ج 2 - المدرسه التاريخيه الخليجيه
4**ـ**الحاجة إلى إعادة كتابة تاريخ الخليج:*وهو ما أكدته المؤرخة سالفة الذكر التي بالرغم من عدم إنكارها المساهمات الجادة التي سبقتها من طرف باحثين عرب وكويتيين، فإنها ترى ضرورة إعادة كتابة تاريخ الكويت انطلاقاً من ثلاثة معطيات:
*
********أ**ـ**الغموض الذي يكتنف تاريخ الكويت في بعض جوانبه، والافتراءات التي صاغتها بعض الدراسات الأجنبية حوله.
********ب**ـ**قصور الكتابات الحالية وعدم تغطيتها كافة مراحل تاريخ الكويت، خاصة المرحلة الممتدة على مدى القرنين 18 و19 م.
********ج**ـ**الطابع الفردي وتناثر الدراسات التاريخية حول الكويت، وهو ما جعل جهود المؤرخين الخليجيين تظهر في شكل اجتهادات فردية لا يجمع بينها خيط رابط أو تنسيق محكم لكتابة تاريخ شمولي متكامل الحلقات([14]).
********5**ـ**طموح المؤرخين الخليجيين لبناء مشروع تاريخي علمي:*ما فتئت مخلفات الاستعمار تحفز المؤرخين الخليجيين على تخطيط استراتيجية شاملة لبناء مشروع تاريخ علمي للخليج يقوم على أساس قراءة جادة، وأدوات علمية صارمة ومنهج سليم، على الرغم من شعورهم بصعوبة المشروع وما تعتوره من عقبات.
********ويبدو طموح المؤرخين الخليجيين واضحاً من خلال الكلمات التالية التي عبرت بها خليفة الصباح عن هذا الاتجاه:»هذا ما دفعني إلى العمل الجاد بكل جهد ومثابرة إلى غاية عزيزة صعبة المنال، وهي كتابة تاريخ الكويت بطريقة علمية معتمدة على المصادر الأولية«، بل إنها آلت على نفسها أن تهب وقتها لجمع بحوث متعاقبة ونشرها في كتاب من عدة أجزاء([15]).
********والحاصل مما تقدم أن علاقة المؤرخ المحلي في الخليج العربي بالوثيقة علاقة وعي حضاري بأهميتها، سواء من خلال توظيفها في قضايا وطنية وقومية تدحض مزاعم المستعمر، أو استثمارها لبناء مشروع علمي طموح لإعادة كتابة تاريخ الخليج العربي.
*
ثانياً: الوثائق بين التنوع والغزارة، ومنهج المؤرخين الخليجيين
******في توظيفها لصيانة تاريخ الخليج
*
1**ـ**عينة أولى من خلال نموذج مؤرخ إماراتي
****************ضمن تجربة التاريخ المحلي أو ما يعرف بالتاريخ المونوغرافي (Local History) الذي يعالج تاريخ منطقة أو مدينة أو جهة بعينها، آثرنا اختيار مؤرخ إماراتي وهو أحمد جلال التدمري صاحب كتاب "الجزر العربية الثلاث: دراسات وثائقية" الذي يعرض فيه لإشكالية استعمارية حديثة تتجسد في الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث. ويحفل هذا الكتاب بمجموعة هامة من الوثائق التي استقاها مؤلفه من أرشيفات وثائق الديوان الأميري بحكومة رأس الخيمة وغيرها من الوثائق المتناثرة في الأرشيفات الخارجية. لذلك يمكن اعتباره سجلاً وثائقياً هاماً يكشف تفاصيل تاريخ الجزر العربية الثلاث قبل الاحتلال وبعده، وما أعقب ذلك من مفاوضات وتطورات. فكيف وظف المؤرخ الإماراتي الوثائق التي كانت بحوزته وما النتائج التي كشف عنها؟
********لعل أولى الملاحظات التي تسترعي الانتباه تكمن في غزارة وتنوع الوثائق التي يتضمنها كتابه، وكلها تؤكد عروبة تلك الجزر. ويمكن تصنيفها في المجموعات التالية:
********¯*مجموعة المراسلات:*فقد أورد كمّاً كبيراً من المراسلات التي تتضمن الرسائل والبرقيات لا يتسع المجال في هذا البحث لعرضها أولاً فأولاً، لكننا سنعرض لبعض النماذج منها، خاصة تلك التي تكشف عن حقائق وظفها المؤرخ للدلالة على عروبة الجزر، مما يعكس دور المؤرخين الخليجيين في حفظ تاريخ الخليج وصيانته. ومن هذه الحقائق ركز المؤرخ الإماراتي على ثلاثة اتجاهات تؤكد عروبة الجزر الثلاث، وهي:
*******
********أ**ـ**السيادة التاريخية للقواسم على الجزر: فمن خلال إيراده لرسالة بعثها الشيخ صقر بن خالد بن سلطان حاكم الشارقة إلى المستر اكرنل بيلي*–*باليـوز والمؤرخـة بتاريـخ 8 رجب 1281 هـ، أكـد ـ بما لا يـدع مجالاً للشّك ـ سيادة جزر طنب وأبي موسى وصري للحكام القواسم([16]).*******
********وفي نفس المنحى أورد رسالتين تؤكدان ملكية القواسم للجزر، أولاهما بعثها يوسف بن محمد حاكم لنجة إلى الشيخ حميد بن عبد الله حاكم رأس الخيمة بتاريخ 30 مارس 1884، يؤكد فيها الأول ملكية القواسم للجزر. أما الثانية، فتتمثل في رسالة المعتمد البريطاني في البحرين إلى المقيمية السياسية بتاريخ 13/ 11/ 1948 يؤكد فيها ملكية القواسم للجزر أيضاً([17]).
