عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-05-2012, 11:23 AM
رود
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

ومن ألعاب الأطفال لعبة كان الصغار يلعبونها وهي تؤدَّى حتى

اليوم في بعض الاحتفالات دون أن يُذكر اسمها. نجد شرح

طريقتها، وتصوير أدائها في كتابين تناول مؤلفاهما فيهما هذا

الموضوع وهما الكتابان هما اللذان أصدرهما كل من الأستاذ سيف

مرزوق الشملان، والأستاذ الفنان أيوب حسين تحت عنوان:

الألعاب الشعبية الكويتية. وهي لعبة طرباش لوماش التي كانت

تلعب في الماضي في «الفرجان» و«البرايح» ويقوم بها ولدان أو

بنتان وهي أقرب ما تكون إلى النشاط الرياضي في ذلك الوقت

الذي كانت هذه اللعبة تُؤدَّى به، أما الآن فتأتي ضمن المظاهر

الاحتفالية.

هذا في الكويت أما في خارجها من بلدان العرب، فقد وجدنا

الاهتمام بذكر« الحناء» كبيرا في مصر على سبيل المثال، وقد

وردت حوله أعداد كثيرة من الأغاني منها تلك الأغنية التي كنا

نستمع إليها قديما، وهي:

كفُّهْ مْحنَّى كفو مْحنَّى حتى شفايفه بْلون الحنه

وهذه الأغنية مما شدا به الفنان المصري كارم محمود.

٭٭٭

هذا حديث عن «الحناء» واستعمالاته في الكويت وفي خارجها.

وما ورد عنه في الماضي والحاضر أردت أن أُذَكِّر به كما جرت

العادة في مقالات «الأزمنة والأمكنة»، لأن كثيرا من الأمور تُنسى

مع مضي الزمن ولا تعود إلى الذاكرة إلا بإعادة القول عنها. ولذا

فإنني أرى موضوع «الحناء» على بساطته موضوعا جديرا

بالاهتمام ينبغي ان نذكره ونُذَكِّر أبناء وطننا به، فهو وإن كان من

الأصباغ المستعملة حاليا فهو من حيث قدمه ومروره على فترات

مهمة من فترات حياتنا لا يجب أن نغلق الباب دونه، بل يجب أن

يكون كغيره من مسائل التراث أمام أعيننا فالتراث جزء من

التاريخ كما يعلم الجميع.


============



ملحاق خير:

لما كان وضع الحناء على كف المرأة وبنانها من أمور الزينة التي

تحرص عليها النساء دائما، فإنَّ القدماء من العرب ما كانوا

يضعون الحناء في حالات منها كون الزوج مسافراً، إذ إنهم يرون

أن المرأة لا يجوز أن تتجمل في غياب زوجها لسببين أولهما حتى

لا يطمع بها طامع فيتعرض لها بسوء، يدفعه إلى القيام به مايراه

من تجملها في غياب زوجها. والسبب الثاني أن التجمل علامة من

علامات الفرح والسرور، ومادام الزوج مسافراً فإنها ينبغي أن

تبتعد عن كل مايجلب السرور أو ما يدل عليه حتى يعود الزوج من

سفره.

ولقد ورد في الشعر القديم ما يدل على ذلك فقد تألم أحد الشعراء

حين عاد من سفره فوجد بنان زوجته أحمر اللون بسبب الحناء.

فأنشد:

فقلت خضبت الكف بعد فراقنا فقالت معاذ الله ذلك ما جَرَى

ولكنني لما رأيتك راحلاً بكيت دماً حتى بللت به الثرى

مسحت بأطراف البنان مدامعي فصار خضابا بالأكفًّ كما ترى

وهكذا تخلصت هذه المرأة من عتاب زوجها بأسلوب جعله يتقبل ما

قامت به من استعمال الخضاب في غيابه.

ويقول شاعر آخر ذكروا أنه يزيد بن معاوية في موضوع مشابه،

وقد ضمَّن قوله هذا في قصيدة بلغت ستة عشر بيتا، وهذا هو ما

يخصنا من قوله:

ولما تلاقينا وجدت بنانها مُخضَّبة تحكي عصارة عَنْدَم

فقلت خضبت الكف بعدي أهكذا يكون جزاء المستهام المتَتَّيم

فقالت، وأبدتْ في الحشا حٌرَق الجوى مقالة من بالقول لم يتبرَّمَ

وعيشك ماهذا خضاباً عرفتُهُ فلا تلك بالبهتان والزور مُتْهمي

ثم راحت تتعلل بما تعللت به المرأة الأولى التي جاء حديثها في

البداية فقالت:

بكيتُ دماً يوم النوى فمسحتُهُ

بكفَْي، وهذا الأثْر من ذلك الدم

(الشعر في ديوانه ص 63، طبعة صادر، بيروت)

ومن أجمل ماقاله المتنبي في المقارنة بين الحسن الذي يراه في

الحواضر، والآخر الذي يراه في البادية، وهو يفضل الأخير على

الأول لأسباب ذكرها في أبياته التي سوف نوردها هنا، وسوف

نعجب لختامه الذي يقول فيه إنه لا يهوي إلا من كانت غير

مموهة، فهى على طبيعتها التي خلقها الله سبحانه عليها، ولأنه

كذلك فقد ترك شيبه ولم يقم بخضابه حتى لا يخالف الطبيعة:

حسن الخضارة مجلوب بتَطْرية وفي البداوة حسنٌ غير مَجْلُوب

أفدي ظباءَ فلاة ما عرفن بها مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب

ومن هوى كل من ليست مُمَوَّهةَ تركت لون مشيبي غير مَخْضُوب

وقال شاعر آخر بضعة أبيات عن الحنَّاء نذكر منها آخر بيت قاله

لنختم به هذا الملحاق، يقول:

يذوب القلب للحنَّا اشتياقا لغِيدِ صاغها الحِنَّا وَعَطَّرْ







المصدر جريدة الوطن



بقلم الدكتور :- يعقوب يوسف الغنيم
رد مع اقتباس