راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية
  #1  
قديم 23-05-2013, 12:35 AM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي بدايات النفط في الكويت

الأزمنة والأمكنة

بدايات النفط في الكويت



كان ظهور النفط في الكويت وبدء تصديره في سنة 1946م فضلاً من الله ونعمة، فقد جاء هذا الفضل في وقت أقبلت فيه الكويت على مصير ماديٍّ غير معلوم، إذ كانت مواسم الغوص التي تمول البلاد حكومة وشعباً قد تراجعت تراجعاً كبيراً أدَّى في النهاية إلى توقف تام لتلك الرحلات المهمة التي لا نزال نتغنَّى بها.
ولم تكن رحلات السفر التي كانت السفن الشراعية تقوم بها أفضل حظاً؛ فقد تراجع العمل عليها - كذلك - لأن السفن البخارية بدأت تغزو المنطقة وتقدم للتجار خدمة أسرع وأقل كُلفة. ولذا فإن ظهور النفط في الكويت خلال هذا الوقت العصيب كان أمراً أراده الله سبحانه من أجل أن ينقذنا مما كنا سوف نتعرض له من مشقة لا نقدر على التخلص منها مهما عملنا.
ومع هذه المشاق القائمة والمنتظرة فإن البلاد كانت تسير على الوتيرة التي كانت تسير عليها - أصلاً - معتمدة على إخلاص رجالها، وعلى خبراتهم الكبيرة في شؤون الحياة، ولم تقف حكومة الكويت مكتوفة اليدين لا تعمل ولا تقدم شيئاً لمواطنيها، بل كانت تبذل جهدها في حدود ما لديها من إمكانات مادية ضيقة جداً، وذلك من أجل تقديم الخدمة الملائمة للسكان، وفي خلال هذه الفترة التي نشأت فيها الضائقة المالية كانت الحكومة تقدم خدمات متنوعة منها العناية بالتعليم وإنشاء دائرة معارف الكويت، وإرسال البعثات الدراسية من أبناء البلاد إلى الخارج. ومنها افتتاح المستشفى الأميري وبعض المستوصفات المساعدة. ومنها إنشاء دائرة بلدية الكويت التي قامت بجهد مشكور في تلك الأيام القاسية.
وعندما احتدت الأزمة الاقتصادية في أثناء الحرب العالمية الثانية، وقَلَّتْ الأغذية والأقمشة لأنها كانت تُستورد من الخارج، ولم تَعُدْ السفن الشراعية الكويتية تستطيع أن تُبحر من أجل جلبها رتبت حكومة الكويت بحيث تُنشئ جهازين أحدهما لتموين المواد الغذائية، والآخر لتموين الأقمشة، واستمر هذان الجهازان في مزاولة عملهما حتى زالت الضائقة بانتهاء الحرب ومالها من ذيول.
اعتمدت الكويت كثيراً على نفسها، ولم تطلب من أحدٍ إعانة، ولم تمد يدها إلى من يملك المال والإمكانات، وبقيت تعمل في صمت من أجل تنمية وضعها إلى أن جاء الوقت الذي تدفق فيه النفط، وأقبل معه الرزق الوفير، والمال الكافي، فصارت الكويت تسلك طريق التنمية الذي كانت قد سلكته وهي لا تملك إلا القليل من المال. وصار باقي البلدان يقولون: نفط العرب للعرب، وهم الذين لم يعرفوا الكويت في حالتها الماضية، ولم يمُّدوا لها يداً على أيَّةِ صفة من الصفات.
وفي هذا المعنى الذي ذكرناه يقول الشاعر إبراهيم سليمان الجراح:
فهل مَدَّ شعبي عند ذلك من يد
ولو مدَّها يوماً لبودر بالمنعِ
أبى الشرف العالي طريفاً وتالداً
عليه بأن يُبدي الضراعة أو يُقعي
فلما أفاء الله بالنفط والغنى
يقولون هذا للجميع وللجَمعِ
إذن… فقد جاء النفط، وأتى المال الذي صارت البلاد تنفق منه لكي تُقدم كل ما يجب تقديمه في سبيل تعويض ما فات، وهذا هو حديث النفط.
نريد - هنا - أن نعرف البداية، لأنها هي أساس ما وصلت إليه الكويت اليوم. ولأنها كانت بداية محفوفة بالآمال العريضة، كما إنها كانت محفوفة بالمخاوف من كل نوع.
