السيد ياسين السيد هاشم الغربللي 1898-1996
 

السيد ياسين السيد هاشم الغربللي
(1898-1996)


بينما كنت عائداً في الطائرة إلى أرض الوطن بتاريخ 11/11/1996 قرأت خبر وفاة العم ياسين السيد هاشم الغربللي عن عمر يناهز 98 عاماً فدعوت له بالمغفرة والرحمة، فهو من رجالات الكويت الأوفياء ومن الشخصيات الكويتية المعروفة وتأتي معرفتي بالعم أبو علي منذ طفولتي المبكرة عندما كان والدي يصطحبني معه إلى ديوانه الذي يضم النخبة والصفوة من تجار وعلماء وأدباء الكويت وكان رحمه الله يستقبل رواد ديوانه على ثلاث فترات: الأولى بعد صلاة العصر والثانية ما بين المغرب والعشاء والثالثة بعد العشاء وكل فترة تضم وجوهاً ورواداً وشخصيات تختلف عن الفترة الأخرى، كل هؤلاء حرصوا على التردد إلى الديوان لما وجدوا في العم الفاضل من حسن استقبال ودماثة خلق وصحبة وفاء منقطعة النظير.
ونعود إلى البداية لتتبع سيرة المرحوم ياسين الغربللي، فحياته بدأها مولعاً في الأسفار والترحال وهي كعادة أهل الكويت في الماضي لكسب الرزق الحلال، ففي احدى محطاته في مدينة دبي في اواخر العشرينات أصبح وكيلاً لمجلة (الكويت) التي كان يصدرها مؤرخ الكويت عبدالعزيز الرشيد كما عمل مع مجموعة من أهالي الكويت خلال الفترة من عام 1920-1930 في منطقة الاحساء فتلك المنطقة في ذلك الوقت كانت بحاجة ماسة لتطوير شؤونها الادارية والمالية ونتيجة ذلك استلم الكويتيين مرافق الاحساء الهامة مثل الموانئ والمخازن وكانوا محلا لأمانة والثقة فمنهم من أمضى بضع سنوات ومنهم زاد عن ذلك سنوات أخرى.
وأخبرني والدي الذي عمل في تلك الفترة في الاحساء مع مجموعة الرعيل الأول الكويتيين بأنه كان يتقاضى راتباً شهرياً قدره عشرة ليرات(نيرات) ذهب فمنها استأجر منزلاً وعين خادماً وباقي المعاش يرسله لأهله في الكويت.
ومن أبرز رجالات الكويت الذين عملوا في الاحساء هم : الاديب خالد الفرج - الوزير والسفير السابق خالد سليمان العدساني - سلطان آمان - أحمد عبدالعزيز السميط - حمد المير - عبداللطيف الخترش - محمد العبدالمغني - عبدالعزيز الحميضي - سريع عبدالرحمن السريع - عبدالرحمن الهاشم - فهد عبدالعزيز السميط - عبداللطيف حمد الفوزان - جاسم حجي جاسم - يوسف ابراهيم الفوزان - عبداللطيف ابراهيم النصف.
أما المرحوم ياسين الغربللي فأصبح أميناً عاماً لشؤون تخزين المواد التجارية والغذائية وبعد أن أمضى بضع سنوات عاد من الاحساء إلى الكويت وشغل منصب مدير عام لشركة النقل والتنزيل التي عرفت بذلك الوقت باسم (حمال باشي) وهي أول شركة كويتية مساهمة يعهد إليها بمهمة شؤون الموانئ الكويتية واستمر حتى عام 1940 فابان الحرب العالمية الثانية ونتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها المنطقة قامت حكومة الكويت بتأسيس شركة عرفت باسم (تموين الأقمشة) على غرار شركة تموين المواد الغذائية فالشركتان تم انشاؤهما في عام 1942 وذلك لتخفيف العبء عن المواطنين وصرف مشترياتهم بأسعار مناسبة فعهدت الحكومة للمرحوم ياسين الغربللي كرجل ثقة لتولي ادارة (شركة تموين الأقمشة) وأصبح مديراً لها.
ومع انطلاقة تأسيس الدوائر الحديثة في الكويت ونظراً للثقافة الواسعة التي يتمتع بها العم ياسين الغربللي بالاضافة إلى اجادته اللغة الانجليزية، تم تعيينه مديراً لدائرة الصحة العامة في سنة 1949 واستمر لبضع سنوات تفرغ بعدها لأعماله الخاصة وفي عام 1960 عمل مع اللجنة التأسيسية التي كان لها دور في انشاء أول جمعية تعاونية على مستوى الكويت في منطقة الشويخ (ب) قبل صدور قانون الجمعيات التعاونية واطلق على الجمعية اسم (الشركة المحلية لسوق الشويخ) مما حد برجالات الكويت ان يحذو حذوه لتأسيس جمعيات تعاونية اخرى في مناطقهم فيما بعد..
ونصل إلى الختام في هذه العجالة السريعة التي استعرضنا فيها ملامح من سيرة العم ياسين الغربللي رحمه الله فرجالات الكويت بعطائهم المتجدد وكفاحهم مع الحياة وعلاقاتهم الاجتماعية المميزة والثقة والصدق والاخلاص التي تبادلوها مع الآخرين اكسبتهم التقدير والمكانة الكبيرة في القلوب. وما اعظم هذه المعاني التي نذروا أنفسهم لها والتزموا بها قولاً وفعلاً، رحم الله العم الفاضل ياسين الغربللي الذي انتقل إلى رحمة الله بتاريخ 10/11/1996.

• منقول من كتاب (شخصيات كويتية) اعداد د. عادل محمد العبدالمغني .