راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > التاريـــخ الأدبي
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-05-2009, 12:28 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي الشاعر ذو الرمة والشراع الكويتي - يعقوب الغنيم

كتب : د.يعقوب يوسف الغنيم - الوطن :


قد يعجب القارئ حين تقع عيناه ـ لاول وهلة ـ على هذا العنوان، وسوف يراه أمرا لافتاً للنظر حين يقترن اسم شاعر معروف من شعراء الدولة الأموية بالشراع الكويتي. ولكني أقول له: إن في التفاصيل الآتية ما يزيل الاستغراب.
دعنا نتحدث ـ أولا ـ عن القسم الأول من العنوان وهو الشاعر ذو الرمة، الشاعر الشاب الغزل الذي ترك ديوانا مليئا بعيون الشعر، توفي وهو ابن أربعين سنة، وقيل عنه لفرط إجادته القريض ختم الشعر بذي الرمة، فكأنه عندهم هو آخر الشعراء المجيدين المبدعين.
سبق لي أن كتبت عن هذا الشاعر الذي عاش في العصر الأموي، وعاصر جريرا والفرزدق وغيرهما من كبار شعراء ذلك العصر، ومما قلته آنذاك:
«غيلان بن عقبة شاعر مجيد، قيل عنه إنه أحسن أهل الإسلام تشبيها، وكان كثيرا ما يصف الإبل والأغنام والأطلال البالية والمنازل الخالية في الصحراء، مما يجعله يتخلف عن الطبقة الراقية من شعراء عصره. مر به الفرزدق يوما وهو ينشد:

أمنزلتي مي سلام عليكما
هل الأزمن اللائي مضين رواجع
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى
ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع
توهمتها يوما فقلت لصاحبي
وليس بها إلا الظباء الخواضع

فوقف حتى فرغ منها، فقال له ذو الرمة: كيف ترى يا أبا فراس؟ قال: أرى خيرا. قال فما لي لا أعد في الفحول؟ قال: يمنعك عن ذلك صفتك الصحارى وأبعار الإبل. وكان ذو الرمة يتشبب بمي بنت طلبة وخرقاء من نساء بني عامر بن ربيعة، وكانت الأخيرة تسكن فلجة وهي منزل على طريق مكة من البصرة، وكان الحجاج يمرون بها فتحدثهم وتقول: أنا منسك من مناسك الحج، وتقصد قول ذي الرمة:

تمام الحج أن تقف المطايا
على خرقاء واضعة اللثام

وسبب تسميته بذي الرمة قوله في رجز له:

لم يبق منها أبدا الأبيد
غير ثلاث ماثلات سود
وغير مرضوخ القفا موتود
أشعت باقي رمة التقليد

وكان شعره رقيقا عذبا، أنشد راويته صالح بن سليمان من شعره وأعرابي يسمع فقال: أشهد عنك إنك لفقيه تحسن ما تتلوه، وكان يحسبه قرآنا. ومن شعره:
أقول بذي الأرطي عشية أرشفت
إلى الكرب أعناق الظباء الخواذل
لأدماء من آرام بين سويقة
وبين الجبال العفر ذات السلاسل
أرى فيك يا خرقاء من ظبية اللوى
مشابه جُنّبت اعتلاق الحبائل
فعيناك عيناها وجيدك جيدها
ولونك لولا أنها غير عاطل

ويقول:
وقفت على ربع لمية ناقتي
فما زلت أبكي عنده وأخاطبه
وأبكيه حتى كاد مما أبته
تخاطبني أحجاره وملاعبه
ومن قوله يذكر كاظمة في طريقه إلى أبي موسى بلال بن بردة ابن أبي موسى الأشعري يمدحه:
إلى ابن أبي موسى بلال تكلفت
بنا البعد أنقاض الغريرية السجر
مدئبة الأيام واصلة بنا
لياليها حتى ترى واضح الفجر
يأوين تأويبا قليلا غراره
ويجتبن أثناء الحنادس والقمر
يقطعن أجواز الفلاة بفتية
لهم فوق أنضاء السري قمم السفر
تمر بنا الأيام ما لمحت لنا
بصيرة عين من سوانا إلى شفر
تقضين من أعراف لبنى وغمرة
فلما تعرفن اليمامة عن عُفر
تزاورن عن قران عمدا ومن به
من الناس وازورت سراهن عن حجر
فأصبحن بالحومان يجعلن وجهة
لأعناقهن الجدي أو مطلع النسر
فصممن في دوية الدو بعدما
لقين التي بعد اللتيا من الضمر
فرغن أبا عمرو بما بين أهلنا
وبينك من أطراقهن ومن شهر
فأصبحن يجعلن الكواظم يمنه
وقد قلقت أجوازهن من الضفر
فجئنا على خوص كأن عيونها
صُبابات زيت في أواقيَّ من صفر

ولقد حدثت لذي الرمة في كاظمة حادثة رواها أبو عبدالله محمد بن عمران المرزباني في كتابه الموشح نقلا عن أبي عبيدة عن الضحاك بن بهلول الفقيمي أنه قال: «بينما أنا في كاظمة وذو الرمة ينشد قصيدته التي يقول فيها:
أحين أعاذت بي تميم نساءها
وجُرّدْتُ تجريد اليماني من الغمد

إذا راكبان قد تدليا من نعف كاظمة متقنعان، فوقفا بسمعان، فلما فرغ ذو الرمة حسر الفرزدق عن وجهه وقال: «يا عبيد أضممها إليك» يعني راويته. وهو عبيد أحد بني ربيعة بن حنظلة، فقال ذو الرمة: «نشدتك الله يا أبا فراس انتحل ما شئت غيرها» فانتحل أربعة أبيات:
أحين أعاذت بي تميم نساءها
وجردت تجريد اليماني من الغمد
ومدت بضبعي الرباب ومالك
وعمرو وشالت من ورائي بنو سعد
ومن آل يربوع زهاء كأنه
دجى الليل محمود النكاية والورد
وكنا إذا الجبار صعر خده
ضربناه فوق الانثيين على الكرد

ولاتزال هذه الأبيات الثلاثة في ديوان الفرزدق وفي ديوان ذي الرمة، أما البيت الأخير فهو كما قال الكثيرون من الرواة للفرزدق وليس هو رابع هذه الأبيات بترتيب الديوان بل بعدها:
وهرت كلاب الحي مني وبصبصت
بأذنابها من ضغم ضرغامة ورد

هذا الذي نقلته هنا إنما هو صفحات من كتابنا «كاظمة في الأدب والتاريخ» ـ الطبعة الثانية ـ 1995م، وسوف يجد القارئ كثيراً من الألفاظ الذي يحتاج إلى بيان معناها وهذه سمة من سمات شعر ذي الرمة، والكتاب المذكور فيه الشرح الكافي لكل ما غمض. وهو متوافر ويمكن الرجوع إليه للحصول على المعلومات المطلوبة.

هذا هو ذو الرمة التي سماه أستاذنا الشيخ محمود محمد شاكر: شاعر الحب والفلوات، وكتب عنه عددا كبيرا من المقالات، وكان معجباً به كل الإعجاب.
كان ذو الرمة من الشعراء المعروفين في الكويت في أيامها الماضية، وكان عدد من الشعراء الكويتيين معجبين بهذا الشاعر يحفظون شعره ويقدرون مكانته في عالم القصيد، وقد مر بنا في أحد المقالات من الأزمنة والأمكنة أن الشاعر عبداللطيف الديين كان يحفظ شعر ذي الرمة إعجاباً به.
وهذا الأمر الذي وصلنا إليه هنا يدفع بنا إلى الانتقال إلى الجزء الثاني من العنوان بعد أن تحدثنا عن الجزء الأول منه، والجزء الثاني هو الشراع الكويتي. ويأتي في البداية مجال التساؤل عن العلاقة بين القسمين. ولابد لنا من أن نقوم بتفسير ما يمكن أن يعتبر نوعاً من الإبهام، ولكنه إبهام سوف ينجلي بسرعة لأن أمر ذلك يسير جداً.

يتبين لنا الأمر عندما نعرض أسطورة ابتدعها البحارة الكويتيون، وهم في حالة الانطلاق عبر بحر العرب متجهين إلى أول مرفأ لهم وهو كراتشي مارين بما يسمى (الغبة) وهي المياه العميقة في هذا البحر الممتد إلى مدى بعيد. هم في هذه الحالة في وضع الانتظار، لا يبدأ عملهم الحقيقي إلا عند وصول المرفأ المطلوب. أما أعمالهم خلال مسيرهم هذا فهي روتينية لا تتغير إلا إذا حدث طارئ للسفينة، أو حدثت رياح مزعجة تؤثر على انطلاقهم أو على شراعهم، ففي هذه الحالة يكونون في حالة استنفار، وفي وضع العمل الدائب السريع لتلافي كل ما يعرض لهم. وفي ليالي الأوقات الهادئة يجلسون إلى بعضهم قبل نومهم ليتبادلوا الأحاديث أو الحكايات أو الألغاز (الغطاوى) ومن إحدى هذه الحكايات برزت حكاية ذي الرمة.


