راسل ادارة الموقع جديد المشاركات التسجيل الرئيسية

 
 
        

اخر المواضيع

 
 

 
 
العودة   تاريخ الكويت > منتدى تاريخ الكويت > القسم العام
 
 

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-11-2009, 07:52 PM
بن سلامه العتبي بن سلامه العتبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 22
افتراضي وتبقى السياسه هي الأصل للمفكر تركي الحمد

هذه من أجمل المقالات التي كتبها المفكر و الأديب تركي الحمد أتمنى أن تنال إعجابكم


يمكن القول إن اللغة العربية والدين الإسلامي يشكلان الإطار الذي نمت في رحمه ما نسميه اليوم «الحضارة العربية الإسلامية»، التي تشكلت خلال قرون من نمو الإسلام وانتشاره في دولة متسعة الأرجاء، مع استيعاب الإسلام لكثير من المخرجات الثقافية والحضارية لحضارات دارسة وحضارات قائمة، احتكت بها الثقافة القادمة والحضارة الناشئة. فبعد أن تحول الإسلام من دعوة خالصة، ببذور دولة كامنة، أيام رسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم)، ومن دولة دعوة وفتوحات، ببذور إمبراطورية كامنة، في العهد الراشدي، إلى إمبراطورية مترامية الأطراف في العهدين الأموي والعباسي، تحولت اللغة العربية إلى لغة جامعة، أو لنقُل لغة موحدة لهذه الإمبراطورية المترامية الأطراف، ومشكّلة في تداخلها مع الدين الجديد حضارة ذات طبيعة مختلفة عن الحضارات السابقة والمعاصرة لها، وإن كان التثاقف بين هذه الحضارة وبقية الحضارات قائما على الدوام، بحيث أصبح الكثير من أبرز أعلام هذه الحضارة في الفكر والفقه واللغة والشعر والفلسفة وعلم الكلام والموسيقى، من غير العرب نسباً، وإن صاروا كذلك ثقافة (ابن المقفع، سيبويه، ابن سينا، الرازي، الفارابي، البخاري ومسلم، الحلاج المصلوب، والسهروردي المقتول، أبو حنيفة، أبو نواس، بشار بن برد، وغيرهم)، وهم من يُفتخر بهم اليوم كرواد في الثقافة العربية الإسلامية حين الخطاب موجهاً إلى الخارج، في حين يُكفرون في مواقع أخرى حين يكون الخطاب موجهاً إلى الداخل. وكانت العربية هي وسيلتهم للدخول إلى المخزون الثقافي العربي، كما كانت لغاتهم الأصلية، وخاصة الفارسية، هي مدخلهم إلى مخزون ثقافاتهم الأصلية، فكان ذلك إضافة إلى حضارة عربية إسلامية وجدت ازدهارها في العصر الذهبي للحقبة العباسية تحديداً.

الفضاء الثقافي لا يعرف التجانس المطلق، وإن كان يعرف الإطار المشترك، والفضاء السياسي لا يستقر إلا بتجانس ثقافي من هذا النوع أو ذاك، وخاصة في دول وإمبراطوريات مركزية تقليدية ذات بنية مختلفة عن بنية الدولة الحديثة، وهنا يكمن التناقض أو لنقُل الصراع بين الفضاءين، وهنا يمكن أيضاً فهم طبيعة العلاقة بين الثقافي والسياسي في الدولة العربية الإسلامية، وخاصة في العهدين الأموي والعباسي، وما تلاهما من عقود.

