عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 18-05-2009, 10:42 PM
الصورة الرمزية سعدون باشا
سعدون باشا سعدون باشا غير متواجد حالياً
عضـو متميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
الدولة: دولة الكويت
المشاركات: 788
افتراضي بعض أشعار الشاعر الأيوبي

من أشعار الشاعر محمود شوقي الأيوبي
ولقد فتنت الطبيعة الخلابة في أندونيسيا الشاعر محمود شوقي الأيوبي، فسجَّل إعجابه بهذه الطبيعة الفتّانة في عدة قصائد

من ذلك قوله في قصيدة "جمال الطبيعة":
صاحِ شَمِّرْ إلى الطبيعَــةِ واقْـرأْ
في حِمــــاها لدَى الحياةِ زَبورا
مُصْحَفٌ مُعْجِــزٌ، تفيضُ الْمعاني
فيهِ سَحَّاءَ حِكْمَةً لــــنْ تبُورا
كــــلُّ ما في جمالِها مُشْمَخِرٌّ
مُسْتَفِيقٌ، يَحْبُــو العقولَ سرورا
كلُّ ما في طبيعةِ الكـــوْنِ مهْما
دَقَّ عنْـــدي يَراهُ عقْلي كبيرا
أنا شَاهَدْتُ قُــــدْرَةَ اللهِ تبْدو
بالمعاني تثِجُّ في الرُّوحِ نــــورا
منْ عصيرِ الظَّلْماءِ ألقيت ضَــوْءاً
رائعاً يَفْتِقُ النُّهَـــــى مُسْتَثِيرا
ومن الضَّوْءِ ظُلْمةٌ قَــــدْ أَرَتْني
بشَذا البارِدِ الــــزُّلالِ سَعِيرا
صُنْعُ منْ أَتْقَنَ الوجودَ، فَهـــلاّ
يُبْصِرُ العقْلُ في الوجودِ السرورا


ومن العجيب أننا نرى الأيوبي يبدأ قصيدته في رثاء زوجته الأولى، وكانت أندونيسية الجنسية، بوصف الطبيعة الساحرة، بل يكشف العنوان عن هُيامه بهذه الطبيعة الفتّانة، حيث يُعنْون قصيدته "الأيام السوداء في الفردوس الاستوائي: الإندونيسيا"، يقول في مطلع قصيدة الرثاء:

تمتَّــعْ بمرْأى الحُسْنِ في وردَةْ الخَدِّ
وفي الأعْيُنِ الدَّعْجاءِ، والجيدِ، والنَّهْدِ
وذُقْ خمرةَ الفردوسِ في الجيدِ واللُّمى
ففيها شِفـاءُ النَّفْسِ والقلبِ والكِبْدِ
وإنْ رُمْـــتَ غاداتِ الجنانِ فإنَّها
على الأرْضِ مـنْ وَهْدٍ تسيرُ إلى وَهْدِ
وإنْ رُمْتَ فرْدوْســـاً مُقيماً، فإنَّهُ
بجاوا عروسِ الشرقِ، بلْ جنةِ الخُلْدِ
تفَجَّرَ يُنْبوعُ الجمالِ بِساحِـــها
ولكـــنَّ جاوا للطبيعةِ كالعِقْدِ
وقفْتُ بها في جنَّـةِ الوجْدِ والهوى
فأذْهلَني منْ سِحْـرِها سانِحُ السَّعْدِ
وأغْرَقْتُ روحي في أثــيرِ خلودِها
وَأَفْنَيْتُها في عالَمِ النُّـورِ والوجْدِ


ويحتل المديح قسما لآبأس به من تجربة محمود شوقي الأيوبي الشعرية في مهجره الأندونيسي، ومن هذه القصائد قصيدة يُهديها "للصديق العزيز والأخ الحميم في جاوة السيد محمد بن طالب بن مرعي الكثيري الهمذاني"، ويقول فيها:

حدا بي سحابُ الشوقِ، والشوقُ هاتفٌ
إلى صاحِــــبٍ في ذلكَ الحيِّ يمْرَحُ
أبرُّ بني همْدانَ للــــــدينِ والتُّقى
ومنْهُ غيوثُ الفضْلِ تهْمي وتَنْـــزَحُ
لمغْناكَ آسادُ العروبـــــةِ بادَرَتْ
مغمغِمَةً للمجْدِ ترْنو وتَطْمــــحُ
وما العزُّ إلا في حمَـــــاكَ مقرُّهُ
وأنتَ لهُ الباني إذا الناسُ طَوْهَحُــوا
تراقصت الألحـــانُ، ترنو مشوقةً
لمنزلكَ الميْمونِ ، والطَّيْـــرُ يَسْجَحُ
وسعْتَ صنوفَ الناسِ بالفضْلَ والحجا
وفي ريعِكَ الألبابُ تنْمو وتنْجــحُ


ومما يُذكر لمحمود شوقي الأيوبي أنه كتب ديواناً ضخماً في مدح الملك عبد العزيز ـ غفر الله له ـ نشر بعض قصائده في جريدة "أم القرى"، وقد كان الأيوبي يعد نفسه جنديا مخلصاً في جيش الملك عبد العزيز، يُعبِّر عن ذلك بقوله:

تٌلبِّيـــكَ يا عبْدَ العزيز نفوسُنا
فها نحْنُ في الهيْجا، فخُذْ عهْدَنا منَّا
نُضَــحِّي جسوماً لا نُريدُ لها هَنا
إذا كانـتِ العلْياءُ في كفِّكَ اليُمْنى
إذا لمْ تكُـــنْ أرْواحُنا مُسْتفِيقَةً
فلا خَيْرَ في عَيْـشٍ نذوقُ بهِ هَوْنا
نُريدُ حياةً للعروبــــةِ حَقَّـةً
نُريــدُ حياةَ العِزِّ، ها نحْنُ بادَرْنا
فيا جنَّـةَ الحرْبِ الضَّروسِ نفوسُنا
تُفَدِّيكَ، لم ننْقُـضْ عهوداً، ولا خُنَّا

ومبعث إعجاب الأيوبي بالملك عبد العزيز لا يعود إلى بطولته الحربية فحسب، بل لاتصاله ـ قبل ذلك ـ بسجايا خلقية نبيلة، لعلّ من أبرزها حنوُّ الملك عبد العزيز على رعاياه حنو الوالدين، وحلمه بهم، وإخلاصه لرب العرش، يقول محمود شوقي الأيوبي:

حَــنَوْتَ حنوَّ الوالديْنِ، ولمْ تَزَلْ
من الحلْمِ لمْ تُغْمِضْ بليْلِ الرَّدى جَفْنا
وأخْلصْــتَ للإسْلامِ قْلْباً وفِكْرَةً
وأرْضَيْتَ ربَّ العَرْشِ والإنْسَ والجِنَّا
وأنْتَ لعزِّ المــــسلمينَ مُجَاهِدٌ
ومنْ سَعْيِكَ المَبْرورِ مجْـدُ الحِمى يُبْنى
أعَدْتَ زمانَ الرَّاشــدينَ بِعَصْرِنا
وحكَّمْتَ دينَ اللهِ ، والشِّرْعةَ الحُسْنى
فهذي حموعُ العُرْبِ تهْواكَ كلُّهـا
وضِدَّكَ قدْ أَضْنى الأسى منْهُ ما أضْنى

وفي الأبيات السابقة "اختلطت صفات الملك عبد العزيز الإنسانية من الشجاعة والكرم بصفاته الدينية التي تتمثل في حرصه على القيام بواجبه من أجل الإسلام، كما اختلطت هذه المعاني الدينية بالمعاني القومية المتمثلة في حاجة العروبة إليه لدفع الشر عنها، وردّها إلى الوحدة التي افتقدتها، فهو يرى في حياته حياة للعروبة، وفي إخلاصه نصرة للإسلام، وإرضاء لله، وعزة للمسلمين، وعودة لزمان الراشدين الذين أعزوا دين الله ورفعوا من شأن المسلمين

عليْهمْ جلالُ الدينِ والصِّدْقِ والنُّهى
وفوْقــــهمو ربُّ البريَّةِ راحِمُ
بنجْدٍ إمام المسلمــينَ، وفي الحَسا
سعودُ المُــرَجَّى الأرْوعُ المُتَراحِمُ
وعَرْشٌ ببَيْتِ اللهِ يحْـــميهِ فيْصَلٌ
أخوكَ الذي للبَيْتِ والعلْــمِ خادمُ
فأنْـتَ الذي تُزْجي الصَّواعقَ للعِدا
و"فيْــصلُ" للعلْمِ الصَّحيحِ يُنادِمٌ
كذا فارْفعَـــا مجْدَ العروبةِ بالظُّبا
وبالعلِمِ، إنَّ العلْــمَ للجهْلِ هادِمُ
ولما فلـولُ العُربِ سعْــيا وشيِّدا
فخاراً عليْهِ كوكَبُ الدِّيـنِ حائمُ
فما العُرْبُ إلاَّ أمَّةٌ لوْ تَجَمَّـعَـتْ
لسـادَتْ ، وحَيَّتْها العُلا والعوالِمُ
بنو يَعْـرُبٍ لا يصبرونَ على الأذى
وقدْ علَّمــتْهم في الزَّمانِ المظالِمُ


ويصف الأيوبي الملك عبد العزيز بالبطولة المنتصرة التي لا يقف في طريقها شيء، يقول في ملحمة "يوم الظفر الأخير":

تَجــلَّى سَناءُ الحقِّ، وانْبَلَـجَ الصُّبْحُ
ومُزِّقَ جُنْــحٌ للدُّجى، وانْتَهى جُنْحُ
وأشْرَقَ مَغْنى العُــرْبِ بالنُّورِ لاهِجاً
بفتْحٍ لدينِ اللهِ منْ بعْـــدِهِ فَتْــحُ
ويقول في ملحمة "في مر الظهران"
شَمِّـــرْ إلى الفاتِحِ المنْصورِ مُبْتَهِجاً
وصافِحَنْ كفَّـــهُ، واسْتَلْهِمِ الأدبا
مُزْجي الكتـــائبَ أرسالاً يُحَشِّدُها
للعزِّ في حلبةِ الهيْــــجاءِ ما غلبا

كما يصف الملك عبد العزيز بالدين والتقى والعفاف والإخلاص لله، يقول في الملحمة السابقة:
لله، للوطنِ الميْمـــونِ مرْبعُـهُ
تحَمَّـلَ العِبْءَ والآلامَ والنَّصَـبا
شعَـارهُ الدِّينُ، والإخلاصُ رائِدُهُ
يدْعـو إلى الحقِّ أنَّى حَـلَّ أوْ ذهبا
يُحْيي الليَــالي، يحيكُ البُرْدَ أنْمُلُهُ
بُرْدَ العُلا، ويُعِــدُّ البِيضَ والقُضُبَا
ويرْجُمُ الزَّيْغَ بالرَّأْيَ الحكيمَِ، وقدْ
يَبِيتُ ليْــــلَتَهُ لا يعْرِفُ التَّعَبا

وقد كان محمود شوقي الأيوبي في كل هذه الأشعار ـ كما يقول الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي بحق ـ "خصب الخيال، دقيق الشعور، عميق التجربة، متجدد الإحساس الفني المتصل بينابيع الإلهام الشعري الخالد، يكره التنقيح وتكلف التجويد الفني، ويضع الشعر ارتجالاَ أو ما يُشبه الارتجال، عازفاً عن الصنعة، كارهاً للتعجُّل والإغراب
__________________
<img src=http://www.kuwait-history.net/vb/up/uploads/127526942620100531.jpg border=0 alt= />
رد مع اقتباس