هم لا يعرفون أن هذا هو لقبه، ولكن يعرفونه باسمه الحقيقي وهو غيلان، ويعرفون محبوبته وهي: ميَ. وقد يتداولون بينهم سؤالاً مؤداه: من صنع هذا الشراع الذي تسير بسببه سفينتهم فتأتي الأسطورة لتحكي ذلك فيتم تركيب قصة متكاملة تدور حول ذي الرمة وحبيبته.

لم أكن أعرف بهذه القصة إلى أن استمعت إلى شريط مسجل بصوت والدي يتناول فيه قصة الشراع. وكان قد سجل هذا الشريط ضمن خمسة عشر شريط آخر تحتوي كلها علي ما يدور على متن السفينة الشراعية وهي مبحرة ليلا في ذلك الطريق البعيد الذي وصفناه آنفاً، وفي الأشرطة من الحكايات والألغاز والأحاديث المتنوعة، شيء كثير.

للشراع أهمية كبرى لكل سفينة، ولذلك سميت سفينة شراعية للتفريق بينها والسفن التي صارت تسير بالماكينات في أيامنا هذه.
يهتم النوخذة وبحارته بهذا الجزء من السفينة وما يرتبط به من (دقل) وهو المعروف باسم (الصاري)، وفر من وهو الخشبة الممتدة بطول السفينة على سطحها بحيث ترتبط بالدقل وتحميه، ويربط في طرفيها الشراع.
وللشراع أنواع كثيرة من حيث الحجم، وكل منها له اسمه الخاص، وله استمعاله في الحالات التي تدعو إليها الأنواء في البحر فمن ذلك ما يطلق عليه اسم الشراع أو الشراع العود أي الكبير. ومنها شراع أصغر منه يوضع على الصاري الأصغر ويسمى هو وهذا الصاري باسم واحد يشتركان فيه هو: القلمي.

يضاف إلى ذلك (البومية) وهي شراع مثلث صغير يضاف إلى شراعي السفينة، ولذلك فإننا كنا نقول جاء فلان مسرعا بعود وقلمي وبومية تشبيها له بالبوم السريع ذي الأشرعة الثلاثة.
هناك عدد آخر من أنواع الأشرعة، وما يتعلق بها ومواضعها داخل البوم عند نزعها وكذلك أسماء القطع التي يتكون منها الشراع و(الدقل) وما يتعلق به تستطيع أن تجد كل ذلك في كتاب الأستاذ أحمد البشر الرومي: «معجم المصطلحات البحرية في الكويت» الذي أصدره مركز البحوث والدراسات الكويتية في سنة 1996م، وهو معجم مفيد جدا يشكر المركز الذي أصدره على هذه الصورة الفنية الجميلة التي نراه عليها.

هذا وينبغي أن نشير إلى أننا كنا نشاهد دائما بالقرب من الساحل مجموعات من البحارة الذين تعكف كل مجموعة منهم على شراع جديد يقومون بتفصيله بحسب المتبع ثم خياطته، أو يقومون بإصلاح ما تلف من أجزاء شراع قديم، كل ذلك كان استعدادا للرحلة التي سوف يقومون بها بعد الانتهاء من عملهم، وإعداد باقي متطلباتها وفقا للأوامر التي تأتيهم من النوخذة.

هذا واسم (الدقل) قديم ورد ذكره في كتاب ابن منظور المسمى (لسان العرب) في مادة دقل فقال: «والدقل.. خشبة تشد في وسط السفينة يمد عليها الشراع». أما الشراع فقد ذكره ابن منظور أيضا فقال: «والشراع: شراع السفينة... وفي حديث أبي موسى بينما نحن نسير في البحر، والريح طيبة، والشراع مرفوع» شراع السفينة ما يرفع فوقها من ثوب ليدخل فيه الريح فيجرها. وشرع السفينة جعل لها شراعا».
قال الطرماح:
«كأشرعة السفين»

والطرماح هو لقب لقبَ به الشاعر الأموي: الحكم بن الحكيم بن الحكم. والشطر الذي استشهد به صاحب اللسان من قصيدة الطرماح (وهو في الواقع جزء من الشطر) وهي قصيدة طويلة وفي هذا البيت يصف النياق التي سار عليها في رحلة طويلة مع عدد من أصحابه، وتمامه:
نواعج، يفتلين مواكبات
بأعناق كأشرعة السفين
والنواعج: السريعات. ويفتلين: يمضين في السير ومنها في لهجتنا نقول: افتلت فلان أي: أسرع في مشيه، ومواكبات: متقاربات يسرن في موكب واحد.
هذا ولقد ورد اسم (الشراع) بمعناه هذا في الشعر النبطي الكويتي، ومن ذلك قول شاعرنا فهد بورسلي من قصيدته التي مطلعها:
الدار جارت ما عليها شافه
والحر فيها شايف ما عافه

وهي قصيدة يشكو فيها وضعه في وطنه، والبيت الذي فيه ذكر الشراع هو:
ما دامنا شتى بفلك
ذاب الشراع، وضاعت الغرافه

الشراع: معروف للسفن الكبيرة، والغراقة هي: المجداف المستعمل للسفن الصغيرة

وورد ذكر الشراعـ أيضاـ في الأمثال الشعبية الكويتية ومنها مثل مشهور يقول: «لا يغرك شراعه تراهو سماري» وذلك إذا رأيت شخصا حسن التصرف، وهو في الحقيقة على غير ذلك الذي ظننت فيطلعك أحد أصدقائك على ما هو عليه من حال قائلا هذا المثل: «لا يغرك شراعه تراهو سمارى» أي لا تنخدع بمظهره، كالبوم الذي تراه يسير في البحر ناشرا شراعه على حين أنه كان يسير بلا هدى، وأن الشراع لا تحركه ريح، وقد تركه النوخذة دون توجيه.

***
نعود الآن إلى حديث والدي المرحوم يوسف غنيم سليمان الغنيم الذي قاله عن ذي الرمة والشراع، يقول في التسجيل ما يلي:

إن غيلان (يقصد الشاعر) قد ابتكر الشراع، ولم يكن الشراع معروفا قبله، ويقال إنه كان يسابق امرأة اسمها مي، فلم يقدر على التغلب عليها (سباق بحري طبعا) فصنع الشراع مقلدا هيئة جناح الجرادة، فنجح في مهمته وسبق.

غيلان هو ذو الرمة، ومي هي المحبوبة التي طالما تغنى بها، وهذه المعلومات لم ترد في السرد ولكني أوردتها للتوضيح عن الاسمين اللذين وردا فيه.
ليس هناك ما يدل على أن الشراع لم يكن موجودا قبل ذي الرمة، ولا ما يدل على أنه كان من رواد البحر، ولا كان يستطيع أن يمضي كل هذا الوقت مع (مي) التي لم يكن يراها إلا فيما يشبه اللمحات الخاطفة، ولكنها الاسطورة التي يديرها قاتلوها على ما يشاؤون، وكانت متداولة بين البحارة على هذا النمط.

ألف الأستاذ المؤرخ سيف مرزوق الشملان كتابا مكونا من مجلدين كبيرين وأصدره تحت عنوان: «تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي» وهو كتاب مهم في بابه، يحس قارئه بمدى اهتمام الكاتب بالموضوع ومقدار ما صرف عليه من جهد ووقت، فهو كما كان الأولون يقولون لنا: كتاب جامع مانع.

وقد ورد في الكتاب (ج2 ص442) حديث عن غيلان وشراعه وقصته مع (مي) نورد نصه فيما يلي:
«هناك حكاية أسطورة معروفة في بلدان الخليج العربي عن كيفية استعمال الشراع في الخليج العربي لأول مرة وهي:

يقولون إنه كان هناك في الزمن القديم شخص اسمه (غيلان) ويقولون انه كان يسكن في قطر في خور المهاندة وكان صاحب سفن للغوص على اللؤلؤ ولديه رجال يعملون لحسابه وكانت له سطوة. وظل غيلان يعمل دون منازع حتى ظهر له منافس ماهو إلا امرأة اسمها (ميّ) كانت شجاعة وكانت لديها مجموعة من السفن للغوص على اللؤلؤ وكان رجالها اشد من رجال غيلان وكانوا يعرفون الاماكن الطيبة للمحار. فأخذوا يزاحمون رجال غيلان مزاحمة شديدة.
يقولون ان غيلان ضاق ذرعا بمنافسة مي له بل وتحدياتها له ولرجاله. وكانت سفن غيلان وسفن مي تعتمد على التجديف فكانوا يجدفون مسافات طويلة.

أخذ غيلان يفكر في طريقة يتخلص بها من منافسة مي له. فرأى جرادة وأخذ يمعن النظر في جناحها الداخلي فخطرت له فكرة عمل الشراع على شكل الجناح الداخلي. وفعلا طبق الفكرة وعمل الشراع الموجود حاليا. وخرج إلى المغاصات وسبق سفناً فكانت مفاجأة غير سارة لمي. فقالت له: القلص ياغيلان أي أن يحر سفينتها. فقال لها. القلص في رأس الأدوام أي رأس الفرمن الذي يحمل الشراع. وكانت سفن مي قبل ذلك تسبق غيلان فإذا تعدته يقول لمي: القلص يامي. فتقول له: القلص في رؤوس المياديف».
لقد نقل الأستاذ سيف الشملان الحكاية كما سمعها، ومن هذا يأتي الشك في أن يكون غيلان المقصود هو غير ذي الرمة ولكن تداول الحكاية في هذه المنطقة التي كان يعيش فيها هذا الشاعر، وذكر (مي) التي طالما تغنى بها في شعره دليل على ان البحارة قد اخذوا رواية حقيقية عن الشاعر وحبيبته ثم ركبوا عليها مسألة الشراع.

هذا السبب هو الذي دفعنا إلى تقديم الرأي السابق ذكره.

***
وبعد» فهذه هي حكاية ذي الرمة، وحكاية الشراع الكويتي، ولك أن تعجب من هؤلاء الذين لم يكن لهم ـ آنذاك ـ اطلاع على الكتب كيف يستخرجون منها ما يشاؤون ويحيلون ذلك إلى أساطير يحيون بها ليالي السفر الشراعي، ولم تكن حكاية ذي الرمة التي سردناها إلا مثلاً يقال في مثل هذه الحالة التي تتعلق بشراع السفينة الكويتية.

ولقد تتبعت الحكايات التي أوردها والدي رحمه الله في الأشرطة التي أشرت إليها فيما سبق، فوجدت فيها الكثير من الأساطير المشابهة ترجع كلها إلى مواضع معروفة في كتب الأقدمين، ويمس بعضها حياة بعض المشهورين في زمنهم، بل وإلى الآن.
استمعت الى حكاية رواها ابن طفيل في كتابه «حي بن يقظان، وحكايات من ألف ليلة وليلة وحكاية عنترة بن شداد وأبي زيد الهلالي وكلها إذا استمعت إليها تجد فيها تحويرا ـ بصورة ما ـ عن الوضع الذي كانت عليه، إذ كان يصعب على أولئك البحارة أن يلموا بها في الكتب التي أوردت تلك الحكايات فكانوا يطلقونها على سجيتهم.

ومن الغريب أن يرووا الشعر القديم، ولكن بأسلوب نثري فقد صعب عليهم حفظ الشعر الفصيح، ومما وجدت لهم رواية عن شاعر وفد على قوم فلم يجد عندهم قرى، وبات جائعا فخرج منهم وهجاهم بأبيات معروفة في الأدب العربي، هي نموذج على الإقذاع في الهجاء ومنها البيت المشهور:

قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم
قالوا لأمهُمُ بولي على النار

وذلك حتى لا يرى الأضياف القادمون النار فيأتون إلى مصدرها.
كيف عرف رجال البحر عندنا هذه الأمور المكتوبة في بطون الكتب؟ وكيف حوروا في روايتها حتى تسير على الأسلوب الذي تعودوا على التحدث به؟
هذه مسألة تحتاج الى دراسة متخصصة لا موضع لها هنا.


تاريخ النشر: الاربعاء 6/5/2009
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-05-2009, 12:32 AM
الصورة الرمزية AHMAD
AHMAD AHMAD غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي

مقاله رائعه تستحق القراءة .... وهناك موضوع آخر أيضاً قد كتب من قبل عن مي وغيلان في هذا المنتدى ..

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشاعر محمد بن لعبون في الكويت - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 13 13-12-2017 11:59 AM
كاظمة إلى الأبد - يعقوب الغنيم AHMAD جغرافية الكويت 6 25-04-2010 12:32 AM
أسماء الأمكنة - يعقوب الغنيم AHMAD جغرافية الكويت 0 21-04-2010 01:30 AM
الأديب الشاعر فاضل خلف - يعقوب الغنيم AHMAD المعلومات العامة 0 09-12-2009 11:48 PM


الساعة الآن 01:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت