عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 27-09-2011, 02:13 AM
الصورة الرمزية أدبنامه
أدبنامه أدبنامه غير متواجد حالياً
عضو مشارك فعال
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: في كل مكان يذكر فيه اسم الله
المشاركات: 284
افتراضي ج1 - المدرسه التاريخيه الخليجيه- دراسات وثائقيه

تجربة المدرسة التاريخية الخليجية في مجال الدراسات الوثائقية
دراسة مجهرية لنموذجين من المؤرخين الخليجيين المعاصرين
*
************************************************** **الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش
************************************************** ***********كلية الآداب ـ مكناس
**********************************************
*
********تطمح هذه الورقة إلى الوقوف على تجربة المؤرخين الخليجيين في التاريخ المعاصر، ومناهجهم في التعامل مع الوثائق التي تزخر بها دور الكتب الوطنية والأرشيفات القومية، ومختلف المؤسسات الثقافية داخل الخليج وخارجه، وذلك انطلاقاً من عينتين محددتين اتخذناهما نماذج تطبيقية في هذه الدراسة.
********والجدير بالملاحظة أن المدرسة التاريخية الخليجية شهدت طفرة نوعية على مستوى الكتابة التاريخية والتراكم الكمي للدراسات المنجزة خلال العقود الأخيرة. ولم يكن هذا التحول ليحدد لولا جهود المؤرخين المحليين المعاصرين الذين تأطرت أعمالهم ضمن ثلاثة معطيات نعتقد أنها شكلت عوامل محفزة وهي:
*
********1**ـ***التحرر من الهيمنة الاستعمارية وما تمخض عنه من تحرر فكري طاول المؤرخين أنفسهم، فانبروا لإعادة كتابة تاريخ الخليج بعيداً عن الخلفيات الاستعمارية المحرفة للتاريخ.
********2**ـ**تأسيس الجامعات التي أصبحت تؤدي دوراً هامّاً على صعيد البحث العلمي عامة، والبحث التاريخي بصفة خاصة.
********3**ـ**ظهور جيل جديد من المؤرخين الخليجيين تغمره الروح الوطنية، وما يواكبها من رغبة شديدة في إرساء معالم مدرسة تاريخية تحظى بالاحترام، وتعمل على حفظ تاريخ الخليج وصيانته.
*
********وإذا كان هذا التحول النوعي حقيقة لا يرقى إليها الشك، فإن ما نرومه في هذا البحث ليس هو فحص هذا التحول وتفكيك مكوناته، بل نسعى بالضبط إلى تفحص إحدى ظاهرات هذا التحول، ألا وهي تجربة المؤرخين الخليجيين في الدراسات الوثائقية وما أسفرت عنه من نتائج كشفت عن العديد من القضايا المسكوت عنها، أو صححت بعض الأحكام الملغومة التي صاغها دهاقنة المؤرخين الاستعماريين.
*
أولاً:**علاقة المؤرخ الخليجي بالوثيقة: تحديد المنطلقات والأبعاد
****************لا شك أن التاريخ هو محصلة بناء لا يتأسس من فراغ، ويختلف كلياً عن الفكر الإبداعي الذي يطلق فيه المبدع العنان للذات المبدعة كي تحلق في فضاءات تخيلية. فصناعة التاريخ تحتاج إلى أدوات تشكل فيها الوثيقة حجر*الزاوية، إذ لا تاريخ بلا وثائق كما يشدد على ذلك لانجلوا([1]). ولولاها، لأصبح*مجرد تخمينات وتقديرات واجتهادات لا تسمح ببناء عمل تاريخي رصين، أو الجزم بصحة رأي أو القطع بوجهة نظر؛ بل إن قيمة الدراسات الوثائقية محكومة بقيمة الرصيد الوثائقي الذي يوظفه المؤرخ، والأسلوب المنهجي الذي يسلكه في التعامل مع ذلك الرصيد.
********وعلى الرغم من الاختلاف السائد بين المدارس التاريخية على مستوى المناهج وعلى صعيد القراءة والتأويل، فإن القاسم المشترك الذي لا يختلف فيه اثنان، يتمثل في اعتبار الوثيقة أرقى أنواع المصادر([2]).
********وأحسب أن القيمة الحضارية التي تكتسيها الوثيقة جعلت الاهتمام العالمي يزداد ويتعاظم بموضوع صيانتها وحفظها عن طريق تجميعها في دور الوثائق أو الأرشيفات القومية([3]). بل أصبحت العناية تجعل المسؤولين يعملون على تنظيمها وفهرستها وإدخالها في الحاسوب، وتخصيص مواقع لها على شبكة الإنترنت([4]).
********وبموازاة ذلك، ظهرت دوريات تصدر مجموعة من الوثائق نذكر من بينها على سبيـل المثال ـ فيما يخص العالم العربي ـ دورية "الوثائق" المغربية، ومجلة "الوثيقة التاريخية البحرينية"، في الوقت الذي ظهرت أيضاً كتب تعكس الاهتمام بالمجال الوثائقي([5]).
********وتنحو المدرسة التاريخية الخليجية في الوقت الراهن منحى تصاعدياً في الاهتمام بالدراسات الوثائقية. ويبذل المؤرخون الخليجيون قصارى جهدهم في توظيفها واستغلالها بدافع وطني، تحدوهم الرغبة في إنصاف تاريخ بلدانهم، ومقارنة وثائقهم الوطنية بما ينشره الأوروبيون والأمريكيون من وثائق خولت لهم بناء أحكام مهزوزة، واستنتاجات متحيزة بعيدة عن جادة الصواب.
********ونظراً لما يكتسيه البعد الوثائقي في التجربة الخليجية، فإننا نسعى إلى إلقاء الضوء على هذا الجانب من خلال دراسة ترتكز على نموذجين من المؤرخين الخليجيين المعاصرين. يتعلق الأول بالمؤرخ الإماراتي أحمد جلال التدمري صاحب كتاب "الجزر الثلاث: دراسة وثائقية"([6])، وهو تأليف هام في التاريخ المحلي المرتكز على فيض من الوثائق المتنوعة، نسعى في هذا البحث إلى فرزها وتقييمها بما هي أداة في حفظ تاريخ الإمارات العربية وتأكيد عروبة الجزر المحتلة. أما النموذج الثاني، فيخص المؤرخة الكويتية ميمونة خليفة الصباح من خلال بحثها الموسوم بـ"علاقات الكويت الخارجية خلال القرن*18 م"([7])؛ وقد آثرنا اختياره نظراً لتوفره لدينا من جهة، ولاشتراكه مع الكتاب السابق في الارتكاز على المستندات الوثائقية من جهة أخرى.
********وبتفحص إنتاج المؤرخين الخليجيين معاً، يبرز وعيهما الكامل بالوثيقة التاريخية وأهميتها في حرفة المؤرخ، وهو ما يتجلى في مستويين على الأقل:
*
********أ**ـ**إعطاؤهما الأولوية للوثائق على حساب المصادر الأخرى؛ وحسبنا الكم الوافر من الوثائق التي يحويها كتاب "الجزر العربية الثلاث"، للمؤرخ الإماراتي سالف الذكر، حتى أن البعض اعتبر هذا الكتاب*»سجلاً وثائقياً«*([8]). بينما تبرز أولوية الاهتمام الذي توليه المؤرخة الكويتية للوثيقة في الارتباط العضوي بين عزمها على إعادة كتابة تاريخ الكويت، والاعتماد في هذا المشروع على الوثائق بالدرجة الأولى حسب تعبيرها، ولذلك جعلتها في المكان الأول من قائمة ترتيب المصادر، ونعتتها بـ»المصادر الأولية«*.
*
********ب**ـ**غزارة الوثائق التي تتضمنها أعمال المؤرخين وتنوعها، وبحثهما الدقيق وتنقيباتهما العميقة عنها في دور الوثائق والأرشيفات التي تهم موضوع دراستيهما، وهو ما سنفصل فيه في القسم الثالث من هذا البحث.
********ولعل هاتين القرينتين تثبتان، بما لا يدع مجالاً للشك، وعي المؤرخ الخليجي بمسألة الوثائق في حقل الكتابـة التاريخيـة. فما المنطلقات التي شكلت أرضيته ومرجعيته في التعامل معها؟
********في إطار اهتمامه بالوثائق، لم يكن المؤرخ الخليجي بمعزل عن مجموعة من المرجعيات والحيثيات التي شكلت منطلقات كتابته التاريخية، نذكر منها:
********1**ـ**البعد الوطني:*بتأمل العملين النموذجيين اللذين بين أيدينا، يبرز المؤرخ الخليجي صاحب قضية وطنية، يعرض وثائقه، ويجعلها سنداً علمياً يعضد قضية بلده ويدفع بها إلى واجهة الحقيقة؛ مصداق ذلك ما أكده المؤرخ أحمد جلال التدمري في أول صفحات كتابه من أنه يسعى من توظيف وثائقه إلى إثبات الحق العربي في الجزر الثلاث، وإبراز هشاشة دعوى ملكية إيران لها، فيعرض مجموعة هامة منها تكشف عن حقيقة موقفه الوطني، بل يجعل تلك الوثائق حجة ووسيلة لإقناع إيران بإنهاء احتلالها للجزر سلمياً([9]).
********وعلى المنوال نفسه، تبرز الروح الوطنية لدى المؤرخة خليفة الصباح من خلال التعبير عن حبها لتاريخ بلدها وانعكاس ذلك بمجال البحث في تاريخه عن طريق الاستقصاء والتنقيب عن الوثائق، وهو ما يتجلى في قولها:*»وما بحثي هذا إلا حلقة من حلقات محاولاتي الجادة لإعادة كتابة تاريخ وطني الحبيب الكويت«*([10])، ناهيك عن توظيفها لمجموعة من الوثائق وتقارير الرحالة لإبراز شجاعة الكويتيين وحبهم للحرية ورفضهم أي تبعية خارجية([11]).
********2**ـ**البعد العربي ـ الإسلامي:*يبدو هذا البعد واضحاً عند أحمد جلال التدمري في استغلاله مجموعة من الوثائق التي تكشف عن ردود الفعل الإسلامية بعد الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، وغضبة الضمير الإسلامي تجاه هذا الموقف وتعاطفه مع بلده، ويسرد مجموعة من الوثائق التي تعكس ذلك([12]). هذا، في حين عبرت ميمونة الصباح عن هذا البعد الإسلامي عند معالجتها لعلاقة الكويت بالدولة العثمانية حيث قدمت تفسيراً توفيقياً يلغي التناقض بين وثائقها المعتمدة التي تؤكد موقف الكويت الرافض للتبعية لأي سلطة سياسية، وإثبات علاقتها مع الخلافة العثمانية في نفس الوقت على أساس وجود تقارب روحي باعتبار أن الخليفة العثماني يعد رمزاً للعقيدة الإسلامية.
********3**ـ**البعد الخليجي:*أثناء عرض أحمد التدمريّ للوثائق التي تعكس ردود الفعل الخليجية، يتبين مدى استغلاله لجملة من الوثائق التي تؤكد ذلك، إلى جانب مجموعة من التعبيرات التي تظهر أن القضية التي يعالجها من خلال الوثائق هي قضية خليجية وليست قضية دولة أو مشيخة صغيرة.*****
********وينطبق القول نفسه على خليفة الصباح التي أشارت عند معالجتها محور العلاقات الكويتية البحرينية إلى الروابط التاريخية والقرابة القبلية المتينة التي تربط الكويت بالبحرين. وتأتي النصوص والوثائق التي تؤكد تاريخهما الخليجي المشترك، بل تذهب إلى حد القول إنه لا يمكن دراسة تاريخ الكويت الحديث بمعزل عن تاريخ البحرين([13]).
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه
الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
رد مع اقتباس