عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 22-04-2009, 10:57 AM
القلم القلم غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 40
افتراضي مقابلة مع محمد إدريس أمانة

مقابلة مع محمد إدريس أمانة



محمد إدريس أمانة: 45 عاماً ليس لي مهنة إلا الخياطة




| إعداد : سعود الديحاني |
جريدة الرأي العدد 10840 - 06/03/2009



العمل باليد من المهن المباركة التي تجسد في صاحبها خلق الصبر وهمة المثابرة والكفاح، ضيفنا اليوم ورث مهنته من أبيه الذي تعلمها هو من أجداده، وأصبحت مهنة يحملها الأجيال لكل جيل سابق ولاحق، مهنة الخياطة من المهن التي عرفها الإنسان وحاجته لها لا تنفك يحدثنا: «أمانة علي غلام» كيف تعلم عند والده ثم استقل بنفسه عندما قدم مع والده إلى الكويت وشق طريقه، كل ذلك يتطرق معنا اليه كما يتخلل اللقاء الحديث عن كل ما يتعلق بمهنة الخياطة وذكرياتها التي عاش معها ضيفنا...



فلنترك له ذلك:





ولادتي ونشأتي في مقتبل عمري كانت في بلدي «غوبرن ولا» إحدى المحافظات الباكستانية والتي لها شهرة في صناعة وكثرة المصانع والمعامل بها، فتجد الآلات الكهربائية متوافرة بها ومواد الألمنيوم والحديد فهي بلد صناعي والأيدي العاملة موجودة، وهذه المهنة لها أهمية لأجل وزنها الصناعي، أما الزراعة التي هي الصبغة العامة للبلاد، فهي متوافرة خارج المدينة بها ساحات كبيرة وكل المنتوجات موجودة، لكن أكثر شيء القمح والأرز واعتمادهم على مياه الأمطار والآبار والأنهار موجود لكن بلدي أنا لم تكن زراعية بل صناعية... ووالدي كان له نصيب بالتعليم حيث انه يجيد القراءة والكتابة، لكن مهنة الخياطة التي ورثها من أبيه فهو خياط واخوانه ايضا كانوا في هذه المهنة.
فالعائلة لا تعرف سوى هذه المهنة، لذلك التحق جدي بالجيش الانكليزي يوم كان له تواجد في أنحاء العالم ومن ضمنها البلاد الهندية، فعمل بالجيش الانكليزي خياطا وتنقل معه في كثير من البلاد، ومن البلاد التي ذكرها جدي لوالدي: مصر، فلسطين، العراق، ومن الدول الآسيوية سنغافورة، وكان الانكليز موجودين بها وايضا ذهب جدي إلى بريطانيا نفسها، أما والدي فكذلك كان خياطا نفس والده، وارتحل مع الجيش البريطاني إلى مصر، والعراق، وعدن، وأنا أدركت جدي ورأيته.






الكويت
بلدنا تبعد من مدينة لاهور 70 ك.م، أما العاصمة إسلام أباد فالبعد بيننا وبينها أكثر من 180 ك.م، وقد ارتحل خالي إلى الكويت وكان خياطا نفس اسرتنا وعمل عند رجل عراقي يُقال له رجب فهو عنده خام وخياط في الوقت نفسه، واستمر معه سنين، وفي عام 1954 ارتحل والدي إلى الكويت عن طريق البحر وجاء إلى الكويت والسور ضارب عليها، كما حدثني والدي، والماء ينقله المهارة بالعربات وليس هناك أسواق كثيرة، والبيوت قديمة وليس هناك ايضا جاليات متعددة، والشوارع لم ترصف بعد، كانت الحياة داخل الكويت بسيطة والأمور متواضعة.





العمل
كان والدي يأخذ إيجار الدشداشة 2 روبية، وهكذا عمله ليس هناك راتب ثابت، وبعدما أمضى سنتين استقل بنفسه وأخذ محلا في السالمية بقيصرية سعد حمود الهران وهي في شارع سالم المبارك، ثم سافر إلى باكستان حيث مرض فجئت مع والدتي في المحل نفسه، وتعلمت الخياطة وبعد فترة رجع الينا مرة أخرى إلى الكويت، وأنا في المحل نفسه، كانت بداية تعليمي الخياطة بالتدرج أعمل زرار ثم أضع العراوي ثم استعمل ماكينة الخياطة شيئاً فشيئاً وهذا يجعلني أقص واستخدم القماش ما جعلني أصبح معلماً في مهنة الخياطة وكان عمري في ذلك الوقت لا يتجاوز 16 عاماً، والوقت هذا كان في بداية الستينات.





