا ومحدثا عن تاريخ الصحافة والمطابع في الكويت، دخل المهنة بقناعة وثقة بالنفس، واجه المصاعب والعوائق، لكنه تجاوزها، امتلك القدرة على الصبر واليوم تراه مقصدا لابناء المهنة ومن بقي من ذاك الرعيل، وهو يستذكر من غاب وانتقل الى رحمة ربه ومن بقي منهم كالاستاذين احمد يوسف بهبهاني واحمد الجارالله الذي ينظر اليه كرجل عصامي ومثابر.
¶ ارتبط بعلاقات وثيقة وحميمية جدا مع حمد يوسف العيسى وعبدالحميد المزيدي منذ مرحلة الشباب وكان يتردد عليهما بين وقت وآخر في الوقت الذي كانا يستعدان فيه لاصدار جريدة مع بدايات الاستقلال عام 1961 والحصول على ترخيص واتمام الاجراءات واختيار الاسم (الرسالة).. وفي احد الايام طلبا منه الحضور ليفاجأ بدعوة لم تكن تخطر على البال، والقول: لدينا مشكلة نريد ان تساعدنا بالحل وعندما استفسر عن الموضوع اجاباه سنتنازل لك عن ترخيص «الرسالة» ولا تقلق
فالخلاف بيننا فكري وليس ماديا، مع معرفته بالاتجاه السياسي لكل منهما فحمد العيسى ميوله نحو البعث، والمزيدي ينحو أكثر مع الناصرية. وبالفعل سحب عبدالحميد المزيدي ورقة وكتب عليها التنازل وهي رسالة موجهة الى الشيخ صباح الاحمد، وكان في حينه مسؤولا عن دائرة المطبوعات، توجه بها الى هناك ليكمل اجراءات التسجيل وهذا ما حصل.
¶ الشرط الوحيد الذي ألزم «بومبارك» بإصدار الرسالة وكان مع «البيعة» كما يقولون ان يبقي التعاقد الذي ابرمه المحامي المرحوم حمد يوسف العيسى والذي شغل منصب رئيس ديوان الموظفين مع اربعة صحافيين وهم سليم ابو الخير ومزيد ابو عيطة وسامح الحاج وابراهيم وحنا مقبل الذين شكلوا الانطلاقة الاولى في ادارة التحرير للمجلة، اضافة الى يوسف الرومي واحمد الجارالله واحمد خلف الذين ساهموا بالسنة الاولى من الصدور كصحافيين وكتاب.
¶ قليلون اولئك الذين يعرفون «بومبارك» بوجهه الآخر قبل ان يصبح من رواد المطابع والصحافة، فقد عمل مع والده ببيع الاخشاب، ومارس الاعمال الحرة، وكان في العشرينات عندما ذهب الى الهند لجلب البضائع قاصدا بومبي ومتنقلا بين حسين عيسى وعيسى يوسف العيسى، ومثلما كان الحال في ذاك الوقت يستقل الطائرة من البصرة الى بومبي ويعود بالباخرة. وتلك كانت اجمل ايام عمره وشبابه وشعوره بالحرية والاستقلالية خاصة اسلوب التعامل مع التجار الهنود والامانة التي يتحلون بها، عندما «تعطيه ذهبا ويعيده مالا».
¶ مواجهة المصاعب في التجارة مع الهند والابحار في عالم المشقات في بلاد الاغتراب زاده مناعة واعطياه الخبرة في مشروع اصدار مجلة «الرسالة». وفي اللحظة التي حمل فيها رسالة التنازل من المزيدي وهو في طريقه الى مبنى الاعلام راودته جملة من التحديات وما اذا كان بمقدوره ان ينجح بالمجلة لا سيما انها تجربة جديدة. وخوفه من الفشل بعدما سمع الناس عن مشروعه، زاده اصرارا ولم يتوقف عند رفض عدد من المتمولين المساهمة معه بالمال واقراضه لانهم رأوا في اصدار مجلة عملا خاسرا وهؤلاء التجار اتوا اليه بعد سنتين من الصدور يطلبون المشاركة ويجيبهم «أخاف عليكم من الخسارة وانا شايف خسارتها أكبر من ربحها».
¶ جاسم مبارك، أول من اكتشف ظاهرة محمد الفايز الابداعية في الوقت الذي لم يكن أحد يسمع به، وكان يكتب في «الرسالة» باسم «سيزيف» ولديه ثقافة عالية، صادف أن اتصل المرحوم الشيخ جابر العلي به مستفسراً عمن يكون هذا «سيزيف» وقال: لا أعرف؟ رد عليه. كيف يكتب عندك ولا تعرف من هو؟ إن صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم هو من يسأل، فما كان من جاسم المبارك الا أن نشر اعلاناً في المجلة يطلب فيه من «سيزيف» الحضور للمكتب لأمر مهم، جاءه بعدها بأيام، وعرّف عن نفسه باسم محمد الفايز، وبغترة ملفوفة حاملاً أوراقه بيده، جلس بقربه وتحادث معه ووجده خجولاً غير قادر على الكلام بشكل متماسك.. أخبر «بومبارك» الشيخ جابر العلي بالواقعة، وطالب امهاله الى أن يقوي علاقاته بمحمد الفايز، وفي اليوم المحدد ارتدى الفايز الزي المناسب واصطحبه الى مكتب الشيخ جابر العلي، ليدخلوا الى مكتب سمو الأمير الشيخ عبدالله السالم في قصر السيف، وكان ذلك في عام 1963 وقدمه له بقوله.. هذا «سيزيف» يا طويل العمر.. حيث دار حوار حول الشعر والادب ليخرج الثلاثة بعد ساعة من اللقاء.
¶ يعتز «بومبارك» بأنه وراء اكتشاف محمد الفايز الذي تم نقله من قارئ عدادات بوزارة الكهرباء الى «وظيفة زينة» بوزارة الاعلام، وبقرار من المرحوم الشيخ جابر العلي، وأثناء تلك الفترة خرجت كتابات الفايز عن البحر والسفن والتجارة بالأغنية المشهورة التي غناها شادي الخليج «طلع الهولو» وهي قصيدة ذاع صيتها حتى اليوم.
¶ عندما صدرت الرسالة لم يكن في الكويت مطابع غير المقهوي والعصرية والغربللي، وكان يطبع بومبارك عند المقهوي، واستمر على هذه الحال لمدة ثلاث سنوات الى أن اجتمع في يوم عدد من أصحاب الصحف والمجلات، وكان ذلك في عام 1968 وبعد التشاور قرروا انشاء مطبعة واحدة، سافروا الى بيروت وزاروا اهم وكلاء المطابع في الشرق الأوسط، وهو جورج اسطفان الذي زودهم بالتكلفة المالية للمكائن القادرة على اصدار صحف يومية، ومجلات وبعد ثلاثة أيام اختلفوا في بيروت قبل أن يعودوا الى الكويت، لكنه أراد المغامرة بنفسه، فأقدم على شراء مطبعة وتركيبها. خلال شهرين مما اثار حفيظة باقر خريبط الذي عاتبه لعدم اشراكه بها.
¶ منذ الستينات وشيخ المطابع والصحافة يواظب على حضور معارض الطباعة العالمية، لم يترك معرضا الا وزاره، من المانيا الى تشيكوسلوفاكيا مرورا بالصين، وهي مناسبة يعتبرها ضرورية لأنها تفتح امامه آفاقا واسعة في عالم الطباعة ليواكب احدث التطورات بالمكائن ويقف على كل ما هو جديد في مجال الاحبار والورق والفن والذوق، ويستعد وهو في الثمانين من عمره للذهاب الى لندن في شهر يونيو القادم، حيث أحدث المعارض الطباعية.. محاكيا تلك الثورة في تكنولوجيا الطباعة بتسليم المهمة الى ابنه مرزوق الذي اوكل اليه جزءا رئيسيا من اعمال الطباعة وبقي هو في مكتبه القابع على زاوية مطابع الرسالة بشارع الصحافة متخصصا في طباعة الكتب المدرسية ومتقنا الاداء بالتسليم وبالمواصفات بعد ان قام بطباعة صحف اسبوعية ويومية مثل «الهدف» و«الوطن» ايام احمد العامر و«الرأي العام» و«القبس» في فترات سابقة.
¶ يدين بالوفاء لوقفة المرحوم الشيخ عبدالله السالم والمرحوم الشيخ جابر العلي ولأصحاب مطبعة مقهوي الذين أبدوا تجاوبا كبيرا في تسديد قيمة الطباعة بحسب «التساهيل» وعلى اقساط، في حين ان التشجيع الوحيد الذي وجده كان من سمو الامير الشيخ عبدالله السالم الذي أوعز للشيخ جابر العلي بعمل اشتراكات مرضية، بينما يعتبر ان اول المشتركين هو الشيخ عبدالله السالم.
¶ لم تسلم مطبعته ولا هو شخصيا من عربدة وأذى الاحتلال العراقي للكويت، فقد دخلوا المبنى والمكاتب ومسحوا كل ما وصلت اليه اياديهم حتى البومات الصور لم يتركوها، وكان عليه ان يختفي عن الانظار طوال فترة الاحتلال بعدما سمع بأذنيه قرار حكم الاعدام الصادر بحقه من قبل النظام العراقي المحتل، وهو الذي وقف الى جانبهم طوال 30 سنة، بل قاموا بمصادرة مكتبه في بغداد وسرقة 25 الف دينار من رصيده البنكي، أما مواجهته لحامد الملا فتلك قصة تروى عندما جاءه أول أيام الاحتلال ليطلب منه الدخول في حكومة جديدة فما كان منه الا القول «أنا اقوى ببلدي وبانتمائي للكويت ولن أرضى بغير ذلك مهما كانت الظروف»، ومن بعدها لم يعد إلى «الرسالة» التي حولها الاحتلال إلى مركز عسكري استعانوا بدبابتهم لسحب ماكينة الطباعة التي أعاد بناءها بعد التحرير بكلفة ثلاثة ملايين دينار كويتي.
¶ عرف بقوميته وعروبته منذ ايام الانفصال السوري ــ المصري، وقف مع دعاة الوحدة والعروبة، لكنه بقي محافظا على استقلاليته وهويته وانتمائه بالرغم من علاقته الوطيدة مع طارق عزيز الذي جاء الكويت مع اصدقاء له اثناء الهروب من بغداد، وساعده بالعمل في بنك الخليج، لكنه رفض طالبا العمل في «الرسالة» وخصص له مبلغ 500 دينار لمدة ستة أشهر. وعندما قتل عبدالكريم قاسم عاد الى العراق فجأة وأصبح وزيرا للإعلام ومن ثم بادر برد الجميل وبزيادة عدد الاشتراكات والتوزيع للمجلة داخل العراق.
¶ يحتفظ في ذاكرته بمواقف عدد من الزملاء الذين رافقوه في مسيرته، منهم المرحوم خالد التركاوي الذي عمل في البدايات مع عبدالعزيز الفليج في «أخبار الكويت» وجاء من بيروت ليشرف على تركيب مكائن طباعية، إلا ان جورج مجاعص عندما كان في مطبعة مقهوي عرف بقدرات التركاوي ورشحه للعمل في مطابع الرسالة وكذلك سالم عبدالباقي، لبناني الجنسية، شقيق سامي عبدالباقي المشرف على بناء مبنى بلدية الكويت والذي تعرض لمشكلة عندما كتب مقالا تساءل فيه عن سبب استبعاد الفلسطينيين وتشغيل الايرانيين في الشبرة: وتدخل لحل الاشكالية، وكذلك إلياس عبود وحنا مقبل اللذين تسلما مهام مديري التحرير في الستينات والسبعينات.


جاسم مبارك الجاسم.
مواليد 1930 (فريج الشيوخ) الكويت.
تلقى تعليمه في مدارس «الشرقية» و«الأحمدية» و«المباركية»، وحصل على شهادة الثانوية العامة عام 1943.
أصدر مجلة «الرسالة» في 21 أبريل 1961، وهي أول صحيفة أسبوعية، وتولى رئاسة التحرير.
أحد مؤسسي جمعية الصحافيين الكويتية عام 1964، واستمر في عضويتها إلى عام 1969.
قام بترجمة كتاب «الكويت وجاراتها» من اللغة الإنكليزية إلى العربية.
متزوج وله أربعة أبناء (ولدان وبنتان)


حمزة عليان - جريدة القبس - 8/5/2010
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشيخ يوسف بن عيسي و مبارك الجاسم PAC3 الصور والأفلام الوثائقية التاريخية 2 20-10-2010 12:37 AM
الكويت قبل مائة عام.. وشاهد إنكليزي على التاريخ (غازي الجاسم) AHMAD المعلومات العامة 1 12-04-2010 11:11 PM
النوخذة مبارك بن جاسم المباركي PAC3 الشخصيات الكويتية 1 07-03-2010 11:34 AM
مقابلة يوسف الجاسم لعبدالعزيز الصقر محمد مقابلات اذاعية وتلفزيونية وصحفية 0 07-02-2008 10:47 PM


الساعة الآن 05:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت