عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 22-04-2009, 10:08 AM
القلم القلم غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 40
افتراضي مقابلة مع مصبح العجيلي

مقابلة مع مصبح العجيلي




إعداد : سعود الديحاني
جريدة الرأي العدد 10574 - 13/06/2008

حياة الماضي مليئة بالكد والشقاء لأجل لقمة العيش الشريفة ولم تكن كما هو مشاهد اليوم العامل الجسماني هو الذي يحدد نوع المهنة، بيع الماء راجلاً أو على عربة يدفعها صاحبها بين الأزقة المتعرجة، والحواري المترامية الاطراف، مهنة ترهق الجسد ولكن تطمئن النفس بهذا العمل الجليل. ضيفنا اليوم كان احد هؤلاء الذين يجوبون شوارع الكويت القديمة وفرجانها يبيعون الماء ويطرقون البيوت. تلك المهنة التي انصهرت مع هذا التطور، لا يذكرها اليوم إلا من ادركها من الأجداد.


يحدثنا ضيف حديث الذكريات عن بدايات عمله وتطوره ونهايته ثم تحوله إلى مهنة تواكب هذا التطور فنجعل له الحديث :




نشأتي في أولها كانت في بلادي حضرموت شرق المكلأ وهي منطقة تقرب من الساحل، أي ساحل عدن يطلق عليها عسد الجبل، وهي تعتبر منطقة ريفية أهلها يمتهنون الزرع حيث يزرع بها ما هو لهم غذاء ويكتالون منه، وهو الحبوب بأنواعها المعروفة لهم الى جانب بعض الخضراوات كالبطاط الحلوة منها وتسقى تلك المزروعات بعيون موزعة بين أهل تلك المناطق ووالدي كان مزارعا لم يكن يقرأ ويكتب لذا لم أدخل أنا مدرسة أهلية ولا حكومية مع توافر معلم يقرئ الناس القرآن ويعلم اولادهم مبادئ القراءة والكتابة، كانت الحيوانات الاليفة من بهيمة الاغنام متوافرة عندنا كالبقر والاغنام لكنها قليلة، وبالقرب من منطقتنا كانت هناك مناطق ساحلية ترسو بها القوارب والخشب الشراعي، ومن هذه المناطق كانت القصيعة الساحلية هي اقرب المناطق لنا. وبدأت في اوائل الخمسينات وقبلها بقليل الناس تتكلم عن الكويت ويأتي اسمها بأحاديثهم يقولون فلان ذهب للكويت والآخر كذلك ذهب فرافقت والدي وأنا ابن اثني عشر عاما ومعنا سبعة اشخاص كلهم يريدون الذهاب للكويت وأنا عند ذهابي قلت في نفسي لعلي اتي بمال اشتري به بندقية ارم بها في الافراح والمناسبات فلقد كان الشباب في ذلك الوقت عندهم ولع بالسلاح وتعلم الرماية به.





الرحلة
انطلقنا من القصيعة تلك المنطقة الساحلية مع احد النواخذة اهل الخشب وكان من حضرموت ونحن لنا تواصل بيننا وبين بعضهم كل اهل حضرموت سواء اهل الحضر المناطق واهل الريف فيه بينهم تواصل علاقة... كان ذهابنا مع ذلك النوخذة على أجر هو عملنا معه في المركب وكان اتجاهنا إلى زنجبار لأن بها أناساً يذهبون للكويت والمركب الشراعي الذي كنا به كان محمل بالاسماك حيث انها تباع في منطقة زنجبار ولم يكن الطريق مباشراً لها بل كنا نرسو بموانئ عدة بدائية مترامية على الساحل الافريقي وهي سواحل الصومال «مقديشو» نتزود بالماء والطعام واذا وجدنا من كان يريد الذهاب لزنجبار أخذناه معنا. أخذت هذه الرحلة معنا شهراً ونصف الشهر حتى وصلنا إلى منطقة زنجبار وهي كانت تتبع سلطان اسعيد بن برغش في عمان وميناء تجاري في تلك الايام يجمع اهل الخليج والهند وفيه كثير من العرب وتنقل منه واليه البضائع وكثير من أهل اليمن كانوا به والتجار الكويتيون يطرقونه.







زنجبار
نزلنا في زنجبار ومكثنا عشرين يوما وهي جزيرة تجارية واتفقنا مع احد النواخذة الذين سوف يذهبون للكويت على ان نعمل معه من ضمن البحرية ويوصلنا للكويت ويستخرج لنا اوراقا يسمح بها لنا بدخول ميناء الكويت وتم الاتفاق مع ذلك النوخذة هو احمد عيسى من المهرة وكان معه بضاعة لأحد تجار الكويت فحم ينقله من زنجبار إلى الكويت ركبنا معه وانطلقنا نحو الكويت وكانت المسافة من زنجبار إلى عمان عشرين يوما حيث تعرضنا لضربة بحرية كادت ان تفرق الخشب الذي كنا عليه مما حدا بنا ان نرمي جزءا من الحمل الذي معنا على المركب لكي نخفف الثقل لقد هاجت الريح والسماء كانت ممطرة ونجونا بفضل من الله من ذلك الظرف الخطير الذي كاد ان يهلكنا وصلنا إلى عمان وقام النوخذة الذي كنا معه وارسل برقية للكويت يخبر صاحب البضاعة بما حل بالمركب الذي كنا به والبضاعة معنا.







خورفكان
الطريق للكويت لم يكن مباشرا فلقد مررنا بخور فكان المحاذي لمياه الخليج واسترحنا به يومين وتزودنا بما تزودنا به من طعام وماء ثم انطلقنا مرورا بجزيرة موسى ثم البحرين حتى وصلنا إلى الكويت وكانت نقعة الشرق هي مرسانا التي كانت بالقرب من قصر السيف وهي مرسى كبير في تلك الايام لأهل الخشب المراكب التي تأتي وتذهب للكويت وهذه اول مرة تقع قدماي على ارض الكويت مع والدي وانا ابن اربع عشرة سنة والنوخذة الذي اصطحبنا للكويت وفر لنا جوازات ختمناها فيما بعد من نايف.







المرقاب
سكنا عند جماعتنا في المرقاب وهم من سبقونا للكويت وكان محل اقامتهم بالقرب من مسجد الحمد من جهة ومن الجهة الاخرى مسجد الوزان ومسجد القصمة وهذا السكن كان حوشا كبيرا مسقوفا بالخوص والاحواش كانت متناثرة وبها جماعات كثيرة والسكيك رملية والكهرباء لم تكن متوافرة والسيارات قليلة والعربات التي تجرها الخيول متوافرة.






الماء
اول عمل كان لنا في الكويت هو بيع الماء عملت به انا ووالدي اشترينا عربانة من احد جماعتنا بمبلغ مقداره اربع مئة روبية مقسطة حيث اذا كسبتم اعطوني فلوسا وبدأ عملنا عليها من الصباح الباكر حتى الثامنة مساء ويتخلله استراحة في وقت الظهيرة والعربة التي كنا نحمل عليها الماء ذات خزان حديدي الصنع ومحاط بسياج خشبي وقاعدة خشبية والخزان مكانه بالوسط وسعة اتساعه اربعون تنكة وهي تباع بمبلغ بسيط حيث نتجول على البيوت في منطقة المرقاب مقدار كل يومين ونفرغ الماء بالخزان الحريري المتوافر في البيوت ونضع خطا على الجدار علامة على الحساب الذي على صاحب البيت وغالبا لا نجد الا النساء في البيوت لان الرجال في الاعمال وبكل امان واحترام وثقة نؤدي عملنا لم نعرف اي مشكلة او دخول مخفر نحن متصفون بالامانة والشعب الكويتي يعرف ذلك من خلال علاقتنا طيلة هذه السنين.






شط
كلمة شط هي النداء الذي كنا نقول عند بيعنا للماء شط شط واذا نفد الماء من العربة التي معنا رجعنا إلى البركة وتزودنا بالماء وكانت البركة التي نتعامل معها ثلاث منها بركة نايف واخرى يقال لها الصليبية ولم اكن اخرج من المرقاب الا اذا بقي معي ماء قد اخرج إلى الشامية وهناك بعض الناس كانوا ايضا يبيعون الماء معنا لكن على قرب وحمير والعمل كان متواصلا ليس فيه اجازة وقد اتفقنا مع الوزان وكان عنده بركة كبيرة كانت تأخذ منا غالب دروبنا اليومية حيث نفرغ جميع الماء الذي معنا ثم نعود ونأتي بالماء مرة اخرى.







الشراكة
جاء احد جماعتنا واشترى نصف العربة منا واخذ يعمل معي ووالدي استراح وهذا الرجل كان اكبر مني سنا وبدأت اعمل معه بكل نشاط فكنا شريكين بالماء وبعدما اتممنا سنة ونصف السنة بعنا العربة وسافرنا إلى بلدنا ومعنا خمسة الاف وخمس مئة روبية وكان طريق سفرنا من البصرة حيث رافق صاحب لنج محمل تمرا ومر بنا في البحرين ثم دبي وكانت ذات رمال سوداء وبها اعراش كثير وقد اشترينا منها قماشا اسود اللون وخرجنا منها إلى خور فكان وبعد عشرين يوما وصلنا إلى المكلأ.






الوصول
لقد احتفل بنا أهلنا حين قدومنا إليهم وكنا محملين بالهدايا لهم والناس في تلك الأيام كانوا قليلين ليسوا في هذه الكثرة اليوم، مكثت سنة ونصف السنة ورجعت، ووالدي جلس في البلد عند الزرع حبوب وذرة ودخن وكتب وقد استقللت لنجا ذا محرك وبعد أربعة عشر يوما وصلنا الى الكويت التي دب بها العمران وبدأت معالمها القديمة تتغير فالشوارع ليست الشوارع التي كانت حين قدومنا اليها زادت والبيوت والمناطق كثرت.







الذهاب
ذهبت الى جماعتي في المرقاب وقت رجوعي الى الكويت وأبدلت مهنتي السابقة بمهنة أخرى وهي بيع الخام «القماش» نشتري من القطان والمحلات المجاورة له نقد وبيع الاقمشة متنقلا بين المناطق امتهنها جماعتنا لذا نحن مشينا معهم وكان البيع راجلا على الأقدام والأقمشة على ظهرنا ونتجول بين البيوت ونقول خام خام والقطع كانت على حسب الطلب ندفع مئة وعشرين روبية ثم نفرق المبيع بالقطع على حسب طلب الشاري والبيوت التي نعرفها نطرق أبوابها أما التي لا نعرفها فهم ينادوننا والبيع على طريقتين اما نقدا «كاش» واما بالدين وهو الأكثر.







النهار
كنا طول وقت نهار اليوم نبيع على الأقدام والقماش محملاً على ظهرنا واذا حل وقت الغداء فالبيوت والدواوين مفتوحة ومرات نذهب الى المطعم والحياة في تلك الايام يناسبها العمل ببيع الاقمشة حيث لم تكن الاسواق والمحلات متوافرة والبيوت التي بنيت في المناطق خارج الكويت القديمة لم تأتها المحلات والأسواق وانا كنت أتجول بكل امان وطمأنينة من الساعة الثامنة حتى الساعة الواحدة ظهرا ثم استريح واعود ثانية بعد صلاة العصر حتى الساعة التاسعة.







المحل
بعد مضي وقت في بيع الاقمشة راجلا على القدمين بدا لي فكرة ان استأجر محلا للاقمشة وانا اتولى البيع به فاشتركت مع احد ابناء جماعتنا الذين كانوا يعملون معي في نفس عملي ببيع الاقمشة مشيا على الاقدام فاستأجرنا محلا في منطقة الفروانية من مالكه حمود الغريب وكانت قيمة ايجاره عشرة دنانير وبدأ عملنا في هذا المحل بكل جد ونشاط نشتري من الاسواق التي في داخل الكويت أبوعيسى ومحمود بستكي وأبناء القطان سالم وصقر ومن محلات العوضي محمد حسين، وشراؤنا كان نقداً ونحن نصرف ونبيع ما نشتريه وبيعنا نقدا والأكثر دينا وأغلب زبائننا من النساء ولا يذهب لنا مال ابدا الكل يسدد ويحافظ على براءة ذمته من الدين.






الطريقة
كنا نشتري الاقمشة الخام ونحن نبيعها بالياردة التي هي تسعون سنتيمترا ثم أخذنا نتعامل بالامتار وعملنا يتطلب سعة بال وصبرا وتحملا لانه مرتبط مباشرة مع الزبائن فاذا كان البائع يتمتع بالاخلاق الحسنة كسب الزبون.






الثاني
سنة 1967 استبدلنا محلنا بمحل آخر حيث بنيت محلات قريبة من محلنا السابق وكانت موزعة على أنشطة متعددة فهي اثنا عشر محلا مجموعة خياطين ثم بقالة ثم محلنا الذي يبيع الاقمشة وايجار هذه المحلات سبعة دنانير وتطور العمل والبلد أيضا دب بها التغيير والعمران والنمو الاقتصادي وأتت الاقمشة الهندية والاميركية والصينية والاندونيسية ونحن نتغير مع هذا التغيير في الشراء والبيع.





السفر
كنت متفقا مع شريكي ان كل واحد منا يذهب الى بلده والآخر يكون في المحل يتابع السوق ويبيع ويشتري في محل شريكي وهكذا السنة مقسمة بيني وبينه.





الأهالي
معازينا في الأول كانوا النمارين محمد بن هادي وسعود ونحن كنا نعرف أهل الفروانية وكل البيوت التي كانت في الفروانية القديمة نعرفها وامام مسجد نزال المعصب الشيخ خليل كنا لا نمر على بيت من البيوت الا قالوا تفضلوا اشربوا القهوة والشاي ثم صار معزبنا عبدالله بن هدبا وبعد ذلك أتى قرار ان نكون كفلاء أنفسنا، كل يمني كفيل نفسه.






الزواج
تزوجت في بلادي سنة 1959 والمهر 200 روبية والزوجة كانت من أقربائي والحمد لله رزقت بأولاد وبنات ابني الكبير يحمل الشهادة الجامعية حاسوب كمبيوتر ويعمل في وزارة التخطيط والثاني جامعي تخصص تربية واثنان يعملان عندنا في الكويت واحد معي في المحل والآخر في مجمع الصمعان في الفروانية اما البنات متزوجات في البلد.







المرقاب
ذكريات المرقاب كثيرة وعزيزة على النفس أذكر ان الأكل في المناسبات الأيام وغيرها يوضع في الشوارع من أهل الخير والكل يأكل وانا اليوم لا استطيع البعد عن الكويت كلما ذهبت اشتقت للعودة لها.






الأجر
اليوم كفالتنا على السيدة الفاضلة أم علي جزاها الله خيرا فهي جعلت كفالتنا عليها بلا مقابل بل أجر وثواب واحسان وجزاها الله خيرا وجعل ذلك في ميزان أعمالها.




http://www.alraimedia.com/Alrai/Arti....aspx?id=50951

يوجد صور للضيف

رد مع اقتباس