التفصيل
لم يكن في ذلك الوقت عملي مع والدي خياطا مختصا بالنساء دون الرجال بل كان المحل به شغل خياطة للرجال والنساء والأقمشة كانت لها محلات خاصة بها، نحن كنا نتولى الخياطة فقط، أما من كان يريد دشداشة فإنه كان يشتري لنا الخام ونحن نقوم بالخياطة بالطبع كان تفصال الدشداشة الكويتية غولة قميص والخياطة دبل والدشداشة وسيعة، أما النساء فكان الثوب مكسيا طويلا وواسعا (دراعة) والرجال كانوا يجعلون زرارا واحدا في الدشداشة فقط.






المحل
كنا نستخدم ماكينة صغيرة وموتورا صغيرا والجلسة أرضية والمحل ليس كبيرا بل هو محل صغير والنساء يأتين بالخام الكثير الذي هو عبارة عن وصلات لأن الخام في ذلك الوقت كان رخيصا وكل امرأة تأتي ببناتها معها ومحل بيع خام النساء سوق واجف ونحن نبدأ العمل مبكرا ونغلق في الساعة التاسعة مساء ولم يكن هناك تفصال كويتي مختصا بل الرجال يريدون دشداشة واذا أتى السعوديون قالوا نريد ثوبا وبعض أهل الخليج من الإمارات يقول غندورة، والألوان السائدة في ذلك الوقت الأبيض والأصفر وكان في السنة يفصل الرجل ثلاثا أو أربعا في وقت واحد ووزارة التربية كانت توزع خاما لأن الطلاب يلبسون البنطال والقميص والبنات كان في ذلك الوقت يلبسن نفانيف، أما خارج المدرسة فكانت الناس تستحي أن تلبس البنطال والقميص، قد يلبسون قميصا تحت الدشداشة وأنا بالطبع لم يكن والدي يعطيني راتبا حين عملت معه.






فاطمة
بعد أن ذهب والدي إلى باكستان عملت مع صديق لي يقال له محمد سعيد حيث أخذنا محلا في بيت عربي مقابل مجمع فاطمة وكان بجانبنا بقالة إيرانية ثم بعد ذلك انتقلت إلى منطقة الدعية قطعة 4 ش 46 مقابل بيت يوسف الشمالي والبيت ملك لمريم النصار وهذه المنطقة كلها كويتيون بيت المضف والروضان والشملان وأبناء المصري جاسم أحمد عبدالله المصري وهو كفيلي وصديقي وأخي لاتزال الرخصة باسمه مجانا من غير مقابل، وقد ذهب معنا إلى بيتنا في باكستان.





المواصلات
كنت أقيم في السالمية واذهب إلى محلي في الباص رقم 15 الذي ينطلق من سالم المبارك وكان ايجار المحل عشرة دنانير وعندما هدم البيت اخذت محلا آخر وايجاره كان عشرين دينارا وكنا نقول انه غالي السعر جدا، وفي 1975 انتقلت إلى خيطان في الشارع الجنوبي عند البريد القديم بيت أحمد نايف العتيبي وكان ايجاره 15 دينارا وكثرت الزبائن ثم جاء قرار بفصل خياط الرجال عن النساء ومن اراد بيع الخام في محله أذن له ولكن وفق رخصة جديدة وكانت قيمة تفصال الدشداشة نصف دينار.






التطور
اخذنا نحن الخياطين نتطور شيئا فشيئا على حسب ما يريده الزبون فظهر عندنا التفصال الكويتي المخفي والظاهر والسعودي والقطري والتفصال الحجازي ودشداشة الشد الكويتية واخذنا نرى الخام الانكليزي والكوري والاندونيسي ولم تكن هذه الاقمشة في السنين الاولى موجودة بالكويت بل كانت انكليزية وصينية حيث اننا كنا نشتري من البالوكات الاقمشة ونعرف أنواعها نأخذ بعض الاقمشة نقدا، والباقي دينا وعميلنا هو رزاق كاكولي ومهدي.






الأب
كان في الاول يأتي الوالد ومعه قياسات لابنائه ثم يعطينا الخام وعلى وفق هذه المقاسات نفصل لابنائه اما اليوم فلا نرى هذه الظاهرة وكان الخياطون معظمهم من الجنسية الباكستانية لم نكن نرى غيرهم ثم جاءت الجنسية الايرانية واليوم نرى مصريين، بنغلاديشيين وحتى الفيليبينيين.






سوق الحمام
الخياطة كمهنة ومحل له الات ومستلزمات خاصة به لذلك كنا نشتري ما نحتاجه للمحل من احد عملائنا وهو في الشارع الجديد مقابل سوق واجف ثم اخذنا نشتري من معرض الرفيق الذي كان في سوق الحمام فكل شيء كنا نأخذه منه - كلف، زرارة، وابر، فاذلين، مكواة، كبس خام.






واسعة
كانت الدشاديش في السنين الاولى واسعة ولم نكن نعرف نفصل الدشاديش الضيقة لكن اليوم تغيرت اذواق الناس فأخذنا نعمل حسب طلب الزبون فهذه المهنة تقوم على الصبر وطول البال وحسن التعامل مع الزبون وانا من طبيعتي لا أحب المشاكل ولو ان زبونا اتى لي وقال (الدشداشة خربت) ابتسمت في وجهه وقلت له خذما تريد وسوف اخيط لك دشداشة جديدة.






الأجانب
لم يكن الاخوة الوافدون يحبذون اللبس الكويتي بل متمسكون بلباس بلادهم ومع طول الوقت اخذنا نرى المقيمين يأتون عندنا في المحل لكي نفصل لهم دشداشة كويتية اما الاخوة المصريون وخصوصا الصعايدة فهم لهم دشداشة بلدية نعرفها ونقوم بتجهيزها لهم.





«الكثر»
كان العمل عندنا يكثر بحسب المواسم فالصيف مثلا يكثر العمل به وكذلك الاعياد ولأن موسم الصيف اطول كان التفصال به كثيرا وعملنا كان يتراوح ما بين 300 دشداشة إلى 400 دشداشة اما في السنوات الاخيرة فأذكر انني جهزت في شهر واحد الف ومئتين دشداشة.





الرجال
كان كبار السن عندما يأتون لنا في محل الخياطة يطلبون منا زرارا يجعله على المخباه ويجعل عليه غطاء من خام واليوم نرى ذلك قليل جدا قد يأتي زبون ويريد مكانا للموبايل والقلم اما جيب للفلوس فلم نره في تلك الايام.





«الهدم»
المحل الذي اخذته بمنطقة خيطان هدم بعد الغزو فأخذت محلا بدلا منه بخلو «ثلاثة الاف دينار» وجعلت عليه اليافطة «خياط المري» وهو بالاول كان اسمه خياط محمد، اما المحلات القديمة التي كنت قد اخذتها فلم يكن لها اسم.





«الجيل»
كثير من الآباء الذين كانوا يأتونني وهم صغار واليوم يأتونني وهم يصطحبون ابناءهم والبعض قد يصطحب احفاده، اذكر من الزبائن الذين كانوا يأتونني وهم صغار ابناء حبيب باقر، وابناء مالك المصري وام جاسم التي كنا نستأجر منها محلنا السابق كان يأتي لنا ابنها جاسم صغيرا واليوم يأتي مع ابنائه.





«الشيخ»
يوم كنا في السالمية لم يكن هناك شارع الخليج بهذه الصورة وكان بيتنا الذي كنا فيه بالقرب من بيت والدة الشيخ صباح السالم وقد كانت ترسل لنا الأكل الذيذ من لحم وعيش.





«الزواج»
تزوجت في بلدي باكستان والحمدلله عندي اولاد جامعيون منهم الدكتور، المهندس، منهم الطالب بالجامعة.





«معرفة»
عندما اذهب إلى الدعية يروني الزبائن القدامى ويمازحونني ويقولون مازلت على قيد الحياة مازلت بالكويت.


http://wwww.alraimedia.com/Alrai/ArticlePrint.aspx?id=116303
رد مع اقتباس