عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 17-09-2013, 04:13 AM
الصورة الرمزية جون الكويت
جون الكويت جون الكويت غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 2,208
افتراضي

الأستاذ أنور النوري في مرابع الذكرى
القبس / تم النشر في 2013/08/06
أ.د سعد الهاشل

في صباح يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر رمضان الفضيل، الموافق 2 أغسطس 2013، سكت صوت من أصوات رجال الكويت الأبرار بعد أن أمضى أيام حياته بالدراسة والعمل، وبعد عطاء منقطع النظير دام خمسين عاماً تقريباً، بذل فيها الفقيد الغالي والنفيس من أجل الكويت.

إن الأستاذ أنور النوري يعد أحد رجال التعليم الذين اتسمت شخصياتهم بدماثة الخلق والصدق، والإخلاص، ولقد ربطتني بالفقيد علاقة صداقة حتى آخر اسبوع من حياته، وقد لمست من خلال سنوات معرفتي به أنه لا يتمتع بما اشرت اليه من صفات فحسب، وإنما علاوة على ذلك يتمتع بسمة عبق الماضي العطر، وبالأمانة والالتزام والتفاني في اداء العمل.

لقد انتقلت روح الفقيد إلى الباري -عز وجل-، وووري جسده تحت أديم الارض بعد ان ترك حياة حافلة بالاعمال والانجازات الوظيفية العديدة، والاسهام بعضويته في كثير من المؤسسات ومشاركته في العديد من المؤتمرات.
كما انه بقدر ما للاستاذ انور النوري -رحمه الله- من أعمال يعرفها بعض الناس، فإن القليل منهم من يعلم ما للمغفور من أياد بيضاء وإسهامات في العمل الخيري، وهي دون شك من الباقيات الصالحات بإذن الله.

إن المتتبع لحياة الأستاذ أنور ليلحظ انها مليئة بالأحداث والخبرات التي سطرها في كتابه الصادر عام 2011، والموسوم في مرابع الذكرى، ويعد الكتاب وثيقة تاريخية لحقبة زمنية مرت بها الكويت، كما انه بمنزلة دراسة تشخيصية وتحليلية للواقع التعليمي والاجتماعي والسياسي، يروي الكاتب الفقيد فترة طفولته منذ دخوله المدرسة الشرقية، وفترة شبابه بدخوله مدرسة ثانوية الشويخ، وانتقاله بعدها الى المملكة المتحدة لاستكمال الدراسة. كما يعرض في الكتاب فترة عودته الى الكويت ليصبح مدرساً، ثم ملحقاً ثقافياً ووكيلاً واميناً عاماً للجامعة، وأخيراً وزيراً للتربية والتعليم ووزيراً للصحة.

يغيب الاستاذ أنور -رحمه الله- ويبقى ما خطته يمينه من سفر يؤرخ الفترة الزمنية التي عاشها، والتي تتجاوز 70 خريفاً بقليل، يذكر الفقيد في كتابه أحداث تشكيل مجلس الأمة الكويتي 1963، برئاسة -المغفور له- السيد عبدالعزيز الصقر، والسيد سعود العبدالرزاق، نائبا للرئيس، وان الطابع القومي في ذلك الحين قد غلب على التشكيل باعتبار حركة القوميين بزعامة الاستاذ احمد الخطيب -أدام الله عليه ثوب الصحة والعافية-. ويشير الفقيد ايضا الى انه قد تم في ذلك الوقت تشكيل كتلة من نواب الشعب مع مجموعة من التجار ذات الميول القومية، ويضيف انه لم يكن مقدراً لهذه الكتلة السياسية ان تدوم طويلاً بسبب ما طرحته من مطلب، وهو ان تكون الحكومة المرتقبة حكومة شعبية، يدخلها افراد ونواب من خارج الاسرة الحاكمة.

ولا يفوتني هنا ان اقف وادعو الله العلي القدير ان يرحم الموتى من أولئك الرجال الاخيار، وان يديم على الاحياء منهم الصحة والعمر المديد، لقد كان اختلاف أولئك الرجال مع السلطة فكرياً وسياسياً، ولم يتجاوز حدود الاحترام المتبادل والتقدير، اما في السنوات الأخيرة فإننا نشاهد وللأسف الشديد تدنيا في لغة الخطاب السياسي.

كما تحدّث الفقيد في كتابه عن تجربته وخبرته الطويلة في الجامعة، وقد أشار الى الاحداث التي واجهت الإدارة الجامعية مثل الخلافات مع اتحاد الطلبة بسبب المطالب التي قدمها الاتحاد في ذلك الحين.

اما فيما يتعلق بالفصل الخاص بتجربته السياسية في الوزارة، فإن القارئ ليجد نظرة نقدية للعمل التربوي والسياسي في الكويت، حيث يشير المغفور له الى مواطن الاختناقات والمشكلات في التعليم، مثل ضعف اداء التلاميذ وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، كما يتطرق في هذا الفصل الى ما لمسه من ضعف في اداء العمل في مجلس الامة، وأنه اتسم بالمنفعة الشخصية من خلال «نواب الواسطة»، وأن العمل السياسي في الكويت بدلاً من ان يكون هدفه صون الحياة السياسية والاجتماعية من الاضطراب، ومدها بأسباب الاستقرار، اصبح عكس ذلك، بل إنه بات عبئا على المجتمع، لكونه لم يقم بالدور التنموي للبلاد.

رحم الله الفقيد وتغمّده بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان، «إنا لله وإنا إليه راجعون».

أ. د. سعد جاسم الهاشل
__________________
للمراسلة البريدية: kuwait@kuwait-history.net
رد مع اقتباس