راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 17-04-2014, 07:17 AM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي مصر.. في خواطر شعراء الكويت

مصر.. في خواطر شعراء الكويت


هذا البلد العربي عزيز على قلوبنا، ونرتبط معه بعلاقات متينة منذ أمد بعيد يصل إلى سنة 1814م، ونحن – دائما – نتمنى له الخير، ونريده أن يكون هادئاً مستقراً يعيش أهله عيشة الهناء والطمأنينة. ونكره كل من يريد الشر به أو بأهله إنه مصر: أم الدنيا. في فترة حكم الشيخ جابر بن عبدالله بن صباح بدأ أول اتصال بين الكويت ومصر، وكان حكم الشيخ جابر قد بدأ في سنة 1814م وانتهى بوفاته في سنة 1859م. وفي ذلك الزمن حضر إلينا مندوب من قبل الحاكم المصري وقتذاك محمد علي باشا، وبقي هنا يزاول بعض المهام التي كان منها شراء الأقوات وإرسالها إلى الجنود المشاركين في حملة محمد علي. وقد ذكرنا ذلك في مقال لنا من مقالات «الأزمنة والأمكنة» نشر في جريدة «الوطن» في اليوم السابع من شهر فبراير لسنة 2007م، تحت عنوان «العلاقات الكويتية المصرية» ولم تنقطع هذه العلاقات منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا. ذلك أن رحلات أبناء الكويت إلى مصر استمرت منذ ما قبل ظهور النفط في البلاد، فقد كان حرص الكويتيين على طلب العلم يدفعهم إلى المغامرة وإلى الأسفار في سبيل ذلك، وقد فعل ذلك كل من الشيخ مساعد بن عبدالله العازمي في سنة 1864م، ومن بعده كل من أحمد بن خالد العدساني في سنة 1908م، وماجد بن سلطان بن فهد في سنة 1917م وكلهم رحلوا من الكويت إلى مصر من أجل الدراسة في الأزهر الشريف. وفي مجال آخر غير الدراسة ذهب إلى هناك صالح العثمان الراشد الحميدي، وعمل بالتجارة في أسواق القاهرة وافتتح متجرا بها قبل سنة 1919م.
وزار الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الأسبق مصر في سنة 1919م.
وكان اهتمام الكويت بتعليم أبنائها بعد أن أنشأت مجلس المعارف ودائرة المعارف من أسباب قوة الاتصال بين البلدين الشقيقين، فصارت الكويت تستعين بعدد من المدرسين المصريين لسد حاجة المدارس الكويتية المتزايدة إليهم، كما شرعت في ارسال طلاب من أجل الدراسة في مصر، وقامت بإنشاء بيت الكويت في القاهرة لإيوائهم والإشراف عليهم، ومنذ ذلك الوقت تزايدت قوة العلاقات بين البلدين وأصبحت مصر على كل لسان.
ومما يدل على المحبة التي نكنها لأرض الكنانة تعلقنا بكل ما يأتينا من إنتاج صحفها وأشعار شعرائها وكتابات كتابها وأغانيها وأفلامها وكل ما يصل إلينا منها.
عنوان هذا المقال مستوحى من نشيد مصري قديم ذائع في مصر وفي خارجها ونحن نعرفه في الكويت معرفة جيدة فقد استمعنا إلى أبناء مصر وهم يرددونه وحفظناه معهم، وغنيناه كما يغنونه، وذلك بسبب المحبة التي نشعر بها تجاه هذا البلد العزيز علينا، هذا النشيد كتبه الشاعر أحمد رامي، وتغنت به كوكب الشرق أم كلثوم، ومنه:

مصر التي في خاطري وفي دمي
أُحبها من كل روحي ودمي
ياليت كل مؤمن يحبها حبي لها
بني الحمى والوطن
من منكم يحبها مثلي أنا
نحبها من روحنا ونفتديها بالعزيز الأكرم
من عمرنا وجهدنا

ثم هو يطلب من أبناء مصر أن يعيشوا كراماً تحت ظل علمهم ويدعو لها أن تكون حرة عزيزة في الأمم، ثم يصفها قائلا:

أحبها لظلها الظليل بين المروج الخضر والنخيل
نباتها ما أينعه مفضضا مذهبا
ونيلها ما ابدعه يختال ما بين الرُبا

انطلق هذا النشيد منذ كتبه الشاعر ولحنه رياض السنباطي وشدت به أم كلثوم ولايزال على انطلاقته الأولى، أما أحمد رامي فهو الشاعر الذي اشتهر بقصائده وأغانيه التي كانت الفنانة كوكب الشرق أم كلثوم تنشدها وتغنيها، ومنها رباعيات الخيام وذكريات، وغيرهما كثير جدا، وبخاصة ما كان منها باللهجة المصرية العامية. ولد رامي في سنة 1892م وتوفي في سنة 1981م، وهو حاصل على دبلوم مدرسة المعلمين سنة 1914م، كتب الشعر، وترجم المسرحيات، وأعد حوار عدد من الأفلام السينمائية المصرية. حصل هذا الشاعر على عدد من الجوائز والأوسمة، وكرمته الدولة بمنحه درجة الدكتوراه الفخرية، ومثل وطنه في كثير من المؤتمرات التي عقدت في عدد من الدول وعرف بلقب: شاعر الشباب.
٭٭٭
وهناك نشيد آخر مشابه للنشد الذي سبق عرضه هنا وهو الذي كتبه الشاعر حافظ ابراهيم، وضمنه اعتزازه بوطنه وهو بعنوان «مصر تتحدث عن نفسها» فيه تفخر هذه البلاد العزيزة بمآثرها وبتاريخها وبرجالها، ويقول على لسانها:

وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي
وبناة الأهرام في سالف الدهـ ــر كفوني الكلام عند التحدي
أنا تاج العلاءِ في مفرق الشـ ـرق ودُراته فرائد عقدي
أي شيء في الغرب قد بهر النا س جمالا، ولم يكن منه عندي

والقصيدة طويلة ولكن ما أنشد منها بعضها فقط، ومما يسترعي الانتباه في هذه القصيدة إضافة إلى مقدمتها الجميلة المبهرة ما جاء في نهاياتها.
ويبدو أن مصر في وقت كتابته لها كانت تعاني من مشكلات داخلية شبيهة بالمشكلات التي تمر علينا مثلها قبل فترة قصيرة من الزمن، فكان حافظ ابراهيم بمثابة الطبيب الناصح لقومه يحذرهم من الأمراض الاجتماعية التي كان منها الخلافات وركوب الأهواء:

نحن نجتاز موقفا تعثر الآ راء فيه، وعثرة الرأي تُردي
ونُعيرُ الأهواء حرباً عوانا من خلافٍ والخلف كالسل يُعدي
ونثير الفوضى على جانبيه فيعيد الجهول فيها ويُبدي

ثم يقول في بيت آخر:
فاستبينوا قصد السبيل وجدوا فالمعالي مخطوبة للمُجد

ونحن نأمل أن يستبين أبناء الكويت قصد السبيل وأن يجدوا في العمل لمصلحة وطنهم، وأن يبعدوا عنهم الخلاف والتنازع على أمور الدنيا. فإن استقرار البلاد وراحة أهلها لا يأتيان إلا بالأنفس الطاهرة والقلوب الطيبة التي تضع المصلحة الوطنية فوق كل مصلحة شخصية.
أما حافظ ابراهيم فهو – كما عرفنا – من شعراء مصر البارزين له ديوان شعري مطبوع في جزأين، ولهذا الشاعر شهرة في عالم الشعر تضاهي شهرة أمير الشعراء أحمد شوقي، ولد في سنة 1871م، وتوفي في سنة 1930م، وكان راقي الشعر، له طريقة مؤثرة في إلقاء شعره، وقد تناول بالذكر كثيرا من الموضوعات السياسية والتاريخية وذكر في شعره بعض الأحداث العالمية التي حدثت أثناء حياته، ومن الوظائف الحكومية التي تولاها أنه كان يعمل في دار الكتب المصرية، وله علاقات جيدة مع رجال الفكر في عصره، منهم الشيخ محمد عبده، ومن شؤون حياته الأخرى انه التحق بالمدرسة الحربية بالقاهرة، وعندما تخرج فيها عُين ضابطا في السودان، إلى أن حدث له أمر دعاه إلى المشاركة في تمرد هناك، مما جلب له غضب حكومته عليه فاحالته إلى الاستيداع وهو أمر شبيه بالتقاعد، ومنذ ذلك الوقت اتجه إلى شعره، وعمله في دار الكتب المصرية. هذا وله إلى جانب ديوانه كتاب نثري بعنوان «ليالي سطيح» وهو عبارة عن حكايات متنوعة تشبه المقامات التي كان يكتبها بعض الكتاب العرب الأقدمين، وله ترجمة لرواية الكاتب الفرنسي المشهور فيكتور هوغو «البؤساء».
أُلفت حوله بعض الكتب، وتناولت شعره بعض الدراسات الجامعية، ولايزال شعره مَنْهَلاً عذبا لمحبي الشعر.
٭٭٭
آن لنا الآن أن نتحدث عن مشاعر شعراء الكويت تجاه مصر، ولما كانت هذه البلاد في خواطرهم جميعا فليس من المستغرب أن يرد ذكرها في شعرهم، وقد اطلعنا لهم على قصائد متنوعة منها ما يصف البلاد، ومنها ما يتحدث عن الأمور التي جرت فيها، بل إن منهم من كتب عن ثورة سنة 1952م وعن الرئيس جمال عبدالناصر مرورا بذكر الصلات الكويت المصرية، وهذه القصائد هي التي سوف نذكرها فيما يلي لأنها هي بيت القصيد في مقالنا هذا أليس معنونا بعنوان يدل على ذلك؟ هو: مصر.. في خواطر شعراء الكويت.
الأستاذ الشاعر أحمد السقاف من أبرز شعراء الكويت، له ديوان مطبوع يشمل جميع شعره، وله نشاط في النشر الصحافي وفي الندوات والمهرجانات التي تعقد في الكويت وفي خارجها.
كتبنا عنه ضمن مقالات «الأزمنة والأمكنة» كثيرا ما نراه كافيا فلا داعي لتكراره، ولكنه على الرغم من ذلك ممن يستحق أن يكتب عنه أكثر فان نشاطه المتشعب، واهتمامه بالشعر والادب بعامة، وأعماله العديدة ومؤلفاته في عدد من الموضوعات كلها تحتاج الى احاديث وتحتاج الى تنويه وعرض حتى لا ينساها الناس في خضم هذه الحياة التي تجري جريان السيل دون أن تترك لأحد مجالا يستذكر فيه بكل التفصيلات حياة وأعمال رجال الكويت الذين كان لهم دور في ابراز دورها بين دول العالم، وبخاصة منهم من شغل نفسه بالأدب والفكر، فهؤلاء هم الذين أشعروا الدنيا كلها ان الكويت ليست نفطا فقط:
يا بلادي نحن قبل النفط كنا
أُمَّةَ قد سجل التاريخ أنا
في ظلال العز والمجد نشأنا
دائما نعرف للإنسان معنى
يا بلادي لم نكن للنفط رهنا

نعود الآن إلى الشاعر أحمد السقاف، فننظر في ديوانه الذي طبعه للمرة الثانية في سنة 1988م، وضمنه أشعاره التي قالها في أزمان مختلفة، ونركز هنا على ما عبر عنه من خواطره تجاه مصر، وذلك وفقا لمنهجنا في هذا المقال، وقد وجدنا في شعره أربع قصائد ذات علاقة بالموضوع أولها قصيدة نظمها في ربيع سنة 1953م حين ذهب إلى مصر مع رفاقٍ له في التعليم فأقيمت لهم حفلات تكريمية في بعض الأندية، وألقى قصيدته هذه في احدى تلك الحفلات، ومطلعها:

طربنا إلى رحلة فاخره فكان القدوم إلى القاهره
بلاد تُطل بمجد تليد وتسبي بساحاتها العامره
وتزهو بكل منيف البنا ء، يتيه من الأعصر الغابره

وجاء بعد هذه الأبيات ذكر أبي الهول، وذكر الأزهر الشريف الذي – هو كما قال شاعرنا – واسع ملء الفضاء، ينير بأقسامه الزاهرة.
ثم تحدثت القصيدة عن جامعة القاهرة، وما فيها من قاعات تحار لأوصافها الذاكرة، وأقسام هي بغية الطامحين إلى كسب العلم من الطلاب.
ثم اتجه الى الصعيد فذكر الكرنك وهو يطل على الأقصر، فنرى أن:

عجائبه تستخف العقول وتنقل دنياك للآخره


وذكر وادي الملوك، وما فيه من مقابر فرعونية ساحرة:

فطاطئ لعلياء تلك القرون ن، وأكبر حضارتها الباهره

أما أهل مصر فهم يثيرون دهشة الوافد إليهم، لما يتحلون به من سجايا، وما لهم من تهذيب ساحر، لسانهم الشهد عند الحديث، وقد تساموا عن اللفظة النافرة، وكم فيهم من قوي البيان له مواهب عالية، وكم فيهم من قوي القلب لا يهاب المواقف عند الدفاع عن وطنه.
وعندما استكمل حديثه هذا بدأ في ذكر رئيس مصر في ذلك الوقت جمال عبدالناصر وأثنى عليه كثيرا، ثم استأنف حديثا آخر فيه ذكر لأبناء النيل وعلاقتنا بهم، ومن ذلك:

بني النيل إنا لمسنا الودا د، برغم زيارتنا العابره
وسوف تقدر هذا الكـ ـويت، وتغدو لإحساسكم شاكره
وهذي العجالة رمز الإخا ء، وفيها تحيتنا العاطره

ومن قصائده في هذا المجال القصيدة التي ألقاها في اليوم الثالث من شهر يونيو لسنة 1967م، في احتفال جرى في المدرسة المباركية بمناسبة جمع التبرعات في الكويت للجيش المصري، عنوانها: يا قائد العُرب. وفيها أثنى على الدعوة إلى البذل لهذا الجيش العربي، وأثنى على اهتمام الكويت بمصر وبخاصة في ذلك الوقت العصيب، وكان وقت النكسة المشؤومة.

والمال، ما المال؟ إن راحت مواطننا للأجنبي، وأضحى قومُنا خدما
والنفط، ما النفط؟ إن ضاعت كرامتنا فبالكرامة يحيا المرء محترما
فبوركت دعوة للبذل ناجحة وبارك الله قوما في الندى قِمما
وهناك قصيدة ثالثة قالها في رثاء جمال عبدالناصر في القاهرة في احتفال أقامه الاتحاد الاشتراكي هناك في مطلع شهر أكتوبر لسنة 1971م، وكان مطلع القصيدة:
أنت باق ولم تزل في الوجود في قلوب وفي عيون سود
الجماهير نورها أنت في الليـ ـل، وإلهامها إلى المنشود
وفي ختامها:
وهوى النسر والكواكب تبكيـ ـه، ودوَّى نعيُّه في الوجود
فلقد كان رائعا في البطولا ت، وقد كان رائعا في الصمود
وللشاعر أحمد السقاف قصيدة رابعة فيها ذكر مصر، وهي قصيدته التي جاءت بعنوان: «بورسعيد»، وقد كتبها في سنة 1956م بمناسبة صمود هذه المدينة المصرية في الحرب المشهورة التي أطلق عليها اسم: «العدوان الثلاثي» لأن ثلاث دول قد اشتركت في تلك السنة فشنت هجوما على مصر وهي: بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل. وعلى الرغم من كثافة الهجوم فإنه لم يؤد إلى نتيجة تذكر لكل من الدول الثلاث. وقد كان لهذه الحرب الصدى الكبير في الكويت وفي الوطن العربي كلِّه، ومطلع القصيدة:
بالنار بالدَّم بالحديد وقفت تكافح بورسعيد
بلد العروبة لا تها ب، لظى القتال ولا تحيد
وقفت فكان لها الخلو د، وقوف جبار عنيد
هكذا غنَّى أستاذنا الشاعر أحمد السقاف لمصر، وكان شعره نابعا من عاطفة جياشة تجاهها، وقلب يخفق بحبها.
وهذا شاعر آخر من شعراء الكويت هو الأستاذ عبدالله سنان محمد، وهو - أيضا - ممن كتبنا عنه كثيرا في مقالات «الأزمنة والأمكنة»، وقلنا إنه شاعر فريد له قصائد كثيرة طبعها في عدة دواوين، وله اهتمام بقصائد السياسة والمجتمع، ونستطيع أن نقول عن شعره أنه متنوع الأغراض، فيه ما يدل على أحداث كويتية وعربية، وما يتناول بعض الشخصيات المهمة ولا سيما الشعراء.
صدر ديوانه الأول: «نفحات الخليج» في سنة 1964م، وفيه شعر في أغراض كثيرة، ولكنه أعاد طبعه وضم إليه عدداً جديداً من القصائد فيما بعد، وقسمه إلى عدة دواوين اختص كل واحد منها بغرض من الأغراض. ولد عبدالله سنان محمد في سنة 1917م، وتوفي في سنة 1984م.
وهو من شعراء الكويت لاذين ذكروا مصر في بعض قصائدهم، ومن ذلك قصيدة حيّا بها الثورة المصرية، وهي تحتفل بعيدها الثامن. وبدأ بتحية الرئيس جمال عبدالناصر، وكانت تحيته عن نفسه وعن الكويت والخليج قاطبة، فهو يقول:
قف بالرئيس وهنِّئه بلا رهب عن الخليج ومن فيه من العرب
قف بالرئيس وهنّئِه بثامنه عام الفتوة، عام السادة النُّجُب
ثم يتحدث عن أولئك الذين يحيون الرئيس في عيد ثورة بلاده فيقول إن الوقوف للتهنئة إنما هو:
عن الخليج وأبناء الخليج ومن لو استطاعوا أتوا حَبواً على الرّكب
المضمرون له بين الضلوع هوًى لو كان في الشُّم لا نصبّت إلى صُبَب
وهذه القصيدة كلها موجهة إلى الرئيس جمال عبدالناصر، فكأنها حديث خاص إليه.
وله - أيضا - قصيدة ثانية بعنوان «بورسعيد» قالها في وقت الحرب ضد العدوان الثلاثي الذي ورد ذكره عند حديثنا عن الأستاذ أحمد السقاف في هذا لامقال. يقول الشاعر عبدالله سنان:
اليوم يومك بورسعيد يومٌ تمثل في الوجود
يوم على صفحاته نقشت علاه يد الخلود
يوم به هجم العدا بالطائرات وبالجنود
وفي القصيدة ذكر لردة الفعل عند أبناء مصر، وهو قوله بعد أن وصف الهجوم العدواني:
فانقض فوقهم العقا ب، بمخلب شرس مُبيد
فأبادهم حتى غدوا أعجاز حاملة الجريد
وسما على أعلامهم علم تحيط به الأسود
علم الكنانة إذ تها ووا، تحت قعقعة الحديد
ونلاحظ في قصيدته الحماس الشديد، والاعتزاز بما قامت به مصر من أعمال مشهودة في مجال الدفاع عن نفسها.
الشاعر إبراهيم سليمان الجراح علم من أعلام الشعر في الكويت، وهو إلى جانب ذلك عالم ومؤرخ له اهتمام خاص بتاريخ الكويت، توفي في اليوم الثامن من شهر ديسمبر لسنة 2001م، رحمه الله.
له قصيدة تتعلق بغرض هذا المقال، ولها قصة لابدَّ من ذكرها هنا. وذلك أنني أرسلت إليه قصيدة كتبتها وأنا على مقاعد الدرس في القاهرة في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر لسنة 1958م، وكان مطلعها:
ودع الذكرى وخلِّ الشجنا حسبنا يا قلب همًّا وضنا
رُبَّ ذكرى تملأ القلب أسىً لزمان فاض أنسا وهنا
وهي تعبر عن مشاعر شاب مغترب يتذكر وطنه، وقد أحس الشاعر إبراهيم الجراح بإحساس قائلها فكتب ما يلي:
رُبَّ لفظ رق حتى فتنا رَفَّهَ القلب وَسرَّ الأُذُنا
نغمة عابرة جاءت به فأزالت بصداها الإحنا
ويذكر في قصيدته أنه طوَّف (خيالا) بالبلاد يبحث عن مصدر هذه النغمة العابرة، وأخيرا وجدها:
فإذا تهتف بي قائلة أنا بنت النيل دَع عنْك العنا
وأرسل إليَّ قصيدة أخرى وأنا هناك، وذلك في السنة ذاتها حين قرأ رسائلي إليه، واطلع على ما كتبته له من أوصاف عن مصر بصورة عامة، فقال:
تحدثت عن مصر فأعربت عن خُبْر حنانيك هام القلب حبّا بما تُطري
لقد حبّبَت مصرا إلىَّ رسائل (جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري)
إلى أن يقول:
فعبّرَنَ عما في الكنانة من رؤًى وحلَّقن بي في مستوى الوسط الحرِّ
ثم يتخيل نفسه وقد طار ثم هبط في تلك الديار التي نعتها بأنها ديار العروبة، وأرض الثورة، وقاهرة الأعداء، ثم قام بجولة فيها فقال:
تجولت في آثار عمرو وجوهر وما تركا في مصر من نابه الذكر
وسرَّحت في النيل المبارك ناظري فقلت جنانٌ يلتقين على نَهْرِ
ورحت إلى وادي الملوك بخاطري فَرُوّعت من أملاكه الصيد بالذعر
ورفهت عن قلبي الكئيب بزورة إلى الأزهر السامي وأنجمه الزهر
وهكذا وصف جُلَّ مشاهد هذه الأماكن، وكان حتى ذلك الوقت لم يكن قد زار مصر، بل إنه كتب عنها هذه الأبيات كما قال (بخاطري) فأعجب كيف استطاع أن يتحدث عن كل ذلك ويصفه مما يدل على اطلاعه الواسع على كل ما كتب عن مصر التي لم يرها حتى شدَّ الرحال إليها فيما بعد.
وراشد السيف، شاعر كويتي مشهور، له قصائد كثيرة لم تجمع في ديوان، ولم يطبع منها إلا عدد يسير على سبيل المختارات وهو من الشعراء الذين كان لهم دور في نهضة الكويت، فقد عمل طويلا في مجال التعليم، وشارك في كثير من المناسبات بشعره، فهو لا يدعى إلى حفل إلا وألقى به قصيدة يستحسنها الحاضرون. وكان يكتب الشعر حول كافة المناسبات التي تحدث في الكويت، أو التي تحدث في خارجها. ومن الأحداث الخارجية شعر ذكر فيه مصر لم نستطع أن نعرف منه إلا قصيدتين اثنتين هما: «قصيدة الجمهورية العربية المتحدة»، و«قصيدة قناة السويس»، وسوف نقوم بعرضهما هنا.
ومما ينبغي أن نقوله قبل ذلك، هو أن هذا الرجل كان وفيًّا لأصحابه، وأحبابه، وكان حريصا على ما عوَّد عليه نفسه من الوفاء، وحسن المعاشرة للناس. وقد ظل - كذلك - وفيًّا لمبادئه التي نادى بها في شعره، وعاشت في كيانه طوال سني حياته حتى توفي - رحمه الله - في اليوم الثالث عشر من شهر ديسمبر لسنة 1972م.