كانت الكويت تأمل بالعثور على هذه المادة الثمينة بكميات تجارية، وكانت في الوقت نفسه مقبلة على مفاوضات ومراجعات لم تَخُض مثلها من قبل، ولذا فهي في شيء من الارتباك مخافة الغبن من جهة، ولعدم حصولها على خبرة سابقة تستند عليها في هذا العمل الجديد. ولكن الله سلَّم، وكانت النيات الطيبة ومحبة الوطن وتآزر الجميع سبباً من أسباب النجاح.
٭٭٭
إن النفط الذي بدأ تصديره من الكويت في سنة 1946م، كان شاغل أذهان الكويتيين شعباً وحكومة منذ سنة 1913م، ولقد تولى المفاوضات الأولى المتعلقة بذلك كل من الشيخ مبارك الصباح، والقنصل العام البريطاني في الخليج السير بيرسي كاكس.
كان الأمر مجرد تصورات أو توقعات، لأن مسألة النفط - آنذاك - كانت في ضمير الغيب تحت الثرى العميق، لقد غطت أرض الكويت على ثروتها وتمسكت بها زمناً طويلاً، ولذا فقد كانت المباحثات لا تتعدى استذكار الملاحظات السطحية التي يراها كل إنسان في بعض المواقع من البلاد حيث يفيض (القار) نابعاً وسائلاً على المكان الذي يشاهد فيه. ومن هنا بدأ الالتفات إلى نفط الكويت.
وقد اقترح كاكس على الشيخ مبارك أن يستدعي شخصاً ينظر في الأمر، فإذا تأكد المراد بوجود الكميات الكافية من النفط فإن هذا يعتبر تمهيداً لاتخاذ اجراءات أخرى مناسبة تستغلُّ الكويت بواسطتها نفطها. وقد جرت بعد ذلك مراسلات بين الرجلين أدت إلى إبلاغ الشيخ مبارك للجانب البريطاني برغبته في حضور الشخص المناسب المقترح إلى الكويت من أجل هذه الغاية.
وعلى الرغم من أن الاتصالات كانت مستمرة، وأن الابحاث لم تتوقف فإن العثور على ما تريده الكويت قد تأخر كثيراً وها نحن في سنة 1917م حيث يتولى الشيخ سالم المبارك الصباح حكم البلاد، ولا تزال المواقف عندما كانت عليه في عهد الشيخ مبارك ففي هذه السنة وجدنا رسالة بعث بها الوكيل السياسي البريطاني في الكويت إلى الشيخ سالم يبلغه فيها بأنه تسلم برقية تفيد بأنه بعد بضعة أيام سوف يصل إلى الكويت مهندسان تابعان لشركة النفط البريطانية من أجل متابعة مسألة النفط. وجاء في نص الرسالة ما يلي: «… وقصدهم يصلون إلى رأس كاظمة، وإلى البرقان، نرجوكم تعرفونا هل يوجد مانع لذلك؟ أم لا، إذا ليس هناك مانع، هل ممكن تجعلون معهم (كم) نفر من خدامكم، المقدار الكافي لهم، وتجعلونا لكم من الشاكرين».
ولقد كان الشيخ سالم كما كان والده حريصاً على أن تحصل الكويت على مرادها بالعثور على النفط، ولشدة حرصه فإنه بعد ثلاثة أشهر عندما جاءت بعثة أخرى من أجل البحث في منطقة امديرَّة، وتسلم رسالة الوكيل السياسي البريطاني بشأنها. لم يكتف بإرسال أولئك الذين اعتاد إرسالهم مع الباحثين، فأرسل ابنه الشيخ عبدالله السالم الصباح وهذا دليل على مزيد الاهتمام الذي كان يحتفظ به الشيخ سالم لهذا الأمر.
ومرت الأيام دون نتيجة تذكر، وتوفي الشيخ سالم ثم حل محله الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي لاحظ أن الجانب البريطاني لم يكن يولي أهمية كبيرة لموضوع نفط الكويت وأن ترددهم في الأمر واضح لذا فقد أحب أن يقوم بمناورة يجبرهم بها على سلوك الطريق الذي يريده.
قام الشيخ أحمد بإجراء اتصالات أخرى مع شركات لا ترغب الحكومة البريطانية بها. مما أثار اهتمام هذه الحكومة وجعلها تصغي إلى نداءات الشيخ بضرورة الإسراع باتخاذ الإجراءات الكفيلة باستخراج النفط.
كان البريطانيون يعرفون مقدار التكلفة المالية التي سوف يتطلبها منهم هذا العمل الذي إذا لم يكن عملاً مثمراً فإن تلك التكلفة الباهضة سوف تكون على حسابهم. ولذا فإنهم كانوا يكثرون من البحث والمتابعة وخلال الفترة الأولى لحكم الشيخ أحمد الجابر الصباح جاءت عدة بعثات، وتمت عدة زيارات لمناطق مختلفة في البلاد كان يظن أن بها نفطاً، ثم جرت مع الشيخ أحمد مفاوضات كثيرة حول عقد الاتفاق، ومضت مدة من الزمن حتى تكونت شركة نفط الكويت، وابتدأت عملها في منطقة بحره إلى الشمال من جون الكويت. ولما كان هذا الموقع غير مبشر بانتاج وفير فقد تَمَّ نقل كافة عمليات التنقيب إلى منطقة (برقان) وقد سبق أن شرحنا هذه العمليات وتحدثنا كثيراً عن مسألة استخراج النفط في بحره وفي برقان ضمن مقالنا: «برقان أمل وعمل».
ومسألة بدء استخراج النفط في الكويت ثم القيام بتصديره مسألة طويلة استغرقت مدة أولها في سنة 1913م وآخرها في سنة 1946م، وكان لابد من انقضاء هذه المدة حتى نحصل على ما نريد لأن ذلك اقتضى بحثاً طويلاً قامت به عدة بعثات، واقتضى كذلك مفاوضات حول حقوق حكومة الكويت وحقوق شركة النفط فقد كان رأي الطرفين أن يحصل كل منهما على مصلحته كاملة وإذا أضفنا إلى ذلك فترة التوقف القسري التي كانت الحرب العالمية الثانية سبباً فيه عرفنا سبب انقضاء مدة طويلة حتى تدفق النفط هنا.
وباختصار فإنه في سنة 1943م أُسست شركة نفط الكويت بصفتها شركة بريطانيا أمريكية أصبحت فيها بموجب تأسيسها شركة برتش بتروليوم البريطانية وشركة جلف أويل الأمريكية شركة واحدة لشريكين متساويين، وذلك للاجتهاد في الحصول على حقوق التنقيب عن النفط واستخراجه في الكويت، وفي الثالث والعشرين من شهر ديسمبر لسنة 1934م منح أمير الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح الشركة امتيازاً خاصاً بها وحدها، للبحث عن النفط يقدر على أساس العائدات ولكنه عدل بموجب الاتفاقية الملحقة التي وُقعت في سنة 1951م ليصبح للدولة الحق في استلام نصف الأرباح الناتجة عن أعمال الشركة في الكويت.
وبحسب مدة الامتياز الأصلي كانت جميع أراضي الكويت ومياهها الإقليمية إلى مسافة ستة أميال بحرية من علامة الجزر، وتشمل أيضاً الجزر الكويتية والمياه المحيطة بها، وفي عام 1963م وبموجب اتفاقية مع حكومة الكويت تنازلت الشركة- فيما بعد- طوعا للدولة عما يقرب من نصف منطقة الامتياز الأصلية.
كان المسح الجيولوجي الابتدائي قد بدأ بحفر أول بئر استكشافية في سنة 1936م في منطقة بحرة الواقعة في شمالي جون الكويت، ولكنها لم تكن تبشر بإنتاج تجاري، فتم البحث في مكان آخر، وفي سنة 1938م وفي منطقة برقان التي كانت هي الموقع الآخر اخترقت عمليات الحفر في البئر رمالاً حاملة للنفط على عمق 3700 قدم، ودلت اختبارات الإنتاج على أنها مشجعة جداً، وقد لحقت هذه البئر ثماني آبار حفرت بين عامي 1938م و1942م فأكدت الآمال بوجود النفط، ولكن العمل توقف بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية إلى أن استؤنف في شهر نوفمبر من سنة 1945م، وبدأ إنتاج النفط بمعدل ثلاثين ألف برميل يومياً، ثم بدأت الشحنات التجارية في شهر يونية لسنة 1946م.
تطورت الاكتشافات، وتنامت الأعمال، وأضافت الشركة إلى أعمال التنقيب والاستخراج أعمالا أخرى منها تكرير النفط الخام. واتسع نشاط الشركة بشكل ملحوظ.
كان هذا في السابق أما اليوم فشركة نفط الكويت شركة كويتية %100 تملكها الحكومة وتعمل تحت مظلة مؤسسة البترول الكويتية التي نشأت بموجب المرسوم بقانون رقم 1980/6م، وهي تشمل العمل في كافة الأعمال النفطية في البلاد.
وهذا الذي حدث في مسألة اكتشاف النفط في الكويت، وما سبق الاكتشاف من محاولات هو ما عبر عنه الشاعر الكويتي محمود شوقي الأيوبي حين قال:
كانت مرابعنا قِدماً محجَّبة
في خدرها كعروس أهلها نفروا
ناموا على الفقر والدنيا بمرقدهم
تغلي تحُدثهم همساً وتشتجر

قامت شركة نفط الكويت بأعمال مهمة تكفل انجاز استخراجها للنفط، وذلك بعد أن اطمأنت اطمئناناً كاملاً إلى وجوده بكميات كبيرة جداً تحت طبقات الأرض في الكويت، فهيأت لذلك الخزانات الكبرى، وأنابيب نقل النفط وميناء التصدير (ميناء الأحمدي) وأعدت مدينة متكاملة لسكن كبار موظفيها وعمالها هي مدينة الأحمدي التي تميزت بمناظر جميلة ومساكن ذات تصميم أوروبي راق وحدائق غناء إضافة إلى الشوارع المرصوفة التي تظللها الأشجار والأسواق والمساجد وغير ذلك.
وقد اهتمت هذه الشركة بالاعلان عن نفسها في عدة وسائل وأصدرت كتاباً تناولت في جزء منه تاريخ الكويت، كما تناولت في الجزء الآخر بيانات بأعمال الشركة.
أصدرت الشركة كتابها المشار إليه تحت عنوان: «الكويت في ماضيها وحاضرها» في سنة 1956م، وأعلنت عن عزمها على إصدار طبعة أخرى في سنة 1959م تضم كل ما استجد من أعمالها بعد صدور الطبعة الأولى. والكتاب صغير الحجم لا يتعدى عدد صفحاته الثمانين صفحة، ولكنه مليء بالمعلومات والصور، ويبدأ بصورة كبيرة للشيخ عبدالله السالم الصباح ثم بتمهيد كتبه السير فيليب ساوثويل مدير عام شركة نفط الكويت المحدودة. وبعد ذلك بدأ الكتاب في ثلاثة أقسام كان القسم الأول منها يتناول لمحة من تاريخ الكويت والثاني يعنى بتقديم معلومات عن الشركة وكافة أنشطتها، أما القسم الثالث فهو يتحدث عن الكويت في وقت صدور الكتاب ويبين التطورات الحديثة التي طرأت عليها.
في بداية القسم الأول (وهو التاريخي) يؤكد أن «الكويت كانت ولا زالت تنتسب إلى البادية العربية، أكثر مما تنتسب إلى السكان المستوطنين في السهول التي يروبها الرافدان».
وفيما يتعلق بالآثار الدالة على ماضي الكويت فإنه يقول: «وإذا استثنينا بعض الأدوات المصنوعة من الصوان في فترة العصر الحجري المتوسط التي عثر عليها بالقرب من «برقان»؛ وجدنا أن الشاهد الوحيد على العصور القديمة في الكويت هو حجر محفوظ في متحف الكويت، وقد عثر عليه في جزيرة فيلكا».
وقد وضع الكتاب صورة هذا الحجر ووصفه وترجمة لما عليه من كتابات.
واستمر الكتاب في الحديث عن المنطقة بشكل عام في العصور المتوسطة ثم العصور الحديثة، ولكنه عند حديثه الأخير هذا ذكر البرتغاليين فقال: «والنفوذ البرتغالي الذي دام حوالي القرن لم يكن أبداً أكثر من نفوذ بحري، حافظ البرتغاليون عليه بسلسلة من القلاع أقاموها على طول الشاطئ (يقصد شاطئ الخليج العربي)، ومما يجدر ذكره أن أحد الأماكن التي انشئت فيها القلاع البرتغالية هو الجزيرة الصغيرة القائمة في خليج الكويت (جون الكويت) مقابل المدرسة الثانوية الحالية في الشويخ».
ومن المعروف أن جامعة الكويت قد حلت في محل المدرسة التي ذكرها الكتاب، أما ما يتعلق بالخبر الذي ساقه عن البرتغاليين فلنا تعليق عليه، ورد في كتابنا: «الكويت تواجه الأطماع» الذي صدر في سنة 1998م.
لم أعثر على ما يؤكد ما ساقه الكتاب عن البرتغاليين، ولم أجد ما يؤكد وجود قلعة لهم في الجزيرة الصغيرة، وكذلك فإن العبارة المضافة بعد ذلك ونصفها: «وكانت هذه الجزيرة تعرف عند البرتغاليين باسم «جراين» من كلمة «القرين» واسم القرين اسم قديم على المنطقة ومعروف لدى كثير من المؤرخين ومرصود في عدد من الخرائط القديمة».
لذا فإن ما ورد في كتابنا المذكور أعلاه هو الذي نعول عليه في هذه المسألة، قد جاء فيه: «بالقرب من ثانوية الشويخ جزيرة تسمى الجزيرة الصغيرة، وتسمى أحياناً العكاز، وهي تحمل في الوقت نفسه اسم القرين، وهذا من بقايا الاسم القديم الذي كان سائداً في هذه المنطقة، ولقد أدخلت هذه الجزيرة على ميناء الشويخ بعد أن ضمت إلى اليابسة، وكانت إدارة الآثار والمتاحف بوزارة الإعلام قد قامت بعدة استطلاعات حول هذه الجزيرة ابتداء من سنة 1972، وقد جمعت بعض القطع المتناثرة من الموقع، وهنا يقول الأستاذ جواد كاظم النجار في كراسة كتبها تحت عنوان التنقيب في جزيرة عكاز (القرين) 1978م الموسم الأول- ونشرتها مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية الصادرة من جامعة الكويت: «وفي سنة 1973 وعند مجيء البعثة الأمريكية لجامعة جون هوبكنز للتنقيب في جزيرة فيلكا، أخذنا هذه البعثة إلى الجزيرة للتعرف على رأيهم حول تلالها، وكان رأي رئيسة البعثة أن المواد التي جمعت من الجزيرة تعود لفترات مختلفة منها الإسلامي في القرن السابع عشر، ومنها المستورد من منطقة البحر الأبيض المتوسط وتعود للقرن الثاني الميلادي، وبعض الفخار (الكاشي) الطراز الذي يعود للقرن الخامس عشر قبل الميلاد».
وهكذا يأتي الدليل تلو الدليل على عمران هذه الأرض، على مر العصور، وتثبت الاكتشافات التي تمت بعد هذا وجود علامات تدل على عدد من البيوت بمستلزماتها، وهذه تؤكد أكثر الصورة التي يمكن أن نتخيلها لهذه المنطقة».
واستمر الكتاب في حديثه عن تاريخ الكويت، وهو حديث لا يخرج عما يتردد في بعض الكتب التي لم تتوصل إلى ما تم العثور عليه من مراجع مفيدة في هذا المجال. فهو يسمى قبيلة عنزة بـ«عنيزة» وهذه الأخيرة بلدة وليست قبيلة، ويقول عن الكوت الذي اشتُقَّ منه اسم الكويت: «وهي وإن كانت غير عربية إلا أنها مستعملة بهذا المعنى في العراق» وقد بينا في موضع آخر أن هذه اللفظة مشهورة في بلدان كثيرة منها الهند وشرقي الجزيرة العربية وأماكن أخرى لا داعي لسرد ذكرها هنا فاللفظ غير مقتصر على العراق وحده.
أما تاريخ نشأة الكويت فقد أكدنا مراراً أنها كانت في سنة 1613م وقدمنا الأدلة الساطعة على ذلك.
وأورد – بعد ذلك – شيئاً من المعلومات التي رواها بعض الرحالة الذين مروا بالكويت قديماً أو ذكروها مثل كارستن نيبور الذي زارها في سنة 1765م ووليم بالجريف الذي كتب عنها في سنة 1862م – 1863م ضمن رحلة له في المنطقة، واستشهد هذا الكتاب بأحد النصوص التي كتبها هذا الرحالة عن الكويت وهذا النص هو قوله: «رئيسها، واسمه عيسى، يتمتع بسمعة عاطرة في البلدة وخارجها، وهذا بفضل الإدارة الحسنة والسياسة الرشيدة، والرسوم الجمركية خفيفة، والمناخ صحي، والأهلون يُظهرون الود للغرباء، وهذه الظروف مقرونة بمرسى حسن، ومرفأ أفضل من أكثر المرافئ العربية، تجذب إلى الكويت المئات من المراكب الصغيرة التي لولا ذلك لدخلت موانئ أخرى».
وهذا النص – أيضاً – في حاجة إلى تعليق، فلم نسمع باسم حاكم من حكام الكويت اسمه عيسى، ولعل الأمر اختلط على المؤلف أو على بالجريف نفسه، وعلى كل حال فإن أسماء حكام الكويت منذ نشأتها معروفون، وأسماؤهم مذكورة في كتابنا الذي أشرنا إليه سابقاً.
واستمر كتاب شركة نفط الكويت – بعد ذلك – في سرد المعلومات التاريخية والسياسية عن الكويت وما حولها، ثم تطرق إلى الحديث عن حكام الكويت حتى وصل إلى الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي صدر الكتاب في عهده. وهنا ينبغي لنا أن نذكر النبذة التي وردت في ذلك الكتاب عن كل من الشيخ أحمد الجابر الصباح والشيخ عبدالله السالم الصباح ففيها تفصيل جيد وتعبير صادق عن عمل هذين الرجلين الكريمين:
«وفي ظل حكم الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي امتاز بالحكمة، دخل التقدم إلى الكويت بخطى وتيدة إلا أنها أكيدة، فأنشأ عدداً قليلاً من المدارس الحسنة، وأسست الإرسالية الأمريكية أول مستشفى، سرعان ما أعقبه إنشاء مستشفى حكومي، وشيدت المنازل المتينة التخطيط والبنيان واتسعت رقعة المدينة، ووضع أساس صناعة النفط في عهد الشيخ أحمد أيضاً: فبعد تنقيب جيولوجي واسع من قبل عدة جهات تهتم بالنفط ومشاريع لم تتحقق، قرر الشيخ أحمد آخر الأمر، عام 1934، اعطاء امتياز لشركة الانكلو – إيرانية للنفط البريطانية وشركة نفط الخليج الأمريكية معاً. وتكونت شركة نفط الكويت للعمل في منطقة الامتياز. وبدأ أول حفر عميق عام 1936، إلا أن الحرب نشبت عام 1939 لدى ظهور نتائج تبشير بالخير.
كان للحرب العالمية الثانية أثر محلي أقل مما كان للحرب الأولى، وسدت آبار النفط عام 1942 كإجراء وقائي وتوقف الحفر أثناء الحرب. ومهما يكن فقد نشطت صناعة بناء السفن وازدهرت أعمال التجار وأصحاب السفن عندما صارت سفنهم الشراعية تنقل المواد الحربية.
وبعد انتهاء الحرب فوراً، استؤنفت صناعة النفط في الكويت على نطاق واسع.
وأدى المزيد من الحفر في جوار برقان التي تبعد حوالي ثمانية وعشرين ميلاً إلى جنوب مدينة الكويت إلى العثور على نفط وفير، فنقل مركز إدارة الشركة إلى نقطة مناسبة على مرتفع بين برقان والبحر. وسرعان ما أنشئت بلدة أطلق عليها اسم «الأحمدي» تيمناً باسم الشيخ أحمد الجابر. وفي نفس الوقت صار اختيار مكان على الشاطئ على بعد خمسة أميال شرقي الأحمدي لميناء النفط الذي دعى «ميناء الأحمدي»، ودشن أمير الكويت تصدير النفط في هذا الميناء في حزيران 1946م.
وشهدت الفترة الأخيرة من حكم الشيخ أحمد تحول اقتصار الكويت من الاعتماد على صيد اللؤلؤ وتجارة السفن الشراعية إلى الارتكاز على انتاج النفط.
وبالنتيجة، تدهور صيد اللؤلؤ الذي كان قد تأثر قبل ذلك باستحداث اللؤلؤ الصناعي، حتى لم يبق سوى حفنة من الغواصين يثابرون على هذا العمل الشاق. واستبدلت السفن الشراعية سريعا بالبواخر، وانتكست صناعة السفن المحلية بسبب ذلك. ولكن تطور صناعة النفط السريع والبحبوحة الناتجة عنه، عوضا أحسن تعويض عن كل ذلك. وهكذا تبدلت الكويت، في سنوات قليلة، من ميناء سفن شراعية قديمة إلى مدينة حديثة الطراز تضج بالحركة والنشاط، تدعمها إيرادات صناعة النفط. ووصلت الخطوط الجوية المنتظمة الكويت بكل أنحاء العالم الخارجي، وبنيت الطرق المرصوفة لتحمل السيارات التي يتزايد عددها دون انقطاع. كما أن الكهرباء والوقود الوافر والماء وتكييف الهواء أحدثت انقلابا في حياة السكان.
وتوفي الشيخ أحمد في 29 يناير عام 1950، فخلفه ابن عمه سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح، الذي كان قد خدم الدولة كرئيس للمجلس، كما أنه كان أيضا ابن أمير سابق للكويت.
وقد برهن سمو الشيخ عبدالله عن حكمة ومقدرة مقرونتين بوقار عظيم وتسامح وبعد نظر وحنكة وسياسة. وسياسة الشيخ عبدالله تقوم على الحفاظ على العلاقات الطيبة مع كل الدول، واستخدام إيرادات النفط لتحسين بلاده ولخير شعبه. وفي عام 1951 دشن سموه منهاجا عظيما لإنماء الأشغال العامة والتعليم والخدمات الطبية أصبحت الكويت بفضله من بين أحسن دول العالم تصميما وتجهيزا. وهو يحرص في الوقت ذاته على المحافظة على شعائر الإسلام والتقاليد العربية والإبقاء على العادات والأنظمة الكويتية القديمة.
ويكرس سموه أكثر وقته وطاقته لتصريف شؤون الدولة، وهو مهتم بالشؤون العالمية، والتطورات في البلدان الأخرى، وقد سافر إلى البلدان القريبة كالمملكة العربية السعودية والهند وإيران وغيرها.
وبفضل سياسته الرشيدة، واعتداله، واستخدامه إيرادات النفط بحكمة، أصبح سمو الشيخ عبدالله السالم شخصية عالمية مشهورة، وجعل من مدينة الكويت إحدى المدن الرئيسية في العالم العربي.
٭٭٭
وفي القسم الثاني من الكتاب حديث طويل استغرق أربعين صفحة خصصت كلها لذكر أنشطة شركة نفط الكويت المحدودة، منذ نشأتها إلى تطورها ونمو أعمالها، مع بيان طويل عن الموظفين والإسكان والخدمات الطبية التي تقدم لكافة العاملين في منطقة العمل، ثم بيان عن تدريب الموظفين الذين يكتسبون من خلاله خبرات مهمة تفيدهم وتفيد الشركة التي يعملون بها. والتفصيلات التي جاءت في هذا القسم كثيرة والصور الملحقة بها صور مهمة تحتفظ لنا بكثير من ذكريات الماضي، ويبدو أنها قد التقطت بيد وكاميرا رجل محترف، ولعله هو ذلك الشخص الذي كتبنا عنه في يوم مضى مقالا ضمن «الأزمنة والأمكنة» واسمه أدولف مورات وقد جاء إلى الكويت مرتين احداهما في سنة 1956م والأخرى في سنة 1958م.
ثم يأتي القسم الثالث والأخير من الكتاب في الصفحة رقم (60)، وهو خاص بالكويت، يضم معلومات كثيرة عنها وركز – أكثر – على العاصمة وإذا كان القسم الأول يغلب عليه التاريخ فإن هذا القسم وصفي بالدرجة الأولى، وقد تحدث عن الموقع وعن الأنشطة المتعددة في البلاد ومنها المدارس التي كانت في ذلك الوقت قد بدأت في الازدهار، وكانت منها مدرسة الشويخ الثانوية التي صارت مضرب الأمثال، وكذلك المستشفى والمستوصفات وبيوت ذوي الدخل المحدود وغير ذلك.
وكما تميز الكتاب كله بالصور التسجيلية الرائعة فقد جاء هذا القسم كذلك مليئا بما يحفظ ذكرى تلك الأيام.
٭٭٭
على الرغم من الملاحظات التي ذكرناها عن بعض ما جاء في هذا الكتاب، فإنه مفيد للغاية لأنه كتاب تسجيلي يغطي مرحلة مهمة من حياتنا. وكم أتمنى أن تتعاون شركة نفط الكويت في هذه الأيام مع مركز البحوث والدراسات الكويتية من أجل إعادة طباعته بعد تنقيحه مع الاهتمام بما فيه من صور مهمة لا غنى لمؤرخ عنها.

http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?Id=276616
__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-05-2013, 12:35 AM
ندى الرفاعي ندى الرفاعي غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 693
افتراضي


__________________

*****
๑۩۞۩๑

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين}
هود114
๑۩۞۩๑

*****
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-05-2013, 01:48 AM
الصورة الرمزية PAC3
PAC3 PAC3 غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت - القصور
المشاركات: 2,003
إرسال رسالة عبر AIM إلى PAC3
افتراضي

الصور التالية لميناء الشويخ وليست لمدينة الأحمدي كما ذكر في المقالة حيث لاتقع مدينة الاحمدي على الساحل للتوضيح


البئر برقان 1
__________________


وأن ماحمينا دارنا @ وشعاد نبغي بالحياه

ذيبٍ عــوا بـديـارنا @ وديـار حـيانـه وراه

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جورج مجاعص : شاهد على بدايات الطباعة في الكويت AHMAD المعلومات العامة 0 16-01-2013 12:11 AM
قصة النفط في الكويت ملاحم كويتية تاريــــــخ الكـويت 7 19-01-2011 02:36 AM
مدينة الكويت بعد ظهور النفط PAC3 تاريــــــخ الكـويت 12 14-11-2010 11:33 AM
بحث- انتاج النفط وأثاره على السكان والعمران في الكويت 1973 أدبنامه البحوث والمؤلفات 2 05-11-2010 10:52 AM


الساعة الآن 11:22 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت