تاريخ الكويت - المطيرجي

المطيرجي

بقلم / فهد عبدالله الرومي
FALROUMI@HOTMAIL.COM

" المطيرجي " مصطلح كويتي شعبي يخص فئة من الناس في المجتمع ، فهم الذين يهوون تربية الحمام ، ولكن مصطلح " المطيرجي " ليس خاص في أي شخص يربي الحمام ولكنه أخص من ذلك ، فهو مربي الحمام " القلاّبي " أو " اللّوت " ، فهذا النوع من الحمام يمتاز بطريقة طيرانه أي أنه ليس كمثل باقي أنواع الحمام كالزاجل مثلاً ، فهذا الحمام يتميز في حركاته البهلوانية خلال طيرانه ، فتسمية " المطيرجي " تعني المربي الذي يطيِّر الحمام وليس من يربي الحمام فقط ، فشرط هذا المصطلح هو تطيير الحمام وليس التربية .

وإن شاء الله سوف أتطرق لهذا الموضوع بصورة وافية وشاملة لما أرى له من أهمية اجتماعية وتاريخية لأنه يعتبر ولو إلى حدٍ ما عادة وتقليد من عاداتنا وتقاليدنا الشعبية ، ولكن لتوسع الموضوع فإنني سوف أتناوله بصورة سلسلة منظمة في كل مرة لجانب أو جانبين من هذا الموضوع ، وأسأل الله بأن يوفقني في هذه السلسلة وأن تحوز على إعجاب القراء .

في البداية و للأسف أن مصطلح " المطيرجي " يرتبط بصورة غير منطقية أو غير مقنعة أو غير واقعية في أذهان بعض أعضاء المجتمع ، فإنه يعني عند بعض الأشخاص "شخص سيء الخلق و السمعة" وأنه قد شاع بين الناس بأن " المطيرجي " شخص معروف عنه الكذب مما أدى إلى أن شهادته لا تؤخذ في المحكمة فإن هذه الإشاعة غير صحيحة لأن هناك بعض القضاة " مطيرجية " ، فهي هواية ليس فيها منكر أو محرم ، ولكن في كويت الماضي كانوا
" المطيرجية " يطيرون الحمام فوق أسطح بيوتهم ، ونظراً لأن مجتمعنا مجتمع محافظ فكان الجار يتضايق من هذا " المطيرجي " وذلك لأن وجوده في سطح المنزل يكشف بيت جاره مما أدى إلى نبذ هذه الهواية ، وأيضاً نظراً لطبيعة هذه الحمامة (اللّوت أو القلاّبي) فإنها تحتاج إلى جو يمتاز ببرودته أو دفئه نوعاً ما ووجود الريح القوية أو الخفيفة أي رياح بسرعة ما بين
30 – 60 كيلو متر في الساعة وحسب ما هو معروف بأن هذا الجو هو الجو شتوي أو ربيعي وأنه قصير و نادر في إقليمنا المعروض بدرجات الحرارة المرتفعة ، فإن المطيرجي ينتهز هذه الفرصة كلما سنحت له الفرصة ولا يفوتها إلا نادراً ، مما يجعله يؤجل أعماله و لا يتواجد في صلاة الجماعة ونظراً لأن المجتمع الكويتي آن ذاك مجتمع صغير فإنه من الواجب بأن يتواجد الجميع في المساجد والجوامع ، وتلك من أهم الأسباب التي أدت إلى هذا الاعتقاد الخاطئ .

إن هذه المهنة أو الهواية اشتهرت في منطقتين بشكل كبير ، فقد اشتهرت في الكويت ومنطقة الزبير (جنوب العراق) ، فقد كان هواة تطيير الحمام المطيرجية بين البلدين يتبادلون فيما بينهما الحمام اللّوت أو القلاّبي .

وبما أن نظرتي وهدفي في هذا الموضوع هو التوضيح أو إن صحة العبارة " تصحيح نظرة المجتمع " بالنسبة " للمطيرجي " ، فإني سوف أتناول بعض الشروط المفروض أن تكون لدى " المطيرجي " .

الشروط المفروض أن تكون لدى المطيرجي :-

الصدق والأمانة:-

أن يكون صادق بين " المطيرجية "حتى يكسب ثقتهم وإن صاد حمامه غريبة فعليه أن يتصل في صاحبها إن كان رقم صاحبها مدون في حجل الحمامة حتى يتسنى له أن يرجعها لصاحبها ، فإن لم يتحلى بهذه الصفة فإنه يصبح منبوذ بين أفراد مجتمعه .

الصبر:-

بما أن هذه الهواية يتم التمتع فيها بصفة خاصة في موسم الشتاء ، فيعني أنه يجـب على "المطيرجي" أن يتحلى بالصبر في هذه الهواية ، فإنه يتم التفريخ عادةً في الصيف وتطيير فروخ الحمام في فصل الشتاء ، وعادةً الحمام تحتاج لموسمين حتى يتميز طيرانه ، فهي هواية تحتاج إلى الصبر و إنها لا تنفع المتعجل .

الملاحظة:-

يجب على "المطيرجي" أن يتحلى بصفة الملاحظة ، حيث يجب عليه ملاحظة عدة أشياء في هذه الهواية مثل التراكيب (تركيبة زوج الحمام) حيث أن بعض التراكيب تتميز بإنتاج فروخ تمتاز في بعض الصفات الشكلية أو بعض الحركات البهلوانية في طيرانها سواء كانت ميزات أو عيوب ، وأن يلاحظ طيران الحمام فيجب عليه أن يكون دقيق الملاحظة أثناء تطيير الفروخ فيجب أن يعالج المشكلات التي تطرأ على تلك الفروخ أثناء الطيران مثل عيوب في بعض الحركات البهلوانية فيجب عليه أن يعرف كيف يتعامل معها في أن يغير إسلوب التطيير مثلاً .

الحرص وعدم الإهمال:-

الحرص وعدم الإهمال من أهم الشروط الواجب توفرها ، حيث أنه يتوجب عليه الحرص على نظافة أقفاص الحمام ومشاربهم ومعالفهم ، وأن يهتم بإعطاء الحمام تطعيماتها الوقائية ، حيث أن أمراض الحمام سريعة الانتقال بين الحمام فيجب الوقاية منها وعدم التأجيل أو التساهل والتكاسل فيها ، وإذا تم إكتشاف أي عوارض مرضية على أيٍ من الحمام فيجب سرعة عزلها عن باقي الحمام ومعرفة ما هو المرض المصابة به وعلاجه فوراً .

التواصل بين باقي المطيرجية :-

من المعروف في موسم التطيير أن "المطيرجي" ينتهز كل فرصة (الرياح القوية) في تطيير حمامه ، ويتمنى كل "مطيرجي" أن تتم زيارته في مقره (المخيم) من قبل باقي "المطيرجية" (الجمهور) حتى يتسنى له أن يستعرض إنتاجه من الحمام ، وعليه هو بدوره أن يزورهم حتى يتسنى لهم أن يستعرضوا إنتاجهم من الحمام ، ففي هذا التواصل تتم في بعض الأحيان بعض عروض البيع والشراء بين "المطيرجية" ، أو أن يتهادون بين بعضهم الحمام لزيادة الترابط بينهم .

الاحترام المتبادل :-

الاحترام المتبادل بأن لا يعيب البعض بإنتاج البعض الآخر إن كان الإنتاج جيد ، ولكن يجب أن يتبادل النصائح وبعض الاقتراحات في تطوير الإنتاج مثل تعديل بعض التراكيب ، تغيير إسلوب التطيير ، إستخدام بعض الأعلاف والفيتامينات والأدوية .