عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 09-02-2008, 02:43 AM
فاعل خير فاعل خير غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
الدولة: كويت - بلاد العرب
المشاركات: 290
افتراضي

أولا العلاقات الكويتية البريطانية:
كانت العلاقات بين بريطانيا والكويت تمر بفترة حرجة خلال الفترة التي تلت عقد اتفاقية الحماية في يناير ،1899 فبريطانيا لا تريد أن تعلن للعالم ما توصلت إليه من اتفاق، خوفا من حدوث مواجهة قد لا تحمد مع الدولة العثمانية. وفي الوقت نفسه فإن إبقاء الاتفاقية سرية سوف يشجع الدول الكبرى الأخرى مثل روسيا وألمانيا وفرنسا على محاولة التفاهم مع الشيخ مبارك وتقديم عروض أفضل، وكانت هذه الشكوك في محلها فقد أصبحت للشيخ مبارك صداقة متينة مع الروس الذين تكررت زيارات قناصلهم إليه، كما كانت له قنوات مفتوحة مع فرنسا من خلال المستشرق وتاجر السلاح الفرنسي 'كوكي'(1) وتدلنا المراسلات، التي بين الشيخ مبارك وهذين الطرفين، على نوعية الحوارات التي كانت تدور بينه وبين زواره من الأجانب. بل إن الشيخ مبارك صرح للكولونيل جاسكين نائب المقيم السياسي البريطاني في الخليج في أثناء زيارته لتوقيع الاتفاقية بأنه قد تلقى عروضا فرنسية(2). وأن هذا جعله يضيف نصا إلى الاتفاقية لم يرد في تعليمات الحكومة البريطانية وهو عدم استقبال الشيخ لممثلين من دول أخرى.

ضغوط عثمانية
في الوقت نفسه، الذي كانت فيه بريطانيا تبذل جهدها في إبقاء اتفاقيتها مع الكويت سرية، كان الشيخ مبارك يريد أن يتم الإعلان عن الاتفاقية وتفعيلها وذلك بسبب الضغوط التركية المتزايدة والأخطار التي تتعرض لها قبائله من آن لآخر من قبل ابن رشيد، كما كان الشيخ مبارك يريد التأكد من صدق نوايا الحكومة البريطانية. ولم تكن محاولة إبقاء تلك الاتفاقية سرية تحول دون شعور الأتراك بأن هناك شيئا ما بين الكويت وبريطانيا، ومن هنا بدأت تركيا في محاولات لممارسة حقوق السيادة على الكويت، فبعد أن أنشأ الشيخ مبارك في مايو 1899 إدارة للجمارك في الكويت وفرض رسما قدره 5% على البضائع الواردة للميناء، قام حمدي باشا والي البصرة وبتعليمات من الباب العالي بتعيين مدير ميناء البصرة مديرا لميناء الكويت ومشرفا على الجمارك، وهو الأمر الذي رفضه الشيخ مبارك حيث أعاد ذلك المبعوث فورا ورفض الحديث معه (الرسالة المؤرخة في 5 سبتمبر 1899).
وقد فعل الشيخ مبارك ذلك لأمرين أولهما أنه لم يسبق أن تدخلت الدولة العثمانية بهذه الصورة السافرة في شؤون الكويت، والأمر الثاني هو رغبة الشيخ مبارك أن يؤدي ذلك بالإنكليز إلى الإعلان عن الحماية من أجل أن يقطع دابر الأطماع التي تدور حول بلده(1).

سر تداوله الكويتيون
ويشير المندوب الإخباري علي بن غلوم في رسالته المؤرخة في 18 ديسمبر 1899 إلى أنه منذ وصول سفينة المقيم السياسي البريطاني إلى الكويت فإن أهالي الكويت يتداولون بينهم سر نبأ اتفاق تم بين الشيخ مبارك والمقيم السياسي، يكون فيه الشيخ مبارك مع بريطانيا متى ما حدث خلاف بينها وبين الدولة العثمانية بل إن بعضهم كان يذكر أن علي بن غلوم سوف يقوم بمراسلة المقيم السياسي من طرف الشيخ.

الرسالة الأولى
لقد كانت التعليمات التي يعمل بموجبها المندوب الإخباري علي بن غلوم واضحة ومحددة، حيث تلقى تلك التعليمات في البحرين، وقد أشار إلى ذلك في أول رسالة له إلى المقيم السياسي البريطاني بقوله 'إن ما تفضلتم به لي في البحرين عرضته على جناب الشيخ مبارك الصباح فأمر بكتابته على الورق بكامله. وسوف أطيع وأنفذ أوامره، ونعمل بما ترونه وتريدونه، وقد أكدت للشيخ مبارك أن الإجراءات التي تقومون بها هي لمصلحته وسوف يرى ثمارها. وطلبت منه إخباري عن تاريخ نشأة الكويت - كما أمرتم - ووعد بأنه سوف يبين لكم هذا الأمر بالتفصيل'.
وقد سجل الوكيل الإخباري بنشاط واضح تفصيلات مهمة ومتنوعة عن أخبار الكويت منذ أن بدأ عمله في سبتمبر 1899 إلى أن تم تعيين الكابتن نوكس معتمدا بريطانيا رسميا لدى الكويت في عام 1904. وتقدم البنود التالية، المتضمنة علاقات الكويت والشيخ مبارك الصباح بكل من الدولة العثمانية وإمارة آل رشيد في حائل والحكومة الروسية، سجلا واضحا وموثقا عن تلك الفترة التي خدم فيها علي بن غلوم. وقد استعرضنا من خلال الرسائل التي بعث بها الوكيل الإخباري ردود الفعل البريطانية، والحضور المتواصل المتمثل بتردد السفن الحربية البريطانية على ميناء الكويت مثل السفينة لورنس وسفنكس وبيرسي وردبرست وغيرها.

من يدخل ويخرج
كان يهم البريطانيين معرفة المتغيرات السياسية المختلفة في هذه المنطقة الاستراتيجية من الخليج. كما يهمهم معرفة من يدخل الكويت ومن يخرج منها، وبخاصة من مواطني الدول الكبرى، بالإضافة إلى موضوع تجارة السلاح باعتباره أحد العناصر المهمة التي تتحكم في توازن القوى المتصارعة في هذه المنطقة.
ويتجلى اهتمام علي بن غلوم بتسجيل الداخلين للكويت في عدد من الحالات، وينص في كل حالة منها بأنه سيتابع هذا الأمر ولن يغفل عنه. ومن أمثلة ذلك قوله عن الحاج حسن الحكيم (الطبيب) الذي وصل إلى الكويت في 25 من ذي القعدة 1317ه (27 مارس 1900) ومعه ابنه ميرزا علي وزوجة ابنه وخادمهم كريم، وأنهم حين وصلوا إلى الكويت استأجروا لهم بيتا ليعالج فيه الناس.
ويقول علي بن غلوم: 'وإن شاء الله لن أغفل عن أفعاله، وسأعرفكم بما يستجد عنه وعن غيره من المعلومات والأخبار بناء على وصيتكم، وسأهتم في حال خروجه من الكويت إلى أي بلد يذهب ولن أغفل عن ذلك أبدا'. وفي رسالة تالية مؤرخة في 20 من أبريل 1900 يذكر أن الحاج حسن الحكيم منذ أن جاء إلى الكويت لم يتشاف على يده أحد من المرضى، والمترددون عليه قليلون، ويقول إنه ينوي الذهاب إلى البصرة وأن أهل البصرة قد أرسلوا إليه بضرورة القدوم اليهم. وتضيف الرسالة أن الحاج حسن يثرثر ويتكلم مع بعض العوام بأن دولة المسقوف (روسيا) طلبت من بريطانيا أن ترفع في (أبوشهر) علما واحدا بدلا من اثنين، وهذا من ثرثرته'.
والمتابع لرسائل الوكيل الإخباري يجد الكثير من الأمثلة عن أولئك الذين دخلوا الكويت في تلك الفترة من التجار ورؤساء القبائل والأطباء وغيرهم.
ولما كانت جوانب عديدة خاصة بعلاقات بريطانيا بالكويت قد نوقشت ضمن حديثنا عن علاقة الكويت ممثلة بالشيخ مبارك مع العثمانيين وآل رشيد والروس كما أشرنا قبل قليل، فإننا سنقف وقفة قصيرة عند موضوع من أهم الموضوعات التي كانت تقلق بريطانيا وهو موضوع تجارة السلاح وتهريبه إلى الكويت.
تجارة الأسلحة وتهريبها
ففي 24 من شهر مايو سنة 1900 تعهد الشيخ مبارك الصباح لبريطانيا بمنع دخول الأسلحة إلى الكويت والخروج منها، وأصدر إعلانا بهذا إلى المباشرين لهذا الأمر كافة ينص على 'أن مناور الدولة البهية القيصرية الإنكليس ومناور الدولة العلية الإيرانية لهم إجازة أن يفتشوا السفن التي عليها بيرق الدولتين الفخيمتين المذكورتين وبيرقنا في البحر (المتعنق) على الكويت وأن يقبضوا بطريق بيت المال جميع التفقان (البنادق) وسائر الأسلحة الحربية الموجودة فيها..' ونص إعلان آخر في التاريخ نفسه على أن 'دخول التفق (البنادق) والفشق (الطلقات) وسائر الأسلحة وخروجها مطلقا ممنوع في الكويت وتوابعه وجميع التفقان (البنادق) وسائر الأسلحة التي تجلب في المستقبل إلى الكويت أو تخرج منه ستقبض بطريق بيت المال' (الوثيقة رقم 7).
رد مع اقتباس