فعندما قام خالد بن عبد الله القسري بالتضحية بالجعد بن درهم، وهو مؤدب آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد (الحمار)، في عيد الأضحى بدلاً من خروف أو بعير أو ثور، مع أن التضحية بالحيوان إنما شُرعت لفداء الإنسان وليس العكس. لم يكن يفعل ذلك لانحراف الجعد الفكري بالقول في التعطيل، كما هي التهمة التي بررت قتله ظاهراً، ولكنه كان ينفذ سياسة عليا ترى في الانحراف عن «الصراط المستقيم» أو الأرثوذكسية الأموية (نسبة إلى بني أمية)، الذي حددته الدولة، تهديداً لاستقرار الدولة التي كانت تأخذ في بداياتها بمذهب الإرجاء، ولكن أكثر المرجئة انقلبوا عليها لاحقاً، وذلك عندما ساندوا ثورة عبد الرحمن بن الأشعث، وثورة يزيد بن المهلب. وقبل قتل الجعد بن درهم بتهمة التعطيل، كان خالد القسري قد قبض على سعيد بن جبير عندما كان والياً على مكة، وأرسله إلى الحجاج بن يوسف في العراق، الذي قتله لاشتراكه في ثورة ابن الأشعث، رغم أنه، أي ابن جبير، لم يكن من أهل التعطيل أو الإرجاء أو غيره، ولكنها السياسة التي لا تعرف صديقاً دائماً أو عدواً دائماً. والغريب أن خالد القسري هذا قد قتل أيام الخليفة الوليد بن يزيد، وفي مدينة الكوفة حيث قتل الجعد بن درهم.

وحدة الثقافة، أو فرض الوحدة والتجانس عليها، والتقيد بمذهب معين لا طريق للحق والحقيقة سواه، هو جزء من سياسة الدولة ومنطق الدولة التقليدية، وهكذا يمكن أن نفهم مثلاً ما فعله المأمون في أيام «المحنة»، فقد كان فكر المعتزلة هو مذهب الدولة، ومن حاد عنه فهو في النهاية خارج عن الحق والحقيقة معرفياً، وخارج على الدولة سياسياً، بحيث يمتزج السياسي بالثقافي بالأيديولوجي، فلا يُعرف أين تبدأ حدود هذا وأين تنتهي حدود ذاك، حتى وإن لم يدر ما هو سياسي أو أيديولوجي في ذهن المفكر، ولكن للدولة حساباتها الخاصة. لم يُعذب أحمد بن حنبل لأنه كان يرى أن القرآن كلام الله غير مخلوق فقط، في مقابل قول المعتزلة إنه مخلوق، ولكن لأنه كان مضاداً للدولة في توجهها الثقافي الذي ترى من خلاله أن وحدة الدولة وتجانس الثقافة، كبنية أساسية لها، هما الأهم من كل قناعة فكرية أو مذهبية خارج مذهب الدولة، الذي كان الاعتزال أيام المأمون والمعتصم، رغم أن ابن حنبل كان لا يرى جواز الخروج على الحاكم بأي شكل من الأشكال، ما لم يُعلن الحاكم الكفر البواح، وذلك اتساقاً مع مذهبه الفقهي. وعندما انقلب المتوكل على فكر الاعتزال ومال إلى مذهب «أهل الحديث»، لم يكن الأمر يخلو من حسابات سياسية معينة، فالاعتزال كان من علم الكلام الذي قد لا يفهمه إلا الخاصة، أو حتى خاصة الخاصة، أما العامة من الناس فإنما ينحازون إلى ما هو أبسط من ذلك بكثير، وبالتالي فإن مذهب أهل الحديث أقرب إلى أذهان العامة من مصطلحات الاعتزال وعلم الكلام، وبالتالي يسهل قيادهم وضبطهم من خلال ذلك. ولا أظن المتوكل كان بعيداً عن هذه الحسابات حين انقلب على المعتزلة ونكل بهم، كما نكل المأمون والمعتزلة بمخالفيهم، وهذه نقطة سوداء في تاريخ المعتزلة الذين يوصفون دائماً «بفرسان العقل» في الحضارة العربية الإسلامية. نفس الشيء يمكن أن يقال عن ابن المقفع أو بشار، الذي قُتل بتهمة الزندقة ولكن الحقيقة أنه قُتل لهجائه الخليفة المهدي.

فابن المقفع مثلاً، لم يُقتل «لزندقته» المفترضة، بل كان ذلك بسبب خطاب الأمان الذي كتبه لعبد الله بن علي، عم الخليفة المنصور والثائر عليه، بالإضافة إلى مطالبته بإصلاح القضاء مما يكبل يد الخليفة، وتأتي أعمال «كليلة ودمنة»، و«رسالة الإصلاح»، و«الأدب الكبير» و«الأدب الصغير»، تبريراً وليس سبباً. والذين قُتلوا متهمين بالزندقة أيام خلفاء بني أمية وبني العباس كان السبب وراء قتلهم هو دعم وحدة الدولة ومركزيتها من خلال إضفاء التجانس الثقافي، من خلال التقيد الصارم بمذهب هو سبيل الحق ولا سبيل سواه. وبنفس المنطق، يمكن أن نفهم لماذا قتل الأثينيون سقراط المسالم الذي شكك في آلهتهم، وبذلك شكك في الأساس العقدي لدولتهم، وفرض الصفويون التشيع الإثنا عشري على إيران السنية بحثاً عن الشرعية السياسية، وفرض الأيوبيون المذهب السني على مصر التي كانت فاطمية لنفس الأسباب، وفرضت إسبانيا الكثلكة على كل الأندلس بعد سقوطها خضوعاً لمنطق الدولة.

وفي أيامنا الحديثة لم يعد لتهمة الزندقة من وجود، فلا مانوية (نسبة إلى ماني)، ولا مزدكية (نسبة إلى مزدك)، ولا زرادشتية (نسبة إلى زرادشت)، وهي الأديان التي كان الزنادقة يتهمون في إخفائها، تبرر استخدام المصطلح، ولكن بقي «التكفير» سلاحاً سياسياً قوياً يمكن أن يُستخدم في إزالة الخصم، سواء كان استخدام هذا السلاح من قبل الدولة، أو من قبل خصوم الدولة، أو من قبل التيارات المختلفة في قلب الدولة. فكسلاح في يد الدولة، المثل هنا هو أنه عندما أُعدم محمود محمد طه في السودان عام 1985، بتهمة الردة في ظل حكم جعفر النميري، الذي أعلن عن تطبيق الشريعة في السودان، لم يكن الباعث الأعمق لذلك هو الردة فعلاً، بقدر ما كان النميري يبحث عن شرعية سياسية جديدة، وكسب ولاء علماء الشريعة والإسلاميين بصفة عامة، بعد فضيحة نقل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل، واهتزاز الشرعية الثورية لانقلابه العسكري، وكان محمود طه هو كبش فداء للعبة سياسية بحتة. وكسلاح مستخدم ضد الدولة، فإن أدبيات الإسلام المؤدلج من سيد قطب حتى منظري القاعدة والسلفية المجاهدة خير مثال على ذلك، والغاية في النهاية سياسية بحتة لا علاقة للكفر والإيمان بها. وكسلاح مستخدم من قبل التيارات المختلفة داخل الدولة، فلا أدل من تكفير الكثير من التيارات الإسلاموية لمن عداها، ولبعضها البعض أحياناً، من أجل مآرب سياسية حين التحليل الأخير. قد لا تبدو مثل هذه المآرب واضحة في أذهان العامة من الناس، الذين تحركهم المشاعر، وتأسرهم العواطف، وتسيرهم الكلمات، ولكنها تتضح بشكل كبير لكل من يحاول البحث وراء الظاهر.

صحيح أن السياسة لا تدخل في شيء إلا تفسده، ولا نقصد السياسة هنا كعلم أو تحليل، ولكن كممارسة تبرر أي شيء وكل شيء، وتلعب بأي ورقة يمكن أن تضمن لها الكسب في ساحة تتعارك فيها وحوش السلطة وثعالبها، ولا أريد أن أقول أفاعيها وعقاربها. فحين تُسيّس الثقافة ويؤدلج الدين، لا يبقى معنى للثقافة أو الدين. هذا لا يعني انفصاماً كاملاً بين الدين والسياسة، أو الثقافة والسياسة، فهذا من المحال، ولكن أن يكون الدين أو أن تكون الثقافة مجرد أوراق سياسية ضمن أوراق أخرى، لا يلبث أن ينتهي دورها بمجرد انتهاء اللعبة، فهنا يكمن فساد الأمر.. هنا يكمن الفساد.. وقانا الله وإياكم من كل فساد..
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-11-2009, 10:49 PM
سامي السبيعي سامي السبيعي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 1
افتراضي

جزاك الله خير على مقال تركى الحمد
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جريده السياسه بخمسين فلساً ولدالشامي المعلومات العامة 9 15-05-2012 11:06 PM
الحمد بوعلي القسم العام 1 17-08-2010 06:15 PM
لا للفتنة نعم ل واره وتبقى الكويت بدر اليتيم القسم العام 4 16-05-2009 02:07 PM


الساعة الآن 12:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لموقع تاريخ الكويت