عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-03-2008, 04:31 PM
IE IE غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: الكويت
المشاركات: 2,661
افتراضي محمد حمد ابراهيم الفوزان «ابو التضحيات»

محمد حمد ابراهيم الفوزان «ابو التضحيات»

كنت قد كتبت في يوم الخميس 23/1/2003 عن آل الفوزان وقلت انهم من اوائل الذين سكنوا في الكويت في فريج الفرج من العائلات الدوسرية وقد تحدثت عن احد افراد هذه العائلة وذكرته من ضمن افراد آل الفوزان ومررت عليه مرور الكرام وأنا اتحدث عنهم لكن لاهمية هذا الشخص من اسرة الفوزان وهو الاستاذ الفاضل محمد حمد ابراهيم الفوزان الذي يتجاوز الثمانين من عمره فقصة حياته مفاجأة يجب ان تكون عندها وقفة لهذا افردت له هذا البحث وهو يستحق ذلك حيث انه امثولة في هذه البلاد.
«محمد حمد ابراهيم الفوزان» هو معروف من اسرة الفوزان التي تحدثنا عنها من قبل لكن هذا الرجل كتب الله له البقاء والحياة ليسجل تاريخا ناصعا في هذه البلاد العزيزة.
ولد محمد الفوزان في اوائل القرن الماضي في سنة 1924 وكان هو الوحيد لحمد الفوزان الذي كتب له البقاء اما أخوانه فقد توفاهم الله بالسل.
وقد كتب الحظ لهذ الشاب ان ينتشل ويؤخذ الى لبنان حيث في تلك الفترة العلاج في الكويت كان ما زال في اوائله وفي لبنان الهواء النقي والاكل الجيد بالاضافة الى النظافة وفعلا فقد كان ذهابه الى هناك قد جاء بمردود.
درس محمد الفوزان في المدرسة المباركية حاله حال من هم في سنه واشتغل في اول حياته بالتجارة لكنه تركها وتوجه الى مهنة التدريس والتوجيه والتعليم واصبح مربيا ونعم المربي تروي عنه القصص انه عندما كان مدرسا في المدرسة القبلية في نهاية الاربعينيات من القرن الماضي كان يتعامل مع الطلبة باسلوب يختلف عن المدرسين الاخرين الذين يتكبرون على الطلبة وينظرون اليهم بتصاغر كان يقول لتلاميذه انتم سيكون لكم مستقبل ويبث فيهم روح العلم والعمل والجد والشخصية.
لقد اثرت هذه الروح في كثير من طلبته وبعد حين اصبح تلاميذه منهم وزراء ووكلاء وزارة ورؤساء بنوك.
كان يسأل تلاميذه سؤالا واذا لم يفلح الطالب بالاجابة تركه ليدرس ويجيب في اليوم التالي.
كان هذا الفاضل ينقل طلبته اثناء التدريس الى معرفة العالم فكان يشرح لهم عن الدول المجاورة وعلاقتها بالكويت ثم ينقلهم بالتفكير الى العالم الخارجي.
هذا الفاضل كان يتفنن بحب الكويت منذ أمد بعيد ومن حبه لوطنه كان يحث ابناءه في الدفاع عن بلدهم الكويت وكان في فترة احتلال الكويت من الصداميين كان هو وأولاده يحاربون في أكثر من موقع حتى اسر ثلاثة من ابنائه كتب لابنه فوزان أن يسلم من هذا الاسر أما ابناه الاثنان مازالا في الاسر الى هذا اليوم.
عمل في التدريس قرابة أربعين سنة من سنة (1942) حتى سنة (1980).
هذه الفترة التي قضاها في التدريس لم يترك شيئا مهما في الكويت الا صوره واحتفظ به للتاريخ.
كان من أوائل من تابع أدب الرحلات فقد كان لا يسافر الى بلد معين الا ويقوم بتسجيل تلك الرحلة كتابيا.
لقد أفرد الاستاذ د.عبدالمحسن الخرافي في كتابه «مربون من بلدي» صفحتين للاستاذ الفوزان يتحدث فيهما عن شخصيته في صفحة (860 وصفحة 861) كان يقول:
كان متواضعا يعمل بجد ونشاط ويسعى الى نشر العلم وانارة المجتمع وتطويره وهذا ما يلاحظ في أعماله.
ولقد أفرد المرحوم خالد سعود الزيد في كتابه ادباء الكويت في قرنين» ستة عشر صفحة في الجزء الثاني من هذا الكتاب من صفحة (81 حتى 107) وذلك لأهمية هذا الرجل ومكانته وما غرسه في نفوس تلاميذه في طفولتهم فأخذوا يستذكرون هذا الفاضل في كبرهم ومنهم المرحوم خالد الزيد.
وهنا أنقل ما أورده الزيد في كتابه المذكور في صفحة (101 ـ 102): يقول الفوزان عن رحلته الى لبنان وهذا أولها:

نافذة على لبنان

لبنان اسم حبيب إلى كل قلب، لطيف الى كل سمع، اذا رق النسيم في بلد شبه بنسيم لبنان، واذا تناظر الناس في جمال البلاد رأيت للبنان السهم الأوفر في التفضيل، ولبنان في الدنيا العربية واسطة العقد، ومحجة المشتاق للراحة والسرور، ولا عجب فقد ذاع اسم لبنان في الحواضر والبوادي، فكما تسمع ذكره في حداء البدو، تجد سكان الحواضر يتغنون بجماله، ويمتدحون هواءه ويشيدون بروعة جباله.
وكانت النفس تواقة الى ارتياد ربوعه، مشوقة الى التمتع بطيب هوائه وجمال مناظره حتى واتت ظروف سهل الله بها ارتياد لبنان العزيز، واجتلاء مناظره الرائعة البهية وتهيأ لنا دخوله من النافذة، نعم، من الكويت الى بيروت رأسا في طيارات لبنانية، مما زاد الكويت اتصالا بالشقيق لبنان ومكن الروابط ووثق العلائق فتعددت زيارات الكويتيين له وكثر عدد المصطافين في ربوعه، الآن لنتهيأ لوصول الطائرة اللبنانية.

في انتظار الطائرة

وكنا قد شبعنا تماما من لوافح الهجيرة، وحمام الشمس الاضطراري، وتعلقت عيوننا في الفضاء تترقب وصول الطائرة اللبنانية وما ان لاحت ارزتها الخضراء في السماء الصافية حتى كنا اسبق منها في الوصول الى المطار بعد ان أعيانا الانتظار وما أطوله وأشقه على المسافر المتأهب وكيف به ومحجته لبنان. ودرجت الطائرة في المطار حتى توقفت محركاتها، وأطل منها وجه ربانها متهللا (مرحبا يا شباب) تحية لبنان لكل زائر، وهذا الوجه اللبناني الكريم كأنما جاءنا لينقلنا الى بلاده، ونعم البلاد (لبنان الجميل)، بربك ألا تشعر بجمال اسم لبنان، هذا جمال الاسم فكيف بجمال الجبل والوادي.. ولكن انتظر ولا تتعجل فسيأتيك نبأ الجبل وحديث الوادي..
وأخيرا فهذا الرجل الصابر على فقد ولديه ردهما الله اليه في القريب العاجل انه سميع مجيب.
هذا هو محمد حمد ابراهيم الفوزان الذي ربى جيلا من الشباب وما غرسه فيهم من العلم والمحبة والتواضع وحب البلاد والمستقبل آتى أوكله وفعلا خرج وأخرج ثلة من الرجال الذين حملوا المشعل من بعده ومازالوا يستذكرونه بخير أمد الله في عمره وجمعه مع اسرته وأبنائه والله كريم مجيب.

جريدة الوطن /3/2003
__________________
"وَتِـــلـْــكَ الأيّـَــامُ نُـــدَاوِلـــُهَـــا بـَـيـْـنَ الـــنَّـــاسِ"