********وقد حرص المؤرخ كل الحرص على استغلال الوثائق التي تثبت استقلال حكام إمارة لنجة عن أي تبعية بريطانية، وهو ما أقام عليه الحجة من خلال إيراده للرسالة التي بعثها محمد بن خليفة حاكم لنجة إلى البكباشي مصطفى نشأت قبطان المركب العثماني تعهد فيها برعاية حقوق جميع رعايا الدولة العثمانية، ناصاً فيها على استقلال إمارة لنجة عن السلطة البريطانية([18]).
********ب**ـ**تصرف حكام الجزر الثلاث بكيفية مستقلة، مع ضرورة طلب الإذن منهم قبل أي إجراء سياسي أو اقتصادي تتخذه القوى الأجنبية تجاه الجزر. وفي هذا الصدد، استغل المؤرخ الإماراتي مجموعة رسائل بعثها حاكم رأس الخيمة سالم بن سلطان بن صفر إلى بعض الجهات تدور حول تأجيره معادن جزيرة أبي موسى لبعض الرجال، وتلقيه طلباً من مدير شركة الكشف الدراسية المحدودة بالسماح لشركته بالتنقيب عن البترول في رسالة موجهة له بتاريخ 3 نوفمبر 1935، فضلاً عن طلب مماثل بعثه إليه فرنك هولفز مسؤول شركة امتيازات النفط المحدودة بتاريخ 5 يوليوز 1939. ولا شك أن الهدف الذي توخاه المؤرخ الإماراتي من إيراد هذه الرسائل الاستئذانية يكمن في تأكيد سيادة القواسم على الجزر.
********وللمزيد من إثبات عدم إمكان تصرف أي دولة أو قوى سياسية دون استئذان حكام الجزر، ألقى الضوء على رسالة موجهة من المعتمد السياسي البريطاني بدبي إلى الشيخ صقر بن محمد حاكم رأس الخيمة بتاريخ 3 أكتوبر 1957 يستأذنه فيها بزيارة بارجة بريطانية لجزيرة طنب باعتبارها جزيرة تخضع لسيادة رأس الخيمة([19])،***ورسالة ثانية مؤرخة بتاريخ 17 مايو 1958 يلتمس منه فيها تأجيل زيارة البارجة المذكورة ويطلب منه تحديد موعد آخر([20]).
********ج**ـ**التحذيرات البريطانية للأطماع الفارسية في الجزر: وظف المؤرخ التدمري كذلك الوثائق البريطانية نفسها لتنفيذ المزاعم الفارسية بحقها في الجزر. من ذلك إيراده رسالة وجهها الضابط السياسي في معتمدية الشارقة، مؤرخة بتاريخ 18 يناير 1949 وتتضمن نصحاً من طرف المعتمد البريطاني في البحرين باتخاذ الحيطة والحذر من المطامع الإيرانية بخصوص جزيرة طنب، إضافة إلى رسالة أخرى موجهة من قبل المستر أ. ج. كريك المعتمد السياسي لصاحبة الجلالة بدبي إلى الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة مؤرخة بتاريخ 21/ 10/ 1961 يؤكد فيها احتجاج سفير بريطانيا بإيران على هبوط طائرة إيرانية بالجزيرة المذكورة([21]).
********والحاصل أن الرسائل أخذت حصة الأسد في مجموعة الوثائق التي اعتمدها أحمد التدمري. وقد استغلها استغلالاً مكثفاً لإعطاء الحجج والبراهين على عروبة الجزر الإماراتية؛ ومما يزيد من أهمية عمله التوثيقي هذا، اعتماده على الرسائل المحلية والأجنبية على السواء توخياً للموضوعية والنزاهة.
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
ادبنامه لوطرقت الارض شرقا او جنوبا في تهامه لن تجد للاسم ذما يفرض الاسم احترامه غايتي ان ابقى دوما في جبين العز شامه الآرض تحيا اذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف كالأرض تحيى أذا ما الغيث حل بها وأن أبى حل بها التلف
|