من وجهة نظري كل تلك الاسباب و الدوافع صحيحة ، فلا نستطيع ان ننكر بأن صدام كان له دافع اقتصادي من هذا الغزو خصوصا بعد الحرب العراقية-الايرانية و التي دامت 8 سنوات – و التي خسر فيها الطرفين بشريا و ماليا و اقتصاديا ، "حيث اتهم صدام حسين الكويت بتعمد تخفيض لسعار النفط و ضخ كميات اكبر من حصتها من النفط من الحقول النفطية المشتركة بينهما " –كما جاء في كتاب وراء كل ديكتاتور طفولة بائسة" لمجدي كامل .
من جهة اخرى ، هل فعلا لامريكا هدف و لو كان محدودا من تلك الحرب؟؟ لا استطيع ان انكر ان امريكا لم يكن لها اطماع مالية استحواذية من هذه الكارثة ، ولعل الدليل موقف الوفد المكلف لاطفاء الابار الكويتية التي اشعلها هذا النظام البائد ، قررت الكويت الاستعانة بالوفد من الامم المتحدة –و قد كانوا من خيرة كبار المهندسين المخضرمين بهذا المجال- فقد توصّل ذلك الوفد ان عملية الاطفاء لن تتم قبل 5 سنوات من الان ، ف طبعا هذا بالنسبة لنا في قمة الصعوبة –نعيش ظلاما دامسا و الشمس في بقية البلدان عمودية –لم اتجاوز الخمس سنوات وقتذاك ولكني مازلت اذكر ذلك الليل الذي لم
يعقب نهارا- ، و في سنة 2000 تقريبا ، شاهدت مقابلة على اBBCلاحد المهندسين كان ضمن ذلك الوفد و قد صرح و قال " ان الامم المتحدة قد بالغت جدا في تحديد الفترة الخمس سنوات في اطفاء ابار الكويت المشتعلة ، و كان المغزى من خطوة تحديد هذه الفترة ، ان تظل الكويت تدفع اموالا طائلة و هائلة مقابل خدماتنا في اطفاء ابارها ، طيلة الخمس سنوات ، و لكن فريق الاطفاء الكويتي قد اسكتنا بالانجاز الذي قام به و الذي لم يأخذ سنة واحدة رغم ان الابار المشتعلة تتجاوز ال 373 بئر مشتعل، ولم نملك سوا ان شجعنا ذلك الفريق الوطني" . من هنا اصبحت على اتم الايمان ان لامريكا اهداف ايا كانت ، تبقى اهداف اكتسابية، –سواء جلية او خفية من هذه الحرب- .. بذلك انا اتفق مع الدكتور/عبدالله النفيسي في رأيه .
و بعد.. ف انا و انت و انت الاخر ،-و كل الكويتيين- على أتم ايمان لا ردة فيه ، ان صدام و بتركيبته السيكولوجية و الايدلوجية ايضا و التي كانت بمثابة دوافع لغزوه الشنيع على الكويت ، قد اصبح و امسى و اضحى المتهم الاول في غزوه على الكويت .
عالم الاجتماع ، مجدي كامل ذكر في كتابه –الذي ذكرته سابقا- ان صدام ولد و تربى في بيئة امتلأها المجرمون و المكذبون ؛ فكان لامه عمل وحيد و هو قراءة الطالع -"و الكويتيين قديما يقولون الحب يطلع على بذره"- ، و كانت تحثه في صغره على سرقة الدجاج و البيض من بيوت الجيران و يتقاسمونه ليلا ، و قد سجن اكثر من مرة في سجن الاحداث .
و بعدما توفي والده ، تزوجت امه من رجل كان دااائم التعذيب لهذا الصبي الذي اخرجه من المدرسة و جعله يقوم
باعمال المنزل الوضيعة ، فجعل منه صبيا حاقدا ، كثير الغيرة ، شديد الحسد ، لكل رفاقه في القرية –قرية العوجة مسقط رأسه و التي تقرب من مدينة تكريت —يسرق و يقطع طريق كل من في طريقه للمدرسة .
و بعدما كبر و انخرط في العمل السياسي ، انعكست تلك البيئة القذرة و الشيطانية التي لم تناسب سوى صدام حسين على اهدافه و خططه .
فكم له من محاولات في اغتيال عبدالكريم قاسم ، كما انه العقل المدبر لفكرة السقوط العمودي لطائرة عبدالسلام عارف و الذي لقي مصرعه إثرها ، و قد نجح ، و كيف لا؟!! و هو صدام حسين.. تلت تلك الاحداث حربه لايران و التي دامت ثماني سنوات ، و من ثم حربه للكويت .
الخلاصة : ان كلٌ يفسر الغزو العراقي حسب رؤيته و فكرته و ثقافته ، مثل ما بينت بالتفصيل سابقا ، و لذلك لا نستطيع يا اخي عيسى ان نجزم بأن الدكتور عبدالله النفيسي لم يناقش او يذكر موقفه من الغزو العراقي – و في اخر مشاركة لي اوضحت ما هي وجهة نظره من الحرب –و بالروابط الالكترونية- ، ربما لم يكن نقاشه قريب من وجهة نظرك الشخصية في الغزو –كما هي ايضا وجهة نظري- ، لذلك يغلب الظن عندك انه لم يناقشها كما ينبغي .
اختم بقولي: اللهم اجعل هذا البلد امنا مطمئنا ، و احفظ ولاة امرنا ، و احفظنا من شرور الفتنة و التفرقة .. اللهم امين .
لكم فائق احترامي و تقديري ..
اختكم : فحيحيلية أصيلة .