قصيدة راشد السيف «الجمهورية العربية المتحدة» تعبر عن شوقه إلى وحدة العرب، وتدل على فرحته الغامرة بالوحدة بين مصر وسورية، ومنها قوله:
أمة العُرْب كهذا عيدنا ثالث الأعياد في خير مجالْ
إنها وحدة شعب مؤمن بعد أن كانت له طيفَ خيالْ
أما قصيدته الثانية التي قالها عند تأميم مصر لقناة السويس في سنة 1956م، فقد وجه في مطلعها الحديث إلى جمال عبدالناصر الذي تولى مسؤولية التأميم، وتحمل نتائجه، فقال راشد السيف:
سياستك الرشيدة لا تُضاهى ورأيك صائب ما قد تناهى
وأنت الحرُّ للأحرار يُعطي دروسا لم يكن لهم سواها
وفي ختام القصيدة يعبِّر الشاعر عن إعجابه بما حدث من تصميم على التأميم، لما في ذلك من حفظ لكرامة مصر، فيقول:
أحيي جرأة بعثت نفوسا يردد هاتفاً يحيي حماها
أحيي كل من يبني لمصر بناء العزة العظمى، وجاها
يؤيدكم شعوري قبل شعري بناء العزة العظمى، وجاها
هذا هو ما وجدناه في المختارات من شعره، ولو اطلعنا على ديوانه لوجدنا الكثير، وكم نتمنى أن نرى ذلك اليوم الذي نجد فيه ديوان «السيفيَّات» مطبوعا بين أيدينا.
٭٭٭
وعبداللطيف عبدالرزاق الديين، شاعر كويتي له باع طويل في قول الشعر الفصيح والنبطي الذي يكتبه باللهجة الكويتية العامية، وله ديوان للشعر الفصيح وآخر للشعر النبطي، وشعره في الاثنين يتناول الأحداث في الكويت وفي البلاد العربية ويهتم بشؤون المجتمع الكويتي وأحوال أهله.
ومما قاله من الشعر النبطي فيما يتعلق بمصر قصيدة طويلة عنوانها «جمال عبدالناصر» وفيها تعليق على الأحداث العربية التي كانت تمور في سنة 1965م، ولذلك فإنها قد حوت كثيرا من الإشارات إلى ما حدث وإلى الرموز السياسية العربية والغربية في ذلك الوقت، وهي في صفحة 97 من الديوان النبطي.
بدأ قصيدته واصفا حالة الشرق الذي تعرض لأسوأ ما يمكن أن تتعرض له أمة من الأمم، فقال:
كِلٍّ نهض والشرق يزعج أبْوَنّاتْ في حين قام الغرب يضحك شماته
خمسة قرْونٍ كالحات مِظِلْماتْ مِضَنْ ولا هو فايقٍ من سباته
وقد تحدث عن بعض الحالات المزعجة التي مرت ببلاد العرب ثم اتجه إلى الإشارة إلى «جمال عبدالناصر» حيث يتحدث عن أعماله وعن ملاقاته لكل ما يتحدث به ساسة الغرب بالأعمال قبل الأقوال:
حيثَهْ خبير في اعلوم السياسات إلى من وَنَى، له صالح في وناته
يمشي على درب السَّنْع دون لفَّات وْ لا يلتفت للِّي وراه التفاته
رحم الله الشاعر عبداللطيف الديين فقد أبدع الكثير من القصائد في ديوانه وخص مصر بعدد منها.
٭٭٭
هذا هو ما اكتفينا به من الحديث عن مصر في خواطر شعراء الكويت. وليس في مجالنا ما يُمَكِّننا من الإطالة.

د.يعقوب يوسف الغنيم


http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?Id=351305
__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-04-2014, 07:26 AM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي

__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب خواطر شعرية بين الفصحى والعامية - أيوب حسين الأيوب محمد بن ناصر التاريـــخ الأدبي 0 13-12-2012 02:47 PM
الى شعراء الكويت عبدالله الجسار التاريـــخ الأدبي 4 17-01-2010 06:57 AM
من حوارات شعراء الكويت (2) AHMAD التاريـــخ الأدبي 4 22-09-2009 07:49 AM
رد احد شعراء الكويت ابوسامى القسم العام 13 14-07-2009 09:07 PM


الساعة الآن 11:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت